(سلسلة فقه الصيام) الدرس السادس: أحكام المسافر في رمضان ، للدكتور خالد بدير

(سلسلة فقه الصيام) الدرس السادس: أحكام المسافر في رمضان ، للدكتور خالد بدير
لتحميل الدرس بصيغة word أضغط هنا
لتحميل الدرس بصيغة pdf أضغط هنا
ولقراءة الدرس كما يلي:
(سلسلة فقه الصيام) الدرس السادس: أحكام المسافر في رمضان
السفر عذر يباح فيه الفطر، لقوله تعالي: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. (البقرة: 184). قال ابن قدامة في المغني: “وجواز الفطر للمسافر ثابت بالنص والإجماع”.
واشترط الفقهاء للسفر المبيح للفطر شروطًا منها:
١ – أن يكون السفر مما تُقْصَرُ فيه الصلاة، وذهب الجمهور إلى تحديد مسافة السفر، وهو ما زاد عن ثمانين كيلو مترًا.
٢ – أن لا يزيد على المدة التي يباح له فيها قصر الصلاة، والراجح فيها أنها لا تزيد عن أربعة أيام، فمتى زاد عن ذلك لم يشرع القصر ولا الفطر؛ لأنه أصبح مقيمًا.
٣ – أن لا يكون سفر معصية: لأن الفطر رخصة فلا يستحقه العاصي بسفره، وهذا هو قول الجمهور.
٤ – أن يجاوز المسافر مدينته التي يسكن فيها وأفنيتها وأخبيتها، لأنه لا يسمى مسافرًا حتى يخرج من مدينته، قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. (البقرة: 184)، فهو شاهد للشهر لا يتحقق كونه مسافرًا حتى يخرج من البلد، ولذلك لا يقصر الصلاة حتى يخرج من عامر قريته.
وهنا سؤال: أيهما أفضل للمسافر الصوم أم الفطر؟
والجواب: أن للصائم في السفر حالين:
الأولى: أن يجد مشقة في السفر وأن الصوم يجهده، وقد يؤدي به إلى التهلكة، ففي هذه الحالة يجب عليه الفطر ويحرم عليه الصيام، وعليه أن يأخذ بالرخصة. لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. (البقرة: 184)، ولما روي عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-: أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ خَرَجَ عَامَ الفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ في رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الغَمِيمِ فَصَامَ النَّاسُ، ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ ثُمَّ شَرِبَ فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ؟ فَقَالَ: “أُولَئِكَ العُصَاةُ، أُولَئِكَ العُصَاةُ” (مسلم). وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: “خَرَجَ رَسُولُ الله ﷺ عَامَ الفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ في شَهْرِ رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى مَرَّ بغَدِيرٍ فِي الطَّرِيقِ وَذَلِكَ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، قَالَ: فَعَطِشَ النَّاسُ وَجَعَلُوا يَمُدُّونَ أًعْنَاقَهُمْ وَتَتُوقُ أَنْفُسُهُمْ إِلَيْهِ، قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللهِ ﷺ بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ فَأَمْسَكَهُ عَلَى يَدِهِ حَتَّى رَآهُ النَّاسُ، ثُمَّ شَرِبَ فَشَرِبَ النَّاسُ”. (أخرجه أحمد والبخاريُّ معلقًا). وعن جَابِرِ بن عبد اللَّهِ رضي الله عنهما قال: كان رسول اللَّهِ ﷺ في سَفَرٍ فَرَأَى رَجُلًا قد اجْتَمَعَ الناس عليه وقد ظُلِّلَ عليه فقال (ماله) ؟ قالوا: رَجُلٌ صَائِمٌ . فقال رسول اللَّهِ ﷺ:” ليس من الْبِرِّ أَنْ تَصُومُوا في السَّفَرِ”. (مسلم).
الحالة الثانية: أن لا يجد مشقة في السفر ولا يضعفه، ففي هذه الحال الصوم في حقه أفضل، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}. (البقرة: 183) ، فدلت الآيات على أن الصوم عزيمة، والإفطار رخصة، ولا شك أن العزيمة أفضل، ولما رواه البخاري ومسلمٌ عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: “خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ الله ﷺ في شَهْرِ رَمَضَانَ في حَرٍّ شَدِيدٍ حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الحَرِّ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلا رَسُولُ اللهِ ﷺ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ”. فالصوم أفضل لما يأتي:
١ – لأنه أسرع في إبراء الذمة.
٢ – أنه أنشط له إذا صام مع الناس.
٣ – إدراك فضيلة الزمن.
٤ – ولأنه فعل النبي ﷺ كما في حديث أبي الدرداء المتقدم.
وإذا قدم المسافر إلى بلده أثناء النهار وكان مفطرا بسبب سفره، فلا يلزمه الإمساك بقية اليوم، لما رواه ابن أبي شيبة عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: “مَنْ أَكَلَ أَوَّلَ النَّهَارِ فَلْيَأْكُلْ آخِرَهُ”.
والمعنى من أُحِلَّ له الأكل في أول النهار أحل له الأكل في آخره، ولأنه جاز له الفطر في أول النهار ظاهرًا وباطنًا، فقد حل له في أول النهار الأكل والشرب وسائر ما يمكن من المفطرات، ولا يستفيد من هذا الإمساك شيئًا، وحرمة الزمن قد زالت بفطر مباح، ولذا لا يجب عليه الإمساك. وهذا هو الراجح.
والله أعلم،،،،
كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
____________________________________________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
و للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع
و للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف