كلمة “علي الأزهري” مقدما لبحثه بمؤتمر “دور الشريعة الإسلامية في ترسيخ القيم المجتمعية”
كتب: كريم محمد-رنيم جاد-محمد الزهيري
قدم الدكتور علي محمد الأزهري، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر، بحثا تحت عنوان: “مُصْطَلَحُ الْجَاهِلِيَّةِ، تَارِيخُهُ وَخَطَرُهُ عَلَى الْمُجْتَمَعِ” ، وذلك بالجلسة الأولي(ب) ، في اليوم الثاني والأخير لمؤتمر “دور الشريعة الإسلامية في ترسيخ القيم المجتمعية”، الذي عقدته كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة، في الفترة بين١٢،و١٣ من الشهر الجاري .
وجاءت كلمة “الأزهري” كالتالي:
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ r ، أمَّا بعدُ:
فإنني أقدمُ الشكرَ والتقديرَ إلى فضيلةِ الإمامِ الأكبرِ الأستاذِ الدكتورِ : أحمد الطيب ـ شيخِ الأزهرِ الشريفِ، حفظه الله ورعاه وأطالَ في عمرِه، فلقد لمسنا في عهدِه جهدًا مشكورًا للحفاظِ على هُويةِ الأزهرِ وتراثِه، وكذا أتقدمُ بخالصِ الشكرِ والتقديرِ لأصحابِ الفضيلةِ الأساتذةِ الدكاترةِ العلماءِ أعضاءِ هيئةِ كبارِ العلماءِ، ولفضيلةِ الأستاذِ الدكتورِ : محمد المحرصاوي رئيسِ الجامعةِ لرعايتِه هذا المؤتمرَ الكريمَ، وأيضًا أتقدمُ بخالصِ الشكرِ والتقديرِ لأصحابِ الفضيلةِ القائمين على أمر هذا المؤتمرِ وعلى جهدِهم الكريمِ في التحكيمِ والاستقبالِ والردودِ طوالَ هذه الأيامِ السابقةِ فلهم جزيلُ الشكرِ والتقديرِ على ما بذلوه لإتمامِ هذا المؤتمرَ العالميَ ـ وبعدُ،،،
أَهلًا بِكُمْ يا سادَتِي في مَجمعٍ
نجحَتْ به الأعمَالُ والأفكارُ
جاءَتْ لَهُ الأقمارُ تنشرُ نورَهَا
يَاحُسنَ مَا تُهدِيكُمُ الأقمارُ
مِن كُلِّ مملكةٍ أتَوا ويَزينُهُمْ
تاجُ القُرانِ وهمَّةٌ ووقارُ
قومٌ إذِا حلُّوا بأرضٍ أينعَتْ
فكأنَّهُمْ في ساحِهَا أمطارُ
شِبرٌ بقربِ جَمَالِهم وعُلُومِهم
في عُرِفِ أهل جمَالِنَا أمتَارُ
يَا حبَّذا مِسكٌ تضوَّعَ منهمُو
لِمْ لا وشيخُ علومِهِمْ مِعطارُ
وسَليلُ بيتٍ للنُّبوَّةِ بيننا
وقفَتْ له الأبياتُ والأشعَارُ
يَا طيِّبًا حَملَ اللواءَ مُناضلًا
وذُرَا العُرُوبةِ صَرْحُها ينهارُ
دَافعْتَ عن أقصَى القلوبِ بهمَّةٍ
إنَّ الحَقيقَةَ سَيفُهَا بتَّارُ
سَيظلُّ أزهرُنا منارةَ علمِنَا
وتحفُّّه بِجمالِهَا الأزهارُ
يَا مصرُ يَا أرضَ الكنانةِ والهُدى
حيَّاكِ ربٌ واحدٌ قهارُ
كُونِي كمثلِ الشمسِ يَسطَعُ نورُها
فتُبدَّدُ الظّلماءُ والفجَّار
ياربِّ تمِّمْ سعَدَنَا واكتُبْ لنَا
نصْرًا تعودُ بِهِ لنَا آثارُ
قالَ اللهُ تعالَى في مُحكمِ التنزيلِ: {لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [النساء: 171]، وقالَ سبحانَهُ في آيةِ المائدةِ: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} [المائدة: 77] وحذَّرَ نبيُّنَا -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- مِن الخروجِ علَى منهجِ الاعتدالِ في الدينِ فقالَ كما روَى الإمامُ البخاريُّ والإمامُ مسلمٌ وغيرُهُمَا عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ عَنِ النَّبِىِّ صلَى اللهُ عليهِ وسلمَ قَالَ : (إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا)، حتَّى نوقنَ أنَّ التشددَ فِي الدينِ كثيرًا مَا ينشأُ عن قلةِ الفقهِ فِي الدينِ، والفهمِ غيرِ السليمِ.
فإنَّ ملحمةَ التكفيرِ باتتْ تعودُ مِن الماضِي ممثلةً فِي أوائلِ الخوارجِ حتَّى تلقفَتْهَا الفرقُ التكفيريةُ فرمَوا المجتمعاتِ بالجاهليةِ؛ تحتَ زعمِ (لَا حكمَ إلَّا للهِ) وهذا حقٌ يُرادُ بهِ باطلٌ، عندمَا قَبِلَ الصحابةُ التحكيمَ، فقالَ الخوارجُ نحتكمُ لبشرٍ واللهِ لَا يكونُ هذَا، إِنِ الحكمُ إلَّا للهِ، عقولٌ قاصرةٌ بالفعلِ، توارثتْ هذهِ الفكرةَ الأجيالُ المارقةُ، حتَّى أعادَهَا للحياةِ مرةً أخرَى الأستاذُ المودوديُّ وحاولَ أَن يجعلَهَا ثيوقراطيةً دينيةً، فألفَ كتابَهُ المصطلحاتِ الأربعةَ وكتابَهُ الخلافةَ والملكَ الذِي رمَى فيهِ المجتمعاتِ بالتكفيرِ والجاهليةِ بعدَ وفاةِ سيدِنَا محمدٍ صلَى اللهُ عليهِ وسلمَ، فلمْ يسلمْ منهُ حتَّى الخليفةِ الراشدِ الحييِّ سيدِنَا عثمانَ بنِ عفانٍ رَضِيَ اللهُ عنْهُ واصفًا إياهُ بالاستبدادِ وتأثرِهِ بالجاهليةِ لتنصيبِهِ أفرادَ عائلتِهِ لمناصبَ سياديةٍ بالدولةِ، وقالَ الجاهليةُ نوعانِ: جاهليةٌ وافدةٌ مِن الغربِ، وجاهليةٌ موروثةٌ بدأتْ مِنْ عهدِ الخليفةِ عثمانَ بنِ عفانٍ، وأخذَ هذهِ الأيدلوجيةَ مِن بعدِهِ تلميذُهُ (سيدُ قطب) الذِي كرَّرَهَا فِي ظلالِهِ وفِي معالمِهِ وفِي كتابِهِ (العدالةُ الاجتماعيةُ) واقعًا فُي سيدِنَا عثمانَ أيضًا، ووضَعَ تعريفًا للجاهليةِ مخالفًا معاجمَ اللغةِ وقواميسَ الاصطلاحِ وأهلَ التفسيرِ بل ومتعديًا علَى الفهمِ العقليِّ الصحيحِ، فقالَ فِي ظلالِهِ: “الجاهليةُ – كمَا يصفُهَا اللّهُ ويحددُها قرآنُهُ – هِيَ حكمُ البشرِ للبشرِ، لأنَّهَا هيَ عبوديةُ البشرِ للبشرِ، والخروجُ مِن عبوديةِ اللّهِ، ورفضُ ألوهيةِ اللّهِ، والاعترافُ فِي مقابلِ هذَا الرفضِ بألوهيةِ بعضِ البشرِ وبالعبوديةِ لهُم مِّن دونِ اللّهِ”، ولَا ندرِي كيفَ قارنَ بينَ الأحكامِ الوضعيةِ والخروجِ مِنْ دائرةِ الإسلامِ، ممَّا جعلَهُ يُقدمُ علَى رمْيِّ المجتمعاتِ بالتكفيرِ، فقالَ فِي عبارةٍ مبتذلةٍ نصًّا: “يدخلُ في إطارِ المجتمعِ الجاهليِّ تلكَ المُجتمعاتُ التِي تزعمُ لنفسِها أنَّها مسلمةٌ، لَا لأنَّها تعتقدُ بألوهيةِ أحدٍ غيرِ الله، ولا لأنها تُقدِّمُ الشعائرَ التَّعَبُّديةَ لغيرِ الله، ولكنَّها تدخلُ في هذا الإطارِ –يَعنِي الإطارَ الجاهليَّ والرِدَّةَ عن دينِ اللهِ –جلَّ وعلا-؛ لأنها لا تَدينُ بالعبوديةِ للهِ وحدَهُ في نظامِ حياتِها. فهي وإنْ لم تعتقدْ بألوهيةِ أحدٍ إلا اللهَ؛ تُعطِي أخصَّ خصائصِ الألوهيةِ لغيرِ اللهِ، فتدينُ بحاكميةِ غيرِ الله، فتتلقَّى مِن هذهِ الحاكميةِ نِظامَها، وشرائعَها وقيمَها، وموازينَها، وعاداتِها وتقاليدَها. موقفُ الإسلامِ مِن هذهِ المجتمعاتِ الجاهليةِ كلِّها يتحددُ فِي عبارةٍ واحدةٍ: أنْ يَرفضَ الاعترافَ بإسلاميةِ هذهِ المجتمعاتِ كلِّها” والسؤالُ هُنَا هلِ اعتقدَ أحدٌ مِن المسلمينَ اليومَ أَوْ أمسِ مِن لدنْ سيدِنَا رسولِ اللهِ -صلَى اللهُ عليهِ وسلمَ- ألوهيةَ غيرِ اللهِ؟!
ليتَهُ توقفَ عندَ هذَا الحدِّ بلْ قالَ فِي موضعٍ آخرَ قارنًا الجاهليةَ بالحاكميةِ: “والذينَ لا يُفردونَ اللهَ بالحاكميةِ فِي أيِّ زمانٍ وفِي أيَّ مكانٍ؛ هُم مُّشركونَ، لا يُخرِجُهم مِّن هذا الشِّركِ؛ أن يكونَ اعتقادَهم أن: ((لا إله إلا الله)) مجردَ اعتقادٍ، ولَا أنْ يُقدموا الشعائرَ للهِ وحدَهُ”، وعلَى ذلكَ يلزمُهُ أن يُكفرَ النجاشيَّ -رَحِمَهُ اللهُ- لكونِهِ لمْ يحكمْ بالشرعِ الإسلاميِّ وما زالَ مَلِكًا علَى قومِهِ قاضيًا فيهم بمَا كانُوا عليهِ قبلَ الإسلامِ، فأسلمَ معتقدًا بلا إلهَ إلَّا اللهُ، ومَا زالَ يقرُّ قومَهُ علَى مَا هُمْ عليهِ، فهلْ بذلكَ فِي حُسبانِ (قطبٍ) قدْ خرجَ مِن الملةِ؟، فكيفَ وقدْ صلَّى عليهِ سيدُنَا محمدٌ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ- صلاةَ الغائبِ؟!.
تَلقفتِ الفرقُ التكفيريةُ هذَا المصطلحَ الجائرَ مِن أقوالِ (قطبٍ) فَبِهِ استحلُّوا سفكَ الدماءِ، وتخريبَ البلادِ، وتهجيرَ العبادِ، واعتزلُوا المساجدَ بلْ أقبلُوا علَى تهديمِهَا، كمَا فعلتْ جماعةُ التكفيرِ والهجرةِ وغيرُهَا، وهَاهُوَ الآنَ فعلُ هذَا الفريقِ الماجنِ (داعش ومَن علَى شاكلتِهِ)، ولا ننسَى مَا حدثَ فِي مسجدِ شهداءِ الروضةِ فِي بئرِ العبدِ بالأمسِ القريبِ، وقدْ قتلُوا أكثرَ مِن نصفِ قريةٍ بأكملِهَا، ففِي موضعٍ يفسرُ (قطب) آيةَ سورةِ يونسَ {وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} بقولِهِ: “وهُنَا يُرشدُهُم اللهُ إلَى اعتزالِ معابدِ الجاهليةِ –يَعنِي مساجدَهَا!!-، واتخاذِ بيوتِ العُصبةِ المُسلمةِ مساجدَ تُحسُّ فيها بالانعزالِ عن المجتمعِ الجاهليِّ”.
مَن قالَ هذَا؟، أصبحتِ المساجدُ فِي فكرِهِ معابدَ جاهليةً، ليسَ هذَا فحسبُ، بلْ قرَّرَ مبدأً جديدًا هُوَ مبدَأُ العزلةِ، اتبعتْهُ هذِهِ الفرقُ حديثًا، وإِن كَانَ فِي زعمِي ليسَ جديدًا لأنَّ الخوارجَ قديمًا فعلُوهُ، واعتزلُوا المجتمعَ كاملًا، فقالَ: “إنَّهُ لَا نجاةَ للعُصبةِ المسلمةِ في كلِّ أرضٍ مِن أنْ يقعَ عليهَا العذابُ؛ إِلَّا بأنْ تنفصلَ عقيديًا وشعوريًا ومنهجَ حياةٍ عَن أهلِ الجاهليةِ مِن قومِهِم، حتَّى يأذنَ اللهُ لها بقيامِ دارِ إسلامٍ تعتصِمُ بهَا، وإلَّا أنْ تشعرَ شعورًا كاملًا بأنَّها هِيَ الأمةُ المسلمةُ، وأنَّ ما حولَهَا ومَن حولَهَا مِمَّن لَن يدخلُوا فيمَا دخلتِ فيهِ؛ جاهليةٌ وأهلُ جاهليةٍ”، فبالأمسِ القريبِ اعتزلتْ جماعةُ التكفيرِ المجتمعاتِ واعتبرتِ المجتمعَ كلَّهُ مجتمعَ كفرٍ وردةٍ، وأيضًا تنظيمُ القاعدةِ، وأيضًا داعش في العراقِ وسوريا، وبدَأَ يُطلقُ عنانَ التكفيرِ أكثرَ وأكثرَ فقالَ: “إنَّهُ ليسَ على وجهِ الأرضِ اليومَ دولةٌ مسلمةٌ ولا مجتمعٌ مُسلمٌ، قاعدةُ التعاملِ فيهِ: هي شريعةُ اللهِ والفقهُ الإسلاميُّ”، وبنفسِ هذَا القولِ قالَ أبو محمدٍ المقدسيُّ منظرُ تنظيمِ القاعدةِ، وأقامَ أدلتَهُ المزعومةَ علَى تكفيرِ الدولةِ السعوديةِ، وألَّفَ كتابَهُ الذِي أطلقَ عليهِ (الكواشفَ الجليةَ فِي تكفيرِ الدولةِ السعوديةِ)، وقالُوا بحرمةِ الحجِّ والعمرةِ فِي عهدِ حكامِ الدولةِ الحاليةِ، لمْ تبرحْ هذِهِ الفكرةُ تتنقلُ فِي أصلابِهِم حتَّى وصلَتْ لداعش وأعلَنَهَا أبو محمدٍ العدنانيُّ المتحدثُ الرسميُّ لَهُم، بنفسِ قولِ (قطب) دونَ تغييرٍ فقالَ: “ليسَ علَى ظهرِ الأرضِ دولةٌ مسلمةٌ إلا دولتَنَا، وقالَ أيضًا: “مَن يستبدلُ حكمَ اللهِ بحكمِ البشرِ فقدْ كفرَ، وقدْ كفَّرَ مَن ينكرُ عليهِم صنيعَهُم بالمسلمينَ فِي العراقِ وسوريا، بلْ تجاوزَ الحدَّ فوسمَ كلَّ مَن اشتركَ فِي قتالِهِم بالكفرِ، فقالَ: “فاحذَرْ فإنِّكَ بقتالِكَ للدولةِ الإسلاميةِ يَعنِي دولتَهُم المزعومةَ تقعُ بالكفرِ مِن حيثُ تدرِي ومِن حيثُ لا تدرِي”.
أُعجبتِ الجماعاتُ التكفيريةُ بفكرِ (قطبٍ) فقالَ أحدُ قادةِ هذِهِ التنظيماتِ وهُوَ “طارقٌ الزمر” القياديُّ السابقُ فِي الجماعةِ الإسلاميةِ إنَّ “سيدَ قطب” طرحَ فِي كتابِهِ رؤيةً سياسيةً اجتماعيةً، اقتصاديةً متكاملةً لا تزالُ تَكتسِي صدقيَّتَها حتَّى اليوم”.
ولا ندرِي أيَّ طرحٍ يقصدُه، مِن أجلِ هذَا وغيرِهِ رأيتُ مِن واجِبِي أَنْ أتوكأَ علَى قلمِي وأذبُّ بمِحْبَرَتِي عَنِ الدِّينِ الإسلاميِّ الذِي وصمَهُ هؤلاءِ بالتشدِّدِ والتكفيرِ، وأَنْ أعملَ جاهِدًا علَى تصحيحِ الفكرِ المغلوطِ الذِي بسببِهِ آلَ إليهِم بعضُ الشبابِ فانضَمُّوا لهِم بدنيًا أو فكريًا يتعاطفونَ مَعَهُم، وقدْ غرَّرُوا بِهِم تارةً باسمِ الجهادِ وأخرَى بالإغراءاتِ الماديةِ وغيرِهَا، فرأيتُ أَنْ أكتبَ فِي هذَا البحثَ الموسمَ بِـ(مُصْطَلَحُ الْجَاهِلِيَّةِ، تَارِيخُهُ وَخَطَرُهُ عَلَى الْمُجْتَمَعِ” (سَيِّدْ قُطْبْ أُنْمُوذَجًا))، وقدْ اقتضتْ طبيعةُ البحثِ أَن يتضمنَ ثلاثةَ مباحثَ:
• المبحثُ الأولُ: مفهومُ الجاهليةِ، والتعريفُ بلفظةِ “الجاهليةِ” فِي اللغةِ والاصطلاحِ.
• المبحثُ الثانِي: تاريخُ مصطلحِ الجاهليةِ، ومراحلُ تطوُّرِهِ.
• المبحثُ الثالثُ: مصطلحُ الجاهليةِ فِي ميزانِ النقدِ، وبيانُ موقفِ الأزهرِ الشريفِ، والسلفيةِ المعاصرةِ، والإخوانِ المسلمينَ مِن نظريةِ “الجاهليةِ القطبيةِ”.
• الخاتمةُ: وذكرتُ فِيهَا أهمَّ النتائجِ التِي يمكنُ مِن خِلَالِهَا هدمُ نظريةِ “الجاهليةِ القطبيةِ”، وتوضيحُ خطورةِ “مفهومِ الجاهليةِ” عندَ سيد قطب ومَن تَبِعَهُ.
وخِتامًا: فإنَّنِي أرجُو مِن القائمينَ عَلَى أمرِ المؤسسةِ الأزهريةِ أَن يَشْرَعُوا فِي تقريرِ مادةٍ تُدَرَّسُ عَلَى طلابِنَا تحتَ مسمَى المفاهيمِ المغلوطةِ، وأخرَى عَنِ الفرقِ والجماعاتِ، وتكونُ مِن الفرقةِ الأولَى حتَّى السنةِ النهائيةِ لتخرجِهِم، حتَّى نَقِيَ شبابَنَا مِنْ خَطَرِ هذهِ الجماعاتِ، وَنُرَبِّيَ جيلًا قادِرًا علَى مجابَهَتِهِم بالحُجَجِ والبراهينِ، فَلَا حيلةَ لنَا سُوَى العقلِ والقلمِ، وبِهِمَا نُصححُ للناسِ هذهِ الأفكارَ الخارجةَ عَن الإسلامِ، وعلَى المؤسسةِ الأزهريةِ – راعيةِ الفكرِ الأشعريِّ وحاضنةِ مذهبِهِ – أَنْ تقومَ بوضعِ مقررٍ لردِّ شبهاتِ الجماعاتِ التكفيريةِ؛ وَأَن يعتمدَ هذَا المقرَّرُ علَى تراثِ مدارسِ المتكلمينَ مِن أهلِ السنةِ والجماعةِ، وبخاصةٍ المدرسةُ الأشعريةُ، والتراثُ عِنْدَنَا بفضلِ اللهِ حَوَى الكثيرَ بينَ جنباتِهِ لهدمِ هذِهِ الأفكارِ الخارجةِ عَنِ الإسلامِ، وَكذَا أُوصِي بِالعملِ علَى عَقْدِ وِرَشِ عَمَلٍ لتدريبِ شبابِ الوعظِ والإفتاءِ ومعاونِي أعضاءِ هيئةِ التدريسِ للمقدرةِ علَى الردِّ عَلَى شبهاتِ الجماعاتِ التكفيريةِ.
حَفِظَ اللهُ بِلَادَنَا وَأَزْهَرَنَا وَشَيْخَنَا وَرِجَالَاتَ الْأَزْهَرِ الْمُخْلِصِينَ، وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.