مقالات وأراء

من هو الأزهري ؟

بقلم الشيخ العلامة المعمر : معوض عوض إبراهيم

الأزهر الشريف منذ الشيوخ الذين أقامهم الله عزوجل بناةً، وحماةً، وقلوباً سار بها في طريق التوحيد الحق لله خالق الخَلق ومالكِ الملك هو الذي استوعب علوم المعقول والمنقول في العقيدة، وعلوم القرآن الكريم، وعلوم السنة المطهرة المُبينةِ أتم تبيين لما أراد الله عزوجل في قوله سبحانه { يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا (46) }

وهو مع مَشْرِقِ كل شمس والتماعِ أصيل عصمةٌ وأمانٌ للذين رضُوا بالله ربا وبالإسلام ديناً، وبسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً ، ورحم الله الإمام الكوثري الذي قال : “الأزهر الشريف هو الحارس للعقيدة والشريعة، وليس للحارس أن يترك البضاعةَ التي حراستُها على عاتقه للصوص يسرقونها بحجة أنهم أحرار فيما يعملون” أهـ .،

ولعل من أحق وأصدق وأوثق ما سمعته من فقيه كل عصر الدكتور علي جمعة، وهو يحدد شخصية الأزهري ردَّاً على سؤال سأله أحد الطلاب الوافدين متى يُوصف الطالب بأنه أزهري؟ فقال :

يوصف الطالب بمنهج الأزهر على ثلاثة أنحاء، النحو الأول: أنه يكون أشعريَّ العقيدة، النحو الثاني : أن يكون مذهبيًا في تلقي علم الفقه وأصوله، إما أن يكون شافعيًا أو حنفيًا أومالكيًا أوحنبليًا من مذاهب أهل السنة المعتبرةِ المعتمدةِ التي وصلت إلينا بالأسانيد الصحيحةِ المتصلةِ إلى أربابها، فإن مما منَّ الله به على هذه الأمة أن جعل هناك إسنادًا للقرآن الكريم، وإسنادًا للسنة النبوية المشرفة، وأيضا جعل إسنادا للكتب والدفاتر المروية عن أسيادنا العلماء عبر تاريخ الإسلام، والحمدلله الذي حفظ على هذه الأمة هذه الخَصِيصة، ثم أن يكون متوجهًا إلى مرتبة الإحسان فيما سُمي بعد ذلك بالقيم والأخلاق والإحسان والتصوف.. أهـ .

إنَّ الدكتور علي جمعة وإخوانَهُ من العلماء الغَيُورين سندٌ وعضُدٌ للذين صدقوا الله عز وجل أن يكونوا مُشِيعِينَ في الآفاق أشعريةَ الأزهر الشريف في العقيدة ، والتزامه للمذاهب الأربعة المعتبرة في دين الله عز وجل، مع الحرص الحريص على الأخلاق والسلوك الرشيد الذي هو السِيما لرجال التصوف الذي يكون دَعْوَى تُدَّعَى وزعماً يُزعَم مما عُرِف به المسلمون من الصدق والأمانة والأخوة في الله عزوجل، والتعاون على البر والتقوى، والتناجي بكل ما يشُدُّ بيننا العُرى والوشائج، وليس من الإسلام في شيء عقيدةً وعبادةً وسلوكاً مَن يقول لك إنني تخرجت من الأزهر ثم ينكشف الستار عن تلك الدَعْوَى التي ليست من الحق في قليل ولا كثير، فلا نجد كلامَهُ إلا كلامَ كاره يُجادل في الحق بعد ما تبين ويتبعُ هواه، {ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله}،

إنَّ الأزهر اليوم يؤدي أمانة الحق غير مُدخر وِسْعاً في ذلك ، وعِلْمُ المنصفين يدعوهم إلى أن يأتُوهُ من كل فجٍ عميق كما يأتي المؤمن التقيُّ إلى المكتين مؤدياً فريضة الحج ومناسك العمرة، فيجدوا الأزهر وكأنه يستقبلهم باسطا ذراعيه مُعِدَّاً لهؤلاء الوافدين عليه القادمين إليه كُلَّ وسائل تحصيل العلم بكل ما تتسع له هذه الكلمة من معان، والأزهرُ خليقٌ بأن يقال فيه ما قالته الخنساء في أخيها صخر :

أغَرُّ أبلـجُ تــأتــمُ الهُداةُ به * كأنّــهُ عَـلَـمٌ في رأسه نــارٌ

وعلى الذين يريدون الانتساب إلى الأزهر الشريف أن يلتزموا هذه الأركان قبل أن يُقَال لهم ( ليس بِعُشِّكِ فادْرُجِي )

وما أجمل ما قاله فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب حفظه الله في هذا السياق مؤكداً على أشعرية الأزهر الشريف : والأزهر وهو يتبنى مذهبَ الإمام أبي الحَسَنِ الأشعريِّ، فإنَّهُ لا يَتَبنَّاهُ تعصُّبًا لمذهبٍ ولا لإمامٍ من الأئمة، ولكن لأنَّ هذا المذهب لم يكن أمراً مخترَعَاً أو مُحْدَثًا في الدينِ، بل كان انعكاسًا صادقًا أمينًا لِمَا كان عليه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وصَحابتُه وتابعوهُم من يُسرٍ وبساطةٍ في الدين، عقيدةً وشريعةً وأخلاقاً، وهذه قضية تخفى على كثير مِمَّن يكتبون الآن عن المذهب الأشعري، وأعني بها أنَّ الأشعريَّ رحمه الله لم يخترع مذهبًا جديدًا كمذهبِ الاعتزالِ أو المذاهبِ الأخرى التي يسهُلُ على الباحث أن يعثُرَ فيها على أنظارٍ ودقَائِقَ تصطَدِمُ اصطِدامًا صريحًا بنصوص الكتاب والسنة، وما فعله الأشعريُّ هو صياغة مذهبٍ عَقَديٍ ينصُرُ فيه القرآنَ والسُّنَّة بدلالات العقول، وببيانِ أنَّ نصوصَ الوَحيِ تستقيم على طريق العقلِ الخالِص إذا تجرَّدَ من شوائبِ الهوى ولِجاجِ الجدلِ والأغاليط . أهـ .

ولقد علمنا الإسلامُ أن نقولَ الحق الذي استهدفه الأزهر، وأن لا نعطيَ اللِيانَ لِحاقدٍ أو حاسدٍ ،

والحق أبلجُ لا تزيغُ سبيلُهُ * والحق يعرفُهُ أولو الألبابِ

وسيجد الأزهرُ كُلَّ من يأتيه وهو يقول مع الشاعرة :

حَلَلْنَا دَوْحَهُ فحَنَا علينا * حُنو المُرْضعات على الفطيم

وأَرْشَفَنَا على ظمأٍ زلالاً * ألذُّ من المُدامَةِ للنديــم

والحقُّ أحَقُّ أن يُتَّبع، وأن نُلْقي له السمع صادقين، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .

 

 

اظهر المزيد

admin

مجلس إدارة الجريدة الدكتور أحمد رمضان الشيخ محمد القطاوي رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) تليفون (phone) : 01008222553  فيس بوك (Facebook): https://www.facebook.com/Dr.Ahmed.Ramadn تويتر (Twitter): https://twitter.com/DRAhmad_Ramadan الأستاذ محمد القطاوي: المدير العام ومسئول الدعم الفني بالجريدة. الحاصل علي دورات كثيرة في الدعم الفني والهندسي للمواقع وإنشاء المواقع وحاصل علي الليسانس من جامعة الأزهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »