أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة للدكتور خالد بدير “مواجهة الفساد مسئولية دينية ووطنية ومجتمعية”

خطبة الجمعة القادمة 10 ديسمبر 2021م : “مواجهة الفساد مسئولية دينية ووطنية ومجتمعية” ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ: 6 جمادي الأول 1443هـ – 10 ديسمبر 2021م.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 ديسمبر 2021م ، للدكتور خالد بدير :  “مواجهة الفساد مسئولية دينية ووطنية ومجتمعية” :

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 ديسمبر 2021م ، للدكتور خالد بدير: “مواجهة الفساد مسئولية دينية ووطنية ومجتمعية” ، بصيغة word  أضغط هنا.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 ديسمبر 2021م ، للدكتور خالد بدير : “مواجهة الفساد مسئولية دينية ووطنية ومجتمعية” ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن الدروس الدينية

 

للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 10 ديسمبر 2021م ، للدكتور خالد بدير : “مواجهة الفساد مسئولية دينية ووطنية ومجتمعية” : كما يلي:

أولًا: دعوةُ الشريعةِ الإسلاميةِ إلى الإصلاحِ لا الإفسادِ

ثانيًا: صورُ وأشكالُ الفسادِ

ثالثًا: مخاطرُ الفسادِ ومواجهتُهُ

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 10 ديسمبر 2021م ، للدكتور خالد بدير : “مواجهة الفساد مسئولية دينية ووطنية ومجتمعية” : كما يلي:

مواجهةُ الفسادِ مسئوليةٌ دينيةٌ ووطنيةٌ ومجتمعيةٌ  6 جمادي الأول 1443هـ

د/ خالد بدير                                          10 ديسمبر 2021م

 

العنصر الأول من خطبة الجمعة

أولًا: دعوةُ الشريعةِ الإسلاميةِ إلى الإصلاحِ لا الإفسادِ

لقد جاءتْ الشريعةُ الإسلاميةُ السمحةُ بالدعوةِ إلى صلاحِ العبادِ والبلادِ ، كما أغلقتْ كلَّ أبوابَ الفسادِ والإفسادِ في الأرضِ، وهذا هو الهدفُ مِن بعثةِ الأنبياءِ جميعِهِم عليهم السلامُ، حيثُ كان الإصلاحُ هو سبيلُ أئمةِ المصلحينَ مِن الأنبياءِ والرسلِ عليهم الصلاةُ والسلامُ ، فشعيبٌ عليه السلامُ يقولُ لقومهِ: { إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ } [هود: 88]، وأوصى موسى عليه السلامُ أخاه هارونَ فقال: { اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} [الأعراف: 142] ، وهذا نبيُّنَا صلى اللهُ عليه وسلمَ بُعِثَ في مجتمعٍ كان يعجُّ بالفسادِ ، فطهرَ اللهُ به البلادَ والعبادَ ، وملأَ العالمَ كلَّه صلاحًا، يصورُ ذلك سيدُنَا جعفرُ بنُ أبي طالبٍ رضي اللهُ عنه في كلمتِهِ التي ألقاها أمامَ النجاشيِّ قائلًا:  ” أَيّهَا الْمَلِكُ كُنّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيّةٍ نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ؛ وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ؛ وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ؛ وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ؛ وَنُسِيءُ الْجِوَارَ؛ وَيَأْكُلُ الْقَوِيّ مِنّا الضّعِيفَ؛ فَكُنّا عَلَى ذَلِكَ حَتّى بَعَثَ اللّهُ إلَيْنَا رَسُولًا مِنّا ، نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ؛ فَدَعَانَا إلَى اللّهِ لِنُوَحّدَهُ وَنَعْبُدَهُ وَنَخْلَعَ مَا كُنّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ؛ وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَصِلَةِ الرّحِمِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ وَالْكَفّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدّمَاءِ؛ وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ وَقَوْلِ الزّورِ وَأَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ وَقَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ؛ وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَأَمَرَنَا بِالصّلَاةِ وَالزّكَاةِ وَالصّيَامِ؛ فَعَدّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ.

 ومن هنا بيَّنَ جلّ وعلا الفارقَ العظيمَ بين أهلِ الإصلاحِ وأهلِ الفسادِ فقال: { أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ } [ص: 28].

وفي سياقِ التشريعِ القانونيِ وُضِعَتْ أشدُّ عقوبةٍ وأقساهَا في الإسلامِ ضدَّ المفسدين في الأرض، ولهذا قاومَ الرسولُ صلى اللهُ عليه وسلم المفسدين ونكلَّ بهم وعاقبَهُم أشدَّ العقوبةِ، فَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:” أَنَّ نَاسًا مِنْ عُرَيْنَةَ اجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ؛ فَرَخَّصَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْتُوا إِبِلَ الصَّدَقَةِ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا؛ فَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ؛ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُتِيَ بِهِمْ؛ فَقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ؛ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ؛ وَتَرَكَهُمْ بِالْحَرَّةِ يَعَضُّونَ الْحِجَارَةَ حَتَّى مَاتُوا ”. [البخاري ومسلم ].

هذا جزاءُ من يقطعون الطريقَ أمامَ إعمارِ الأرضِ وإصلاحِهَا وازدهارِهَا، ويسعون في الأرضِ فسادًا !!

لذلك أوجبَ الإسلامُ على كلِّ مسلمٍ أنْ يسعى للإصلاحِ في الأرضِ لا للإفسادِ فيها، وهذا أمرُ اللهِ -عزّ وجلّ- لجموعِ الأمةِ، قال سبحانَهُ: {وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا}

العنصر الثاني من خطبة الجمعة

ثانيًا: صورُ وأشكالُ الفسادِ

للفسادِ والإفسادِ في الأرضٍ صورٌ وأشكالٌ وألوانٌ مختلفةٌ ومتعددةٌ، أكتفي بذكرِ ما يمسُ واقعنَا المعاصر:

منها: تخريبُ وتدميرُ المنشآتِ العامةِ: فإنّ مَن يقومُ بذلك مِن حرقِ المنشآتِ العامةِ وإتلافِ الأشجارِ والحدائقِ يُعدُّ مِن أشدِّ صورِ الفسادِ والإفسادِ في الأرضِ، وقد نكّلَ اللهُ بهؤلاءِ في قولهِ تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ( المائدة: 33) .

ومِن صورِ الفسادِ في المجتمعِ: السحرُ: فقد سمى اللهُ -عزّ وجلّ- فاعلَهُ مُفسدًا فقال تعالى: {فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ المُفْسِدِينَ} [ يونس :81]، وسمى اللهُ عملَ السحرةِ بأنّه عملُ المفسدين، لما يترتبُ عليه مِن فسادِ الأُسَرِ والتفريقِ بين الزوجين وخرابِ البيوتِ.

ومنها: قتلُ النفسِ التي حرمَ اللهُ: فقتلُ الأنفسِ المعصومةِ من كبائرِ الذنوبِ، ومن الإفسادِ في الأرضِ، وزوالُ هذه الدنيا وما فيها أهونُ عندَ اللهِ -عزّ وجلّ- من قتلِ رجلٍ مسلمٍ، يقولُ النبيُّ -صلى اللهُ عليه وسلمَ-: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ» ( الترمذي). وفسادُ القتلِ ليس قاصرًا على قتلِ نفسِ المسلمِ، بل أيضًا يشملُ ذلك المعاهدَ، والمستأمنَ، فإنّ اللهَ -عزّ وجلّ- قد حفظَ له حقَهُ، فقد أخرجَ البخاريُّ عن عبدِ اللهِ بن عمر –رضي اللهُ عنهما- أنّ النبيَّ -صلى اللهُ عليه وسلم- قال: «مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا».

ومنها: زعزعةُ الأمنِ: فالأمنُ في الأوطانِ مطلب ٌكلٌّ يريدُه ويطلبُه، فقريشٌ أنعمَ اللهُ عليها بنعمةِ الأمنِ، فأطعمَهَا من جوعٍ وآمنَهُم مِن خوفٍ، وأنْ مَن يسعى لزعزعةِ الأمنِ إنّما يريدُ الإفسادَ في الأرضِ، وأنْ تعمَّ الفوضىَ والشرُّ بين عبادِ اللهِ، فما يحصلُ في بلادِنَا إنّما هو إرادةٌ للإفسادِ في الأرضِ، وإنما حملَهُم على ذلك الحسدُ لهذه النعمةِ نعمةُ الأمنِ، ونعمةُ الاستقرارِ الذي ننعمُ فيه في هذه البلادِ.

ومنها: انتشارُ المعاصِي والفواحشِ: قال تعالى: { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (الروم: 41)؛ فنشرُ الفاحشةِ بين الناسِ، وتحبيبهُم لها، وتذليلُ الصعوباتِ التي تواجههَا، وتعارفُ الناسِ عليها حتى أصبحتْ المعاصي والفواحشُ شيئًا مألوفًا، هذا بلا شك فيه فسادُ البلادِ والعبادِ، قال ابنُ القيّمِ رحمَهُ اللهُ في قولهِ تعالى: {وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها }(الأعراف: 56)؛ قال أكثرُ المفسّرين:” لا تفسدوا فيها بالمعاصي، والدّعاءِ إلى غيرِ طاعةِ اللهِ، بعدَ إصلاحِ اللهِ لها ببعثِ الرّسلِ، وبيانِ الشّريعةِ، والدّعاءِ إلى طاعةِ اللهِ، فإنّ عبادةَ غيرِ اللهِ والدّعوةَ إلى غيرهِ والشّركَ بهِ هو أعظمُ فسادٍ في الأرضِ، بل فسادُ الأرضِ في الحقيقةِ إنّما هو بالشّركِ بهِ ومخالفةِ أمرهِ، فالشّركُ والدّعوةُ إلى غير اللهِ وإقامةُ معبودٍ غيره، ومطاعٌ متّبعٌ غيرَ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم، هو أعظمُ فسادٍ في الأرضِ، ولا صلاحَ لها ولا لأهلِهَا إلّا بأنْ يكونَ اللهُ وحدهُ هو المعبودُ المطاعُ، والدّعوةُ له لا لغيرِه، والطّاعةُ والاتّباعُ لرسولهِ ليس إلّا ، ومَن تدبّرَ أحوالَ العالمِ وجدَ كلَّ صلاحٍ في الأرضِ سببُه توحيدُ اللهِ وعبادتهُ وطاعةُ رسولهِ، وكلَّ شرٍّ في العالم وفتنةٍ وبلاءٍ وقحطٍ وتسليطِ عدوٍّ وغيرِ ذلك سببهُ مخالفةُ رسولهِ، والدّعوةُ إلى غيرِ اللهِ ورسولهِ.” ( فتح المجيد).

ومنها تتبعُ العوراتِ : فعن معاويةَ- رضي اللهُ عنه- قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يقولُ: «إنّك إنْ اتّبعتَ عورات النّاسِ أفسدتَّهم أو كدتَ أنْ تُفسدَهم»

ومن صورِ الفسادِ المعاصرة: استغلالُ وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِ في الفسادِ: وذلك بنشرِ الشائعاتِ وترويجِهَا، والتجسسِ علي الناسِ، واختراقِ خصوصياتِهم، وتتبعِ عوراتِهم وغيرِ ذلك مما يعدُّ تهديدًا لأمنِ المجتمعِ واستقرارِهِ، وهذا من الإرجافِ المنهي عنه، حيثُ يقولُ تعالى: { لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا } . ( الأحزاب: 60 ) .

ومنها الفسادُ المالي: كانتشارِ السرقةِ والاختلاسِ والرشوةِ، والتربُّحِ من الوظيفةِ، واستغلالِ الجاهِ والسلطانِ والربا، والقمارِ ومنعِ الزكاةِ، وصورِ خيانةِ الأمانةِ في المعاملاتِ الماليةِ، والإنفاقِ في الحرامِ، فقد يملكُ الإنسانُ ويفسدهُ بإنفاقِه في الحرامِ والمهلكاتِ والمخدراتِ والمسكراتِ، فعَنْ جَابِرٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ وَلَا تُفْسِدُوهَا ؛ فَإِنَّهُ مَنْ أَعْمَرَ عُمْرَى فَهِيَ لِلَّذِي أُعْمِرَهَا حَيًّا وَمَيِّتًا وَلِعَقِبِهِ ” . ( مسلم) . والعُمرى: يُقال: أعمرتُكَ هذه الدارَ- مثلًا- أو جعلتُهَا لك عمركَ أو حياتكَ، أو ما عشت، فيلزمُه الحفاظَ عليها ولعقبهِ بعدَهُ. ( شرح النووي) .

ومنها: الفسادُ الإداري: وذلك بتقديمِ ذوي الحسبِ أو الثقةِ على الكفاءاتِ في شتى مجالاتِ المجتمعِ، وهذا بلا شك يؤدي إلى فسادِ القومِ، وقد سُئلَ الإمامُ عليٌّ بنُ أبي طالبٍ- رضي اللهُ عنه- ما يفسدُ أمر القومِ يا أميرَ المؤمنين؟ قال: ثلاثة. وُضعُ الصغيرِ مكانَ الكبيرِ، وُضعُ الجاهلِ مكانَ العالمِ، وُضعُ التابعِ في القيادةِ.

وبعدُ: هذه بعضُ صورِ وأشكالِ الفسادِ، وهناك صورٌ كثيرةٌ لا يتسعُ المقامُ لذكرِها، والعاملُ المشتركُ بَيْنَ صورِ الفسادِ، هو مخالفةُ أوامرِ القرآنِ والسنةِ، وذلك بارتكابِ المنهياتِ وتركِ الواجباتِ والمأموراتِ، وهذه هي صفاتُ المنافقين المفسدين الذين يأمرونَ بكلِّ منكرٍ، وينهون عن كلِّ معروفٍ، كما حكى عنهم القرآنُ الكريمُ.

العنصر الثالث من خطبة الجمعة

ثالثًا: مخاطرُ الفسادِ ومواجهتُهُ

إنّ الإفسادَ في الأرضِ له مخاطرهُ وآثارهُ الوخيمةُ على الفردِ والمجتمعِ، فالفسادُ يُؤدي إلى ضياعِ الحقوقِ وهضمِها، كما يؤدي إلى الفوضى والانحلالِ، وإهمالِ الواجباتِ، ونشرِ القيمِ السلبيةِ في المجتمعِ، وهذا بلا شك له ضررٌ عظيمٌ على البلادِ والعبادِ، وحتى على الحيوانات، والبرِّ والبحرِ، والطيورِ والدوابِ، فكلٌ يتضررُ من إفسادِ العبادِ في الأرضِ، قال أبو هريرةَ – رضي اللهُ عنه- :” والذي نفسي بيدهِ إنّ الحبارى لتموت هزلًا في وكرهَا بظلمِ الظالمِ ” (القرطبي) والحُبارى: نوعٌ من الطيورِ . وقال مجاهدٌ رحمه اللهُ: إنّ البهائمَ تلعنُ عصاةَ بني آدمَ إذا اشتدتْ السَنَة – أي : القحطُ – وأُمسك المطرُ , وتقولُ : هذا بشؤمِ معصيةِ ابنِ آدمَ وفسادِه في الأرضِ . وقال عكرمةُ رحمه اللهُ : إنّ دوابَ الأرضِ وهوامَها ، حتي الخنافسِ والعقاربِ يلعنون المفسدَ ويقولون : مُنعنَا القطر بذنوبِ بني آدم . لذلك تفرحُ الطيورُ والدوابُ والشجرُ بموتِ العبدِ الفاسدِ الفاجرِ،  فقد قال صلى اللهُ عليه وسلم :” إِذَا مَاتَ الْعَبْدُ الْفَاجِرُ اسْتَرَاحَ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلَادُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ.” (مسلم) .

إنّ علاجَ ظاهرةِ الفسادِ يحتاجُ منَّا إلى كثرةِ التوعيةِ بمخاطرِ وآثارِ هذه الظاهرةِ المدمرةِ، وذلك عن طريقِ الدعاةِ والإعلامِ المرئيِ والمسموعِ والمقروءِ، ومراكزِ الشبابِ والخطبِ وشبكةِ المعلوماتِ الدوليةِ، وجميعِ وسائلِ الاتصالِ الحديثةِ، بهدفِ توضيحِ مخاطرِ الفسادِ على المستوى الثقافيِ والدينيِ والاجتماعيِ والاقتصاديِ، مع بيانِ أنّ جريمةَ الفسادِ إنّما هي مخالفةٌ صريحةٌ للأوامرِ الإلهيةِ، ولمَا جاء بكتابِ اللهِ عزّ وجلَ وسنةِ نبيهِ صلى اللهُ عليه وسلم, وبيانٌ أنّ ذلك دليلٌ على ضعفِ الوازعِ الدينيِ لدى الفاسدِ والمفسدِ, ولهذا فإنّ الإسلامَ يعملُ على تنميةِ وتقويةِ الوازعِ الدينيِ لدى كلِّ أفرادِ المجتمعِ حتى يكونَ الوازعُ الدينيِ هو الذى يمنعُ المرءَ من ممارسةِ الفسادِ وارتكابِ جرائمِه؛ وهذا كلُّه تصديقٌ لقولهِ تعالى: { فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ * وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ } . (هود: 116 ؛ 117) .

إنّ حلَّ ظاهرةِ الفسادِ والإفسادِ ومواجهتهَا لا يقتصرُ على فئةٍ معينةٍ، وإنما يشملُ جميعَ أفرادِ المجتمعِ: شبابًا وأسرةً ودعاةً ومؤسساتٍ وحكومةً، فإذا كان الطبيبُ يعطى المريضَ جرعةً متكاملةً حتى يُشفى من سَقمهِ – إنْ قصرَ في نوعٍ منها لا يتمُّ شفاؤُه – فكذلك علاجُ هذه الظاهرةِ يكونُ مع تكاتفِ المجتمعِ بجميعِ فئاتهِ، فكلُّ فئةٍ لها دورٌ ، وباكتمالِ الأدوارِ يرتفعُ البنيانُ، وإلا كما قيل:

ومتى يبلغُ البنيانُ يوماً تمامَهُ ………… إذا كنتَ تبنى وغيرُكَ يهدمُ

نسألُ اللهَ أنْ يجعلنَا من الذين يصلحون في الأرضِ ولا يفسدون.

الدعاءُ،،،،،،،                 وأقم الصلاةَ،،،،،    

  كتبه : خادم الدعوة الإسلامية

د / خالد بدير بدوي

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

Show More

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Back to top button
Translate »