أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة خطبة الأسبوع ، خطبة الجمعة القادمة، خطبة الاسبوع، خطبة الجمعة وزارة الأوقافعاجل

خطبة بعنوان : “استقبال شهر رمضان بالتكافل والتراحم”، لفضيلة الشيخ عبد الناصر بليح، بتاريخ 29 من شعبان 1438هـ، الموافق 26 مايو 2017م

خطبة بعنوان : “استقبال شهر رمضان بالتكافل والتراحم”، لفضيلة الشيخ عبد الناصر بليح، بتاريخ 29 من شعبان 1438هـ، الموافق 26 مايو 2017م.

لتحميل الخطبة بصيغة word أضغط هنا

لتحميل الخطبة بصيغة pdf أضغط هنا

 

ولقراءة الخطبة كما يلي:

العناصر :

1-مواسم الطاعات.

2- حث الرسول صلي الله عليه وسلم علي اغتنامها.

3-مدرسة رمضان

4- الكرم والجود والتكافل .

5- شهر التوبة والمغفرة .

الحمد لله رب العالمين , يارب لك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه  .. حمداً دائماً يليق بجلاله وكماله وعظيم سلطانه .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في سلطانه ولي الصالحين . أجزل الخير للطائعين الصائمين فقال في حديثه القدسي علي لسان نبينا صلي الله عليه وسلم : “أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ذُخْرًا بَلْهَ مَا أُطْلِعْتُمْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَرَأَ:”فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”( البخاري ومسلم(.وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا وشفيعنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه .. طب القلوب  ودوائها وعافية الأبدان وشفائها ونور الأبصار وضيائها محمد صلي الله عليه وسلم القائل:”مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ” (متفق عليه). اللهم صلاة وسلاماً عليك يا سيدي يا رسول الله وعلي آلك وصحبك الطيبين الطاهرين وسلم تسليماً كثيراً ..أما بعد فيا جماعة الإسلام .

مواسم الطاعات :

إن من نعم الله عز وجل على عباده أن جعل لهم مواسم للخيرات والبركات والطاعات ، ومَنَّ عليهم فيها بالنفحات والمزيد من الحسنات ، فيعملون قليلاً ويؤجرون كثيرًا ، وينفقون زهيدًا ويجزون مزيدًا ، “ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ”(الحديد/21).ويقول رسول الله صلي الله عليه وسلم :” إن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبداً(الترمذي).

ومن هذه المواسم العظيمة وتلك النفحات الجليلة ما نحن بصدد استقبال هلاله  من أيام مباركة وليال فاضلة ، وهو شهر رمضان المبارك ، شهر جعل الله صيام نهاره فريضة ، وقيام ليله سنة ، قال سبحانه : “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ  أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ  شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” [البقرة:183-185].

أخوة الإيمان :

حث الرسول صلي الله عليه وسلم علي اغتنامها :

ولقد حرص الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  على تهيئة أصحابه لاستقبال هذا الشهر الكريم ، واغتنام أيامه ولياليه بالمسارعة إلى الخيرات ، وطلب المغفرة والرحمات من رب الأرض والسموات ، فعَنِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ (رضي الله عنه) قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ، فَقَالَ:” أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ عَظِيمٌ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، شَهْرٌ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، جَعَلَ اللَّهُ صِيَامَهُ فَرِيضَةً، وَقِيَامَ لَيْلِهِ تَطَوُّعًا ، مَنْ تَقَرَّبَ فِيهِ بِخَصْلَةٍ مِنَ الْخَيْرِ كَانَ كَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ ، وَمَنْ أَدَّى فِيهِ فَرِيضَةً كَانَ كَمَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ ، وَهُوَ شَهْرُ الصَّبْرِ ، وَالصَّبْرُ ثَوَابُهُ الْجَنَّةُ … الحديث” (صحيحُ ابن خُزَيمة).

إن لشهر رمضان فضائل عظيمة ومكانة كبيرة ، ينبغي أن نعيها وأن نعيش في كنفها ، فهو شهر القرآن والصيام والذكر والقيام ، قال تعالى:”شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” [البقرة: 185] .

أيها الناس : فلنستقبل هذا الشهر الكريم بقلوب عامرة ونفوس طاهرة  ، وتوبة صادقة خالصة ، فضاعفوا فيه الطاعات ، وحافظوا على حرماته ، وتزودوا فيه لآخرتكم ، حتى يشملكم الله برعايته وعنايته ورحمته ومغفرته ، فعَنْ أَبِي نَضْرَةَ (رضي الله عنه) قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” أُعْطِيَتْ أُمَّتِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ نَبِيٌّ قَبْلِي، أَمَّا وَاحِدَةٌ : فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ نَظَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ ، وَمَنْ نَظَرَ اللهُ إِلَيْهِ لَمْ يُعَذِّبْهُ أَبَدًا، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ : فَإِنَّ خُلُوفَ أَفْوَاهِهِمْ حِينَ يُمْسُونَ أُطَيِّبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ : فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَسْتَغْفِرُ لَهُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، وَأَمَّا الرَّابِعَةُ : فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَأْمُرُ جَنَّتَهُ فَيَقُولُ لَهَا : اسْتَعِدِّي وَتَزَيَّنِي لِعِبَادِي أَوْشَكَ أَنْ يَسْتَرِيحُوا مِنْ تَعَبِ الدُّنْيَا إِلَى دَارِي وَكَرَامَتِي ، وَأَمَّا الْخَامِسَةُ : فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ آخِرُ لَيْلَةٍ غَفَرَ لَهُمْ جَمِيعًا ” فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَهِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ؟ فَقَالَ: “لَا ، أَلَمْ تَرَ إِلَى الْعُمَّالِ يَعْمَلُونَ فَإِذَا فَرَغُوا مِنْ أَعْمَالِهِمْ وُفُّوا أُجُورَهُمْ ” (شعب الإيمان).

فعلينا أن نغتنم هذه الفرصة ، حتى لا نكون ممن ذكرهم الرسول صلي الله عليه وسلم  في الحديث الذي رواه أَبِو هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ:”آمِينَ آمِينَ آمِينَ” قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ حِينَ صَعِدْتَ الْمِنْبَرَ قُلْتَ: آمِينَ آمِينَ آمِينَ، قَالَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي، فَقَالَ: مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، وَمَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يَبَرَّهُمَا، فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، وَمَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ”(صحيح ابن حبان).

مدرسة رمضان :

أيها الموحدون بالله :

إن شهر رمضان مدرسة تتربى فيها الأمة الإسلامية ، تتعلم منها الصبر  وتقوية الإرادة ،والسلوك القويم والكرم والجود والتراحم والتكافل الاجتماعي  فيجد المسلمون في نهاره ثمرة الصبر والانتصار على الشهوات ، ويجدون في ليله لذة المناجاة والوقوف بين يدي ربهم ، وتتجسد فيه ملامح التلاحم بين المسلمين عامتهم وخاصتهم ، علمائهم وعامّتهم كبيرهم وصغيرهم ، ليكون الجميع يدًا واحدةً ، وبناءً متكاملاً ، لدفع تيارات الفتن ، وأمواج المحن حتي ينالوا من الله الخيرات وتنزل الرحمات .

وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم دائماً يبشر أصحابه بقدوم رمضان  ويحببهم في الطاعة والعبادة وفي تقويم السلوك في هذا الشهر فعن عبادة بن الصامت (رضي الله عنه) أنه كان الحبيب صلي الله عليه وسلم  إذا أقبل شهر رمضان يقول:” أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرُ بَرَكَةٍ ، فِيهِ خَيْرٌ يَغْشَاكُمُ اللَّهُ فَيُنْزِلُ الرَّحْمَةَ وَيَحُطُّ فِيهَا الْخَطَايَا ، وَيُسْتَحَبُّ فِيهَا الدَّعْوَةُ ، يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى تَنَافُسِكُمْ وَيُبَاهِيكُمْ بِمَلاَئِكَةٍ ، فَأَرُوا اللَّهَ مِنْ أَنْفُسَكُمْ خَيْرًا ، فَإِنَّ الشَّقِيَّ كُلَّ الشَّقِيِّ مَنْ حُرِمَ فِيهِ رَحْمَةَ اللَّهِ ” (الطبراني).

أيها الناس :

فليحرص كل مؤمن وهو يستقبل  رمضان أن يكون الشهر كله منضبطاً وأن يقوم سلوكه وأن يغير من أفعاله وأقواله  بل وفي كل حياته وأوقاته يحرص علي ذلك ..

فالحرص كل الحرص على أن نؤدي الصلاة في جماعة في بيوت الله عز وجل ، ولا يكن حالنا كحال المنافقين الذين وصفهم الله تعالى بقوله : “إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا” [النساء: 142] .

وقد قرن رسول الله صلي الله عليه وسلم عند مغفرة الذنوب الصلاة بهذا الشهر الكريم فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول:”الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ”(  مسلم) .

أخي المسلم  :ونحن نستقبل الشهر الفضيل  فرمضان مدرسة يتعلم فيها المؤمنون كيف يقومون سلوكهم .. فهو شهر تتطلع إليه قلوب المؤمنين ، وتتشوق لبلوغه أفئدة المتقين ، نهارُهُ مصونٌ بالصيام ، وليلُهُ معمورٌ بالقيام ، تهبُّ فيه رياحُ الأنس بالله ، وتجود الأنفسُ بما عندها نحو الله عز وجل ، إنه منحة ربانية لهذه الأمة ، فهو شهرٌ عظَّمه اللهُ وكرَّمه ، وأَعْظمَ الثواب فيه لصُوَّامه وقوَّامه ، وهو بمثابة سوق يُتيحُه الله عز وجعل لعباده كل عام مرة ليتاجروا فيه مع ربهم التجارة الرابحة .

والمسلم الحق هو الذي يعرف لهذا الشهر حقه فلا يجعل يوم فطره كيوم صومه سواء بل لابد له من محاسبة نفسه وتقويم سلوكه حتي لايخرج من هذا الشهر خالي الوفاض بلي حسنات كما  قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ، وَالْعَطَشُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ” (المعجم الكبير للطبراني).

    أخوة الإيمان والإسلام

ومن سلوك المؤمن في رمضان .

**أكل الحلال والبعد عن الحرام

إخوة الإسلام :ومن سلوك المؤمن في رمضان والذي يتعلمه في تلك المدرسة هو أكل الحلال والبعد عن الحرام, فليس من الحكمة لعاقل أن يمسك عن الحلال في نهار رمضان امتثالاً لأمر الله ثم يفطر على حرام يضيع به صيامه وقيامه ، فالحق سبحانه وتعالى أمرنا بما أمر به المرسلين بالأكل من الطيبات ، فما دام الأكل حلالاً طيباً فالعمل صالح مقبول، فإذا كان الأكل غير حلال، فكيف يكون العمل مقبولاً ؟ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم  : “إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: “يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِـحًا إِنِّى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ “(المؤمنون/51)، وقال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ”(البقرة/ 172). ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِىَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ”(مسلم). فإذا ما صام الإنسان وأفطر على الحرام فلا ثواب لصيامه مصداقاً  لقول الرسول صلي الله عليه وسلم في الحديث: “رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ، وَالْعَطَشُ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ“.(أحمد وابن ماجة).

الكرم والجود والتكافل والتراحم:

أيها الناس :ولقد كان الحبيب المصطفى صلي الله عليه وسلم  أجود بالخير من الريح المرسلة في رمضان، وما منع النبي صلي الله عليه وسلم  سائلاً أبداً، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه  قَالَ: ” كَانَ رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه وسلم  أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ ، وَكَانَ يَلْقَاهُ  فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللهِ صلي الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ “(متفق عليه) .

فالمسلم  ينفق في سبيل الله ، ولا يبخل ، ولا يخش الفقر و الفاقة ، و عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ  أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم قَالَ:”مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا وَيَقُولُ الآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا “.(البخاري ومسلم).  

ولنعلم أن لنا إخوة فقراء علينا أن نتذكرهم ، فمن ملك الزاد وأطعم فقد فاز بأجر كبير وثواب عظيم ، فعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ ، غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا ” (الترمذي) .

أخوة الإيمان والإسلام :وكما أن  رمضان شهر القرآن ، فرمضان شهر الجود والكرم ، رمضان شهر الصبر ، رمضان شهر الرحمة ، رمضان شهر البر والصلة ، رمضان شهر الدعاء والإجابة ، وهو كذلك في كل ما ذكر ، وإن الله فتح في هذا الشهر الكريم أبواب من الطاعات تحقق مفهوم الجسد الواحد للأمة، وتعمق التكافل والتعاون بين أفرادها، وتقوي الروابط والصلات بين مجموعاتها، ومن هذه الطاعات أن النبي صلي الله عليه وسلم  قال:” أيما مؤمن أطعم مؤمناً على جوع، أطعمه الله من ثمار الجنة ومن سقى مؤمناً على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم ومن هذه الطاعات إطعام الطعام وتفطير الصوام، وكان ابن عمر لا يفطر كما روي عنه إلا مع اليتامى والمساكين، وقال النبي صلي الله عليه وسلم : ” من فطَّر صائماً كان له من الأجر مثل أجره، غير أنه لا ينقص ذلك من أجر الصائم شيء “.(الترمذي).

