أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةعاجل

خطبة الجمعة القادمة: “معية الله وأثرها في تحقيق السكينة والطمأنينة”، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 10 صفر 1440هـ، الموافق 19 أكتوبر 2018م

كتب: د.خالد بدير 

 

خطبة الجمعة القادمة: “معية الله وأثرها في تحقيق السكينة والطمأنينة”، للدكتور خالد بدير،  بتاريخ 10 صفر 1440هـ، الموافق 19 أكتوبر 2018م.

 

لتحميل الخطبة بصيغة word  أضغط هنا.

لتحميل الخطبة بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

 

ولقراءة الخطبة كما يلي:

 

عناصر الخطبة:

    العنصر الأول: معية الله أهميتها وأقسامها

العنصر الثاني: صور من معية الله لعباده

العنصر الثالث: وسائل اكتساب معية الله

العنصر الرابع: أثر معية الله في تحقيق الطمأنينة والسكينة

     المقدمة:                                                            أما بعد:

   العنصر الأول: معية الله أهميتها وأقسامها

عباد الله:  إن معية الله لها أهمية كبيرة في حياة الإنسان؛ فإن إحساس المؤمن بحفظ الله له، ويقينه أنَّ الله معه؛ يَسمعه إذا شكا، ويُجيبه إذا دعا، ويأخذ بيده إذا كبا، ويمدُّه إذا ضعُف، ويعينه إذا احتاج، ويلطف به إذا خاف، كلُّ ذلك من أسباب ارتياح النفس وانشراح الصدر، وطمأنينة القلب وتيسير الأمر، وطيب العاقبة في العاجل والآجل؛ فإنَّ ثقة العبد بربِّه ويقينه بأنه – سبحانه – المتولي لأموره، وأنه – تعالى – سائقُ كلِّ خير، وكاشفُ كل ضر – لا تتركه نهبًا للوساوس والأوهام، ولا تلقيه في بيداء اليأس من روح الله، أو ظلمة القنوط من رحمة الله؛ بل تجعله يضرع إلى الله – تعالى – عند كلِّ نازلة، ويستجير به عند كل مصيبة، ويشكره ويذكُره، ويحمده عند كلِّ نعمة ورحمة، فيتَّجه إلى الله في سائر أحواله، داعيًا متضرعًا موقنًا بالإِجابة، منتظرًا للفرج من الله، لا يتَّجه إلى غيره، ولا يُنزل حاجتَه بسواه: { أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ } [النمل: ٦٢]، فيتذكَّر ربَّه في كلِّ أحواله ذاكرًا وشاكرًا على السرَّاء، وصابرًا ضارعًا منتظرًا للفرج عند الضرَّاء، ويسأل الله أن يجود عليه بحفظ النعماء، والعافية من البلاء، واللطف في القضاء؛ غير أن هذا الأمر يختص به المؤمن دون غيره؛ فَعَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ!! إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ!! إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ!! وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ!! ” (مسلم) .

أيها المسلمون: إن معية الله عز وجل تنقسم إلى قسمين‏:‏ عامة، وخاصة‏.‏ والخاصة تنقسم إلى قسمين‏:‏ مقيدة بشخص، ومقيدة بوصف‏.‏

فالعامة هي: التي تقتضي الإحاطة بجميع الخلق من مؤمن وكافر ؛ وبَر وفاجر، في العلم والقدرة والتدبير والسلطان وغير ذلك من معاني الربوبية؛ ودليلها قوله تعالى‏:‏  { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ } [الحديد: 4] وقوله: { مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا } [المجادلة: 7] .

أما المعية الخاصة فهي تنقسم إلى قسمين: المقيدة بوصف؛ فتكون لمن يحمل هذا الوصف من البشر؛ ومن ذلك : الإحسان والتقوي؛ كما في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ 128‏]‏‏.‏ ومنها: الإيمان كما في قوله تعالى: { وأَنَّ اللَّهَ مَعَ المؤمنِينَ } [الأنفال: 19] . ومنها: الصبر كما في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } ( البقرة: 153)

فكل من اتصف بالإيمان أو الإحسان أو التقوى أو الصبر فإن الله معهم ينصرهم، ويحفظهم، ويؤيدهم، ويوفقهم، ومعية الله أثمن شيء على الإطلاق، أن يكون الله معك، كن مع الله ترى الله معك.

فمعية الله سبحانه وتعالى أعظم معية ، فهناك من يتفاخر بمعية العظماء والكبراء والمشاهير ، يحتمي بهم ويلوذ بهم ، هؤلاء هم من أعمتهم دنياهم عن آخرتهم وغرهم سلطان البشر عن رب الأرباب وتغافلوا بمعية الناس عن معية رب الناس .

أما معشر المؤمنين فعزهم وفخارهم بمعية الله لهم ، من كان معه الله سبحانه تعالى فهل يضره العالم بأسره ولو اجتمع عليه؟!! قالها المصطفى صلى الله عليه وسلم معلما بها الأمة :” وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ ؛ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ ؛ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ ” .( أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح) ، وهذه المعية توجب لمن آمن بها كمال الثبات والقوة؛ والمراقبة لله عزّ وجل، ولذلك قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: « إن أفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك حيثما كنت » [أخرجه الطبراني في المعجم الكبير والأوسط].

وأما الخاصة المقيدة بشخص معين؛ فهي التي تقتضي النصر والتأييد لمن أضيفت له؛ وهي مختصة بمن يستحق ذلك من الرسل وأتباعهم. كقوله تعالى عن نبيه ‏:{ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40] ، وقال لموسى وهارون ‏:{ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46] .  وقال في موسى وقومه:{فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ؛ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} ( الشعراء: 61 ؛ 62 )؛ وهذه أخص من المقيدة بوصف‏.‏

فالمعية درجات‏:‏ عامة مطلقة، وخاصة مقيدة بوصف، وخاصة مقيدة بشخص‏.‏ فأخص أنواع المعية ما قيد بشخص ، ثم ما قيد بوصف، ثم ما كان عاماً‏. فالمعية العامة تستلزم الإحاطة بالخلق علماً وقدرة وسمعاً وبصراً وسلطاناً وغير ذلك من معاني ربوبيته، والمعية الخاصة بنوعيها تستلزم مع ذلك النصر والتأييد‏؛ فلاحظ الفرق بين المعية العامة وبين المعية الخاصة : المعية العامة: معية علم، أما المعية الخاصة: معية إكرام، معية الله العامة مع الناس كلهم؛ أنه يعلم سرهم وجهرهم، معية الله الخاصة -للمؤمنين-: أنه يحفظهم، وينصرهم، ويؤيدهم، ويسعدهم.

العنصر الثاني: صور من معية الله لعباده

أيها المسلمون: تعالوا معنا لنقف في هذا العنصر مع صور ونماذج لمعية الله لعباده من خلال القرآن والسنة .

– فهذه أمنا هاجر: لما تركها زوجها الخليل إبراهيم عليه السلام هي وابنها في وادٍ مترامِ الأطراف لا ماء فيه ولا طعام ولا شجر ؛ ولا يوجد فيه أحد من البشر ؛ وترك لهما قليلاً من الماء وبعض حباتٍ من التمر ؛ وعاد بأمر ربه إلى فلسطين؛ فتبعته أم إسماعيل فقالت: يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا في هذا الوادي، الذي ليس فيه أحد ولا شيء فيه؟!! قالت ذلك مراراً وجعل لا يلتفت إليها حتى لا يتأثر بالعاطفة ويحن عليهما وينسى أمر ربه. فقالت له: آلله الذي أمرك بهذا؟ قال نعم، قالت: إذاً لا يضيعنا… يا لها من كلمة عظيمة تنبئ عن إيمان عميق وتوكل عظيم ؛ وثقة لا حدود لها بخالق الأرض والسماوات.. إذا كان الله أمرك بهذا فلن يضيعنا.. ثم انطلق إبراهيم -عليه السلام- حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الدعوات وهو على ثقة بأن الله لن يضيع زوجته وابنه وأن الله معهما: {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلوٰةَ فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً مّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِى إِلَيْهِمْ وَٱرْزُقْهُمْ مّنَ ٱلثَّمَرٰتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: 37]. وهل يعقل من إبراهيم -عليه السلام- الذي كان يتمنى طوال حياته هذا الولد أن يتركه في هذا الوادي بدون طعام أو شراب؟!! لكنه التوكل على الله والثقة به والاعتماد عليه وأن الله معه؛ وتلك والله عقيدة السعداء وطريق الأولياء وبها سعادة الدنيا والآخرة.. وجعلت أم إسماعيل ترضع ولدها إسماعيل وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نَفِد ما في السقاء عطشت وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يتلوى، فانطلقت كراهية أن تنظر إليه، فقامت على الصفا ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحداً، فلم تر أحداً ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هل ترى أحداً فلم تر أحداً، ففعلت ذلك سبع مرات، فلما أشرفت على المروة سمعت صوتاً فقالت: صه، ثم تسمعت فسمعت أيضاً، فإذا هي بالملك عند موضع زمزم فبحث بعقبه حتى ظهر الماء، فجعلت تحوضه (تجمّعه) بيدها، فشربت وأرضعت، فقال لها الملك: « لا تخافوا الضيعة، فإن هذا البيت يبنيه هذا الغلام وأبوه ». [رواه البخاري].

– وهذه أمنا عائشة رضي الله عنها البريئة الطاهرة – لما اتهما المنافقون – قالت: “فبت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم، وقد بكيت ليلتين ويوماً حتى أظن أن البكاء فالق كبدي، والنبي صلى الله عليه وسلم يمكث شهراً لا يوحى إليه ويقول: ” فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ” ( متفق عليه).  وهكذا تستعين بقول الله: { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}( سورة يوسف:18). لكن ما كان الله ليترك الصديقة على ما هي عليه من الحزن والكآبة؛ لأن معيته لهذه المؤمنة تقتضي أن ينصرها ولو بعد حين، فأنزل الله تعالى قوله: { إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (سورة النور:11)، فرفعها الله بهذه الآيات التي تتلى إلى قيام الساعة، شاهدة على براءة الصديقة بنت الصديق، وأن الله كان معها .

– وقد كان الله مع الصبي زيد بن أرقم حين سمع عبد الله بن أبي يقول: “لئن رجعنا المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل”، وبلغ الكلمة للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن مثل هذه الكلمة الخطيرة لا بد أن تُنقل، لكن لم يكن معه من يشهد له، وظن قومه أنه غفل ونقل ما لم يحصل؛ فلم يصدقوه، فخفق برأسه من الهم ما ذكره بقوله: “فأصابني همٌّ لم يصبني مثله قط” فأنزل الله عز وجل: { هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ } ( سورة المنافقون: 7 ) . إلى قوله: { يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} ( سورة المنافقون: 8 ) ، فأرسل إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأها عليَّ ثم قال: ” إن الله قد صدقك يا زيد ” ، فكان الله مع الصبي الذي كان حريصاً على مصلحة أهل الإسلام .

– وهذا الصحابي هلال بن أمية – رضي الله عنه – الذي رجع من أرضه عشاءً، وكان يعمل في الزرع فوجد عند امرأته رجلاً أجنبياً، كارثة كبيرة، ومصيبة عظيمة، فرأى بعينيه، وسمع بأذنيه، وكان قد نزل قوله: { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } ( سورة النور: 4 ) ، فلو تكلم الآن تكلم بأمر عظيم سيجلد عليه، ولو سكت سيسكت على غيظ وحنق وشدة، فذهب وتكلم، وكره النبي صلى الله عليه وسلم ذلك واشتد عليه، واجتمعت الأنصار وقالوا: الآن يضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم هلال بن أمية، فقال هلال: والله إني لأرجو أن يجعل الله لي منها مخرجاً، والله يعلم إني لصادق، ووالله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يأمر بضربه حد القذف؛ لأنه اتهم المرأة وليس عنده بينة، وهو صادق عند نفسه؛ فجاء المخرج من الله؛ لأن الله مع الصادقين، وأنزل الله: { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} . ( سورة النور : 6 ) الآيات،( انظر القصة كاملة في صحيح البخاري). فجاء المخرج، وصارت هذه القضية، وعرف حكم الملاعنة، ولم يكن الله سبحانه وتعالى ليتخلى عن أوليائه الصادقين في الأزمات الشداد.

– وهذه المرأة الضعيفة خولة بنت ثعلبة التي نطق زوجها بالظهار، وصارت معلقة لا زوجة، ولا مطلقة، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان الرجل إذا قال لامرأته: أنت عليَّ كظهر أمي حرمت عليه، فكان أول من ظاهر في الإسلام أوس بن الصامت فأتت امرأته خولة بنت ثعلبة رسول الله صلى الله عليه وسلم تشتكي وتقول: يا رسول الله أكل شبابي، ونثرت له بطني، حتى إذا كبر سني، وانقطع ولدي، ظاهر مني، اللهم إني أشكو إليك، فما برحت حتى نزل الفرج من السماء من السميع البصير، وجاء قوله تعالى: { قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (سورة المجادلة:1 ) إلى قوله: { وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}(سورة المجادلة:3). الآيات، قالت عائشة: تبارك الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت خولة بنت ثعلبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأنا في ناحية البيت تشكو زوجها فكان يخفى عليَّ بعض كلامها، فما برحت حتى أنزل الله هذه الآيات. ( انظر تفسير ابن كثير ). فالله مع المؤمنين لا يتخلى عنهم، وهذه المرأة في الأزمة النفسية، والحالة الصعبة كانت مع الله فكان الله معها.

– وهذا الصحابي الجليل عبدالله ابن أم مكتوم، الذي كان ضريراً، ابتلاه الله بفقد البصر لما نزل قول الله تعالى: { لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ}. ( سورة النساء: 95) ؛ فجاء ابن أم مكتوم الأعمى، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمليها على زيد بن ثابت وهو من كتبة الوحي، وسمع الآية، فقال: يا رسول الله فما تأمرني فإني رجل ضرير البصر، ولو أستطيع الجهاد لجاهدت، وفي رواية: إني أحب الجهاد في سبيل الله، لكن بي من الزمانة – أي: المرض المزمن والعاهة المستديمة – ما ترى، ذهب بصري، فنزلت كلمتان: ( غير أولي الضرر ) وأضيفت في الآية، فأصبحت:{ لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ } (سورة النساء: 95).(متفق عليه). فكان الله معه وله الأجر كامل لصدق نيته مع الله .

– مقارنة بين معيَّتين لأمتين ونبيين: وهنا مقارنة لها أهميتها ودلالتها الإيمانية بين معية الله للنبي محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم وصاحبه، وبين معية الله لموسى وقومه ؛ كما جاءت في القرآن الكريم.

قال الله في النبي محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم وصاحبه :{ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا } [التوبة: 40] ؛ وقال في موسى وقومه:{فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ؛ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} ( الشعراء: 61 ؛ 62 )

فالله قال في حق أبى بكر {إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا } بالجمع، وقال على لسان موسى لما قال له قومه: البحر أمامنا والعدو خلفنا ؟! { قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} بالإفراد مع أن معه بني إسرائيل، فالله أفرد في حالة الجمع وجمع في حالة الإفراد ليدل على أن إيمان أبي بكر يعدل أمة، وأن بني إسرائيل ليس لهم عهد ، وموسى لا يضمن إلا نفسه، ولا يضمن إيمانهم وعهودهم، فلو أنهم وجدوا مخرجا أو سبيلاً للهروب لسلكوه واعتذروا لموسى وتركوه يغرق وحده، كما قالوا: { اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُون} ( المائدة: 24)، أما أصحاب النبي محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم فكما قال المقداد بن عمرو: يا رسول الله امض لما أراك الله، فنحن معك، والله لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فو الذى بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه.

فكلما بلغ الإنسان درجة عليا من الإيمان والإحسان والطاعة، كلما ظفر بمعية الله تعالى ونصره وتأييده.

وهناك صور كثيرة في القرآن والسنة لمعية الله لعباده لا يتسع المقام لذكرها ويكفي القلادة ما أحاط بالعنق !!

العنصر الثالث: وسائل اكتساب معية الله

 أيها المسلمون: كثير منا بل كلنا يتمنى أن يكون في معية الله؛ ولكن ما السبيل إلى ذلك ؟ وكيف ننال هذه المنزلة ؟!! أقول: هناك وسائل وأسباب لابد أن تسعى وتجد من أجل كسب معية الله ومن هذه الوسائل:

الإيمان بالله والمداومة على الصلاة والزكاة: وهذه هي المعية الخاصة التي نطمح إليها جميعاً؛ تتمثل في قوله تعالى: {وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآَتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآَمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً } [ المائدة: 12] هذا ثمنها؛ أن تقيم الصلاة, وأن تؤتي الزكاة، وأن تستقيم على أمره، وأن تحسن إلى خلقه، إن دفعت الثمن نلت المعية الخاصة، والباب مفتوح لكل الناس.

ومنها: غرس مراقبة الله في نفوس الجميع: فيجب أن نغرس في نفوس أبنائنا وبناتنا وجميع أفراد مجتمعنا خلق مراقبة الله وأن الله معنا في جميع أحوالنا وأعمالنا وحركتنا وسكوننا؛ قال سهل بن عبد الله التستري: كنت وأنا ابن ثلاث سنين أقوم بالليل فأنظر إلى صلاة خالي محمد بن سواء فقال لي يوماً: ألا تذكر الله الذي خلقك فقلت: كيف أذكره؟ قال: قل بقلبك عند تقلبك في ثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك، الله معي الله ناظرٌ إلي الله شاهدي، فقلت ذلك ليالي ثم أعلمته فقال: قل في كل ليلة سبع مرات، فقلت ذلك ثم أعلمته فقال: قل ذلك كل ليلة إحدى عشر مرة، فقلته فوقع في قلبي حلاوته، فلما كان بعد سنة قال لي خالي: احفظ ما علمتك ودم عليه إلى أن تدخل القبر فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة، فلم أزل على ذلك سنين فوجدت لذلك حلاوة في سري، ثم قال لي خالي يوماً: يا سهل من كان الله معه وناظراً إليه وشاهده أيعصيه؟! “( إحياء علوم الدين).

وإليكم هذه القصة الواقعية في هذا المضمون: كتب أحد السياح في مذكراته فقال: بعد الوصول إلى الهند ذهبت إلى القصاب لشراء اللحم، وكان كلما أراد أن يزن اللحم لأحد فتح كيساً عنده ونظر فيه، ثم وزن اللحم وباعه للزبون، فلما جاء دوري فعل كما فعل مع من قبلي، فسألته: لماذا تنظر في الكيس قبل أن تزن لكل زبون؟ قال: إنني أنظر إلى ربي الموجود في الكيس؛ لأن هذا الهندي وثني يعبد الأصنام، فربه المزعوم معه في الكيس، قال: أنا أنظر في الكيس حتى لا أنسى ربي، وأغش في الميزان.

فإذا كان الوثني عنده هذا المعنى في صنم باطل يعبده فأولى بأهل الحق أن يستشعروا دائماً أن الله معهم فلا يعصون ربهم، ويقومون بالحق وبه يعدلون، ويشهدون، ويقيمون الشهادة لله تعالى.

ومنها: اختيار الصحبة الصالحة: فعليك أن تصحب الصالحين لأنهم يقربونك من الله وتكون مع الله فيكون معك؛ وإياك وصحبة السوء فتكون مع شياطين الإنس والجن؛ ولذلك نهى الله نبيه – عليه السلام – أن يكون مع الظالمين؛ قال تعالى: { وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا }. (النساء: 140) . وقال تعالى: { وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } (الأنعام: 68).

ومنها: الإحسان إلى النّاس: فكما قلنا إن الله مع المحسنين؛ فالإحسان إلى الناس طريق السعادة للمحسن والمحسن إليه على السواء؛ فقد سُئِلَ أحدهم: مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ ؟! قال: مَنْ أَسْعَدَ النَّاسَ ؛ فإنْ كُنتَ تبحث عن الراحة والسكون والطمأنينة ، فأوصيك أنْ تمسح رأس اليتيم . . وتُـقبـِّـل رأس ذلك العجوز الفـقـير ؛ فمن أحسن إلى الخلق بالقول والعمل وأنواع المعروف فإن الله يدفع به الهموم والغموم عن العبد، ويعاملك الله وفق معاملتك لعباده. قال الإمام ابن القيم رحمه الله: “من رفق بعباد الله رفق الله به، ومن رحمهم رحمه، ومن أحسن إليهم أحسن إليه، ومن جاد عليهم جاد عليه، ومن نفعهم نفعه، ومن سترهم ستره، ومن منعهم خيره منعه خيره، ومن عامل خلقه بصفة عامله الله بتلك الصفة بعينها في الدنيا والآخرة، فالله لعبده حسب ما يكون العبد لخلقه” . قال تعالى: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا } [سورة النساء: 114].‏

ومنها: حضور مجالس الذكر: فإن ذلك من أكبر الأسباب لانشراح الصدر وطمأنينة ‏القلب، وزوال الهم والغم، قال تعالى: {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }. [سورة الرعد: 28].‏ فعاهد الله من الآن على أن لا تغفل عن ذكره، وستجد نتائج سريعة ومبهرة؛ فيا من شكى الأرق وبكى من الألم وتفجع من الحوادث، ورمته الخطوب، هيا اهتف باسمه المقدس، هل تعلم له سمياً .

الله أكبر كل هم ينجلي …………….. عن قلب كل مكبر ومهلل

فإذا كنت مع الله كان الله معك؛ وإذا ذكرت الله ذكرك في الملأ الأعلى؛ ويحضرني حديث في صحيح البخاري من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ” أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي؛ فإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي؛ وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً” ( متفق عليه ). قال ثابت البناني رحمه الله: إني أعلم متى يذكرني ربي عز وجل .. ففزعوا منه وقالو : كيف تعلم ذلك؟ فقال: إذا ذكرته ذكرني أما قرأتم قوله تعالى: {فاذكروني أذكركم}.

ومنها: العمل وملء وقت الفراغ: فيجب أن نعرف أنّ السعادة والطمأنينة ليست بالراحة؛ بل قد تكون المشقة عين السعادة أحياناً, فلو اضطررت لأن ترمي نفسك في بئر لتنقذ طفلاًّ وقع فيه ستكون سعيداً على الرغم من كل الجروح والآلام التي تعانيها جراء نزولك في البئر. وقد كان لزين العابدين بن علي ندباً في ظهره لأنه كان يحمل الطعام للفقراء؛ ولا شك أنه كان سعيداً في ذلك على الرغم من المشقة التي كان يلاقيها. وللرافعي رحمه الله تعالى كلام جميل في ذلك بقوله: ” ليست السعادة في الراحة والفراغ؛ ولكنها في التعب والكدح والمشقة حين تتحول أياماً إلى راحة وفراغ”. (وحي القلم 42/1). وتلك المشقة التي يكابدها العلماء وطلاب العلم أثناء التحصيل العلمي تضفي عليهم السعادة وترفعهم إلى مراتب من النشوة ؛ على الرغم مما يعانونه من مشاق كبيرة؛ ولهذا يشير الإمام الشافعي رحمه الله تعالى بقوله:

سَهَرِي لِتَنْقِيحِ العُلُومِ أَلَذُّ لي………..مِنْ وَصْلِ غَانِية ٍ وَطيبِ عِنَاقِ

وصريرُ أقلامي على صفحائها…………أحلى منَ الدَّكاءِ والعشاقِ

وَأَلَذُّ مِنْ نَقْرِ الفتاة لِدُفِّهَا…………نقري لألقي الرَّملَ عن أوراقي

وتمايلي طرباً لحلِّ عويصة ٍ………في الدَّرْسِ أَشْهَى مِنْ مُدَامَةِ سَاقِ

وأبيتُ سهرانَ الدُّجا ونبيتهُ………..نَوْماً وَتَبْغي بَعْدَ ذَاكَ لِحَاقِي؟

وهذا أمر مهم للجيل الناشئ؛ فيظن البعض أن السعادة في الراحة فيعمد إلى أن يسند ظهر إلى جدار الكسل؛ فلا يعمل شيئا ولا ينشئ شيئاً ويضيع عمره ووقته في اللهو واللعب؛ وهؤلاء الناس هم أبعد الناس عن السعادة.

يقول الشاعر أبو تمام:           بصُرْتَ بالرَّاحة ِ الكُبرى فلمْ ترها  …… تُنالُ إلاَّ على جسرٍ منَ التَّعبِ

ويقول أحد الحكماء: إذا أردت أن تعيش مطمئناً خالي البال, فكن شجاعًا كالأسد, صبورًا كالجمل, نشيطًا كالنحلة, مبتهجًا كالعصفور.

فالعمل الجاد في جميع مجالات الحياة من أجل البناء والتعمير للوطن؛ وعدم الفساد والتخريب من أهم عوامل السعادة للمجتمع كله .

العنصر الرابع: أثر معية الله في تحقيق الطمأنينة والسكينة

عباد الله: والله الذي لا إله غيره؛ لو أن الناس راقبوا ربهم وأيقنوا أن الله معهم يرى ويسمع حركاتهم وسكناتهم؛ هل يأخذ إنسان مال إنسان آخر؟ الجواب: لا. هل يوجد في المحاكم معاملات من ظالم على مظلوم؟ الجواب: لا.  هل تنتهك الحرمات؟! الجواب: لا. هل يضعف الإنتاج وينتشر الفقر والأزمات؟! الجواب: لا. هل تسفك دماء الأبرياء؟! الجواب: لا . لو أن الناس راقبوا ربهم هل تنتشر الخمور والمخدرات والمسكرات؟! الجواب: لا.  لو أن الناس راقبوا ربهم ……. لو أن الناس راقبوا ربهم ……. لو أن الناس راقبوا ربهم …….!!!!! لكن ضعفت مراقبتنا لله في كثير من أمور حياتنا فعصينا ربنا في الخلوات ، فرحماك يا رب البريات!!

واعلموا أن ما أصابكم من هم وغم وحزن وعدم السكينة والطمأنينة إلا بسبب البعد عن الله وعدم أداء فرائضه؛ فطريق السعادة والطمأنينة في الدنيا والآخرة هو اتباع هدى الله – عز وجل – وأن شقاوة الناس في الإعراض عنه سبحانه وتعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى }( طه: 123 – 127)؛ لذلك كان سلفنا الصالح إذا ضاقت بهم الهموم واشتبكت الغموم أتوا الصلاة وانطرحوا بين يدي ربهم، فتنفرج لهم الدنيا؛ فكان – صلى الله عليه وسلم- ينادي على بلال فيقول: ” يَا بِلَالُ أَقِمْ الصَّلَاةَ أَرِحْنَا بِهَا”.( أبو داود ). وعَنْ أَنَسٍ قَالَ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ”. (أحمد والطبراني والنسائي والحاكم وصححه)؛ فإذا داهمك الخوف وطوقك الحزن، وأخذ الهم بتلابيبك، فقم حالاً إلى الصلاة، تثوب لك روحك وتطمئن نفسك، إن الصلاة كفيلة بإذن الله باجتياح مستعمرات الأحزان والغموم ومطاردة فلول الاكتئاب؛ واعلم أن العمل الصالح والإيمان سبب الحياة السعيدة الآمنة المطمئنة؛ قال جل جلاله: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. [النحل:97]. قال ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى:” إن سعادة النفس أن تحيا الحياة النافعة فتعبد الله، ومتى لم تحيَ هذه الحياة كانت ميتة، وكان مالها من الحياة الطبيعية موجباً لعذابها، فلا هي حية متنعمة بالحياة، ولا ميتة مستريحة من العذاب”.أ.ه .

أحبتي في الله: ألا ما أحوجنا إلى أن نسير في هدى من الله، شعارنا ( فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ )، نفر منه إليه، نفر من الدنيا إلى الآخرة، نفر من الشهوات إلى الطاعات، نفر من الكسل إلى الجد والعمل؛ نفر من الفتن والنقم إلى مَن وحده بيديه أن ينجينا منها ، نقدم له القليل فينعم علينا بالكثير ، نطمع في معيته ، فينعم علينا بنصره وتأيده ورعايته وصيانته لنا ، الله ينادينا ليل نهار هلموا إليَّ ، تقربوا إليَّ بالطاعات أتقرب إليكم بالإحسان ، كن مع الله يكن الله معك ويهيء لك سبل الخير والهدى. أسال الله أن يشملنا بحفظه وتأييده ورعايته ومعيته .

الدعاء،،،،                               وأقم الصلاة،،،،                       كتبه : خادم الدعوة الإسلامية

                                                                                              د / خالد بدير بدوي

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »