أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة للدكتور محمد حرز : الوطنية بين الحقيقة والادعاء

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الوطنية بين الحقيقة والادعاء ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 5 رجب 1444هـ ، الموافق 27 يناير 2023م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 27 يناير 2023م بصيغة word بعنوان : الوطنية بين الحقيقة والادعاء ، للدكتور محمد حرز.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 27 يناير 2023م بصيغة pdf بعنوان : الوطنية بين الحقيقة والادعاء ، للدكتور محمد حرز.

 

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 27 يناير 2023م بعنوان : الوطنية بين الحقيقة والادعاء.

أولًا: الوَطَنيةُ ليستْ كلامًا ولا ادعاءً.   

ثانيــــًا : متطلباتُ الوطنيةِ الحقيقيةِ.

ثالثــــًا: يا أدعياءَ الوطنيةِ تمهّلُوا قليلًا.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 27 يناير 2023م بعنوان : الوطنية بين الحقيقة والادعاء : كما يلي:

 

خطبةُ الجمعة القادمة: الوطنيةُ بينَ الحقيقيةِ والادعاءِ د. محمد حرز… بتاريخ: 5 من رجب 1444هــ –27من يناير2023م

الحَمْدُ للهِ الذِي مَنَّ عَلَينَا بِوَطَنٍ مِنْ خِيرَةِ الأَوطَانِ، وَنشَرَ عَلَينا فِيهِ مَظَلَّةَ الأَمَانِ و الاستِقْرَارِ، الحَمْدُ للهِ القائلِ في محكم التنزيل: ﴿ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِين﴾ يوسف: 99، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وليُّ الصالحين، وَأشهدُ أَنَّ سيدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفُيُّه مِن خلقِهِ وخليلُه، القائلُ كما في حديثِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: «اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أوْ أشَدَّ، وصَحِّحْهَا، وبَارِكْ لَنَا في صَاعِهَا ومُدِّهَا، وانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بالجُحْفَةِ» متفقٌ عليه، فاللهمَّ صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ  المختارِ وعلى آلهِ وصحبهِ الأطهارِ وسلمْ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ.، فاللهم صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ المختارِ وعلى آلهِ وصحبهِ الأطهارِ وسلمْ تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين. أمَّا بعدُ …..

فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } سورة  آل عمران (102)  

عبادَ الله :(( الوطنيةُ بينَ الحقيقةِ والادعاءِ ))عنوانُ وزارتنِا وعنوان خطبتِنا .

عناصرُ اللقاءِ :

أولًا: الوَطَنيةُ ليستْ كلامًا ولا ادعاءً.   

ثانيــــًا : متطلباتُ الوطنيةِ الحقيقيةِ.

ثالثــــًا: يا أدعياءَ الوطنيةِ تمهّلُوا قليلًا.

أيُّها السادةُ: ما أحوجنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلي أنْ يكونَ حديثُنَا عن الوطنيةِ بينَ الحقيقةِ والادعاءِ، وخاصةً ووطنُنَا في حاجةٍ إلى سواعدِ الجميعِ في البناءِ والاستقرارِ والتنميةِ والتقدمِ والرقيِّ والازدهارِ، كلُّ في مجالِهِ وتخصصهِ، وخاصةً وأنَّ مصرنَا الغاليةَ مستهدفةٌ مِن الداخلِ والخارجِ مِمَّن يريدونَ النيلَ منها ومِن أمنِهَا واستقرارِهَا؛ لتعمَّ الفوضَى والخرابُ والهلاكُ والدمارُ، ولا حولَ ولا قوةَ إِلّا باللهِ. وخاصةً والحديثُ عن الأوطانِ شيقٌ وممتعٌ وجميلٌ وسألُوا مَن تغربَ في بلادِ الغربةِ عن اشتياقهِ وحبهِ لوطنهِ.   

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة

أولًا: الوَطَنيةُ ليستْ كلامًا ولا ادعاءً.   

أيُّها السادةُ: بدايةً لن نملَّ مِن الحديثِ عن وطنِنَا؛ لأنَّنَا مِن غيرهِ لا قيمةَ ولا وزنَ لنَا، والوطنيةُ ليستْ كلامًا ولا ادعاءً، وليستْ مجردَ كلماتٍ تُقالُ أو شعاراتٍ تُرفعُ، إنَّما هو سلوكٌ وتضحياتٌ وحقوقٌ تُؤدَى، ،والوطنيةُ ليستْ ادعاءً بل هي انتماءٌ بالجهدِ والعرقِ والعملِ الجادِّ، الجنديٌّ بثباتِه وصبرِه وفدائِه وتضحيتِه، والشرطيُّ بسهرِه على أمنِ وطنِه، والفلاحُ والعاملُ والصانعُ بإتقانِ كلٌّ منهم لعملِه، والطبيبُ والمعلم ُوالمهندسُ بما يقدمُ كلُّ منهم في خدمةِ وطنِه، وهكذا في سائرِ الأعمالِ والمهنِ والصناعاتِ يجبُ على كُلٍّ مِنَّا أنْ يُقدمَ ما يثبتُ بهِ أنَّ حبَّهُ للوطنِ ولاءٌ وعطاءٌ  وانتماءٌ وليس مجردَ كلامٍ أو أماني أو أحلام ،فالوطنُ ليس مجردَ أرضٍ نسكنُهَا بل هو كيانٌ يسكنُنَا ونسكنُهُ وحقُ الوطنِ والدفاعِ عنهُ دينٌ وإيمانٌ وإحسانٌ نقولُهَا بملءِ الأفواهِ، قال  الأصمعيُّ: إذا أردتَ أنْ تعرفَ وفاءَ الرجلِ ووفاءَ عهدِه، فانظرْ إلى حنينهِ إلى أوطانِهِ، وتشوُّقِهِ إلى إخوانِهِ، وبكائِهِ على ما مضَى مِن زمانِهِ.

اللهَ اللهَ في حبِّ الأوطانِ. وكيف لا؟ وحبُّ الوطنِ مِن هدىِ النبيِّ العدنانِ ﷺ والنبيينَ الأخيارِ، والدفاعُ عن الوطنِ مطلبٌ شرعيٌ، وواجبٌ وطنيٌ، ومَسْؤولـيَّةٌ ووَفَاءٌ تقعُ على عاتقِ الجميعِ، والموتُ في سبيلِهِ عِزةٌ وكرامةٌ وشهامةٌ وشجاعةٌ ورجولةٌ وشهادةٌ. وكيف لا؟ والوطنُ وما أدراكَ ما الوطنُ؟ الوطنُ عطرٌ يفوحُ شذَاهُ وعبيرٌ يسمُو في علاه، الوطنُ وما أدراكَ ما الوطنُ؟ الوطنُ نِعْمَةٌ عظيمةٌ ومنةٌ كبيرةٌ مِنْ نعمِ اللهِ العَظِيمَةِ الَّتِي لا تُقَدَّرُ بِثَمَنٍ وَلا تُسَاوَمُ بِالأَمْوَالِ وَالأَرْوَاحِ، بَلْ تُبْـذَلُ الأَمْوَالُ لأَجْـلِهَا وَتُرْخَصُ الأَرْوَاحُ فِي سَبِيلِ وَحْدَتِهَا وَالدِّفَاعِ عَنْهَا. الوطنُ وما أدراكَ ما الوطنُ؟ الوَطَنُ كَلِمَةٌ صَغِيرَةٌ فِي مَبْـنَاهَا، عَظِيمَةٌ فِي مَعْـنَاهَا، كَلِمَةٌ مَا إِنْ تُذْكَرُ حَتَّى تَتَحَرَّكَ لَهَا المَشَاعِرُ وَتَتَفَاعَلَ مَعَهَا الأَحَاسِيسُ، الوطنُ وما أدراكَ ما الوطنُ؟ الوَطَنُ أغلَى ما يملكُ المرءُ بعدَ دينِه، وما مِن إنسانٍ إلَّا ويعتزُّ بوطنِه؛ لأنَّهُ نشأَ فيه وترعرعَ وتربَّى  وشبَّ على أرضهِ وعاشَ حياتَهُ وذكرياتهِ بحلوِهَا ومرِّهَا، الوطنُ وما أدراكَ ما الوطنُ؟ الوَطَنُ موطنُ الآباءِ والأجدادِ، ومأوَى الأبناءِ والأحفادِ، وهو مسقطُ الرأسِ، ومستقرُ الحياةِ، ومِن أجلِهِ نُضحِّي بكلِّ غالٍ ونفيسٍ، وسلُوا مَن تغربَ في بلادِ الغربةِ عن اشتياقِه وحبِّه لوطنِه  وكيف أنَّ الوطنَ حياةٌ ما بعدَهَا حياة .

تابع/ خطبة الجمعة القادمة

والمحافظةُ على الوطنِ من الكلياتِ الستِ التي أمرنَا الإسلامُ بالمحافظةِ عليها. الوطنُ وما أدراكَ ما الوطنُ؟ الوطنُ هو الأمنُ الأمانُ والاستقرارُ والطمائنينةُ، وهو رمزُ الكرامةِ والعزةِ وهو الكيانُ لكلِّ إنسانٍ، وهو الحضنُ الدافئُ الذي نلجأُ إليهِ في أيِّ وقتٍ وحينٍ، لذا حثَّنَا الدينُ على حبِّ الوطنِ والدفاعِ عنهُ ضدَّ الأعداءِ.لذا لَمَّا كَانَتْ مَحَبَّةُ الوَطَنِ فِي النَّفْسِ عَظِيمَةٌ، وَكَانَ فِرَاقُهُ عَلَى القَلْبِ مُؤْلِمًا، نَجِدُ أَنَّ أَعَدَاءَ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ يُهَدِّدُونَ أَنْبِياءَهُمْ بِإِخْرَاجِهِمْ مِنْ أَوْطَانِهِمْ وَحِرْمَانِهِمْ مِنْ نِعْمَةِ الوَطَنِ، قَالَ تَعَالَى :((وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ)) الأعراف 88، وهذَا شُعَيْبٌ -عَلَيْهِ السَّلامُ- قَالَ لَهُ المَلأُ الَّذِينَ استَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ:  (( لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ))، وَهَذَا نَبِيُّ اللهِ لُوطٌ -عَلَيْهِ السَّلامُ- وَمَنْ مَعَهُ قَالَ عَنْهُمْ قَومُهُمْ)) أَخْرِجُوا آَلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ((الأعراف 82، وَقَدْ لاقَى سَيِّدُ أُولِي العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ هَذَا النَّوْعَ مِنَ الإِيذَاءِ البَلِيغِ، فَهَا هُوَ يَلْتَفِتُ إِلَى مَكَّةَ، وَطَنِهِ الحَبِيبِ إِلَى قَلْبِهِ،  إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا قَائِلًا: ((مَا أَطْـيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ وَأَحَبَّكِ إِلَيَّ، وَلَوْلا أَنَّ قَوْمَكِ أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ)) رواه الترمذي، اللهُ أكبرُ خاطبَ مكةَ المكرمةَـ زادَها اللهُ تكريمًا وتشريفًا إلى يومِ الدينِ مودعًا إيَّاهَا  وهي وطنُه الذي أُخرجَ منه، بكلماتٍ تُؤلمُ القلبَ وتُبكي العينَ بدل الدموعِ دمًا، بكلماتٍ كلّهَا حنينٌ ومحبةٌ وألمٌ وحسرةٌ على الفراقِ، بكلماتٍ كلّهَا انتماءٌ وتضحيةٌ ووفاءٌ، وتعلنُ السماءُ حالةَ الطوارئِ ليهبطَ أمينُ السماءِ جبريلُ عليهِ السلامُ بقرآنٍ يُتلى إلى يومِ الدينِ ليجففَ للبنيِّ العدنانِ ﷺ دموعَهُ, وليخففَ عنهُ آلامَهُ فقال جلَّ وعلا: ((إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ(( القصص: 85، أي وبحقِّ القرآنِ ليأتي اليومُ ويردُّكَ اللهُ إلى وطنِكَ و إلى مكةَ التي أخرجوكَ منها فاتحًا منتصرًا وَيَتَجلَّى هَذَا الحُبُّ مِنْهُ ﷺ حِينَ جَلَسَ إِلى وَرَقةَ بنِ نَوفل ابنِ عَمِّ السَّيِّدَةِ خَدِيجَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْها- وَلَمْ يَلْتَفِت ﷺ كَثِيرًا إِلى مَا أَخْبَرَهُ بِهِ مِمَا سَيَتَعرَّضُ لَهُ فِي دَعْوَتِهِ مِنْ مِحَنٍ وَمصَاعِبَ مِنْ قَوْمِهِ، حَتَّى قَالَ لَهُ وَرَقَةُ:((وَلَيتَنِي أَكُونُ مَعَكَ إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ)) عِنْدَها قَالَ ﷺ))  أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟!))، إِنَّهُ الوَطَنُ يا سادةٌ سَكِينَةُ النَّفْسِ، وَرَاحَةُ البَالِ، وَمَجْمَعُ الأَحِبَّةِ، وَمُنْطَلَقُ البِنَاءِ؛ اسْـأَلُوا عَنْ نِعْمَةِ الوَطَنِ مَنْ فَقَدَهَا، وَانظُرُوا إِلَى قِيمَتِهَا فِي مِيزَانِ مَنْ حُرِمَهَا، تُدْرِكُوا حَقِيقَةَ النِّعْمَةِ، وَعَظِيمَ المِنَّةِ. فحبُّ الوطنِ من الإيمانِ والدفاعُ عن الوطنِ شرفٌ وعزةٌ وكرامةٌ وشهامةٌ وشهادةٌ في سبيلِ اللهِ.

بِلاَدِي هَوَاهَا فِي لِسَانِي وَفِي دَمِي *** يُمَجِّدُهَا قَلْبِي وَيَدْعُو لَهَا فَمِي

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة

ثانيــــًا : متطلباتُ الوطنيةِ الحقيقيةِ.

أيُّها السادةُ: الوطنيةُ الحقيقيةُ لها متطلباتٌ، وشتانَ شتانَ  بينَ الوطنيةِ الحقيقةِ وادعياءِ الوطنيةِ فأنَّ للسهىِ مِن شمسِ الضحَى وأنَّ للثرَى مِن كواكبِ الجوزاءِ، ومتطلباتُ الوطنيةِ الحقيقيةِ كثيرةٌ وعديدةٌ منها على سبيلِ المثالِ لا الحصر: المحافظةُ على أمنِهِ واستقرارِهِ  وعدمِ الاستماعِ إلى الدعواتِ المغرضةِ مِن هنا وهناك للنيلِ مِن دولتِنَا واستقرارِهَا وأمنِهَا، فالأمنُ في الأوطانِ مطلبٌ الكُلُّ يريدُه ويطلبُه، ومَن يسعى لزعزعةِ الأمنِ إنَّما يريدُ الإفسادَ في الأرضِ، وأنْ تعمَّ الفوضَى والشرُ بينَ عبادِ اللهِ، فزعزعةُ أمنِ الأمّةِ وترويعُ الآمنينَ جريمةٌ نكراءُ بشعة فيها إعانةٌ لأعداءِ الإسلامِ على المسلمين، فالأمنُ والأمانُ مِن أَجَلِّ النعمِ التي أنعمَ اللهُ بها علينا؛  لقولِ النبيِ ﷺ كما في حديثِ أبي الدرداءِ رضى اللهُ عنه قال: قال رسولُ الله: ” مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بحذافيرها ” رواه البخاري في الأدب المفرد والترمذي في السنن. ومِن متطلباتِ الوطنيةِ الحقيقيةِ: عدمُ  التعدي على الأموالِ والممتلكاتِ الخاصّةِ والعامّةِ وعدمُ تخريبِ وتدميرِ المنشآتِ العامةِ: فإنَّ مَن يقومُ بذلك الاعتداءِ كان مِن المفسدين الهالكين، يا ربِ سلمْ قال جلَّ وعلا:﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ المائدة: 33. 

ومِن متطلباتِ الوطنيةِ الحقيقيةِ: أنْ نعملَ على التنميةِ الشاملةِ في جميعِ نواحي الحياةِ، فالمجتمعاتُ الناجحةُ  تقاسُ قوتُها بمدىَ تحقيقِ التنميةِ الشاملةِ فيها سواءٌ التنميةِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والتعليميةِ والإيمانيةِ والروحيةِ ، فالركودُ والتضخمُ والكسادُ  والبطالةُ والفقرُ والجهلُ والمعاصي  أمراضُ شيخوخةٍ تؤديِ إلى انتشارِ الفسادِ في أركانهِ، وانطفاءِ الأملِ بين شبابِه، ومن ثَمَّ تكثرُ الانحرافاتُ اليأسُ والانتحارُ والإحباطُ في المجتمعاتِ ، وهذا يتنافىَ مع ما جاءَ به الإسلامُ . ومِن متطلباتِ الوطنيةِ الحقيقيةِ: المشاركةُ بإخلاصٍ في بنائِه وذلك بإتقانِ العملِ والحرصِ على جودةِ الإنتاجِ فهو سببٌ لتقدمِ الأممِ فكم مِن أممٍ تقدمتْ بسببِ اتقانِهَا للعملِ، وكم مِن أممٍ تأخرتْ بسببِ عدمِ اتقانِهَا للعملِ لذا قال رسولُ اللهِ ﷺ كما في حديثِ عائشةَ أمِّ المؤمنين:(( إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكمْ عملًا أنْ يُتقِنَهُ) رواه البيهقي .

تابع/ خطبة الجمعة القادمة

ومِن متطلباتِ الوطنيةِ الحقيقيةِ: المساهمةُ في التفوقِ العلميِّ فالتفوقُ العلميُ سببٌ لتقدمِ الأممِ والشعوبِ فلا سعادةَ ولا فلاحَ ولا تقدمَ ولا رقيَ إلا بالعلمِ، فبالعلمِ تُبنى الأمجادُ، وتُشَيَّدُ الحضاراتُ، وتَسُودُ الشعوبُ، وتقلُ الأمراضُ والأوبئةُ، فالعلمُ هوَ الركيزةُ العظمى لأيِّ نهضةٍ في ماضي التاريخِ وحاضرِه، وحيثُ كانت النهضةُ كانَ التعليمُ، وحيثُ كانَ التعليمُ كانتْ النهضةُ، فكم مِن أممٍ نهضتْ وتقدمتْ وتفوقتْ بسببِ تعليمِها، وكم مِن أممٍ تأخرتْ بسببِ جهلِها، وكم مِن أممٍ سادَ فيها الظلامُ والأمراضُ  والأوبئةُ بسببِ جهلِهَا ولا حول ولا قوة إلّا باللهِ .

ومِن متطلباتِ الوطنيةِ الحقيقيةِ: إدراكُ قيمةِ الوطنِ والشعورُ بمكانتِهِ، خاصةً في ظلِّ الظروفِ والتحدياتِ التي تمرُّ بها منطقتُنَا العربيةُ، لذا يجبُ علينا أنْ ننشرَ ثقافَةَ الولاءِ والعطاءِ والفداءِ بين الشبابِ من خلالِ المناهجِ الدراسيةِ، والندواتِ والبرامجِ الإعلاميةِ، فالوطنُ هو السفينةُ التي يجبُ على الجميعِ الحفاظَ عليها حتى تنجو وننجوا معها.

فإذا هلكتْ السفينةُ هلكَ الجميعُ وإذا نجتْ السفينةُ نجَا الجميعُ، فحُبُّ الإنسانِ لوطنهِ، وحرصُهُ على المحافظةِ عليه واغتنامِ خيراتِه، إنَّما هو تحقيقٌ لمعنى الاستخلافِ الذي قال فيه ربُّنَا: ((هُوَ أَنشَأَكُمْ مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ))هود:61.

تابع/ خطبة الجمعة القادمة

ومِن متطلباتِ الوطنيةِ الحقيقيةِ: حبُّ الوطنِ ويظهرُ  هذا في احترامِ أنظمتهِ وقوانينهِ، وفي التشبثِ بكلِّ ما يؤدِّي إلى وحدتهِ وقوتهِ، حبُّ الوطنِ يظهرُ هذا في المحافظةِ على منشآتهِ ومنجزاتهِ، وفي الاهتمامِ بنظافتهِ وجمالهِ، حبُّ الوطنِ يظهرُ في دعمِ منتجاتهِ الصناعيةِ والزراعيةِ والتجاريةِ، حبُّ الوطنِ يظهرُ في إخلاصِ العاملِ في مصنعهِ، والموظفِ في إدارتهِ، والمعلمِ في مدرستهِ، حبُّ الوطنِ يظهرُ في المحافظةِ على أموالهِ وثرواتهِ، حبُّ الوطنِ يظهرُ في المحافظةِ على أمنهِ واستقرارهِ والدفاعِ عنه، حبُّ الوطنِ يظهرُ بنشرِ القيمِ والأخلاقِ الفاضلةِ ونشرِ روحِ التسامحِ والمحبةِ والأخوةِ بين الجميعِ، وأنْ نحققَ مبدأَ الأخوةِ الإيمانيةِ في نفوسِنَا، وأنْ ننبذَ أسبابِ الفرقةِ والخلافِ والتمزقِ، وأنْ نقيمَ شرعَ اللهِ في واقعِ حياتِنَا وسلوكِنَا ومعاملاتِنَا، ففيهِ الضمانُ لحياةٍ سعيدةٍ وآخرةٍ طيبةٍ، وصدق النبيُّ ﷺ إذ يقولُ كما في صحيحِ مسلمٍ مِن حديثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)).

 ومِن متطلباتِ الوطنيةِ الحقيقيةِ: خاصةً في عصرِ السوشيال ميديا والفيس بوك وغيرهِ: ذكرُ الوطنِ بالخيرِ دائمًا ونشرُ الإيجابياتِ الموجودةِ فيهِ والتغاضِي عن المساوئِ وعدمِ نشرِهَا والدعاءُ لهُ بالرخاءِ والازدهارِ وزرعُ الحبِّ في نفوسِ الأطفالِ منذُ النشأةِ الأُولَى، والحثُّ على الدفاعِ عن الوطنِ ونشرُ قيمةِ هذا العملِ والتأكيدُ على أنَّهُ أمرٌ مقدسٌ.. فإنَّ الوطنَ هو مرآةٌ للفردِ وعندما ينهضُ الوطنُ ينعكسُ ذلك على المواطنِ. …أمَّا الإساءةُ إلى الوطنِ على مواقعِ التواصلِ وعلى الفضائياتِ للنيلِ منهُ فهذه خيانةٌ بشعةٌ وجريمةٌ نكراءُ  وخزيٌ وعارٌ وهلاكٌ ودمارٌ دينُنَا منها براءٌ، ولا حولَ ولا قوةَ إلّا باللهِ.

مصرُ الكنانةُ ما هانتْ على أحدٍ***    اللهُ يحرسُها عطفًا ويرعَاها

ندعوكَ يارب أن تحمى مرابعَها ***   فالشمسُ عينٌ لها والليلُ نجواهَا                                                   مَن شاهَدَ الأرْضَ وأَقْطَارَها  ***  والنَّاسَ أنـواعًا وأجناسًا
ولا رأى مِصْـرَ ولا أهلها ***  فما رأى الدنيا ولا الناسَ

أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لِي ولكُم

الخطبةُ الثانية الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلَّا لهُ وبسمِ اللهِ ولا يستعانُ إلَّا بهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ  …………………… وبعد

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة

ثالثــــًا: يا أدعياءَ الوطنيةِ تمهّلُوا قليلًا.

أيُّها السادةُ: يا أدعياءَ الوطنيةِ الزائفةِ تمهّلُوا قليلًا !! تفكرُوا قليلًا !! الكلُّ يعرفكُم لا قيمةَ لكُم ولا وزنَ لكُم ولا أهميةَ لكُم، عودُوا إلي رشدِكُم وعقلِكُم قبلَ فواتِ الأوان  ، فمصرُنَا الغاليةُ صَخرةُ الإسلامِ العاتية. مصرُ التي نحبُّهَا ونعشقُهَا في حاجةٍ إلى أبطالٍ حقيقين لا وهميين في حاجةٍ إلى الشرفاءِ المخلصين لا المخادعين الأفاكين، فالوطنيُّ مَن يعيشُ لوطنهِ لا مَن يتعيّشُ باسمِ الوطنِ و الوطنيةِ، وشتانَ شتانَ بينَ مَن أخلصَ لدينهِ ووطنهِ وضحَّى بالغالِي والنفيس، وبينَ مَن باعَ وطنَهُ بالغالِي والرخيصِ. وشتانَ شتانَ بينَ الوطنيةِ الحقيقيةِ والوطنيةِ المزعومةِ الزائفةِ.

فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، وَكُونُوا لِوَطَنِكُمْ هَذَا خَيْرَ بُنَاةٍ، وَلِمُقَوِّمَاتِهِ وَأُسُسِهِ حُمَاةً، رَاعُوا نُظُمَهُ وَقِيَمَهُ، وَأَوْفُوا بِجَمِيعِ حُقُوقِهِ.وقِفُوا صَفًّا واحِدًا فِي وَجْهِ كُلِّ مُرْجِفٍ، وَتَنَبَّهُوا لِسَعْيِ كُلِّ مُفْسِدٍ، اغْرِسُوا فِي أَبنَائِكُمْ حُبَّ الوَطَنِ وَالاعتِزَازَ بِإِنْجَازَاتِهِ الحَاضِرَةِ وَمَجْدِهِ التَّلِيدِ، حَتَّى يُحَقِّقُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَعْنَى المُوَاطَنَةِ الصَّالِحَةِ، فَهُمْ أَمَلُ الوَطَنِ وَبُنَاةُ الغَدِ. فاللهَ اللهَ في الأوطانِ، اللهَ اللهَ في الوطنيةِ  الحقيقيةِ، اللهَ اللهَ في مصرَ وأهلِهَا، اللهَ اللهَ في كلِّ غيورٍ محبٍّ لوطنهِ، اللهَ اللهَ في التضحيةِ مِن أجلِ الأوطانِ، اللهَ اللهَ في المحافظةِ على مصرِنَا، اللهَ اللهَ على كلِّ مواطنٍ يعملُ لرفعةِ وطنهِ.

حفظَ اللهُ مصرَ قيادة وشعبا من كيدِ الكائدين، وشرِّ الفاسدين وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.

                    كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه

د/ محمد حرز

 إمام بوزارة الأوقاف

 

 _______________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »