الأوقاف
مديرية أوقاف اسيوط تعقد عدد (21) ندوة بعنوان الإدمان ومخاطره على الفرد والمجتمع
من خلال اكبر خطة دعوية خلال شهر نوفمبر 2024
بتوجيهات كريمة من معالي الأستاذ الدكتور أسامة السيد الأزهري، وزير الأوقاف، وبرعاية السيد الدكتور محمود سعد شاهين، وكيل وزارة الأوقاف بأسيوط، وبإشراف الشيخ محمد عبد اللطيف محمود، مدير عام الدعوة والمراكز الثقافية بالمديرية، نظمت مديرية أوقاف أسيوط يوم الأحد الموافق 10 نوفمبر 2024 سلسلة من الندوات العلمية بلغت 21 ندوة، وامتدت لتشمل جميع مراكز ومدن المحافظة. جاءت هذه الندوات بعنوان “الإدمان ومخاطره على الفرد والمجتمع”، وشارك فيها نخبة من أئمة وقيادات المديرية، حيث تناولوا هذا الموضوع بعمق وشمولية، معتمدين على الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية، ومستندين إلى أصح الكتب والمصادر العلمية.
افتتح المحاضرون الندوات بتعريف الإدمان باعتباره مشكلة اجتماعية خطيرة تهدد المجتمعات الحديثة. أشاروا إلى أن الإدمان لا يقتصر على المخدرات فقط، بل يتضمن أيضاً مجموعة متنوعة من السلوكيات التي قد تُفقد الإنسان سيطرته على حياته، كإدمان الإنترنت، الألعاب الإلكترونية، الكحول، وحتى التدخين. أكدوا على أن كل نوع من أنواع الإدمان يؤدي إلى تأثيرات سلبية كبيرة على حياة الفرد والمجتمع. استدل الأئمة بآيات قرآنية كريمة وأحاديث نبوية شريفة، منها قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” [المائدة: 90]، مشيرين إلى تحريم كل ما يذهب بالعقل ويفسد الفطرة السليمة، وأن الابتعاد عن هذه الآفات هو طريق الفلاح.
تناولت الندوات الأضرار البالغة للإدمان على المستوى الفردي، حيث أوضح المحاضرون أن الإدمان يؤدي إلى تدهور صحة الإنسان النفسية والجسدية. فالمدمن غالباً ما يصبح أسير حالة من العزلة، ويعاني من اضطرابات نفسية قد تصل إلى الاكتئاب والقلق، مما يؤثر سلباً على أدائه الاجتماعي وقدرته على العمل والإنتاج. كما أورد الأئمة قول النبي صلى الله عليه وسلم: “لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ”، ليؤكدوا أن الإدمان يُعدّ أحد أشد أنواع الضرر التي يُلحقها الإنسان بنفسه وبمن حوله. أضافوا أن الإدمان لا يقتصر تأثيره على الفرد فقط، بل يمتد ليطال الأسرة والمجتمع بأسره. فهو يسهم بشكل كبير في تفكك الأسر، وارتفاع معدلات الجريمة والعنف، وانهيار القيم والأخلاق المجتمعية.
استعرض المحاضرون كذلك الجوانب الدينية المتعلقة بموضوع الإدمان، مشيرين إلى أن الإسلام قد حرم كل ما يُفسد العقل أو يُذهب الإدراك، حفاظاً على صحة الفرد والمجتمع. استدلوا بالحديث النبوي الشريف: “كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ”، ليؤكدوا أن الشريعة الإسلامية جاءت لتحفظ للإنسان عقله وجسده، ولتصون المجتمع من هذه الآفات المدمرة. وأوضحوا أن تعاليم الإسلام تهدف إلى تعزيز الصحة العامة، حيث دعت إلى الابتعاد عن كل ما يُلحق الضرر بالنفس أو الآخرين، وحثت على التحلي بالقيم النبيلة والأخلاق الحميدة. وقد دعوا الشباب إلى تقوية إيمانهم وتعزيز وعيهم الديني ليكونوا أكثر حصانة ضد الوقوع في فخ الإدمان.
لم تقتصر الندوات على عرض مخاطر الإدمان فقط، بل تطرقت أيضاً إلى أساليب الوقاية منه وسبل العلاج المتاحة. أكد الأئمة على أهمية دور الأسرة في حماية أبنائها من الوقوع في شراك الإدمان، وذلك من خلال التربية الصحيحة والمراقبة المستمرة، وتوجيه الأبناء إلى الأنشطة الإيجابية مثل الرياضة والفنون، التي تساعد في شغل أوقات فراغهم بما هو مفيد. كما شددوا على ضرورة تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية مكافحة الإدمان، وذلك عبر تنظيم حملات توعية وإرشاد تستهدف الشباب في المدارس والجامعات، وتشارك فيها المؤسسات الدينية والتعليمية والصحية. وقد تحدثوا عن أهمية تقديم الدعم اللازم للمدمنين الراغبين في التعافي، من خلال توفير مراكز علاج وتأهيل متخصصة تقدم لهم الرعاية النفسية والطبية اللازمة.
تطرقت الندوات أيضاً إلى أهمية تعزيز الوازع الديني لدى الشباب، وذلك من خلال تكثيف الجهود الدعوية عبر خطب الجمعة والدروس الدينية التي تُقام في المساجد. كما دعا المحاضرون إلى استغلال وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لنشر التوعية حول أخطار الإدمان وطرق الوقاية منه، مستشهدين بتجارب واقعية لأشخاص تمكنوا من التعافي من الإدمان، ليكونوا قدوة حسنة لغيرهم.
في ختام الندوات، أطلق الأئمة مجموعة من التوصيات التي تهدف إلى الحد من انتشار الإدمان في المجتمع. وقد شملت هذه التوصيات تعزيز التعاون بين المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني في تنظيم حملات توعية شاملة، وتقديم الدعم اللازم لمراكز العلاج والتأهيل، بالإضافة إلى تفعيل دور المساجد والمدارس في تقديم برامج تثقيفية تستهدف الشباب. أكد المحاضرون على أهمية إدماج الشباب في أنشطة بديلة تُعزز من قدراتهم وتساعدهم على استثمار أوقات فراغهم بشكل إيجابي، مثل المشاركة في الفعاليات الرياضية والفنية والثقافية. كما دعوا إلى تشجيع البحث العلمي في مجال الإدمان، ودعم الدراسات التي تسعى إلى إيجاد حلول فعالة لهذه المشكلة.
اختُتمت الندوات بدعوة الأئمة إلى تضافر الجهود لمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة، التي تهدد مستقبل الأجيال القادمة، محذرين من خطورة التهاون في مواجهة هذه المشكلة، لما لها من تأثيرات سلبية على الفرد والمجتمع. وشددوا على أن الوقاية من الإدمان هي مسؤولية مشتركة تبدأ من الفرد وتمتد لتشمل الأسرة والمؤسسات المجتمعية والدينية. وقد أعرب المشاركون عن أملهم في أن تسهم هذه الندوات في زيادة الوعي بأخطار الإدمان، وأن تكون نقطة انطلاق لجهود أكبر في سبيل مكافحة هذه الآفة. بهذه الرسالة السامية، قدمت مديرية أوقاف أسيوط نموذجاً حياً للجهود المبذولة في نشر الوعي وتعزيز القيم الإسلامية النبيلة، مؤكدين أن هذه المبادرات المستمرة تبقى الأمل في بناء مجتمع واعٍ وقوي قادر على التصدي للتحديات وحماية شبابه من الوقوع في مستنقع الإدمان.
Follow Us