أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة خطبة الأسبوع ، خطبة الجمعة القادمة، خطبة الاسبوع، خطبة الجمعة وزارة الأوقافعاجل

خطبة بعنوان : “خطورة التكفير والفتوى بدون علم”، لفضيلة الشيخ عبد الناصر بليح، بتاريخ 17 من رجب 1438هـ، الموافق 14 إبريل 2017م

خطبة بعنوان : “خطورة التكفير والفتوى بدون علم”، لفضيلة الشيخ عبد الناصر بليح، بتاريخ 17 من رجب 1438هـ، الموافق 14 إبريل 2017م.

لتحميل الخطبة بصيغة word أضغط هنا

لتحميل الخطبة بصيغة pdf أضغط هنا

 

ولقراءة الخطبة كما يلي:

الحمد  لله رب العالمين .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في سلطانه ولي الصالحين .وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله اللهم صلاة وسلاماً عليك يا سيدي يا رسول الله وعلي آلك وصحبك وسلم تسليماً كثيراً أما بعد فيا جماعة الإسلام :

إن ديننا الإسلامي ينهانا أن نكفر الناس لمجرد الشبهة أو الظن أو التأويل فقد وضع منهجاً للدعوة إلى الله عزوجل :”ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ “(النحل/125).

 فالحكمة :تقتضي أن تكون الفكرة سليمة والأداء جميلاً فهي تشمل المعني والأسلوب..

ثم إن المراد بالموعظة الحسنة :أن يكون الترغيب في الخير والترهيب من الشر بأسلوب عفيف لا فحش فيه ولا سباب ولا تكفير..لأن مثل هذه الأساليب الخشنة تأتي بنتائج عكسية قال تعالي :”وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ.. “(الأنعام/108).

فعندما يواجه العنف بالعنف والشر بالشر وفساد العقيدة بالتكفير هذا مالا يرضاه الإسلام في منهجه الحكيم فإذا ما سبت فرقة أحدا ًمن صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم فلا نسارع بالحكم عليها بالكفر مواجهة وصراحة ولكن لابد من التروي والتفكير والنصح بالحكمة والموعظة الحسنة..والإسلام لا يرضي أبدا ًأن ينال أو ينتقص من أحد من صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا أمهات المؤمنين فقد امتدحهم القرآن الكريم بقوله:”مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أشداء على الكفار رحماء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا..”(الفتح/29)وقال النبي صلي الله عليه وسلم في شأنهم:” خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم..”(البخاري)ونهي عن سبهم فقال:”لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه”(مسلم).

 

وعندما يحدث ذلك يعلمنا المبعوث رحمة للعالمين:”إذا رأيتم الذين يسبون أصحابي فقولوا لعنة الله على شركم.(الترمذي)فمن الحكمة أن نحول زعزعة ثقة الناس بباطلهم وموروثهم بمثل إظهار محاسن العقيدة الصحيحة ..دون التعرض للسب أو القذف أو التكفير وكما قيل :”بدل أن تلعن الظلام أوقد شمعة”وعلي هذا فلا يجوز تكفير مسلم بذنب ارتكبه أو تكفير المؤمن الذي استقر الإيمان في قلبه قال تعالي :”وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ..”(النساء/94). ويقول صلي الله عليه وسلم  :”لا يرمي رجل رجلاً بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك”(البخاري ).   وفي رواية أخري:”ثلاثة من أصل الإيمان الكف عمن قال لا إله إلا الله ولا تكفره بذنب ولا تخرجه من الإسلام بعمل..(أبو داود) ولا يحكم علي غيره بالكفر طالماً أنه لم ينطقها صراحة ..لذلك نعي رسول الله صلي الله عليه وسلم علي أولئك الذين لم يصدقوا الرجل الذي نطق بها بلسانه فعن أسامة بن زيد قال :”بعثنا رسول الله صلي الله عليه وسلم سرية إلى الحرقات فنذروا بنا فهربوا فأدركنا رجلا فلما غشيناه قال لا إله إلا الله فضربناه حتى قتلناه فذكرته للنبي صلي الله عليه وسلم  فقال من لك بلا إله إلا الله يوم القيامة فقلت يا رسول الله إنما قالها مخافة السلاح قال أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم من أجل ذلك قالها أم لا من لك بلا إله إلا الله يوم القيامة فما زال يقولها حتى وددت أني لم أسلم إلا يومئذ”(أبو داود) فطالما نطق بالشهادتين فهو مسلم ولا ينبغي لمسلم أن يكفره.

أخوة الإسلام فماهو التكفير ؟:

الكفر في اللغة:الستر والتغطية ,يقال :كفر الشيء ستره أي غطاه.والعرب كانت تسمي الليل كافرا ًلأنه يستر بظلمته كل شيء وتسمي الزارع كافراً لأنه يغطي الحب في التراب  وتجمع علي الكفار.

وفي الاصطلاح:أن يجحد الإنسان شيئا مما أوجب الله الإيمان به ,بعد إبلاغه إليه..

 وقيل:هو عدم تصديق النبي صلي الله عليه وسلم في بعض ما علم مجيئه به بالضرورة .

أنواعه:

1- كفر إنكار بأن لا يعرف الله أصلاً ولا يعترف به وهو ما يخرج الإنسان عن الملة ويطلق عليه اسم (الكفر الاعتقادي)أو (الحقيقي)أو (الكفر الأكبر)أو(الكفر الأصلي).

2 –كفر الجهل والتكذيب كما قال تعالي:”  بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ “(يونس/39).

3-كفر الجحود وعدم الانقياد ظاهراً مع العلم به ومعرفته باطناً ككفر فرعون وقومه بموسي عليه السلام كما قال  تعالي:” وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْكَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ”(النمل/14)

4-كفر العناد والاستكبار مثل كفر إبليس الذي قال :”أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا”(الإسراء/61).

5- كفر النفاق وهو ما كان بعدم تصديق القلب وعلمه مع الانقياد ظاهراً وهو المسمي ب(النفاق الأكبر).

وكل هذه الأنواع من الكفر تسلم صاحبها إلى الخلود إلي النار والسبب في ذلك أن أصحابها أنكروا بعض الأمور التي جاء بها النبي صلي الله عليه وسلم ووصلت إلينا بطريق قطعي .

أيها الناس :

وهذا النوع من الكفر بحسب سبق الإيمان وعدمه ينقسم إلى قسمين :

أولاً: كفر لا يسبقه إيمان ألبتة وأصحابه يسمون كافرين ..وواجبنا أن ندعوهم إلى الإيمان بالحكمة والموعظة الحسنة فان أمنوا فبها ونعمت وإلا فان كانوا من أهل الذمة فلنتركهم وشأنهم ما لم يعتدوا علي حرماتنا فإذا حدث منهم ذلك قمنا بالرد عليهم ,وكذلك إذا نقضوا العهد الذي بيننا وبينهم وأخلوا بشروط الصلح .وإن كانوا من أهل الحرب والمسلمون ممكنون من وسائل القوة قادرون علي الغلب طلب منهم الجزية حقنا لدمائهم .وحماية لأعراضهم وأموالهم وفي ضوء هذا نفهم النصوص الواردة باطلاق في شأن القتال .(بيان للناس ج1 ص 138).

النوع الثاني من أنواع الكفر :

كفر لا يخرج عن الملة ويسمي (الكفر العملي)أو(المجازي)أو(كفر دون كفر)أو(الكفر الأصغر)

وهذا النوع من الكفر يسلم صاحبه إلى الوعيد بالعذاب الأليم في الآخرة لكن دون الخلود في النار ولذلك فهو لا ينقله من ملة الإسلام وإنما يدمغه بالفسوق والعصيان مثل جحد المعروف وعدم شكره.كما قال تعالي:” فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ  “(البقرة/152) .

       ويعالج الكفر العملي بالطريقة التي تعالج بها المعاصي والذنوب الأخرى في ضوء قوله تعالي:”ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ   بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ   وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ”(النحل/125)     

     وبناء عليه فان هذا الأمر الذي اتخذه الغلاة ذريعة لمحاربة الناس وبخاصة مخالفيهم في الهوي لهو من أخطر الأمور علي الإسلام والمسلمين لأنه لا يجوز لأحد أن يحكم علي غيره بالردة أو الكفر  طالما أنه يشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله. ‌إذ الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة المروية من طريق جماعة من الصحابة أن من قال لأخيه : يا كافر فقد باء بها أحدهما “(البخاري)وفي لفظ في ” الصحيح ” فقد كفر أحدهما“وفي رواية:” أيما امرئ قال لأخيه كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت إليه”( صحيح الجامع).‌وقال صلي الله عليه وسلم :” إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فهو كقتله ولعن المؤمن كقتله” (صحيح). وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:”إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فهو كقتله”(صحيح لغيره)

 ففي هذه الأحاديث وما ورد موردها أعظم زاجر وأكبر واعظ عن التسرع في التكفير وقد قال الله تعالي ):ولكن من شرح بالكفر صدراً)(النحل/106).. فلا بد من شرح الصدر بالكفر وطمأنينة القلب به وسكون النفس إليه ” فمن قال كلمة الكفر مكرهاً تحت ضرب أو تهديد وقلبه مطمئن بالإيمان فلاشيء عليه ,لقوله تعالي :” مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ   غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ “(النحل/1069)   

      وقال الإمام أحمد بن حنبل :”ولا يخرج الرجل من الإسلام شيء إلا الشرك بالله العظيم أو يرد فريضة من فرائض الله عز وجل جاحداً بها فان تركها كسلاً أو تهاونا كان في مشيئة الله عز وجل إن شاء عذ به وان شاء عفا عنه “(الإيمان لابن تيمية/245).عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله  صلي الله عليه وسلم : ” يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة .وليسري على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية وتبقى طوائف من الناس : الشيخ الكبير والعجوز يقولون:أدركنا آباءنا على هذه الكلمة:”لا إله إلا الله”فنحن نقولها (رواه ابن ماجة والحاكم).

   وعلق عليه الألباني في السلسلة الصحيحة قائلاً ” هذا وفي الحديث فائدة فقهية هامة وهي أن شهادة أن لا إله إلا الله تنجي قائلها من الخلود في النار يوم القيامة ولو كان لا يقوم بشيء من أركان الإسلام الخمسة الأخرى كالصلاة وغيرها . عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : “إذا خلص المؤمنون من النار وأمنوا فوالذي نفسي بيده ما مجادلة أحدكم لصاحبه في الحق يكون له في الدنيا بأشد من مجادلة المؤمنين لربهم في إخوانهم الذين أدخلوا النار . قال : يقولون : ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويحجون معنا ويجاهدون معنا فأدخلتهم النار قال : فيقول : اذهبوا فأخرجوا من عرفتم منهم . فيأتونهم فيعرفونهم بصورهم لا تأكل النار صورهم “لم تغش الوجه”فمنهم من أخذته النار إلى أنصاف ساقيه ومنهم من أخذته إلى كعبيه “فيخرجون منها بشراً كثيرا ً”فيقولون : ربنا قد أخرجنا من أمرتنا .قال : ثم يعودون فيتكلمون فيقول : أخرجوا من كان في قلبه مثقال دينار من الإيمان .

 فيخرجون خلقا كثيراً ثم يقولون : ربنا لم نذر فيها أحداً ممن أمرتنا . ثم يقول :” ارجعوا فمن كان في قلبه وزن نصف دينار فأخرجوه فيخرجون خلقاً كثيراً ثم يقولون : ربنا لم نذر فيها ممن أمرتنا…حتى يقول : أخرجوا من كان في قلبه مثقال ذرة فيخرجون خلقاً كثيراً. قال أبو سعيد :  فمن لم يصدق بهذا الحديث فليقرأ هذه الآية:إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما”(النساء/4).    قال : فيقولون :” ربنا قد أخرجنا من أمرتنا فلم يبق في  النار أحد فيه خير قال : ثم يقول الله :” شفعت الملائكة وشفعت الأنبياء وشفع المؤمنون وبقي أرحم الراحمين “.

 قال : فيقبض قبضة من النار – أو قال : قبضتين – ناسا لم يعملوا لله خيرا قط قد احترقوا حتى صاروا حمماً . قال : فيؤتى بهم إلى ماء يقال له :”الحياة “فيصب عليهم فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل قد رأيتموها إلى جانب الصخرة وإلى جانب الشجرة فما كان إلى الشمس منها كان أخضر وما كان منها إلى الظل كان أبيض.  قال : فيخرجون من أجسادهم مثل اللؤلؤ وفي أعناقهم الخاتم”وفي رواية : الخواتم” عتقاء الله . قال : فيقال لهم : ادخلوا الجنة فما تمنيتم ورأيتم من شيء فهو لكم”ومثله معه””فيقول أهل الجنة : هؤلاء عتقاء الرحمن أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه”. قال : فيقولون : ربنا أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين  قال : فيقول : فإن لكم عندي أفضل منه  فيقولون : ربنا وما أفضل من ذلك ؟ قال :فيقول : رضائي عنكم فلا أسخط عليكم  أبدا “(البخاري  ومسلم).

يقول الإمام الطحاوي رحمه الله :”ونسمي أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين ,ماداموا بما جاء به النبي صلي الله عليه وسلم معترفين ,وله بكل ما قال وأخبر مصدقين ,ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله ,ولا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحود ما أدخلاه فيه (العقيدة الطحاوية:38-42).

فكل من شهد أن لا اله إلا الله ,وأن محمدا رسول الله خالصاً بها قلبه,ورضي بالله رباً وبالإسلام دينا وبمحمد صلي الله عليه وسلم نبياً ورسولاً, فهو مسلم مؤمن لا يخرج عن دينه ولا يصير مرتدا إلا بجحود التوحيد أو النبوة ,أو بصدور قول أو فعل منه يناقض ما يعلنه من الإسلام ,كإنكار ما علم من الدين بالضرورة من أركان الإسلام والإيمان ,أو استحلال الحرام ,أو تحريم الحلال ,أو سب الدين والرب والنبي ,والاستهزاء بالكتاب والسنة أو شيء من الدين ,أو ادعاء النبوة ونحو ذلك.”(0فقه السنة:2/384-385)

فمن فعل من ذلك شيئاً وهو بالغ عاقل مختار مؤثراً الكفر علي الإيمان صار مرتداً, يستتيبه العلماء المعتبرون من قبل السلطان فان تاب ,تاب الله عليه ,فان كان حسن النية وتاب ظاهرا ًوباطناً عاد إلى إسلامه وعفا الله عنه لقوله تعالي :”كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ.خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ. إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ “(آل عمران/86-89).  استثني الله من هذا الوعيد:التائبين من كفرهم وذنوبهم المصلحين لعيوبهم ,فان الله يغفر لهم ماقدموا ويعفو عنهم ما أسلفوا.. وعن ابن عباس قال :  كان رجل من الأنصار أسلم ثم ارتد ولحق بالشرك ثم تندم فأرسل إلى قومه سلوا لي رسول الله صلي الله عليه وسلم هل لي من توبة فجاء قومه إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم  فقالوا إن فلانا قد ندم وإنه أمرنا أن نسألك هل له من توبة فنزلت:” كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم “إلى قوله :”غفور رحيم } فأرسل إليه فأسلم  “( النسائي).

ولكن من كفر وأصر علي كفره,فهؤلاء هم الضالون عن طريق الهدي ,السالكون لطريق الشقاء ,وقد استحقوا بهذا العذاب الأليم واللعنة من الله والناس أجمعين ,فليس لهم ناصر من عذاب الله ولو أنفقوا ملء الأرض ذهبا ًليفتدوا به من عذاب الله مانفعهم ذلك..قال تعالي :”إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ ُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ .إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ “(آل عمران /91,90) .  

وقال تعالي:”إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ . ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ. فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ. ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوامَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ “(محمد/25-28)   

والظاهر أن الذين ارتدوا علي أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدي :قوم كفروا بعد إيمانهم وأن هؤلاء المرتدين علي أدبارهم من بعد ماتبين لهم الهدي وقع لهم بسبب أن الشيطان سول لهم ذلك.أي:سهله لهم وحسنه لهم ومناهم بطول الأعمار,لأن طول الأمل من أسباب ارتكاب الذنوب والمعاصي ,والمعاصي بريد الكفر.

إخوة الإيمان والإسلام :” ومن هذه النصوص وغيرها نري أنه لا يحل تكفير مسلم بذنب اقترفه سواء كان الذنب ترك واجب مفروض أو فعل محرم منهي عنه وأن من يكفر مسلماً أو يصفه بالفسوق يرتد عليه الوصف إن لم يكن صاحبه علي ما وصف ..كما أن من رحمة الله عز وجل بالعصاة أنه لا يعجل بعقوبتهم كما قال تعالي:”وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ..(النحل/61)بل يترك لهم الفرصة ليتوبوا ومن تاب تاب الله عليه:”إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ “(النساء/48). وعلي هذا فالتسرع برمي المسلم بالكفر ليس من الحكمة ,فالحكمة في كل ذلك هي أساس نجاح الدعوة إلى الله تعالي”يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ “(البقرة/269) .وكما يقول أبو حامد الغزالي:”التحذير من تكفير الفرق وتطويل اللسان في أهل الإسلام ,وان اختلفت طرقهم ماداموا متمسكين بقول لا إله إلا الله محمد رسول الله,صادقين بها ,غير مناقضين لها ..لأن الكفر حكم شرعي لا يدرك إلا بمدرك شرعي ,من نص أو قياس علي منصوص ..ولا يلزم كفر المؤولين ماداموا يلازمون قانون التأويل ..وأصول الإيمان ثلاثة وهي:الإيمان  بالله ,وبرسوله ,وباليوم الأخر, وما عداه فروع..ولا تكفير في الفروع أصلاً ,إلا في مسألة واحدة وهي أن ينكر أصلاً دينياً علم من رسول الله صلي الله عليه وسلم بالتواتر..فالتكفير فيه خطر ,والسكوت لا خطر فيه ..(الاقتصاد في الاعتقاد للغزالي /143). ويقول الشيخ /محمد عبده:”أصل من أصول الأحكام في الإسلام :البعد عن التكفير ..ولقد اشتهرت بين المسلمين وعرف من قواعد دينهم أنه إذا صدر قول من قائل يحتمل الكفر من مائة وجه ويحتمل الإيمان من وجه واحد حمل علي الإيمان ولا يجوز حمله علي الكفر..”(الأعمال الكاملة لمحمد عبده ج3/144). ويقول بعض العلماء:”لأهل السنة والجماعة والتي تمثل 90%من المسلمين موقف واضح وحاسم وثابت في رفض التكفير لمن يشهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله ,مادام قائماً بحقوق الشهادة التي هي شعار الإسلام ..العاصمة للدماء والأموال والحقوق..”(فتنة التكفير بين الشيعة والسنة والصوفية/29).

الخطبة الثانية :

الحمد لله رب العالمين ..والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين .أما بعد فيا جماعة الإسلام .

الأسباب التي تدفع الغلاة لتكفير غيرهم بغير حق كثيرة نذكر منها :

1-الاغترار بالعمل :

      عندما يلتزم الإنسان بشرائع الدين يصلي ويعبد ربه ويترك لحيته ويقصر ثيابه ويمسك بيده عودا من السواك ويواظب علي صلاة الفجر والجماعة بالمسجد وحضور دروس العلم ..الخ .فيصاب بالغرور وهو آفة العبادة ..بسببه ضل كثير من الناس ..وبسببه ضاع الحق بينهم ..الخ. والغرور نوع جهل يوجب اعتقاد الفاسد صحيحاً والرديء جيداً وسببه وجود شبهة أوجبت ذلك ..

قال بعض السلف رأيت الشيطان فقال لي قد كنت ألقى الناس فأعلمهم فصرت ألقاهم فأتعلم منهم وربما هجم الشيطان على الذكي الفطن ومعه عروس الهوى قد جلاها فيتشاغل الفطن بالنظر إليها فيستأ سره وأقوى القيد الذي يوثق به الأسرى الجهل وأوسطه في القوي الهوى وأضعفه الغفلة وما دام درع الإيمان على المؤمن فإن نبل العدو لا يقع في مقتل..والحسن بن صالح رحمه الله يقول:”إن الشيطان ليفتح للعبد تسعة وتسعين باباً للخير يريد به باباً من الشر”. وعن الأعمش قال : حدثنا رجل كان يكلم الجن قالوا : ليس علينا أشد ممن يتبع السنة وأما أصحاب الأهواء فإنا نلعب بهم لعباً” كما أن هؤلاء اغتروا بالعبادة هناك من اغتر بنسبه كأن يكون لأحدهم نسب معروف فيغتر بنسبه فيقول : أنا من أولاد أبو بكر وهذا يقول : أنا من أولاد علي وهذا يقول : أنا شريف من أولاد الحسن أو الحسين أو يقول : أنا قريب النسب من فلان العالم أو من فلان الزاهد وهؤلاء يبنون أمرهم على أمرين : أحدهما أن يقولون من أحب إنسانا أحب أولاده وأهله .

والثاني : أن هؤلاء لهم شفاعة وأحق من شفعوا فيه أهلهم وأولادهم وكلا الأمرين غلط أما المحبة فليس محبة الله عز وجل كمحبة الآدميين وإنما يحب من أطاعه فإن أهل الكتاب من أولاد يعقوب ولم ينتفعوا بآبائهم ولو كانت محبة الأب يسرى لسرى إلى البعض أيضا وأما الشفاعة فقد قال الله تعالى : ” ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ” ولما أراد نوح حمل ابنه في السفينة قيل له : “إنه ليس من أهلك ” ولم يشفع إبراهيم في أبيه ولا نبينا في أمه وقد قال صلي الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها : “لن يغنوا عنك من الله شيئا”ومن ظن أنه ينجو بنجاة أبيه كمن ظن أنه يشبع بأكل أبيه( تلبيس إبليس ج1/472) 

     وهؤلاء المغرورين الذين يكفرون الناس ويسفهونهم قد ضل سعيهم في الحياة الدنيا كما يقول الله عز وجل :”قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا”(الكهف/104,103). 

وكما قال أحد الصالحين :”لا تغتر بالمكان فقد سكن أدم الجنة فأغواه إبليس وخرج منها..ولا تغتر بكثرة العبادة فقد عبد إبليس ربه زمناً طويلاً ولما عصي طرد من رحمة الله.. ولا تغتر بعلمك فقد كان بلعام بن باعوراء أعلم بني إسرائيل ومات كافراً..ولا تغتر بمالك فقد كان قارون علي خزائن الأرض وخسف الله به وبداره الأرض .. ولا تغتر بملكك فقد تنمرد النمرود وقال أنا أحي وأميت وقتلته بعوضة.. ولا تغتر بنسبك فأبو لهب العم الشقيق للرسول وتوعده الله بالخلود في النار.. “.

2- قلة التفقه في الدين :

    مما لاشك فيه أن قلة التفقه في الدين تعد عاملاً من أهم عوامل الوقوع في خطأ تكفير الأبرياء بغير حق كالحكم علي بعض المسلمين بالكفر استناداً إلى شبه بغير دليل لذلك أوصي الإسلام بطلب العلم وأكد علي الالتزام بالتخصصات قال تعالي :”  فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ”(الأنبياء/43).

وحرم الفتيا بغير علم قال تعالي:”وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَاد َكُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا  “(الإسراء/36) وأجمع جمهور العلماء علي أنه لا يتصدي للفتوى إلا أهل العلم والفقه الذين لهم دراية بالتأويل وأسباب النزول والناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه كما شدد الفقهاء علي التأني في الفتوى والتمهل في الحكم كما ورد في الأثر”أجرؤكم علي الفتوى أجرؤكم علي النار”

3- فقدان الثقة في بعض العلماء : 

وهذا الأمر ناتج عن أمور كثيرة منها الحرب علي الإسلام  فمن شأن أعداء الإسلام  التشهير بعلمائه والتشويش عليهم الأمر الذي فتح الباب أمام طوائف عديدة لمهاجمتهم والسخرية منهم والهزأ بهم في الإعلام المسموع والمرئي ..ونتج عن ذلك أن بعض الشباب فقد الثقة في بعض علماء الدين فراح يبحث بنفسه عن المسألة دون دراية أو علم بأمور الدين فنصب نفسه مفتياً عن جهل بقصد أو دون قصد وهذا مانراه ونسمعه الآن عبر القنوات المتخصصة وغير المتخصصة وفي مختلف الوسائل الإعلامية ..وحين تتوافر الثقة بين الطرفين يمكننا أن نحد من ظاهرة التكفير- بغير- حق إن لم يكن ميسوراً القضاء عليها كلياً.

وحين نتأدب بتأديب رسول الله صلي الله عليه وسلم  : ” ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه “(صحيح) . قدر علماء الحديث والسنة وفقهاء هذه الأمة ..و لنعلم يقينا أن الحياة المادية بدون  الحياة الدينية لا تستقيم في مجتمع إذا لم يعتمد أفراده في كل علم على ذوي الاختصاص منهم ولا حاجة لضرب الأمثلة على ذلك فالأمر بدهي جدا فلا يرجع مثلا من كان يريد معرفة صحة حديث أو فقهه إلى كاتب أو داعية إسلامي لا يدري ما الحديث وما الفقه ولا يدري أصولهما ولا المصادر التي يجب الرجوع إليها أو يدري ولا يتمكن من ذلك لسبب أو آخر كما قيل : وإذا لم تر القمر بازغا فسلم لأناس رأوه بالأبصار ..

  4- التقليد للسابقين دون بصيرة :

التقليد في العرف:هو عبارة عن محاكاة الغير في قوله أو فعله أو هيئته.

وفي الاصطلاح:هو الأخذ بقول الغير دون معرفة الدليل .(المنهج الجديد شرح جوهرة التوحيد/2409).

والتقليد يكون في المسائل العقائدية أو المسائل الفقهية وقد نعي المولي عز وجل علي المقلدين تقليدا أعمي في العقيدة فقال تعالي :”وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ  “(البقرة/170).وكان ينبغي علي المسلم أن يميز بين الخبيث والطيب فقد امتدح المولي عز وجل أولئك بقوله”وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِي الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ “(الزمر/18).ومن المعروف أن تمييز الأحسن والأصوب عما سواه لا يحصل بالسماع لأن السماع صار قدراً مشتركاً بين الكل وإنما يأتي بحجة العقل وهذا يكون بالنظر العقلي ..

5- الخلط بين الكفر الأكبر والكفر الأصغر:

وهذا ناتج عن جهل بأمور الدين وعدم الأخذ من العلماء الأجلاء فجعل الذي يكفر الناس يظن أن الكفر معناه واحد واستسهل الكلمة فأطلقها علي عامة الأمور دون دراية أومعرفة وقد أشار بعض العلماء إلى هذا الإبهام بقوله :إن التكفير نوعان 1-الكفر بالله 2- كفر النعمة والكفر الأخير هو ضد الشكر لا يعد كفراُ بالله ,لأن من ترك الفروع الخاصة بالإسلام لايكون كافراً حتي يترك أصل الإسلام إذ لايلزم من زوال فروع الحقيقة زوال اسمها”(مجموع الفتاوى ج1/137).  لذلك أفتي الغلاة بالتكفير بغير علم وذلك علامة من علامات الساعة كما قال صلي الله عليه وسلم :” إن الله تعالى لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رءوسا  جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا “(البخاري).

6- الاقتصار علي قراءة في كتب معينة دون غيرها :‌  

     البعض يحصر نفسه في قراءة كتب معينه أو بعينها دون غيرها وذلك  إما أرضاء لمذهبه أو تعنتا مع غيره أو انتصاراً لرأيه ..وربما تكون هذه الكتب قائمة علي أسس غير علمية ,وقد لا تخلو هذه الكتب من تحامل علي الاتجاهات الأخرى ومن ثم كان رد المذهب قبل فهمه كما قال الإمام الغزالي رمياً في عماية..ولذلك ينبغي علي من يقرأ عن مذهب من المذاهب يقرأه في مصادره الأصلية , كما لا يكتفي بالقراءة لمذهب واحد بل عليه أن يقرأ في كتب المذاهب الأخرى وإذا قرأ عن ذم مذهب من المذاهب فليقرأ عنه في الكتب الأخرى التي مدحته ثم يقارن ويحلل ليخرج في النهاية بنتيجة إن لم تكن صوابا فستكون أقرب إلى الصواب.(الفكر المتطرف في ميزان الإسلام ط وزارة الأوقاف 1996).

أثار التكفير:

إخوة الإسلام : وللتكفير بغير حق أثار سيئة علي مجتمع الإسلام لأن في التكفير تمزيق لشمل الأمة الإسلامية وتغذية للفرقة والشحناء بين صفوف المسلمين وهذا مخالف لأوامر الله عز وجل حيث يقول:”واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا”(أل عمران/103)وقد نهي الإسلام عن الفرقة فقال تعالي:”وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ “(آل عمران/105). فالتكفير يجهز علي الأخوة الإسلامية التي تستلزم التراحم والتعاون والتواد ..وفي التكفير استنزاف جهد المسلمين واستنفاد طاقتهم التي يجب عليهم ادخارها لمصلحة الإسلام والمسلمين. ومن هنا فان المغالاة في الأمور معول هدم لوسطية الإسلام وسماحته التي اختص الله عز وجل هذه الأمة بها فكانت خير الأمم ,خصها الله بأكمل الشرائع وأوضح المناهج وأيسر التكاليف وأوضحها كما قال تعالي:”هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُو َسَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًاعَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ”(الحج/78). 

اظهر المزيد

admin

مجلس إدارة الجريدة الدكتور أحمد رمضان الشيخ محمد القطاوي رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) تليفون (phone) : 01008222553  فيس بوك (Facebook): https://www.facebook.com/Dr.Ahmed.Ramadn تويتر (Twitter): https://twitter.com/DRAhmad_Ramadan الأستاذ محمد القطاوي: المدير العام ومسئول الدعم الفني بالجريدة. الحاصل علي دورات كثيرة في الدعم الفني والهندسي للمواقع وإنشاء المواقع وحاصل علي الليسانس من جامعة الأزهر.

تعليق واحد

  1. جزاكم الله خيرا ورد فى الخطبة/لن قبل توبتهم/ طبعا غير مقصود//قال تعالى .لن تقبل توبتهم..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »