أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

عظات وعبر من حادث الهجرة ، خطبة الجمعة القادمة للشيخ عبد الناصر بليح

خطبة بعنوان: عظات وعبر من حادث الهجرة ، للشيخ عبد الناصر بليح بتاريخ : 29 ذو الحجة 1440هـ – 30 أغسطس 2019م

 

لتحميل خطبة بعنوان : عظات وعبر من حادث الهجرة للشيخ عبد الناصر بليح  ، وعناصرها:

لتحميل خطبة بعنوان : عظات وعبر من حادث الهجرة للشيخ عبد الناصر بليح ، بصيغة word  أضغط هنا.

لتحميل خطبة بعنوان : عظات وعبر من حادث الهجرة للشيخ عبد الناصر بليح  ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

ولقراءة خطبة بعنوان :  عظات وعبر من حادث الهجرة ، للشيخ عبد الناصر بليح  : كما يلي:

عظات وعبر من حادث الهجرة

  الحمد لله  رب العالمين وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له في سلطانه وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله  القائل :” لاهجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية ” اللهم صلاة وسلاماً عليك ياسيدي يارسول الله وبعد فياجماعة الإسلام .

يقول الله تعالي “إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا   ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ   إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ   بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى   وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ “(التوبة/40)

الهجرة النبوية ستبقي معانيها متجددة وسراجاً منيراً علي مر العصور والأيام والى أن يرث الله الأرض ومن عليها .. فكلما هل علينا عام هجري جديد يتذكر المسلم هذا الحادث الجلل الذي غير وجه التاريخ ,إذ لولا أن منٌ الله علي صاحب الرسالة العصماء به ماعرف الإسلام طريقه إلى العالم ..ولكن عناية الله عزوجل هي التي اختارت رسالة الإسلام لتخرج العالم من الظلمات إلى النور ..وحادث الهجرة مليء بالعظات والعبر والدروس المستفادة من أهمها:

**صدق العزيمة والصبر علي المكارة:

عباد الله :” لقد تحمل الرسول صلي الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين الأوائل الصعاب والمشاق في سبيل  نشر الدين الإسلامي وتعرضوا لأشد أنواع العذاب والتنكيل .. روى الإمام أحمد وابن ماجه عن ابن مسعود قال :  أول من أظهر الإسلام سبعة : رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمار وأمه سمية وصهيب وبلال والمقداد . فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه وأما سائرهم فأخذهم المشركون فألبسوهم أدرع الحديد وصهروهم في الشمس فما منهم من أحد إلا وقد واتاهم على ما أرادوا إلا بلالا فإنه هانت عليه نفسه في الله وهان على قومه فأخذوه فأعطوه الولدان فجعلوا يطوفون به في شعاب ( مكة ) وهو يقول :

أحد أحد .ووصل بهم الأمر أن اشتدوا على المسلمين كأشد ما كانوا حتى بلغ المسلمون الجهد و اشتد عليهم البلاء و جمعت قريش في مكرها أن يقتلوا رسول الله صلى الله عليه و سلم علانية فرأى أبو طالب أن يدخلوا رسول الله صلى الله عليه و سلم شعبهم و أمرهم أن يمنعوه ممن أرادوا قتله..فأجمعوا أمرهم ألا يجالسوهم و لا يبايعوهم و لا يدخلوا بيوتهم حتى يسلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتل و كتبوا في مكرهم صحيفة وعهودا ومواثيق :

لا يقبلوا من بني هاشم صلحا أبدا و لا تأخذهم بهم رأفة حتى يسلموه للقتل فلبث بنو هاشم في شعبهم ثلاث سنين و اشتد عليهم البلاء و الجهد و قطعوا عنهم الأسواق فلا يتركوا لهم طعاما يقدم مكة و لا بيعا إلا بادروهم إليه فاشتروه يريدون بذلك أن يدركوا سفك دم رسول الله صلى الله عليه و سلم..(سيرة ابن كثير ج2  ص 43 )ووصل بهم التعذيب مبلغه حتى أن المسلم كان يأتي لرسول الله صلي الله عليه وسلم يشكو قسوة التعذيب ..

كماروي أن خبابا يقول :

أتيت النبي صلى الله عليه و سلم و هو متوسد ببردة و هو في ظل الكعبة و قد لقينا من المشركين شدة فقلت :ألا تدعوا الله ؟فقعد و هو محمر وجهه فقال : قد كان من كان قبلكم ليمشط بأمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم أو عصب ما يصرفه ذلك عن دينه و يوضع المنشار على مفرق رأسه باثنين ما يصرفه ذلك عن دينه و ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله عز وجل ] زاد بيان [ و الذئب على غنمه ]و في رواية [ و لكنكم تستعجلون ](انفرد به البخاري دون مسلم)

وفي وسيلة لإيجاد متنفساً للدعوة خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم إلى الطائف ولكنهم سخروا منه وواجهوه بالعناد والصدود فأغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه و يصيحون به حتى اجتمع عليه الناس و ألجأوه إلى حائط لعتبة بن ربيعة و شيبة بن ربيعة و هما فيه و رجع عنه من سفهاء ثقيف من كان يتبعه فعمد إلى ظل حبلة من عنب فجلس فيه و ابنا ربيعة ينظران إليه و يريان ما يلقى من سفهاء أهل الطائف وجلس يناجي ربه:

(اللهم إليك أشكو ضعف قوتي و هواني على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين أنت ربى إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدوملكته أمري؟إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع لي أعوذبنوروجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمرالدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك أو تحل علي سخطك لك العتبى حتى ترضى لا حول و لا قوة إلا بك ](سيرة ابن كثير ج2/42)

**استجابة وعفو عند المقدرة :

أيها الناس :” لما أحس الرسول صلي الله عليه وسلم بالجفوة ومرارة الأسى من هؤلاء اللؤماء فلم يجد مثابة إلا أن يلجأ إلي ربه ضارعاً بعد أن غادر الطائف وصلي ركعتين قبل الدعاء ليكون أسرع إجابة وليزول غمه وهمه بمناجاة ربه فيها ..فهو سبحانه وتعالي يستجيب دعوة الداعي إذا دعاه  وهو سبحانه وتعالي لايخذل عبده إذا رفع يديه إلى السماء يدعوه ويرجوه ففي الحديث الصحيح” عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا”( صححه الألباني)

ولما دعاه رسول الله صلي الله عليه وسلم بنفس مكلومة ولكنها راضية بقضاء الله وقدره لأنها تقوم بتبليغ أعظم دعوة في الوجود يهون في سبيلها كل أمر مهما يكن عنيفاً ..

فهو يقبل ماقدره الله وما يهمه إلا غضب الله عليه ومادونه يهون ..استجاب اله تعالي لهذا الدعاء وبين له أنه لن يتركه ولن يخذله أبداً كما ثبت في الصحيحين “عن عائشة أنها قالت هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد ؟ فقال لقد لقيت من قومك فكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أفق إلا في قرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال إن الله قد سمع قول قومك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم .

قال فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال يا محمد إن الله قد سمع قول قومك وأنا ملك الجبال وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك إن شئت أطبق عليهم الأخشبين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا .( متفق عليه ). 

استجاب الله تعالي لدعاء نبيه صلي الله عليه وسلم حيث أظهر ضعف قوته أمام قدرة الله عز وجل وعظمته وجبروته ..

فبين الله تعالي له بأنه يضع في يده كل القوي , وأنه لايمكن أن يهون عند الناس وأن الله معه , وأنه لم يتركه لعدو ولا ولي ,بل إن أمره صلي الله عليه وسلم إلى الله سبحانه-وهو القاهر فوق عباده –فمن كان الله معه وكان مع الله لايهون أبدا.(خاتم النبيين 1/585).

**المكافأة علي النية :

إخوة الإيمان والإسلام :” خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم إلى الطائف وقد عزم العزم وبيت النية علي تبليغ الدعوة إلى عبادة الله الواحد الديان ولقي مالاقاه من أهل الطائف وخرج وهو يبكي ويناجي ربه سبحانه وتعالي بعد أن ظن أنه لم يؤمن به أحد في هذه الرحلة ولكن الله عزوجل الذي لايضيع أجر من أحسن عملاً أراد أن يعلم نبيه أن هجرته هذه قد أثمرت وأتت أكلها وذلك في أمرين ..

الأمر الأول : فقد أمن به من البشر رجل ,” ورجل ذو همة يحي الله به أمة ” يروي ابن هشام في سيرته:

“فلما رآه ابنا ربيعة عتبة و شيبة و ما لقي تحركت له رحمهما فدعوا غلاما لهما نصرانيا يقال له عداس وقالا له خذ قطفامن هذا العنب فضعه في هذاالطبق ثم اذهب به إلى ذلك الرجل فقل له يأكل منه ففعل عداس ثم ذهب به حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم قال له كل فلما وضع رسول الله صلى الله عليه و سلم يده فيه قال :

[ بسم الله ] ثم أكل ثم نظر عداس في وجهه ثم قال : و الله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ و من أهل أي بلاد أنت يا عداس و ما دينك؟)قال:نصراني و أنا رجل من أهل نينوى فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم:(من قرية الرجل الصالح يونس بن متى؟)فقال له عداس:وما يدريك ما يونس بن متى ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم:(ذلك أخي كان نبيا و أنا نبي)فأكب عداس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل رأسه و يديه و قدميه قال:

(يقول ابنا ربيعة أحدهما لصاحبه:أما غلامك فقد أفسده عليك)فلما جاء عداس قالا له:ويلك يا عداس ما لك تقبل رأس هذا الرجل و يديه و قدميه؟قال يا سيدي ما في الأرض شئ خير من هذا لقد أخبرني بأمرما يعلمه إلا نبي قالا له:ويحك ياعداس لا يصرفنك عن دينك فإن دينك خيرمن دينه(سيرة ابن هشام ج 2ص 268 ) 

الأمر الثاني :

وكذلك أمن به أمة أخري وهي أمة الجن .. وكأن الله عز وجل يقول لنبيه صلي الله عليه وسلم إن كان الأنس لم يؤمنوا بك فهناك أمة أخري من خلقي تؤمن بك ” وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ”(الذاريات/56)ففي سيرة ابن هشام  “قال : ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من الطائف راجعا إلى مكة حين يئس من خير ثقيف حتى إذا كان بنخلة قام من جوف الليل يصلي فمر به النفر من الجن الذين ذكرهم الله تبارك وتعالى وهم – فيما ذكر لي – سبعة نفر من جن أهل نصيبين فاستمعوا له فلما فرغ من صلاته ولوا إلى قومهم منذرين قد آمنوا وأجابوا إلى ما سمعوا فقص الله خبرهم عليه صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل : ( وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن)..

إلى قوله تعالى : ( ويجركم من عذاب أليم ) . وقال تبارك وتعالى : ( قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن ) . . . إلى آخر القصة من خبرهم في هذه السورة . ( 2 / 270 )(سيرة ابن هشام ج2ص269)

**التخطيط للأمور المهمة والأخذ بالأسباب :

عباد الله :” إن من صنع الله عزوجل لنبيه صلي الله عليه وسلم أن أرسل إليه العون والمدد ليطمئنه أن عناية الله ترعاه ولن تتركه..           وإذا العناية لاحظتك عيونها    * *   نم فالمخاوف كلهن أمان .  

لذلك لم ييأس الرسول صلي الله عليه فبمجرد عودته من الطائف أخذ يخطط للهجرة بكل دقة واقتدار.وهذا جانب من جوانب العظمة في هجرته صلي الله عليه وسلم فما أظهره من دقة في التخطيط والتقدير السليم لكل الاحتمالات يفوق الوصف ..فلم يهاجر إلى المدينة عفوا أو ارتجالا وكان بإمكانه أن يهاجر جهراً أمام أعين الناس ويقول أن الله حفظني وعصمني من الناس”يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ”(المائدة/67)

فكانت الهجرة طبقاً لتخطيط محكم وتدبير ملهم لايشوبه خلل ..ففكر في اختيار المكان المناسب والجو المناسب الذي تعيش فيه الدعوة وتنمو فاختار المدينة,كما أنه لم يخرج إلا بعد أن بايعه أهل يثرب بيعتين العقبة الأولي والثانية قائلاً لهم :”تعالوا بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوني في معروف فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا فهو له كفارة ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله فأمره إلى الله إن شاء عاقبه وأن شاء عفا عنه.(السيوطي عن عبادة بن الصامت).

وخطط لذلك في سرية وكتمان حتى أنه لم يعلم أقرب الناس إلى قلبه صاحبه أبو بكر الصديق بموعد الهجرة إلا في اللحظات الأخيرة

و كان أبو بكر يستأذنه عليه الصلاة و السلام في الهجرة فيثبطه ليكون معه من غير أن يصرح له بذلك عن عائشة رضي الله عنها قالت : استأذن أبو بكر في الخروج من مكة حين اشتد عليه الأذى فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : أقم فقال : يا رسول الله ! أتطمع أن يؤذن لك ؟ فيقول : إني لأرجو ذلك فانتظره أبو بكر ثم أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات يوم ظهرا فناداه فقال : أخرج من عندك فقال : يا رسول الله إنما هما ابنتاي قال : أشعرت أنه قد أذن لي في الخروج ؟ فقال : يا رسول الله ! الصحبة فقال : الصحبة قال :

يا رسول الله ! عندي ناقتان قد أعددتهما للخروج فأعطى النبي صلى الله عليه و سلم إحداهما ـ وهي الجدعاء ـ فركبها فانطلقا حتى أتيا الغار و هو بثور فتواريا فيه و كان عامر بن فهيرة غلاما لعبد الله بن طفيل و هو أخو عائشة لأمها و كانت لأبي بكر منحة فكان يروح بها و يغدو عليها و يصبح فيدلج إليهم ثم يسرح و لا يفطن له أحد من الرعاء فلما خرجا خرج معهما يعقبانه حتى قدم المدينة فقتل عامر بن فهيرة يوم بئر معونة ] (عيون الأثر ج1ص296 ] 

** القلوب صناديق مغلقة:

أيها الناس :” ومن الدروس والعبر المستفادة من حادث الهجرة أننا نعلم أن القلوب صناديق مغلقة مفاتيحها بيد الله عز وجل يقلبها كيف يشاء وفي ذلك يقول صلي الله عليه وسلم :”إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث شاء . (صححه الألباني) لذلك كان أكثر دعائه :”يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك فقيل له في ذلك قال إنه ليس آدمي إلا وقلبه بين إصبعين من أصابع الله فمن شاء أقام ومن شاء أزاغ “.(. صححه الألباني).نعلم ذلك من حادثين حدثا أثناء رحلة الهجرة:

الموقف الأول : حدث من رجل مشرك هو عبدا لله بن أريقط  الذي اتخذه الرسول صلي الله عليه وسلم دليلا ًيدلهما علي الطريق ورغم أنه مشرك فذلك أمر جائز أن نستعين بالمشركين في جلب المصلحة أودرء المفسدة مع أخذ الحيطة والحذر..وبحق فأن مهارة الدليل وحذاقته وطول خبرته بالطريق من مكة الى المدينة كان له أبلغ الأثر في نجاح المهمة فقد نفذها ببراعة منذ سلك بهم طريقا لم تكن القوافل تعتادا لسير منها.. وهومايسمي اليوم بطريق الهجرة..وهذا الرجل كما تروي بعض كتب السيرة أنه أسلم فيما بعد وحسن أسلامه وكان له صحبه ذكره ابن حجر العسقلاني في كتاب الإصابة في تمييز الصحابة[ ج4 – ص 5تحت رقم 4529 ] 

الموقف الثاني: سراقة بن مالك :

الذي خرج في أثر الرسول صلي الله عليه وسلم طمعاً في المائة ناقة التي عرضتها قريش مكافأة لمن يدل علي محمد صلي الله عليه وسلم ..وكان سراقة رجل وثني يعبد الأصنام ويتخذهم آلهة ,وكان له خبرة في طرق الصحراء الملتوية شأنه شأن عبد بن أريقط ..  وعندما لحق برسول الله صلي الله عليه وسلم وصاحبه وعن بعد تعثرت فرسه مرتين وفي الثالثة طلب العفو والسماح من رسول الله صلي الله عليه وسلم ووقع في نفس سراقة أن الرسول حق فاعتذر إليه وقال :

“أدع الله لي فلن تري مني ماتكره” فدعا له فاستقلت فرسه ورغب إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يكتب له كتابا أمن وكأن وقع في نفس سراقة أنه سيظهر أمر رسول الله صلي الله عليه وسلم .. وكان بقاؤه له بقديد-إذ اتخذ الرسول إلى المدينة طريق الساحل ثم أمر أبا بكر أن يكتب لسراقة كتاباًيكون بينه وبين رسول الله صلي الله عليه وسلم ثم قال له النبي صلي الله عليه وسلم :”كيف بك ياسراقة أذا سورت سواري كسري ” قال :

كسري بن هرمز ؟ قال :نعم “فعاد سراقة فوجد الناس في الطلب فجعل يقول : قد استبرأت لكم الخبر وقد كفيتم ها هنا فكان أول النهار جاهدا عليهما وكان آخره حارسا لهما”(خاتم النبيين 1/964)(مختصر سيرة الرسول 1/195 ]  سبحان مقلب القلوب خرج سراقة في أول النهار وثنياً مشركاً يمتلئ قلبه حقداً وغيظاً علي الرسول صلي الله عليه وسلم ثم عاد في أخر النهار مؤمناً أمناً وقد امتلك قلبه بشاشة الإيمان بعدما رأي من عظمة رسول الله صلي الله عليه وسلم يذب عنه الأذى ويدفع عنه السؤ..

الخطبة الثانية : عظات وعبر من حادث الهجرة ”

الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله أما بعد فياجماعة الإسلام لازلنا مع العظات والعبر من حادث الهجرة النبوية  ومنها :”

**اختيار الصديق :

عباد الله :” لما أذن الله عز وجل لنبيه بالهجرة فأمر الرسول صلي الله عليه وسلم الصحابة أن يهاجروا وكان كلما أستأذن أبو بكر الصديق في الهجرة يقول له الرسول اصبر لعل الله أن يجعل لك صاحباً ثم لما أمر الله بالهجرة أتاه النبي وقال له: إن الله عز وجل قد أذن لي بالخروج والهجرة فقال أبو بكر الصحبة يا رسول الله قال الصحبة ..قالت عائشة :فو الله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يومئذ يبكي من الفرح ..(صحيح السيرة للألباني ) .

وهنا تبدأ صحبة من أجلَ ما عرف تاريخ الجهاد في سبيل العقيدة والحق والإيمان قوة وروعة وأمانة..وما عرف التاريخ صداقة وصحبة أفضل من صحبة أبي بكر الصديق لرسول الله صلي الله عليه وسلم قال رسول الله صلي الله عليه وسلم عن هذه الصحبة :”إن أمن الناس علي في ماله وصحبته أبو بكر ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن أخوة الإسلام لا يبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر . “(صحيح )‌   وفي رواية “إنه ليس من الناس أحد أمن علي في نفسه وماله من أبي بكر ابن أبي قحافة ولو كنت متخذا من الناس خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن خلة الإسلام أفضل سدوا عني كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبي بكر . (صحيح )

ونتعلم من ذلك أن المرء لابد أن يتخير الصديق فالصديق ذلك الرفيق الدائم والملجأ عند الشدة والمعين عند الحاجة بعد الله عز وجل ,الصديق ذلك المعدن النفيس الحقيقي اللامع الذي لايقدر بثمن ..الذي إذا كان صالحاً رافقك إلى الجنة وإذا كان غير ذلك فلا تلومن إلا نفسك ..يقول صلي الله عليه وسلم :”الرجل علي دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل”(حسن )ويقول :”لاتصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي “(حسن)

**حب الوطن :

أيها الناس :”إن حب الوطن من الإيمان فموطن الإنسان منا أحب إليه من نفسه وولده وأغلي عنده من ماله وكل مايملك لذلك عد رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي يموت في سبيل الدفاع عن أرضه من الشهداء وقرنه مع الدفاع عن النفس والمال والعرض والأهل ..ولما خرج رسول الله صلي الله عليه وسل مهاجراً من مكة إلى المدينة كما روي عنه :وقف علي الحزورة(سوق) ونظر إلى البيت وقال :والله انك لأحب أرض الله إلي وانك لأحب أرض الله إلى الله ولولا أن أهلك أخرجوني ماخرجت منك”(الترمذي والنسائي –زادالمعاد1/8) 

وهذا يشير إلى مدي حب رسول الله صلي الله عليه وسلم لبلده مكة المكرمة موطن ولادته ونشأته وفيها البيت الحرام ولأنها منزل الوحي ولأن بها الأهل والأقربين ولأن بها مآثر إبراهيم.(خاتم النبيين2/5) ولا عجب فحب الوطن من الإيمان وقديما قال الحكماء :”الحنين من رقة القلب ورقة القلب من الرعاية والرعاية من الرحمة والرحمة من كرم الفطرة وكرم الفطرة من طهارة الرشدة(أي صحة النسب) وطهارة الرشدة من كرم المحتد(أي الأصل )وقال أخر:

“ميلك إلى مولدك من كرم محتدك “وقال بعض الفلاسفة:”فطرة الرجل معجون بحب الوطن”ولذا قال أبقراط :يداوي كل عليل بعقاقير أرضه فان الطبيعة تتطلع لهوائها وتنزع إلى غذائها.وقالت الهند:حرمة بلدك عليك كحرمة أبويك لأن غذائك منها وأنت جنين وغذاءهما منه” وقال أخر:

من إمارات العاقل بره لإخوانه وحنينه لأوطانه ومداراته لأهل زمانه.وكانت العرب اذاغزت وسافرت حملت معها من تربة بلادها رملا وعفرا(ترابا) تستنشقه عند نزلة أوزكام أوصداع”(0الحنين إلى الأوطان لأبي عثمان : عمر بن الجاحظ تصحيح الشيخ طاهر الجزائري-رحمه الله –ط السلفية –القاهرة 1351).لذلك كانت السيدة عائشة رضي اله عنها دائماًتقول :”مارأيت القمر أبهي ولا أجمل مما رأيته في مكة”وذلك كناية علي حبها وعشقها وشدة حنينها للوطن..

**المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار:

عباد الله :” ولما هاجر الرسول صلي الله عليه وسلم إلي المدينة المنورة نورها الله عزوجل بهجرته إليها كما ورد ذلك عن أنس بن مالك قال : ” لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كل شيء فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء ولما نفضنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيدي وإنا لفي دفنه حتى أنكرنا قلوبنا ” ( صححه الألباني ).

فأراد الرسول أن يبني مجتمعاً فاضلاً يقوم علي الود والتسامح والمواساة والتيسير والوسطية ..الخ هذه الصفات والأخلاق الحميدة حتي تبقي وتعيش أبد الدهر لأنه حسب قول القائل :

إنما الأمم الأخلاق ما بقت ***فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

 

فأخا بين المهاجرين والأنصار وألقي بياناً شاملاً جامعاً نافعاً وهو أول ما  تكلم به وقاله كما ورد [ يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ] . ( صحيح ) . عن زرارة بن أوفى حدثني عبد الله بن سلام قال لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس قبله وقيل قد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قدم رسول الله قد قدم رسول الله ( ثلاثا ) . فجئت في الناس لأنظر فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب فكان أول شيء سمعته تكلم به أن قال فذكره .(صحيح).  

 

كتب : عظات وعبر من حادث الهجرة ، خطبة الجمعة القادمة الشيخ عبد الناصر بليح .

_____________________________________

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »