أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة للدكتور محمد حرز : التكافل المجتمعي واجب الوقت

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : التكافل المجتمعي واجب الوقت ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 25 شعبان 1444هـ ، الموافق 17 مارس 2023م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 17 مارس 2023م بصيغة word بعنوان : التكافل المجتمعي واجب الوقت ، للدكتور محمد حرز.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 17 مارس 2023م بصيغة pdf بعنوان : التكافل المجتمعي واجب الوقت ، للدكتور محمد حرز.

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 17 مارس 2023م بعنوان : التكافل المجتمعي واجب الوقت.

 

أولًا: دينُنَا دينُ التكافلِ المجتمعِي.        

ثانيًا: صورٌ مِن التكافلِ المجتمعِي.

ثالثًا وأخيرًا: التكافلُ المجتمعِيُّ في حياةِ الصحابةِ الأطهارِ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 17 مارس 2023م بعنوان : التكافل المجتمعي واجب الوقت : كما يلي:

خطبةُ الجمعةِ القادمةِ: التكافلُ المجتمعِيُّ واجبُ الوقتِ  د. محمد حرز بتاريخ: 24شعبان 1444هــ – 17مارس 2023م

الحَمْدُ للهِ المَعبودِ المُستَعانِ، يُعينُ مِنْ عِبادِه مَنْ أَعَانَ، ويَشمَلُ بِرَحمَتِهِ أَهلَ البِرِّ والإِحسَانِ الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾المائدة ٢، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وليُّ الصالحين وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفيُّهُ من خلقهِ وخليلُهُ، القائلُ كما في حديثِ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ قَالَ فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالاً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ ظَهْرَ لَهُ وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ زَادَ لَهُ(( رواه مسلم، فاللهُمَّ صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ  المختارِ وعلى آلهِ وأصحابِهِ الأطهارِ الأخيارِ وسلمْ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ.

أمَّا بعدُ: فأوصيكُم ونفسي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران :102).

أيُّها السادةُ:(( التكافلُ المجتمعِيُّ واجبُ الوقتِ)) عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا

أولًا: دينُنَا دينُ التكافلِ المجتمعِي.        

ثانيًا: صورٌ مِن التكافلِ المجتمعِي.

ثالثًا وأخيرًا: التكافلُ المجتمعِيُّ في حياةِ الصحابةِ الأطهارِ.

أيُّها السادةُ : بدايةً ما أحوجَنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلى أنْ يكونَ حديثُنَا عن التكافلِ المجتمعِي واجبُ الوقتِ، وخاصةً ونحن على أعتابِ شهرِ رمضانَ الكريمِ المبارك، ومصرُنًا بل والعالمُ كلُّهُ يمرُّ بأزماتٍ متلاحقةٍ وعديدةٍ، وهناك الكثيرُ مِن التجارِ يستغلونَ حاجاتِ الناسِ فيرفعونَ الأسعارَ فكَثُرَ الطمعُ والجشعُ واحتكارُ السلعِ والمنتجاتِ، ألَا فليعلمْ هؤلاءِ التجارُ أنَّه مَن ضيقَ على الناسِ ضيقَ اللهُ عليهِ، ألَا فليعلمْ هؤلاءِ التجارُ أنَّهُ مَن شددَ على الناسِ شددَ اللهُ عليهِ …. ومَن فرّجَ عن الناسِ فرجَ اللهُ عليهِ ففي الشدائدِ تظهرُ معادنُ الرجالِ وللهِ درُّ القائلِ :

إنَّ الرجـالَ وإنْ قـلًّـتْ ، مَعَادنـهَا ذَهَبًـا ***عنـدَ الشدائدِ تطلبهَا في الحالِ تلقـاهَـا

تحـمـلُ إليـكَ الخـيـرَ أينمَـا رحـلـتْ ***وتـذودُ عنكَ صِعابًا كنـتَ تخشاهـَا

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة

أولًا: دينُنَا دينُ التكافلِ المجتمعِي.

أيُّها السادةُ: دينُنَا دينُ التكافلِ والتعاونِ والمحبةِ والأخوةِ والتكاتفِ، ونبيُّنَا ﷺ علَّمَ الدنيا كلَّهَا التكافلَ والتعاونَ وكيف لا ؟ وكان مِن هديهِ ﷺ أنَّهُ يُعينُ على نوائبِ الحقِّ أي يساعدُ الناسَ في الأزماتِ والنكباتِ فلقد قالتْ له خديجةُ رضي اللهُ عنها عندمَا رجعَ إليهَا مِن غارِ حراءٍ يرجفُ فؤادُهُ قالتْ لهُ: كَلَّا أَبْشِرْ فَوَ اللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا فَوَ اللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ ) أي تُعِينُ غَيْرَكَ عَلَى أَحدَاثِ الزَّمَانِ ونَوَازِلهِ-، فَالذي يُعِينُ إِخوَانَهُ ويُسَاعِدُهم، ويُؤَازِرُهم فِي الأزمات ويُسَانِدُهُم، لَنْ يَتَعرَّضَ فِي مُستَقبَلِهِ لِسُوءٍ؛ لأَنَّ صَنائعَ المَعْروفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، والتكافلُ المجتمعيُّ بينَ المسلمين بصفةٍ عامةٍ وفي الأزماتِ بصفةٍ خاصةٍ واجبُ الوقتِ، فهو مطلبٌّ ربانِيٌّ، ومنهجٌ إيمانِيٌّ، وواجبٌ وطنِيٌّ، وعملٌ إنسانِيٌّ، وَمَسْؤُولِيَّةٌ مُجْتَمَعِيَّةٌ ،ومقصدٌ مِن مقاصدِ الشريعةِ الإسلاميةِ الغراءِ، أمرنَا بهِ المولَى جلَّ وعلا  في كتابهِ الكريمِ حيثُ قالَ )وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2، فالتكافلُ والتعاونُ بينَ المسلمين في قضاءِ حوائجِهِم فضلٌ كبيرٌ وشرفٌ عظيمٌ، وكيف لا ؟ وعندَ نزولِ المصائبِ، وحلولِ الكوارثِ، وحدوثِ الفتنِ والشدائدِ، فإنَّ الأمرَ يكونُ أوجب، والأجرَ يكونُ أعظم، قالَ  جلَّ وعلا ((وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا) [النساء:36].وقالَ جلَّ وعلا))وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة:71) وكيف لا ؟ ولقد أثنَى رسولُ اللهِ ﷺ على مَن يتصفونَ بخلقِ التكافلِ ويحققونَ مبدأَهُ ويحرصونَ عليهِ، أثنَى عليهِم ﷺ واعتبرَ نفسَهُ منهُم وهُم منهُ، وهؤلاءِ هُم الأشعريونَ قومُ أبي موسَى الأشعرِي رضي اللهُ عنه وأرضاه ،كما في الصحيحين فعن أبي موسى(( إنَّ الأشْعَرِيِّينَ إذا أرْمَلُوا في الغَزْوِ، أوْ قَلَّ طَعامُ عِيالِهِمْ بالمَدِينَةِ، جَمَعُوا ما كانَ عِنْدَهُمْ في ثَوْبٍ واحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بيْنَهُمْ في إناءٍ واحِدٍ، بالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وأنا منهمْ)) وكيف لا ؟ و التكافلُ سببٌ مِن أسبابِ الاجتماعِ وتآلفِ القلوبِ ونبذِ الفرقةِ والاختلافِ،  قال جلَّ وعلا ((وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) [آل عمران: 103]، ففي التعاونِ يحققُ المجتمعُ مصالحَهُ الدينيةَ والدنيويةَ..  وكيف لا ؟ومِن أهمِّ سِماتِ المُجتمعاتِ الراقيةِ أنْ تكونَ مترابطةً متماسكةً في بنيانِهَا، يشدُّ بعضُهَا بعضًا، وصدقَ النبيُّ ﷺ  إذ يقولُ كما في صحيحِ مسلمٍ مِن حديثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) ففي الشدائدِ تظهرُ معادنُ الرجالِ، والأزماتُ تتطلبُ التراحمَ وليسَ الاستغلال ، ومَن قللَ هامشَ ربحهِ تخفيفًا على الناسِ وتيسيرًا عليهم  ولاسيَّمَا في وقتِ الأزماتِ فهو له صدقةٌ يُثابُ عليها ويؤجرُ على فعلِهَا، فالمجتمعُ في حاجةٍ إلى التعاونِ والتكافلِ والتكاملِ والترابطِ، ففي صحيحِ البخارِي ومسلمٍ مِنْ حديثِ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ))وكيف لا ؟و الجزاءُ مِن جنسِ العملِ، فمَن أعانَ أخاهُ أعانَهُ اللهُ لحديثِ النبيِّ المختارِ عن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قال : قال : ﷺ : (( الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَة، وَإِنَّ اللَّهَ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَادَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ)) صحيح ابن حبان، وكيف لا ؟ والإسلامُ جعَلَ الإحسانَ إلى المساكينِ وابنِ السبيلِ والأرملةِ والمصابين، وجعلَ الوقوفَ بجانبِ الناسِ في الأزماتِ  شرطًا لقبولِ الأعمالِ الصالحةِ، واستحقاق الأجرِ والثوابِ عليهَا بجلبِ الرحمةِ والمغفرةِ إثرَهَا، ففي سننِ الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ] الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللَّهُ].  فيجبُ أنْ يكونَ المسلمونَ متظاهِرِينَ كاليدِ الواحدةِ في الأزماتِ والنكباتِ، ففي سننِ البيهقِي مِن حديثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ :(( الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ (( ،ولله در القائل

مَن يَفعَلِ الخَيرَ لا يَعدَم جَوازِيَهُ***لا يَذهَبُ العُرفُ بَينَ اللَهِ وَالناسِ

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة

ثانيًا: صورٌ مِن التكافلِ المجتمعِي.

أيُّها السادةُ: لقد أمرَ اللهُ –جلَّ وعلا- المسلمينَ بالتعاونِ والتكافلِ فيمَا بينهَم، وجعلَ هذه ميزةً مِن مزايَا الأمةِ المحمديةِ والمجتمعِ الإسلامِي، وجعلَ لهُ صورًا كثيرةً وعديدةً  منهَا على سبيلِ المثالِ لا الحصرِ:

الحثُّ على الزكواتِ والصدقاتِ، وشرعَ الوقفَ وشجّعَ عليهِ، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ وتعالى ((إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 60]، وقالَ جلَّ وعلا ‌((مَثَلُ ‌الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ))، وقالَ ربُّنَا (( مَنْ ذَا الَّذِي ‌يُقْرِضُ ‌اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ))، وقالَ جلَّ وعلا ((لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ ‌حَتَّى ‌تُنْفِقُوا ‌مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ))، وفي الصحيحين حدّثَ سَعِيدُ بْنُ أَبِى بُرْدَةَ بْنِ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ « عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ » . قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قَالَ « فَيَعْمَلُ بِيَدَيْهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ » . قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَ « فَيُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ » . قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَ ) فَيَأْمُرُ بِالْخَيْرِ »، أَوْ قَالَ « بِالْمَعْرُوفِ »، قَالَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَ « فَيُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ ، فَإِنَّهُ لَهُ صَدَقَةٌ » .

ومِن صورِ التكافلِ: دعا الإسلامُ إلى الإيثارِ، وهو أنْ تُفضِّلَ الآخرَ على نفسِكَ، رغمَ حاجتِكَ للمالِ، أو لغيرهِ مِمّا ينفقُ في سبيلِ اللهِ تعالى، لذا عندمَا هاجرَ المسلمونَ إلى المدينةِ، وقد تركُوا أموالَهُم وأعمالَهُم وتجارتَهُم، بسببِ قريشٍ وأعمالِهَا العدائيةِ ضدهُم، لكنَّهُم وجدُوا الأنصارَ في المدينةِ أهلَ إيمانٍ وتقوَى، وحبٍّ للخيرِ، فقد قسَّمُوا كلَّ ما يمتلكونَ بينهُم وبينَ إخوانِهِم المهاجرين، في هذا الوقتِ العصيبِ مِن حياتِهِم، فخففُوا العبءَ عنهُم والشدةَ، فخلّدَ اللهُ ذكرَهُم، وشكرَ لهُم ذلك العملَ، فقالَ -سبحانَهُ-: ))وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ))الحشر:9).

ومِن صورِ التكافلِ: كفالةُ اليتيمِ والأرملةِ والمسكين، لذا  قال اللهُ تعالى مخاطبًا النبيَّ ﷺ (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9)، أي يا محمدٌ تذكرْ أنَّك كنتَ يومًا يتيمًا فآواكَ مولاكَ فلا تقهرْ اليتيمَ أبدًا بل يسرْ لهُ أمرَهُ إذا بكَي فسكتهُ، وإذا غضبَ فأرضه، وإذا تعبَ فخففْ عنهُ، فكانَ ﷺ يوصِي باليتيمِ ويبرُّ اليتيمَ ويحسنُ إليهِ، فقالَ كما في حديث  سَهْلٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ( وَأَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا) رواه البخاري، بل الإحسانُ إلى اليتيمِ والأرملةِ كالجهادِ العظيمِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)) رواه البخاري.

ومِن صورِ التكافلِ: في شهرِ الصيامِ والقرآنِ مساعدةُ الفقراءِ والمحتاجين وإفطارُ الصائمين بالمساهمةِ في شنطِ رمضانَ وتوزيعِهِا على الصائمين، فعنْ زَيدِ بنِ خالدٍ الجُهَنيِّ رضي الله عنه عَن النَّبِيِّ ﷺ قالَ: مَنْ فَطَّرَ صَائمًا، كانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أجْر الصَّائمِ شيءٍ.رواه الترمذي وقالَ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ .

ومِن صورِ التكافلِ: السماحةُ في البيعِ والشراءِ وعدمُ المغالاةِ ورفعُ أسعارِ السلعِ والتجاوزُ عن المعسرِ، ولِيَكُنْ كُلٌّ مِنْكُم مَصدَرَ خَيرٍ لإِخوَانِهِ، يُسَاهِمُ بِمَا يَستطِيعُ فِي تَخفِيفِ كُربَةِ كُلِّ مَكْروبٍ؛ لِيُفَرِّجَ اللهُ عنهُ الشدائدَ والكُرُوبَ. وعن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ، رضي اللهُ عنهما أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال:  رحمَ اللهُ رجلًا سمحًا إذا باعَ، وإذا اشترىَ، وإذا اقتضَى)) رواه البخاري، وعن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قال كان رجُلٌ تاجرٌ يُدايِنُ النَّاسَ فإذا رأى إعسارَ المُعسِرِ قال لفتاه: تجاوَزْ لعلَّ اللهَ يتجاوَزُ عنَّا ) قال رسولُ اللهِ ﷺ: فلقيَ اللهَ فتجاوَزَ عنه ( صحيح ابن حبان ).

ومِن صورِ التكافلِ: البعدُ عن الغشِّ والطمعِ والاحتكارِ والاستغلالِ، فهذه صورٌ مِن الحرامِ وأكلِ أموالِ الناسِ بالباطلِ، قالَ ربُّنَا(( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا )) سورة  النساء آية 29، وعن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ) والتصديِ لهؤلاءِ مِن قبلِ الدولةِ والوقوفُ لهم بالمرصادِ، قالَ عثمانُ رضي الله عنه((إنَّ اللهَ يزعُ بالسلطانِ مالا يزعُ بالقرآنِ))أي: يمنعُ بالسلطانِ باقترافِ المحارمِ، أكثر ما يمنعُ بالقرآن.

ومِن صورِ التكافلِ:  جَبْرُ خواطرِ المكروبين والمحتاجين كما جاء في حديثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَطْعَمَ مُؤْمِنًا عَلَى جُوعٍ أَطْعَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ، وَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَقَى مُؤْمِنًا عَلَى ظَمَـأ سَقَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ، وَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ كَسَا مُؤْمِنًا عَلَى عُرْيٍ كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ خُضْرِ الْجَنَّةِ(( رواه الترمذي.

ومِن صورِ التكافلِ: التخلقُ بالرحمةِ والتعاطفِ والتكافلِ، لا سيمَا في هذا العصرِ، الذي تتعرضُ فيهِ كثيرٌ مِن بلادِ المسلمين للشدائدِ والمحنِ، والذي تلاشتْ فيه الرحمةُ مِن أكثرِ الخلقِ، وقستْ فيهِ القلوبُ، فلا يسمعُ في هذا العصرِ لصرخاتِ الأطفالِ، ولا لأنينِ الثكلَى، ولا لحنينِ الشيوخِ، ولا لكلمةِ الضعفاءِ، لا يسمعُ فيهِ إلّا للغةِ القوةِ، ومنطقِ القدرةٍ، ومبدأِ المصلحةِ الشخصيةِ، فأينَ نحنُ مِن أحبِّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ التكافلُ المجتمعِي، سرورٌ تُدخلهُ على مسلمِ أو تكشفُ عنه كربةً أو تقضِي عنه دينًا أو تطردُ عنه جوعًا ، فعن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي اللهُ عنهما أنَّ رجلًا جاءَ إلى رسولِ اللهِ ﷺ فقالَ: يا رسولَ اللهِ  أيُّ الناسِ أحبُّ إلى اللهِ؟ فقال الرسول ﷺ أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ ، تَكشِفُ عنه كُربةً ، أو تقضِي عنه دَيْنًا ، أو تَطرُدُ عنه جوعًا ، ولأَنْ أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ ؛ أَحَبُّ إليَّ من أن اعتكِفَ في هذا المسجدِ يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا)) رواه الطبراني بسند حسن

وأفضلُ الناسِ ما بينَ الورى رجلٌ ***تُقضَى على يدهِ للناسِ حاجاتُ

لا تمنعَنَّ يدِ المعروفِ عن أحدٍ*** ما دمتَ مقتدرًا فالعيشُ جناتُ

قد ماتَ قومٌ وما ماتتْ مكارمُهُم*** وعاشَ قومٌ وهم في الناسِ أمواتُ

أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لِي ولكُم    ……        الخطبةُ الثانيةُ

الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلّا لهُ وبسمِ اللهِ ولا يُستعانُ إلّا بهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ… وبعدُ

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة

ثالثًا وأخيرًا: التكافلُ المجتمعِيُّ في حياةِ الصحابةِ الأطهارِ.

أيُّها السادةُ : لقد ضربَ لنَا الصحابةُ الأطهارُ الأخيارُ ـ رضوانُ اللهِ عليهم ـ أروعَ الأمثلةِ في التكافلِ المجتمعِي فهذا هو الرجلُ الأولُ في الأمةِ بعدَ سيدِهَا ﷺ أبو بكرٍ الصديق رضى اللهُ عنهُ وأرضاهُ عن زيدٍ بنِ أسلم، عن أبيهِ قال: سمِعتُ عمرَ بنَ الخطابِ يقولُ: أمرَنَا رسولُ اللهِ ﷺ أنْ نتصدَّقِ فوافقَ ذلك مالًا عندي، فقلتُ: اليومَ أسبقُ أبَا بكرٍ إنْ سبقتهُ يومًا، فجئتُ بنصفِ مالِي، فقال لي رسولُ اللهِ ﷺ: ((مَا أبقَيْتَ لأهلِكَ؟))، فقلتُ: مثلهُ، وأتَى أبو بكرٍ بكلِّ ما عندهُ، فقال لهُ رسولُ اللهِ ﷺ: ((ما أبقَيْتَ لأهلِكَ؟))، قال: أبقيتُ لهم اللهَ ورسولَه، قُلتُ: لا أُسابِقُكَ إلى شيءٍ أبدًا))، أخرجه أبو داود. وروى الامامُ مالك في الموطإِ :(عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ مِسْكِينًا سَأَلَهَا وَهِىَ صَائِمَةٌ وَلَيْسَ فِي بَيْتِهَا إِلاَّ رَغِيفٌ فَقَالَتْ لِمَوْلاَةٍ لَهَا أَعْطِيهِ إِيَّاهُ. فَقَالَتْ لَيْسَ لَكِ مَا تُفْطِرِينَ عَلَيْهِ. فَقَالَتْ أَعْطِيهِ إِيَّاهُ قَالَتْ فَفَعَلْتُ – قَالَتْ – فَلَمَّا أَمْسَيْنَا أَهْدَى لَنَا أَهْلُ بَيْتٍ – أَوْ إِنْسَانٌ – مَا كَانَ يُهْدِى لَنَا شَاةً وَكَفَنَهَا فَدَعَتْنِي عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَتْ كُلِى مِنْ هَذَا هَذَا خَيْرٌ مِنْ قُرْصِكِ ). وهذا عثمانُ بنُ عفان -رضي اللهُ عنه- في عامِ الرمادةِ، وقد اشتدَّ بالمسلمينَ الفقر والجوع، بسببِ القحطِ، جاءتْ تجارتُهُ مِن الشامِ عبارةٌ عن  ألفِ بعيرٍ تحملُ التمرَ والزيتَ، والزبيبَ، فجاءَهُ تجارُ المدينةِ، وقالوا له: تبيعنَا ونزيدكَ الدرهمَ درهمين؟ فقال عثمانُ بنُ عفان -رضي اللهُ عنه- لهم: لقد بعتُهَا بأكثرَ مِن هذا، فقالوا: نزيدُكَ الدرهمَ بخمسةٍ؟ فقالَ لهم عثمانُ -رضي الله عنه-: لقد زادنِي غيرُكُم الدرهمَ بعشرةٍ، فقالُوا له: فمَن الذي زادَك؟ وليس في المدينةِ تجارٌ غيرنَا؟ فقال لهم عثمانُ -رضي الله عنه-: لقد بعتُهَا للهِ ولرسولهِ، فهي لفقراءِ المسلمين.ماذا لو لم يكنْ يحملُ بينَ جوانحهِ ضميرَ المؤمنِ الحيِّ، لكانتْ هذه الفرصةُ لا تُعوض ليربحَ أموالًا طائلةً، ولو كانتْ على حسابِ البطونِ الجوعَى، والأجسادِ العاريةِ، وآهاتِ المرضَى والجرحَى والثكالَى، وهمومِ أصحابِ الحاجاتِ! لكن هؤلاء رجالٌ ربَّاهُم المصطفَى وكفَى. وجعلَهُم خدمةً لمجتمعِهِم، يسعونَ إلى منافعِ إخوانِهِم، فعَنْ أَبِى سَعِيدٍ رضي اللهُ عنه قال عَنِ النَّبِىِّ ﷺ قَالَ: التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ) رواه الترمذي، أوردَ الحافظُ بنُ كثيرٍ في البدايةِ والنهايةِ :أنَّ عمرَ بنَ الخطابِ رضي اللهُ عنه عسَّ المدينةَ ذاتَ ليلةٍ عامَ الرمادةِ فلم يجدْ أحدًا يضحكُ، ولا يتحدثُ الناسُ في منازلِهِم على العادةِ، ولم يرَ سائلًا يسأل، فسألَ عن سببِ ذلك فقِيلَ لهُ: يا أميرَ المؤمنين إنَّ السؤَّالَ سألُوا فلم يعطُوا فقطعُوا السؤَالَ، والناسُ في همٍّ وضيقٍ فهم لا يتحدثُون ولا يضحكُون .فكتبَ عمرُ رضى اللهُ عنه إلى أبي موسى بالبصرةِ أنْ يا غوثاهُ لأمةِ مُحمدٍ .وكتبَ إلى عمرِو بنِ العاص بمصرَ أنْ يا غوثاهُ لأمةِ مُحمدٍ .فبعثَ إليهِ كلُّ واحدٍ منهمَا بقافلةٍ عظيمةٍ تحملُ البرَّ وسائرَ الأطعمةِ، ووصلتْ قافلةُ عمرٍو في البحرِ إلى جدةَ ومِن جدةَ إلى مكةَ وهذا الأثرّ جيدُ الإسنادِ ( البداية والنهاية )ولكأنِّي  بأهلِ مصرَ وهم يسمعُون رسالةَ عمرَ بنِ الخطابِ  وهم يبكُونَ ولكأنِّي بعمرِو بنِ العاص رضي اللهُ عنه حين شاهدَ الكرمَ المصريَّ ولكأنِّي بقوافلِ الطعامِ والكساءِ تُحملُ مِن أهلِ مصرَ الكرامِ لإخوانِهِم وأهليهِم في مدينةِ رسولِ اللهِ ﷺ هكذا هي مصرُ كانتْ ولا زالتْ وستبقَى بلدَ الخيرِ والأمنِ والأمانِ، واعلمُوا أيُّها الأخيارُ أنَّ هذا التَّكافلَ ليس منَّةً منكُم على المحتاجِ، وليس تفضُّلاً منكم، بل هو واجبٌ أوجبَهُ ربُّ العالمين سبحانَهُ، فالتَّكافلُ فرضٌ مِن فروضِ اللهِ -تعالى- يجبُ القيامُ بهِ، والامتثالُ بما فيهِ، قال ﷺ: (لَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَشْبَعُ وجارهُ جَائِع)، وقال رسولُ اللهِ ﷺ: (كَمْ مِن جارٍ مُتعلق بِجَارِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ يَا رَبِّ هَذَا أَغْلَقَ بابهُ دُوني فَمَنع مَعْرُوفَهُ). فالعاجزُ أيُّها الأخيارُ مَنْ منعَ الخيرَ عن الغيرِ، وهو قادرٌ على فعلِهِ، والمؤمنُ الحقُّ مَن إذا استُنصرَ أعانَ ونصرَ، وإذا مالَ عليهِ الضَّعيفُ أسندَهّ بقوَّتهِ، وإذا طُلبَ منهُ أعطَى، وإذا هتفَ المستغيثُ باسمهِ لبَّى، وخيرُ النَّاسِ أنفعهُم للنَّاسِ، فعلى المسلمِ أنْ يبادرَ إلى فعلِ الخيراتِ، وأنْ يُكثرَ التقربَ إلى اللهِ بإعانةِ المحتاجين، فإنَّ في ذلك تفريجًا لكرُباتهِ يومَ القيامة، ولا يخفَى عِظَمُ كُرباتِ الآخرةِ بالنسبةِ لكُرباتِ الدنيا، فمَن كسَا للهِ عزّ وجلّ كساهُ اللهُ، ومَن أَطعمَ للهِ عزّ وجلّ أطعمَهُ اللهُ، ومَن سقَى للهِ عزَّ وجلّ سقاهُ اللهٌ، ومَن عفَا للهِ عزَّ وجلّ أعفاهُ اللهُ. فبَقَدْرِ زهدِكَ في الدنيا ونفعِكَ للناسِ يكونُ حبُّ اللهِ لك، وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : { جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إذَا عَمِلْته أَحَبَّنِي اللَّهُ ، وَأَحَبَّنِي النَّاسُ ، فَقَالَ : ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّك اللَّهُ ، وَازْهَدْ فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ يُحِبَّك النَّاسُ } رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ ، وَسَنَدُهُ حَسَنٌ، فاللهَ اللهَ في التكافلِ، اللهَ اللهَ في التكاتفِ، اللهَ اللهَ في التعاونِ، اللهَ اللهَ في المحبةِ والألفةِ والأخوةِ.

حفظَ اللهُ مصرَ من كيدِ الكائدين، وشرِّ الفاسدين وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.

كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه

د/ محمد حرز

إمام بوزارة الأوقاف

 _______________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »