أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة بعنوان : الدين يسر .. التيسير في العبادات والسماحة في المعاملات ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 6 يناير 2023م بعنوان : الدين يسر .. التيسير في العبادات والسماحة في المعاملات ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 13 جمادي الآخرة  1444هـ ، الموافق 6 يناير 2023م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 6 يناير 2023م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : الدين يسر .. التيسير في العبادات والسماحة في المعاملات.

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 6 يناير 2023م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : الدين يسر .. التيسير في العبادات والسماحة في المعاملات ، بصيغة word  أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 6 يناير 2023م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : الدين يسر .. التيسير في العبادات والسماحة في المعاملات ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

 

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

عناصر خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الدين يسر .. التيسير في العبادات والسماحة في المعاملات ، للدكتور محروس حفظي :

 

(1) التيسيرُ مقصدٌ مِن مقاصدِ الدينِ الحنيفِ.

(2) التيسيرُ والسماحةُ في أوسعِ أبوابِهَا.

(3) السماحةُ في المعاملاتِ مقصدٌ عظيمٌ ما أحوجنَا إليهِ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الدين يسر .. التيسير في العبادات والسماحة في المعاملات ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:

 خطبة بعنوان: «الدينُ يسرٌ: “التيسيرُ في العباداتِ والسماحةُ في المعاملاتِ”» بتاريخ 13 جمادي الآخرة 1444 هـ = الموافق 6 يناير 2023 م

الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويكافىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِك، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أمَّا بعدُ ،،،

العنصر الأول من خطبة الجمعة بعنوان : الدين يسر .. التيسير في العبادات والسماحة في المعاملات

(1) التيسيرُ مقصدٌ مِن مقاصدِ الدينِ الحنيفِ:

المستقرىءُ لأوامرِ الشارعِ الحكيمِ ونواهيهِ يجدُ أنَّ جُلَّهَا مبنيةٌ على التيسيرِ حتّى قعَّدَ الفقهاءُ قواعدَ عظيمةً منها«المشقةُ تُجلبُ التيسيرَ»، و«إذا ضاقَ الأمرُ اتَّسعَ» حيثُ استخلصُوهَا مِن آيِ الذكرِ الحكيمِ وأحاديثِ النبيِّ الأمينِ قالَ ربُّنَا:﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ وقال :«إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ، إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ، إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ» (أحمد) .

لقد جعلَ ربُّنَا –عزَّ وجلَّ– التيسيرَ مِن أعظمِ مقاصدِ هذه الشريعةِ الغراء؛ لأنَّهُ إذا خلَا منها يترتبُ عليهِ وجودُ أحدِ أمرين: أولهُمَا: الانقطاعُ عن العملِ بسببِ تزاحمِ الحقوقِ فإنَّه إذا أوغلَ في عملٍ شاقٍّ فربَّمَا قطعَهُ عن غيرهِ لا سيّمَا حقوقُ الغيرِ؛ إذ المطلوبُ منه القيامُ بها على أكملِ وجهٍ فحينمَا آخَى بينَ سلمانَ وأبي الدرداء رأى سلمانُ أنَّ أبَا الدرداءِ ليس له حاجةٌ في الدنيا فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ وَلِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَأَمَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذُكِرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «صَدَقَ سَلْمَانُ» (البخاري) .

ثانيهُمَا: وقوعُ الخللِ في العملِ، فيدخلُ على المكلفِ السآمةُ والمللُ في العبادةِ؛ إذ العملُ الخارجُ عن المعتادِ قد يؤدِّي إلى وقوعِ ضررٍ مِن أمراضٍ بدنيةٍ أو نفسيةٍ، فإذا علمَ المكلفُ أو ظنَّ أنَّهُ يدخلُ عليهِ شيءٌ مِن ذلك يتحرجُ بهِ ويعنتهُ ويكرهُ بسببهِ العملَ؛ ولذا نهَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الصلاةِ «بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ، وَلَا هُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» (متفق عليه)، ونهى عن الصلاةِ وقتَ التعبِ ورغّبَ فيها وقتَ النشاطِ والحيويةِ فعَنْ أَنَسٍ قَالَ:«دَخَلَ رَسُولُ اللهِ الْمَسْجِدَ وَحَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ سَارِيَتَيْنِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: لِزَيْنَبَ تُصَلِّي، فَإِذَا كَسِلَتْ، أَوْ فَتَرَتْ أَمْسَكَتْ بِهِ، فَقَالَ:«حُلُّوهُ، لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا كَسِلَ، أَوْ فَتَرَ قَعَدَ» (متفق عليه) .

 إنَّ اللهَ – عزّ وجلّ- لا يريدُ أجسادًا تركعُ وتسجدُ، بينما القلوبُ ساهيةٌ غافلةٌ ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكانَ اللَّهُ شاكِراً عَلِيماً﴾ بل يريدُ عبادةً يظهرُ أثرُهَا على سلوكِ الفردِ والمجتمعِ وحتى وإنْ كانت قليلةً فتؤدي شكرَ ربِّهَا ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَلَّ» (متفق عليه) .

العنصر الثاني من خطبة الجمعة بعنوان : الدين يسر .. التيسير في العبادات والسماحة في المعاملات

(2) التيسيرُ والسماحةُ في أوسعِ أبوابِهَا:

تميزتْ الشريعةُ باليسرِ والسهولةِ، وتلمسُ ذلك واضحًا جليًّا في بابِ “العباداتِ” سواءٌ في كيفيتِهَا أو زمنِهَا مِن جهةِ اتساعِ الوقتِ لأدائِهَا وقضائِهَا بعدَ ذلك في حالِ الاضطرارِ، ففي الطهارةِ عند فَقْدِ الماءِ يجوزُ للمسلمِ التيممُ قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ» (البخاري)، وقد ضربَ لنَا أروعَ الأمثلةِ في التيسيرِ في الطهارةِ؛ لأنَّ الشدةَ فيها توقعُ العبدَ في الضيقِ والحرجِ، وتجعلُ نفسَهُ تملُّ مِن العبادةِ نفسِهَا فضلًا عن الطهارةِ كما هي حالُ كثيرِ المصابين بالوسوسةِ أثناءَ الوضوءِ أو وقوعِ النجاساتِ على الثوبِ وغيرِهِ فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«إِنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ وَطَعْمِهِ وَلَوْنِهِ» (ابن ماجه، وسنده ضعيف)، ويتبينُ يسرُ هذا الدينِ في الطهارةِ مِن قصةِ الأعرابيِّ الذي بالَ في المسجدِ فقامَ الناسُ ليقعُوا بهِ فعن أبي هريرة قال:«قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلاً مِنْ مَاءٍ ، أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ» (البخاري)، وفي الصلاةِ يُصلِّي المسلمُ قائمًا وقاعدًا حسبَ حالهِ فعن عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قال: «كانتْ بِي بواسيرٌ، فسألتُ النبيَّ عن الصلاةِ، فقال: صلِّ قائمًا، فإنْ لم تستطعْ فقاعدًا، فإنْ لم تستطعْ فعلى جنبٍ» (البخاري)، والمسافرُ يجوزُ له جمعُ الصلواتِ وقصرهَا الرباعيةِ منها فيصلِّي الظهرَ مع العصرِ ويصلِّي الظهرَ ركعتينِ وكذلك العصرُ قالَ ربُّنَا:﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾، وأمرَ دينُنَا بتخفيفِ الصلاةِ وعدمِ الإطالةِ فيها؛ لأنَّ الصلاةَ تجمعُ الصغيرَ والكبيرَ والمريضَ فينبغي مراعاةَ أحوالِهِم، وهذا ما كان الرسولُ يحذرُ أصحابَهُ منه فعَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلاَةَ مِمَّا يُطَوِّلُ بِنَا فُلاَنٌ، فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْ يَوْمِئِذٍ فَقَالَ:«أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّكُمْ مُنَفِّرُونَ، فَمَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الْمَرِيضَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ» (البخاري)، ورُفِعَتْ الصلاةُ عن الحائضِ والنفساءِ ولا تقضى بعد الطهرِ؛ إذ قد تطولُ هذه المدةُ فيشقُّ عليها القضاءُ، سَأَلْتُ عَائِشَةَ فقَالَتْ: «كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ» (مسلم) .

وفي الصيامِ أباحَ الفطرَ للمريضِ والمسافرِ ومَن على شاكلِتهِمَا كالعجوزِ والمرضعِ والحاملِ تقديرًا لحالتِهِم قال تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾، والزكاةُ لم تفرضْ إلَّا على مَن ملكَ النصابَ، وحالَ عليه الحولُ، وتنوعَتْ وجوهُ الخيرِ والبرِّ فمصارفُ الزكاةِ وإنْ كانَتْ محدَّدَةً في كتابِهِ العزيزِ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾، ومع ذلك توسَّعَ الفقهاءُ قديمًا وحديثًا وادخلُوا تحتَ قولِهِ تعالى: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ ما يعمُّ كلَّ وجوهِ الخيرِ والبرِّ، ويحققُ النفعَ العامَّ خاصةً في ظلِّ الكوارثِ والأزماتِ الإقتصاديةِ، فيجوزُ للمسلمِ أنْ ينفقَ مالَهُ على المؤسساتِ التعليميةِ والهيئاتِ الصحيةِ ودورِ الرعايةِ الإجتماعيةِ وغيرِهَا مِمّا لا يدخلُهُ الحصرُ ولا يحصِيهِ العدُّ خاصةً في ظلِّ مستجدَّاتِ هذا العصرِ، ولا ينقصُ ذلك مِن ثوابِ المُزكّي شيئًا على الإطلاقِ، فتنبهْ أيُّها المؤمنُ ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا﴾ .

 والحجُّ لم يفرضْهُ إلّا على المقتدرِ بدنيًّا وماليًّا ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾، والتخييرُ بينَ المناسِكِ الثلاثةِ: “التمتعِ، والقرانِ ، والإفرادِ “، وكذا التخييرُ في الترتيبِ بينَ الأعمالِ الثلاثةِ يومَ العيدِ، الرمْي والحلقِ والطوافِ، وكلُّ خللٍ يقعُ في واجباتِ الحجِّ مِن غيرِ قصدٍ يجبرُ بفديةٍ، وحجُّهُ صحيحٌ إذا كان القصورُ مِن هذا الوجهِ فقط، وفي الزواجِ يسرَّ مهرَهُ ولم يشددْ في تكاليفِه فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«إِنَّ أَعْظَمَ النِّكَاحِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُ مَؤُونَةً» (النسائي، وسنده صحيح) بل وعدَ ذلك بالفرجِ والرزقِ الوفيرِ قال ربُّنَا: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ﴾ وهكذا في باقِي التكاليفِ والعباداتِ، وصدقَ اللهُ في وصفِ رسولِنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث قال: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾، وتظهرُ سماحةُ الإسلامِ في توافقِهِ مع الفطرةِ الإنسانيةِ السليمةِ التي خلقَهَا اللهُ في نفسِ الإنسانِ كالخطأِ الذي يقعُ فيه في معظمِ أحوالِهِ مِن غيرِ قصدٍ وكذلك ما يعترِيهِ مِن النسيانِ فعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» (ابن ماجه) .

إنَّ الرسالةَ المحمديةَ سهلةُ التطبيقِ، واضحةُ الفهمِ، فلم يجعلْ اللهُ مشقةً على عبادِهٍ، وأمرَهُم بالرفقِ في أمرهِم كلِّهِ فعن أبي هريرةَ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، ولَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أحَدٌ إلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وقَارِبُوا، وأَبْشِرُوا، واسْتَعِينُوا بالغَدْوَةِ والرَّوْحَةِ وشيءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ» (البخاري)، لكن هذه كلُّهُ يحتاجُ إلى حسنِ الفهمِ، والقصدِ في العملِ .

العنصر الثالث من خطبة الجمعة بعنوان : الدين يسر .. التيسير في العبادات والسماحة في المعاملات

(3) السماحةُ في المعاملاتِ مقصدٌ عظيمٌ ما أحوجنَا إليه:

ينبغي على العاقلِ أنْ يكونَ متسامحًا في بيعِهِ وشرائِهِ، وأنْ يعذرَ المعسرَ بالثمنِ فيؤجلُ إلى وقتِ يسارِهِ؛ لأنَّ هذا يجلبُ له الرحمةَ والخيرَ عاجلًا وآجلًا فعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، سَمْحًا إِذَا اشْتَرَى، سَمْحًا إِذَا اقْتَضَى» (البخاري)، ولهذا تعاملَ الجيلُ الأولُ بهذهِ السماحةِ والسهولةِ فباركَ اللهُ لهم في مالِهِم فهذا عثمانُ بنُ عفانٍ – رضي اللهُ عنه – عندما ابتاعَ حائطًا -حديقةً- مِن رجلٍ فساومَهُ حتى قاومَه عن الثمنِ الذي رضَي به البائعُ فقال عثمانُ: أرنَا يدكَ، فقال الرجُل: لا أبيعكَ حتى تزدنِي عشرةَ آلافٍ فزادَه عثمانُ ليستوجبَ بشارةَ سيدِنَا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فعن عَطَاء بْنِ فَرُّوخٍ «أَنَّ عُثْمَانَ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ أَرْضًا فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ، فَلَقِيَهُ فَقَالَ لَهُ: مَا مَنَعَكَ مِنْ قَبْضِ مَالِكَ، قَالَ: إِنَّكَ غَبَنْتَنِي فَمَا أَلْقَى مِنَ النَّاسِ أَحَدًا إِلَّا وَهُوَ يَلُومُنِي، قَالَ: أَوَ ذَلِكَ يَمْنَعُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاخْتَرْ بَيْنَ أَرْضِكَ وَمَالِكَ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَدْخَلَ اللَّهُ الْجَنَّةَ رَجُلًا كَانَ سَهْلًا مُشْتَرِيًا وَبَائِعًا وَقَاضِيًا وَمُقْتَضِيًا» (أحمد، حسن لغيره)، وتلكَ السماحةُ هي التي نشرَتْ الإسلامَ في ربوعِ المعمورةِ شرقًا وغربًا؛ إذ دخلَ في هذا الدينِ الحنيفِ شعوبٌ بكاملِهَا طواعيةً دونً إجبارٍ؛ لمًّا رأوا القدوةَ الحسنةَ مرتسمةً في أخلاقِ هؤلاءِ التجارِ، وحسنِ تعاملِهِم، وما عُرِفَ عنهم مِن الأمانةِ ونظافةِ اليدِّ والوفاءِ بالعهدِ إلى غيرِ ذلك مِن السماتِ التي حثَّ عليها دينُنَا .

ومِمّا يدلُّ على السماحةِ والقناعةِ في الربحِ، وتجنُّبِ الطمعِ الزائدِ؛ لأنَّ اللهَ قسمَ الأرزاقَ بين الناسِ بشكلٍ متفاوتٍ، لكن مهما أوتِي الإنسانُ من رزقٍ تجدُه لا يقنعُ برزقِه على الرغمِ من كثرتِه؛ لذا مِن الثقافةِ التي يجبُ أنْ يتحلَّى بها البائعُ أنْ يقنعَ بمَا يسَّرَ اللهُ له، وأنْ يكونَ ربحُهُ ربحًا واقعيًّا لا تجاوزيًّا، فقد يكسبُ في السلعةِ مكسبًا هائلًا ومع ذلك لا يبيعُ بل ينتظرُ رجاءَ أنْ يزيدَ السعرُ أكثر، لذا عليه أنْ يوقنَ أنَّ الذي يتحصلُ عليه مِن ربحٍ طيبٍ لا ضررَ فيهِ بالآخرين هو الأبقَى، وليضع الإنسانُ نفسَهُ مكانَ المشترِي أيرضَى ذلك لنفسِه؟ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» (متفق عليه)، والرضَا بِمَا قُسِمَ أحدُ أهمِّ الأسبابِ المعينةِ على هدوءِ النفسِ، وتجنبِ الأمراضِ التي تأتِي بها، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ اللَّهَ يَبْتَلِي عَبْدَهُ بِمَا أَعْطَاهُ، فَمَنْ رَضِيَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ، بَارَكَ اللَّهُ لَهُ فِيهِ، وَوَسَّعَهُ، وَمَنْ لَمْ يَرْضَ لَمْ يُبَارِكْ لَهُ» (أحمد، إسناده صحيح)، ولذا حرَّمَ الإسلامُ الاحتكارَ، واستغلالَ حاجةِ الناسِ، ولَمَّا كانتْ نيتهُ خبيثة، وطويتُهُ مريضة، بشّرَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالإفلاسِ الماديِ والمعنويِ قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:«مَنِ احْتَكَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ طَعَامَهُمْ، ضَرَبَهُ اللَّهُ بِالْجُذَامِ وَالْإِفْلَاسِ» (ابن ماجه)، فالإنسانُ مهمَا اكتسبَ مِن المالِ الحرامِ، ومهمَا ارتفعَ رصيدُهُ منهُ فهو إلى زوالٍ وبوارٍ، وما ربحُهّ هذا إلَّا جذوةٌ مِن لهيبٍ وقَبَسٍ مِن نارٍ، يتأججُ في بطنهِ، أمَّا التاجرُ الأمينُ يعلمُ أنَّ ما عندَ اللهِ لا ينالُ إلَّا بطاعتهِ فعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ:«قَامَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدَعَا النَّاسَ، فَقَالَ: هَلُمُّوا إِلَيَّ فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ فَجَلَسُوا فَقَالَ: هَذَا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ جِبْرِيلُ نَفَثَ فِي رُوعِي أَنَّهُ لَا تَمُوتُ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا، وَإِنْ أَبْطَأَ عَلَيْهَا، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، وَلَا يَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ تَأْخُذُوهُ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ» (الْبَزَّار)، بل حتى في المخالفاتِ وضعَ اللهُ – عزَّ وجلَّ- العقوباتِ المناسبةَ لأفعالِ الناسِ التي تضرُّ بالأنفسِ والأموالِ والأعراضِ وغيرِهَا وأضفَى عليهَا ألوانًا مِن السماحةِ واليسرِ بحيثُ تتقبلُهَا النفسُ الإنسانيةُ في كلِّ أحوالِهَا، وشدّدَ في بعضِهَا حفظًا للأعراضِ والنفوسِ فمثلًا في إنفاذِ العقوبةِ على الفاحشةِ طلبَ شهادةَ أربعةِ أشخاصٍ، وهذا مِن بابِ التحرِّي الزائد، وتجنبًا لتطبيقِ العقوبةِ، وكيلَا يقع الناسُ في أعراضِ غيرهِم، بل حدّدَ عقوبةً أخرَى للذي يقذفُ الآخرينَ ويتهمُهُم مِن غيرِ بينةٍ يقينيةٍ.

ومِن أعظمِ أبوابِ السماحةِ في المعاملاتِ “التيسيرُ على المدينِ المعسرِ” وهو مبدأٌ عظيمٌ جاءَ بهِ الإسلامُ رحمةً بحالهِ، وتقديرًا لظروفهِ، وهو مِن أهمِّ أبوابِ التكافلِ الاجتماعِي بينَ أبناءِ المجتمعِ الواحدِ حيثُ يجعلُهُ وحدةً متينةً، تقومُ على الحبِّ والوئامِ والتعاونِ والتراحمِ، فضلًا عمَّا ينتظرُهُ مِن الأجرِ والثوابِ عندَ اللهِ، فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ، طَلَبَ غَرِيمًا لَهُ فَتَوَارَى عَنْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ، فَقَالَ: إِنِّي مُعْسِرٌ، فَقَالَ: آللَّهِ؟ قَالَ: آللَّهِ؟ قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ، أَوْ يَضَعْ عَنْهُ» (مسلم) .

نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا حسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنَّهُ أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، وأنْ يجعلَ بلدنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، ووفق ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.

كتبه: د / محروس رمضان حفظي عبد العال     

عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »