أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةعاجل

خطبة بعنوان: الكلمة أمانة ..”فأمسك عليك لسانك ” لفضيلة الشيخ عبد الناصر بليح

22:24:49 خطبة بعنوان: الكلمة أمانة ..”فأمسك عليك لسانك ” لفضيلة الشيخ عبد الناصر بليح، بتاريخ 1 رجب 1437هـ- 8 إبريل 2016م.

 

لتحميل الخطبة بصيغة word أضغط هنا

لتحميل الخطبة بصيغة pdf أضغط هنا

ولقراءة الخطبة كما يلي:

 الحمد لله رب العالمين .. يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في سلطانه ولي والصالحين .. وأشهد ان سيدنا ونبيا وحبيبنا وشفيعنا وأستاذنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه طب القلوب ودوائها وعافية الأبدان وشفائها ونور الأبصار وضيائها محمد صلي الله عليه وسلم القائل :” أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك علي خطيئتك” اللهم صل وسلم عليك يا سيدي يا رسول الله وعلي ألك وصحبك والتابعين لهم بإحسان إلي يوم الدين .

 أما بعد فيا جماعة الإسلام . يقول الله عز وجل ” إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً ” [الأحزاب: 72].

أيها المسلم، مفهوم الأمانة في شريعة الإسلام مفهوم عام شامل لأقوال العبد وأعماله، فكما أنه محاسب على أعماله، مُؤتَمَنٌ عليها؛ فهو محاسب على الأقوال، ومُؤتَمَن عليها والأمانة مدلولها عظيم ومشمولها واسع فهي تشمل كل شيء في هذا الوجود …

 وليس من الغريب أن نذكِّر أنفسنا بين الحين والآخر بأمانة الكلمة، ومسؤوليَّة الفرد عمَّا يقوله في شأن من أمور الدُّنيا أو ما يتعلَّق بالآخرة. والنُّصوص المتواترة في هذا مِنَ الكتاب والسُّنَّة أشهر من أن تُذكر. كم هي ثقيلة أمانة الكلمة؟! وكم هو عِبْؤُها أثقل حينما تخرج ممَّن يُزعم أنَّه عالمٌ أو طالب علمٍ أو داعيةٌ يصدر النَّاس عن رأيه، وينثنون إلى قوله! ماذا أتعب العلماءَ الرَّبَّانيِّين غيرُ هذا؟ إذًا أخي المسلم الكلمة أمانة، فإمَّا أن تؤدي كلمة صادقة نافعة مفيدة، فتكتسب بها أجرًا وثوابًا، وإما كلمة سيئة، وكلمة خبيثة، وكلمة تدعو إلى باطل، وتؤيد الشرَّ والفساد؛ فتلك كلمة تُحاسَب عليها.

فاسمع إذًا فضل الكَلِم الطيِّب، في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم قال: “كلمتان خفيفتان على اللسان، حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان؛ سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم” (البخاري ومسلم).

 أخي المسلم، كم تتكلّم في حياتك بكلمات؟ هذه الكلمات ستكون حجة لك أمام الله يوم لاينفع مال ولابنون وقد تكون وبالاً عليك في دنياك وآخرتك، وسيخفُّ بها ميزان أعمالك، فأنت محاسَب على الأقوال؛ كما أنت محاسب على الأعمال؛ بل الأقوال أشدّ، فكم من مُسيطِر على نفسه في أعمال جوارحه، لكنَّه أمام لفَظَات اللسان عاجز، يُطلِق للسانه العِنان ليقول ما يشاء؛ فتعظم الأوزار والآثام. يقول الله تعالى:”أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ”(إبراهيم: / 24ـ27).

ويقول صلى الله عليه وسلم: “إن العبد ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً من رضوان الله يرفعه الله بها درجات وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوى بها في جهنم”( البخاري ومسلم).

كم من كلمة أفرحت وأخرى أحزنت وكم من كلمة انشرح لها الصدر وأنس بها الفؤاد وأحس بسببها سعة الدنيا وأخرى انقبضت لها النفس واستوحشها القلب وألقت قائلها أو سامعها في ضيق أو ضنك فضاقت الدنيا على رحبها وكم من كلمة آست جروحًا وأخرى نكأت وأحدثت حروقًا وآلامًا.وكم من كلمة أخمدت فتنة وكم من كلمة أشعلت حروباً . والكلمة في الإسلام ليست حركات يؤديها المرء دون شعور يتبعها بل إن الانضباط في الكلمة سمة من سمات المؤمنين الصادقين ، وصدق الله تعالى إذ يقول:”قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ” ( المؤمنون/ 1-3).

والمؤمن الحق يشعر بقيمة كلمته حيث يعرف أنها معراج للطهر وسبيل إلى الصلاح وفي ذلك أجمل عزاء حينما تنازعه نفسه ليحارب أرباب الكلام في كثرته وتفلته دون حسيب أو رقيب يقول الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ * وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُوْلَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيْمًا”(الأحزاب/70-71). قال ابن كثير رحمه الله: “يقول الله تعالى آمراً عباده المؤمنون بتقواه وأن يعبدوه عبادة من كأنه يراه وأن يقولوا قولاً سديداً أي مستقيمًا لا اعوجاج فيه ولا انحراف ووعدهم أنهم إذا فعلوا ذلك أثابهم عليه بأن يصلح لهم أعمالهم أي يوفقهم للأعمال الصالحة وأن يغفر لهم ذنوبهم الماضية وما قد يقع في المستقبل يلهمهم التوبة منه” (تفسير ابن كثير 3/521). ويقول صلى الله عليه وسلم: “.

 والكلمة الطيبة صدقة..”( مسلم). أخي المسلم، إن ربَّنا جلّ وعلا أخبرنا أن أقوالنا مُحْصاة علينا:” مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]. وقال:”يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ “(النور/24 – 25).

 أخي المسلم، كلماتك تُعبِّر عمَّا انطوى عليه ضميرُك، كلماتك تُعبِّر عمَّا استقرَّ في قلبك، كلماتك تُعبِّر عن اتجاهك الفِكري، ومدى ما وصل إليه اتجاهُك وتفكيرُك، إذًا فاللسان تُرْجُمَان القلب، يتكلم هذا بلسانه فتستطيع أن تُقوِّم فكرَه ورأيَه، وتستطيع في الغالب أن تطّلع على أفكاره ومكنوناته من خلال تلكم الكلمات التي تلَفَّظَ بها، ولذا قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم مخبرًا له عن حال المنافقين، وأنّه جلَّ وعلا قادر أن يُطْلِع نبيَّه على أعيانهم كلهم، لكن حكمة الله تقتضي عدم ذلك، وإن عَلِم ما عَلِم منهم فغيرُهم لا يعلَمهم، إلا أن الله جلّ وعلا أخبر نبيه بصفة عامة، وهي الأقوال فقال: “وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ “(محمد: 30) فما انطوى عليه الضمير لا بدّ أن يكشفه اللسان، وإن تَحَفَّظ ما تَحَفَّظ، فإنّ فَلَتات لسانه تُنبئ عما في مكنون قلبه. أخي المسلم، كم زلّت بالكلمات أرجل أقوام، وضلّوا عن سواء السبيل! يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم في إخباره عن المستهزئين به وبأصحابه: “وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ” [التوبة:65 – 66]، أناس مع محمد صلى الله عليه وسلم مجاهدون معه في غزوة تبوك، تكلَّموا بكلمات زلّت بها القدم فنالوا الوعيد الشديد، قال قائلهم: “ما رأينا مثل قُرَّائنا هؤلاء، أكذبنا ألسنًا، وأرغبنا بطونًا، وأجبننا عند اللقاء!”؛ يَعنُون رسول الله وأصحابه، فجاء الوحي من الله ليطلع نبيَّه على تلكم المقالة السيئة، والمقالة الخبيثة، والمقالة المُنْبِئة عن نفاق وغِلٍّ على الإسلام وأهله، فجاؤوا ليعتذروا، وليقولوا: هي كلمات قلناها نقطع بها مَشَقَّة الطريق وعناءه، والرسول يقول لهم: ” أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ” [التوبة: 65]، لا يزيد على ذلك، ولا يرد عليه [الطبري وابن أبي حاتم ].

 إذًا – أخي المسلم – فلنتثبَّت في ألفاظنا، ولنحاسب أنفسنا قبل أن تزلَّ القدم، ولنَعْلَم أن الكلمات السيئة كم هدمت من بناء أعمال صالحة! وكم أوردت صاحبها موارد العَطَب والهلاك! يقول صلى الله عليه وسلم: “إن العبد ليتكلّم بالكلمة من سَخط الله، لا يظن أن تبلغ ما بلغت، يَكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه، وإن العبد ليتكلّم بالكلمة من رضوان الله، ما يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه”(مالك والترمذي).

 أخي المسلم، إن للكلمة أمانة، فالتزم أمانة الكلمة لتكون من المؤمنين حقًّا، أنت مسلم آمنت بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا رسولاً، فلتكن كلماتك كلمات نافعة، وكلمات مؤثِّرة، وكلمات تخدم دينك، وكلمات تسعى في لَمِّ شَعَثِ أمَّتك، وكلمات تسعى في جمع الصفّ، وكلمات تُعالج بها قضايا الأمة على ضوء من كتاب الله، ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

 أخي المسلم، للكلمة في هذا العصر دورها الفعّال في توجيه الأمّة، وبثّ الأفكار والآراء، وعلاج القضايا، وطرح القضايا من خلال الصفحات؛ لكي تأخذ مسارها في التوجيه والإرشاد، وإن كنا لنشكر لصحافتنا تغطيتها الأحداث، ومحاولتها علاج قضايا الأمّة، إلا أنّ لنا معهم وقفات نريد بها الخير والصلاح للجميع فإنّ أغلى ما عند المسلم دِينه، فدينُه الذي شرَّفه الله به، ودينه الذي أعزّه الله به، ودينه الذي اختاره الله له، أن جعله من هذه الأمّة المحمّدية التي هي خير أمة أخرجت للناس، فالمؤمن بالله ورسوله ودينه حينما يطرح للصحافة قضية، وحينما يكتب مقالاً، وحينما يعالج قضية من القضايا – يُهمّه قبل كل شيء: هل هذه الأطروحة، وهل هذه القضية، وهل هذه الكتابة ستكون في ميزان أعماله عملاً صالحًا، أو تكون عملاً سيئًا؟ فينظر إليها من هذه النظرة، فإن كان ما سيكتبه ويسطّره عملاً صالحًا، يرجو به ما عند الله من الثواب، ويكون سببًا لرجحان ميزانه: ” فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه “(الزلزلة/ 7 – 8).

 فليكتب وليمضِ مخلصًا لله، قاصدًا وجه الله والدار الآخرة، وإن فكَّر في هذا المقال، ونظر إلى ما يريد طرحه من قضايا فوجد أنها لا تخدم هذا الدين، ولا تساهم في إسعاد الأمّة فليبتعد عنها؛ ليَسلَم له دينه وإيمانه. إن أمانة الكلمة أمانة عظيمة، لو تدبّرها العاقل لعَلِم حقًّا أنها أمانة كبرى، وأمانة عظمى مُلقاة على رجال الإسلام أسأل الله أن يأخذ بأيدي الجميع لما يحبه ويرضاه، وأن يجعل هدف الجميع رضوان الله، والتقرّب إليه بما يرضيه. فإن المسلم حقًّا داعٍ إلى الله في أيّ ميدان من ميادين حياته: الخطيب على منبره، المدرس في مدرسته، المعلم في جامعته، الصحفي في صحيفته، المُعدّ برامج الإعلام في إعداده، الكل يخدمون هذا الدين، ويسعون لتمكين الخير في قلوب المجتمع، ومن دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه إلى يوم القيامة. فلنحرص – إخواني جميعًا – أن نكون يدًا واحدة في سبيل إسعاد هذا المجتمع المسلم، والحفاظ على دينه وأخلاقه وقِيَمة وأمنه من خلال ما نكتب وما نتحدّث به. أسأل الله أن يأخذ بيد الجميع لما فيه خير الأمة، وصلاحها في أمر دينها ودنياها. أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربّنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.

وبعد: فيأيها الناس، اتقوا الله تعالى حقَّ التقوى. جاء في الحديث: “أن الجوارح تُكفّر اللسان تقول له: نحن بك؛ إن استقمت استقمنا، وإن اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنا” (أحمد والترمذي)، إذًا فاللسان سبب لاستقامة الجوارح، سبب لاستقامتها وثباتها، أو سبب لانحرافها والعياذ بالله.

أخي المسلم :” قد يتطاول أحياناً بعض ضعاف النفوس علي العلماء بالكلمة ويخوضون في سيرتهم وينهشون أعراضهم ويخوضون في سيرتهم بالباطل و الخوض في العلماء والتطاول علي رموز الإسلام للنيل من سمعتهم من الأمور التي حرمها الإسلام ..

ونقول لأولئك بان العلماء من البشر غير معصومين، إلا أنه إذا حصل شيء من الخطأ والنسيان والهوى لا ينقص ذلك من قدرهم؛ لأنهم ورثة الأنبياء والأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافر، فلا يجوز سبهم ولا التشهير بهم، ولا تَتَبُّع عَثَراتِهم ونشرها بين الناس؛ لأن في ذلك فسادًا كبيرًا، ونقول لهم :” بأن لحومَ العلماءِ مسمومة، وعادةُ الله في هتكِ أستار منتقصيهم معلومة” وأن من أطال لسانَه في العلماءِ بالسلبِ بلاه الله قبل موته بموت القلب:” فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ”(النور/63).

فالعلماء سادة الأمة،وحراس الشريعة،وسياجها،ونجوم الأرض، فإذا انطفأت أتي الأرض ما توعد،ولا خير في قوم لا يعرفون للعلماء قدرهم ومكانتهم، ولا يعطونهم حقهم من الاحترام والتوقير، ومن وقع فيهم بالقلب، ابتلاه الله قبل موته بموت قلبه “.

وسنة الله في خلقه أنه لابد أن يهتك ستر من هتك ستر أئمة العلم والهدى” ورحم الله امرأ تكلم في العلماء بعلم ،أو صمت بحلم، وأمعن في مضايق أقاويلهم بتؤده ، ثم استغفر لهم ووسع نطاق المعذرة، وإلا فهو لا يدري، ولا يدري أنه لا يدري وقد قال بعضهم: “إن الظالمين مهما ظلموا والفاسقين مهما فسقوا ففيهم بذرة الخير ما داموا يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله وما علينا نحن المسلمين إلا أن نحافظ على هذه البذرة ونمدها بالحياة والإنبات فإن فشلنا في ذلك فلا نلومن إلا أنفسنا. فأين المسلمون من هذا الفكر الراقي في معاملتهم لإخوانهم المسلمين.

وإن سلامة الإيمان مرتبطة بنزاهة اللسان قال صلى الله عليه وسلم: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده”( البخاري ومسلم). وقال صلى الله عليه وسلم: “يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تتبعوا عورات الناس فمن تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته وفضحه ولو في بيته”( البيهقي بلفظ ونحوه) فعلى المسلم أن ينزه لسانه من كل قبيح وما أجمل أن يجري على لسانه الذكر والتسبيح والتحميد والاستغفار وكلمة الحق وما أقبح أن يجري على لسانه كلمة زور أو كذب أو غيبة أو نميمة أو استهزاء واستخفاف بالناس أو لعن أو إفشاء سر أخيه عند الخصومة. وعلى المسلم أن يضبط لسانه عند الكلام أثناء الغضب أو الجدال فلربما طلق زوجته.. وعليه أن يضبط نفسه ولايهزي بكلام يكبه علي وجهه في النار

.. عن معاذ رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار ، قال : لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه : تعبد الله لا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت . ثم قال : ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنة ، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ، وصلاة الرجل في جوف الليل ، ثم تلا : تتجافى جنوبهم عن المضاجع حتى بلغ : يعلمون ( السجدة / 16 – 17 ). ثم قال : ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟ قلت : بلى يا رسول الله ، قال : رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد ، ثم قال : ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ قلت : بلى يا رسول الله ، فأخذ بلسانه ، قال : كف عليك هذا قلت : يا نبي الله ، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : ويحك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم ، أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم . (الترمذي ).

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »