خطبة الجمعة القادمة بعنوان : من دروس الإسراء والمعراج الفرج بعد الشدة ، للدكتور محمد حرز
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : من دروس الإسراء والمعراج الفرج بعد الشدة ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 21 رجب 1445هـ ، الموافق 2 فبراير 2024م .
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 2 فبراير 2024م بصيغة word بعنوان : من دروس الإسراء والمعراج الفرج بعد الشدة ، للدكتور محمد حرز.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 2 فبراير 2024م بصيغة pdf بعنوان : من دروس الإسراء والمعراج الفرج بعد الشدة ، للدكتور محمد حرز.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 2 فبراير 2024م بعنوان : من دروس الإسراء والمعراج الفرج بعد الشدة.
أولًا: الإسراءُ والمعراجُ مكافأةً ربانيةً ومنحةً إلهيةً.
ثانيــــًا: وَبَعْدَ المِحَنِ مِنَحٌ.
ثالثــــًا: كُـلُّ مُرٍّ سَيمُرّ.
رابعًا وأخيرًا: سلم أمرك كله لله
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 2 فبراير 2024م بعنوان : من دروس الإسراء والمعراج الفرج بعد الشدة : كما يلي:
مِن دُروسِ الإسراءِ والمعراجِ الفرجُ بعدَ الشدةِ
د. محمد حرز بتاريخ: 15 رجب 1445هــ 2 فبراير 2024م
الحمدُ للهِ الذي لا يُسألُ عمَّا يفعلُ، فلا تيأسْ مِن رحمتِهِ ولا تَعْجَلْ، الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيل:ِ ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ (الإسراء :1)، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، جعل مع الشدة يسراً، ومع الهم فرجًا، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، القائلُ كما في حديثِ عبدِ اللهِ بن مسعودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:“ لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ “رواه الحاكمُ. فاللهُمَّ صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ المختارِ وعلى آلِهِ وأصحابِهِ الأطهارِ الأخيارِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ، وَسَلِّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.
أمَّا بعدُ …فأوصيكُم ونفسي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ فَهِيَ خَيْرُ الزادِ ليومِ المعادِ(وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) (البقرة: 197)عبادَ الله: (مِن دُروسِ الإسراءِ والمعراجِ الفرجُ بعدَ الشدةِ )،عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا
عناصرُ اللقاءِ:
أولًا: الإسراءُ والمعراجُ مكافأةً ربانيةً ومنحةً إلهيةً.
ثانيــــًا: وَبَعْدَ المِحَنِ مِنَحٌ.
ثالثــــًا: كُـلُّ مُرٍّ سَيمُرّ.
رابعًا وأخيرًا: سلم أمرك كله لله
أيُّها السادةُ : بدايةً ما أحوجنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلي أنْ يكونَ حديثُنَا عن الفرجِ بعدَ الشدةِ مِن دُورسِ الإسراءِ والمعراجِ، وخاصةً ولنتذكرَ أهلَ غزةَ والقدسِ الشريفةِ مسرَى الحبيبِ مُحمدٍ ﷺ في دعواتِنَا وصلواتِنَا بالليلِ والنهارِ أنْ يفرجَ كربَهُم، ويزيلَ همَّهُم، ويكشفَ غمَّهُم، إنَّهُ وليُّ ذلك ومولاهُ، وخاصةً ونحن نعيشُ زمانًا الأزماتُ فيه متلاحقةٌ والأوبئةُ فيه منتشرةٌ والمصائبُ فيه متتاليةٌ والأسعار مرتفعة وضاقتْ الدنيا في عيونِ الكثيرِ من الناسِ إلا ما رحمَ اللهُ جلّ وعلا، وخاصةً وأنّ الإنسانَ في هذه الدنيا متقلبُ الأحوالِ، بين صحةٍ ومرضٍ، وسعادةٍ وحزنٍ، وغنى وفقرٍ، وخوفٍ وأمنٍ، وجوعٍ وشبعٍ، وشدةٍ وفرجٍ، ولكنّ هذه الشدةَ لا تدوم بل (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا)) (الطلاق: 7 )، ومهما عظمتْ مصيبتُكَ، وكبرَ همُّكَ، وازدادَ غمُّكَ، فاعلمْ أنَّ مع العسرِ يُسرًا، ومع الكربِ فرجًا.
ولله درُّ القائلِ:
إذا ابتليتَ بمحنةٍ فاصبرْ لهَا *** صبرَ الكريمِ فإنَّ ذلك أسلمُ
وإذا ابتليتَ بكربةٍ فالبسْ لهَا *** ثوبَ السكوتِ فإنَّ ذلك أسلمُ
لا تشكونَّ إلى العبادِ فإنَّمَا *** تشكو الرحيمَ إلى الذي لا يرحمُ
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : من دروس الإسراء والمعراج الفرج بعد الشدة
أولًا: الإسراءُ والمعراجُ مكافأةً ربانيةً ومنحةً إلهيةً.
أيُّها السادةُ: وبدونِ مقدماتٍ عندما يهلُّ هلالُ شهرِ رجبٍ، يدورُ في عقلِ وخاطرِ كلِّ مسلمٍ حادثُ الإسراءِ والمعراجِ، ذلكم الحادثُ الذي لا ينبغي علينا أنْ يمرَّ مرَّ الكرامِ، أو لمجردِ القصةِ، أو التسليةِ، أو كان يامَا كان في سالفِ الأيامِ على عهدِ النبيِّ المختارِ ﷺ، ولكن لابدَّ وأنْ نقفَ معه ونتذكرَهُ دائمًا وأبدًا، ذلكم الحادثُ الذي يعتبرُ بمثابةِ نقطةِ البدايةِ للإسلامِ والمسلمين، ذلكم الحادثُ الذي بيّنَ أهلَ الإيمانِ مِن أهلِ النفاقِ، وأهلَ التوحيدِ مِن أهلِ الشركِ، وبيَّنَ قويَّ الإيمانِ مِن ضعيفِ الإيمانِ، تلكمُ المعجزةُ الزمنيةُ للمصطفى العدنانِ ﷺ، فبحادثِ الإسراءِ يكونُ المولَى جلَّ وعلا جهزَ نبيَّهُ ﷺ تجهيزًا كاملًا لتحملِ الرسالةِ وأداءِ الأمانةِ بصدقٍ وإخلاصٍ وقوةٍ وعزيمةٍ وإصرارٍ، نَعَمْ أيُّها الأخيارُ لم تكنْ رحلةُ الإسراءِ والمعراجِ حادثًا عاديًا، بل كانتْ معجزةً إلهيَّةً متكاملةً، كانتْ ولا زالتْ حادثًا جللًا بكلِّ المقاييسِ والمعاييرِ وقفتْ أمامَهُ العقولُ حائرةً والأبصارُ متأملةً، حيثُ أيَّدَ اللهُ نبيَّهُ محمدًا ﷺ بها، ونَصَرَ دعوتَهُ بها، وأظهَرَهُ على قومهِ بدليلٍ جديدٍ ومعجزةٍ عظيمةٍ تَعْجَزُ عنها البَشريةُ كلُّهَا، فأعدَّ اللهُ له مكافأةً ربانيةً ومنحةً إلهيةً فكانتْ رحلةً أرضيةً ورحلةً سماويةً، وكأنَّ حالَ السماءِ يقولُ: يا محمدٌ إنْ كان أهلُ الأرضِ رفضوكَ، فإنَّ أهلَ السماءِ يدعوك!!! يا محمدٌ لا تظنَّ أنَّ جفاءَ أهلِ الأرضِ يعني جفاءَ أهلِ السماءِ!! بل إنَّ اللهَ يدعوكَ اليومَ ليعوضكَ بجفاءِ أهلِ الأرضِ حفاوةَ أهلِ السماءِ. اللهُ أكبرُ!.. رحلةٌ أرضيةٌ إذْ أُسْرِىَ بهِ من المَسجدِ الحرامِ بمكَّةَ المكرمةِ زادَهَا اللهُ تكريمًا وتشريفًا إلى يومِ الدينِ إلى المسجدِ الأقصَى طهرَهُ اللهُ مِن دنسِ اليهودِ في مدينةِ القدسِ؛ لِيُسرِّيَ عنهُ ما لَقيَهُ من أهلِ الطَّائفِ، ومِن آثارِ دعوتِهِ، وموتِ عمِّهِ وزوجَتِه، قال جلَّ وعلا: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ (الإسراء :1) قال جلَّ وعلا:﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا ﴾ (النجم: 1 : 18)وفي صحيحِ مسلمٍ، من حديثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ((أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ، وَهُوَ دَابَّةٌ، أَبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ، قَالَ: فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، قَالَ: فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بها الْأَنْبِيَاءُ. قَالَ: ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجْتُ, فَجَاءَنِي جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: اخْتَرْتَ الْفِطْرَةَ. ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاء،( فلقد كان حادثُ الإسراءِ مكافأةً ربانيةً لما لاقاهُ النبيُّ العدنانُ ﷺ مِن متاعبَ وآلامٍ وأحزانٍ كثيرةٍ وكثيرةٍ ….يا مصطفَى
أنتَ الذى مِن نورِهِ البدرُ اكتسَى*** والشمسُ مشرقةٌ بنورِ بهاكَ
أنتَ الذي لما رفعتَ إلى السمَا بك***قد سمتْ و تزينتْ لسراكَ
أنتَ الذي نادكَ ربُّكَ مرحبًا ***ولقد دعاكَ لقربهِ و حباكَ
ماذا يقولُ المادحونَ و ما عسى ****أنْ يجمعَ الكتّابُ مِن معناكَا
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : من دروس الإسراء والمعراج الفرج بعد الشدة
ثانيــــًا: وَبَعْدَ المِحَنِ مِنَحٌ.
أيُّها السادة: مِن أعظمِ دروسِ الإسراءِ والمعراجِ الفرجُ بعدَ الشدةِ واليسرُ بعدَ العسرِ، فأنّ اللهَ جلّ وعلا جعلَ الابتلاءَ للمؤمنين سنةً جاريةً، فالدنيا دارُ ابتلاءٍ وبوتقةُ اختبارٍ، فالدنيا إذا حَلتْ أوحلتْ، وإذا كستْ أوكستْ، وإذا أضحكتْ أبكتْ، وإذا أفرحتْ أحزنتْ، وإذا أعطتْ منعتْ، وإذا وهبتْ حرمتْ، إذا لا تَبقَى هذه الحياةُ على حالٍ) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (البلد: 4)، لذا لما سُئِلَ الإمامُ أحمدُ رحمَهُ اللهُ: متى يجدُ العبدُ طعمَ الراحةِ؟، قال: مع أولِّ قدمٍ يضعُهَا في الجنةِ)، وما ضاقتْ الدنيا إلا فُرجتْ .
وَلَرُبَّ نازِلَةٍ يَضيقُ لَها الفَتى***ذَرعًا وَعِندَ اللَهِ مِنها المَخرَجُ
ضاقَت فَلَمّا اِستَحكَمَت حَلَقاتُها***فُرِجَت وَكُنتُ أَظُنُّها لا تُفرَجُ
فمِن سننِ اللهِ في الكونِ أنّ الضياءَ يأتِي بعدَ الظلامِ وأنّ اليسرَ يأتِي بعدَ العسرِ وأنّ الفرجَ يأتِي بعدَ الشدةِ، قال ربُّنَا: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (الشرح: 5- 6.
يا صاحبَ الهمِّ إن الهمَّ منفرجٌ *** أبشر بخيرٍ فإنّ الفارجَ الله ُ
إذا بُليتَ فثق بالله ِوارضَ به*** إنّ الذي يكشفُ البلوى هو اللهُ
اليأسُ يقطعُ أحيانًا بصاحبه ِ*** لا تيأسنَّ فإنّ الفارجَ اللهُ
اللهُ يُحدثُ بعد العسرِ ميسرةً*** لا تجزعنَّ فإنّ الكافيَ اللهُ
واللهِ مالكَ غيرُ اللهِ مِن أحدٍ *** فحسبكَ اللهُ في كلٍّ لكَ اللهُ
وانتظارُ الفَرَجِ عِبَادَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ أَجَلِّ العِبَادَاتِ، وَمِنَ المُحَالِ دَوَامُ الحَالِ، وَاللهِ الذي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، سَيَكُونُ بَعْدَ الجُوعِ شِبَعٌ، وَبَعْدَ الظَّمَأِ رِيٌّ، وَبَعْدَ الخَوْفِ أَمْنٌ، وَبَعْدَ المِحَنِ مِنَحٌ، وَبَعْدَ السَّهَرِ نَوْمٌ، وَبَعْدَ المَرَضِ عَافِيَةٌ قال جلّ جلاله: ﴿فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ﴾ المائدة: 52، قال جلّ وعلا: ﴿لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾(الطلاق:1)
اصبرْ لدهرٍ نالَ منك فهكذا مضتْ الدهورُ ***
فرحًا وحزنًا مرةً لا الحزنُ دامَ ولا السرورُ
فكَم مِن ضِيقٍ مَرَّ بالنَّاسِ ولَم يَكشِفْهُ إلاَّ اللهُ؟! وكَم مِن بَأسٍ نَزَلَ بِهم ولَم يَرْفَعْهُ إلاَّ اللهُ؟! وكَمْ مِن بَلاءٍ أَلَمَّ بِهِمْ ولَمْ يُفَرِّجْهُ إلاَّ اللهُ، قال سبحانه: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ )النمل: 62).هذا هو يوسفُ -عليه السلامُ- أُلقِيَ في غيابةِ الجبِّ، وبِيعَ بثمنٍ بخسٍ دراهمَ معدودة، ثم اتُّهِمَ في عرضهِ، وسُجِنَ ظلمًا، ضيقٌ بعدَ ضيقٍ، وشدةٌ بعد شدةٍ، لكن في النهايةِ ماذا؟ فرجٌ وفرحٌ وسرورٌ قال ربُّنَا: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)) (يوسف:21 )… فاعلمْ أنّ الفرجَ بعدَ الشدةِ .
وهذا يعقوبُ -عليه الصلاةُ والسلامُ-، يُخْطَفُ منه أحبُّ أولادهِ إليه، ثم يتبعُهُ ابنهُ الثاني بعدَ سنين، فعَمِيَ من كثرةِ البكاءِ والحزنِ على فَقْدِ ولديه،((وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ(((يوسف: 84)، وبعد سنواتٍ من الشدةِ والبلاءِ يعودُ له الولدان بنصِّ القرآنِ (فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) )يوسف: 96) ….. فاعلم أنّ الفرجَ بعدَ الشدةِ .
وهذا يونسُ -عليه السلام- يُلقَى مِن السفينَةِ إلى بحرٍ متلاطمِ الأمواجِ، فالتقمَهُ الحوتُ، ففتحَ عينيهِ، فإذا هو حيٌّ في ظلمةِ بطنِ الحوتِ, في ظلمةِ البحرِ, في ظلمةِ الليلِ, ظلمةٍ وسطَ ظلمةٍ وسطَ ظلمةٍ((فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)) (الأنبياء: 87) , قال اللهُ: ((فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ))(الأنبياء: 88( فاعلم أنّ الفرجُ بعدَ الشدةِ.
وهذا أيوبُ -عليه السلامُ- يطولُ به البلاءُ، وتنتشرُ في جسدهِ الأمراضُ والأوبئةُ ويطولُ به الأمرُ حتى هجرهُ الناسُ، وهجره أخيرًا أهلُهُ وزوجُهُ، هجروه وتركُوه، (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (الأنبياء: 89 ،( قال الله:ُ (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) (الأنبياء: 90)، فاعلم أنّ الفرجَ بعدَ الشدةِ.
وهذا زكريا -عليه السلامُ-، طال عيشُهُ ولم يُرزقْ بالولدِ، كبرُ سنّهُ، ورَقَّ عظمُهُ، وهَزُلَ لحمُهُ، واشتعلَ رأسُهُ شيبًا، لكنَّهُ ما يأسَ يدعُو ربَّهُ:)) قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ * فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) (آل عمران: 38 ).. نعم.. لقد علموا أنّ الفرجَ بعدَ الشدةِ.
وهذا نبيُّنَا محمدٌ ﷺ يُهاجَمُ من كفارِ قريشٍ وصنادِيدِهَا، ويُتهَمُ في عقلهِ، يٌشاع أنَّهّ ساحرٌ.. كاهنٌ.. مجنونٌ.. يُصلِّي عندَ الكعبةِ فتُلقَى على عنقهِ الأوساخُ والقاذوراتُ، ثم يخرجُ من مكةَ طريدًا، فيتبعُهُ الكفارُ ويقاتلُونَهُ في عدةِ معاركٍ، يُشَجُّ رأسُه، وتُكسرُ رَباعيتُه، وفي النهايةِ يدخلُ مكةَ فاتحًا متواضعًا، فيعفُو عن كفارِ قريشٍ، ويقولُ لهم: اذهبُوا فأنتمُ الطلقاءُ، وبعدَ الشدةِ يكونُ الفرجُ.
دعْ الأيامَ تفعلُ ما تشاءُ *** وطبْ نفسًا إذا حكمَ القضاءُ
ولا تجزعْ لحادثةِ الليالي *** فما لحوادثِ الدنيا بقاءٌ
ودعْ المقاديرَ تجرِي في أعَنّتِهَا***ولا تبيتنّ إلّا خالِيَ البالِ
ما بينَ غَمضةِ عَينٍ وانتباهتِهَا***يغيّرُ اللهُ مِن حالٍ إلى حالِ
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : من دروس الإسراء والمعراج الفرج بعد الشدة
ثالثــــًا: كُـلُّ مُرٍّ سَيمُرّ
أيُّها السادة: حقيقةٌ لا غنَي للإنسانِ عنهَا كلُّ مرٍّ سيمرُّ شئنَا أم أبينَا سيمُرُّ، فالوقتُ والزّمنُ لن يوقفَهُ أيُّ مُرٍّ، فلذلك هُو يمرُّ. ولكنَّ السّؤالَ كيف سيمرُّ؟ كيف سنمرّرهُ نحن؟ وهل سنمرّرهُ بسلامٍ أم بمعاناةٍ؟ والجوابُ مفاتيحُ الفرجِ كثيرةٌ وعديدةٌ لا يتسعُ الوقتُ لذكرها منها على سبيلِ المثالِ لا الحصرِ:
أولًا: تركُ الذنوبِ والمعاصي والآثامِ وفتحُ صفحةٍ جديدةٍ مع اللهِ، واعلمْ كما قال عليٌّ بنُ أبي طالبٍ رضي اللهُ عنه ( ما نزل بلاءٌ إلا بذنبٍ ولا رُفِعَ إلا بتوبةٍ)) وعليك بملازمةِ الاستغفارِ في جميعِ أحوالِكَ؛ فالاستغفارُ يفتحُ الأبوابَ المغلقةَ، ويجعلُ مِن كلِّ همٍّ فرجًا، كما يجعلُ من كلِّ ضيقٍ مخرجًا: ))فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12) } (سورة نوح) وعنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضِي اللَّهُ عنْهُما – قَال: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:(( منْ لَزِم الاسْتِغْفَار، جَعَلَ اللَّه لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مخْرجًا، ومنْ كُلِّ هَمٍّ فَرجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ(( رواه أبو داود.
ثانيها : تَعَرَّفْ على اللهِ في الرخاء يعرفْكَ في وقت الشدةِ، فهذا هو يونسُ عليه السلامُ لمَّا كان متعرفًا على اللهِ وقتَ الرخاءِ تعرفَ عليه وقتَ الشدائدِ وهذا هو فرعونُ لما لم يكن متعرفًا على اللهِ وقتَ الرخاءِ لم يتعرفْ عليه الملكُ وقتَ الشدائدِ ))آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً)) (يونس:92).وصدق النبيُّ ﷺ ((تعرَّف إلى الله في الرَّخاء، يعرفكَ في الشِّدَّةِ(( رواه الترمذيُّ
وقال سلمانُ الفارسيُّ: “إذا كان الرجلُ دَعَّاءً في السرَّاء، فنـزلتْ به ضرَّاءُ، فدعا اللهَ تعالى، قالتْ الملائكةُ: صوتٌ معروفٌ، فشفعوا له، وإذا كان ليس بدَعَّاءٍ في السَّرَّاءِ، فنَزلتْ به ضرَّاءُ، فدعا اللهَ تعالى قالتْ الملائكةُ: صوتٌ ليس بمعروفٍ، فلا يشفعونَ لهُ”. وقال رجلٌ لأبي الدرداء: أوصنِي، فقال: “اذكرْ اللهَ في السرَّاءِ يذكرْكَ اللهُ في الضَّرَّاء)ِ فإذا أردتَ أنْ يكونَ اللهُ لك في ضرائِكَ على ما تُحب، فكن له في سرائِكَ على ما يُحب. وإذا أردت أنْ يعرفَكَ اللهُ في الشدائدِ، فتعرفْ عليه في النعماءِ والرخاءِ.
ثالثًا: اجعل لنفسِكَ عملًا خالصًا تتقربْ بهِ إلى اللهِ وقتَ الضيقِ والشدةِ:
فهذه قصةُ الثلاثةِ الذين يوم أنْ آواهم المبيتُ إلى غارٍ، وانحدرتْ صخرةٌ عظيمةٌ فأغلقتْ عليهم فمَ الكهفِ فتقربَ كلٌّ واحدٍ منهم بعملٍ صالحٍ لعل اللهَ أن يفرجَ عنهم الكربَ ويزيلَ الشدةَ ففي صحيح البخاريِّ من حديث عبدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:“ انطَلَق ثلاثةُ رهْطٍ ممن كان قبلَكم ؛ حتى أووا المبيتَ إلى غارٍ ، فدخلوه ، فانْحدَرتْ عليهم صخرةٌ من الجبلِ ، فسدَّتْ عليهم الغارَ ، فقالوا : إنَّه لا يُنجيكم من هذا الصخرةِ إلا أن تدعوا اللهَ بصالحِ أعمالِكم ، قال رجلٌ منهم : اللهمَّ كان لي أبوانِ شيخانِ كبيرانِ ، وكنتُ لا أغْبِقُ قبلَهما أهلًا ولا مالًا ، فنأى بي في طلبِ شيءٍ يومًا فلم أُرِحْ عليهما حتى ناما ، فحلبتُ لهما غبوقَهُما فوجدتُهما نائمينِ ، فكَرِهتُ أن أغْبِقَ قبلَهما أهلًا أو مالًا ، فلبِثْتُ والقدحُ على يدَيَّ أنتظرُ اسْتيقاظَهما حتى برَق الفجرُ ، فاستيقظا ، فشرِبا غبوقَهُما ، اللهمَّ إن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاءَ وجْهِك ، ففرِّجْ عنَّا ما نحن فيه من هذه الصخرةِ ؟ فانفرجتْ شيئًا لا يستطيعونَ الخروجَ . وقال الآخرُ : اللهمَّ كانتْ لي ابنةُ عمٍّ ، كانتْ أحبَّ الناسِ إليَّ ، فأردتُها على نفسِها ، فامْتَنعتْ منِّي ، حتى ألَمَّتْ بها سنةٌ من السنينِ فجاءتني ، فأعطيتُها عشرينَ ومائةَ دينارٍ ؛ على أن تُخَلِّي بيني وبين نفسِها ، ففعلتْ حتى إذا قدَرْتُ عليها قالتْ : لا أُحِلُّ لك أن تفضَّ الخاتمَ إلا بحقِّه ، فتحرَّجتُ من الوقوعِ عليها ، فانصرفتُ عنها ، وهي أحبُّ الناسِ إليَّ ، وتركتُ الذهبَ الذي أعطيتُها ، اللهمَّ إن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاءَ وجْهكَ ، فأَفْرجْ عنَّا ما نحن فيه ، فانفرجتِ الصخرةُ غيرَ أنَّهم لا يستطيعون الخروجَ منها . وقال الثالثُ : اللهم اسْتأجرتُ أجراءَ ، فأعطيتُهم أجرَهم ، غيرَ رجلٍ واحدٍ ترك الذي له وذهب ، فَثَمَّرْتُ أجرَه حتى كثُرتْ منه الأموالُ ، فجاءني بعد حينٍ فقال : يا عبدَ اللهِ أدِّني أجري ، فقلتُ له : كل ما ترى من أجرِك من الإبلِ والبقرِ والغنمِ والرقيقِ ، فقال : يا عبدَ اللهِ لا تستهزئُ بي ، فقلتُ : إني لا أستهزئُ بك ، فأخذَه كلَّه فاستاقَه فلم يتركْ منه شيئًا ، اللهمَّ فإن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاءَ وجْهِك فأفْرِجْ عنَّا ما نحن فيه ، فانفرَجتِ الصخرةُ ، فخرجوا يمشونَ).
ومِن أعظمِ مفاتيحِ الفرجِ: الصلاةُ على النبيِّ ﷺ تدفعُ الهمومَ وتزيلُ الكروبَ وتغفرُ الذنوبَ كما قال النبيُّ الأمينُ ، فعن أُبي بنِ كعبٍ رضي اللهُ عنه قال: كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ اذْكُرُوا اللَّهَ جَاءَتْ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ قَالَ أُبَيٌّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي فَقَالَ مَا شِئْتَ قَالَ قُلْتُ الرُّبُعَ قَالَ مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ قُلْتُ النِّصْفَ قَالَ مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ قَالَ قُلْتُ فَالثُّلُثَيْنِ قَالَ مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ قُلْتُ أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا قَالَ إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ ) وفي رواية لأحمد: إذَنْ يَكْفِيَكَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَا أَهَمَّكَ مِنْ دُنْيَاكَ وَآخِرَتِكَ.
ومِن أعظمِ مفاتيحِ الفرجِ: الدعاءُ والالتجاءُ إلى اللهِ وحدَهُ ، فاللهُ تعالى سميعٌ كريمٌ، يجيبُ دعوةَ العبدِ إذا دعاهُ، مصداقًا لقولهِ تعالى في محكمِ كتابهِ العزيزِ: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (البقرة،186 وفي حديثِ أَبي هريرةَ، عن النَّبيِّ ﷺ قال: «مَن سَرَّهُ أنْ يستجيبَ اللهُ له عندَ الشَّدائدِ، فليُكثرِ الدُّعاءَ في الرَّخاءِ)) رواه الترمذيُّ))
قصدت بابَ الرجاءِ والناسُ قد رقدوا *** وقمتُ أشكو إلى مولاي مـا أجـدُ
وقلتُ يـا أملـِى في كـلِّ نائبـةٍ يا *** مَن عليهِ لكشـفِ الضـرِّ أعتمـدُ
أشكُو إليـكَ أمـورًا أنـتَ تعلمُهَـا *** ما لي على حملِهَا صبـرٌ ولا جلـدُ
مــددتُ يدِي بـالـذلِّ مفـتـقـرًا *** يـا خيرَ مَـن مُـددتْ إليـه يــدُ
فـلا تردنـَّهـا يـا ربِّـى خائـبـةً *** فبحرُ جودِكَ يروى كلَّ مـَن يـردُ
أقول قولي هذا واستغفر اللهَ العظيم لي ولكم
الخطبةُ الثانيةُ: الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلا له وبسم اللهِ ولا يستعانُ إلا به وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ………… وبعد
العنصر الرابع من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : من دروس الإسراء والمعراج الفرج بعد الشدة
رابعـًا وأخيرًا: سلم أمرك كله لله
أيُّها السادةُ : رسالةٌ إلى كلِّ حزينٍ، رسالةٌ إلى كلَّ كئيبٍ، رسالةٌ إلى كلِّ مهمومٍ سلّمَ أمرَهُ كلَّهُ للهِ، اعلمْ أنّهُ لن يضيعَكَ أبدًا، واعلمْ إذا تخلَّى الناسُ عنك في كربٍ، فاعلمْ أنّ اللهَ يريدُ أنْ يتولَّى أمرَكَ..قال جلَّ وعلا: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ قال الفضيلُ – رحمه اللهُ – : واللهِ لو يئستَ مِن الخلقِ، حتى لا تريد منهم شيئًا، لأعطاكَ مولاكَ كلَّ ما تريد)
يا شاكيًا همَّ الحياةِ وضيقَهَا .. أبشرْ فربُّكَ قد أبانَ المنهجَا
مَن يتقِي الرحمنَ جلّ جلاله .. يجعلْ لهُ مِن كلِّ ضيقٍ مخرجا
فكُن عَن هُمُومِكَ مُعْرِضًا *** وَدَع الأُمُورَ إِلَى القَضَا
وَانعَم بِطُولِ سَلَامَةٍ *** تُسْلِيكَ عَمَّا قَدْ مَضَى
فَلَرُبَّمَا اتَّسَعَ المَضِيقُ *** وَ لَرُبَّمَا ضَاقَ الفَضَا
اللهُ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ *** فَلَا تَكُن مُتَعَرِّضَا
ولِتَكُنْ مَعَ الدَّمْعَةِ بَسْمَةٌ، وَمَعَ الخَوْفِ أَمْنٌ، وَمَعَ الفَزَعِ سَكِينَةٌ ومع الشدةِ فرجٌ ومع الحزنِ فرحٌ وسرورٌ، قال ربُّنَا: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ﴾ (سورة محمد :11)و إذا داهمتْكَ مصائبُ الحياةِ، وضاقتْ عليكَ الأرضُ بما رحبتْ، فتذكرْ أنَّ لك ربًّا يجيبُ المضطرَّ إذا دعاهُ ويكشفُ السوءَ ((أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ) [النمل: 62].. وتذكرْ أنَّ بعدَ الشدةِ فرجًا.
وكم للهِ مِن لطفٍ خفيٍّ *** يدقُّ خفاهُ عن فهمِ الذكِي
وكم مِن يُسرٍ أتى مِن بعدِ عُسر *** وفرَّجَ لوعةَ القلبِ الشجِي
وكم مِن همٍّ تساءُ بهِ صباحًا *** فتَعقُبُه المسرةُ بالعشِي
إذا ضاقتْ بكَ الأسبابُ يومًا *** فثقْ بالواحدِ الأحدِ العلِي
حفظَ اللهُ مصرَ قيادة وشعبا من كيدِ الكائدين، وشرِّ الفاسدين وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.
كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه د/ محمد حرز
_______________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف