أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة للدكتور محمد حرز : مفهوم العمل الصالح وفضائل العشر

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : مفهوم العمل الصالح وفضائل العشر ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 27 ذو القعدة 1444هـ ، الموافق 16 يونيو 2023م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 16 يوينو 2023م بصيغة word بعنوان : مفهوم العمل الصالح وفضائل العشر ، للدكتور محمد حرز.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 16 يونيو 2023م بصيغة pdf بعنوان : مفهوم العمل الصالح وفضائل العشر ، للدكتور محمد حرز.

عناصر خطبة الجمعة القادمة 16 يونيو 2023م بعنوان : مفهوم العمل الصالح وفضائل العشر .

أولًا: العملُ الصالحُ شعارُ المؤمنين.

ثانيًا: أعظمُ أيامِ الدنيا على الأبواب.

ثالثًا وأخيرًا: كيف اغتنمُ هذه الأيامَ المباركات ؟

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 16 يونيو 2023م بعنوان : مفهوم العمل الصالح وفضائل العشر : كما يلي:

 

خطبة الجمعة القادمة : مفهومُ العملِ الصالحِ وفضائلُ العشرِ للدكتور محمد حرز ، 27ذو القعدة بتاريخ  1444هـ، الموافق، 16يونيو2023م

الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ﴾الكهف 30،الحمد لله الذي فضَّلَ عشرَ ذي الحِجَّةِ على سائرِ الأيامِ، وجَعَلَها موسمًا لعِتقِ الرِّقابِ ومغفرةِ الذنوبِ والآثامِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه أولٌ بلا ابتداء، وآخرٌ بلا انتهاء، الوترُ الصَّمَدُ الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ  وَرَسُولُهُ القائلُ كمَا في حديثِ أبي هريرةَ رضى اللهُ عنه  قال: ما أَهَلَّ مُهِلٌّ قطُّ إلَّا بُشِّرَ ، ولا كَبَّرَ مُكَبِّرٌ قطُّ إلَّا بُشِّرَ ، قيل : بالجنةِ ؟ قال : نَعَمْ) (رواه الطبراني بسند صحيح) فاللهُمّ صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ  المختارِ، خير مَن صلّى وصامَ وتابَ وأنابَ ووقفَ بالمشعرِ وطافَ بالبيتِ الحرام، وعلى آلهِ وصحبِه الأطهارِ وسلمْ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين.

أمّا بعدُ …..فأوصيكم ونفسي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (أل عمران :102)

عبادَ الله 🙁مفهومُ العملِ الصالحِ وفضائلُ العشرِ) (عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا)

عناصر اللقاء :

أولًا: العملُ الصالحُ شعارُ المؤمنين.

ثانيًا: أعظمُ أيامِ الدنيا على الأبواب.

ثالثًا وأخيرًا: كيف اغتنمُ هذه الأيامَ المباركات ؟

أيُّها السادة : ما أحوجنَا في هذا الدقائقِ المعدودةِ إلي أنْ يكونَ حديثُنَا عن مفهومِ العملِ الصالحِ و فضلِ العشرِ الأوائلِ مِن ذي الحجةِ، وخاصةً وأنّ الناسَ في غفلةٍ وهم معرضون، وهم في الباطلِ والشهواتِ والمادياتِ غارقون ولا حولَ ولا قوةَ إلّا بالله، وخاصةً ونحن على أعتابِ العشرِ الأوائلِ مِن ذي الحجةِ فكن على أهبةِ الاستعدادِ لها لتسعدَ في الدنيا والأخرةِ، فهذه نفحةٌ مِن نفحاتِ الرحمنِ ألا فتعرضُوا لها أيُّها الأخيارُ قبلَ فواتِ الأوان !!!

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة

أولًا: العملُ الصالحُ شعارُ الموحدين.

أيُّها السادة : العملُ الصالحُ طريقُ المؤمنين وشعارُ الموحدين، وغايةُ العابدين، وقرةُ عينِ الخاشعين، وعنوانُ الصادقين ، العملُ الصالحُ هو كلُّ ما يحبُّهُ اللهُ ويرضاهُ مِن الأقوالِ والأعمالِ الظاهرةِ والباطنةِ، فالعملُ الصالحُ يشملُ أعمالَ القلوبِ وأعمالَ الجوارحِ، وجِماعُ الخيرِ كلّه الأعمالُ الصالحةُ، وجِماعُ الشرِّ كلّه الأعمالُ السيئةِ، وهل شقِيَ بطاعةِ اللهِ أحدٌ، وهل سعِدَ بمعصيةِ اللهِ أحدٌ؟ وقد جعلَ اللهُ الجنَّةَ ثوابًا لفعلِ الخيراتِ وتركِ المنكراتِ، وجعلَ النارَ عقابًا لفعلِ المنكراتِ وتركِ الخيراتِ، كما قالَ -عزّ وجلّ-: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى)[الليل:5-10]، (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)[الزخرف:72]، وقالَ جلّ وعلا (فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى)[النازعات:37-39].والعملُ الصالحُ أعمُّ وأوسعُ مِن أنْ نحصرَهُ في بابِ العباداتِ وحدهَا ، بل إنّه يشملُ كلَّ عملٍ صالحٍ، فيشملُ أداءَ الفرائضِ والتقربَ إلى اللهِ عزّ وجلّ بالنوافلِ، العملُ الصالحُ يشملُ الذكرَ وقراءةَ القرآنِ والتسبيحَ والتهليلَ والتكبيرَ، يقولُ نبيُّنَا مُحمدٌ ﷺ :  إنَّ أبوابَ الخيرِ لكثيرةٌ: التَّسبيحُ والتَّحميدُ والتَّكبيرُ والتَّهليلُ والأمرُ بالمعروفِ والنَّهيُ عنِ المنكَرِ وتُميطُ الأذى عن الطَّريقِ وتُسمِعُ الأصَمَّ وتَهدي الأعمى وتدُلُّ المستدِلَّ على حاجتِه وتسعى بشدَّةِ ساقَيْكَ مع اللَّهفانِ المستغيثِ وتحمِلُ بشدَّةِ ذراعَيْكَ مع الضَّعيفِ فهذا كلُّه صدقةٌ منك على نفسِك) رواه ابن حبان، ويتسعُ العملُ الصالحُ ليشملَ عمارةَ الدنيا بالدينِ، وكلُّ ما فيه صالحُ البلادِ والعبادِ مِن بناءِ المستشفياتِ، والمدارسِ، وتمهيدِ الطرقِ، ورعايةِ اليتيمِ، وإطعامِ الفقراءِ، وقضاءِ حوائجِ الناسِ، وكلِّ ما ينصلحُ به حالُ الناسِ في أمورِ دينهِم ودنياهم، وقد مرَّ على النبيِّ ﷺ رجلٌ فرأى أصحابُ النبيِّ ﷺ من جلَدِه ونشاطِه فقالوا: يا رسولَ اللهِ لو كان هذا في سبيلِ اللهِ؟! فقال رسولُ اللهِ ﷺ: إنْ كان خرجَ يسعى على ولدِه صغارًا فهو في سبيلِ اللهِ، وإنْ كان خرجَ يسعى على أبوينِ شيخينِ كبيرينِ فهو في سبيلِ اللهِ، وإنْ كان خرجَ يسعى على نفسِه يعفُّها فهو في سبيلِ اللهِ، وإنْ كان خرجَ يسعى رياءً ومفاخرةً فهو في سبيلِ الشيطانِ)) رواه الطبراني في الكبير. وكيف لا؟ والعملُ الصالحُ سببٌ لمحبَّةِ اللهِ تعالى للعبدِ، و سببٌ لمحبةِ العبادِ قال جلًّ وعلا ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴾ [مريم: 96] أي: (يُحِبُّهم اللهُ تعالى، ويُحَبِّبُهم إلى عباده المؤمنين)، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “ إِنَّ اللَّهَ قَالَ:“ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إلى عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إلى مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلى بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ)) متفق عليه وكيف لا؟ والعملُ الصالحُ سببٌ لرفعِ درجاتِ العبدِ في الجنةِ، قال اللهُ تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنْ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [العنكبوت: 58]. وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [فاطر: 7]. وقال سبحانه: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الفتح: 29].،وكيف لا ؟والعملُ الصالحُ سبيلُ السعادةِ في الدنيا والآخرةِ ،والسعادةُ هي الغايةُ التي يبحثُ عنها جميعُ البشرِ على اختلافِ معتقداتهِم ومع اختلافِ لغاتهِم، ولا تكونُ إلّا في طاعةِ اللهِ وطاعةِ رسولِه ﷺ، والمسارعةُ إلى كلِّ عملٍ يحبُّهُ اللهُ ويرضاهُ، قال جلّ وعلا ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]؛ قال ابنُ كثيرٍ: “هذا وعدٌ مِن اللهِ تعالى لِمَن عملَ صالحًا – وهو العملُ المتابعُ لكتابِ اللهِ تعالى وسنةِ نبيِّهِ – مِن ذكرٍ أو أنثَى مِن بني آدم، وقلبهُ مؤمنٌ باللهِ ورسولهِ، وإنَّ هذا العملَ المأمورَ بهِ مشروعٌ مِن عندِ اللهِ – بأنْ يحييَهُ اللهُ حياةً طيبةً في الدنيا، وأنْ يجزيَهُ بأحسن ما عملَهُ في الدارِ الآخرةِ. قال جلَّ وعلا﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ﴾ [طه: 123، 124]، وكيف لا؟ والعملُ الصالحُ سببٌ مِن أسبابِ حفظِ الأهلِ والذريةِ والأموالِ:فإذا أردتَ أنْ تؤمِّنَ مستقبلَ أبنائِكَ، فلا يكونُ ذلك بكثرةِ الأموالِ أو الأطيانِ أو العقاراتِ، وإنّما يكونُ ذلك بطاعةِ ربِّ الأرضِ والسماوات، وأنْ تقيَهُم وتحميَ نفسَكَ بالتقوى، قال تعالى: ﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [النساء: 9]، ويفسرُ هذه الآيةَ آيةُ سورةِ الكهف؛ قال اللهُ تعالى في قصةِ إقامةِ الجدارِ للغلامينِ على لسانِ الخضرِ لموسَى عليهما السلام: ﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ﴾ [الكهف: 82]؛ قال ابنُ عباسٍ رضي اللهُ عنه في قولهِ: ﴿ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ﴾: “حُفظَا بصلاح أبيهِمَا”، فالبدارَ البدرَ بالخيرِ والأعمالِ الصالحةِ قبلَ فواتِ الأوان!! لقولِ النبيِّ ﷺ “بَادرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعرْض من الدُّنْيَا” رواه مسلم، فهذه بغيَّةٌ على عهدِ بنِي إسرائيل رأت كلبًا يلهثُ عطشًا فسقتْ المرأةُ الكلبَ فغفرَ اللهُ لها الذنوبَ ، وللهِ درُّ القائل :

إذا كانتْ الرحمةُ بالكلابِ  ***  تغفرُ الخطايا للبغايا

فكيف تصنعُ الرحمةُ   ***  بمًن وحّدَ ربَّ البرايا

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة

ثانيًا: أعظمُ أيامِ الدنيا على الأبواب.

أيُّها السادة: إنّ مِن فضلِ اللهِ علينَا وكرمِه وجودِه أنْ جعلَ لعبادِه الصالحين مواسمَ للطاعاتِ يضاعفُ فيها الحسنات، ويغفرُ فيها السيئات، ويرفعُ بها الدرجات، ويستكثرون فيها مِن الخيرات، ويتداركون فيها ما فات، نفحاتٌ مِن نفحاتِ ربِّكُم يتنافسُ فيها المتنافسون، ويتسابقُ إليها المتسابقون، ويستغفرُ فيها المذنبون، ويندمُ فيها المفرطون، ويتوبُ اللهُ على مَن تاب، مِن هذه النفحاتِ أيُّها الأخيارُ عشرُ ذي الحجةٍ نفحة، ويومُ عرفةَ نفحة، ويومُ الجمعةِ نفحة، وثلثُ الليلِ الأخيرِ نفحة، وبينَ الأذانِ والإقامةِ نفحة، ولحظةُ سجودِكَ بينَ يدي ربِّكَ نفحة،  ألَا تعرضُوا لها فقال ﷺ: (إِنَّ لِرَبِّكُمْ عزَّ وجلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لا يَشْقَى بَعْدَهَا أبدًا) رواه الطبراني. فالسعيدُ كما قال ابنُ رجب “فالسعيدُ مَن اغتنمَ مواسمَ الشهورِ والأيامِ والساعاتِ، وتقرّبَ فيها إلى مولاه بما فيها مِن وظائفِ الطاعاتِ، فعسى أنْ تُصيبَهُ نفحةٌ مِن تلك النفحات، فيَسعدَ بها سعادةً يأمنُ بعدهَا مِن النارِ وما فيها مِن اللفحاتِ، ويقولُ ابنُ القيمِ((السنةُ شجرةٌ، والشهورُ فروعُهَا، والأيامُ أغصانُهَا، والساعاتُ أوراقُهَا، والأنفاسُ ثمارُهَا، فمَن كانت أنفاسُه في طاعةٍ فثمرتُه ثمرةٌ طيبةٌ، ومَن كانت أنفاسُه في معصيةٍ فثمرتُه حنظلٌ). فأيُّ أنوع الثمارِ تريدُ أنْ تحصدَ يا مسكينٌ ؟!!!

أيّها السادة:  العشرُ الأوائلُ مِن ذي الحجةِ أعظمُ أيامِ الدنيا على الإطلاقِ وكيف لا؟ واللهُ جلّ وعلا أقسمَ بها في قرآنِه، ولا يقسمُ اللهُ إلّا بكلِّ عظيمٍ، قالَ ربُّنَا )وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ)(الفجر:1-2)؛ قالَ ابنُ عباسٍ: الليالي: هي العشرُ الأوائلُ مِن ذي الحجةِ, وهي الأيامُ المعلوماتُ التي قال عنها ربُّنَا وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ) [الحج:27] قال ابنُ عباسٍ: ( أيامُ العشر ) فالعشرّ مِن ذي الحجةِ أفضلُ أيامِ الدنيا على الإطلاقِ، وكيف لا ونبيُّنَا ﷺ قال كما في حديثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ  عَنْ النَّبِيِّ  ﷺ أَنَّهُ قَالَ : مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِه ِ قَالُوا : وَلَا الْجِهَادُ  ، قَالَ : وَلَا الْجِهَادُ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ ) رواه البخاري،  فهي أَفْضَلُ أَيَّامِ الْعَامِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِيها) أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَيَّامُ الْعَشْرِ( ، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ ﷺ: “أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا الْعَشْرُ– يَعْنِي: عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ- قِيلَ: وَلَا مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ عَفَّرَ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ)) رواه البزار وابن حبان وصححه الألباني.

فالعشرُ مِن ذي الحجةِ أعظمُ أيامِ الدهرِ، وكيف لا ولما سُئلَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رحمه اللهُ أيُّهمَا أفضلُ العشرُ الأوائلُ مِن ذي الحجةِ أم العشرُ الأواخرُ مِن رمضانَ؟ فقال: أيامُ عشرِ ذي الحجةِ أفضلُ مِن أيامِ العشرِ الأواخرِ مِن رمضانَ؛ لأنّ فيها يومَ عرفةَ، وليالِي العشرِ الأواخرِ مِن رمضانَ أفضلُ مِن ليالِي العشرِ مِن ذي الحجة؛ لأنَّ فيها ليلةَ القدرِ.

العشرُ مِن ذي الحجةِ أعظمُ أيامِ العامِ، وكيف لا وفيها يومُ عرفة : وما أدراكَ ما عرفة ؟إنّه اليومُ الذي أكملَ اللهُ فيه الدين، وأتمَّ به علينا النعمةَ، وهو اليومُ المشهودُ (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) المائدة:3. ويومُ عرفةَ يومُ مغفرةِ الذنوبِ، ويومُ العتقِ مِن النيرانِ، ولو لم يكنْ في عشرِ ذي الحجةِ إلّا يومُ عرفةَ لكفاهَا ذلك فضلًا وشرفًا وهو أكثرُ يومٍ يعتقُ اللهُ في الرقابَ مِن النارِ، ويقبلُ اللهُ فيه الدعوات، ويُباهي بأهلِ عرفةَ ملائكتَهُ، كما قال نبيُّنَا ﷺ، وفيها يومُ النحرِ وهو يومُ الحجِّ الأكبرِ أفضلُ أيامِ السنةِ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ رضى الله عنه عَنِ النَّبِىِّ ﷺ قَالَ ( إِنَّ أَعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ )رواه أبو داود والنسائي

والسرُّ في فضلِ هذه الأيامِ كما قال ابنُ حجرٍ: أنّها تجتمعُ فيها أمهاتُ العباداتِ، فلا يجتمعُ الحجُّ مع الصلاةِ إلّا في هذه الأيام، ولا تجتمعُ الزكاةُ مع الحجِّ إلّا في هذه الأيامِ، ولا يجتمعُ الصومُ مع الحجِّ إلّا في هذه الأيامِ. فهذه الأيامُ والليالي.. معدودةٌ محدودةٌ.. ساعاتٌ قليلةٌ.. الأجرُ فيها مضاعفٌ.. والإثمُ فيها مضاعفٌ.. العملُ الصالحُ فيها يحبُّهُ اللهُ أكثرَ مِن العملِ الصالحِ في غيرِهَا.. هذه الأيامُ مِن أيامِ اللهِ.. يحبُّهَا اللهُ…. أفلا تستحقُّ أنْ تكونَ كلَّهَا للهِ؟!فلنجعلْ هذه الأيامَ كاملةً للهِ تعالى.. للهِ وحدَهُ.. يجبُ أنْ لا نرتكبَ فيها أيةَ معصيةٍ، فالمعصيةُ محرمةٌ في العشرِ وفي غيرِهَا.. لكنّهَا فيها إثمهَا مضاعفٌ.. فالبدارَ البدارَ باغتنامِهَا قبلَ فواتِ الأوانِ.

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة

ثالثًا: كيفَ اغتنمُ هذه الأيامَ المباركات ؟

أيُّها السادةاغتنمُوا هذه الأيامَ والساعاتِ والأنفاسَ قبل أنْ يأتيَ يومٌ لا ينفعُ فيه الندمُ، قبل أنْ يأتيَ يومٌ ويقولُ المرءُ منّا: أُريدُ أنْ أرجعَ إلى الدنيا فأعملُ صالحًا، فالغنيمةَ الغنيمةَ قبلَ انقضاءِ الأعمارِ، والمبادرةَ المبادرةَ بالعملِ قبلَ انتهاءِ الأعمالِ، والعجلَ العجلَ قبلَ هجومِ الأجلِ، وقبلَ أنْ يندمَ المفرّطُ على ما فعلَ، وقبلَ أنْ يسألَ الرجعةَ فلا يُجابُ إلى ما سأل، قبل أنْ يحولَ الموتُ بينَ المؤمِّلِ وبلوغِ الأملِ، قبلَ أنْ يصيرَ المرءُ محبوسًا في حفرتهِ بمَا قدَّمَ مِن عملٍ.

أولُها : بادرْ قبلَ أنْ تُبادر، بادرْ بالتوبةِ والرجوعِ إلى علامِ الغيوبِ وستيرِ العيوبِ والتخلصِ  مِنْ كُلِّ الْمَعَاصِي جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، فإذا اجتمعَ للمسلمِ توبةٌ نصوحٌ مع أعمالٍ فاضلةٍ في أزمنةٍ فاضلةٍ فهذا عنوانُ الفلاحِ. قال تعالى: (فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَىٰ أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ) (القصص:67)، و بابُ التوبةِ مفتوحٌ لا يغلقُ أبدًا في كلِّ وقتٍ وحينٍ ما لم تطلع الشمسُ مِن مغربِهَا، وما لم تصلْ الروحُ إلى الحلقومِ، كما قال النبيُّ المختارُ ﷺ في حديثِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:( إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ)رواه الترمذي.

و أبشر:فما دمتَ في وقتِ المهلةِ فبابُ التوبةِ مفتوحٌ لقولِ المصطفَي ﷺ (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ) رواه مسلم، بل قال المختارُ ﷺ كما في صحيح مسلمٍ مِن حديثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ:” أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي فَقَالَ تَبَارَكَ وَتعالى أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي فَقَالَ تَبَارَكَ وَتعالى :عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي فَقَالَ تَبَارَكَ وَتعالى أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ). قَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى: لَا أَدْرِي أَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ:( اعْمَلْ مَا شِئْتَ).

اغتنمْ هذه الأيامَ : وابتعدْ عن النارِ: بالصيامِ عن أبي سعيدٍ الخدري -رضي اللهُ عنه- أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال: “مَن صامَ يومًا في سبيلِ اللَّهِ باعدَ اللَّهُ بذلِكَ اليومِ النَّارَ من وجْهِهِ سبعينَ خريفًا ))رواه ابن ماجه. وعَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ) رواه أبو داود وغيرُه، وقد ذهبَ إلى استحبابِ صيامِ العشرِ الإمامُ النوويُّ وقال: صيامُهَا مستحبٌ استحبابًا شديدًا، وخاصةً صومُ يومِ عرفةَ لغيرِ الحاجِّ، فقد ثبتَ عن أبي قتادةَ رضي اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ) رواه مسلم .

اغتنمْ هذه العشرَ بالتكبيرِ والتهليلِ والتحميدِ والتسبيحِ وذكرِ اللهِ على كلِّ حالٍ، فعن  ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ ﷺ: (مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ) رواه أحمد، وقال البخاريُّ كان ابنُ عمرَ وأبو هريرةَ رضي الله عنهما يخرجانِ إلى السوقِ في أيامِ العشرِ يكبرانِ ويكبرُ الناسُ بتكبيرِهمَا، وكانَ عُمَرُ رضيَ اللهُ عنهُ يُكَبِّرُ في قُبَّتِهِ بمنًى فيَسْمَعُهُ أهلُ المسجدِ، فيُكبِّرُونَ ويُكبِّرُ أهلُ الأسواقِ حتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تكبيرًا) رواه البخاري. فاجعلْ لسانَكَ رطبًا دائمًا بذكرِ اللهِ: ففي الترمذي أنّ رجلًا قال يا رسولَ اللهِ إنّ شرائعَ الإسلامِ قد كثرتْ عليّ وأنا قد كبرتُ فأخبرنِي بشيءٍ أتشبثُ بهِ قال: “لا يزالُ لسانُكَ رطبًا بذكرِ اللهِ تعالى”.

اغتنمْ هذه العشرَ: بأداءِ مناسكِ الحجِّ والعمرةِ للمستطيعِ، وهما أفضلُ ما يُعملُ في عشرِ ذي الحجةِ، ومِن يسرَ اللهُ له حجَّ بيتهِ أو أداءَ العمرةِ على الوجهِ المطلوبِ فجزاؤهُ الجنة؛ لقولِ النبيِّ ﷺ (العمرةُ إلى العمرةِ كفارةٌ لما بينهما، والحجُّ المبرورُ ليس له جزاءٌ إلّا الجنة)متفق عليه.

اغتنمْ هذه العشرَ : بذبحِ الأضاحِي تقربًا إلى اللهِ وإحياءً لسنةِ أبينَا إبراهيمَ عليه السلام، ولفعلِ وقولِ نبيِّنَا ﷺ  كما في حديثِ عائشةَ -رضي اللهُ عنها- أنّها قالت: قال رسولُ اللهِ ﷺ: مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدِّمَاءِ؛ إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الْأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا))

ومِمّــــــا زادنِي فخـــــــــرًا وتيهـــــــًا        وكـــــدتُ بأخمــــــــــصِي أطــــأُ الثــــــــــريّـا

دخولِي تحتَ قولِكَ يا عبادِي     وأنْ صــــــــــــــــــــــــــــــــــــيَّرتَ أحمدَ لي نبيّـــــــًا

أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لِي ولكم

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلّا لهُ، وبسمِ اللهِ ولا يُستعانُ إلّا بهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ……………………  وبعد

اغتنمْ هذه العشرَ بالاجتهادِ في الأعمالِ الصالحةِ كلِّها: مِن استغفارٍ، وقراءةٍ للقرآنِ، وصدقةٍ، وصلةِ الأرحامِ والأقاربِ، وإفشاءِ السلامِ، وإطعامِ الطعامِ، والإصلاحِ بينَ الناسِ، والأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكرِ، وحفظِ اللسانِ والفرجِ، والإحسانِ إلى الجيرانِ، وإكرامِ الضيفِ، والإنفاقِ في سبيلِ اللهِ، وإماطةِ الأذَى عن الطريقِ، ويبقَى بابُ العملِ الصالحِ أوسعَ مِمّا ذُكِرَ، فأبوابُ الخيرِ كثيرةٌ لا تنحصر، ومفهومُ العملِ الصالحِ واسعٌ شاملٌ يتضمنُ كلَّ ما يحبُّهُ اللهُ ويرضاهُ مِن الأقوالِ والأفعالِ الظاهرةِ والباطنةِ، فالعملُ الصالحُ شعارُ المؤمنين الموحدين،

فاستَكثِرُوا أيُّها الأخيارُ مِن فعْلِ الخيراتِ، وسابقُوا إلى عملِ الطاعات، واملأوا صحائفَكُم بالباقياتِ الصالحاتِ، ويا هذا نَفَسُكَ معدودٌ، وعمرُكَ محسوبٌ، فكم أمّلتَ أملًا، وانقضَي الزمانُ وفاتَك، ولا أراكَ تفيقُ حتى تلقَى وفاتَك. فاحذرْ ذللَ قدمِكَ، وخفْ طولَ ندمِك، واغتنمْ حياتَك قبلَ موتِك كما قالَ المصطفَى ﷺ في الحديثِ الذي رواه ابنُ أبي الدنيا والحاكمُ والبيهقيُّ وهو حديثٌ صحيحٌ (اغتنمْ خمسًا قبلَ خمسٍ، حياتَك قبل موتك، وصحتَك قبل سقمك، وفراغَك قبل شغلك، وشبابَك قبل هرمك. وغناكَ قبل فقرك)،  وسألَ الفضيلُ بنُ عياضٍ رجلًا قائلًا لهُ: كمْ عمرُك؟ فقال: ستون سنةً، فقال الفضيلُ: يوشكُ أنْ تصلَ. قال الرجلُ إنّا للهِ وإنّا إليه راجعون، فقال الفضيلُ للرجلِ: هل عرفتَ معناها؟ قال نعم عرفتُ أنِّي للهِ عبدٌ، وأنِّي إلى اللهِ راجعٌ، فقال الفضيلُ: مَن عرفَ أنَّه للهِ عبدٌ وأنّه إلى اللهِ راجعٌ عرفَ أنّه موقوفٌ، ومَن عرفَ أنّه موقوفٌ عرفَ أنّه مسئولٌ، ومَن عرفَ أنّه مسئولٌ، فليعدَّ للسؤالِ جوابًا، فقالَ الرجلُ: يا فضيلُ ما الحيلةُ؟ فقالَ يسيرة، قال ما هي يرحمُكَ اللهُ؟ فقالَ الفضيلُ: أنْ تتقي اللهَ فيمَا بقيَ يغفر اللهُ لك ما قد مضَي وما قد بقي؟  اعرفْ قدرَ وقتِكَ، وشرفَ زمانِكَ، وحقيقةَ عمرِكَ، وحقيقةَ ساعاتِ أيامِكَ، فعدْ الليلةَ إلى اللهِ قبلَ فواتِ الأعمارِ، واسمعْ إلى العزيزِ الغفارِ وهو يُنادِى { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53. وللهِ درُّ القائل:

دقاتُ قلبِ المرءِ قائلـــةٌ له *** إنّ الحياةَ دقـــــائقٌ وثوان
فارفعْ لنفسِكَ قبلَ موتِكَ ذكرَهَا ***   فالذكرُ للإنسانِ عمرٌ ثان

عبادَ الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل: 90]، وَأَقِمِ الصَّلاةَ، إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

حفظَ اللهُ مصرَ قيادةً وشعبًا مِن كيدِ الكائدين، وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.

 كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه

 د/ محمد حرز

إمام بوزارة الأوقاف

_______________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »