سلسلة دروس وعبر من هجرة سيد البشر ﷺ الدرسُ الأولُ: الإخلاصُ والتحذيرُ من الرياء ، للدكتور خالد بدير
سلسلة دروس وعبر من هجرة سيد البشر ﷺ الدرسُ الأولُ: الإخلاصُ والتحذيرُ من الرياء ، للدكتور خالد بدير
لتحميل سلسلة دروس وعبر من هجرة سيد البشر ﷺ الدرسُ الأولُ: الإخلاصُ والتحذيرُ من الرياء ، للدكتور خالد بدير ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل سلسلة دروس وعبر من هجرة سيد البشر ﷺ الدرسُ الأولُ: الإخلاصُ والتحذيرُ من الرياء ، للدكتور خالد بدير ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
ولقراءة سلسلة دروس وعبر من هجرة سيد البشر ﷺ الدرسُ الأولُ: الإخلاصُ والتحذيرُ من الرياء ، للدكتور خالد بدير : كما يلي:
سلسلة دروس وعبر من هجرة سيد البشر ﷺ
الدرسُ الأولُ: الإخلاصُ والتحذيرُ من الرياء
إن إخلاص العمل لله تعالى من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية الغراء، وهذا هو أهمُّ دروسِ الهجرةِ، فلا بدَّ أنْ يكونَ عملُكَ خالصًا للهِ تعالى، فقد ثبتَ عنه ﷺ أنَّهُ قال: ” إنَّه ليس أحدٌ أَمَنَّ عليَّ في نفسهِ ومالهِ مِن أبي بكرٍ ” فقد كانَ أبو بكرٍ الذي يُؤتِي مالَهُ يتزكَّى، ينفقُ أموالَهُ على رسولِ اللهِ ﷺ، وعلى الدعوةِ إلى دينِ اللهِ.
لكنَّ السُّؤَالَ هُنَا هُو لماذَا رفضَ الرسُولُ ﷺ أَخْذَ الراحلةِ من أبي بكرٍ إلا بالثمنِ ؟!
قالَ بعضُ العلماءِ : إِنَّ الهجرةَ عملٌ تعبدِيّ، فأرادَ عليه الصلاةُ والسلامُ أنْ يحقِّقَ الإخلاصَ بأنْ تكونَ نفقةُ هجرتِهِ خالصَةً مِنْ مالِهِ دونَ غيرِهِ . وهذَا معنَى حسنٌ ، وهو درسٌ في الإخلاصِ ، وتكميلُ أعمالِ القربِ التي تفتقرُ إلى النفقةِ – كنفقةِ الحجِّ، وزكاةِ الفطرِ، وغيرِهَا مِن الأعمالِ – فإنَّ الأولَى أنْ تكونَ نفقتُهَا مِن مالِ المسلمِ خاصةً. وقد صدَّرَ الإمامُ البخاريُّ كتابَهُ بأحدِ الأحاديثِ التي عليها مدارُ الدينِ كلِّهِ، وهو حديثُ النيةِ.
فعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:” إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لكل امْرِئٍ مَا نَوَى؛ فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ؛ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ.” (متفق عليه) . وكونُ الإمامَ البخاريَّ رحمهُ الله يجعلهُ الحديثَ الأول في كتابهِ؛ فهذهِ رسالةٌ قويةٌ للعبدِ أنْ يجعلَ أعمالَهُ كلَّهَا –دينيةً ودنيويةً– خالصةً للهِ تعالى، فمَن هاجرَ مِن أجلِ الدنيا أو مِن أجلِ النساءِ فليستْ هجرتُهُ خالصةً للهِ. ” يقولُ عبدُاللهِ بنُ مسعودٍ – رضي اللهُ عنه – : كان فينَا رجلٌ خطبَ امرأةً يُقالُ لها أمُّ قيسٍ فأبتْ أنْ تتزوجَهُ حتى يهاجرَ فهاجرَ فتزوجَهَا ، فكنَّا نُسميهِ مهاجرَ أمّ قيسٍ.” ( فتح الباري ).
فهذا الرجلُ حُرِمَ فضلَ الهجرةِ؛ لأنَّه لم يقصدْ الهجرةَ بعينِهَا، وكفَى بالهجرةِ فضلًا أنَّها تهدمُ ما كانَ قبلَهَا مِن المعاصِي والآثامِ، فَعَن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: لَمَّا جعلَ اللهُ الإسلامَ في قلبِي أتيْتُ النَّبيَّ ﷺ فقلتُ: يا رسولَ اللهِ ابسُطْ يمينَكَ لأبايعَكَ، فبسطَ يدَهُ فقبضْتُ يدِي. فقالَ: مالكَ يا عَمرُو؟ ! . قال: أردتُ أنْ أشترطَ . قال : تشترطُ ماذا ؟ قال: أنْ يُغفَرَ لي . قال : أمَا علمتَ يا عَمرُو ! أنَّ الإسلامَ يهدِمُ ما كان قبلَهُ، وأنَّ الهجرةَ تهدِمُ ما كان قبلَهَا ، وأنَّ الحجَّ يهدِمُ ما كان قبلَهُ ؟! ( مسلم).
فعلينَا أنْ نخلصَ أعمالَنَا كلَّهَا للهِ تعالى، وهذه هي وصيةُ الرسولِ ﷺ لمعاذِ بنِ جبلٍ رضي اللهُ عنه حين بعثَهُ إلى اليمنِ قائلًا لهُ: « أخلصْ دينَكَ يكفكَ العملُ القليلُ » (البيهقي والحاكم وصححه ).
إنَّ الإخلاصَ عليهِ مدارُ الأعمالِ والأقوالِ، يقولُ تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}(البينة: 5)، ويقولُ جلَّ شأنُهُ: { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } (الأنعام: 162)، ويقولُ ﷺ: ” «إِنَّ اللهَ لَا يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ». (النسائي بسند حسن).
إن النية تلعب دورًا كبيرًا في الإسلام؛ وقد يصل الإنسان بصدق نيته أعلى المراتب في الإسلام.
فَعَن أَبي كَبْشَةَ الأَنَّمَارِيّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: ” إِنَّمَا الدُّنْيَا لأَرْبَعَةِ نَفَرٍ: عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلاَنٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا، فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ لاَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَلاَ يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَلاَ يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالًا وَلاَ عِلْمًا فَهُوَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلاَنٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ ”.(الترمذي وصححه) . فنية العبد خيرٌ من عمله ، فقد يعمل العبد عملا ولا يقبل منه لسوء نيته، وقد لا يعمل ويكتب له الأجر كاملا لصدق نيته، ونحن نعلم أن جمعًا من الصحابة الكرام حبسهم العذر عن الخروج في غزوة تبوك؛ ومع ذلك شاركوا من خرج في الأجر لصدق نيتهم وتحقق العذر لديهم ؛ فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَدَنَا مِنْ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: ” إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ ”، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، قَالَ:” وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ ”. (البخاري).
فعليكم أن تُخَلِّصُوا أعمالكم من الرياء ؛ لأن المرائي يأتي يوم القيامة معه أعمال كالجبال ولا ينفعه منها مثقال ذرة لأنه لم يفعلها إخلاصاً لله ؛ وإنما فعلها رياءً أو من أجل مصلحةٍ أو غرضٍ دنيوي؛ كما قال ابن القيّم- رحمه اللّه تعالى-:« العمل بغير إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملا ينقله ولا ينفعه» (الفوائد)
” وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَثَلُ مَنْ يَعْمَلُ رِيَاءً وَسُمْعَةً كَمَثَلِ مَنْ مَلَأَ كِيسَهُ حَصًى ثُمَّ دَخَلَ السُّوقَ لِيَشْتَرِيَ بِهِ، فَإِذَا فَتَحَهُ بَيْنَ يَدَيْ الْبَائِعِ افْتَضَحَ، وَضَرَبَ بِهِ وَجْهَهُ فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ بِهِ مَنْفَعَةٌ سِوَى قَوْلِ النَّاسِ: مَا أَمْلَأَ كِيسَهُ وَلَا يُعْطَى بِهِ شَيْئًا، فَكَذَلِكَ مَنْ عَمِلَ لِلرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِي عَمَلِهِ سِوَى مَقَالَةِ النَّاسِ وَلَا ثَوَابَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ . قَالَ تَعَالَى :{وَقَدِمْنَا إلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} أَيْ الْأَعْمَالُ الَّتِي قُصِدَ بِهَا غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى يَبْطُلُ ثَوَابُهَا صَارَتْ كَالْهَبَاءِ الْمَنْثُورِ ، وَهُوَ الْغُبَارُ الَّذِي يُرَى فِي شُعَاعِ الشَّمْسِ.” (الزواجر عن اقتراف الكبائر).
إن أول من تسعر بهم جهنم هم أهل الرياء، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ ﷺ: ” إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ، وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ، وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ “. (مسلم).
انظروا وتدبَّروا في هذه الأعمال، أليست أعمالا صالحة؟! بلى: ولكن ما هو السبب في أن أصحابها أول من تسعر بهم النار يوم القيامة؟! إنه غياب الإخلاص لله، وإنه الرياء والسمعة, فهذه الأعمال لمّا تجرَّدت من الإخلاص, وخالَطَها الرّياء, صار أصاحبُها من المطرودِينَ الخاسرين، ولو أنها أريد بها وجهُ الله والدار الآخرة, وكان الإخلاص روحَها ومبناها, لكان أصحابُها منَ الفائزين المقرَّبين.
إن الذي يرائي أمام الناس أخذ حظَّه وجزاءَه في الدنيا؛ لأنه فعل ذلك من أجل تحقيق منفعة وغرضٍ دنيوي فليس له جزاءٌ عند الله؛ فعَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:” إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ. قَالُوا: وَمَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الرِّيَاءُ. يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا جُزِيَ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ: اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً؟!”[ أحمد والبيهقي بسند صحيح ].
فليذهبوا إليهم وليأخذوا جزاءهم منهم!! وفي الحقيقة لا هؤلاء ولا هؤلاء يملكون من الجزاء شيئاً!! لذلك قال ﷺ في الحديث القدسي: “قال الله -عزّ وجلّ-: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركتُه وشركَه”. ( مسلم) . وحتى لا تقعوا في حبال وشباك الرياء أذكر لكم علامات المرائي لتكونوا على حذرٍ منها ولتجتنبوها؛” قَالَ عَلِيٌّ : لِلْمُرَائِي ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ: يَكْسَلُ إذَا كَانَ وَحْدَهُ، وَيَنْشَطُ إذَا كَانَ فِي النَّاسِ، وَيَزِيدُ فِي الْعَمَلِ إذَا أُثْنِيَ عَلَيْهِ وَيَنْقُصُ إذَا ذُمَّ.”(إحياء علوم الدين).
كم من أناسٍ ينشطون في عملهم أمام رؤسائهم ومديريهم؛ وفي غيابهم حدث ولا حرج وكفى بالواقع دليلا!!!
كم من رجل يحسن صلاته وعبادته أمام الناس فإذا انفرد لا يقيم أركانها وواجباتها!! وقد أخبرنا ﷺ بذلك؛ فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، قَالَ : ” خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ ، فَقَالَ : أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ ؟ قَالَ : قُلْنَا : بَلَى ، فَقَالَ : الشِّرْكُ الْخَفِيُّ ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي ، فَيُزَيِّنُ صَلاَتَهُ ، لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ.”( أحمد وابن ماجة بسند صحيح). إن البهائم حركاتها واحدة في حضورك وغيابك؛ بخلاف الإنسان ينشط في العمل والعبادة حين يراه الآخرون ويكسل إذا انفرد مع نفسه!
إن الشرك الأصغر ( الرياء ) أخفى من دبيب النملة السوداء، على الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء؛ أي نملة سوداء في ليلة ظلماء، على صخرة سمراء تمشي، هل تراها أو تسمع لمشيها صوتا؟!! فكذلك الشرك الأصغر قد تقع فيه وأنت لا تشعر!! ولكن السؤال هنا: كيف أتقيه وأنا لا أراه أو أشعر به؟!
والجواب عند حبيبك المصطفى ﷺ؛ فعن أبي موسى الأشعريّ قالَ: خطبَنا ﷺ ذاتَ يومٍ فقالَ : ” يا أيُّها النَّاسُ اتَّقوا هذا الشِّركَ ، فإنَّهُ أخفَى من دَبيبِ النَّملِ!! فقالَ لَهُ من شاءَ اللَّهُ أن يقولَ : وكيفَ نتَّقيهِ وَهوَ أخفَى من دبيبِ النَّملِ يا رسولَ اللَّهِ؟ قالَ: قولوا اللَّهمَّ إنَّا نعوذُ بِكَ من أن نُشْرِكَ بِكَ شيئًا نعلمُهُ، ونستَغفرُكَ لما لا نعلمُهُ” . [أحمد والطبراني بسند حسن].
نسأل الله أن يطهر قلوبنا من النفاق؛ وأعمالنا من الرياء؛ وألسنتنا من الكذب ؛ وأنفسنا من الخديعة ؛؛؛
كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف