أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة خطبة الأسبوع ، خطبة الجمعة القادمة، خطبة الاسبوع، خطبة الجمعة وزارة الأوقافعاجل

خطبة بعنوان : “منزلة الزكاة والصدقة في الإسلام”، لفضيلة الشيخ عبد الناصر بليح، بتاريخ 28 من رمضان 1438هـ، الموافق 23 يونيو 2017م

خطبة بعنوان : منزلة الزكاة والصدقة في الإسلام، لفضيلة الشيخ عبد الناصر بليح، بتاريخ 28 من رمضان 1438هـ، الموافق 23 يونيو 2017م.

لتحميل الخطبة بصيغة word أضغط هنا

لتحميل الخطبة بصيغة pdf أضغط هنا

 

ولقراءة الخطبة كما يلي:

 

الحمد لله رب العالمين ..والصلاة والسلام علي أشرف الخلق أجمعين .أما بعد .

فيا جماعة الإسلام:”  إن الزكاة فريضة عظيمة ومنزلتها من أعظم الأمور فترجع الزكاة في اللغة للفعل (زكى) الدال على معاني النماء والزيادة والطهر، ولكن تطورها الدلالي في الإسلام بلغ بها مبلغاً فريداً متميزاً، فبالإضافة لهذه الدلالات اللغوية الرائعة (النماء والزيادة والطهر) أصبحت من حقائقه الشرعية إذ هي الركن الثالث من أركان الإسلام، فهي أحد مباني الإسلام؛ حيث تؤكد السنة النبوية فريضة الزكاة وكونها من الأسس التي لا يقوم الإسلام بدونها لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم  :”بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت”. وفي لفظ لمسلم: “بني الإسلام على   خمس: على أن يعبد الله لا شريك له، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان”(متفق عليه).

حكم مانع ومنكر الزكاة :

الزكاة فريضة من فرائض الإسلام وهي أحد أركانه وأهمها بعد الشهادتين والصلاة ، وقد دل على وجوبها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم  وإجماع المسلمين ، فمن أنكر وجوبها فهو غير مؤمن بالله ..  ومن بخل بها أو انتقص منها شيئاً فهو من الظالمين المستحقين لعقوبة الله تعالى قال الله تعالى :” ولا يحسبن الذين يبخلون بما ءاتاهم الله من فضله هو خيراً لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السموات والأرض والله بما تعملون خبير “( آل عمران / 180).

و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم  : ” من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان يُطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه – يعني شدقيه – يقول أنا مالُك أنا كنزك الذي كنزت”( البخاري).

وقال تعالى : “والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم (34) يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون “( التوبة /34، 35).

و عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم  قال: ” ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم ، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره ، كلما بردت أٌعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله، إما إلى الجنة وإما إلى النار( مسلم).

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق قال حين استخلف :” والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله لقاتلتهم على منعها ” وفي رواية عقالاً”( أبو داود والنسائي وأحمد بسند حسن.(

إخوة الإيمان والإسلام : أثر الزكاة علي الفرد والمجتمع :

ولئن كان للزكاة في الإسلام فقهها الواسع الهادف؛ من حيث أحكامها ومشمولاتها ومن تجب عليه ومن تجب له ومقدارها، والأنواع التي تجري فيها إلاَّ أنَّ الحديث عنها في هذه الخطبة  بمناسبة مشارفة شهر رمضان المبارك على الرحيل الذي تحل بنهايته زكاة الفطر حديث عن آثارها في تزكية الفرد وبناء المجتمع باعتبارها عبادة مالية اجتماعية ذات أبعاد تربوية ونفسية عظيمة، قرنها القرآن الكريم بالصـلاة والإيمان والعمل الصالح في عشرات المواضع، (تارة بلفظ الزكاة، وطورًا بلفظ الصدقة، وأحيانًا بلفظ الإنفاق)،

الزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة ، فرضت في المدينة المنورة في السنة الثانية من الهجرة . ولأهميتها فقد قرنها المولى سبحانه وتعالى في القرآن الكريم مع الصلاة في اثنين وثمانين موضعاً مما يدل على كمال الاتصال بينهما . قال تعالى :” الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة ” وقال تعالى :”وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة”

فهي  قرينة الصلاة في كتاب الله تعالى، فقد جمع الله بينها وبين الصلاة في مواضع كثيرة في كتابه الكريم، في أكثر من خمس وثمانين آية وهذا يدل على عظم مكانتها عند الله – عز وجل وعظم شأنها، قال الله تعالى: “وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ”البقرة/43). وقال تعالى: “وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ”(البقرة/83).

 وقال سبحانه: “وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ الله إِنَّ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ”(البقرة/110).

وقال – عز وجل – أثناء بيانه لخصال البر وصفات المتقين: “وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالمْوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا”(البقرة /177). وقال – عز وجل :”الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ”(المائدة/55).

وبلغ أمر الاهتمام بشأنها أن قاتل أبو بكر الصديق،وهو خليفة رسول الله صلي الله عليه وسلم ، من منع أداءها، وقد أقرته الأُمَّة على ذلك، وحكمت على من لم يؤدها لبيت مال المسلمين بالردَّة عن الدين، وقد رُويَ أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال:”والله لأقاتلنّ من فرَّقَ بين الصلاة والزكاة”

.كما أنَّ الزكاة من العبادات المعروفة في الأديان السابقة للإسلام بيد أن الإسلام بلغ بها ذروة التمام والكمال شأنها في ذلك شأن سائر أركانه وشعائره وهديه.

أيها الناس : للزكاة في جميع أنواعها آثار حميدة تعود بالخير على الفرد والمجتمع، منها على سبيل الإيجاز الآتي: تهذيب النفوس البشريَّة وتطهيرها من عوامل الأثرة والشح والبخل، وسيطرة المال بمختلف صوره على نفوس الأغنياء من جهة، وتطييب لنفوس الفقراء والمساكين والمستحقين للزكاة من الفئات الأخرى، والإسهام في إغنائهم ودفع غائلة الحاجة عنهم وما تسببه من مفاسد وانحرافات، قد تضر بسلامة المجتمع وأمنه، وتسبب الفوضى في المعتقدات والسلوك، وهذا واقع المجتمعات الأُخرى، أمَّا المجتمعات الإسلاميَّة فإنها وبقدر ما تلتزم بشرع الله، ومنه أداء الزكاة المفروضة، تسهم في قيام نظام اجتماعي متوازن يحقق التضامن والتكافل والتراحم والتعاطف والألفة والمحبَّة؛ إذ يعطي الغني فيه الفقير من ماله الذي هو في تصوره واعتقاده مال الله وهو مستخلف فيه مسؤول عنه، وأن عليه فيه حقوقًا متنوعة «وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ»، ابتغاء مرضاة الله والفوز بثوابه، فيخرجه أداءً للواجب وبراءة للذمَّة من غير استعلاء ولا منَّة، بل عبادةً لله وشكرًا واستشعارًا للبركة التي يرجو أن يطرحها الله في ماله، ويأخذه الفقير والمستحق بصفة مشروعة، والمنَّة في ذلك والشكر لله، مع الشعور بالأخوة الإسلاميَّة التي أوجبت له في مال أخيه ما يسهم في سد حاجته.

يقول المواردي عن الزكاة هي:”مواساة للفقراء، ومعونة لذوي الحاجات تكفهم عن البغضاء، وتمنعهم من التقاطع، وتبعثهم على التواصل” وفي هذا السياق فإنَّ الإسلام تفرد في نظام الزكاة ونحوها من النفقة والصدقة والكرم والإيثار بآداب سامية، حيث نهى الباذل أن يلحق ما بذلـه بشيء من الأذى والمنَّة ونحوهما، وذهب بعض العلماء إلى أن المنّ من كبائر الذنوب.

ومن الآداب التي أرشد الإسلام الفقير إليها أن يشكر الله أولاً ثُمَّ يشكر من أعطاه ويدعو له ويثني عليه ولا يستصغر المبذول له أو يذمه، كما أنَّ عليه ألا يأخذ إلاَّ بقدر حاجته ولا يستكثر بما يعطى، وأن يعتمد على الله ثُمَّ على نفسه فيجد ويجتهد للكسب من عمله، وهذا ما حثَّ عليه الإسلام، أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم  قال: “لأنْ يأخذ أحدكم حبله ثُمَّ يغدو -أحسبه قال- إلى الجبل، فيحتطب، فيبيع، فيأكل ويتصدق، خير له من أن يسأل الناس”.

الزيادة والنماء في المال المزكي، وإن كانت الزكاة في ظاهرها، تنقص المال باعتبارها أخذت بعضه، إلاَّ أن الزكاة -بموعود الله- سببٌ لزيادة المال ونموه ومضاعفته، قال صلى الله عليه وسلم “ثلاث أقسم عليهن.. ما نقص مالَ عبدٍ صدقة، ولا ظلم عبد بمظلمة فيصبر إلاَّ زاده الله -عَزَّ وَجَلَّ-، ولا يفتح عبدٌ بابَ مسألة  إلا فتح الله له باب فقر”

ومن آثار الزكاة أنها تعمل على كسر حدَّة الفوارق بين فئات المجتمع المسلم، صحيح أنَّ الإسلام لا يلغي الفوارق بين الناس في الاكتساب بل يعترف بها وأنها بسبب قدراتهم ومجهوداتهم ويقر بأن ذلك من مقتضيات طبيعة الناس والحياة وحظوظهم المقدرة لحكمة يعلمها الله عز وجل (لكن هذا التفاوت الفطري في الرزق ليس معناه أن يدع الغني يزداد غنىً، والفقير يزداد فقرًا، فتتسع الشقة بين الفريقين ويصبح الأغنياء طبقة.. تعيش في أبراج من العاج، ويصبح الفقراء طبقة.. تموت في أكواخ من البؤس والحرمان، بل تدخل الإسلام بتشريعاته القانونية، ووصاياه الروحيَّة والخلقيَّة لتقريب المسافة بين هؤلاء وأولئك، فعمل على الحد من طغيان الأغنياء، والرفع من مستوى الفقراء). وتأتي الزكاة فـي مقدمة ما شرعه الإسلام لتحقيق هذا الهدف النبيل، أحاطها بالترغيب والترهيب، وقرنها بالصلاة والإيمان والطهر والتزكية والفضل والنماء، وغير ذلك من المبادئ والقيم والفضائل لتؤدي وظيفتها على أكمل وجه.

إن عناية الإسلام بالزكاة على هذا النحو بأن جعلها ركناً ركيناً لدينه القويم وأساساً متيناً لنظامه الخلاق يعني ذلك توسيع نطاق المسؤولية الاجتماعية وترسيخها بزخم إنساني والتزام ديني له ألقه المتوهج وأسلوبه الحضاري الرائد الكفيل بمعالجة العوز وسد الحاجة وستر الحال للشرائح المستهدفة والفئات ذات الظروف الخاصة في المجتمعات الإنسانية قاطبة.

ما هي تأثيرات الزكاة الإيجابيّة فوائد الزكاة على الفرد يكون المسلم عن طريق أدائه للزكاة قد أدّى الركن الثالث من أركان الإسلام التي لا يصحّ إسلامه إلّا بها. الزكاة تقرّب بين العبد وربه، وتزيد من إيمانه. لأداء الزكاة أجر عظيم عند الله تعالى، يقول تعالى في سورة البقرة: “يمحق الله الربا ويربي الصدقات”، كما ويقول رسولنا الكريم صلّى الله عليه وسلّم: ” من تصدّق بعدل تمرة -أي ما يعادل تمرة- من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيّب، فإنّ الله يأخذها بيمينه ثم يربيها لصاحبه، كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل، وقد روي هذا الحديث في الصحيحين مسلم، والبخاري. الزكاة صدقة يمحو بها الله الذنوب والمعاصي والخطايا، يقول النبي صلوات الله عليه: “الصدقة تطفىء الخطيئة، كما يطفىء الماء النار”. الزكاة تنمّي في نفس المسلم الكرم، والسخاء، والسماحة. تزرع في نفس المسلم الرحمة، والعطف على غيره من المسلمين، ليكون رحيماً رؤفاً بهم.و أداء الزكاة بحقها تزرع السكينة والطمأنينة في نفس المسلم، وتشرح صدره، وتحبّب خلق الله به. تطهّر نفس الإنسان من الأخلاق الدنيئة غير المحبوبة، كالبخل، والشحّ، وغيرها؛ يقول تعالى في كتابه العزيز: “وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَآ ءَاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّلَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَللَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَْرْضِ”. أداء الزكاة سبب من أسباب دخول الجنة، وقد بشّرنا رسولنا الكريم في ذلك في حديثه المرويّ عن أبي مالك، يقول صلوات الله عنه: “إنّ في الجنة غرفاً يُرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدّها الله تعالى لمن أطعم الطعام، وألان الكلام، وتابع الصيام، وأفشى السلام، وصلّى بالليل والناس نيام”. فوائد الزكاة على المجتمع للزكاة فوائد كثيرة تعود على المجتمع ككلّ بالنفع والفائدة، ومن فائدتها أنّها: تفي بحاجة الفقراء، والذين هم في الغالب الغالبية الأكثر في المجتمع للأسف، فلا يضطرون إلى ذلّ أنفسهم ليحصوا على لقمة العيش لهم ولأبنائهم. تقوّي المسلمين وترفع من شؤونهم، فقد كان للمجاهد في سبيل الله حصّة من أموال الزكاة هذه،وبذلك فهي تحضّ على الجهاد وتشجع عليه، ممّا يزيد من رفعة الإسلام وتقوية شوكته. عندما يزكّي الغني ويعطي من أمواله للفقير فإنّ ذلك أدعى بأن ينزع الحقد والضغينة في قلب الفقير والمحتاج، فيعلم الفقير أنّ الغني مساند له وعون، وأنّه لا ينظر إليه بعين عليا، وهذا يزيد الحبّ والمودة بين الناس. في الزكاة بركة في الأموال وسعة، وهذا له تأثير كبير على الناس بشكل أعمّ، فإن زادت الأموال المبارك بها كان لذلك تأثير واضح على الدولة، من خلال زيادة الاستثمارات وزيادة قوّتها الاقتصادية والسياسيّة، وما إلى ذلك. في أداء الزكاة وتوزيعها بطريقة شرعية لمن يستحقها درء لكلّ جرائم المجتمع، كالسرقة، والنهب، والقتل، فلا يجبر الفقير على السرقة ليحصل على قوت يومه، أو قطعة خبز تسدّ جوعه. لو ربطنا بين من تجب لهم الزكاة وفوائد الزكاة وتأثيرها على الفرد والمجتمع ككلّ، لوجدنا أنّ الزكاة تجب على نوعين من الناس، أشخاص يحتاجون إلى إخوتهم المسلمين ليساندوهم في هذه الحياة الصعبة، ومنهم من تجب عليه الزكاة يحتاج إليهم المسلمين، وأقصد بذلك المؤلفة قلوبهم، والمجاهدين في سبيل الله، فالمؤلفة قلوبهم هم كما ذكرت من نريد أن نحببهم في الإسلام، وقد يكونوا زعماء أو شيوخ مؤثرين على الكثير من الناس التابعين لهم، وهذا بدوره له تأثير كبير جداً، وكذلك المجاهدون فإنّهم من يعزّ الإسلام ويدافع عن حماه، فنعطيه الزكاة ليتفرّغ لحماية المسلمين من كلّ شرّ وأذى.

وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم  :” يا ابن آدم إنك إن تبذل الفضل خير لك وإن تمسكه شر لك ولا تلام على كفاف وابدأ بمن تعول واليد العليا خير من اليد السفلى “( مسلم.(

وعن أنس رضي الله عنه قال: ما سئل رسول الله على الإسلام شيئا إلا أعطاه ولقد جاءه رجل فأعطاه النبي غنما بين جبلين فرجع الرجل إلى قومه فقال يا قوم أسلموا فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر ..”( مسلم).

أخوة الإسلام :

ورمضان شهر الجود والكرم وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يوليه عناية خاصة وفائقة .

عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ” كان رسول الله صلي الله عليه وسلم  أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلي الله عليه وسلم  أجود بالخير من الريح المرسلة”(البخاري ومسلم).

وعن جابر رضي الله عنه قال: ” ما سئل رسول شيئا قط فقال لا “متفق عليه.

فالصدقة في شهر رمضان شأنها أعظم وآكد، ولها مزية على غيرها، وذلك لشرف الزمان ومضاعفة أجر العامل فيه، ولأن فيها إعانة للصائمين المحتاجين على طاعاتهم، ولذلك استحق المعين لهم مثل أجرهم، فمن فطر صائمًا كان له مثل أجره، ولأن الله عز وجل يجود على عباده في هذا الشهر بالرحمة والمغفرة، فمن جاد على عباد الله جاد الله عليه بالعطاء والفضل، والجزاء من جنس العمل..

والصوم لا بد أن يقع فيه خلل أو نقص، والصدقة تجبر النقص والخلل، ولهذا أوجب الله في آخر شهر رمضان زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، ولأن هناك علاقة خاصة بين الصيام والصدقة فالجمع بينهما من موجبات الجنة، فعن علي رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم  قال :” إن في الجنة غرفا ترى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها فقام أعرابي وقال لمن هي يا رسول الله قال لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام ” ( أحمد).

عباد الله :

الصدقة من أعظم أسباب فكاك النفس من قيد الشيطان.. فالصدقة من أعظم أسباب فكاك النفس من قيد الشيطان وإخراجها من سلطانه، وهي من أعظم ما يصد عنه الشيطان والعياذ بالله تعالى، فقال صلي الله عليه وسلم :”ما يخرج رجل شيئًا من الصدقة حتى يفك عنها لحيي سبعين شيطانًا” (صحيح).

وذلك لأن الصدقة على وجهها إنما يقصد بها ابتغاء مرضاة اللّه، والشياطين بصدد منع الإنسان من نيل هذه الدرجة العظمى، فلا يزالون يأبون في صده عن ذلك والنفس لهم على الإنسان ظهيرة، لأن المال شقيق الروح، فإذا بذله في سبيل اللّه فإنما يكون برغمهم جميعًا، ولهذا كان ذلك أقوى دليلًا على استقامته وصدق نيته ونصوح طويته، والظاهر أن ذكر السبعين للتكثير لا للتحديد كنظائره.

الصدقة من أعظم أسباب التداوي..

والصدقة من أعظم أسباب التداوي من مختلف الأسقام، ففي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «داووا مرضاكم بالصدقة» والمراد: من نحو إطعام الجائع، واصطناع المعروف لذي القلب الملهوف، وجبر القلوب المنكسرة كالمرضى من الغرباء والفقراء، والأرمل والمساكين الذين لا يؤبه بهم.. وكان ذوو الفهم عن اللّه تعالى إذا كان لهم حاجة يريدون سرعة حصولها -كشفاء مريض- يأمرون باصطناع طعام حسن بلحم كبش كامل ثم يدعون له ذوي القلوب المنكسرة، قاصدين فداء رأس برأس، وكان بعضهم يرى أن يخرج من أعز ما يملكه، فإذا مرض له من يعز عليه تصدق بأعز ما يملكه من نحو جارية أو عبد أو فرس، يتصدق بثمنه على الفقراء من أهل العفاف.  

فينبغي أن يحرص المريد للخير في أن يجعل من استقباله لرمضان نقطة انطلاق إلى رحابة البذل، خروجًا من قيد الشح والبخل، وأن يذكر قول الله تعالى: {ها أنتم هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد:38] فلعل ذلك يكون سببًا في الانتصار على هوى النفس الأمارة بالسوء وإخراجها من ظلماتها، وذلك مع ورود أنوار رمضان فيكون نور على نور، وأبواب الصدقة في رمضان لها صور كثيرة منها: أـ إطعام الطعام: قال تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا . إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا . إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا . فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا . وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا”(الإنسان:8-12).  

وقد كان السلف الصالح يحرصون على إطعام الطعام، ويقدمونه على كثير من العبادات، سواء كان ذلك بإشباع جائع أو إطعام أخ صالح، فلا يشترط في المطعم الفقر. وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: “أيُّما مؤمنٍ أطعم مؤمنًا على جوعٍ أطعمه اللهُ يومَ القيامةِ من ثمارِ الجنَّةِ وأيُّما مؤمنٍ سقَى مؤمنًا على ظمأٍ سقاه اللهُ يومَ القيامةِ من الرَّحيقِ المختومِ”( الترغيب والترهيب ).  وقال بعض السلف: “لأن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم طعامًا يشتهونه، أحب إلي من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل”. وكان كثير من السلف يؤثر بفطوره وهو صائم، منهم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وداود الطائي، ومالك بن دينار، وأحمد بن حنبل، وكان ابن عمر لا يفطر إلا مع اليتامى والمساكين، ومن السلف من كان يطعم إخوانه وهو صائم، ويجلس يخدمهم ويروحهم، منهم الحسن وابن مبارك، وقال أبو السوار العدوي: “كان رجال من بني عدي يصلون في هذا المسجد، ما أفطر أحد منهم على طعام قط وحده، إن وجد من يأكل معه أكل، وإلا أخرج طعامه إلى المسجد فأكله مع الناس وأكل الناس معه”. وعبادة إطعام الطعام ينشأ عنها عبادات كثيرةمنها: التودد والتحبب إلى إخوانك الذين أطعمتهم، فيكون ذلك سببًا في دخول الجنة كما قال صلي الله عليه وسلم :”لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا”(الترمذي)، كما ينشأ عنها مجالسة الصالحين، واحتساب الأجر في معونتهم على الطاعات التي تقووا عليها بطعامك. ب- تفطير الصائمين: قال صلي الله عليه وسلم :”من فطّر صائمًا كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئًا”(صحيح الجامع)، قال ابن رجب: “وذكر أبو بكر بن أبي مريم عن أشياخه أنهم كانوا يقولون: إذا حضر شهر رمضان فانبسطوا فيه بالنفقة، فإن النفقة فيه مضاعفة كالنفقة في سبيل الله، وتسبيحه فيه أفضل من ألف تسبيحه في غيره.

الخطبة الثانية :

الحمد لله وكفي والصلاة علي النبي المصطفي..أما بعد فيا جماعة الإسلام:

ولما كان شهر رمضان مرتبطاً عند رسول الله صلي الله عليه وسلم بالصدقة والبر والإنفاق فقد افترض زكاة الفطر  فهي الزكاة التي يجب على المسلم القادر المقتدر إخراجها في أواخر شهر رمضان المبارك وقبل صلاة عيد الفطر، وتكون الزكاة محددة ومقدرة؛ وقد سميت زكاة الفطر بهذا الاسم لأن في الزكاة بذل وتزكية للنفس والقيام على تطهيرها من الرجس والأدران، وبالتالي تنميتها للعمل وجبرها لنقصه؛ أما عن جزئية لفظ الفطر في الزكاة فلأن هذه العطية وهذه الزكاة تخرج عند وقت عيد الفطر ويراد بها ثواب الله تبارك وتعالى. وقد اقترن لفظ الفطر في الزكاة لإضافة الشيئ إلى السبب، فإن سبب وجوب الزكاة في ذلك الوقت هو الإفطار من رمضان بعد إكمال صومه وعدته برؤية الهلال؛ ولزكاة الفطر عدة أسماء منها زكاة الفطر، وصدقة الفطر، وصدقة رمضان، وزكاة الصوم، وقد وردت بكل هذه الأسماء عدة نصوص دلت على وجوب إخراج هذه الزكاة والصدقة من المقتدرين عليها من المسلمين. وقد شرعت هذه الزكاة وفرضت في السنة الثانية للهجرة، أي أنها فرضت مع فريضة أول رمضان صامه المسلمون، وحكم هذه الزكاة هو فرض عين، وقد قال ابن المنـذر رحمه الله وغيره الكثير بالإجماع على وجوب إخراج هذه الصدقة والزكاة،فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ . “(أبو دااود). وفي هذا الكلام لابن عباس دليل على فرضية الزكاة ووجوب إخراجها قبل وقت صلاة عيد الفطر.ووقتها قبل صلاة العيد ويجوز إخراجها من أول رمضان بنية زكاة الفطر..

وهي زكاة أبدان علي الرجل والمرأة والكبير والصغير والحر والعبد .. فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاةِ .(البخاري).

وزكاة الفطر تكون صاعًا من غالب قُوتِ البلد كالأرز أو القمح مثلا، والصاع الواجب في زكاة الفطر عن كل إنسان: صاعٌ بصاعِ سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم ، وهو من المكاييل، ويساوي بالوزن 2.500 كجم تقريبا من القمح، ومَن زاد على هذا القدر الواجب جاز، ووقع هذا الزائد صدقةً عنه يُثَاب عليها إن شاء الله تعالى. ففي الصحيحين من حديث ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ ( وكان الشعير يومذاك من طعامهم”(البخاري). وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالأَقِطُ وَالتَّمْرُ .(البخاري).فتخرج من غالب قوت البلد الذي يستعمله الناس وينتفعون به سواء كان قمحا أو رزاً أو تمراً أو عدسا قال الشافعي رحمه الله : وَإِنْ اقْتَاتَ قَوْمٌ ذُرَةً ، أَوْ دُخْنًا ، أَوْ سُلْتًا أَوْ أُرْزًا ، أَوْ أَيَّ حَبَّةٍ مَا كَانَتْ مِمَّا فِيهِ الزَّكَاةُ فَلَهُمْ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْهَا .( الأم للشافعي).

وإخراجُ زكاة الفطر طعامًا هو الأصل المنصوص عليه في السنة النبوية المطهرة، وعليه جمهور فقهاء المذاهب المتَّبعة، إلا أن إخراجها بالقيمة أمرٌ جائزٌ ومُجْزِئ، وبه قال فقهاء الحنفية، وجماعة من التابعين، وطائفة من أهل العلم قديمًا وحديثًا، وهو أيضا رواية مُخَرّجة عن الإمام أحمد، بل إن الإمام الرملي الكبير من الشافعية قد أفتى في فتاويه بجواز تقليد الإمام أبي حنيفة -رضي الله عنه- في إخراج بدل زكاة الفطر دراهم لمن سأله عن ذلك، وهذا هو الذي عليه الفتوى الآن؛ لأن مقصود الزكاة الإغناء، وهو يحصل بالقيمة والتي هي أقرب إلى منفعة الفقير؛ لأنه يتمكّن بها من شراء ما يحتاج إليه، ويجوز إعطاء زكاة الفطر لهيئة خيرية تكون كوكيلة عن صاحب الزكاة في إخراجها إلى مستحقيها.

ولا تَجِبُ زكاة الفطر عن الميت الذي مات قبل غروب شمس آخر يومٍ من رمضان؛ لأن الميت ليس من أهل الوجوب، ولا يجب إخراج زكاة الفطر عن الجنين إذا لم يولد قبل مغرب ليلة العيد كما ذهب إلى ذلك جماهير أهل العلم، لكن من أخرجها عنه فحسن؛ لأن بعض العلماء-كالإمام أحمد- استحب ذلك؛ لما روي من أن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- كان يعطي صدقة الفطر عن الصغير والكبير حتى عن الحمل في بطن أمه؛ ولأنها صدقة عمن لا تجب عليه، فكانت مستحبة كسائر صدقات التطوع.

 لمن تعطي صدقة الفطر:

 ويكون إعطاء صدقة الفطر للمساكين دون غيرهم لحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلـم أنه قال: ” فرض رسول الله صلى الله عليه وسلـم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين”. “والذين يستحقون نصيبا من زكاة الفطر هم الفقراء والذين يكون عليهم ديون لا يستطيعون سدادها والوفاء بها لأصحابها بسبب عدم مقدرتهم أو عدم كفاية رواتبهم أو ما بين أيديهم ونحوه إلى آخر الشهر”، فيكونون في هذه من قائمة المساكين المحتاجين فيعطون من الزكاة بقدر حاجتهم. وأخيرا يجوز لمن أراد إخراج زكاة الفطر أن يعطيها لمسكين واحد ويجوز له أن يوزعها على أكثر من مسكين على حسب الحاجة وما يراه من الضرورة، ولكن يجب على المسلم إن أراد أن يوزعها على أكثر من واحد فيجب عليه أن يخبرهم بقدر هذه الزكاة أو الصدقة إن كانت أقل من صاع، فربما أراد ذلك الرجل أن يخرجها عن نفسه فعليه أن يعلم هل مقدار هذه الصدقة صاعاً أو أقل من ذلك أو أكثر.

وقد قال بعض العلماء زكاة الفطر تخرج للفقراء والمساكين وكذلك باقي الأصناف الثمانية التي ذَكَرها الله تعالى في آية مصارف الزكاة، قال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ”(التوبة).

تجب زكاة الفطر بدخول فجر يوم العيد عند الحنفية، بينما يرى الشافعية والحنابلة أنها تجب بغروب شمس آخر يوم من رمضان، وأجاز المالكية والحنابلة إخراجها قبل وقتها بيوم أو يومين؛ فقد كان ابن عمر -رضي الله عنهما- لا يرى بذلك بأسا إذا جلس من يقبض زكاة الفطر، وقد ورد عن الحسن -كما في مصنف ابن أبي شيبة- أنه كان لا يرى بأسا أن يُعَجّلَ الرجل صدقة الفطر قبل الفطر بيوم أو يومين.ولا مانع شرعًا من تعجيل زكاة الفطر من أول دخول رمضان، كما هو الصحيح عند الشافعية؛ لأنها تجب بسببين: بصوم رمضان والفطر منه؛ فإذا وجد أحدهما جاز تقديمه على الآخر.

دعوة للإحسان في شهر الإحسان :

يا عباد الله ديننا الإسلامي هو دين المواساة ونحن في شهر البر والمواساة والصدقة ففي قول النبي صلي الله عليه وسلم :” وهو شهر المواساة”، المواساة أن تتفقد أقاربك وأبناء جنسك وأبناء مجتمعك وأبناء حيك،وأن تسأل عن الأرامل واليتامى والمساكين.. وأن تسعى في كل أيام حياتك لتفريج كربهم وخاصة في شهر المواساة،وهناك كثير من المدينين المتعثرين الذين ألجأتهم الحاجة والضرورة كتجهيز عروس أو بناء منزل يأويهم من حرارة الشمس وبرد الشتاء فدخلوا غياهب السجون..  والسجن كما قال عنه  رَسُولَ اللهِ  صلى الله عليه وسلم: “نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم إِذْ قَالَ: “رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَ لَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي” قَالَ:” وَيَرْحَمُ الله لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ, وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ لَبْثِ يُوسُفَ لأَجَبْتُ الدَّاعِيَ” )مسلم). وَالْمُرَاد بِالدَّاعِي رَسُول الْمَلِك الَّذِي أَخْبَرَ اللهُ سبْحَانه وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ:”اِئْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُول قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبّك فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَة اللاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ” فَلَمْ يَخْرُج يُوسُف مع أن السجين ينتظر لحظة خروجه ليهرع إلي الحرية وخاصة عند الظلم ..

فعلي الدولة بكل مؤسساتها وعلي الجمعيات الأهلية جميعها والتي تستولي علي حقوق الفقراء ونهبها إلا من رحم ربي أن يسارع الجميع لتوظيف أموال الزكاة والصدقات في مصارفها  الحقيقية كما فعل عمر بن عبد العزيز وفاض المال وتمرغ في بيت المال فأمر منادياً ينادي من كان عليه دين فسداد دينه من بيت مال المسلمين ومن كان عبدا فعتقه من بيت مال المسلمين ومن أراد الزواج والعفة فزواج من بيت مال المسلمين فسدد الديون وأعتق العبيد وزوج الشباب ..ولو أننا  فعلنا ذلك ما وجدنا في البيوت عاطلاً ولا في الطرقات سائلاً ولا متسولاً  وفي السجون جرماً ولا مديناً ..

اللهم تقبل منا صيامنا وصلاتنا وزكاتنا وسائر أعمالنا .. اللهم اجعل هذا الشهر شاهداً لنا لاعلينا .. يارب العالمين ..

اظهر المزيد

admin

مجلس إدارة الجريدة الدكتور أحمد رمضان الشيخ محمد القطاوي رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) تليفون (phone) : 01008222553  فيس بوك (Facebook): https://www.facebook.com/Dr.Ahmed.Ramadn تويتر (Twitter): https://twitter.com/DRAhmad_Ramadan الأستاذ محمد القطاوي: المدير العام ومسئول الدعم الفني بالجريدة. الحاصل علي دورات كثيرة في الدعم الفني والهندسي للمواقع وإنشاء المواقع وحاصل علي الليسانس من جامعة الأزهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »