نصر فريد واصل : طلاب الأزهر يشوهون الأزهر ويلصقون تهمة الإرهاب بالإسلام
الدكتور نصر فريد واصل، مفتى الجمهورية الأسبق، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أحد علماء الأزهر الأجلاء المعروفين بأنهم لا يخشون فى الحق لومة لائم، ولا يرغبون فى المناصب.. كان مفتيًا للجمهورية فى عهد مبارك، وترك منصبه بسبب مواقفه، حيث صدرت فتاواه فى مواقف عديدة على غير ما يرضى النظام فى حواره لـ«اليوم السابع» يفجر العديد من المفاجآت والأسرار حول طلب الجماعة وساطته لعودة «مرسى» قبل فض اعتصام رابعة، ورأيه فى ترشح الفريق «السيسى» للرئاسة، وموقف الشيخ القرضاوى، وتفاصيل أخرى خلال الحوار التالى:
ما رأيكم فيما يحدث فى مصر الآن من صراع بين السلطة الحالية ومن يدعون أنهم يدافعون عن الشرعية؟
– ما يحدث الآن من ادعاءات الدفاع عن الشرعية بالخروج على الدولة بالعنف والمظاهرات والتعدى على الجيش والشرطة يخرج تماما عن حدود الشرعية والشريعة والدين والدستور، لأن الإسلام يأمرنا بتحقيق الأمن، وشرعية الرئيس مدنية اكتسبها بانتخاب المواطنين له، وليست خلافة من الله، وعندما يخرج الشعب بسلمية ويطالب بتغيير الحاكم، فلابد أن يخضع الرئيس لهذه الإرادة التى أتت به حتى لا تحدث فتنة ويقتل الناس بعضهم، وما حدث فى 30 يونيو هو نفس ما حدث فى 25 يناير، وكان يجب أن يخضع الرئيس لهذه الإرادة، ويعود للشرعية المدنية بإجراء انتخابات مبكرة، أو الاستفتاء على بقائه، لكنه أصر على موقفه، فأسقطه الشعب. وما حدث مع مرسى هو ما حدث مع مبارك.
وما رأيكم فى مسمى الانقلاب الذى يطلقه أنصار «مرسى» على 30 يونيو؟
– إذا سمينا ما حدث فى 30 يونيو انقلابًا، فإن ما حدث فى 25 يناير انقلاب، وهذا غير صحيح، فالجماهير التى خرجت فى 30 يونيو كانت أكثر ممن خرجت فى يناير، وأكثر سلمية، حيث خرجت جميع أطياف الشعب التى ساندت التغيير بشكل سلمى، وطلبت من الرئيس الخضوع لإرادة الشعب لكنه أصر ورفض، وقال رقبتى والشرعية وهذا ما أدى إلى الفتنة، أما أن يتحول الأمر- وبعد اتفاق أغلب الشعب على خارطة الطريق- إلى صراع وقتال ومحاربة للجيش واستدعاء للقوات الخارجية والاستقواء بالخارج على جيش الوطن وشعبه، وتحدث عمليات تفخيخ وتفجير وترويع للآمنين، فهذا إفساد فى الأرض لا يقره الإسلام، ومحاربة لله ورسوله، وخروج على الوطن والمواطنين.
كيف ترى المظاهرات التى تخرج ضد السلطة وفى الجامعات عمومًا وجامعة الأزهر بصفة خاصة، ومحاولات تعطيل الدراسة؟
– ما يحدث فى هذه المظاهرات تعطيل للعلم والأمن فى الجامعات والشوارع، وكل هذا خروج وإفساد فى الأرض، فالتغيير يكون بطرق سلمية وبالكلمة عن طريق الإعلام والصحافة ومنظمات حقوق الإنسان، ولابد أن يبتعد كل البعد عن العنف وتعطيل المصالح والكلمات الفاسدة والاستقواء بالخارج لأن كل هذا يعد خروجا على الإسلام، وإفسادا فى الأرض.
وما يحدث فى الجامعات يؤكد أن الطلاب مغيبون، والذين يخرجون الآن عن الوسائل السلمية من طلاب جامعة الأزهر التى تعبر عن وسطية الإسلام يشوهون الأزهر والعلم الأزهرى أمام العالم، ويلصقون تهمة الإرهاب بالإسلام، وهؤلاء الطلاب خانوا أمانة الدين والعلم وخانوا الله ورسوله.
هل توافقون على دخول قوات الشرطة الحرم الجامعى؟
– أوافق على هذا تماما، فالشرطة الآن تقوم بالتأمين، ومشكلتها فيما مضى أنها كانت تتدخل فى أمور ليست من اختصاصها فى التعيينات، واختيار السلطات العليا، وتتدخل فى الجانب السياسى، أما الآن فوجود الشرطة فى الجامعات ضرورى، ولولا قوات الأمن ما بدأت الامتحانات، ثم إنه بعد الثورتين تغيرت الشرطة، ولم تعد تتدخل فيما كانت تتدخل فيه.
وهل يعنى هذا أن ما يقوم به الإخوان وأنصارهم يجعلهم ممن ينطبق عليهم وصف الخوارج؟
– الخوارج هم من خرجوا على الأمة، وعلى الشعب بمجموعه، والذين لا يسيرون على المنهج السلمى الذى ارتضته جموع الشعب فى خارطة الطريق التى تحدد المستقبل بطرق سلمية، وكل من يخرج على هذا ينطبق عليه وصف خوارج، فالخوارج يكون خروجهم عن الإجماع بالكلمة، وإن اقترن هذا الخروج بالسلاح والعنف فهو فساد فى الأرض.
فى فترة حكم الإخوان كنت عضوا فى مجلس الشورى والجمعية التأسيسية التى وضعت دستور 2012 فما الفرق بينه وبين دستور 2013 الذى سيتم الاستفتاء عليه؟
– ما حدث فى دستور 2013 هو تعديل للنقاط التى كانت محل خلاف فى دستور 2012، وسبق أن قلت عن الدستور السابق بما يوفره من تحقيق الأمن والاستقرار إنه من أعظم الدساتير وقتها، وكان هناك وعد بتعديل هذه المواد الخلافية، وهو ما حدث فى دستور 2013 الذى جمع الكلمة، ولمّ الشمل بعد تعديل هذه المواد الخلافية، لذلك فأنا مع هذا الدستور لأنه يحظى بإجماع وتوافق أكبر من دستور 2012، وإن كان هناك بعض النقاط التى يختلف عليها البعض، فهو ليس قرآنا، ويمكن تعديله فى المستقبل، لكنه مطلوب الآن لتحقيق الأمن والاستقرار وتنمية الاقتصاد لتكتمل خارطة الطريق، وأطالب كل أطياف الشعب بالخروج للموافقة على هذا الدستور لأنه يحقق الحقوق والواجبات بما يتفق مع الشريعة الإسلامية من خلال المادة الثانية للدستور.
وكيف ترى دعوات المقاطعة أو التصويت بلا؟
– هذا ليس فى صالح الاستقرار والأمن الذى سيتحقق من خلال الموافقة على هذا الدستور بنعم، ولهذا أدعو للتصويت بنعم.
كيف تنظر إلى موقف الإمام الأكبر شيخ الأزهر من اجتماع 3 يوليو الذى صدر عنه قرار عزل «مرسى» وقرارات خارطة الطريق؟
– هذا الموقف يدل على أن الأزهر لا يرضى بالعنف ويسعى لمنع الفتنة، لأن عدم وجود الأزهر فى هذا الاجتماع كان سيقوى الجانب الآخر، ويؤدى لإراقة الدماء، فالأزهر وسطى يريد أن يجمع ولا يفرق، ووجوده فى هذا الاجتماع كان ضروريا، ويدل على الإجماع على هذه القرارات الصادرة عن هذا الاجتماع الذى حضره ممثلون عن كل هيئات الدولة ومؤسساتها من الجيش والشرطة والأحزاب، وبالطبع لو كنت دعيت كنت سأحضر.
وما رأيكم فى موقف الشيخ يوسف القرضاوى مما يحدث فى مصر، وما يدعو له من فتاوى ومواقف؟
– أشعر بالأسف لمواقف الشيخ القرضاوى الخطيرة، ولم أكن أتوقع أن يقوم باستدعاء القوى الخارجية وتحريضها على الجيش المصرى، والتحريض على العنف والقتال وخروج الجنود على القيادات، وأرى أنه إما أنه لا يدرك ما يحدث فى مصر لأنه لم يكن يعيش فيها، ولم ير الواقع والحقيقة، فهو مخدوع، وتم التدليس عليه، أو أنه حكم واجتهد اجتهادا خاطئا.
وماذا عن الخلاف بينه وبين د. على جمعة وما حدث بينهما من صراع وصل إلى حد وصف القرضاوى للشيخ على جمعة بالجنرال وأنه مفتى العسكر؟
– الدكتور على جمعة كان يرى الواقع ويدعو إلى السلام وعدم العنف، وقوله يتفق مع الواقع والحقيقة، وهو رمز، وكان مفتيًا للديار المصرية، ومكانته يجب احترامها، ومواقفه كانت للدفاع عن الأزهر والوطن والإسلام والمسلمين، وتهدف للسلام ووحدة الصف، وتؤكد أن من يخرج عن الدولة وعن الإجماع ويدعو للعنف يكون من الخوارج، وعندما يقول الحقيقة لا يجب أن يهان، لأن إهانته تعتبر إهانة للأزهر وللإسلام والمسلمين.
هل طلب الإخوان منك التوسط أو القيام بأى دور قبل فض اعتصامى رابعة والنهضة أو بعده؟
– نعم، بعض قيادات الإخوان دعونى للذهاب إلى رابعة ورفضت رفضا قاطعا، كما دعونى للوساطة، وكانوا يريدون أن أتفاوض مع السلطة الحالية لعودة الرئيس مرسى، وعندما اشترطت عليهم إعلان موافقتهم على خارطة الطريق والتبرؤ من العنف لم يردوا.
وكيف ترى ما حدث فى فض اعتصامى رابعة والنهضة؟
– ما حدث للأسف كان يجب أن يتم لسد الذرائع، حيث قال تعالى «وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ»، فعندما وصل المشهد فى رابعة إلى هذه الصورة من تعطل المصالح، والمتاريس التى لا تكون إلا فى حالة حرب مع الأعداء، ومع الرفض التام لكل دعوات فض الاعتصام حتى تسير الحياة ونمنع العنف والاقتتال، أصبح فض الاعتصام ضروريا، ونحن لا نرضى بقتل نفس واحدة أو إراقة أى دم من الطرفين، لكن الذى كان سببا فى ذلك هو من امتنع عن فض الاعتصام، ومن كان بيده الحكم الذى كان يجب عليه تحقيق الأمن والسلام سواء أثناء توليه الحكم أو بعد أن اختار الشعب أن يخلعه، وألا يجعل القتال والصراع بادعاء الدفاع عن الشرعية بديلا لوجوده على كرسى الحكم، وهذا أمر لا يقره الشرع، فالعناد والتمسك بالرأى هو الذى دفع السلطة لفض الاعتصام، وكان يجب على جماعة الإخوان أن تفض الاعتصام حتى تحقن دماء الطرفين، الشرطة والمعتصمين، حتى لا ندخل فى الفتنة، ولو حدث أى تجاوز أثناء هذا الفض، فلابد من حساب المتجاوز، حتى يأخذ القضاء الحقوق لأصحابها.
هل عرض عليكم منصب مستشار دينى للرئيس مرسى وكذلك منصب وزير الأوقاف فى عهد الإخوان؟
– بالفعل عرض علىّ منصب وزير الأوقاف واعتذرت عنه، وكنت أعتذر عن أى منصب.
وماذا عن الترشح للرئاسة؟ ومن تراه الأنسب لهذا المنصب؟ وكيف ترى الدعوات التى تطالب الفريق السيسى بالترشح؟
– الشعب صاحب الاختيار، وكل من كانت لديه القدرة والقبول العام لتحقيق الأمن للوطن والمواطنين نؤيده بلا شك، والاتجاه الكبير الذى يتجه إليه الشعب الآن هو الرغبة فى ترشح الفريق أول السيسى للرئاسة، ويرون فيه المنقذ والقادر على إصلاح ما أفسده الدهر، وما فسد فى الدولة، وأنا أرى هذا، وأؤيد ترشح السيسى للرئاسة، وأقول له إننى أدعو الله أن يكون على يديه تحقيق الأمن والعودة للاستقرار، وتحقيق رغبة الشعب فيما يرجوه من الوصول إلى حاكم يحقق طموحاته.