خطبة الجمعة للدكتور خالد بدير : النبي (صلى الله عليه وسلم) كما تحدث عن نفسه
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : النبي (صلى الله عليه وسلم) كما تحدث عن نفسه ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 16 صفر 1445 هـ ، الموافق 1 سبتمبر 2023م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 1 سبتمبر 2023م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : النبي (صلى الله عليه وسلم) كما تحدث عن نفسه :
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 1 سبتمبر 2023م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : النبي (صلى الله عليه وسلم) كما تحدث عن نفسه ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 1 سبتمبر 2023م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : النبي (صلى الله عليه وسلم) كما تحدث عن نفسه ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
عناصر خطبة الجمعة القادمة 1 سبتمبر 2023م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : النبي (صلى الله عليه وسلم) كما تحدث عن نفسه : كما يلي:
أولًا: الرسولُ ﷺ كمَا تحدثَ عنهُ القرآنُ والسنةُ.
ثانيًا: نماذجُ وصورٌ مشرقةٌ مِن حديثِ الرسولِ ﷺ عن نفسِهِ.
ثالثًا: وجوبُ اتباعِ النبيِّ ﷺ في أقوالِهِ وأفعالِهِ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 1 سبتمبر 2023م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : النبي (صلى الله عليه وسلم) كما تحدث عن نفسه : كما يلي:
خطبة بعنوان: النبيُّ ﷺ كمَا تحدثَ عن نفسِهِ
بتاريخ: 16 صفر 1445هـ – 1 سبتمبر 2023م
المـــوضــــــــــوع
الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ. أمَّا بعدُ:
العنصر الأول من خطبة الجمعة
أولًا: الرسولُ ﷺ كمَا تحدثَ عنهُ القرآنُ والسنةُ.
ما أجملَ الحديثَ أنْ يكونَ عن الرسولِ ﷺ كما جاءَ في القرآنِ والسنةِ، حيثُ وردتْ آياتٌ كثيرةٌ في القرآنِ الكريمِ تتحدثُ عن الرسولِ ﷺ، فقد وصفَ اللهُ تعالى نبيَّنَا الكريمَ ﷺ بكونِهِ مِنَّةً منهُ على المؤمنين، وكونِهِ معلمَ هدايةٍ جاءَ لتزكيتِهِم وتعليمِهِم، فقالَ تعالَى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ}.[آل عمران: 164].
وقد كانتْ العربُ في جاهليةٍ عمياء، وظلماتِ الكفرِ والشركِ والضلالِ، فمَنَّ اللهُ عليهِم بهذا النبيِّ الذي وصفَهُ ربُّهُ بالنورِ الذي يهدِي إلى سبلِ السلامةِ مِن كلِّ شرٍّ في الدنيا والآخرةِ، ويخرجُ متبعيهِ مِن ظلامِ الجهلِ والضلالِ إلى نورِ الهدايةِ والعلمِ، فقالَ تعالَى: { قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }. [المائدة: 15 ؛ 16].
كما وصفَهُ سبحانَهُ بأنَّهُ شاهدٌ على أمتِهِ بالبلاغِ، ومبشرٌ للمؤمنينَ بهِ بالخيرِ والجنةِ، ونذيرٌ لِمَن عصاهُ بالشرِّ والنارِ، وأنَّهُ سراجٌ ينيرُ للناسِ الطريقَ إلى ربِّهِم، فقالَ تعالَى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا } [الأحزاب: 45 ؛ 46]. ومدحَهُ بكونِ رسالتِهِ رحمةٌ للعالمين، فمَن آمنَ بهِ سَعِدَ ونجَا، ومَن لم يؤمنْ خابَ وخسرَ. فقالَ تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]. وأعلَى اللهُ تعالَى شأنَهُ ثناءً ومدحًا بكونِه رسولهُ الذي ختمَ بهِ رسالاتِ رسلهِ، وأتمَّ بهِ النبوةَ بينَ عبادِهِ، فقالَ عزَّ وجلَّ: { مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا }. [الأحزاب: 40].
كما تواترتْ الأحاديثُ في السنةِ النبويةِ المطهرةِ التي تؤكدُ ما جاءَ في القرآنِ الكريمِ في الحديثِ عن الرسولِ ﷺ، مِن ذلك قولُهُ ﷺ: ” فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ “(مسلم).
وتحدثَ ﷺ عن نفسِهِ فقَالَ: “إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ، وَيَعْجَبُونَ لَهُ، وَيَقُولُونَ هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟ قَالَ: فَأَنَا اللَّبِنَةُ وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ “. (متفق عليه).
كما سُئِلَ ﷺ عن نفسهِ فقالَ:” أَنَا دَعْوَةُ أَبِي إبْرَاهِيمَ، وَبُشْرَى أَخِي عِيسَى، وَرَأَتْ أُمِّي حِينَ حَمَلَتْ بِي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَ لَهَا قُصُورَ الشَّامِ، وَاسْتُرْضِعْتُ فِي بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ”.(سيرة ابن هشام).
يقولُ ابنُ رجبٍ: ” وخروجُ هذا النورِ عندَ وضعهِ إشارةٌ إلى ما يجيءُ بهِ مِن النورٍ الذي اهتدَى بهِ أهلُ الأرضِ وأزالَ بهِ ظلمةَ الشركِ، قالَ تعالَى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ}(المائدة: 15)، وقالَ تعالَى: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(الأعراف:157) “. (لطائف المعارف).
وهكذا تحدثَ الرسولُ ﷺ عن نفسِهِ في مواضعَ كثيرةٍ لها أسرارُهَا ودلالتُهَا كما يتضحُ في عنصرِنَا التالِي.
العنصر الثاني من خطبة الجمعة
ثانيًا: نماذجُ وصورٌ مشرقةٌ مِن حديثِ الرسولِ ﷺ عن نفسِهِ.
هذه نماذجُ وصورٌ مشرقةٌ مِن حديثِ الرسولِ ﷺ عن نفسِهِ، وأسرارُ ودلالاتُ ذلك، ومِن أهمِّ هذه الصورِ:
اصطفاءُ الآباءِ والأمهاتِ: فقد طيّبَ اللهُ تعالى نسبَ نبيِّهِ ﷺ في وقتٍ قد انتشرتْ فيهِ الرذيلةُ، وحفظَ اللهُ تعالَى نسمتَهُ الطاهرةَ فجاءتْ مِن نكاحٍ ولم تأتِ مِن سفاحٍ، وفي ذلك يقولُ ﷺ عن نفسِهِ:” خَرجْتُ مِن نِكاحٍ، ولَمْ أخْرجْ من سِفاحٍ، من لَدُنْ آدَمَ إلى أن ولَدَنِي أبِي وأمِّي، لم يُصبْنِي من سِفاحِ الجاهِليةِ شيءٌ”(الطبراني).
فقد اصطفَاهُ اللهُ عزَّ وجلَّ مِن خيرةِ البيوتاتِ والقبائلِ والآباءِ والأمهاتِ، فعن وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:” إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَعِيلَ وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ”. (مسلم). فكان النبيُّ ﷺ خيارًا مِن خيارٍ مِن خيارٍ، وأعلاهُم وأشرفَهُم نسبًا.
نسبٌ أضاءَ عمودهُ في رفعهِ…..كالصبحِ فيهِ ترفُّعٌ وضياءُ
وشمائلٌ شهدَ العدوُّ بفضلِهًا….والفضلُ ما شهدتْ بهِ الأعداءُ
فالنبيُّ ﷺ كان يتقلبُ في أصلابِ الأطهارِ الأشرافِ، قال ابنُ عباسٍ رضي اللهُ تعالى عنهُمَا في قولهِ تعالَى: {وَتَقَلُّبَكَ فِي الساجدين }( الشعراء: 219)، مِن صُلبِ نبيٍّ إلى صُلبِ نبيٍّ حتى صرتُ نبيًّا.” ( تفسير ابن كثير)؛ وعن عطاءٍ قال: «ما زالَ نبيُّ اللهِ ﷺ يتقلبُ في أصلابِ الأنبياءِ حتى ولدتْهُ أُمُّه» (تفسير ابن أبي حاتم).
ومنها: اختيارُ مرضعتهِ: حيثُ كانت عادةُ قريشٍ وأشرافِ العربِ القُدامَى، أنْ يدفعُوا بأبنائِهِم إلى المراضعِ الأعرابياتِ في الباديةِ، حتى ينشأَ الأطفالُ شجعانًا فصحاءَ اللسانِ أصحاءَ الأجسامِ.
وفي ذلك يقولُ ﷺ عن نفسِهِ: ” وَاسْتُرْضِعْتُ فِي بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ”.(سيرة ابن هشام).
إنَّ البركةَ قد حلَّتْ على كلِّ شبرٍ مِن الأرضِ وطأتهَا قدمُ المولودِ الجديدِ محمدٍ ﷺ.
تُصورُ ذلك مرضعتُهُ حليمةُ السعديةُ في قولِهَا:” لَمَّا أَخَذْتُهُ، رَجَعْتُ بِهِ إلَى رَحْلِي، فَلَمَّا وَضَعْتُهُ فِي حِجْرِي أَقَبْلَ عَلَيْهِ ثَدْيَايَ بِمَا شَاءَ مِنْ لَبَنٍ، فَشَرِبَ حَتَّى رَوِيَ، وَشَرِبَ مَعَهُ أَخُوهُ حَتَّى رَوِيَ، ثُمَّ نَامَا، وَمَا كُنَّا نَنَامُ مَعَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَقَامَ زَوْجِي إلَى شَارِفِنَا تِلْكَ، فَإِذَا إنَّهَا لَحَافِلٌ، فَحَلَبَ مِنْهَا مَا شَرِبَ، وَشَرِبْتُ مَعَهُ حَتَّى انْتَهَيْنَا رِيًّا وَشِبَعًا، فَبِتْنَا بِخَيْرِ لَيْلَةٍ. قَالَتْ: يَقُولُ صَاحِبِي حِينَ أَصْبَحْنَا: تَعَلَّمِي وَاَللَّهِ يَا حَلِيمَةُ، لَقَدْ أَخَذْتُ نَسَمَةً مُبَارَكَةً”.(سيرة ابن هشام).
ومنها: حفظهُ وعصمتهُ ﷺ مِن أفعالِ الجاهليةِ: فقد حفظَ اللهُ تعالَى نبيَّهُ ﷺ مِن أفعالِ الجاهليةِ القبيحةِ فلم يصبْهُ منها شيءٌ، وفي ذلك يقولُ ﷺ عن نفسِهِ: ” مَا هَمَمْتُ بِقَبِيحٍ مِمَّا يَهُمُّ بِهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ … حَتَّى أَكْرَمَنِي اللَّهُ بِنُبُوَّتِهِ ” .( ابن حبان والحاكم وصححه ).
فكان ﷺ لا يأكلُ ما ذُبِحَ على النُّصبِ، وحرّمَ شربَ الخمرِ على نفسهِ مع شيوعهِ في قومهِ شيوعًا عظيمًا، وذلك كلُّهُ مِن الصفاتِ التي يُحلّى اللهُ بها أنبياءَهُ ليكونُوا على تمامِ الاستعدادِ لتلقِّى وحيه، فهم معصومُون مِن الأدناسِ قبلَ النبوةِ وبعدَهَا، أمَّا قبلَ النبوةِ فليتأهلُوا للأمرِ العظيمِ الذي سيُسندُ إليهم، وأمَّا بعدَهَا فليكونُوا قدوةً لأممِهِم، عليهم مِن اللهِ أفضلُ الصلواتِ وأتمُّ التسليماتِ.
تابع / خطبة الجمعة
ومنها: شهودُهُ لحلفِ الفضولِ: ” حَيْثُ تَدَاعَتْ قَبَائِلُ مِنْ قُرَيْشٍ إلَى حِلْفٍ، فَاجْتَمَعُوا فِي دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ ، فَتَعَاقَدُوا وَتَعَاهَدُوا عَلَى أَنْ لَا يَجِدُوا بِمَكَّةَ مَظْلُومًا مِنْ أَهْلِهَا وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ دَخَلَهَا مِنْ سَائِرِ النَّاسِ إلَّا قَامُوا مَعَهُ، وَكَانُوا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ حَتَّى تُرَدَّ عَلَيْهِ مَظْلِمَتُهُ، فَسَمَّتْ قُرَيْشٌ ذَلِكَ الْحِلْفَ حِلْفَ الْفُضُولِ.
وَعَن هَذَا الحِلْفِ يتحدثُ الرَسُولُ ﷺ عن نفسه فيقول: ” لَقَدْ شَهِدْتُ فِي دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ، وَلَوْ أُدْعَى بِهِ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَبْتُ”.( سيرة ابن هشام).
ومنها: شفاعتُهُ لأمتِهِ في الآخرةِ: وفي ذلك يقولُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عن نفسِهِ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ». (مسلم). وفي روايةٍ أُخرَى يقولُ ﷺ: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ». (مسلم).
ومنها: الشربُ مِن حوضِهِ ﷺ: وعن هذا الحوضِ يتحدثُ الرسولُ ﷺ فيقولُ: «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ» (مسلم)؛ وفرطُكُم: أي سابقكُم أجهزُهُ لكُم. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «تَرِدُ عَلَيَّ أُمَّتِي الْحَوْضَ، وَأَنَا أَذُودُ النَّاسَ عَنْهُ، كَمَا يَذُودُ الرَّجُلُ إِبِلَ الرَّجُلِ عَنْ إِبِلِهِ» قَالُوا يَا نَبِيَّ اللهِ أَتَعْرِفُنَا؟ قَالَ: ” نَعَمْ لَكُمْ سِيمَا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ غَيْرِكُمْ تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ، وَلَيُصَدَّنَّ عَنِّي طَائِفَةٌ مِنْكُمْ فَلَا يَصِلُونَ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ هَؤُلَاءِ مِنْ أَصْحَابِي. فَيُجِيبُنِي مَلَكٌ، فَيَقُولُ: وَهَلْ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ؟ “. (مسلم).
ومنها: السبقُ إلى الجنةِ: وفي ذلك يقولُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عن نفسِهِ: «أَنَا أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ».(مسلم). كما يقولُ ﷺ عن نفسِهِ وأمتِهِ: ” نَحْنُ الْآخِرُونَ الْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ “.(مسلم).
فلم يقرعْ بابَ الجنةِ أحدٌ مِن الأنبياءِ عليهمُ السلامُ حتى يفتتحَهَا الرسولُ ﷺ؛ ولم يقرع بابَ الجنةِ أحدٌ مِن الأممِ حتى تفتتحهَا أمةُ مُحمدٍ ﷺ . لتحمد اللهَ أنْ جعلَكَ مِن أمةِ الحبيبِ مُحمدٍ ﷺ.
ومِمَّــــــا زادَنِي فخـــــــــرًا وتيهًـــــــا وكـــــدتُ بأخمــــــــــصِي أطــــأُ الثــــــــــرَيَّـا
دخولِي تحتَ قولِكَ يا عبادِي وأنْ صــــــــــــــــــــــــــــــــــــيَّرتَ أحمدَ لِي نبيـًّــــــا
وهكذا كانت أحاديثُه ﷺ عن نفسِه مملوءةً بالدلالاتِ والأسرارِ، حيثُ كان الاصطفاءُ والعصمةُ مِن أفعالِ الجاهليةِ، والمشاركاتُ الاجتماعيةُ، والسبقُ إلى الجنةِ، والشفاعةُ لأمتهِ، والشربُ مِن حوضِهِ، وكلُّ هذه دروسٌ يجبُ علينَا أنْ نغرسَهَا في أولادِنَا، اقتداءً به واتباعًا لهُ ﷺ ، كما سيأتِي في عنصرِنَا التالي إنْ شاءَ اللهُ تعالى .
العنصر الثالث من خطبة الجمعة
ثالثًا: وجوبُ اتباعِ النبيِّ ﷺ في أقوالِهِ وأفعالِهِ
إذا كان الرسولُ ﷺ تحدثَ عن نفسِهِ ومكانتِهِ عندَ اللهِ في الدنيا والآخرةِ، فإنَّهُ مِن الواجبِ علينَا اتباعهُ في جميعِ أقوالِهِ وأفعالِهِ، حتى ننالَ محبةَ اللهِ تعالَى ومحبةَ نبيِّهِ ﷺ؛ كمَا قالَ تعالَى: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. (آل عمران: 31) .
ألَا ما أحوجنَا أنْ نرجعَ مِن جديدٍ إلى رسولِ اللهِ ﷺ؛ لنسيرَ على دربهِ، تصديقًا لقولهِ ﷺ: ” عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ؛ وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ؛ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ” ( أبو داود والترمذي وصححه). يقولُ الإمامُ ابنُ حزمٍ – رحمَهُ اللهُ: “مَن أرادَ خيرَ الآخرةِ وحكمةَ الدنيا وعدلَ السيرةِ، والاحتواءَ على محاسنِ الأخلاقِ كلِّهَا، واستحقاقَ الفضائلِ بأسرِهَا، فليقتدْ بمحمدٍ ﷺ، وليستعملْ أخلاقَهُ وسيرَهُ ما أمكنَهُ “. (الأخلاق والسير).
فإذا كنتَ تريدُ أنْ تكونَ رفيقَ النبيِّ ﷺ في الجنةِ فعليكَ بالتخلقِ بأخلاقِهِ، فعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:” إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا ”. [الترمذي وحسنه].
وإذا كنتَ تريدُ أنْ تكونَ رفيقَ الأنبياءِ والصالحينَ وفي مقدمتِهِم الرسولُ ﷺ، فعليكَ بطاعةِ اللهِ وطاعةِ رسولِهِ ﷺ، قالَ تعالَى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}. (النساء: 69).
وإذا كنتَ تريدُ أنْ تحظَى بشفاعتِهِ في الآخرةِ فعليكَ بكثرةِ الصلاةِ والسلامِ عليه، وسؤالِ اللهِ لهُ الوسيلة، وفي ذلك يتحدثُ الرسولُ ﷺ عن نفسِهِ فيقولُ: ” فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ”. (مسلم).
وإذا كنتَ تريدُ أنْ تشربَ مِن حوضِهِ ﷺ شربةً هنيئةً لا تظمأُ بعدَهَا أبدًا، فعليكَ بالاتباعِ وعدمِ الابتداعِ حتى لا تطردَ مِن على الحوضِ، وفي ذلك يقولُ ﷺ عن نفسِهِ: ” أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ؛ أَلَا لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ؛ أُنَادِيهِمْ أَلَا هَلُمَّ فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا “. (مسلم).
فعليكُم بالاقتداءِ بالرسولِ ﷺ في جميعِ أقوالهِ وأفعالهِ لتفوزُوا بسعادةِ العاجلِ والآجلِ.
نسألُ اللهَ أنْ يجعلنَا رفقاءَ النبيِّ ﷺ في الجنةِ
وأنْ يسقينَا مِن حوضِ نبيِّهِ ﷺ شربةً هنيئةً لا نظمأُ بعدَهَا أبدًا.
الدعاء،،،،،،، وأقم الصلاة،،،،، كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف