أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : مفهوم المصالح المعتبرة ، للدكتور خالد بدير

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : مفهوم المصالح المعتبرة ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 5 ربيع الآخر 1445 هـ ، الموافق 20 أكتوبر 2023م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 20 أكتوبر 2023م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : مفهوم المصالح المعتبرة :

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 20 أكتوبر 2023م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : مفهوم المصالح المعتبرة ، بصيغة word  أضغط هنا.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 20 أكتوبر 2023م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : مفهوم المصالح المعتبرة ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن الدروس الدينية

 

للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 20 أكتوبر 2023م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : مفهوم المصالح المعتبرة : كما يلي:

 

أولًا: قوام الشريعة الإسلامية على جلب المصالح ودرء المفاسد.

ثانيًا: صورٌ ونماذجُ مشرقةٌ لمراعاة المصالح المعتبرة .

ثالثًا: حاجة المجتمع إلى مراعاة المصالح العامة

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة  20 أكتوبر 2023م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : مفهوم المصالح المعتبرة : كما يلي:

خطبة بعنوان: مفهوم المصالح المعتبرة

بتاريخ: 5 ربيع الثاني 1445هـ – 20 أكتوبر 2023م

المـــوضــــــــــوع

الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ . أمَّا بعدُ:

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : مفهوم المصالح المعتبرة 

أولًا: قوام الشريعة الإسلامية على جلب المصالح ودرء المفاسد.

إن الشريعة الإسلامية والرسالات قائمة على جلب المصالح ودرء المفاسد، ولو نظرنا إلى نداءات المؤمنين في القرآن الكريم لوجدناها جاءت لتحقيق مصلحة أو درء مفسدة والنهي عنها . رَوى ابنُ أبي حاتم أنَّ رجلاً أتى عبدالله بن مسعود فقال: اعْهَدْ إليَّ، فقال له: إذا سمعْتَ الله يقول:”يا أيها الذين آمنوا” فأَرْعِها سَمْعك؛ فإنه خيرٌ يَأمر به، أو شَرٌّ يَنهى عنه. (تفسير ابن كثير). فالشريعة جاءت لتحقيق المصالح ودرء المفاسد .

والمصلحة كما قال الإمام الغزالي: المحافظة على مقصود الشرع من الخلق خمسة: أن يحفظ عليهم دينهم، ونفسهم، وعقلهم، ونسلهم، ومالهم، فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة، ودفعها مصلحة.

ويقول الإمام الشاطبي:” قَدَ اتَّفَقَتِ الْأُمَّةُ -بَلْ سَائِرُ الْمِلَلِ- عَلَى أَنَّ الشَّرِيعَةَ وُضِعَتْ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى الضَّرُورِيَّاتِ الْخَمْسِ -وَهِيَ: الدِّينُ، وَالنَّفْسُ، وَالنَّسْلُ، وَالْمَالُ، وَالْعَقْل، هذِهِ الضَّرُورِيَّاتُ إِذَا فُقِدَتْ لَمْ تَجْرِ مَصَالِحُ الدُّنْيَا عَلَى اسْتِقَامَةٍ، بَلْ عَلَى فَسَادٍ وَتَهَارُجٍ وَفَوْتِ حَيَاةٍ، وَفِي الْأُخْرَى فَوْتُ النَّجَاةِ وَالنَّعِيمِ، وَالرُّجُوعُ بِالْخُسْرَانِ الْمُبِينِ.” ويقول – أيضاً -: «إِنَّ وَضْعَ الشَّرَائِعِ إِنَّمَا هُوَ لِمَصَالِحِ الْعِبَادِ فِي الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ مَعًا» [الموافقات].

ويقول الإمام ابن القيم: «إِنَّ الشَّرِيعَةَ مَبْنَاهَا وَأَسَاسُهَا عَلَى الْحِكَمِ وَمَصَالِحِ الْعِبَادِ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ، وَهِيَ عَدْلٌ كُلُّهَا، وَرَحْمَةٌ كُلُّهَا، وَمَصَالِحُ كُلُّهَا، وَحِكْمَةٌ كُلُّهَا؛ فَكُلُّ مَسْأَلَةٍ خَرَجَتْ عَنْ الْعَدْلِ إلَى الْجَوْرِ، وَعَنْ الرَّحْمَةِ إلَى ضِدِّهَا، وَعَنْ الْمَصْلَحَةِ إلَى الْمَفْسَدَةِ، وَعَنْ الْحِكْمَةِ إلَى الْبَعْثِ؛ فَلَيْسَتْ مِنْ الشَّرِيعَةِ وَإِنْ أُدْخِلَتْ فِيهَا بِالتَّأْوِيلِ». [إعلام الموقعين].

“إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ الرُّسُلَ بِتَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ، وَتَكْمِيلِهَا، وَتَعْطِيلِ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلِهَا، فَكُلُّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ فَمَصْلَحَتُهُ رَاجِحَةٌ عَلَى مَفْسَدَتِهِ، وَمَنْفَعَتُهُ رَاجِحَةٌ عَلَى الْمَضَرَّةِ، وَإِنْ كَرِهَتْهُ النُّفُوسُ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 216] الْآيَةَ. فَأَمَرَ اللهُ بِالْجِهَادِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِلنُّفُوسِ، لَكِنَّ مَصْلَحَتَهُ وَمَنْفَعَتَهُ رَاجِحَةٌ عَلَى مَا يَحْصُلُ لِلنُّفُوسِ مِنْ أَلَمِهِ، بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَشْرَبُ الدَّوَاءَ الْكَرِيهَ لِتَحْصُلَ لَهُ الْعَافِيَةُ، فَإِنَّ مَصْلَحَةَ حُصُولِ الْعَافِيَةِ لَهُ رَاجِحَةٌ عَلَى أَلَمِ شُرْبِ الدَّوَاءِ. وَكَذَلِكَ التَّاجِرُ الَّذِي يَتَغَرَّبُ عَنْ وَطَنِهِ وَيَسْهَرُ وَيَخَافُ، وَيَتَحَمَّلُ هَذِهِ الْمَكْرُوهَاتِ، مَصْلَحَةُ الرِّبْحِ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ رَاجِحَةٌ عَلَى هَذِهِ الْمَكَارِهِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «حُفَّتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ، وَحُفَّتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ».(الفتاوي).

وهكذا جاءت الشريعة الغراء بجلب المصالح ودفع المفاسد، وهذه هي رسالة جميع الأنبياء عليهم السلام.

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : مفهوم المصالح المعتبرة 

ثانيًا: صورٌ ونماذجُ مشرقةٌ لمراعاة المصالح المعتبرة .

تعالوا بنا لنقف مع حضراتكم مع صور ونماذج مشرقة لسلفنا الصالح، وكيف كانوا يطبقون مبادئ الإسلام في تقديم المصالح العامة على الخاصة، وقاعدة درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، في ضوء فقه الأولويات !!

فمن الأمثلة التطبيقية في حياة رسولنا ما جاء في الحديث الشريف: عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّتْهُمُ المَرْأَةُ المَخْزُومِيَّةُ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ ، فَكَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ: «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ» ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ، قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا ضَلَّ مَنْ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ فِيهِمْ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ ، سَرَقَتْ لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا» “.[البخاري ومسلم].

والحديث الشريف يتضمن المحافظة على المصالح الخاصة، وتتمثل في عدم التعدي على حقوق الآخرين، وإيذائهم بسرقة أموالهم، كما يتضمن المحافظة على المصالح العامة بتطبيق الحق العام، وهو إقامة حد السرقة على السارق، وفيه ردع لكل من تسوّل له نفسه التعدي على حقوق الآخرين سواء عامة، أو خاصة.

ومن هذه الأمثلة قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}. (الأنعام: ١٠٨). ففي سب آلهة الكفار مصلحة وهي تحقير دينهم وإهانتهم لشركهم بالله سبحانه، ولكن لما تضمن ذلك مفسدة وهي مقابلتهم السب بسب الله عز وجل؛ نهى الله سبحانه وتعالى عن سبهم درءًا لهذه المفسدة.

ومن هذه الصور والنماذج الترخيص في جواز الكذب في الحالات الثلاثة. فروي أن أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا وَقَالَتْ: ” لَمْ أَسْمَعْهُ يُرَخِّصُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: فِي الْحَرْبِ، وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَدِيثِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَحَدِيثِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا». (أحمد بسند حسن).

فالكذب حرام، ولكن لإصلاح ذاتِ البين جائز؛ لأن درءَ مفسدة الخلاف أَولى من جلب الصدق، وكذلك الكذب على الزوجة لإصلاحها، ومنه الكذب على العدو، وقد أتى نعيم بن مسعود الأشجعي- وهو من غطفان- إلى رسول الله، وكان صديقا لقريش واليهود، فقال: يا رسول الله إني قد أسلمت وقومي لا يعلمون بإسلامي، فمرني بأمرك حتى أساعدك. وتفتّق العقل الكبير عن هذا التوجيه الرائع والإيمان إلى العمل السياسي البارع، فقال له: «أنت رجل واحد وماذا عسى أن تفعل؟ ولكن خذّل عنا ما استطعت، فإن الحرب خدعة». (سيرة الخضري).

ومن هذه الصور أن فضل العلم والدعوة إلى الله أعظم أجراً من الانقطاع إلى العبادة مرات ومرات، لذلك قرر الفقهاء أن المتفرغ للعبادة لا يأخذ من الزكاة، بخلاف المتفرغ للعلم، لأنه لا رهبانية في الإسلام، ولأن تفرغ المتعبد لنفسه، وتفرغ طالب العلم لمصلحة الأمة ! ، فقدم العمل المتعدي نفعه إلى الغير؛ على العمل القاصر نفعه على صاحبه، فقيامه بتعليم الناس أولى من العبادة، وذلك لتعدي نفعه وشمول خيره، وهذا الذي جعل الشيطان يفرح بموت العلماء أكثر مما يفرح بموت العباد .

فروي أن جنود الشيطان جاءوا إليه فقالوا له: يا سيدنا نراك تفرح بموت الواحد من العلماء، ولا تفرح بموت آلاف العُبَّاد؟!!! فهذا العابد الذي يعبد الله ليلاً ونهاراً يسبّح ويهلل ويصوم ويتصدق، لا تفرح بموت الألف منهم فرحك بموت الواحد من العلماء. قال: نعم أنا أدلكم على هذا، فذهب إلى عابد فقال له: يا أيها الشيخ هل يقدر الله أن يجعل السماوات في جوف بيضة؟ قال العابد: لا. وهذا جهل كبير. ثم ذهب إلى العالم وقال له: هل يقدر الله أن يجعل السماوات في بيضة؟. قال العالم: نعم، قال: كيف؟ قال: إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له: كن فيكون، فإذا قال للسماوات: كوني في جوف بيضة كانت، فقال الشيطان لجنوده: انظروا الفرق بين هذا وهذا! انظروا كيف كذب الأول بجهله، وكيف اعتصم الثاني بعلمه، وكيف اهتدى بكلمته أناس كثيرون ؟!!

فينبغي على فرد أن يوازن بين المصالح والمفاسد ؛ وأن يراعي فقه الأولويات في ذلك؛ فمثلاً :

لو رأى إنسان يؤدي الصلاة شخصًا غريقًا فعليه أن يقطع الصلاة وينقذ الشخص الغريق ثم يقضي الصلاة.

 فهنا جمع بين مصلحتين: إنقاذ الغريق، وقضاء الصلاة.

ولو رأى إنسان شخصًا صائمًا في رمضان غريقًا ولن يتمكن من إنقاذه إلا بالفطر فإنه يفطر جمعًا بين المصالح.

ومعلوم أن الصلاة إلى غير القبلة مفسدة محرمة، لكن لو سيطر الخوف بحيث لا يتمكن المقاتل من استقبال القبلة سقط استقبالها . [انظر: قواعد الأحكام في مصالح الأنام، لابن عبد السلام].

وهكذا جاءت مرونة الشريعة في الموازنة بين المصالح والمفاسد؛ لتحقيق الخير للمجتمع ودفع الشر عنه؛ في ضوء فقه الأولويات، وبالمقارنة بين وضع ووضع، وبين حال وحال، والأولويات بين المكاسب والخسائر، على المدى القصير، والمدى الطويل، وعلى المستوى الفردي، والمستوى الجماعي، ونختار بعد ذلك ما نراه أدنى لجلب المصلحة، ودرء المفسدة، على أن يقوم بذلك أهل العلم والاختصاص، وما يكون فيه مصلحة الأمة والمجتمع، من أجل تحقيق المصالح ودفع المفاسد، مع تقديم المصلحة العامة على الخاصة .

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : مفهوم المصالح المعتبرة 

ثالثًا: حاجة المجتمع إلى مراعاة المصالح العامة

يجب أن نعمل على تقديم المصلحة العامة على الخاصة؛ مع التحلي بالإيثار وترك الأثرة والأنانية؛ ولنا في سلفنا الصالح القدوة والأسوة. فهذا عثمان رضي الله عنه له الفضل في تجهيز جيش العسرة؛ فعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: جَاءَ عُثْمَانُ إِلَى النَّبِيِّ بِأَلْفِ دِينَارٍ حِينَ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ فَنَثَرَهَا فِي حِجْرِهِ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ يُقَلِّبُهَا فِي حِجْرِهِ وَيَقُولُ: «مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ اليَوْمِ مَرَّتَيْنِ». (أحمد والترمذي وقال: حسن غريب).

وليس هذا هو الموقف الوحيد المشرف لعثمان بشأن المصالح العامة للأمة، فقد قام بتوسيع المسجد النبوي ليسع العدد المتزايد من المسلمين، واشترى بئر رومة من اليهود ووهبه للمسلمين، وتصدق بقافلة مليئة بالطعام للمسلمين أيام القحط. هذا هو عثمان؛ فهل من عثمان للأمة الآن؟

وهذا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ يقولُ: اشْتَرَيْتُ إِبِلًا وَأَنْجَعْتُهَا إِلَى الْحِمَى، فَلَمَّا سَمِنَتْ قَدِمْتُ بِهَا، قَالَ: فَدَخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ السُّوقَ فَرَأَى إِبِلًا سِمَانًا فَقَالَ: ” لِمَنْ هَذِهِ الْإِبِلُ؟ ” قِيلَ: لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: فَجَعَلَ يَقُولُ: ” يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ بَخٍ بَخٍ ابْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: فَجِئْتُهُ أَسْعَى فَقُلْتُ: مَا لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: ” مَا هَذِهِ الْإِبِلُ؟ ” قَالَ: قُلْتُ: إِبِلٌ أَنْضَاءُ اشْتَرَيْتُهَا وَبَعَثَتُ بِهَا إِلَى الْحِمَى أَبْتَغِي مَا يَبْتَغِي الْمُسْلِمُونَ، قَالَ: فَقَالَ: ” ارْعَوْا إِبِلَ ابنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، اسْقُوا إِبِلَ ابْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ اغْدُ عَلَى رَأْسِ مَالِكَ وَاجْعَلْ بَاقِيَهُ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ “. (السنن الكبرى للبيهقي).

موقف في غاية الورع، والزهد، والمحافظة على المصالح العامة، وعدم تقديم المصالح الخاصة عليها، وفي الحقيقة أن السيرة النبوية الشريفة، وسيرة الخلفاء الراشدين، وسلف الأمة الصالح زاخرة بهذه المواقف المضيئة، والمشرقة في سماء المجتمع المسلم، ولا شك أن هذا سر عظيم، ومفتاح أساس في المحافظة على المجتمع، وتطوره، والرقي به، فحينئذ نحن بحاجة ماسة جداً للعودة الصادقة إلى سيرة سلف الأمة، وتلمس أسرار نجاحها، وتفوقها حتى نستطيع أن نعيد للأمة مجدها وعزها.

هذه مواقف محمودة لسلفنا الصالح رضي الله عنهم في رعاية المصلحة العامة، لذلك أثنى الله على الصحابة الكرام، ومدح المتحلِّين به، وبيَّن أنَّهم المفلحون في الدُّنْيا والآخرة. قال تعالى: { وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9]. يقول ابن كثير في تفسيره: :” أي: يقدِّمون المحاويج على حاجة أنفسهم، ويبدؤون بالنَّاس قبلهم في حال احتياجهم إلى ذلك”.: ” وأمَّا الإيثَار مع الخصاصة فهو أكمل مِن مجرَّد التَّصدق مع المحبَّة، فإنَّه ليس كلُّ متصدِّق محبًّا مؤثرًا، ولا كلُّ متصدِّق يكون به خصاصة، بل قد يتصدَّق بما يحبُّ مع اكتفائه ببعضه مع محبَّة لا تبلغ به الخصاصة”.  (منهاج السنة النبوية) .

وليس هذا فحسب، بل إن الشرع الإسلامي جعل الجزاء الجزيل لكلّ مصلحة يفعلها الإنسان لمجتمعه الذى يعيش فيه، بداية من إزالة غصن شجرة ربما يكون مُعطّلا لمصالح الناس، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : ” مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهْرِ طَرِيقٍ، فَقَالَ: وَاللهِ لَأُنَحِّيَنَّ هَذَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ لَا يُؤْذِيهِمْ فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ ” (مسلم)، وسأل أحد الصحابة يُدعى أبا بَرْزَةَ، قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَنْتَفِعُ بِهِ، قَالَ: «اعْزِلِ الْأَذَى، عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ». (مسلم) بل جعل الشرع إماطة الأذى من طريق الناس من شعب الإيمان.

وهكذا بالموازنة بين المصالح والمفاسد؛ ومراعاة فقه الأولويات؛ مع تقديم المصلحة العامة على الخاصة؛ والتحلي بالإيثار وترك الأثرة والأنانية؛ يتقدم المجتمع؛ وتنهض الأمة؛ وتعيش الأمة في سعادة ورخاء وأمن وسلام.

نسألُ اللهَ أنْ يصلح ذات بيننا، ويؤلف بين قلوبنا، وأنْ يحفظَ مصرَنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ،

الدعاء،،،،،،،      وأقم الصلاة،،،،،        كتبه : خادم الدعوة الإسلامية  د / خالد بدير بدوي

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »