خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : محاسبة النفس ماذا قدمت لدينها ودنياها ووطنها
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : محاسبة النفس ماذا قدمت لدينها ودنياها ووطنها ، للدكتور خالد بدير ، بتاريخ 29 جمادي الأولي 1444هـ ، الموافق 23 ديسمبر 2022م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 23 ديسمبر 2022م ، للدكتور خالد بدير : محاسبة النفس ماذا قدمت لدينها ودنياها ووطنها :
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 23 ديسمبر 2022م ، للدكتور خالد بدير: محاسبة النفس ماذا قدمت لدينها ودنياها ووطنها ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 23 ديسمبر 2022م ، للدكتور خالد بدير : محاسبة النفس ماذا قدمت لدينها ودنياها ووطنها ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
عناصر خطبة الجمعة القادمة 23 ديسمبر 2022م ، للدكتور خالد بدير : محاسبة النفس ماذا قدمت لدينها ودنياها ووطنها : كما يلي:
أولًا: أهميةُ محاسبةِ النفسِ
ثانيًا: محاسبةُ النفسِ نماذجُ وصورٌ
ثالثًا: ثمراتُ وفوائدُ محاسبةِ النفسِ
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 23 ديسمبر 2022م ، للدكتور خالد بدير: محاسبة النفس ماذا قدمت لدينها ودنياها ووطنها : كما يلي:
محاسبةُ النفسِ ماذا قدمتْ لدينِهَا ودنياهَا ووطنِهَا 29 جمادى الأولى 1444هـ – 23 ديسمبر 2022م
الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأنَّ مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ. أمَّا بعدُ:
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة
أولًا: أهميةُ محاسبةِ النفسِ
لمحاسبةِ النفسِ أهميةٌ كبيرةٌ في حياتِنَا العمليةِ والدينيةِ، فكثيرٌ مِنّا يحاسبُ نفسَهُ كلَّ يومٍ ماذا حصَّلَ وجمعَ مِن المالِ؟! ويقارنُ نفسَهُ بغيرهِ إنْ كان جمعَ أكثرَ منه !! فيسارع إلى اللحاقِ بهِ، وهذا في أمرِ الدنيا الفانيةِ، والأولَى للعاقلِ أنْ يحاسبَ نفسَهُ ويقفَ مع نفسِهِ في أمورِ الآخرةِ؛ لأنَّها الباقيةُ.
ومعنى محاسبةِ النّفسِ:” أنْ يتصفّحَ الإنسانُ في ليلهِ ما صدرَ مِن أفعالِ نهارِه؛ فإنْ كان محمودًا أمضاهُ وأتبعَهُ بمَا شاكلَهُ وضاهاهُ، وإنْ كان مذمُومًا استدركَهُ، وانتهَى عن مثلهِ في المستقبلِ”. «أدب الدنيا والدين للماورديّ».
فينبغِي على العبدِ أنْ يحاسبَ نفسَهُ على جميعِ أقوالِهِ وأفعالِهِ أولًا بأول، فإنْ وجدَ خيرًا حمدَ اللهَ، وإنْ وجدَ غيرَ ذلك فلا يلومَنَّ إلَّا نفسَهُ، وعليهِ أنْ يستدركَ هذا التقصيرَ قبلَ فواتِ الأوانِ.
يقولُ عمرُ بنُ الخطّابِ- رضي اللّهُ عنه-: ” حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا، فَإِنَّ أَهْوَنَ عَلَيْكُمْ فِي الْحِسَابِ غَدًا أَنْ تُحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ تَزِنُوا لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ يَوْمَ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ.
وكَتَبَ – رضي اللّهُ عنه- إِلَى بَعْضِ عُمَّالِهِ، فَكَانَ فِي آخِرِ كِتَابِهِ: أَنْ حَاسِبْ نَفْسَكَ فِي الرَّخَاءِ قَبْلَ حِسَابِ الشِّدَّةِ، فَإِنَّهُ مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الرَّخَاءِ قَبْلَ حِسَابِ الشِّدَّةِ، عَادَ مَرْجِعُهُ إِلَى الرِّضَاءِ وَالْغِبْطَةِ، وَمَنْ أَلْهَتْهُ حَيَاتُهُ وَشَغَلَهُ مَهْوَاهُ عَادَ مَرْجِعُهُ إِلَى النَّدَامَةِ وَالْحَسْرَةِ، فَتَذَكَّرْ مَا تُوعَظُ بِهِ لِكَيْ تَنْتَهِيَ عَمَّا تُنْهَى عَنْهُ.
وقال الحسنُ- رحمه اللّهُ-: إنَّ العبدَ لا يزالُ بخيرٍ ما كانَ له واعظٌ مِن نفسِهِ، وكانت المحاسبةُ مِن همّتِه.
وعنه قالَ: { وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} (القيامة: 2) قال: لا تلقَى المؤمنَ إلّا يعاتبُ نفسَهُ، ماذا أردتُ بكلمتٍي، ماذا أردتُ بأكلتِي؟! .
وقال مالكُ بنُ دينارٍ- رحمَه اللّهُ-: رحمَ اللّهُ عبدًا قال لنفسِهِ: ألستِ صاحبةَ كذا؟ ألستِ صاحبةَ كذا؟ ثمّ زمَّها، ثمّ خطمهَا، ثمّ ألزمَهَا كتابَ اللّهِ عزّ وجلّ فكانَ لها قائدًا. «محاسبة النفس لابن أبي الدنيا.
وقد دلَّ على وجوبِ محاسبةِ النّفسِ قولُهُ تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ} (الحشر: 18). يقولُ الإمامُ ابنُ كثيرٍ في تفسيرهِ: ” أَيْ: حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا، وَانْظُرُوا مَاذَا ادَّخَرْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ لِيَوْمِ مَعَادِكُمْ وَعَرْضِكُمْ عَلَى رَبِّكُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ عَالِمٌ بِجَمِيعِ أَعْمَالِكُمْ وَأَحْوَالِكُمْ، لَا تَخْفَى عَلَيْهِ منكم خافية ولا يغيب من أموركم جليل ولا حقير ” . أ.ه
وعن الْحَسَنِ البصريِّ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة: 2] قَالَ: ” إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا تَرَاهُ إِلَّا يَلُومُ نَفْسَهُ يَقُولُ: مَا أَرَدْتُ بِكَلِمَتِي، يَقُولُ: مَا أَرَدْتُ بِأَكْلَتِي، مَا أَرَدْتُ بِحَدِيثِ نَفْسِي، فَلَا تَرَاهُ إِلَّا يُعَاتِبُهَا، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَمْضِي قُدُمًا فَلَا يُعَاتِبُ نَفْسَهُ “.( الزهد لأحمد بن حنبل).
فينبغِي للعاقلِ أنْ يكونَ له في كلِّ يومٍ ساعة يحاسبُ فيها نفسَهُ كما يحاسبُ الشريكُ شريكَهُ في شئونِ الدنيا والمالِ!! فكيف لا يحاسبُ الإنسانُ نفسَهُ في سعادةٍ أو شقاوةِ الأبد ؟!!
قال ميمونُ بنُ مهرانٍ: لا يكونُ العبدُ مِن المتقين حتى يحاسبَ نفسَهُ أشدَّ مِن محاسبةِ شريكِه.
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة
ثانيًا: محاسبةُ النفسِ نماذجُ وصورٌ
تعالوا في عنصرِنَا هذا لنعرضَ لكم صورًا ونماذجَ لسلفِنَا الصالحِ وكيف كانوا حريصين على محاسبةِ أنفسِهِم مع علو قدرهِم ورفعةِ منزلتِهِم، وصحبتِهِم لرسولِ اللهِ ﷺ وشهادتِهِ لمعظمِهِم بالجنةِ وهم في الدنيا !!
“فهذا أبو بكرٍ رضي اللهُ عنه يدخلُ مزرعةَ أحدِ الأنصارِ ويرى طائرًا يطيرُ مِن شجرةٍ إلى أخرى، فيتأملُ ويقولُ: هنيئًا لك يا طائرٌ! تردُ الشجرَ وتأكلُ وتشربُ وتموتُ ولا حسابَ ولا عقابَ، يا ليتنِي كنتُ شعرةً في صدرِ عبدٍ مؤمنٍ.
وقال أنسُ بنُ مالكٍ سمعتُ عمرَ بنَ الخطّابِ- رضي اللّهُ عنه- يومًا وقد خرجتُ معه، حتّى دخلَ حائطًا فسمعتهُ يقولُ، وبينِي وبينَهُ جدارٌ، وهو في جوفِ الحائطِ: عمرُ بنُ الخطّابِ أميرُ المؤمنين بخٍ، واللِّه لتتّقينّ اللّهَ يا ابنَ الخطّابِ، أو ليعذّبنّك!!.
وهذا الربيعُ بنُ خثيمٍ –رحمَهُ اللهُ تعالى-: حفرَ في دارهِ قبرًا فكان إذا وجدَ في قلبِه قسوةً جاءَ فاضطجعَ في القبرِ فمكثَ ما شاءَ اللهُ ثم يقولُ: {رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون:99 ؛ 100] . ثم يردُّ على نفسِه فيقولُ: قد أرجعتُكِ فجدّي؛ فمكثَ كذلك ما شاءَ اللهُ.” (إحياء علوم الدين ).
” وهذا توبةُ بنُ الصمةِ كان محاسبًا لنفسِه، فحسب فإذا هو ابنُ ستينَ سنة، فحسبَ أيامهَا فإذا هي أحدٌ وعشرون ألف يومٍ وخمسمائة يومٍ فصرخَ وقال: يا ويلتا: ألقَى المليكُ بأحدَ وعشرون ألفَ ذنبٍ، كيف؟ وفي كلِّ يومٍ عشرةَ آلاف ذنبٍ؟! ثم خرَّ مغشيًّا عليه فإذا هو ميتٌ. فسمعُوا قائلًا يقولُ: يا لك، ركضةٌ إلى الفردوسِ الأعلَى رضي اللهُ عنه.!!”. ( صفة الصفوة ).
” ويقولُ إبراهيمُ التّيميُّ: مثّلتُ نفسِي في الجنّةِ آكلُ مِن ثمارِهَا، وأشربُ مِن أنهارِهَا، وأعانقُ أبكارَهَا، ثمّ مثّلتُ نفسِي في النّارِ آكلُ مِن زقّومِهَا، وأشربُ مِن صديدِهَا، وأعالجُ سلاسلَهَا وأغلالَهَا، فقلتُ لنفسِي: أي نفسِي، أيَّ شيءٍ تريدين؟ قالتْ: أريدُ أنْ أردَّ إلى الدّنيا، فأعملَ صالحًا، قال: قلتُ: فأنتِ في الأمنيّةِ، فاعملِي “. (محاسبة النفس لابن أبي الدنيا).
” وهذا الأحنفُ بنُ قيسٍ، كان يجيءُ بالمصباحِ، فيضعُ أصبعَهُ فيه، ثمّ يقولُ: حس، ثمّ يقولُ: يا حنيفُ ما حملَكَ على ما صنعتَ يومَ كذا، ما حملَكَ على ما صنعتَ يومَ كذَا؟!”. (إغاثة اللهفان لابن القيم).
هذا غيضٌ مِن فيضٍ مِن نماذجَ وصورِ محاسبةِ النفسِ، وإذا كان هؤلاء الصالحون – مع مكانتِهِم – حريصين على محاسبةِ أنفسهِم في كلِّ يومٍ أكثرَ مِن مرةٍ، فكيف بنا نحن وقد أكلتنَا الذنوبُ ولم نحاسبْ أنفسنَا بالمرةِ؟!
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة
ثالثًا: ثمراتُ وفوائدُ محاسبةِ النفسِ
لمحاسبةِ النفسِ ثمراتٌ وفوائدُ وآثارٌ كثيرةٌ تعودُ على صاحبِهَا بالخيرِ في الدنيا والسعادةِ والفوزِ في الآخرةِ منها:
منها: معرفةُ عيوبِ النفسِ وإصلاحهَا: فالذي يحاسبُ نفسَهُ دومًا يطلعُ على عيوبِ نفسِه فيصلحهَا، ومَن لا يطلّعُ على عيوبِ نفسهِ فيصلحهَا فإنّها ستقودُهُ إلى ارتكابِ المعاصِي والآثامِ.
ومنها: دوامُ الاستعدادِ للموتِ: فالمسلمُ الذي يداومُ على محاسبةِ نفسهِ يُقلّلُ مِن المعاصِي ويستزيدُ مِن الطاعاتِ والعباداتِ حتى تسهلَ عليه المحاسبةُ بعدَ الموتِ، مِمَّا يجعلُهُ غيرَ خائفٍ مِن الموتِ كالأشخاصِ الذين لا يُحاسبونَ أنفسَهّم، فالمؤمنُ صاحبُ البضاعةِ الحسنةِ والأعمالِ الصالحةِ وما يحملهُ مِن حسناتٍ، يفرحُ بلقاءِ اللهِ والقدومِ عليه، وعلى العكسِ مِن ذلك فإنَّ العبدَ الطالحَ صاحبَ المعاصِي والبضاعةِ السوءِ وما يحملهُ مِن آثامٍ وذنوبٍ يكرهُ لقاءَ اللهِ والقدومَ عليهِ، فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ؛ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ” قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّا لَنَكْرَهُ الْمَوْتَ! قَالَ:” لَيْسَ ذَاكِ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا حُضِرَ بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ فَلَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ.” (متفق عليه ).
ومنها: تعظيمُ اللهِ تعالى في المأموراتِ والمنهياتِ: فمحاسبةُ النفسِ تدعُو الإنسانَ إلى استشعارِ عظمةِ حقِّ اللهِ تعالى عليه، فيعظمُ الشعائرَ، وتعظيمُ هذه الشعائرِ مِن تقوى القلوب، قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} (الحج: 32). كما يعظمُ الحرمات؛ لأنَّ أمرَهَا جاءَ مِن اللهِ، {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ} (الحج: 30).
ومنها: أنَّ محاسبةَ النفسِ طريقٌ إلى الورعِ: فالإنسانُ الذي يحاسبُ نفسَهُ أولًا بأولٍ يتورعُ عن الحرامِ، فقد ” جَاءَ رَجُلٌ إِلَى يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى رَأَيْتُكَ قَالَ: وَمَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ قَالَ: سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ، قَالَ: أَخْبِرْنِي مَا غَايَةُ الْوَرَعِ؟ قَالَ: ” مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ مَعَ كُلِّ طَرْفَةِ عَيْنٍ، وَالْخُرُوجُ عَنْ كُلِّ شُبْهَةٍ”.(الزهد الكبير- للبيهقي).
ومنها: معرفةُ حقِّ اللهِ تعالى: فغالبًا ما ينظرُ العبدُ إلى حقِّ نفسهِ، ويغفلُ عن حقِّ اللهِ تعالى، وعندَ المحاسبةِ فإنَّهُ يعرفُ نفسَهُ حقَّ اللهِ عليه، ويدلهَا على ذلك الحقِّ العظيمِ، فتستيقظ النفسُ مِن سباتِهَا العقيم، وحولَ هذا المعنَى يبينُ الإمامُ ابنُ القيمِ رحمَهُ اللهُ ذلك قائلًا: “ومِن فوائد محاسبةِ النفسِ أنَّه يعرفُ بذلك حقَّ اللهِ تعالى ومَن لم يعرفْ حقَّ اللهِ تعالى عليه فإنَّ عبادَتَهُ لا تكادُ تجدِي عليه، وهي قليلةُ المنفعةِ جدًا.
وقد قال الإمامُ أحمدُ عن وهبٍ قال: بلغنِي أنَّ نبيَّ اللهِ مُوسى عليه السلامُ مرَّ برجلٍ يدعُو ويتضرعُ فقالَ: يا ربِّ ارحمهُ فإنّي قد رحمتُه، فأوحَى اللهُ تعالى إليهِ لو دعانِي حتى ينقطعَ قواهُ ما أستجيبَ لهُ حتى ينظرَ في حقيِ عليهِ.” (إغاثة اللهفان).
هذه هي ثمراتٌ وفوائدُ محاسبةِ النفسِ وهناكَ فوائدُ أُخرَى كثيرةٌ لا يتسعُ المقامُ لذكرِهَا
فينبغي على الإنسانِ أنْ يحاسبَ نفسَهُ في كلِّ وقتٍ، ماذا قدَّمَ لنفسِه؟ وماذا قدَّمَ لدينِه؟ وماذا قدَّمَ لدنياه؟ وماذا قدَّمَ لآخرتِه؟ وماذا قدَّمَ لوطنهِ؟ وأنْ يتداركَ ذلك قبلَ فواتِ الأوانِ، ولو لم يكنْ الإنسانُ في حاجةٍ إلى العملِ، لا هو ولا أسرتهِ، لكانَ عليهِ أنْ يعملَ للوطنِ الذي يعيشُ فيه، فإنَّ الوطنَ يعطيه، فلابُدَّ أنْ يأخذَ منه على قدرِ ما عندَهُ. روي أنَّ عمرَ بنَ الخطابِ رضي اللهُ عنه كان كلَّمَا مرَّ برجلٍ جالسٍ في الشارعِ أمامَ بيتهِ لا عملَ لهُ أخذهُ وضربهُ بالدرةِ وساقهُ إلى العملِ وهو يقولُ: إنَّ اللهَ يكرَهُ الرجلَ الفارغَ لا في عملِ الدنيا ولا في عملِ الآخرةِ.
ويُروَى أنَّ رجلًا مرَّ على أبي الدرداءِ الصحابِي الزاهدِ – رضي اللهُ عنه- فوجدَهُ يغرسُ جوزةً، وهو في شيخوختِهِ وهرمهِ، فقالَ له: أتغرسُ هذه الجوزةَ وأنت شيخٌ كبيرٌ، وهي لا تثمرُ إلَّا بعد َكذا وكذا عامًا ؟! فقال أبو الدرداء: وما عليَّ أنْ يكونَ لي أجرَهَا ويأكلُ منها غيرِي!! وأكثرُ مِن ذلك أنَّ المسلمَ لا يعملُ لنفعِ المجتمعِ الإنسانِي فحسب، بل يعملُ لنفعِ الأحياءِ، حتى الحيوانِ والطيرِ، والنبيُّ ﷺ يقول: ” مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ”. [البخاري].
فعلينَا أنْ نحاسبَ أنفسَنَا كلَّ يومٍ وكلَّ ساعةٍ، هل قصَّرنَا في عملِنَا؟! هل قصَّرنَا في وظيفتِنَا؟! هل قصَّرنَا في أرحامِنَا؟! هل قصَّرنَا في حقوقِ أهلينَا ومجتمعِنَا ووطنِنَا؟!! هل قصَّرنَا في عباداتِنَا وحقوقِ اللهِ علينَا؟!! هل قصَّرنَا في … هل قصَّرنَا في …إنَّنَا إنْ فعلنَا ذلك وحاسبنَا أنفسَنَا، فلا شكَّ أنَّ هذه الضمائرَ الحيةَ المشرقةَ تكونُ في أعلَى درجاتِ الإيمانِ والتوكلِ والاجتهادِ في أمورِ الدينِ والدنيا معًا، وبذلك نفوزُ بسعادةِ العاجلِ والآجلِ!!!
اللهم آتِ نفوسنِا تقواهَا، وزكهَا أنت خيرُ مَن زكاهَا، أنت وليُّهَا ومولاهَا.
الدعاء،،،، وأقم الصلاة،،،، كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف