أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة : فريضة الزكاة وأثرها في تحقيق التوازن المجتمعي ، للشيخ كمال المهدي

خطبة الجمعة القادمة 15 يناير 2021م بعنوان : فريضة الزكاة وأثرها في تحقيق التوازن المجتمعي ، للشيخ كمال المهدي، بتاريخ 2 جمادى الثانية 1442هـ ، الموافق 15 يناير 2021م.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 15 يناير 2021م بصيغة word : فريضة الزكاة وأثرها في تحقيق التوازن المجتمعي ، للشيخ كمال المهدي

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 15 يناير 2021م بصيغة pdf : فريضة الزكاة وأثرها في تحقيق التوازن المجتمعي، للشيخ كمال المهدي

 

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 15 يناير 2021م بعنوان : فريضة الزكاة وأثرها في تحقيق التوازن المجتمعي، للشيخ كمال المهدي

 

١- حاجتنا للزكاة في وقت الأزمات.

٢- عقوبة تارك الزكاة.

٣- فضائل وثمار الزكاة.

٤- من ثمرات الزكاة تحقيق التكافل والتوازن المجتمعي.

٥- رسالة إلى أصحاب الأموال والأغنياء.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 15 يناير 2021م كما يلي:

خطبة الجمعة القادمة ٢جمادي الآخرة ١٤٤٢ الموافق ١٥ يناير ٢٠٢١م بعنوان (فريضة الزكاة وأثرها في تحقيق التوازن المجتمعي)

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم..

أما بعد :-أحبتي في الله :- لا يخفى علينا ما تمر به البلاد من أزمات جراء هذا الوباء الذي حلَّ بجميع العالم  ومن خلاله توقفت بعض الأعمال وضاقت الأرزاق واتسعت دائرة الفقر بين الناس ومن هنا كان حتماً علينا أن نتحدث عن موضوع من الموضوعات الهامة وبخاصة في هذه الأيام فكما يقال لكل مقام مقال فحديثنا سيدور حول

ركن عظيم، وشعيرة ظاهرة، وعلامة فارقة بين أهل الإيمان والنفاق، وتزكية للنفوس، ونماء للمال..

تُرى أي ركن هذا؟؟ ((إنه الزكاة))

والزكاة أحبتي في الله تعني : الطهارة والنماء ،والزيادة والبركة ، وهي ركن من أركان الدين ، فرضها الله على المسلمين، وجعلها حقاً معلوماً للفقراء والمساكين، وتوثيقا لروابط التعاون والتكافل والإخاء بين الأغنياء والفقراء والمحتاجين.

وإن المتأمل في كتاب الله يجد أن الله تعالى قرن الزكاة بالصلاة في أكثر من موضع، منها قول الله تعالى:(وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) وورد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت) رواه البخاري ومسلم. هذا الاقتران دليل على أهميتها وتنبيهًا إلى ضرورة كل منهما إلى قرينتها في العون على إقامتها، وتحصيل ثمارها وفوائدها.

** ولقد رتب الله جل وعلا العقاب الشديد لتاركي الزكاة فقال تعالى:(وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) [آل عمران: ١٨٠]، وقال تعالى:(وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ . يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ) [التوبة: ٣٤_٣٥].

*واستمع أخي الحبيب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبين عقوبة تارك الزكاة فيقول في الحديث الذى رواه المحدث الجليل أبو هريرة رضي الله عنه :  (من آتاه الله مالاً فلم يؤدِّ زكاته مُثِّل له شجاعًا أَقْرَعَ -وهي الحية الخالي رأسها من الشعر لكثرة سمّها- له زبيبتان يطوِّقُه يوم القيامة، يأخذ بلهزمتَيه -يعني شدقيه- يقول: أنا مالك أنا كنزك) وورد عنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها -يعني الزكاة- إلا إذا كان يوم القيامة صُفِّحت له صفائحُ من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فيُكْوَى بها جنبُه وجبينُه وظهرُه، كلما بردت أُعيدت، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يُقْضَى بين العباد)صحيح مسلم.

كما أن مانع الزكاة يُحرم بركة الرزق، ويعاقب بأنواع من العقوبات الدنيوية والأخروية ، ويتلف ماله، فعن أَبي هُريرةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:(ما مِن يومٍ يُصبحُ العِبادُ فيه إِلاَّ مَلَكانِ يَنزِلانِ فيقولُ أحدُهما: اللَّهمَّ أعطِ مُنفِقاً خَلَفا، ويَقولُ الآخَرُ: اللّهمَّ أعطِ مُمسِكاً تلَفاً)أخرجه البخاري.

فيا أخي الحبيب : هل سمعتَ برجل تَدعو عليه الملائكةُ كلَّ صباح ومساء؟ وبماذا تدعو عليه؟ تدعو عليه بتَلَف ماله، ولماذا؟ لأنَّه لم يُخرِج زكاةَ ماله، ولم يُنفِق منه في سبيل الله.

فاجعلْ في بالك تلك الساعةَ التي ستفارق فيها الدُّنيا، وستترك أموالك كلَّها، وستتمنَّى ساعتَها لو ترجع إلى الدُّنيا؛ مِن أجْل أن تفعل شيئًا واحدًا، وهو أن تتصدَّق في سبيل الله، ألم تستمع إلى قول الله تعالى

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)[المنافقون : ٩- ١١].

والمتأمل يجد أن الأزمات والوباء الذي حل بالبلاد والعباد سببه كثرة الذنوب ومنها منع الزكاة فبسبب ترك الزكاة تمنع السماء قطرها ، وتمسك الأرض نباتها ، وخيرها فعَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: (يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خِصَالٌ خَمْسٌ إِنِ ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَنَزَلْنَ بِكُمْ وأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ -ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِهَا وَتَفْصِيلِهَا-: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بها إِلا فَشَا فِيهِمُ الطاعونُ والأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِي أَسْلافِهِمْ، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَؤُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَان،

وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلا مُنِعُوا الْقَطَرَ مِنَ السَّمَاءِ وَلَوْلا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلا نَقَضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلا سُلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوٌّ مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَأْخُذُ بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ تحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بكتابِ الله إِلا جُعِلَ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ).

فَكَمْ مِنَ النَّاسِ بَخِلَ بِزَكَاةِ مَالِهِ فَسَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِ بَلاءً فِي نَفْسِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ مَالِهِ، حَتَّى صَرَفَ أَضْعَافَ أَضْعَافَ مَا بَخِلَ بِهِ، مِنَ الْعِلَاجَاتِ التِي تَسْتَنْزِفُ مِنْهُ أَمْوَالاً كَثِيرَةً.

قال تعالى (هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ ۖ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ ۚ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ ۚ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم ) ولا يخفى علينا قصة أصحاب الجنة التي ذكرها الله جل وعلا في كتابه الكريم وبين عاقبة بخلهم ومنعهم لزكاة أموالهم قال تعالى:(إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ(١٧)وَلَا يَسْتَثْنُونَ(١٨)فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ(١٩)فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ(٢٠)فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ(٢١)أَنْ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَارِمِينَ(٢٢)فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ(٢٣)أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ(٢٤)وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ(٢٥)فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ(٢٦)بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ)

فقصَّة أصحاب الجنة ما هي إلا رسالة من الله تعالى يُذكِّر الناس فيها:

إنَّ كلَّ مَن ينفق مالَه في سبيل الله، ويعطي حقَّ الفقراء والمساكين، فإنَّ الله سيبارك له في ماله ونفسه وعِياله، كما فعَل مع الرجل الصالح صاحبِ الجنة.

وإنَّ كل أمَّة تَمنع الزكاة، وكلَّ غنِيٍّ يَبخل بأمواله عن الفقراء، وكل مَن يتفَنَّن في الهروب مِن إخراج الزكاة، فعقوبتُه الهلاك والدَّمار، وضياعُ المال كما حصل لأصحاب الجنة.

* هذه الزكاة لها فضائل ومزايا فتعالوا بنا لنتعرف على فضائلها ليكون ذلك حَرياً بنا ألا نغفل عنها:-

*أولها :- (أن الزَّكَاة دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِ إِيمَانِ الْمُزَكِّي) وَذَلِكَ أَنَّ الْمَالَ مَحْبُوبٌ لِلنُّفُوسِ، وَالْمَحْبُوبُ لا يُبْذَلُ إِلَّا ابْتِغَاءَ مَحْبُوبٍ أَكْثَرَ مِنْهُ، وَلِهَذَا سُمِّيَتِ الزَّكَاةُ صَدَقَةً؛ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى صِدْقِ إِيمَانِ صَاحِبِهَا، وَهِيَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ انْشِرَاحِ الصَّدْرِ وَطِيبِ النَّفْسِ.

*ثانيها:- (أنها تُستجلب بها البركة والنماء) قال تعالى )وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)[سبأ: ٣٩]

وقَالَ جَلَّ وَعَلَا:( مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة: ٢٦١].وروى مسلم في صحيحه عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ).

وَعَنْه أيضا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَلُ اللهُ إِلَّا الطَّيِّبَ، فَإِنَّ اللهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُّوَهُ -أَيْ: مُهْرَهُ- حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ). أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ.

وقَالَ صلى الله عليه وسلم : (بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ، فَسَمِعَ صَوْتًا فِي سَحَابَةٍ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ -يَقُولُ لِلسَّحَابِ مُخَاطِبًا: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ، بِاسْمِهِ.

فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ، فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ، فَإِذَا شَرْجَةٌ مِنَ الشِّرَاج -يَعْنِي: مَسِيلًا مِنْ مَسَايِلِ الْمَاءِ- قَدِ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ، فَتَتَبَّعَ -الرَّجُلُ الَّذِي سَمِعَ الصَّوْتَ- فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَةٍ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ -وَالْمِسْحَاةُ مِجْرَفَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللهِ، مَا اسْمُكَ؟

قَالَ: فُلَانٌ -لِلِاسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ.

فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ،

لِمَ سَأَلْتَنِي عَنِ اسْمِي؟

قَالَ: سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ، يَقُولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ -لِاسْمِكَ- فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا؟

قَالَ: أَمَا إِذْ قُلْتَ هَذَا، فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ، وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثَهُ، وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ). أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

فَيَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ-يَعْنِي: فِي إِصْلَاحِهَا

** ثالثها :- من فضائل الزكاة

((تَحْقِيقُ التَّكَافُلِ وَالتَّوَازُنِ الْمُجْتَمَعِيِّ)) فالزَّكَاةِ تَجْعَلُ الْمُجْتَمَعَ الْإِسْلَامِيَّ كَأَنَّهُ أُسْرَةٌ وَاحِدَةٌ، يُضْفِي فِيهِ الْقَادِرُ عَلَى الْعَاجِزِ، وَالْغَنِيُّ عَلَى الْمُعْسِر، فَتُصْبِحُ حِينَئِذٍ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ ظَاهِرَةً، وَيُصْبِحُ الْإِنْسَانُ يَشْعُرُ بِأَنَّ لَهُ إِخْوَةً يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُحْسِنَ إِلَيْهِمْ، كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْهِ، (وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللهُ) [القصص: ٧٧]، فَتُصْبِحُ الْأُمَّةُ الْإِسْلَامِيَّةُ وَكَأَنَّهَا أُسْرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهَذَا مَا يُعْرَفُ عِنْدَ الْمُعَاصِرِينَ بِالتَّكَافُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ.

وَالزَّكَاةُ هِيَ خَيْرُ مَا يَكُونُ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُؤَدِّي بِهَا فَرِيضَةً وَيَنْفَعُ إِخْوَانَهُ.

* وقد ظهر مفهوم التكافل الاجتماعي في كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية. يقول الله تعالى ( إنما المؤمنون إخوة) ويقول جل وعلا (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض). كما ورد في السنة الكثير من الأحاديث التي تحث المسلمين على التآخي و الإيثار من أجل الآخرين.

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:(المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا) وقوله (مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى).و أيضا قوله صلى الله عليه و سلم ، ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).

و قد وصل إلزام الإسلام على المسلم أن يعطي لأخيه المحتاج إلى الحد أنه إذا لم تكف الزكاة و الصدقات ، فعلى المجتمع ككل أن يشارك بعضه بعضا في الكفاف . كما قال الله تعالى : (كي لا تكون دولة بين الأغنياء منكم) . وكما قال صلى الله عليه وسلم : ( ليس بمؤمن من بات شبعان و جاره جائع إلى جنبه و هو يعلم). فكيف تطيب الحياة لمسلم أتاه الله بسطه من المال ووفره في الرزق يعيش فيها لنفسه وإلى جواره أخوان له في الإسلام يعانون من الفقر والحاجة فقراء بؤساء ومساكين يمنع عنهم حق الله تعالى. فالزكاة تعد جزء من نظام التكافل الاجتماعي في الإسلام، الذي يعتبره حق أساسي من حقوق الإنسان التي كفلها الله تعالى لعباده منذ أربعة عشر قرنا .

والتكافل الاجتماعي يعني أن يكون أفراد الشعب في كفالة جماعتهم، وان يكون كل قادر أو ذي سلطان يمد مجتمعه بالخير للمحافظة على تمتين البناء الاجتماعي،

**رابعها :- ( أَنَّهَا سَبَبٌ لِلنَّجَاةِ مِنْ حَرِّ يَوْمِ الْقِيَامَةِ) ، فَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ) رَوَاهُ الحاكم.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ وَذَكَرَ مِنْهُمْ “وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ، أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ) (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

** خامسها:-( أَنَّهَا تَمْنَعُ الْجَرَائِمَ الْمَالِيَّةَ مِنَ السَّرِقَاتِ وَالنَّهْبِ وَالسَّطْوِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ) لِأَنَّ الْفُقَرَاءَ يَأْتِيهِمْ مَا يَسُدُّ شَيْئَاً مِنْ حَاجَتِهِمْ، وَيَعْذُرُونَ الْأَغْنَيَاءِ بِكَوْنِهِمْ يُعْطُونَهُمْ مِنْ مَالِهِمْ، فَيَرَوْنَ أَنَّهُمْ مُحْسِنُونَ إِلَيْهِمْ فَلَا يَعْتَدُونَ عَلَيْهِمْ.

** أحبتي في الله هذه بعض من فضائل الزكاة التي لا تحصى ولا تعد فكم سدَّ الله بها مِن حاجة! وكَم جبر بها من فاقَة! كم فرَّج بها عن معسر! وأغنى من مسكين! فضائلُها لا تُعَدّ وبَركاتها لا تُحَدّ!!

** وفي الختام: أقول :- جدير بمن وسَّع الله عليه في الرزق أن يشكر الله تعالى ويؤدي حق الله عليه، رجاء ما وعد به من الثواب، وحذرًا مما توعد به من السخط والعقاب، معتبرًا بمن لم يشكر نعمة الله عليه، كيف صيَّر الله حاله من الغنى إلى الفقر ومن السعة إلى الضيق، ومن العز والكرامة إلى الذل والمهانة (وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) [محمد: ٨٣].

** فيا أهلَ الأموال، ويا أهلَ الثِّمار، ويا من ملَكْتُم الدنيا، تذَكَّروا أنَّ الله أنعَم عليكم بهذه النِّعم، فإيَّاكم وكُفرانَ هذه النِّعم، اشكروا الله، وأدُّوا ما فَرض عليكم، وتذكَّروا قوله تعالى: ( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) [النحل: ١١٢].

احذروا وسوسة الشيطان وتثبيطه بالفقر على إخراج زكاتكم، وتذكروا قول ربكم الكريم إذ يقول: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة: ٢٦٨]، وتذكروا قول نبينا صلى الله عليه وسلم حيث قال:(ما نَقَصَتْ صَدَقَةٌ من مَالٍ) رواه مسلم. واستمعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول في الحديث الذي رواه ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة “متفق عليه،

أسأل الله تعالى أن يبارك لنا فيما أتانا، وأن يقينا شح أنفسنا، وأن يجعلنا من القائمين بفروضه. اللهم آمين.

                ***

كتبه :الشيخ /كمال السيد محمود محمد المهدي.

إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية.

 

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »