خطبة الجمعة القادمة: محاسبة النفس، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 21 ربيع الآخر 1440هـ الموافق 28 ديسمبر 2018م
كتب: د. خالد بدير
خطبة الجمعة القادمة: محاسبة النفس، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 21 ربيع الآخر 1440هـ الموافق 28 ديسمبر 2018م.
لتحميل الخطبة بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل الخطبة بصيغة pdf أضغط هنا.
ولقراءة الخطبة كما يلي:
عناصر الخطبة:
العنصر الأول: أهمية محاسبة النفس
العنصر الثاني: أنواع محاسبة النّفس
العنصر الثالث: محاسبة النفس نماذج وصور
العنصر الرابع: ثمرات وفوائد محاسبة النفس
المقدمة: أما بعد:
العنصر الأول: أهمية محاسبة النفس
عباد الله: لمحاسبة النفس أهمية كبيرة في حياتنا العملية والدينية؛ فكثيرٌ منا يحاسب نفسه كل يوم ماذا حصَّل وجمع من المال؟! ويقارن نفسه بغيره إن كان جمع أكثر منه !! فيسارع إلى اللحاق به؛ وهذا في أمر الدنيا الفانية؛ والأولى للعاقل أن يحاسب نفسه ويقف مع نفسه في أمور الآخرة لأنها الباقية.
ومعنى محاسبة النّفس:” أن يتصفّح الإنسان في ليله ما صدر من أفعال نهاره ؛ فإن كان محموداً أمضاه وأتبعه بما شاكله وضاهاه، وإن كان مذموما استدركه إن أمكن، وانتهى عن مثله فى المستقبل” «أدب الدنيا والدين- الإمام الماورديّ ».
فينبغي على العبد أن يحاسب نفسه على جميع أقواله وأفعاله أولاً بأول ؛ فإن وجد خيراً حمد الله ؛ وإن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه؛ وعليه أن يستدرك هذا التقصير قبل فوات الأوان.
يقول عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه-: “حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا ؛ فإنّه أهون عليكم في الحساب غدا، أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزيّنوا للعرض الأكبر؛ {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ} (الحاقة: 18). وكتب – رضي الله عنه- إلى بعض عمّاله، فكان في آخر كتابه: «أن حاسب نفسك في الرّخاء، قبل حساب الشّدّة؛ فإنّه من حاسب نفسه في الرّخاء، قبل حساب الشّدّة، عاد مرجعه إلى الرّضى والغبطة. ومن ألهته حياته وشغلته أهواؤه، عاد أمره إلى النّدامة، والحسرة. فتذكّر ما توعظ به، لكي ما تنتهي، عمّا ينهى عنه، وتكون عند التّذكرة والعظة من أولي النّهى» « محاسبة النفس لابن أبي الدنيا ».
وقال الحسن- رحمه اللّه-: إنّ العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة من همّته. وعنه قال: { وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} (القيامة: 2) قال: لا تلقى المؤمن إلّا يعاتب نفسه، ماذا أردت بكلمتي، ماذا أردت بأكلتي؟! .
وقال مالك بن دينار- رحمه اللّه-: رحم اللّه عبداً قال لنفسه: ألست صاحبة كذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ثمّ زمّها، ثمّ خطمها، ثمّ ألزمها كتاب اللّه- عزّ وجلّ- فكان لها قائداً. « محاسبة النفس لابن أبي الدنيا ».
وقد دلّ على وجوب محاسبة النّفس قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ} (الحشر: 18) . يقول الإمام ابن كثير في تفسيره: ” أي: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وانظروا ماذا ادخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم ؛ واعلموا أنه عالم بجميع أعمالكم وأحوالكم لا تخفى عليه منكم خافية، ولا يغيب عنه من أموركم جليل ولا حقير ” . أ.ه
يقول الحسن البصري: « لا تلقى المؤمن إلا يحاسب نفسه، ماذا أردتِ تعملين؟ وماذا أردتِ تأكلين؟ وماذا أردتِ تشربين؟ وإن الفاجر يمضي قدمًا ما يعاتب نفسه ».
وعن وهب بن منبّه، قال: مكتوب في حكمة آل داود: حقّ على العاقل أن لا يغفل عن أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربّه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها مع إخوانه الّذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عن نفسه، وساعة يخلو فيها بين نفسه وبين لذّاتها، فيما يحلّ ويحمد، فإنّ في هذه السّاعة عونا على تلك السّاعات، وإجماما للقلوب ؛ وحقّ على العاقل أن لا يرى ظاعنا إلّا في ثلاث: زاد لميعاد، أو مرمّة لمعاش، أو لذّة في غير محرّم. وحقّ على العاقل أن يكون عارفا بزمانه، حافظا للسانه، مقبلا على شأنه. « محاسبة النفس لابن أبي الدنيا ». وقال الفضيل بن عياض: من حاسب نفسه قبل أن يحاسب؛ خف في القيامة حسابه وحضر عن السؤال جوابه؛ وحسن منقلبه ومآبه. ومن لم يحاسب نفسه؛ دامت حسراته؛ وطالت في عرصات القيامة وقفاته؛ وقادته إلى الخزي والمقت سيئاته؛ وأكيس الناس من دان نفسه وحاسبها وعاتبها وعمل لما بعد الموت واشتغل بعيوبه وإصلاحها.
فالعبد لو استشعر الخوف والمراقبة من الله ما قدم على المعصية!!” وسئل ذو النّون: بم ينال العبد الجنّة؟ فقال: بخمس: استقامة ليس فيها روغان، واجتهاد ليس معه سهو، ومراقبة اللّه تعالى في السّرّ والعلانية، وانتظار الموت بالتّأهّب له، ومحاسبة نفسك قبل أن تحاسب.” ( إحياء علوم الدين للغزالي).
عباد الله : ينبغي للعاقل أن يكون له في كل يوم ساعة يحاسب فيها نفسه كما يحاسب الشريك شريكه في شئون الدنيا والمال!! فكيف لا يحاسب الإنسان نفسه في سعادة أو شقاوة الأبد ؟!! قال ميمون بن مهران: لا يكون العبد من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة شريكه.
فعلى المؤمن أن يحاسب نفسه، فالطاعة والفروض رأس المال، والمعاصي هي الخسائر، والنوافل هي الأرباح، وليعلم أنّ كل نَفَس من أنفاس العمر جوهرة نفيسة يمكن أن يشتري بها كنزًا من كنوز الآخرة .
فإذا أصبح العبد وفرغ من صلاة الصبح ينبغي أن يُفرِّغ قلبه ساعة، فيقول لنفسه: ما لي بضاعة إلا العمر ولو توفاني الله لكنت أتمنى أن يرجعني إلى الدنيا يوماً حتى أعمل صالحاً، ومن ثَم ينوي فعل الخيرات ليكون من الرابحين.
العنصر الثاني: أنواع محاسبة النّفس
عباد الله: محاسبة النفس نوعان: نوع قبل العمل ؛ ونوع بعده :-
النوع الأول: محاسبة النّفس قبل العمل: وذلك بتصحيح النيّة ؛ فينظر العبد في العمل الصالح الذي سيقوم به، إن كان خالصاً لله فعله، وإن كان من أجل الدنيا أو رضا البشر أعاد النظر فيه وصحّح نيّته، ثمّ فعله.
يقول الحسن -رحمه الله-: رحم الله عبداً وقف عند همه؛ فإن كان لله مضى وإن كان لغيره تأخر .
ولهذا كان بعض السلف إذا قيل لأحدهم تعالى نحضر جنازة فلان والصلاة عليه. فيقول له: اصبر حتى أحضر للأمر نية، حتى يوجه بوصلة القلب إلى الله وابتغاء مرضاته!!
فعندما يحاسب المسلم نفسه، ويرجع إلى نيته هل هي مخلصة، فيذهب لأداء هذا العمل, أم أنها ليست مخلصة لله فيجلس خيراً من أن يذهب؟!!
قال ابن عقيل: “كان أبو إسحاق الفيروز بادي لا يُخرج شيئاً إلى فقير إلا أحضر النية، ولا يتكلم في مسألة إلا قدم الاستعانة بالله وإخلاص القصد في نصرة الحق دون التزيين والتحسين للخلق. ولا صنف مسألة إلا بعد أن صلى ركعتين فلا حرج أن شاع اسمه واشتهرت تصانيفه شرقاً وغرباً، وهذه بركات الإخلاص”. (بدائع الفوائد لابن القيم).
النوع الثاني: محاسبة النّفس بعد العمل وتكون من وجوهٍ ثلاثةٍ: عمل الطاعة؛ وعمل المعصية؛ وعمل الشبهة:-
الوجه الأول: محاسبة النّفس على التقصير في الطاعات: فيرى العبد نفسه دائماً في تقصير ؛ فالمؤمن مع شدة إقباله على الطاعات، والتقرب إلى الله بأنواع القربات؛ إلا أنه مشفق على نفسه أشد الإشفاق، يخشى أن يُحرم من القبول، فعن عائشة – رضي الله عنها – قالت: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-عن هذه الآية: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} (المؤمنون: 60) أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟! قال: “لا يا ابنة الصديق! ولكنهم الذين يصومون ويصلّون ويتصدقون، وهم يخافون أن لا يقبل منهم، أولئك الذين يسارعون في الخيرات.”( الترمذي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي) ، فهو يعطي ويخشى أن لا يقبل منه، يتصدق ويخشى أن ترد عليه، يصوم ويقوم ويخشى أن لا يكتب له الأجر !!
الوجه الثاني: محاسبة النفس على فعل المناهي وارتكاب المعاصي: فإن عرف أنه ارتكب منها شيئًا تداركه بالتوبة، والاستغفار، والحسنات الماحية . ” قال مجاهد: وكَّلَ الله بالإنسان مع علمه بأحواله ملكين بالليل وملكين بالنهار يحفظان عمله، ويكتبان أثره إلزاما للحجة: أحدهما عن يمينه يكتب الحسنات، والآخر عن شماله يكتب السيئات، فذلك قوله تعالى: (عن اليمين وعن الشمال قعيد).”( تفسير القرطبي).
ومن رحمة الله بنا أن العبد إذا فعل حسنة كتبها ملك الحسنات في الحال عشر حسنات؛ وإذا فعل سيئة كتبت بمثلها. { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} ( الأنعام: 160). وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا؛ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ:” إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ؛ فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً؛ فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ؛ وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً؛ فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً” ( متفق عليه ) .
بل من كرم الله وفضله على عباده أن العبد إذا فعل سيئة لم يكتبها ملك السيئات؛ بل يصبر عليه ست ساعات لعله يستغفر الله عز وجل فلا تُكتب!! فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:”إِنَّ صَاحِبَ الشِّمَالِ لِيَرْفَعُ الْقَلَمَ سِتَّ سَاعَاتٍ عَنِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ الْمُخْطِئِ أَوِ الْمُسِيءِ، فَإِنْ نَدِمَ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْهَا أَلْقَاهَا، وَإِلا كُتِبَتْ وَاحِدَةً”. ( مجمع الزوائد)
وقال الأحنف بن قيس: ” صاحب اليمين يكتب الخير، وهو أمير على صاحب الشمال، فإن أصاب العبد خطيئة قال له: أمسك، فإن استغفر الله تعالى نهاه أن يكتبها، وإن أبى كتبها.” (رواه ابن أبي حاتم).
ومن المعلوم أن الإنسان كثير الكلام؛ وكلما كثر كلامه كثر لغطه؛ فينبغي عليه أن يكثر من الاستغفار والتوبة في كل وقت وحين؛ فقد يقع في لغو الكلام وباطله وخبيثه دون أن يشعر أو يلقي له بالا ؛ وهذا حبيبكم صلى الله عليه وسلم يستغفر ربه في اليوم أكثر من سبعين مرة؛ وقد غفر له ذنبه المتقدم منه والمتأخر!! ونحن أكلتنا الذنوب ولم نستغفر الله بالمرة !!!
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:” وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً” (البخاري)، وعند مسلم مائة مرة؛ فعن ابْنَ عُمَرَ قَالَ: قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ”.
الوجه الثالث: محاسبة النفس على كل عمل فيه شبهة: وهو كل عمل كانَ تركُهُ خيراً من فعله؛ أي كل عمل يرتاب العبد منه ويشعر أنّ فيه شبهة، فهذا تركه خيرٌ من فعلِه وفيه ضمان بالبعد عمّا يغضب الله تعالى. فعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:”إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ؛ فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ؛ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ؛ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ؛ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى؛ أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ؛ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ”. (متفق عليه).
قال الإمام ابن حجر:” فيه تقسيم الأحكام إلى ثلاثة أشياء. فالأول: الحلال البين ، والثاني: الحرام البين . فمعنى قوله ” الحلال بين ” أي لا يحتاج إلى بيانه ويشترك في معرفته كل أحد ، والثالث مشتبه لخفائه فلا يدرى هل هو حلال أو حرام ، وما كان هذا سبيله ينبغي اجتنابه لأنه إن كان في نفس الأمر حراماً فقد برئ من تبعتها؛ وإن كان حلالاً فقد أجر على تركها بهذا القصد؛ لأن الأصل في الأشياء مختلف فيه حظرا وإباحة ، والأولان قد يردان جميعا فإن علم المتأخر منهما وإلا فهو من حيز القسم الثالث.”أ.هـ بتصرف. (فتح الباري).
فينبغي على الإنسان أن يتقي الشبهات براءة لدينه وعرضه؛ وأخذاً بالأحوط؛ حتى يسعد بالحلال في دنياه؛ وينجو من النيران في أخراه.
ولهذا كان الصحابة والصالحون يتورعون عن هذه الشبهات؛ بل يتورعون عن بعض الحلال خشية أن يكون حراما!! ” فهذا عمر رضي الله عنه يقول: كنا ندع تسعة أعشار الحلال مخافة أن نقع في الحرام.. وقال أبو الدرداء: إن من تمام التقوى أن يتقي العبد في مثقال ذرة حتى يدرك بعض ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراماً حتى يكون حجاباً بينه وبين النار، ولهذا كان لبعضهم مائة درهم على إنسان، فحملها إليه، فأخذ تسعة وتسعين وتورع عن استيفاء الكل خيفة الزيادة. وكان ما يستوفيه يأخذه بنقصان حبة وما يعطيه يوفيه حبة .
العنصر الثالث: محاسبة النفس نماذج وصور
أحبتي في الله: تعالوا في عنصرنا هذا لنعرض لكم صوراً ونماذج لسلفنا الصالح وكيف كانوا حريصين على محاسبة أنفسهم مع علو قدرهم ورفعة منزلتهم وصحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وشهادته لمعظمهم بالجنة وهم في الدنيا !!
فهذا أبو بكر – رضي الله عنه – يدخل مزرعة أحد الأنصار ويرى طائرًا يطير من شجرة إلى أخرى، فيتأمل ويقول: “هنيئاً لك يا طائر! ترد الشجر وتأكل وتشرب وتموت ولا حساب ولا عقاب، يا ليتني كنت شعرةً في صدر عبدٍ مؤمن”.
” وقال أنس بن مالك سمعت عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه- يوماً وقد خرجتُ معه، حتّى دخل حائطاً فسمعته يقول، وبيني وبينه جدار، وهو في جوف الحائط: عمر بن الخطّاب أمير المؤمنين بخ، واللّه لتتّقينّ اللّه يا ابن الخطّاب، أو ليعذّبنّك!!!”. (إحياء علوم الدين).
” وهذا يزيد الرقاشي -رحمه الله تعالى- كان يحاسب نفسه كل يوم ويتذكر الآخرة، ويقول: “ويحك يا يزيد! من ذا يصلي عنك بعد الموت؟! من ذا يصوم عنك بعد الموت؟! من ذا سيتصدق عنك بعد الموت؟! من الموت طالبه؟! من القبر بيته؟! من الدود أنيسه؟! من التراب فراشه؟! من منكر ونكير جليساه؟!”، ثم يقول: “أيها الناس! ألا تبكون وتنوحون على أنفسكم ما تبقى من حياتكم”، ثم بكي بكاءً شديدًا ؛ حتى تناثرت أشفاره وأحرقت الدموع مجاريها من وجهه “. ( صفة الصفوة ) .
” ويقول إبراهيم التّيميّ: مثّلت نفسي في الجنّة آكل من ثمارها، وأشرب من أنهارها، وأعانق أبكارها، ثمّ مثّلت نفسي في النّار آكل من زقّومها، وأشرب من صديدها، وأعالج سلاسلها، وأغلالها، فقلت لنفسي: أي نفسي، أيّ شيء تريدين؟ قالت: أريد أن أردّ إلى الدّنيا، فأعمل صالحا، قال: قلت: فأنت في الأمنيّة، فاعملي “. (محاسبة النفس لابن أبي الدنيا).
وهذا الأحنف بن قيس، كان عامّة صلاته الدّعاء، وكان يجيء بالمصباح، فيضع أصبعه فيه، ثمّ يقول: حسّ ، ثمّ يقول: يا حنيف ما حملك على ما صنعت يوم كذا، ما حملك على ما صنعت يوم كذا ؟!! (إغاثة اللهفان لابن القيم ).
وقال مالك بن دينار: سمعت الحجاج يخطب وهو يقول: رحم الله امرأً حاسب نفسه قبل أن يصير الحساب إلى غيره، رحم الله امرأً أخذ بعنان عمله فنظر ماذا يريد به، رحم الله امرأً نظر في مكياله، رحم الله امرأً نظر في ميزانه فما زال يقول حتى أبكاني !!.
وهذا توبة بن الصمة كان محاسباً لنفسه، فحسب فإذا هو ابن ستين سنة، فحسب أيامها فإذا هي أحد وعشرون ألف يوم وخمسمائة يوم فصرخ وقال: يا ويلتا: ألقى المليك بأحد وعشرون ألف ذنب، كيف؟ وفي كل يوم عشرة آلاف ذنب؟! ثم خر مغشياً عليه فإذا هو ميت. فسمعوا قائلاً يقول: يا لك ركضة إلى الفردوس الأعلى رضي الله عنه.!!”. ( صفة الصفوة ).
” وهذا الربيع بن خثيم –رحمه الله تعالى-: حفر في داره قبراً فكان إذا وجد في قلبه قسوة جاء فاضطجع في القبر فمكث ما شاء الله ثم يقول: { رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ } [المؤمنون:99 ؛ 100] . ثم يرد على نفسه فيقول: قد أرجعتك فجدي؛ فمكث كذلك ما شاء الله.” ( إحياء علوم الدين ).
عباد الله: هذا غيض من فيض من هذه النماذج والصور لمحاسبة النفس؛ ويكفى القلادة ما أحاط بالعنق؛ وإذا كان هؤلاء الصالحون – مع مكانتهم – حريصين على محاسبة أنفسهم في كل يوم أكثر من مرة ؛ فكيف بنا نحن وقد أكلتنا الذنوب ولم نحاسب أنفسنا بالمرة !!
العنصر الرابع: ثمرات وفوائد محاسبة النفس
أحبتي في الله: لمحاسبة النفس ثمرات وفوائد وآثار كثيرة تعود على صاحبها بالخير في الدنيا والسعادة والفوز في الآخرة منها:
شكر النعمة: فهي تُعرِّف الإنسان بنعم الله عليه فيشكرها، ويستخدمها في طاعة الله، ويحذر من التعرض لأسباب زوالها، قال تعالى: { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ } [إبراهيم: 7]. قال بعض السلف رحمهم الله تعالى: ” النعم وحشية فقيدوها بالشكر “. وقال الحسن البصري: ” إن الله ليمتع بالنعمة ما شاء، فإذا لم يشكر عليها قلبها عذابا، ولهذا كانوا يسمون الشكر: الحافظ، لأنه يحفظ النعم الموجودة، والجالب، لأنه يجلب النعم المفقودة. “
ومنها: معرفة عيوب النفس وإصلاحها: فالذي يحاسب نفسه دوماً يطلع على عيوب النفس؛ وبالتالي لا يسمح لها بالتحكّم بالإنسان وتصرّفاته؛ فمن لا يطلّع ولا يقتنع بعيوب نفسه فإنه لن يجد العلاج لها أبداً، وستقوده إلى ارتكاب المعاصي واكتساب الآثام.
ومنها: دوام الاستعداد للموت: فالمسلم الذي يداوم على محاسبة نفسه يُقلّل من المعاصي ويتوب منها، ويستزيد من الطاعات والعبادات حتى تسهل عليه المحاسبة بعد الموت، ممّا يجعله غير خائفٍ من الموت كالأشخاص الذين لا يُحاسبون أنفسهم؛ فالمؤمن صاحب البضاعة الحسنة والأعمال الصالحة وما يحمله من حسنات؛ يفرح بلقاء الله والقدوم عليه؛ وعلى العكس من ذلك فإن العبد الطالح؛ صاحب المعاصي والبضاعة السوء؛ وما يحمله من آثام وذنوب يكره لقاء الله والقدوم عليه!! فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ؛ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ” قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّا لَنَكْرَهُ الْمَوْتَ! قَالَ:” لَيْسَ ذَاكِ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا حُضِرَ بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ فَلَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ.” (متفق عليه ).
ومنها: تعظيم الله تعالى في المأمورات والمنهيات: فمحاسبة النفس تدعو الإنسان إلى استشعار عظمة حق الله تعالى عليه؛ فيعظم الشعائر ؛ وتعظيم هذه الشعائر من تقوى القلوب، قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ } (الحج: 32). كما يعظم الحرمات لأن أمرها جاء من الله، { ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ } (الحج: 30).
ومنها: أن محاسبة النفس طريق إلى الورع: فالإنسان الذي يحاسب نفسه أولاً بأول يتورع عن الحرام؛ فقد جاء رجل إلى يونس بن عبيد فقال له: أنت يونس بن عبيد، قال: نعم، قال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى رأيتك، قال: وما حاجتك، قال: أريد أن أسألك عن مسألةٍ، قال: سل عما بدا لك، قال: أخبرني ما غاية الورع؟ قال: محاسبة النفس مع كل طرفة والخروج من كل شبهة، قال فأخبرني ما غاية الزهد؟ قال: ترك الراحة. وقد ذكر ابن أبي الدنيا ذلك فقال: “حدثني عبد الرحيم بن يحيى قال حدثنا عثمان بن عمارة عن شيخ قال: خرجت من البصرة أريد عسقلان فصحبت قوماً حتى وردنا بيت المقدس فلما أردت أن أفارقهم قالوا لي: نوصيك بتقوى الله ولزوم درجة الورع، فإن الورع يبلغ بك إلى الزهد في الدنيا، وإن الزهد في الدنيا يبلغ بك حب الله، قلت لهم: فما الورع؟ فبكوا حتى تقطع قلبي رحمةً لهم، ثم قالوا: يا هذا الورع: محاسبة النفس، قلت: وكيف ذاك؟ قال: تحاسب نفسك مع كل طرفة وكل صباح ومساء “.
ومنها: معرفة حق الله تعالى: فغالباً ما ينظر العبد إلى حق نفسه، ويغفل عن حق الله -تعالى-، وعند المحاسبة فإنه يعرف نفسه حق الله -تعالى- عليه، ويدلها على ذلك الحق العظيم، فتستيقظ النفس من سباتها العقيم، وحول هذا المعنى يبين الإمام ابن القيم -رحمه الله- ذلك في كتابه إغاثة اللهفان، قائلاً: “ومن فوائد محاسبة النفس أنه يعرف بذلك حق الله تعالى ومن لم يعرف حق الله -تعالى- عليه فإن عبادته لا تكاد تجدي عليه وهي قليلة المنفعة جداً, وقد قال الإمام أحمد حدثنا حجاج حدثنا جرير بن حازم عن وهب قال بلغني أن نبي الله موسى عليه السلام مر برجل يدعو ويتضرع فقال: يا رب ارحمه فإني قد رحمته، فأوحى الله تعالى إليه لو دعاني حتى ينقطع قواه ما أستجيب له حتى ينظر في حقي عليه.”
هذه هي ثمرات وفوائد محاسبة النفس وهناك فوائد أخرى كثيرة لا يتسع المقام لذكرها .
أيها المسلمون: بعد أيام قلائل نستقبل عاماً جديداً من سنوات أعمارنا ؛ فينبغي على المسلم العاقل أن يتزود للآخرة؛ لأن الدنيا دار ممر والآخرة دار مقر، فخذوا لمقركم من ممركم ؛ ولا تهتكوا أستاركم عند من لا تخفى عليه أسراركم، وأخرجوا الدنيا من قلوبكم، قبل أن تخرج منها أبدانكم ..{ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} (البقرة: 197) ؛ وعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ؛ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ ؛ وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ ” ( ابن ماجة والحاكم والترمذي وقال حديث حسن).
فعلى المسلم أن يوازن بين عمل الدنيا وعمل الآخرة؛ وأن يهتم بعمل الآخرة لأنه هو الذي يصحبه معه في الآخرة؛ فعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، قَالَ : أَتَى رَجُلٌ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَيُوَدُّعُونَهُ ، فَقَالَ : ” إِنِّي مُوصِيكَ بِأَمْرَيْنِ إِنْ حَفِظْتَهُمَا حُفِظْتَ : إِنَّهُ لَا غِنَى بِكَ عَنْ نَصِيبِكَ مِنَ الدُّنْيَا ، وَأَنْتَ إِلَى نَصِيبِكَ مِنَ الْآخِرَةِ أَفْقَرُ ، فَآثِرْ نَصِيبَكَ مِنَ الْآخِرَةِ عَلَى نَصِيبِكَ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يَنْتَظِمَهُ لَكَ انْتِظَامًا ، فَيَزُولُ بِهِ مَعَكَ أَيْنَمَا زُلْتَ ” . (القصاص والمذكرين- ابن الجوزي).
وفي هذا المعنى يقول حاتم الأصم رضي الله عنه:” نظرت إلي الخلق فرأيت كل واحد يحب محبوبا ؛ فإذا ذهب إلي القبر فارقه محبوبه؛ فجعلت الحسنات محبوبي فإذا دخلت القبر دخلت معي .”
وكما جاء في الأثر: اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً .
قال الحسن: نِعمَت الدَّار كانت للمؤمن؛ وذلك لأنه عمِل فيها قليلاً وأخذ منها زاده إلى الجنَّة، وبئسَت الدَّار الدنيا كانت للكافر والمنافق؛ وذلك لأنه أضاع فيها لياليه، وأخذ منها زادَه إلى النار.
تزود من معاشك للمعاد………… وقم لله واعمل خير زاد
ولا تجمع من الدنيا كثيراً…………….فإن المال يجمع للنفاد
أترضى أن تكون رفيق قوم…………..لهم زاد وأنت بغير زاد ؟
وقد وقف الإمام “الحسن البصري” عند شفير قبرٍ بعد دفن صاحبه ثم التفت على رجل كان بجانبه فقال: أتراه لو يرجع للدنيا ماذا سيفعل؟! قال الرجل: يستغفر ويصلي ويتزود من الخير فقال الإمام: هو فاتته فلا تفتك أنت!!!
واعلم – يا عبدالله- أن كل يوم يمر عليك دون عمل، لابد أن تحزن عليه، كما قال عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه- : ” ما حزنت على شيء قط حزني على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي “؛ بل ستندم ولا ينفعك الندم،فَعَن أَبِي هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُوتُ إِلَّا نَدِمَ. قَالُوا: وَمَا نَدَامَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: إِنْ كَانَ مُحْسِنًا نَدِمَ أَنْ لَا يَكُونَ ازْدَادَ ؛ وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا نَدِمَ أَنْ لَا يَكُونَ نَزَعَ .” ( الترمذي).
فعلينا أن نحاسب أنفسنا كل يوم وكل ساعة؛ هل قصَّرنا في عملنا؟! هل قصَّرنا في وظيفتنا؟! هل قصَّرنا في أرحامنا؟! هل قصَّرنا في حقوق أهلينا ومجتمعنا وجيراننا؟!! هل قصَّرنا في عباداتنا وحقوق الله علينا؟!! هل قصَّرنا في … هل قصَّرنا في … هل قصَّرنا في …..؟!! إننا إن فعلنا ذلك وحاسبنا أنفسنا؛ فلا شك أن هذه الضمائر الحية المشرقة تكون في أعلى درجات الإيمان والتوكل والاجتهاد في أمور الدين والدنيا معا؛ وبذلك نفوز بسعادة العاجل والآجل!!!
اللهم آت نفوسنا تقواها ؛ وزكها أنت خير من زكاها ؛ أنت وليها ومولاها ؛؛؛؛
الدعاء،،،،، وأقم الصلاة،،،،،
كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي