أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : الصوم ومكارم الأخلاق

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الصوم ومكارم الأخلاق ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 2 رمضان المبارك 1444 هـ ، الموافق 24 مارس 2023م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 مارس 2023م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : الصوم ومكارم الأخلاق :

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 مارس 2023م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : الصوم ومكارم الأخلاق ، بصيغة word  أضغط هنا.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 مارس 2023م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : الصوم ومكارم الأخلاق ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن الدروس الدينية

 

للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 24 مارس 2023م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : الصوم ومكارم الأخلاق : كما يلي:

 

أولًا: أهميةُ الأخلاقِ ومكانتُهَا في الإسلامِ

ثانيًا: أثرُ العباداتِ في تهذيبِ أخلاقِ الفردِ والمجتمعِ

ثالثًا: أخلاقُ الصائمينَ بينَ الواقعِ والمأمولِ

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة  24 مارس 2023م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : الصوم ومكارم الأخلاق : كما يلي:

الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأنَّ مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ. أمَّا بعدُ:

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة

أولًا: أهميةُ الأخلاقِ ومكانتُهَا في الإسلامِ

إنَّ للأخلاقِ أهميةً كبرَى في الإسلامِ، فالخلقُ مِن الدينِ كالروحِ مِن الجسدِ، والإسلامُ بلا خُلقٍ جسدٌ بلا روح، وإنَّنَا لو نظرنَا إلى الدينِ الإسلامِي لوجدنَاهُ ينقسمُ إلى ثلاثةِ أقسامٍ هي: عقيدةٌ، وشريعةٌ، وأخلاقٌ. فالعقيدةُ: تتمثلُ في توحيدِ اللهِ تعالى، والشريعةُ: تتمثلٌ في العباداتِ مِن صلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ وحجٍّ وغيرِهَا، والأخلاقُ: تتمثلُ في الأخلاقِ الفاضلةِ في التعاملِ مع الآخرين. وكلُّ قسمٍ مِن هذه الأقسامِ الثلاثةِ يمثلُ ثلثَ الإسلامِ، وقد أخبرَنَا الرسولُ ﷺ أنَّ الهدفَ مِن بعثتهِ غرسُ مكارمِ الأخلاقِ في أفرادِ المجتمعِ فقالَ:” إنَّما بُعِثْتُ لأُتَمَّمَ صالحَ  الأخلاقِ” [أحمد والحاكم وصححه].

وقد وقفَ العلماءُ عندَ هذا الحديثِ قائلين: لماذا حصرَ النبيُّ بعثتَهُ في مكارمِ الأخلاقِ مع أنَّهُ بُعِثَ بالتوحيدِ والعباداتِ وهي أرفعُ منزلةٍ وأهمُّ مِن الأخلاقِ؟!!

والجوابُ: أنَّ التوحيدَ والعباداتِ شُرعتْ مِن أجلِ ترسيخِ مكارمِ الأخلاقِ بينَ أفرادِ المجتمعِ، فالغايةُ مِن تشريعِ العباداتِ هي غرسُ الأخلاقِ الفاضلةِ وتهذيبُ النفوسِ، كما هو معلومٌ في الصلاةِ والزكاةِ والصومِ والحجِّ وغيرِهَا .

ولأهميةِ الأخلاقِ أصبحتْ شعارًا للدينِ ( الدينُ المعاملةُ ) فلم يكنْ الدينُ صلاةً ولا زكاةً ولا صومًا فحسب.

قال الفيروزُ آبادي رحمه اللهُ تعالى: “اعلمْ أنَّ الدينَ كلَّهُ خُلقٌ، فمَن زادَ عليكَ في الخُلقِ، زادَ عليكَ في الدينِ”.

بل إنَّ حسنَ الخلقِ مِن كمالِ الإيمانِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:” أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا؛ وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ خُلُقًا.” [وأبو داود والترمذي وصححه].

كمَا أنَّ حسنَ الخلقِ طريقٌ إلى الجنةِ، وقد تواترتْ الأحاديثُ في ذلك، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ؟ فَقَالَ:” تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ “. [ أحمد والترمذي وصححه ] .

 وقد وقفتُ كثيرًا عندَ هذا الحديثِ متسائلًا: لماذا اقتصرَ النبيُّ ﷺ في هذا الحديثِ على هذينِ الأمرينِ ؟!

قال العلماءُ في ذلك: لأنَّ تقوى اللهِ تُصلِحُ ما بينكَ وبينَ اللهِ، فتمتثلَ الأوامرَ وتنتهِي عن المحرماتِ !!

وحسنُ الخلقِ يُصلحُ ما بينكَ وبينَ الناسِ، فلا تكذبْ على أحدٍ، ولا تخنْ أحدًا، ولا تحقدْ على أحدٍ … إلخ

وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:” أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ”. [أبو داود والترمذي وحسنه]. وعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:” إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا ” [الترمذي وحسنه]. وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ» . ( أَبُو دَاوُدَ والترمذي بسند صحيح).

وكذلك حسنُ الخلقِ يرفعُ العبدَ منزلةً عندَ اللهِ حتى يبلغَ درجةَ الصائمِ القائمِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:” إِنَّ الْعَبْدَ لَيَبْلُغُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ” . [أحمد وأبو دواد والحاكم وصححه].

وهكذا ظهرَ لنا بوضوحٍ أهميةَ الأخلاقِ ومكانتَهَا في الإسلام ِ

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة

ثانيًا: أثرُ العباداتِ في تهذيبِ أخلاقِ الفردِ والمجتمعِ

إنَّ الإسلامَ لم يشرعْ الفرائضَ والعباداتِ بكافةِ صورِهَا طقوسًا ولا شعائرَ مجردةً مِن المعنى والمضمونِ، بل إنَّ كلَّ عبادةٍ تحملُ في جوهرِهَا قيمةً أخلاقيةً مطلوبٌ أنْ تنعكسَ على سلوكِ المسلمِ المؤدِّي لهذه العبادةِ، وأنْ تتضحَ جليًّا في شخصيتِهِ وتعاملاتِهِ مع الغيرِ، وأيضًا فيما يرسمُهُ لذاتهِ مِن إطارٍ يحرصُ على الالتزامِ بهِ ولا يحيدُ عنه.

ولو طوفنَا حولَ جميعِ العباداتِ لوجدنَا الهدفَ منها هو تهذيبُ الأخلاقِ وتزكيتُهَا، فالزكاةُ المفروضةُ ليستْ ضريبةً تؤخذُ مِن الجيوبِ، بل هي أولًا غرسٌ لمشاعرِ الحنانِ والرأفةِ، وتوطيدٌ لعلاقاتِ التعارفِ والألفةِ بينَ شتَّى الطبقاتِ، وقد نصَّ القرآنُ على الغايةِ مِن إخراجِ الزكاةِ بقولهِ: { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}. [التوبة:103]، حيثُ تنظيفُ النفسِ مِن أدرانِ النقصِ، والتسامِي بالمجتمعِ إلى مستوى أنبلَ وأرقَى، والمقصودُ هنا تطهيرُهُم مِن ذنوبِهِم التي تقعُ منهم، حيثُ الصدقةُ تطفئُ الخطيئةَ كما يُطفئُ الماءُ النارَ، وهكذا تكونُ للزكاةِ علاقةٌ وطيدةٌ بغرسِ القيمِ والأخلاقِ والتراحمِ بينَ أفرادِ المجتمعِ ولهذه الغايةِ العظمَي فُرضتْ زكاةُ الفطرِ في رمضانَ، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:” فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ” [ ابن ماجة بسند حسن ]. وكلُّ هذه معاني وأخلاقٌ نبيلةٌ يطهرُ بها الشرعُ أفرادَهٌ ظاهرًا وباطنًا.

وفي الصلاةِ، تأتي الحكمةُ العُليا منها في قولهِ تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}. (العنكبوت: 45)، فأنتَ مأمورٌ في أداءِ الصلاةِ في جماعةٍ، لكي تحتكَّ بالناسِ وتتفاعلَ معهم وتربطكَ بهم صلاتٌ وتوادٌّ وتراحمٌ، فضلًا عن أنَّ الصلاةَ تنهَى عن الفحشاءِ والمنكرِ، فالفحشاءُ والمنكرُ هما جماعُ الأقوالِ البذيئةِ والأفعالِ السيئةِ، وهما لا يظهرانِ إلّا في التعاملِ مع الناسِ في المجتمعِ.

وفي الصيامِ نعلمُ أنَّ رمضانَ هو شهرُ الأخلاقِ ومدرستُهَا، فهو شهرُ الصبرِ، وشهرُ الصدقِ، وشهرُ البرِّ، وشهرُ الكرمِ، وشهرُ الصلةِ ، وشهرُ الرحمةِ، وشهرُ الصفحِ، وشهرُ الحلمِ، وشهرُ المراقبةِ، وشهرُ التقوى، وكلُّ هذه أخلاقٌ يغرسهُ الصومُ في نفوسِ الصائمين، وذلك مِن خلالِ قولهِ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}. ( البقرة : 183) ، بكلِّ ما تحملُهُ كلمةُ التقوى مِن دلالاتٍ ومعانٍ إيمانيةٍ وأخلاقيةٍ، ويربِّي الرسولُ ﷺ الصائمينَ على أرفعِ القيمِ الخلقيةِ وأنبلِهَا حيثُ يقولُ: “الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ ” (البخاري ومسلم)، فالصومُ جنةٌ أي وقايةٌ مِن جميعِ الأمراضِ الخلقيةِ، ويفسرهُ ما بعدَهُ ” فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ” فإن اعتدى عليكَ الآخرون بسبٍّ أو جهلٍ أو أذى فقلْ: ” إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ ” وليس هذا على سبيلِ الجبنِ والضعفِ والخوَرِ، بل إنَّها العظمةُ والسمو والرفعةُ التي يُربّي عليها الإسلامُ أتباعَهُ، وسواءٌ كان هذا القولُ تلفظًا صريحًا، أو كان تذكيرًا داخليًا لنفسهِ بأنُّه صائمٌ، فكلاهُمَا فيهِ: تذكيرُ النفسِ بحفظِ الصيامِ مِن اللغوِ الذي قد يفسدُهُ، وفيه نوعٌ مِن أنواعِ الصبرِ الكثيرةِ التي تجتمعُ في الصيامِ. والمعني: أنِّي في غايةِ التقوى والتحلِّي بأخلاقِ الصيامِ، ولا ينبغِي لي أنْ أفسدَ صومِي بالردِّ عليكَ بهذه الأقوالِ البذيئةِ، فإذا حاولَ إنسانٌ استفزازكَ بما يحملُكَ على ردِّ إساءتهِ، فعليك أنْ تدركَ أنَّ الصومَ يحجزُكَ عن ذلك؛ لأنَّه جنةٌ ووقايةٌ مِن سيءِ الأخلاقِ.

وفي الحجِّ يغرسُ القرآنُ أسمَى المعاني الأخلاقيةِ في نفوسِ الحجاجِ والمعتمرينَ مِن خلالِ قولهِ تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ }. [البقرة: 197]، فقد يظنُّ الإنسانُ أنَّ السفرَ إلى البقاعِ المقدسةِ رحلةٌ مجردةٌ عن المعاني الخلقيةِ، بل أنتَ مأمورٌ بضبطِ الأخلاقِ أثناءَ الزحامِ، كما يجبُ عليك أنْ تجتنبَ الرفثَ والفسوقَ والجدالَ والخصامَ في الحجِّ، فضلًا عن غرسِ قيمِ الصبرِ وتحملِّ المشاقِّ والمساواةِ بين الغنيِّ والفقيرِ والتجردِ مِن الأمراضِ الخلقيةِ.

مِن خلالِ هذا العرضِ المجملِ لهذه العباداتِ، نستبينُ متانةَ الأواصرِ التي تربطُ الدينَ بالخلقِ، فكلُّهَا تلتقِي عندَ المقصدِ والغايةِ التي رسمَهَا الرسولُ ﷺ في قولهِ: “إنَّما بُعثتُ لأتممَ صالحَ الأخلاقِ“؛ لأنَّها كلَّهَا شُرعتْ مِن أجلِ الأخلاقِ كما دلَّلْنَا على ذلك بشواهدَ صحيحةٍ مِن القرآنِ والسنةِ.

إنَّ العبادةَ هي علاقةٌ بينكَ وبينَ ربِّكَ، أمَّا السلوكُ فهو علاقةٌ بينكَ وبينَ الناسِ، ولابدَّ أنْ تنعكسَ العلاقةُ بينكَ وبينَ ربِّك على العلاقةِ بينكَ وبينَ أفرادِ المجتمعِ، فتحسنهَا وتهذبهَا.

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة

ثالثًا: أخلاقُ الصائمينَ بينَ الواقعِ والمأمولِ

إنَّ مَن يشاهدْ سلوكياتِ المسلمين في الوقتِ الراهنِ يجدْ انفصامًا وانفصالًا كبيرًا في مجالِ الأخلاقِ بينَ النظريةِ والتطبيقِ أو بينَ الواقعِ والمأمولِ، فترى الكثيرَ – إلّا مَن رحم اللهُ – يصومُ عن الطعامِ والشرابِ وما فترَ لسانُهُ عن الغيبةِ والنميمةِ والسبِّ والشتمِ وإيذاءِ الآخرين .

انظرْ إلى حالِنَا وحالِ النبيِّ ﷺ وصحابتهِ، فعن عائشةَ أمِّ المؤمنين- رضي اللّهُ عنها- أنّ سعدَ بنَ هشامٍ سألهَا فقال: يا أمَّ المؤمنين: أنبئينِي عن خُلقِ رسولِ اللّهِ ﷺ، قالتْ: أليسَ تقرأ القرآنَ؟ قال: بلى، قالت: «فإنّ خلقَ نبيِّ اللّهِ ﷺ كان القرآنَ» (مسلم)؛ ومعنى ذلك أنَّه كان يطبقُ كلَّ أوامرِ القرآنِ ونواهيهِ، ويعملُ بكلِّ أحكامهِ ووعدهِ ووعيدهِ، فهكذا يكونُ خلقُ المرءِ هو القرآنُ، ولا سيمَا في شهرِ القرآنِ.

يقولُ جابرُ رضي اللهُ عنه: “إذا صمتَ فليصمْ سمعُكَ وبصرُكَ ولسانُكَ عن الكذبِ والمحارمِ، ودعَ أذىَ الجارِ، وليكنْ عليك وقارٌ وسكينةٌ يومَ صومِكَ، ولا تجعلْ يومَ صومِكَ ويومَ فطرِكَ سواء”.

إنَّ مَن صامَ في نهارِ رمضانَ، ولم يصمْ لسانُهُ مِن غيبةِ الآخرين وهتكِ أعراضِهِم، ولم تصمْ يدهُ مِن إيذاءِ الآخرين والنيلِ منهم، ولم يصمْ قلبُهُ مِن الأحقادِ والغلِّ على إخوانهِ المسلمين، فإنَّ صيامَهُ فيهِ تفريطٌ كبيرٌ لحدودِ اللهِ.

ذكرَ الإمامُ ابنُ رجب – رحمه اللهُ – أنَّ بعضَ السلفِ قال:” أهونُ الصيامِ تركُ الشرابِ والطعامِ. ويقولُ الإمامُ ابنُ رجب أيضًا : ” صيامُنَا هذا يحتاجُ إلى استغفارٍ نافعٍ، وعملٍ صالحٍ له شافع، كم نخرقُ صيامَنا بسهامِ الكلامِ ، ثمَّ نرقعُهُ ، وقد اتسعَ الخرقُ على الراقعِ”، والمقصودُ أنَّ مَن أرادَ الصومَ الحقيقيَّ فليحفظْ الرأسَ وما حوَى، والبطنَ وما وعَى ، ويذكرْ الموتَ والبلَى، ومَن أرادَ الآخرةَ تركَ زينةَ الدنيا فهذا عيدُ فطرِه يومَ لقاءِ ربهِ وفرحه برؤيتِه.

فيجبُ علينا أن نربِّيَ أنفسَنَا على الأخلاقِ الفاضلةِ، ونجعلَهَا منهجَ حياتِنَا، قبل أنْ يأتيَ يومٌ لا ينتفعُ الصائمُ بصومِه، ولا المصلِّي بصلاتِه، ولا المزكِّي بزكاتِه. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: “أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟! قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ. فَقَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ.” (مسلم).

إنَّ شهرَ رمضانَ شهرٌ للمراجعةِ والتغييرِ، والتربيةِ والتهذيبِ للنفوسِ، ومِن هنَا نستطيعُ أنْ نقولَ: إنَّ الصومَ مدرسةٌ أخلاقيةٌ كُبرى، يقولُ نبيُّنَا ﷺ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» [صحيح البخاري]، والمعنى: أنَّ الصومَ إذا لم يحجزْ صاحبَهُ عن شهادةِ الزورِ، وقولِ الزورِ، وما شاكلَ ذلكَ مِن سيءِ الأخلاقِ ، فإنَّه صومٌ لا طائل منه، وما استفادَ صاحبُه سوى الجوعِ والعطشِ، وهو ما يؤكدُهُ قولُ النبىِّ ﷺ: «رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلاَّ الْجُوعُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلاَّ السَّهَرُ» [سنن ابن ماجه] ، ومِن علامةِ قبولِ العبادةِ أنْ يظهرَ أثرُهَا في سلوكِ الإنسانِ وفي أخلاقِه وفي تصرفاتِه، فتتحولَ مراقبتُهُ للهِ التي عاشَها معنىً ومبنىً في صيامِه إلى مراقبةٍ دائمةٍ للهِ – عزّ وجلّ – في تحركاتِ الإنسانِ وسكناتِه، وسرِّه وعلنِه، وعملِه وإنتاجِه، وبيعِه وشرائِه، وسائرِ تعاملاتِه مع خلقِ اللهِ أجمعين .

نسألُ اللهَ أنْ يحسِّنَ أخلاقنا، وأنْ يتقبلَ منَّا صيامنِا، وأنْ يحفظَ مصرَنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ ،،

الدعاء،،،  وأقم الصلاة،،،، كتبه : خادم الدعوة الإسلامية

                                           د / خالد بدير بدوي

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »