وزير الأوقاف : على من نوى العمرة في رمضان هذا العام أن يتصدق بقيمة تكاليفها على المحتاجين
وزير الأوقاف خلال الحلقة الثانية من برنامج ” حديث الساعة ” :
على من نوى العمرة في رمضان هذا العام أن يتصدق بقيمة تكاليفها على المحتاجين
وفرضية الصيام قائمة على غير المصابين بكورونا وأصحاب الأعذار بناء على الرأي الطبي
وعلى المسلم أن يجتهد في هذا الشهر بمراجعة القرآن ومدارسته
والتعجيل بإخراج زكاة الفطر نقدًا أو عينًا أو سلة غذائية
سد حاجات الناس وقضاء حوائجهم في أوقات الأزمات أولى من غيرها
وأبواب الخير مازالت مفتوحة وواسعة
الشكر لكل من يقوم على خدمة هذا الوطن من الأطباء ورجال القوات المسلحة والشرطة
في إطار إلقاء الضوء على تحديات واقعنا المعاصر ، والعمل على خلق حالة من الوعي تسهم في معالجتها ، وحل إشكالاتها ، للتحول من حالة الجمود والتقليد إلى الإبداع والابتكار والتجديد ، مع العمل الدؤوب على تصحيح الأفكار المغلوطة ، والمفاهيم الخاطئة ، ونشر صحيح الدين والعلم والفكر والثقافة ، وصولًا إلى بناء ذاكرة واعية مستنيرة لمجتمعنا ، تحدث معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة في الحلقة الثانية من برنامج ” حديث الساعة ” على القناة الأولى بالتليفزيون المصري والفضائية المصرية ، وعدد من القنوات المتخصصة اليوم الجمعة 17/4/2020م تحت عنوان : “كيف يقضي المسلم رمضان في زمن كورونا؟” ، وقد أكد معاليه أن فضل الله ( عز وجل ) على خلقه وعباده لم ولن ينقطع إلى يوم القيامة حيثُ يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ” , مبينًا أن فرضية الصيام قائمة على غير المصابين بكورونا وأصحاب الأعذار , بناء على الرأي الطبي بأنه لا تأثير لفيروس كورونا على الصيام لغير المصابين وأصحاب الأعذار المرضية , وأن الصيام لا أثر له على الإطلاق في انتشار فيروس كورونا , وأنه لا مشكلة في صيام الأصحاء, وهذا بعد التواصل والتنسيق مع وزيرة الصحة .
يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ” , مشيرًا إلى أن قيام الليل قائم ، والأصل فيه أن يؤديه الإنسان في بيته , فالأصل في صلاة التراويح أن تصلى في البيت , وثبت في الصحيحين أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ ، ثُمَّ صَلَّى مِنْ الْقَابِلَةِ ، فَكَثُرَ النَّاسُ ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ : (قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ ، وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ) , مشيرًا إلى أن أجر الصلاة سيثاب عليه المسلم بنيته , فالإنسان إذا حبس عن عمل ما اعتاده من الخير لعذر فإن ثواب ما كان يعمله قائم لهُ أجره ، يقول نبينا ( صلى الله عليه وسلم): ” إذَا مَرِضَ العَبْدُ، أوْ سَافَرَ، كُتِبَ له مِثْلُ ما كانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا”, كما بين معاليه أن ليلة القدر قائمة إلى قيام الساعة , يقول نبينا ( صلى الله عليه وسلم) : “مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ” , مؤكدًا أن ما ينطبق على قيام الليل بصفة عامة ينطبق على ليلة القدر بصفة خاصة , سواء بالدعاء فيها أم بقيامها في المنزل ، فعن السيدة عائشة (رضي الله عنها) قالت : “قلتُ: يا رسولَ الله، أرأيتَ إنْ علمتُ أيَّ ليلةٍ ليلةُ القدْر ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللَّهُمَّ إنَّك عفُوٌّ تحبُّ العفوَ، فاعفُ عنِّي” ، وبالطبع أن هذا الدعاء لا يشترط له مكان معين .
كما بين معاليه أن رمضان شهر القرآن والذكر , يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، يَقُولُ الصِّيَامُ : أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ . وَيَقُولُ الْقُرْآنُ : مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ قَالَ : فَيُشَفَّعَانِ”, فعلى المسلم أن يجتهد في هذا الشهر بمراجعة القرآن ومدارسته, والتعجيل بإخراج زكاة الفطر نقدًا أوعينًا أو سلة غذائية.
وفي سياق متصل بين معاليه أن شهر رمضان هو شهر البر والصلة , وشهر الجود والكرم , “فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ (رضى الله عنهما) قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ” , وقول خديجة (رضى الله عنها) له في حادثة بَدْءِ الْوَحْيِ: “كَلَّا، أَبْشِرْ، فَوَ اللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا؛ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ ، وتصدُق الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ ، وتكسب المعدوم ، وَتُقْرِي الضَّيْفَ” , ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “مَنْ فَطَّرَ صَائمًا، كانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أجْر الصَّائمِ شيءٍ” , ونتمنى ألا يدخل علينا هذا الشهر الكريم وبيننا جائع , يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَان وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ” , كما دعا معاليه إلى التوسع في أعمال الخير ، ولا سيما في هذه الأيام والتي تستوجب أولوية عن غيرها من إطعام الجائع، وكساء العاري ، ومداواة المريض ، وتفريج كروب المكروبين ، وإيواء المتشردين , فسد حاجات الناس وقضاء حوائجهم في أوقات الأزمات أولى من غيرها , يقول تعالى : “هَا أَنتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم”.
كما دعا معاليه كل من نوى العمرة هذا العام إلى التصدق على الفقراء والمحتاجين بقيمة تكاليفها .
ومن ناحية أخرى حذر معاليه من قيام بعض التجار باستغلال حاجات الناس في ظل هذه الأزمات , ورفع الأسعار , يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “مَنْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْعَارِ الْمُسْلِمِينَ لِيُغْلِيَهُ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُقْعِدَهُ بِعُظْمٍ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ”, كما حذر معاليه من الإفراط في الاستهلاك , فرمضان شهر عبادة بقراءة القرآن والصلاة وزكاة الفطر وصلة الرحم وغيرها من خصال الخير , لا بكثرة الطعام والشراب , يقول الحق سبحانه وتعالى : “إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا” , فقد علمنا ديننا عدم الإسراف في كل شيء , يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “ما ملأ ابنُ آدمَ وعاءً شرًّا من بطنِه حسْبُ ابنِ آدمَ أُكلاتٌ يُقمْنَ صلبَه فإن كان لا محالةَ فثُلثٌ لطعامِه وثلثٌ لشرابِه وثلثٌ لنفسِه” , مبينًا أن من التبذير أن نصنع من الطعام والشراب ما لا نأكل ولا نشرب وهناك من يحتاج إليه , وإن كان التحذير من ذلك في كل وقت واجب ففي هذه الأيام أولى وأوجب , فشهر رمضان شهر طاعة وعبادة لا شهر طعام وشهوات , كما أوضح معاليه أن على الإنسان أن يحرص على طيب مطعمه ومشربه , فلا يكون من حرام كاحتكار أو غيره , لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا , ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْل فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ” , وأن لله (عز وجل) في كل ليلة من ليالي رمضان عتقاء من النار , فمن يعرض نفسه على الله بصدق راجيًا أن يكون من العتقاء فلن يرده الله (عز وجل) خائبًا.
ثم أشار معاليه إلى أن إقامة الجمعة تدخل في إطار الولايات العامة التي لا تنعقد إلا بإذن ولي الأمر أو من ينوب عنه , فلا تنعقد الجمعة في الشوارع ولا في الطرقات ولا أسطح المنازل , ومن يفعل ذلك فقد وقع في الإثم ومخالفة ولي الأمر , وهو ما أكد عليه الأزهر الشريف ودار الإفتاء.
وفي ختام حديثه وجه معاليه الشكر لكل من يقوم على خدمة هذا الوطن من الأطباء ورجال القوات المسلحة والشرطة وكل وطني مخلص أسدى إلى المجتمع جميلًا , فيجب أن نرد إليه هذا الجميل ولو بالدعاء فهذا وقت الإنسانية والاعتراف بالجميل , حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ” , ويقول أيضًا : “لا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ”.