دعاء النبى ومواضع وقف عندها للدعاء فى حجة الوداع
علماء: الدعاء أقرب للقبول يوم عرفة
“عبد الهادى جاويش”: الأولي أن يدعو الإنسان بما جاء في كتاب ربه وما أثر عن نبيه
“أحمد المالكى”: وقف النبي في عدة أماكن للدعاء في حجة الوداع
كتب: محمد الزهيرى
الدعاء سنة الأنبياء والمرسلين, وعادة الأولياء والصالحين, أمرنا به ربنا – سبحانه وتعالي – فقال: “وقال رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ” ، وحذرنا من تركه فقال: “إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين” ، وقال عنه نبينا – صلى الله عليه وسلم: «ليس شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء» .رواه الترمذي
وقال – صلى الله عليه وسلم: “الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ “، فهو سبيل المؤمنين ، قال تعالي: إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ” ، وفيه نجاة المتقين, قال سبحانه: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ, ثم علل المتقون نجاتهم من النار بسبب دعائهم لربهم فقالوا: فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ, فلا شيء أفضل من الدعاء فبه يكون حديث العبد مع ربه, يشكو به إليه حاله, ويرفع إليه مسألته, فيفيض الله عليه من جوده ورحمته ولا يرده, فهو أعظم من يرجي, وأكرم من يسأل, والدعاء وإن كان يستحب في كل وقت وعلي أي حال لكن هناك أزمنة معلومة, وأمكنة معروفة, وأحوال معهودة يكون الدعاء فيه أقرب للقبول من غيرها, فمثلا الدعاء في وقت السحر, وبعد نزول المطر, وبين الأذان والإقامة, وفي يوم عرفة, وكذلك الدعاء عند المشعر الحرام, وعند الطواف والسعي بين الصفا والمروة, ودعاء الرجل في سفره, وفي حجه, كلها أمور تجعل الدعاء أقرب للإجابة والقبول .
يقول الدكتور عبد الهادي جاويش ، مدرس الحديث وعلومه بكلية الدراسات الإسلامية، جامعة الأزهر: علي المسلم أن يعلم أن الأصل في الدعاء أن يدعو الإنسان ربه بما شاء في أي وقت شاء ما دام تأدب العبد مع ربه في الطلب دون تعنت ولا تكلف في السؤال .
وأكد أنه لا بأس أن يدعو الإنسان بما يحب, وإن كان الأولي أن يدعو بما جاء في كتاب ربه, وما أثر عن نبيه – صلي الله عليه وسلم – فالخير كل الخير في كتاب ربنا وسنة حبيبنا – صلي الله عليه وسلم .
وعن الأدعية المأثورة عن النبي – صلي الله عليه وسلم – في حجة الوداع ، أوضح “مدرس الحديث وعلومه بجامعة الأزهر” أنه على الحاج عند خروجه من بيته قاصدا السفر إلي بيت الله الحرام ، وبعد أن يركب السيارة أو الطائرة التي تقله أن يقول: ” اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ, سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ, اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا السَّفَرَ، وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ ” .
وأفاد “جاويش” أنه عند دخول الحاج المسجد الحرام يقدم رجله اليمني ويقول: ” بسم الله, اللهم صل علي محمد, اللهم افتح لي أبواب رحمتك, أعوذ بالله العظيم, وبوجهه الكريم, وسلطانه القديم, من الشيطان الرجيم” .
وتابع: وعندما تقر عينه برؤية البيت يقول: “اللهم أنت السلام, ومنك السلام, فحيينا ربنا بالسلام ” ،
ثم يستقبل الحجر الأسود ببدنه ويستلمه بيده ويقول: “بسم الله والله أكبر “, ثم يقول: ” «اللَّهُمَّ إِيمَانًا بِكَ وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِكَ، وَسُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ», وإن شاء يزد: ” رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”.
وعند دنوه من الصفا والمروة يقرأ: ” إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ”.
واستطرد “جاويش”: ثم يبدأ الحاج بالصفا وبعد أن يرتقي عليه يستقبل الكعبة ويرفع يديه كصفة الداعي ، ثم يكبر ثلاثا ويقول: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك , وله الحمد , يحيي ويميت , وهو على كل شيء قدير , لا إله إلا الله وحده لا شريك له , أنجز وعده , ونصر عبده , وهزم الأحزاب وحده”, ويفعل ذلك ثلاث مرات ، ويدع بينها, وأثناء سعيه يقول: ” رب اغفر وارحم إنك أنت الأعز الأكرم” .
وبين “مدرس الحديث وعلومه بجامعة الأزهر” أنه عند خروج الحاج من مني إلي عرفات يلبي ويكبر, ويكثر من الدعاء في يوم عرفة فقد أخبرنا نبينا – صلي الله عليه وسلم – فقال: ” خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ “,
وتابع: عند المشعر الحرام يستقبل القبلة ويدعو الله ويكبره ويهلله ويوحده, ولا يترك التلبية حتي يرمي جمرة العقبة ، وكلما رمي بحصاة يكبر ويدعو الله تعالي, فإذا فرغ من الرمييقول: ” اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا” .
ووجه “جاويش” حديثه لكل حاج لبيت الله الحرام قائلا: إذا أتيت بئر زمزم فاستقبل القبلة واذكر اسم الله وتنفس ثلاثا, واشرب وتضلع من مائها وادع بما تشاء فإذا فرغت فاحمد الله تعالي علي منه وكرمه, وعند الذبح والنحر قل: ” بسم الله والله أكبر اللهم هذا منك ولك اللهم تقبل مني ” .
وعن الأماكن التى دعا عندها النبى محمد – صلى الله عليه وسلم – أثناء تأدية مناسك حجة الوداع ، يقول الداعية أحمد المالكى ، الباحث الشرعى بمشيخة الأزهر الشريف: وقف النبي – صلى الله عليه وسلم – في عدة أماكن للدعاء في حجته ، ومن أشهر هذه الأماكن: عند شرب ماء زمزم، فعن جابر – رضي الله عنه :أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «ماء زمزم لما شرب له» .رواه ابن ماجه .
وأكد أن النبي – صلى الله عليه وسلم – دعا داخل الكعبة أو داخل الحجر ، فعن أسامة بن زيد – رضي الله عنه: أن النبي – صلى الله عليه وسلم – لما دخل البيت دعا في نواحيه كلها “.رواه مسلم .
وأفاد “المالكى” أن النبى دعا – أيضا- عند المشعر الحرام، فعن جابر ، رضي الله عنه، فى الحديث الذى جاء فيه: “… ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا” .رواه مسلم
ودعا النبي – صلى الله عليه وسلم – عند الصفا والمروة، فعن جابر – رضي الله عنه – قال: “… فبدأ بالصفا، فرقي عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة، فوحد الله وكبره، وقال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له . له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده» ، ثم دعا بين ذلك، قال مثل هذا ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة حتى إذا أنصبت قدماه في بطن الوادي سعى، حتى إذا صعدتا مشى، حتى إذا أتى المروة، ففعل على المروة كما فعل على الصفا” .رواه مسلم
وبين “المالكى” أن النبى دعا عند رمى الجمرة الصغرى والوسطى ، مشيرا إلى أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان إذا رمى بحصاة ثم يتقدم أمامها فيقف مستقبلا القبله رافعا يديه يدعو، وكان يطيل الوقوف، ثم يأتي الجمرة الوسطى فيرمها بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاه، ثم يأخذ ذات الشمال فيقف مستقبلا القبلة رافعا يديه يدعو.
ودعا النبى يوم عرفه، قال – صلى الله عليه وسلم: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» .رواه الترمذي