هذه العبادات لها شأن أيها الأخوة في نشر المحبة، وما من شأنه تقوية روابط المجتمع، وزيادة الأجر المترتب عليها، ففي الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها، قيل لمن هي يا رسول الله؟ قال:” لمن أفشى السلام، وأطعم الطعام، وصلى بالليل والناس نيام “.

أيها الصائمون: هذا الشهر شهر التكافل والتضامن، والتكافل والتعاون، وكان النبي صلي الله عليه وسلم  جوادا كريما، وأجود ما يكون في شهر رمضان حين ينزل عليه جبريل، ورسولنا عليه الصلاة والسلام ما رد سائلا قط، فأخرجوا زكاة أموالكم في هذا الشهر الفضيل، وأكثروا من الصدقات فيه، أعينوا الفقراء والمساكين، ووسعوا على المحتاجين، وتذكروا أن الله يقول :”لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ “(آل عمران: 92).

يروى أن النبي صلي الله عليه وسلم أمر عائشة أن تتصدق بشاة مذبوحة، فأخرجتها إلا الكتف، فلما جاء النبي صلي الله عليه وسلم  وسألها هل بقي منها شيء؟ قالت لم يبقى منها إلا كتفها، فقال لها النبي صلي الله عليه وسلم بل بقيت كلها إلا الكتف، لأن ما ينفق هو الذي يبقى حقيقة. وأعلموا يا عباد الله أن النبي صلي الله عليه وسلم  قال:” اتقوا النار ولو بشق تمرة، فلا تستقلوا شيئاً :”لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا “(البقرة: 286)”وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ “(سبأ: 39) وتذكروا عباد الله أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، منهم “رجُل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه  ” والصدقة تطفئ غضب الرب كما يطفئ الماء النار ” كما قال النبي صلي الله عليه وسلم .

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم.

الخطبة الثانية “

الحمد لله رب العالمين – والصلاة والسلام علي أشرف الخلق أجمعين .

أيها الناس ، اتقوا الله تعالى فتقوى الله هي الثمرة المرجوة من الصيام حيث تحث آيات الصوم في أولها :” لعلكم تتقون” وفي أخرها “ولعلهم يتقون” .والتقوي وقاية من الشر والعذاب ، وسبب موصل للخير والثواب .

 إخوة الإيمان والإسلام  :

شهر التوبة والمغفرة..  

نستقبل بعد ساعات قلائل  ضيفاً كريماً، وشهراً عظيماً، لم يبق بيننا وبينه إلا أيام  معدودة، فماذا أعددنا لهذا الضيف؟ وكيف سنستقبل هذا الشهر العظيم؟ شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِى أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ هُدًى لّلنَّاسِ وَبَيِّنَـٰتٍ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ” (البقرة/185).

فرض الله عليْنا صيام نهاره وسن لنا رسول الله قيام ليله ، فرَضه الله لرفعة درجاتِنا، وتكفير سيئاتنا، فلنستشْعِر التَّعبُّد لله بالصِّيام، ولنحتسبِ الأجْرَ عند الله فيما يُصيبُنا من عطشٍ وجوعٍ، ولا نتثاقل شهر رمضان ونراه عبئًا نتمنَّى رحيلَه؛ فعن أبي هُريرة قال: قال رسولُ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -:”مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه”( البخاري(.

فهو شهر التوبة والمغفرة..  

عباد الله : قد بين الله لكم مراتب الخير وثوابه ، وحضكم على ذلك وسهل لكم طرقه وأسبابه ، فقال تعالى: ” وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ” وإلى قوله:” فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ” . فوصف المتقين بالقيام بحقوقه وحقوق عباده وبالتوبة والاستغفار ، ونفى عنهم الإقامة على الذنوب والإصرار ، وقال معاذ بن جبل – رضي الله عنه- ” يا رسول الله : أخبرني بعمل يدخلني الجنة وينجيني من النار . قال صلي الله عليه وسلم  : ” لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله لا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان وتحج البيت ” ، أي فمن قام بهذه الشرائع الخمس حق القيام استحق النجاة من النار ودخول دار السلام ، ثم لما رآه شديد الرغبة في الخير وضح له وللأمة الأسباب التي توصل إلى خيري الدنيا والآخرة ، والأبواب التي تفضي إلى النعم الباطنة والظاهرة- فقال:”ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنة”أي : وقاية في الدنيا من الذنوب ، ووقاية في الآخرة من جميع الكروب ، “والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ، وصلاة الرجل في جوف الليل ” ثم تلا قوله تعالى: ” تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ “- حتى بلغ-“يَعْمَلُونَ ” ثم قال: “ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ رأس الأمر : الإسلام وعموده : الصلاة وذروة سنامه : الجهاد في سبيل الله ” ثم قال : “ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ ” قلت بلى يا رسول الله ، فأخذ بلسان نفسه وقال: ” كف عليك هذا ” قلت يا رسول الله : وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ قال: “ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على مناخيرهم إلا حصائد ألسنتهم ؟! ” فمن ملك لسانه فأشغله بما يقربه إلى الله من علم وقراءة وذكر ودعاء واستغفار ، وحبسه عن الكلام المحرم من غيبة ونميمة وكذب وشتم وكل ما يسخط الجبار- فقد ملك أمره كله واستقام على الصراط المستقيم . ومن أطلق لسانه فيما يضره استحق العذاب الأليم . فانظروا رحمكم الله ما أسهل هذه الشرائع وأيسرها ، وما أعظم ثوابها عند الله وأكملها . فجاهدوا نفوسكم على تحقيقها وإكمالها ، وسلوا ربكم الإعانة على أقوالها وأفعالها .

أيها الناس:ونحن نستقبل هذا الضيف الكريم علينا أن نستشعر منزلته ومكانته وأن نعد له العدة جيداً وأن نغتنم أيامه ولياليه بالمسارعة إلي الخيرات وطلب لمغفرة والرحمات من رب الأرض والسموات ..وأن نأخذ بأسباب الرحمة والمغفرة حتي ننال الدرجة العلي من الجنة .. فرمضان موسم للطاعات والحسنات ..ويستطيع المسلم الصائم أن يحصد مليارات الحسنات إذا جعل هذه الفرصة أمامه لاتغيب عنه والتقرب إلي الله بشتي وجوه الخير والتخلق بأخلاق القرأن والتحلي بأخلاق الإسلام في كل أقواله وأفعاله وحركاته وسكناته ..

والسعيد من ربح في هذا الشهر البركات والخيرات والشقي هو من ادرك رمضان ولم يغفر له خاب وخسر وذلك هو الخسران المبين .

أخوة الإيمان والإسلام :

نستقبل شهر رمضان بتوبة صادقة خالصة نصوحٍ، نقلع فيها عن كل معصية، ونندم على ما مضى من أعمارنا في معصية الله، ونعاهد الله ألا نعود لمعصية. فالتوبة واجبة من كل ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وربّه ولا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط: الإقلاع عن الذنب، والندم على ما فات، والعزم على عدم العودة إلى الذنب أبداً، وإن كانت المعصية تتعلق بحق آدمي فيضاف شرط رابع لهذه الشروط الثلاثة وهو أن يبرأ من حق صاحبها،وهي رد المظالم إلي أهلها , فإن كانت مالاً رده إليه، وإن كانت غيبة استحله منها ونحو ذلك.

يا نفـس توبي قبـل أن لا تستطيعي أن تتوبي

واستغفري لذنوبــــــك الرحمن غفــار الذنـوب

إن المنايا كالرياح عليــــك دائمــة الهبــــــوب

أخوة الإيمان والإسلام :”كلنا ذوو خطأ،وكلنا ذاك المذنب، والخطأ من طبيعة البشر والمعصوم من عصمه الله سبحانه وتعالى، والكمال لصاحب الكمال سبحانه وتعالى، و”كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون”( صحيح).وعن  أبي هريرة رضي الله عنه  عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال :”والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لأتى الله بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر الله له”.فلا بد من الخطأ والتقصير، فكلنا ذو خطأ، وكلنا ذاك المذنب”(مسلم).اللهم بلغنا رمضان وبارك لنا فيه وارزقنا صيامه وقيامه اللهم أمين يارب العالمين .

عباد الله :أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم ..وقوموا إلي صلاتكم يرحمكم الله ..وأقم الصلاة ..عبد الناصر بليح .

اظهر المزيد

admin

مجلس إدارة الجريدة الدكتور أحمد رمضان الشيخ محمد القطاوي رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) تليفون (phone) : 01008222553  فيس بوك (Facebook): https://www.facebook.com/Dr.Ahmed.Ramadn تويتر (Twitter): https://twitter.com/DRAhmad_Ramadan الأستاذ محمد القطاوي: المدير العام ومسئول الدعم الفني بالجريدة. الحاصل علي دورات كثيرة في الدعم الفني والهندسي للمواقع وإنشاء المواقع وحاصل علي الليسانس من جامعة الأزهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »