خطبة الجمعة القادمة بعنوان : فضل يوم عرفة وسنة الأضحية للدكتور مسعود عرابي
خطبة الجمعة القادمة 23 يوينو 2023م بعنوان : فضل يوم عرفة وسنة الأضحية للدكتور مسعود عرابي، بتاريخ 5 ذو الحجة 1444هـ ، الموافق 23 يونيو 2023م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 23 يونيو 2023م بصيغة word بعنوان : فضل يوم عرفة وسنة الأضحية ، للدكتور مسعود عرابي
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 23 يونيو 2023م بصيغة pdf بعنوان : فضل يوم عرفة وسنة الأضحية ، للدكتور مسعود عرابي
عناصر خطبة الجمعة القادمة 23 يونيو 2023م ، بعنوان : فضل يوم عرفة وسنة الأضحية ، للدكتور مسعود عرابي.
العنصـــرُ الأولُ: فضــلُ يومِ عـرفةَ.
العنصــر الثاني: سنةُ الأضحيةِ وفضلُهَا.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 23 يونيو 2023م ، بعنوان : فضل يوم عرفة وسنة الأضحية ، للدكتور مسعود عرابي ، كما يلي:
فضلُ يومِ عـرفةَ وسنةُ الأضحيةِ
الحمدُ للهِ الذي تقدستْ عن الأشباهِ ذاتهِ، وتنزهَ عن سماتِ الحدوثِ صفاتهُ، ودلتْ على وجودهِ وعظمتهِ مخلوقاتُهُ، سبحانَه مِن إلهٍ تحيرتْ العقولُ في بديعِ حكمتهِ، وخضعتْ الألبابُ لرفيعِ عظمتهِ، يُعطي ويمنعُ، ويخفضُ ويرفعُ، فلا مانعَ لِمَا يُعطِي ولا مُعطي لِمَا يمنعُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، انشقتْ منهُ الأسرارُ، وانبعثتْ الأنوارُ، وبهِ ارتقتْ الحقائقُ، وبفضلِه تنزلتْ العلومُ فأعجزَ الخلائقَ، فاللهُمّ ألحقنَا بنسبهِ، وأعزنَا بحسبهِ، وعرفنَا إياهُ معرفةً نسلمُ بها مِن مواردِ الجهلِ، ونغترفُ بها مِن مواردِ الفضلِ… وصلِّ اللهُمّ عليه صلاةً تكشفُ بهَا الغمة، وتوقظُ بها الهمة، وتهدِي بها الأمة، وسلمْ يا ربَّنَا سبحانَك عليه تسليمًا كثيرًا.
وبعدُ … فإنّ خطبتنَا هذه بعونِ اللهِ ومددهِ وتوفيقهِ ورعايتهِ تدورُ حولَ هذين العنصرين:
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : فضل يوم عرفة وسنة الأضحية:
فضــلُ يومِ عـرفةَ.
مِن المباهجِ التي امتنّ اللهُ بها على أمةِ الإسلامِ، وأفاضَ بها على عبادِه المسلمين، واختصّهُم بها دونَ غيرِهِم مِن البشرِ، كثرة النفحاتِ والمنحِ والعطايا، فلا تكادُ تنقضِي منحةٌ مِن منحِ الحقِّ للخلقِ حتى يستقبلُوا التي تلِيهَا، فمَا انقضَى شهرُ رمضانَ بما فيهِ مِن فيوضاتٍ ربانيةٍ، حتى جاءَ شوالُ بما فيه مِن فضلِ صيامٍ، وتمامِ نعمةٍ، وكمالِ أجرٍ، فلمّا انقضَى بنفحاتِه وبركاتِه، هلتْ علينا نفحاتُ الأشهرِ الحرمِ، وتدرجنَا في ظلِّ فضلِهَا حتى تغلغلنَا في النعيمِ المقيمِ والفضلِ العظيمِ، عشر ذي الحجةِ، فما هي إلّا لحظاتٌ ويطلُّ علينا يومُ عرفةَ، خيرُ أيامِ الدنيا، يعظمُ فيهِ الأجر، ويعلُو فيهِ القدر، وينظرُ فيهِ ربُّ العالمين للحجيجِ نظرةَ تعظيمٍ وإكرامٍ، مباهيًا بهم ملائكتَهُ، والمتأملُ في نصوصِ الشريعةِ بعينِ البصرِ والبصيرةِ يرى ما في هذا اليومِ مِن الجمالِ والجلالِ والكمالِ، ما ينشرحُ به الصدرُ، وتطربُ به الأسماعُ، وتطيبُ به النفوسُ، ويبعثُ الأمل، حتى يجدَ المحبُّ لدينِ اللهِ فيه العوضَ عن الدنيا، ولا يندم على ما فاتَهُ منها، ومِن ثمراتِ هذا اليومِ:
أولُ هذه الثمراتِ: أنّهُ يومُ إكمالِ الدينِ وإتمامِ النعمةِ على المسلمين، فقد أكملَ اللهُ في هذا اليومِ المشهودِ المنةَ، وأتمَّ على المسلمين النعمةَ، وختمَ لهم خيرَ كتابٍ أُنزِلَ على أشرفِ نبيٍّ أرسلَ، بكلماتٍ تحملُ البركاتِ وتفيضُ بالنورِ والرحماتِ، ويخشعُ لهَا القلبُ، وتسكبُ بها العبراتُ، وتفوحُ بالجمالِ في المعنى والمبنى، هي قولُهُ تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾. [ المائدة، 3 ].
ومِن فـــرطِ الجــمالِ لهذه الآيةِ حسدنَا عليهَا اليهودُ، وقد يغيبُ معناهَا وجـــــــمالُ مبناهَا عن العديدِ
مِن بنِي جلدِتِنَا، ومَن يتكلمُون بألسنتِنَا، وما ذاك إلّا لعزةِ كلامِ اللهِ، وعلوِّ قدرِ هذا النظمِ البديعِ، فهو الأشبهُ بالضيفِ العزيزِ، لا يعطكَ بعضَهُ حتى تعطيه كلّكَ.
ففي الصحيحين، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا، مِنَ اليَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تقرؤونها، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ عِيدًا. قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: ﴿ اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ﴾. قَالَ عُمَـــــــرُ بنُ الخطابِ رضي اللهُ عليه عنه:« قَدْ عَــــرَفْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ، وَالمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيّ ﷺ وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ »، وهو عيدٌ للمسلمين، وبهجةٌ وسرورٌ، فعندَ أصحابِ السننِ، قالَ رسولُ اللهِ ﷺ: « إِنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ وَيَوْمَ النَّحْرِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ ».
تابع / خطبة الجمعة القادمة بعنوان : فضل يوم عرفة وسنة الأضحية:
وفي النهيِ عن صومِ يومِ النحرِ، وهو اليومُ العاشرُ مِن ذي الحجةِ، ويومُ التشريقِ، وهو اليومُ الحادِي عشر، والثانِي عشر، والثالثُ عشر، والأمرُ فيها بالأكلِ والشربِ ســـٌر حسنٌ، وهو أنَّ اللهَ ـــ تعالى ـــ لمّا علمَ ما يلاقِي الوافدون إلى بيتهِ مِن مشاقِّ السفرِ، وتعبِ الإحرامِ، وجهادِ النفوسِ على قضاءِ المناسكِ، شرعَ لهُم الاستراحةَ عقبَ ذلك بالإقامةِ بمنَى يومَ النحرِ وثلاثةَ أيامٍ بعدَهُ، وأمرَهُم بالأكلِ فيها مِن لحومِ الأضاحِي فهُم في ضيافةِ اللهِ ـــ تعالى ـــ فهو مِن لطفِ اللهِ تعالى ورحمتهِ بهم، وشاركَهُم في هذا الفضلِ مَن لم يحجُّوا؛ لأنّهُم شاركُوهم بالعبادةِ في عشرِ ذي الحجةِ بالصومِ والذكرِ والاجتهادِ فيها، وفي التقربِ إلى اللهِ ــ تعالى ـــ بإراقةِ دماءِ الأضاحِي، وفي حصولِ المغفرةِ، فشاركوهُــم في أعيادِهِم، واشتركَ الجميعُ في الراحةِ بالأكلِ والشربِ، فصارَ المسلمون كلُّهُم في ضيافةِ اللهِ تعالى في هذه الأيامِ، يأكلون مِن رزقِه، ويشكرونَهُ على فضلِه، ولمّا كان الكريمُ لا يليقُ به أنْ يجيعَ أضيافهُ نهوا عن صيامِهَا. [ إرشاد الساري لشـرح صحيح البخاري ].
والثمرةُ الثانيةُ: أنَّ اللهَ تعالى أقسمَ بيومِ عرفةَ، ولا يُقسـمُ العظيمُ إلّا بالعظيـمِ.
للهِ سبحانه وتعالى مِن العظمةِ والجلالِ والمهابةِ، ما يعجزُ عن إدراكهِ البشرُ، وتحارُ فيه العقولُ، وتعجزُ عنه الكلماتُ، فمتى أقسمَ بشيءٍ، فهو يقسمُ بما يليقُ بهذا الكمالِ والجلالِ، ومِن جملةِ ما أقسمَ بهِ ربُّنَا سبحانه، يومَ عرفةَ، هذا اليومُ العظيمُ الشأن، العالِي القدر، الذي امتنَّ اللهُ به على أمةِ الإسلامِ فيه بعظيمِ الفضلِ، فأقسمَ بهِ مع سائرِ أيامِ العشرِ، فقالَ تعالَى: ﴿ وَالْفَجْرِ * وَلَيالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ﴾. [ الفجـر، 1، 2، 3 ].
والفجرُ هو انفجارُ الصبحِ كلّ يومٍ. وقِيلَ: فجرُ ذي الحجةِ؛ لأنَّهُ قرنَ بهِ الليالي العشر. والليالي العشر، هي: العشرُ الأولُ مِن ذي الحجةِ. [ تفسير الطبري ].
تابع / خطبة الجمعة القادمة بعنوان : فضل يوم عرفة وسنة الأضحية:
الثمرةُ الثالثةُ: أنَّ صومَهُ مغفرةٌ لذنوبِ سنتين.
ومِن جمالِ وكمالِ فضلِ اللهِ على الخلقِ، أنَّه فتحَ لهم بابَ التوبةِ، ورغّبَهُم في اللجوءِ إليه، ومَنَّ عليهِم بأسبابِهَا، ومِن جملةِ الشمائلِ أنْ جعلَ يومَ عرفةَ يكفرُ سنةً قد مضتْ، وسنةً قابلةً، فعندَ مُسلمٍ مِن حديثِ قتادةَ، وهو حديثٌ طويلٌ جاءَ فيهِ، أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال: « صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ ».
ومِن فضلِ صومِ هذا اليومِ، أنّ اللهَ تعالى يسترُ ويزيلُ به ذنوبَ مَن صامَهُ سنتين، سنةً ماضيةً وسنةً باقيةً، وتكفيرُ السنةِ الباقيةِ، أنْ يحفظَهُ اللهُ مِن الذنوبِ فيها، أو يعطِيه مِن الرحمةِ، والثوابِ بقدرِ ما يكونُ كفارةً لها، وظاهرُ الحديثِ أنّه يُستحبُّ صومُ يومِ عرفةَ. [المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ].
ومِن ثمــراتِ يومِ عرفةَ: أنَّهُ اليومُ الذي أخذَ اللهُ فيهِ الميثاقَ على ذريةِ آدم، وأشهدَهُم على أنفسِهِم، أنّهُ المتفردُ بالعبوديةِ، والمتوحدُ بالربوبيةِ، قالَ تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا ﴾. [الأعراف:172]. جمعَهُم اللهُ جَمِيعًا، فجعلَهُم أرواحًا، ثمَّ صورَهُم، ثمَّ استنطقَهُم، فَقَالَ: ﴿ أَلَسْتُ بربِّكُم ﴾. قَالُوا: بلَى، شَهِدنَا أَنَّك رَبّنَا وإلهنَا، لَا ربَّ لنَا غَيْرك، قَالَ اللهُ تَعَالَى: فَأرْسلُ إِلَيْكُم رُسُلِي، وَأُنزلُ عَلَيْكُم كتبِي، فَلَا تكذّبُوا رُسُلِي، وَصَدقُوا كَلَامِي، فَإِنِّي سأنتقمُ مِمَّن أشركَ وَلم يُؤمنْ بِي، فَأخذَ عَهدَهُم وميثاقَهُم. [ تفسير السمعاني].
وعندَ أحمدَ وغيرِهِ، قالَ رسولُ اللهِ ﷺ: « أَخَذَ اللَّهُ الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ بِنَعْمَانَ، يَعْنِي عَرَفَةَ فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ ذَرَأَهَا، فَنَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذَّرِّ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ قِبَلًا ». قَالَ: ﴿ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾. [الأعراف: 172]، فما أعظمهُ مِن يومٍ وما أعظمهُ مِن ميثاقٍ ، وما أكرمهُ مِن إلهٍ يمنُّ على، العبيدِ بكلِّ صنوفِ النعمِ، ويتجاوزُ عنهم مع قدرتهِ عليهم، ويحلمُ رغمَ جرأةِ العبيدِ على المعاصِي.
تابع / خطبة الجمعة القادمة بعنوان : فضل يوم عرفة وسنة الأضحية:
ومِن ثمراتِ يومِ عرفةً: أنَّه يومُ مغفرةِ الذنوبِ والعتقِ مِن النارِ والمباهاةِ بأهلِ الموقفِ، فعند ابنِ حبان وغيرِه، مِن حديثِ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ ــــ رضي اللهُ عنهما ــــ، قالَ رسولُ اللهِ ﷺ: « إِذَا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ إِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ فَيُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا ضَاحِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ ” فَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ: أَيْ رَبِّ فِيهِمْ فُلَانٌ يَزْهُو وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ، أي: يقترف شيئًا مِن المعاصي. قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ: « قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ ». قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: « فَمَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرُ عَتِيقًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ ».
وعندَ مسلمٍ، قال رسولُ اللهِ ﷺ: « ما مِن يومٍ أكثرُ مِن أنْ يعتقَ اللهُ فيه عبدًا مِن النارِ مِن يومِ
عرفةَ، وإنّهُ ليدنّو ثُم يُباهي بهم الملائكةَ فيقولُ: ما أرادَ هؤلاء؟ ».
فيومُ عرفةَ عبادَ الله، أفضلُ أيامِ الدنيا، وأحسنُ أيامِ العام، يومُ الذكرِ والدعاءِ، يومُ الشكرِ والثناءِ، يومُ المباهاةِ والمناجاةِ، يومُ المناداةِ والمساواةِ، يومُ التلبيةِ والترضيةِ، يومُ الإضاءاتِ والرَّحَماتِ، يومُ إذلالِ الشيطانِ وصَغارِه، يومُ رجْمِ إبليسَ وانكسارِه، فاغتنمُوه ولا تضيعُوه، وأروا اللهَ مِن أنفسِكُم خيرًا، واستقبلُوا نفحاتِ ربِّكُم بطيبِ نفسٍ، ونقاءِ سريرةٍ، فاليومُ عملٌ بلا حسابٍ، وغدًا حسابٌ ولا عمل.
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : فضل يوم عرفة وسنة الأضحية:
سنةُ الأضحيةِ وفضلُهَا.
الأضحيةُ، هي ما يذبحُ مِن البقرِ والإبلِ والغنمِ، يومُ النحرِ، وأيامُ التشريقِ قربةً للهِ تعالى، بشروطٍ مخصوصةٍ، وأوقاتٍ مخصوصةٍ، وصفاتٍ مخصوصةٍ، ويرى أهلُ العلمِ أنّها سنةٌ مؤكدةٌ، ودليلُ سنيتِهَا، قولُ رسولِ اللهِ ﷺ:« إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا ». [ صحيح مسلم]. ووجهُه، أنَّه يفهمُ مِن حديثِ رسولِ اللهِ ﷺ أنّ الأمرَ فيه سعةٌ، مِن خلالِ قولهِ: وأرادَ أنْ يُضحِّي، ولو كانت واجبةً؛ لمَا أوردَ هذا اللفظَ، إذ لا اختيارَ في الواجبِ، بل هو طلبُ الفعلِ طلبًا جازمًا لا خيارَ فيهِ للمكلفِ.
وقال بعضُهُم بوجوبِهَا على الموسرِ، وحجتُهُم في ذلك قولُ رسولِ اللهِ ﷺ:« مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ، وَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا ». [ سنن ابن ماجة ].
ويُستحبُّ خلوُّهَا مِن العيوبِ، وخلوُّهَا مِن كلِّ آفةٍ، وتذبحُ بعدَ صلاةِ العيدِ، فإنْ تعجّلَ وذبحَ قبلَ الصلاةِ، فهو لحمٌ قدّمَهُ لأهلهِ.
وأمّا عن فضلِهَا، قالَ رسولُ اللهِ ﷺ:« مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهُ لَيَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَأَنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا ». [ سنن الترمذي وغيره ]. وليس هناكَ أفضلُ مِن هذا العملِ، فهي شعيرةٌ مِن شعائرِ هذا الدينِ، وتعظيمُ شعائرِهِ مِن تقوَى القلوبِ.
ولعلَّ سائلٌ يسألُ: أيُّهمَا أفضلُ الأضحيةُ أم التصدقُ بثمنِهَا؟ والجوابُ عنه أنَّ أهلَ العلمِ لهم فيه كلام، يرى بعضُهُم أنّ الصدقةَ بثمنِهَا أفضلُ، ويرى فريقٌ أنَّ الأضحيةَ أفضلُ، والذي تستريحُ إليهِ النفسُ، ويطمئنُ إليه الفؤادُ، هو فضلُ الأضحيةِ على الصدقةِ، وذلك لفعلِه ﷺ ومواظبتِه عليها، وهو أحرصُ الناسِ على الثوابِ، وقد علَّل ابنُ قدامةَ المقديسِي اختيارَهُ لفضلِ الأضحيةِ على الصدقةِ، فقال: وَلِأَنَّ إيثَارَ الصَّدَقَةِ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ يُفْضِي إلَى تَرْكِ سُنَّةٍ سَنَّهَا. [ المغني لابن قدامة].
تابع / خطبة الجمعة القادمة بعنوان : فضل يوم عرفة وسنة الأضحية:
اللهُمّ أعنّا على ذكرِكَ وشكرِكَ وحسنِ وعبادتِكَ، ووفقنَا لكلِّ عملٍ يرضيكَ، واكتبْ لنَا دوامَ التوفيقِ والسدادِ والرشادِ وحسنَ العملِ وحسنَ القبول، واحفظْ بلادنَا مِن كلِّ سوءٍ ومكروهٍ، ووفقْ ولاةَ أمورِنَا إلى ما فيه الصلاحُ والفلاحُ .. اللهم آمين!
بقلم/ مسعود عرابي .. عضو هيئة تدريس بجامعة الأزهر .. وخطيب مكافأة.
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف