خطبة الجمعة القادمة بعنوان : ما علي الحاج قبل سفره ، للدكتور محمد حرز
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : ما علي الحاج قبل سفره ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 16 ذو القعدة 1445هـ ، الموافق 24 مايو 2024م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 مايو 2024م بصيغة word بعنوان : ما علي الحاج قبل سفره ، للدكتور محمد حرز.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 مايو 2024م بصيغة pdf بعنوان : ما علي الحاج قبل سفره ، للدكتور محمد حرز.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 24 مايو 2024م بعنوان : ما علي الحاج قبل سفره .
أولًا: الحجُّ أشواقٌ وحنينٌ !!!
ثانيـًـــا: أيُّها الحاجُّ قبلَ سفرِكَ اِعِلَمْ !!!
ثالثًا وأخيرًا: كُلُّنَا مسافرونَ أيُّهَا الأخيارُ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 24 مايو 2024م بعنوان : ما علي الحاج قبل سفره : كما يلي:
ما علَى الحاجِّ قبلَ سفرِهِ
د. مُحمد حرز … بتاريخ: ذي القعدة 1445هــ –24 مايو 2024م
الحمدُ للهِ الذي فرضَ على عبادِهِ الحجَّ، وجعلَهُ مُطهرًا لنفوسِهِم مِن الذنوبِ والآثامِ..الحمدُ للهِ الذي خلقَ الشهورَ والأعوامَ ..والساعاتِ والأيامَ .. وفاوتَ بينهَا في الفضلِ والإكرامَ، وربُّكَ يخلقُ ما يشاءُ ويختارُ، الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ: ﴿ وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيتِ مَنِ استَطَاعَ إِلَيهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ العَالمِينَ ﴾ آل عمران: 97. وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه. وَأشهد أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، القائلُ كما في صحيحِ البخارِي مِن حديثِ أبي هريرةَ – رضي اللهُ عنه – قال: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ فقالَ: (يا أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ اللهَ قَد فَرَضَ عَلَيكُمُ الحَجَّ فَحُجُّوا)، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ حتى قالها ثَلاثًا، فقال رَسُولُ اللهِ ﷺ: (لَو قُلتُ: نَعَم، لَوَجَبَتْ، وَلَمَا استَطَعتُم(، ثم قال: (ذَرُونِي مَا تَرَكتُكُم إنَّما هلَكَ مَن كانَ قبلَكُم بِكَثرةِ سؤالِهِم واختلافِهِم علَى أنبيائِهِم ، فإذا أمرتُكُم بالشَّيءِ فخُذوا بهِ ما استَطعتُمْ ، وإذا نَهَيتُكُم عن شيءٍ فاجتَنبوهُ(، فاللهُمَّ صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ المختارِ وعلى آلهِ وأصحابِهِ الأطهارِ الأخيارِ وسلمْ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ. أمَّا بعدُ: فأوصيكُم ونفسِي أيُّهَا الأخيارُ بتقوىَ العزيزِ الغفارِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران :102)
أيُّهَا السادةُ: ( ما علَى الحاجِّ قبلَ سفرِهِ ) عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا
أولًا: الحجُّ أشواقٌ وحنينٌ !!!
ثانيـًـــا: أيُّها الحاجُّ قبلَ سفرِكَ اِعِلَمْ !!!
ثالثًا وأخيرًا: كُلُّنَا مسافرونَ أيُّهَا الأخيارُ.
أيُّها السادةُ : بدايةً ما أحوجَنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلى أنْ يكونَ حديثُنَا عن ما علَى الحاجِّ قبلَ سفرِهِ، وخاصةً والحجُّ موسمٌ مِن مواسِمِ الخيرِ والطاعةِ، تُضَاعفُ فيهِ الحسناتُ وتُمحَى فيهِ السيئاتُ، وتُجزلُ فيهِ الهباتُ، وتُرجَى فيهِ المغفرةُ، وخاصةً والمسلمونَ ينتظرونَ شهرَ الحج مِن السنةِ إلى السنةِ طمعًا في الرحمةِ والمغفرةِ والرضوانِ والعتقِ مِن النيرانِ، جاءَ موسمُ الحجِّ بمَا فيهِ مِن خيرٍ وبركةٍ، جاءَ موسمُ الحجِّ يحملُ البشرياتِ للعاملينَ، جاءَ موسمُ الحجِّ فرصةً للعابدينَ، جاءَ موسمُ الحجِّ ليرفعَ في الجنةِ درجاتِ المحبين، جاءَ موسمُ الحجِّ ليغسلَ ذنوبَ التائبينَ النادمينَ، جاءَ موسمُ الحجِّ فهلْ مِن مشمرٍ إلى الجنةِ، جاءَ موسمُ الحجِّ فهلْ مِن تائبٍ، فهلْ مِن نادمٍ، فهلْ مِن مستغفرٍ، فهلْ مِن عادٍ إلى علامِ الغيوبِ وستيرِ العيوبِ.
وخاصةً وأنَّ الحجاجَ قد استجابُوا لنداءِ الخليلِ في البريةِ عندما فَرَغَ إِبرَاهِيمُ عليهِ السلامُ مِن بِنَاءِ البَيتِ أمرَهُ اللهُ بأنْ يؤذنَ في الناسِ بالحجِّ: { وأَذِّن فِي النَّاس بِالحَجِّ} فقَالَ إبراهيمُ : يا ربِّ وَمَا يَبلُغُ صَوتِي؟ قَالَ: عليكَ الأَذِّن وَعَلَيناَ البَلَاغ! فَنَادَى إِبرَاهِيمُ: أَيّهَا النَّاس كُتِبَ عَلَيكُم الحَجّ إِلَى البَيتِ العَتِيقِ فَحُجُّوا فأجابَ كلُّ مَن كان في أصلابِ الرجالِ وأرحامِ الأمهاتِ لبيكَ اللهُمَّ لبيكَ…. لبيكَ لا شريكَ لكَ لبيكَ….. إنَّ الحمدَ والنعمةَ لكَ والملك ….لا شريكَ لكَ لبيكَ
تُنادِي الأوطانُ وأنتَ تدعُو فلا لبّيكَ إلّا لك، وتمسكُ الأهل وأنتَ تدعُوا فلا لبّيكَ إلّا لك، ويدعُوا المالُ والولدُ إلي أنْ يظلَّ الإنسانُ خليفتَهُم وأنتَ تدعُو فلا لبّيك إلّا لك .
يا سائرينَ إلى الحبيبِ ترفقُوا …… فالقلبُ بينَ رحالِكُم خلفتهُ مالِي سوىَ قلبِي وفيكم وجيبهُ ….. مالِي سوىَ دمعِي وفيكُم سكبتهُ
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : ما علي الحاج قبل سفره ، للدكتور محمد حرز
أولًا: الحجُّ أشواقٌ وحنينٌ !!!
أيُّها السادةُ: عندمَا تهلُّ علينَا أشهرُ الحجِّ المباركةُ نتذكرُ قولَ اللهِ جلَّ وعلا: { الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: 197]، تهفُو القلوبُ وتشتاقُ الأرواحُ إلى تلكمُ البقعةِ الطاهرةِ الطيبةِ، حينَهَا تنهمرُ الدموعُ وتُسكبُ العبراتُ، وتتقطعُ النفوسُ شوقًا إلى مغفرةِ ربِّ البريات، في هذه الأيامِ المباركةِ يتوافدُ الحجيجُ مِن كلِّ فجٍّ عميقٍ، آمِّينَ البيتَ العتيقَ، مُخبتينَ متواضعينَ، كاشفِي رؤوسِهِم متذللينَ، ومِنْ لِباسِ أهلِ الدنيا متجرِّدين، مُلبِّينَ دعوةَ أكرمِ الأكرمين، ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾ [الحج: 27، كيف لا أشتاقُ إلي الحجِّ و هو إلي بيتِ اللهِ الذي طهرَهُ وطيبَهُ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ، قال تعالي: { وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج: 26]، وهو مثابةُ الناسِ وأمنهُم، قالَ جلَّ وعلا: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]، وهو مِن شعائرِ اللهِ، قال تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 158]، وبهِ قيامُ أمرِ الناسِ في معاشِهِم ومعادِهِم قالَ جلَّ وعلا: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المائدة: 97]، وهو البيتُ العتيقُ قالَ جلَّ وعلا: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29]، وهو بيتٌ شريفٌ مشرفٌ قالَ تعالى: { فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ } [قريش: 3]، فهل شممتَ عبيرًا أزكَى مِن غبارِ المحرمين؟. هل رأيتَ لباسًا قط أجْملُ وأجَلُّ مِن لباسِ الحُجَاجِ والمعتمرين؟ هل رأيتَ رؤوسًا أعزُّ وأكرمُ مِن رؤوسِ المحلقينَ والمقصرين؟ هل مرَّ بكَ رَكْبٌ أشرفُ مِن رَكْبِ الطائفين؟ هل هزَّكَ نَغَمٌ أروعُ مِن تلبيةِ الملبينَ وأنينِ التائبينَ، وتأوهِ الخاشعينَ ومناجاةِ المنكسرين؟
جموعٌ مُلبيةٌ وأعينٌ باكيةٌ وعبراتٌ ساكبةٌ وألسنةٌ ذاكرةٌ وقلوبٌ خاشعةٌ ونفوسٌ خاضعةٌ وأيدٌ داعيةٌ وجباهٌ ساجدةٌ. . تُفرحُ كلَّ مؤمنٍ وتُغيضُ كلَّ عدوٍّ وكافرٍ. . بتلك النفوسِ المؤمنةِ. . الزمانُ يزدهرُ والأيامُ تحتفلُ والأرضُ في طربٍ والأرجاءُ تحتفلُ…إنَّهُ حنينُ الأفئدةِ وشوقُ القلوبِ وشغفُ النفوسِ، ترنُوا إليهِ الأبصارُ وتمتدُّ إليهِ الأعناقُ، تعلقَ بهِ الخواطرُ وتلهجُ بهِ الأفكارُ. إنَّها مكةُ…..إنّها بكةُ، إنّها أمُّ القُرى، البلدُ الأمينُ و مهبطُ الوحيُ. كيفَ لا تحنُّ إليهِ الأفئدةُ وهو بلدُ اللهِ وبلدُ رسولِ اللهِ وصحبِهِ الكرامِ، بلدُ التوحيدِ، بلدٌ تُضاعفُ فيهِ الحسناتُ وتُعظمُ فيهِ السيئاتُ، بلدٌ يُحرمُ فيهِ القتالُ، بلدٌ مباركٌ لا يدخلُهُ الدجالُّ، والحجُّ عبادةٌ ماليةٌ وبدنيةٌ ثوابُهَا عظيمٌ ونفعُهَا للمسلمين عميمٌ، وكيف لا ؟ وهو جهادٌ في سبيلِ اللهِ لمَن عجزَ عن الجهادِ وحملِ السلاحِ في ميادينِ القتالِ، فعن الحسنِ بنِ عليٍّ رضى اللهُ عنهما قال: قال رسولُ اللهِ : جهادُ الكبيرِ والصغيرِ والضَّعيفِ والمرأةِ: الحجُّ والعمرةُ) (رواه النسائي) بل قالتْ عائشةُ: يَا رَسولَ اللَّهِ، نَرَى الجِهَادَ أفْضَلَ العَمَلِ، أفلا نُجَاهِدُ؟ قالَ: لَا، لَكِنَّ أفْضَلَ الجِهَادِ: حَجٌّ مَبْرُورٌ. رواه البخاري والحجُّ مِن أفضلِ الأعمالِ وأعظمِ القرباتِ، فعن أبي هريرةَ – رضي اللهُ عنه- قال: سُئِلَ النبيُّ ﷺ: أيُّ الأعمالِ أفضل؟ قال: (إيمانٌ باللهِ ورسولهِ)، قِيلَ: ثُمَّ ماذا؟ قال: (جهادٌ في سبيلِ اللهِ)، قِيلَ: ثُمَّ ماذا؟ قال: (حجٌّ مبرورٌ)“متفق عليه”.
واشوقاهُ إلى الحجِّ!!! وكيف لا يشتاقُ الإنسانُ إليهِ؟ والحجُّ المبرورُ ليسَ لهُ ثوابٌ إلّا الجنة، عن أبي هريرةَ –رضي اللهُ عنه- أنّ رسولَ اللهِ ﷺ قال: (العمرةُ إلى العمرةِ كفارةٌ لمَا بينهمَا، والحجُّ المبرورُ ليس له جزاءٌ إلّا الجنة) “متفق عليه”
واشوقاهُ إلى الحجِّ!!! وكيف لا يشتاقُ الإنسانُ إليهِ؟ والحجُّ يكفرُ الذنوبَ صغيرَهَا وكبيرَهَا إلَا ردّ المظالمِ إلى أهلِهَا، لحديثِ أبي هريرةَ رضى اللهُ عنه قال، قال رسولُ اللهِ:” مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ » رواه البخاري
وهذا هو عمرُو بنُ العاصِ رضى اللهُ عنه قال: أتيْتُ النَّبيَّ ﷺ فقلتُ: يا رسولَ اللهِ ابسُطْ يمينَك لأبايعَك فبسط يدَه فقبضْتُ يدي فقال:” ما لك يا عمرُو؟“ قال: أردْتُ أن أشترِطَ قال:” تشترِطُ ماذا؟“ قال: أن يُغفرَ لي قال:“ أما علمتَ يا عمرُو أنَّ الإسلامَ يهدِمُ ما كان قَبلَه وأنَّ الهِجرةَ تهدِمُ ما كان قبلَها وأنَّ الحجَّ يهدِمُ ما كان قبلَه) رواه مسلم
بل إذا أردتَ أنْ تكونَ غنيًّا فعليكَ أنْ تحجَّ بيتَ اللهِ الحرام، لحديث ابنِ مسعودٍ رضى اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ:“ تابِعوا بينَ الحجِّ والعمرةِ ، فإنَّهما ينفِيانِ الفقرَ والذُّنوبَ ، كما ينفي الْكيرُ خبثَ الحديدِ والذَّهبِ والفضَّةِ وليسَ للحجِّ المبرورِ ثوابٌ دونَ الجنَّةِ)) أخرجه الترمذي وأحمد.
وكيف لا يشتاقُ الإنسانُ إليهِ؟ ورؤيةُ الحجرِ واستلامُهُ شهادةٌ بالإيمانِ، وقد قال ﷺ” ليبعثَنَّ اللهُ الحجرَ يومَ القيامةِ ولهُ عينانِ يُبصرُ بهما ولسانٌ ينطقُ بهِ يشهدُ بهِ على من استلمَهُ بحقٍّ” رواه ابن ماجة والترمذي.
وكيف لا يشتاقُ الإنسانُ إليهِ؟ والركنُ والمقامُ يا قوتتانِ مِن يواقيتِ الجنةِ، فعن عبدِ اللهِ بنِ عمرو رضى اللهُ عنهما قال: قال ﷺ: إنَّ الرُّكنَ والمقامَ ياقوتتانِ مِن ياقوتِ الجنَّةِ طمسَ اللَّهُ نورَهما ، ولو لَم يَطمِسْ نورَهما لأضاءتا ما بينَ المشرقِ والمغرِبِ) رواه الترمذي
لبّيكَ ربِّي وإنْ لم أكنْ بينَ الزحَامِ مُلبّيًا*** لبّيكَ ربِّي وإنْ لم أكنْ بينَ الحجيجِ ساعيًا لبّيكَ ربِّي وإنْ لم أكنْ بينَ عبادِكَ داعيًا *** لبّيكَ ربِّي وإنْ لم أكنْ بينَ الصفوفِ مصليًا لبّيكَ ربِّي وإنْ لم أكنْ بينَ الجموعِ لعفوِكَ طالبًا **لبّيكَ ربِّي فاغفرْ جميعَ ذنوبِي أدقهَا وأجلهَا
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : ما علي الحاج قبل سفره ، للدكتور محمد حرز
ثانيـًـــا : أيُّها الحاجُّ قبلَ سفرِكَ اِعْلَمْ !!!
أيُّها السادةُ: اِعلمْ يقينًا أيُّها الحاجُّ ليس كلُّ مَنْ حَجَّ قُبِل، ولا كُلُّ مَنْ صلَّى وصَل، قِيلَ لابنِ عمرَ ما أكثرَ الحاج؟ قال: ما أقلَّهُم ثم قال: الركبُ كبيرٌ والحاجُّ قليلٌ.
وقال شريحُ القاضِي: الحاجُّ قليلٌ والركبانُ كثيرٌ، ما أكثرَ مَن يعملُ الخيرَ ولكنْ ما أقلَّ الذين يريدونَ وجهَهُ.
عليكَ أيَّها الحاجُّ قبلَ سفرِكَ: إخلاصُ النيةِ للهِ جلَّ وعلا، فاللهُ جلَّ وعلا لا يقبلُ مِن الأعمالِ إلّا ما كان خالصًا لوجهِ موافقًا لهدىِ حبيبهِ ﷺ، قالَ جلَّ وعلا: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف:110]. {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}[الْبَيِّنَةِ: 5]، فَالْإِخْلَاصُ هُوَ تَصْفِيَةُ النِّيَّةِ وَتَنْقِيَتُهَا مِنْ كُلِّ شَائِبَةٍ، فَهُوَ أَمْرٌ قَلْبِيٌّ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إِلَّا اللَّهُ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ”(رَوَاهُ مُسْلِمٌ). وبَيَّنَ اللهُ -عَزَّ وجَلَّ- أنهُ لا يَنفعُ الإنسانُ يومَ القيامةِ إلّا إذا قَدِمَ على اللهِ بقلبٍ سليم، قالَ تعالى: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الشعراء:88-89]؛ أي: سليمٌ مِن الشركِ والرِّياءِ، ومِن القَوادِحِ التي تُفسِدُ عليهِ عمَلَه، سواءٌ أفسدَتْ عملَهُ الباطِنَ أو عملَهُ الظاهِر، فالرِّفْعَةُ عندَ اللهِ في الدَّرَجات ومُضاعَفَةُ الحسناتِ وتَكفيرُ السيِّئاتِ تَتَحَقَّقُ بإصلاحِ أعمالِ القلوب.
لذا كان مِن دعائِهِ ﷺ كما في حديث أنسٍ رضى اللهُ عنه: (اللهُمًّ حجةً لا رياءَ فيها ولا سمعةَ) رواه الترمذي، فالْإِخْلَاصُ شَرْطٌ لِقَبُولِ جَمِيعِ الطَّاعَاتِ: وَمِنْ دُونِهِ يُرَدُّ الْعَمَلُ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ، بَلْ يَكُونُ الْعَمَلُ الَّذِي افْتَقَدَ الْإِخْلَاصَ وَبَالًا عَلَى صَاحِبِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: “قَالَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، فَمَنْ عَمِلَ لِي عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي، فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ، وَهُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ”(رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَهْ، وَاللَّفْظُ لَهُ).
عليكَ أيُّها الحاجُّ قبلَ سفرِكَ: أنْ تطلبَ العونَ مِن اللهِ وتطلبَ توفيقَهُ، وأنْ تظهرَ الافتقارَ إليهِ، فما لا يكونُ باللهِ لا يكونُ، وما لا يكونُ للهِ لا ينفعُ ولا يدومُ.
إذا لم يكنْ عونٌ مِن اللهِ للفَتَى. . . فأكثرُ مَا يَجنِي عَليهِ اجتهادهُ
عليكَ أيُّها الحاجُّ قبلَ سفرِكَ: أنْ تتقيَ اللهَ في حلِّكَ وترحالِكَ مِن وقتِ خروجِكَ مِن بيتِكَ إلى أنْ تعودَ فلا تقلْ إلّا خيرًا ولا تفعلْ فعلًا يتنافَى مع هذه العبادةِ الجليلةِ ولا تقتلْ صيدًا ولا تؤذِي مسلمًا قال جلَّ وعلا: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ) سورة البقرة 197)، فالزادُ الحقيقيُّ المستمرُّ نفعهُ لصاحبِهِ في دنياهُ وأخراهُ هو زادُ التقوى الذي هو زادٌ إلى دارِ القرارِ وهو الموصلُ لأكملِ لذةٍ وأجلِّ نعيمٍ. روى الترمذيُّ في سننِهِ بسندٍ حسنٍ أنَّ النبيَّ ﷺ قال لمعاذِ بنِ جبلٍ لمَّا بعثَهُ على اليمنِ: (اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ)
تزوَّدْ مِن التقوى فإنَّك لا تدرِي *** إنْ جنَّ ليلٌ هل تعيشُ إلى الفجرِ
فكمْ مِن سليمٍ ماتَ مِن غيرِ عِلَّةٍ *** وكمْ مِن سقيمٍ عاشَ حِيناً مِن الدهرِ
وكمْ مِن فتىً يمسِي ويصبحُ آمناً *** وقد نُسجتْ أكفانُه وهو لا يدري
وكمْ مِن صغارٍ يرتجَى طولَ عمرِهم ***وقد أدخلتْ أجسادهُم ظلمةَ القبرِ
وكمْ مِن عروسٍ زينوهَا لزوجِهَا ***وقد قبضتْ أرواحُهم ليلةَ القدرِ..ولله در القائل
عليكَ أيُّها الحاجُّ قبلَ سفرِكَ: أنْ تتحلّلَ مِن الحقوقِ والودائعِ التي لديكَ، وقضاءِ الديونِ أو استئذانِ مَن عُرِفَ عنهُ مِن أصحابِهَا بحرصٍ وشدةِ طلبٍ، وكتابةِ وصيتِكَ؛ إذ السفرُ مظنةُ تعرضِ الإنسانِ للخطرِ. فحقوقُ العبادِ خطيرةٌ جدًّا، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ، قَبْلَ أَلاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ”؛ أخرجه البخاري. – وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “مَن أخَذَ أمْوالَ النَّاسِ يُرِيدُ أداءَها أدَّى اللَّهُ عنْه، ومَن أخَذَ يُرِيدُ إتْلافَها أتْلَفَهُ اللَّهُ. عن ابنِ عمرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “و ما حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، له شيءٌ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ، إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ)).
عليكَ أيُّها الحاجُّ قبلَ سفرِكَ: أنْ تتحرَّي النفقةَ الطيبةَ الحلالَ؛ لأنَّ النفقةَ الحرامَ مِن موانعِ الإجابةِ، ونحنُ الآنَ في زمنٍ تفشتْ فيهِ المكاسبُ الحرامُ إلَّا مَن رحمَ اللهُ تعالى، وكثرتْ فيهِ الأموالُ المشبوهةُ، فليتقِ كلُّ عبدٍ ربَّهُ، وليتذكرْ قولَ الرسولِ ﷺ كما في حديثِ أبي هريرةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ { يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } وَقَالَ{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ) رواه مسلم .
وللهِ درُّ القائلِ:
إذَا حَجَجْتَ بِمَالٍ أَصْلُهُ سُحْتٌ ***فَمَا حَجَجْتَ وَلَكِنْ حَجَّتْ الْعِيرُ
لا يَقْبَلُ اللَّهُ إلا كُلَّ طَيِّبَةٍ ****مَا كُلُّ مَنْ حَجَّ بَيْتَ اللَّهِ مَبْرُورُ .
عليكَ أيُّهَا الحاجُّ قبلَ سفرِكَ: انْ تختارَ الرفقةَ الصالحةَ التي تعينُكَ إذا ضعفتَ، وتذكرُكَ إذا نسيتَ، وتعلمُكَ إذا جهلتَ، وتأمرُكَ بالمعروفِ إذا غفلتَ، وتنهاكَ عن المنكرِ إذا وقعتَ، فالصاحبُ ساحبٌ، والصديقُ قبلَ الطريقِ، فمُصاحبةُ الصَّالحينَ ومُجالستُهُم مِن شِيَمِ الأخيارِ، وهو طَريقٌ لنَيلِ السَّعادةِ في الدَّاريْنِ، أمَّا مُصاحبةُ الأشرارِ الطَّالِحين فمِن شِيَمِ ضِعافِ النُّفوسِ، وطَريقٌ للخَسارةِ والبَوارِ، فعن أَبي موسى الأَشعَرِيِّ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: (إِنَّما مثَلُ الجلِيس الصَّالِحِ وَجَلِيسِ السُّوءِ: كَحَامِلِ المِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ ريحًا طيِّبةً، ونَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَن يَحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا مُنْتِنَةً) متفقٌ عَلَيهِ.
عليكَ أيُّها الحاجُّ قبلَ سفرِكَ: أنْ تتوبَ إلى اللهِ وتفتحَ صفحةً جديدةً مع اللهِ قبلَ فواتِ الأوانِ، فالحجُّ يكفرُ الذنوبَ صغيرَهَا وكبيرَهَا إلَّا ردّ المظالمِ إلى أهلِهَا، فالبدارَ البدارَ بالتوبةِ والعودةِ إلى علامِ الغيوبِ وستيرِ العيوبِ، فاللهُ كريمٌ يقبلُ توبةَ التائبين ، ويغفرُ ذنوبَ المستغفرين ..ويمحُو سيئاتِ النادمين ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) [سورة التحريم (8) بابُ التوبةِ مفتوحٌ لا يغلقُ أبدًا في كلِّ وقتٍ وحينٍ ما لم تطلعْ الشمسُ مِن مغربِهَا وما لم تصلْ الروحُ إلى الحلقومِ كما قالَ النبيُّ المختارُ ﷺ في حديثِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:( إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ)، رواه الترمذي. وأبشرْ: فما دمتَ في وقتِ المهلةِ فبابُ التوبةِ مفتوحٌ لقولِ المصطفَي ﷺ: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ) رواه مسلم ، فالبدارَ البدارَ بالاستغفارِ قبلَ فواتِ الأوانِ واسمعْ إلى العزيزِ الغفارِ وهو ينادِى (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)) [الزمر:53)
رأيتُ الذنوبَ تُميتُ القلوبَ****وقد يورثُ الذلُّ إدمانَهَا
وتركُ الذنوبِ حياةُ القلوبِ****وخيرٌ لنفسِكَ عصيانهَا
أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم
الخطبةُ الثانيةُ الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلّا لهُ وبسمِ اللهِ ولا يُستعانُ إلا بهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ …………………… وبعدُ
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : ما علي الحاج قبل سفره ، للدكتور محمد حرز
ثالثًا وأخيرًا: كلُّنَا مسافرونَ أيُّها الأخيارُ.
أيُّها السادةُ: قال ابنُ القيمِ -رحمَهُ اللهُ-:” اﻟﻨﺎﺱُ ﻣﻨﺬُ ﺧُﻠﻘُﻮا ﻟﻢ ﻳﺰاﻟُﻮا ﻣﺴﺎﻓﺮﻳﻦ، ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻬﻢ ﺣﻂٌّ ﻋﻦ ﺭﺣﺎﻟِﻬِﻢ ﺇﻻّ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔِ دارِ النعيمِ ﺃﻭ اﻟﻨﺎﺭِ دارِ الجحيمِ” فلا تغرنّكُم الحياةُ الدنيا ولا يغرنَّكُم باللهِ الغرور، تذكرْ في سفرِكَ السفرَ إلى الدارِ الأخرةِ، فالدنيا مَا هِيَ إِلَّا مَحَطَّةٌ فِي طَرِيقٍ، وَمَمَرٌّ إِلَى مُسْتَقَرٍّ، فَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ – رَضِيَ اللهُ عَنْهُ – قَالَ: نَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى حَصِيرٍ فَقَامَ وَقَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً، فَقَالَ: «مَا لِي وَلِلدُّنْيَا، مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا». يفكرُ الإنسانُ بأشياءَ كثيرةٍ، ولكنّهُ قليلًا ما يفكرُ بشيءٍ واحدٍ، قليلًا ما يفكرُ بالموتِ وحتميةِ الرجوعِ إلى اللهِ والسفرِ إليهِ سبحانَهُ، قالَ -تعالى-: (ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ) [الأنعام:62]، قليلٌ مَن يتذكرُ.
مشيناهَا خُطَى كُتِبتْ علينَا*****ومَن كُتِبتْ عليهِ خُطًى مشاها
ومَن كانتْ مَنيّتُهُ بأرضٍ******فليسَ يموتُ في أرضٍ سواها”
فبادرْ بالأعمالِ الصالحةِ قبلَ أنْ تغادرَ الحياةَ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه ﷺ قَالَ: ( بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا) رواه مسلم.
فَاتَّقُوا اللهَ – عِبَادَ اللهِ -، وَاحرِصُوا عَلَى فَرَائِضِهِ، وَتَقَرَّبُوا إِلَيهِ بها، فَإِنَّهَا أَحَبُّ ما يتقربُ به العبادُ إليهِ سبحانه، وَتَزَوَّدُوا مِنَ النَّوافِلِ وَاستَكثِرُوا مِنهَا يُحبِبْكُمْ وَيُوَفِّقْكُم وَيَجعَلْ لَكُم نُورًا تَمشُونَ بِهِ وَيَغفِرْ لكم، قال -تعالى ذِكرُهُ- في الحَدِيثِ القُدسِيِّ: (وَمَا تَقَرَّبَ إِليَّ عَبدِي بِشَيءٍ أَحَبَّ إِليَّ ممَّا افتَرَضتُ عَلَيهِ، وَمَا يَزَالُ عَبدِي يَتَقَرَّبُ إِليَّ بِالنَّوَافِلِ حتى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحبَبتُهُ كُنتُ سمعَهُ الذِي يَسمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الذِي يُبصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ التي يَبطِشُ بها، وَرِجلَهُ التي يَمشِي بها، وَإِنْ سَأَلَني لأُعطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ استَعَاذَني لأُعِيذَنَّهُ)
إلهِي لَسْتُ لِلْفِرْدَوْسِ أهلًا.. وَ لاَ اَقْوَى عَلَى النَّارِ الْجَحِيْمِ فَهَبْ لِي تَوْبَةً وَ اغْفِرْ ذُنُوْبِي.. فَاِنَّكَ غَافِرُ الذَنْبِ الْعَظِيْمِ
حفظَ اللهُ مصرَ قيادةً وشعبًا مِن كيدِ الكائدين، وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.
عبادَ اللهِ: اذكرُوا اللهَ يذكركُم واستغفرُوهُ يغفرْ لكم وأقمْ الصلاةَ …
كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه
د/ محمد حرز
إمام بوزارة الأوقاف
_______________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف