خطبة الجمعة القادمة: الأسرة سكن ومودة ، للدكتور محروس حفظي
خطبة الجمعة القادمة
خطبة الجمعة القادمة 19 نوفمبر 2021م : “الأسرة سكن ومودة” ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ: 14 ربيع الآخر 1443هـ – الموافق 19 نوفمبر 2021م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 19 نوفمبر 2021م ، للدكتور محروس حفظي : “الأسرة سكن ومودة”.
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 19 نوفمبر 2021م ، للدكتور محروس حفظي : “الأسرة سكن ومودة” ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 19 نوفمبر 2021م ، للدكتور محروس حفظي : “الأسرة سكن ومودة”، بصيغة pdf أضغط هنا.
___________________________________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
عناصر خطبة الجمعة القادمة ، للدكتور محروس حفظي : “الأسرة سكن ومودة” : كما يلي:
(1) الزواجُ سنةُ الأنبياءِ والمرسلين .
(2) ثُلاثيةُ الحياةِ الزوجيةِ: «السَّكنُ – المودةُ – الرحمةُ» .
(3) أهمُّ مقاصدِ الزواجِ في الإسلامِ .
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة ، للدكتور محروس حفظي : “الأسرة سكن ومودة” : كما يلي:
الحمدُ للهِ حمدًا يوافي نعمَهُ، ويكافىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أما بعدُ ،،،
(1) الزواجُ سنةُ الأنبياءِ والمرسلين:
إنّ الزواجَ سنةُ الأنبياءِ والمرسلين قال سبحانَهُ مخاطبًا خليلَهُ: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً﴾، ومدحَ اللهُ أوليائَهُ المتقين بأنّهم يسألونهُ ويتضرعون إليه بأنْ يرزقهُم من الأزواجِ والذريةِ ما تقرُّ به أعينُهم فقال: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾، ولذا أنكرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على بعضِ أصحابهِ الذين رغبوا عن الزواجِ ظنًّا منهم أنّ ذلك أكملُ في تعبدِهِم وتقربهِم من ربّهِم سبحانَهُ وتعالى، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَكَذَا؟ لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» . (متفقٌ عليه) .
(2) ثلاثيةُ الحياةِ الزوجيةِ: «السَّكنُ – المودةُ – الرحمةُ»:
تُعدُّ الأسرةُ ﻫﻲ ﺍﻟﻠﺒﻨﺔُ ﺍﻷﻭﻟﻰ، وﺍﻟﺮﻛﻦُ الأساسيُّ ﻓﻲ ﺑﻨﺎءِ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊِ، ﻭبقدرِ تماسكِهَا وترابطِهَا يكونُ المجتمعُ قويًا، فالحياةُ الزوجيةُ أقوى الروابطِ الاجتماعيةِ على الإطلاقِ؛ لاحتوائِهَا على ناحيتين: ناحيةٍ غريزيةٍ فطريةٍ، وناحيةٍ عاطفيةٍ وجدانيةٍ، ولذا وصفَ اللهُ عزَّ وجلَّ عقدَ الزواجِ في كتابهِ العزيزِ بـ “الميثاقِ الغليظِ” ؛ لقوةِ ومتانةِ هذا العقِد الذي يصعبُ نقضهُ، كالثوبِ الغليظِ الذي يعسرُ شقهُ أو تمزيقهُ فقال تعالى: ﴿وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ ، كما بيَّن ربُّنَا في قرآنهِ أنّ الأصلَ في العلاقةِ بين الزوجين المودةُ والرحمةُ فقال اللهُ تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ ؛ فهذه الآيةُ لها أبعادٌ عميقةٌ في بناءِ الأفرادِ والمجتمعاتِ، فقد اشتملتْ على أشياءَ ثلاث: «السكنِ والمودةِ والرحمةِ» ، فالسكنُ فيه معنى طمأنيةِ النفسِ واستقرارِهَا، وحمايتِهَا من تقلباتِ الحياةِ المختلفةِ، وإدخالِ الأمنِ والسلامِ حيثُ يرتاحُ كلٌّ منهما إلى الآخر، ويطمئنُ له، ويسعدُ به، ويجدُ لديه حاجتَهُ، فإذا ما اهتزتْ هذه المرحلةُ، ونفرَ أحدهُمَا من الآخر، جاء دورُ المودةِ التي تُمسكُ بزمامِ الحياةِ الزوجيةِ، وتوفرُ لكليهِما قدرًا كافيًا من القبولِ، فإذا ما ضعفَ أحدهُما عن القيامِ بواجبهِ نحو الآخرِ جاءَ دورُ الرحمةِ، فيرحمُ كلٌّ منهما صاحبَهُ، فيرحمُ ضعفَهُ، ويرحمُ مرضَهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» . (مسلم) ، وبذلك تستمرُ الحياةُ الزوجيةُ، ولا تكون عُرضةً للعواصفِ في رحلةِ الحياةِ الطويلةِ، فالمودةُ والرحمةُ إذا نُزِعَا من المنزلِ كانت الحياةُ شقاءً ودمارًا على الأسرةِ .
كما وصف اللهُ العلاقةَ بين الزوجين بأنها علاقةُ امتزاجٍ والتصاقٍ كالثيابِ الذي يسترُ جسدَ الإنسانِ من تقلبات البردِ والحرِّ وغيرِهَا فقال تعالى: ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ﴾، فالزوجةُ ملاذٌ للزوجِ يأوي إليها بعدَ كدِّهِ وتعبهِ في سبيل تحصيلِ لقمةَ العيشِ، فهو يُلقي في نهايةِ مطافهِ بمتاعبهِ إلى هذا الملاذِ التي ينبغي أن تتلقاهُ فَرِحَةً، طلقةَ الوجهِ، يجد منها أُذنًا صاغيةً، وقلبًا حانيًا، وحديثًا رقيقًا، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «مَا اسْتَفَادَ الْمُؤْمِنُ بَعْدَ تَقْوَى اللَّهِ خَيْرًا لَهُ مِنْ زَوْجَةٍ صَالِحَةٍ، إِنْ أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ، وَإِنْ نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ، وَإِنْ أَقْسَمَ عَلَيْهَا أَبَرَّتْهُ، وَإِنْ غَابَ عَنْهَا نَصَحَتْهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ» . (أبو داود وابن ماجه) .
(3) مقاصدُ الزواجِ في الإسلام:
إنّ الزواجَ في نظر دينِنَا ليس وسيلةً، لحفظِ النوعِ الإنسانيِّ، وطريقاً لبقاء النسلِ البشريِّ فحسب، بل للزواجِ في الإسلامِ مقاصدٌ ساميةٌ وأهدافٌ عاليةٌ منها:
أولاً: اعفافٌ النفسِ وإشباعُ الغريزةِ والفطرةِ :
لقد قد خلقَ اللهُ في الإنسانِ غريزةً لا مفرَّ له مِن الاستجابةِ لها؛ لأنّها من أقوى الغرائزِ وأعنفِهَا، وهي – إن لم تٌشبعْ انتاب الإنسانُ القلقَ والاضطرابَ، والإسلامُ لا يقفُ حائلاً أمامَ هذه الغريزةِ، ولكنه يهيئُ لها الطريقَ الشريفَ، والوسيلةَ الصحيحةَ لإروائِها وإشباعِها بما يحققُ للبدن هدوءَهُ، وللنفس سكونَهَا، وللنظر الكفّ عن التطلعِ إلى حرامٍ، مع صيانةِ المجتمعِ وحفظِ حقوقِ أهلهِ .
ومن هنا كانتْ حكمةُ تشريع الزواجِ، فهو الطريقُ الطبيعيُّ لمواجهةِ هذه الميولِ، وإشباعِ هذه الغريزةِ، فجعل اللهُ الزوجةَ سكنًا لزوجها وهو كذلك لها، فيسكنُ كلٌّ منهما لصاحبهِ؛ ليروي ظمأَهُ في جوٍّ من الحبِّ والمودةِ والعفةِ والطهارةِ، فيسكن قلباهُمَا عن الحرام، وجوارحهُمَا عن السقوطِ في الرذيلةِ، وعن الانزلاقِ في مهاوي الخطيئةِ، ولذا كان من هدي الإسلامِ تحريمُ الزنا الذي فيه تضييعٌ للأنسابِ، وهدمٌ للأسرِ، وشيوعُ الفواحشِ والأمراضِ، ولما حرمَهُ الإسلامُ أباحَ في الوقت ذاته الزواجَ وندبَ إليه حتى لا يكون في ذلك معارضةً للفطرةِ ولا إساءةً للنفس الإنسانيةِ بسبب الحرمان والكبتِ، فالزواجُ يعينُ أصحابَهُ على غضِّ البصرِ، وحفظِ الفرجِ، وصيانةِ الدينِ، ولذا وجَّهَ رسولُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشبابَ إلى المسارعةِ إليه شريطةَ القدرةَ البدنيةَ والماليةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» . (متفقٌ عليه) .
ثانياً: طلبُ ثواب اللهِ تعالى:
إنّ الزواجَ فضلٌ من اللهِ واسعٌ، وبابُ خيرٍ كبيرٍ يحتسبه العبدُ عند ربِّه، في حسنِ معاشرةِ الأهلِ صدقةً، وفي ملاطفةِ الأولادِ وتربيتِهم صدقةً، وفي الصبرِ على السعي في طلبِ الرزقِ له ولأولادهِ صدقةً، وفي الصبرِ على موت أولادهِ صدقةً، فكلُّها أمورٌ ثوابُهَا عظيمٌ وأجرُهَا جليلٌ ولو لم يكن من منافع الزواجِ إلا طلبُ الأجرِ والثوابِ من الله لكان حرياً بالعاقلِ أنْ يسارعَ إليه، حتى إنّ دينَنا ليعد ممارسةَ العملِ الغرائزيِ في نطاقِ الحلالِ المشروعِ قربةً وصدقةً يستحقُ صاحبُهَا الثوابَ من اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قال، قال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ» . (مسلم) .
ثالثاً: الزواجُ التزامٌ بالحقوقِ، وأداءٌ للواجباتِ:
بعضُ الشبابِ قد يطلبُ الزواجَ أو يزوجهُ أهلهُ فرحاً به، دون أنْ يعي مسؤليةَ الزواجِ، ولا تبعاتِ هذا العقدِ، فتجده يتلاعبُ بزوجتهِ، ولا يحترمهَا ولا يقدرهَا، بل أحياناً يتركهَا دونَ نفقةٍ أو طعامٍ أو كساءٍ … الخ، بل في بعضِ الأوقاتِ يتباهى ويُخبرُ بما كان بينه وبين زوجهِ من ملاطفةٍ ومعاشرةٍ، لذا جعل الإسلامُ الزواجَ عقدًا له حقوقٌ وواجباتٌ حريٌّ بكلِّ مسلمٍ ومسلمةٍ الالتزامَ بها، والسيرَ في هديها، لينعما بخيري الدنيا والآخرةِ.
*المعاملةُ الحسنةُ والعشرةُ الطيبةُ:
أوجب دينُنَا على الزوجين أنْ يعاملَ كلًّا منهما الآخر بالحسنى، وأنْ يصبرَا على بعضهِما فقال تعالى: ﴿وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً﴾، فإذا استنفدتْ كلُّ المحاولاتِ واستحالتْ بينهما العِشرةُ أصبحَ من الحكمةِ والمنطقِ مفارقةَ أحدهما للآخر، وهنا شرع الحقُّ سبحانهُ الطلاقَ للرجل أو الخُلعَ للمرأة؛ ليكون حِلًّا لمثل هذه الحالاتِ بعد استنفادِ جميع الوسائلِ الممكنةِ، فأيها الأزواجُ إما معاشرةٌ بمعروفٍ أو فراقٌ بإحسانٍ، ولا تنسوا الفضلَ بينكم، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلْعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ أَقَمْتَهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا» . (متفقٌ عليه) .
إنّ الاستقرارَ في البيوت يقودُ إلى نجاةِ الأولادِ من كلِّ ما يُهدِّدُ كيانهُم، وما ينحرفُ بهم ويبعدهُم عن الجادةِ والصوابِ؛ لأنهم ينشؤون داخلَ بيتٍ لا صراعَ فيه ولا كذبَ ولا غشَّ ولا سبابَ … الخ ، بيتٍ اتضحتْ فيها الحقوقُ، وأقيمتْ فيه الواجباتُ، وأدَّى كلُّ فردٍ فيه ما التزمَ به، كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيتهِ .
*وجوبُ النفقةِ على الزوجةِ حتى ولو كانت مُوسِرةً:
الزم الشارعُ الحكيمُ الزوجَ الإنفاقَ على زوجتهِ وعيالهِ، وتوفيرَ المسكنِ والمطعمِ والملبسِ وكلِّ ضرورياتِ ومستلزماتِ الحياةِ قال تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً﴾ ، وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ أَوْ خَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ» . (متفق عليه) .
وقد أجازَ الإسلامُ للمرأةِ في حال تضييقِ الزوجِ عليها في النفقةِ أنْ تأخذَ مِن مالهِ – بالمعروفِ دون إسرافٍ أو تبذيرٍ – بما يكفيهَا وأولادهَا فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ امْرَأَةُ أَبِي سُفْيَانَ عَلَى رَسُولِ اللهِ، فَقَالَتْ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، لَا يُعْطِينِي مِنَ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَيَكْفِي بَنِيَّ إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ، فَهَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ مِنْ جُنَاحٍ؟ فَقَالَ: «خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيكِ وَيَكْفِي بَنِيكِ» . (متفق عليه) .
*حفظُ الأسرارِ، وعدمُ إشاعةِ الأخبارِ:
بيتُ الزوجيةِ له حرمتُهُ وقدسيتُهُ لذا وجبَ على الزوجين حفظَ أسرارهِ وعدمَ إفشاءِ أحوالهِ خاصةً حال الضيقِ والشدةِ، وفيما يتعلقُ بالأمورِ الشخصيةِ فعن أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ: «إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا» . (مسلم) .
*المشاركةُ في تربيةِ الأولادِ وتنشئتِهم تنشئةً سويةً:
يقتصرُ دورُ الزوجِ أحيانًا على توفير المأكلِ والملبسِ والأمورِ الماديةِ فقط، دون مساعدةِ الزوجةِ في تربيةِ الأولادِ ومراقبتِهِم، وتفقدِ أحوالِهِم في بيتِهِم ومدرستِهِم، وهذا تقصيرٌ ما أشدهُ وما أعظمهُ خاصةً في مرحلةِ المراهقةِ، ومرحلةِ تشكيل فكرِ ووعي الأبناءِ حيثُ يكونون في أمسِّ الحاجةِ إلى مَن يوجههُم، ويأخذ بأيديهِم إلى الطريقِ المستقيمِ قال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ﴾ ، وعَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ أَحَفَظَ أَمْ ضَيَّعَ، حَتَّى يَسْأَلَ الرَّجُلَ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ» . (ابن حبان) .
لقد أمرَ الشارعُ الحكيمُ بناءَ الأولادِ فكرياً ونفسياً ومعنوياً مما يؤهلهُم للقيامِ بدورهِم المنوطِ بهم لخدمةِ ورفعةِ مجتمعِهم، وتقدمِ أوطانهِم، فيكونون بذلك قرةَ أعينٍ لآبائهِم وأمهاتهِم في الدينا والآخرة فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» . (مسلم) .
نسألُ اللهَ جلّ وعلا أنْ يهبَ لنا من أزواجِنا وذريتِنا ما يقر به أعيننا، ويدخل به السرور على قلوبنا، وأن يحفظ بلادنا، وأن يستعملنا في خدمة ديننا ووطننا، وأن يوفق ولاة أُمورنا لما فيه نفع البلاد والعباد .
كتبه: د / محروس رمضان حفظي عبد العال
عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر الشريف
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف