خطبة بعنوان: “الإسلام نظيف يدعوا للنظافة “، لفضيلة الشيخ عبد الناصر بليح، بتاريخ 24 من شوال 29 يوليو 2016هـ
خطبة بعنوان: “الله نظيف يحب النظافة “، لفضيلة الشيخ عبد الناصر بليح، بتاريخ 24 من شوال 29 يوليو 2016هـ.
لتحميل الخطبة بصيغة word أضغط هنا
لتحميل الخطبة بصيغة pdf أضغط هنا
ولقراءة الخطبة كما يلي:
الحمد لله رب العالمين يارب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاًفيه ..وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له في سلطانه ولي الصالحين.. وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه القائل :”إنَّ اللهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ ، نظيفٌ يُحِبُّ النظافةَ ، كريمٌ يُحِبُّ الكرمَ ، جَوادٌ يُحِبُّ الجُودَ ؛ فنَظِّفُوا أَفْنِيَتَكم ؛ ولا تَشَبَّهوا باليهودِ” ( الترمذي). اللهم صلاة وسلاماً عليك ياسيدي يارسول الله وعلي ألك وصحبك الطيبين الطاهرين والتابعين لهم بإحسان إلي يوم الدين ..
أما بعد فيا جماعة الإسلام:
لقد حث الإسلام على النظافة واعتبرها من صميم رسالته؛ وذلك لأن أثرها عميق في تزكية النفس وتمكين الإنسان من النهوض بأعباء الحياة، كما اهتم الإسلام بنظافة الأجسام اهتماماً كبيراً ، فقد اشترط الإسلام لمن يقابلون المولي عز وجل يوم القيامة شروطاً منها نضارة الوجه ووضاءته فقال تعالي :” وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ” (القيامة / 22-23). أي :” وجوهٌ يومَ القيامةِ نَاعِمَةٌ غضَّة حسَنة مضيئةٌ مُسفِرَةٌ مشرقةٌ بنعيمِ الجنَّة، وهي وجوهُ المؤمنين كما قال تعالى:” تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ ٱلنَّعِيمِ “(المطففين / 24).
وقد بيَّن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنَّ الرجل الحريص على نضارة بدنه، ووضاءة وجهه، ونظافة أعضائه يُبْعَثُ على حاله تلك يوم القيامة، فعن أبي هريرةَ قال سمعتُ النبيَّ صلي الله عليه وسلم يقول : “إنَّ أُمتي يُدعونَ يومَ القيامةِ غُرًّا مُحجَّلينَ من آثارِ الوضوءِ، فمنِ استطاع منكُم أن يُطيلَ غُرَّتهُ فلْيفعل ” (البخاري).
إن كثيراً من الناس يظنون أن الدين الإسلامي ليس له علاقة بالنظافة، وهذا ما اعتقده مشركو العرب؛ بل وتعجبوا من ذلك متسائلين، فعَنْ سَلْمَانَ قَالَ : قَالَ لَهُ بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ: إِنِّي أَرَى صَاحِبَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ ؟ قَالَ: ” أَجَلْ، أَمَرَنَا أَنْ لاَ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ، وَأَنْ لاَ نَسْتَنْجِيَ بِأَيْمَانِنَا، وَلاَ نَكْتَفِيَ بِدُونِ ثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ ، لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ وَلاَ عَظْمٌ.”( ابن ماجه(. بل جعل الإسلام الطهارة والنظافة جزءاً من الإيمان، ففي صحيح مسلم عن أبي مالك الأشعري أن النبي — قال: ” الطهـور شطر الإيمــان “.
عباد الله : والطهارة في الإسلام شرط لصحة الصلاة، سواء كانت الطهارة من الحدث بالوضوء والغسل، أم من الخبث؛ بالتنظيف المناسب، وهي طهارة الثوب والبدن والمكان، ولهذا كان (باب الطهارة) أول ما يدرس في الفقه الإسلامي؛ لأنه مدخل ضروري للصلاة، فمفتاح الجنة الصلاة، ومفتاح الصلاة الطهور، وقد أثنى القرآن الكريم على أهل قباء لحرصهم على التطهر وحبهم له، فقال تعالى: لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (التوبة: 108)، وقال تعالى في سياق التطهـر بعـد الحيض: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (البقرة: 222(.
ومظاهر النظافة والطهارة في الإسلام تشمل جميع بدن الإنسان وما يحيط ويتعلق به وتتمثل فيما يلي:
أولاً سنن الفطرة:جاء الإسلام داعياً إلى كل خير، فدعا العباد للالتزام بالفطرة التي فطر الله الناس عليها، والفطرة هي ما جبل عليه الإنسان في أصل الخلقة، وهي ما يميل الإنسان إليه بطبعه وذوقه السليم، وقد أرشدت السنة النبوية المطهرة إلى عدد من أمور الفطرة، وأسمت تلك الأمور سنن الفطرة، وفي هذا الإرشاد لسنن الفطرة دعوة صريحة للمحافظة على نظافة الفرد والصحة العامة سابقة في ذلك كل المعارف البشرية، ففي هذا الإرشاد سبق علمي يكشف عن حقيقة علمية، هذه الحقيقة هي ما يتعلق بالطب الوقائي وعلم الكائنات الدقيقة.
خمسة أمور من الفطرة جاء الإخبار عنها في حديث المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الْفِطْرَةُ خَمْسٌ أَوْ خَمْسٌ مِنْ الْفِطْرَةِ: الْخِتَانُ وَالِاسْتِحْدَادُ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَنَتْفُ الْإِبِطِ وَقَصُّ الشَّارِبِ»( البخاري ومسلم ).
وجاء التوقيت لها في السنة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَنَتْفِ الْإِبِطِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً”( البخاري). فذكر الحديث خمس خصال:
أولاً: الختان:والمراد قطع الجلدة التي تغطي حَشَفة الذّكر . وقد أثبتت الدراسات الطبية الكثير من الفوائد للختان، بل أثبتت الدراسات أنه وقاية من كثير من الأمراض المهلكة التي تكون منتشرة بكثرة بين غير المختونين، ومن تلك الفوائد:فالختان وقاية من الالتهابات الموضعية في القضيب و الختان يقي الأطفال من الإصابة بالتهاب المجاري البولية ووجد الأطباء أن الختان يقي من كثير من الأمراض الجنسية و الختان الذي يجري للذكور في سن مبكرة يخفض كثيراً من نسبة حدوث سرطان القضيب عندهم، مما يجعل الختان عملية ضرورية لابد منها للوقاية من حدوث الأورام الخبيثة”.
ثانياً: الاستحداد:المراد به استعمال الموسى في حلق شعر العانة، وشعر العانة هو الشعر الذي فوق ذكر الرجل وحواليه وكذا الشعر الذي حوالي فرج المرأة، واختلفوا في الشعر النابت حول حلقة الدبر هل هو داخل أم لا .وقد جاءت البحوث الطبية مؤكدة أن حلق شعر العانة يقي الإنسان من كثير من الأمراض التي يسببها ترك حلقها، فشعر العانة إذا طال أصبح مقراً خصباً لأنواع من الجراثيم والطفيليات وما يسمي بقمل العانة الذي يحدث حكة شديدة.
ثالثاً: تقليم الأظفار: قص الأظفار . والتقليم إزالة ما يزيد عن الشيء ليكون صالحاً لأداء مهمته ومناسباً للاستعمال، وتقليم الأظفار يعمل على إزالة الجيوب التي تكون بين الأنامل والأظفار، وهذه الجيوب تختبئ فيها الأوساخ، ومسببات الأمراض، والعدوى بها، والتي يصعب تنظيفها، فتنطلق منها الروائح الكريهة، هذا فضلاً عن كونها من أسباب إعاقة الحركة الفطرية الحرة لأصابع اليد وأطراف الأنامل .
والأظافر الطويلة قد تكون مصدراً للعدوى بكثير من الأمراض التي تنتقل عن طريق الفم والملامسة، بالمصافحة أو تقديم الطعام والشراب، كما قد تكون مصدراً للتسمم عند ملامسة المواد السامة، أو سبباً في الإصابة بالجروح والتسلخات أو إحداثها بالغير، أو التسبب في الحوادث الخطيرة التي قد تنجم عن إضعاف القدرة على الإمساك بالأشياء نظراً لإضعاف الأداء الوظيفي للأنامل.
رابعاً: نتف الإبط:
إن منطقة الإبط -مثل منطقة العانة- يكثر فيها العرق كما تكثر الإفرازات الدهنية ؛ فكان الهدي النبوي هو نتف شعر الإبط لا الحلق؛ لأن النتف يضعف الشعر فيقل التعرق تحت الآباط وبالتالي تقل الرائحة الكريهة . ويجوز الحلق أو غيره لمن لا يقدر على النتف لشدة الألم ..
خامساً: قص الشارب: وأما الشارب فهو الشعر النابت على الشفة العليا واختلف في جانبيه وهما السبالان فقيل: هما من الشارب ويشرع قصهما معه، وقيل: هما من جملة شعر اللحية . وجاء الحث في السنة على قص الشارب بألفاظ كثيرة: كالقص والحفّ والنهك والجز؛ لأن طول الشارب وهو في أسفل الأنف وفوق الفم يعرضه لمفرزاتهما، ونخامهما مما يلوثه بتلك الإفرازات وببقايا الطعام والشراب ويصعب تنظيفه وتنظيفهما مما يجعله ويجعلهما مرتعاً للأوساخ والفطريات والجراثيم ومنبعاً للروائح الكريهة التي تؤذي صاحب الشارب نفسه وتسبب له الأمراض، كما تؤذي كل من يقترب منه لتعرضه للروائح الكريهة وحد قص الشارب هو أن يقصه حتى يبدو طرف الشفة العليا ولا يحفه من أصله.
أخوة الإيمان : وقد تعدي الأمر لأكثر من الخمس حتي وصلت إلي العشر بما يدل علي مدى حرص الإنسان على النظافة والتجمل، والمحافظة على نعمة الصحة والزينة، فَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ – -: ” عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ : قَصُّ الشَّارِبِ ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ ، وَالسِّوَاكُ ، وَالاِسْتِنْشَاقُ بِالْمَاءِ ، وَقَصُّ الأَظْفَارِ ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ ، وَنَتْفُ الإِبْطِ ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ ، يَعْنِي الاِسْتِنْجَاءَ. قَالَ زَكَرِيَّا : قَالَ مُصْعَبٌ : وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ ، إِلاَّ أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ.”( مسلم (.
كما أهتم الإسلام أيضاً بجسد الإنسان كله بداية من رأسه حتي قدميه فدعا إلي :نظافة الرأس: وذلك بغسله وتمشيط الشعر وقصه وحلقه، كل ذلك يضفي على المؤمن حسن الشكل والمظهر، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ – -، قَالَ : ” مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ ” (أبو داود )، وعَنْ جابر قَالَ : أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ – – زَائِرًا فِي مَنْزِلِي فَرَأَى رَجُلاً شَعِثًا ، فَقَالَ : ” أَمَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يُسَكِّنُ بِهِ رَأْسَهُ ؟ وَرَأَى رَجُلاً عَلَيْهِ ثِيَابٌ وَسِخَةٌ ، فَقَالَ : أَمَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يَغْسِلُ بِهِ ثِيَابَهُ ؟ ” (أحمد، وأبو داود، وابن حبان، والحاكم ).
**نظافة الفم والأسنان: فمن السنن المؤكدة المضمضة والسواك، فعلينا استخدام الفرشاة أو السواك، طهارةً لنا وإحياءً لسنة نبينا, فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ – -: ” لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي ، لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ.” ( الشيخان ) ، وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ – – قَالَ : ” تَسَوَّكُوا ؛ فَإِنَّ السِّوَاكَ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ ، وَمَا جَاءَنِي جِبْرِيلُ إِلاَّ أَوْصَانِي بِالسِّوَاكِ ، حَتَّى لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيَّ وَعَلَى أُمَّتِي ، وَلَوْلاَ أَنِّي أَخَافُ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي ، لَفَرَضْتُهُ لَهُمْ ، وَإِنِّي لأَسْتَاكُ , حَتَّى لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ أُحْفِيَ مَقَادِمَ فَمِي.” ( سنن ابن ماجه).
** نظافة الأنف : وقد بالغ الرسول صلي الله عليه وسلم في الاستنشاق ودعا إليه بقوله :” بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً ” وذلك لأن الأنف يتعرض للأتربة وينتج عنها أمراض الجيوب الأنفية وغيرها من الأمراض الخطيرة ..
**نظافة البدن وغسله: وفي نظافة البدن أُمِر المسلم بغسله يوم الجمعة، حتى عُبر عنه في بعض الأحاديث بلفظة (واجب)، فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ” قَالَ غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ” ( الشيخان )، على أن لا يقل الغسل عن مرة في الأسبوع ففي الحديث: ” حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا يَغْسِلُ فِيهِ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ ” (متفق عليه عن أبي هريرة) ويتأكد ذلك إذا وجدت أسبابه من العرق والوسخ ونحوه، حتى لا يكون مصدر إيذاء لمن يخالطه.
** النظافة من الحيض: فأمرت المرأة أن تغتسل بعد الحيض أو الإستحاضة أو النفاس؛ وأن تنظف مكان الدم وتطيبه بالمسك. فَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ النَّبِيَّ عَنْ غُسْلِهَا مِنْ الْمَحِيضِ فَأَمَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ قَالَ ” خُذِي فِرْصَةً مِنْ مَسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا، قَالَتْ كَيْفَ أَتَطَهَّرُ؟ قَالَ: تَطَهَّرِي بِهَا، قَالَتْ كَيْفَ؟ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ؟!! تَطَهَّرِي، فَاجْتَبَذْتُهَا إِلَيَّ فَقُلْتُ: تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ” ( الشيخان ).
أخوة الإيمان والإسلام:
كما أمر بنظافة كل ما يتعلق بالجسد من ثوب وبيت وطريق وطعام وشراب وهواء ..الخ. فأمر ب:” ** نظافة الثياب: وذلك بغسلها والاهتمام بالطيب والتعطر بالروائح العطرة، مما يضفي على الشخص جمالاً، ففي صحيح مسلم قَالَ:” إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ “.
وقد أمر الله نبيه بقوله :” وثيابك فطهر “(المدثر). أي ينبغي أن تكون الثياب التي تلبسها مطهرة عن تلك النجاسات والقاذورات وأن لا تكون مغصوبة أو محرمة ، بل تكون مكتسبة من وجه حلال .
و التخلص من الروائح الكريهة: ولا سيما عند دخول المساجد، فَعَنْ جَابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي اللهُ عنهما أَنَّ النَّبِيَّ – – قَالَ: “مَنْ أَكَلَ الثُّومَ وَالْبَصَلَ وَالْكُرَّاثَ فَلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بنو آدمَ”(مسلم).
** نظافة البيوت والأفنية والمساجد ونظافة الأماكن العامة: فلا بد من تنظيفها من كل الأقذار والأخباث التي يسوء منظرها، ويضر مخبرها. فعن سعيد بنِ المُسَيَّبِ مرسلاً قال: – – “إنَّ اللهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ ، نظيفٌ يُحِبُّ النظافةَ ، كريمٌ يُحِبُّ الكرمَ ، جَوادٌ يُحِبُّ الجُودَ ؛ فنَظِّفُوا أَفْنِيَتَكم ؛ ولا تَشَبَّهوا باليهودِ” ( الترمذي).
** نظافة الطريق: وذلك بإماطة الأذى عنها، وعدم إلقاء القاذورات في الشوارع والطرقات، وقد عد الإسلام ذلك شعبة من شعب الإيمان، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ – – قَالَ : ( الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ – أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ – شُعْبَةً , فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ , وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ ) ( متفق عليه) ، ومما حذرت منه السنة أشد التحذير: التخلي في الطريق، ومواضع الظل، وقد جعله مما يجلب اللعنة على صاحبه، سواء لعنة الله أم لعنة الناس، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ – – قَالَ : ” اتَّقُوا اللاعِنَيْنِ ” قَالُوا : وَمَا اللاعِنَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : “الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ وَفِي ظِلِّهِمْ ” وفي رواية : ” اتَّقُوا الْمَلاَعِنَ الثَّلاَثَ : الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ ، وَالظِّلِّ ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ. ” ( أبو داود، وابن ماجه، والحاكم ).
** نظافة الطعام والشراب: فقد حثت السنة على العناية بالطعام والشراب، وحمايتهما من أسباب التلوث، فَعَنْ جَابِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – -:” أَغْلِقُوا أَبْوَابَكُمْ ، وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ ، وَأَطْفِئُوا سُرُجَكُمْ ، وَأَوْكُوا أَسْقِيَتَكُمْ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا ، وَلَا يَكْشِفُ غِطَاءً ، وَلَا يَحُلُّ وِكَاءً ، وَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ الْبَيْتَ عَلَى أَهْلِهِ ” يَعْنِي: الْفَأْرَةَ .” (مسلم ، وأبو داود، وأحمد).
** نظافة المياه:” وجعلنا من الماء كل شيء حي ”
وذلك بالمحافظة على تنقيتها وطهارتها، وعدم إلقاء القاذورات والمخلفات والبقايا فيها، باعتبار أن الماء أساس الحياة، وقد جاءت أوامره – – ناهية عن أن يُبال في الماء الراكد، فَعَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ” أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ” (مسلم).
كما يشمل النهي البول في الماء الجاري وفي أماكن الظل باعتبارها أماكن يركن إليها المارة للراحة من وعثاء السفر، وعناء المسير، وربما لأن الشمس لا تدخلها فلا تتطهر فتصبح محط الأوبئة وموضع الأمراض، وفي الحديث عن أبي هريرة: ” لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ ” (متفق عليه).
والعلة من ذلك حتى لا تنتشر الأمراض والجراثيم، وبهذا سبقت السنّة بالحث على حماية البيئة من التلوث، بل عُدَّ للمقصر في الطهارة عذابٌ أليم، فَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ مَرَّ رَسُولُ اللَّه- -عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ:”إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا هَذَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ وَأَمَّا هَذَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ”( متفق عليه).
لذا تجب محاربة كل المحاولات التي تهدف إلى الإسراف والتبذير والتسرب للمياه، وكل الشركات والمصانع التي تلوث المياه، لأن التلوث ـ بحد ذاته ـ تعطل وظيفة الماء في كونه أساس الحياة•••مما شدد رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم على التحذير من الإفساد، في دعوته للمحافظة على سلامة البيئة، ويتجلى ذلك في حديثه الداعي إلى المحافظة على نقاوة المياه وطهارتها، وعدم إلقاء القاذورات والمخلفات والبقايا فيها، باعتبار أن الماء أساس الحياة، مما جاءت أوامره صلى الله عليه وسلم، ناهية عن أن يُبال في الماء الراكد، ذكر ذلك صلى الله عليه وسلم في حديث شريف:”لا يبولن أحدكم في الماء الراكد ثم يغتسل فيه”، ولا في الماء الجاري ولا في أماكن الظل باعتبارها أماكن يركن إليها المارة للراحة من وعثاء السفر، وعناء المسير، وربما لأن الشمس لا تدخلها فلا تتطهر فتصبح محط الأوبئة وموضع الأمراض، فقال في حديثه صلى الله عليه وسلم: “اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الماء وفي الظل وفي طريق الناس ”إننا لما خالفنا كل هذه التعليمات ولوثنا ماء النيل فنحن مهددون بقطعه عنا ..وكأن الله عز وجل أراد أن يعاقبنا علي أننا لم نحافظ علي النعمة التي أنعم بها علينا فو جدنا اليوم أن الصهاينة يألبون علينا ويهددوننا بقطعها عنا ..ومانزل بلاء إلا بذنب ومارفع إلا بتوبة .فما نزل بلاءإلا بذنب ومارفع إلا بتوبة ..”وتوبوا إلي الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم ترحمون”.
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين ..أما بعد فياجماعة الإسلام. ومما دعا إليه ديننا الإسلامي الحنيف، والمعهود عن السابقين الأولين من الصحابة والتابعين من عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- الأمر بالنظافة وتطييب المساجد، والسبب في الاهتمام بالنظافةبالمساجد : أن المساجد بيوت الله وأطهر البقاع إليه وأحبها، لذا كان الاعتناء بأحب البقاع إلى الله من الحسنات التي يؤجر عليها العبد، ولذا يقول الله –تعالى-:”فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَال”(النــور/36). . ورفعها أي: صيانتها عما لا يليق بها، وتقديرها كما قدرها الله وعظمها، وليس من تقدير المسجد ترك الأوساخ أو تعمد رميها أو وضعها، والسبب الثاني: أن المساجد يدخلها المصلون لأداء الصلاة، والصلاة تحتاج إلى تدبر وخشوع وخضوع لله، ولا يتم ذلك إلا في جو صافٍ نقي من كل المكدرات.. ومن المكدرات الأوساخ المرئية والمشمومة والمحسوسة، لذا كان لا بد من الاهتمام بنظافة وتنزيه المساجد..
وقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- بل وأمر بنظافة المساجد، والأمر المجرد عن أي قرينة تصرفه يدل على الوجوب، فنظافة المسجد واجبة، تقول عائشة -رضي الله عنها-: “أمر النبي صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور، وأمر أن تنظف وتطيب”.(أبو داود والترمذي وابن ماجة وأحمد ).
دخل رجل من الأعراب مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبال في ناحية من المسجد، فنهره الصحابة، وأرادوا أن يضربوه فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دعوه) ثم أمر أن يصب على بوله الماء؛ لأن المساجد آنذاك من تراب وحصى، ثم قال للأعرابي “إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر، إنما هي لذكر الله وقراءة القرآن والصلاة”( البخاري ومسلم).
وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رفع القذر والأذى والأوساخ من الطريق والأماكن المختلفة وأولاها المساجد من الحسنات الكبيرة التي تكتب لمن فعل ذلك؛ لأنه مشاركة في الخير ومعاونة على البر والتقوى، حيث قال -صلى الله عليه وسلم-:”عرضت عليّ أمتي بأعمالها حسنها وسيئها، فرأيت من محاسن أعمالها إماطة الأذى عن الطريق، ورأيت من سيئ أعمالها النخامة في المسجد لا تدفن( مسلم وأحمد). فلقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ترك الأوساخ أو تعمد إلقائها – ومنها النخامة- من الخطايا والسيئات، وفي الجانب الآخر يعد رفع الوسخ والأذى في الطرق من الحسنات. “فمن بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة، فقال رجل: يا رسول الله وهذه المساجد التي تبنى في الطريق مصليات ـقال نعم وإخراج القمامة منها مهور الحور العين في الجنة”(الطبراني ).
وروي ” كَانَتْ سَوْدَاءُ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ فَتُوُفِّيَتْ لَيْلاً فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُخْبِرَ بِمَوْتِهَا فَقَالَ أَلَا آذَنْتُمُونِي بِهَا فَخَرَجَ بِأَصْحَابِهِ فَوَقَفَ عَلَى قَبْرِهَا فَكَبَّرَ عَلَيْهَا وَالنَّاسُ خَلْفَهُ وَدَعَا لَهَا ثُمَّ انْصَرَفَ “( ابن ماجه). وهذا يبين لنا قيمة عامل المسجد أو النظافة في أي مكان .