خطبة الجمعة القادمة “إنسانية الحضارة الإسلامية”، للدكتور محروس حفظي
خطبة الجمعة القادمة
خطبة الجمعة القادمة 3 ديسمبر 2021م : “إنسانية الحضارة الإسلامية”، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ: 28 ربيع الآخر 1443هـ – الموافق 3 ديسمبر 2021م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 3 ديسمبر 2021م ، للدكتور محروس حفظي : “إنسانية الحضارة الإسلامية”.
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 3 ديسمبر 2021م ، للدكتور محروس حفظي : “إنسانية الحضارة الإسلامية” ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 3 ديسمبر 2021م ، للدكتور محروس حفظي: “إنسانية الحضارة الإسلامية”، بصيغة pdf أضغط هنا.
___________________________________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
عناصر خطبة الجمعة القادمة ، للدكتور محروس حفظي : “إنسانية الحضارة الإسلامية” : كما يلي:
(1) حضارةٌ تحترمُ الإنسانَ لذاتهِ .
(2) مظاهرُ إنسانية الحضارةِ الإسلاميةِ .
(3) إنسانيةُ الحضارةِ الإسلاميةِ بين النظريةِ والتطبيقِ .
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة ، للدكتور محروس حفظي : “إنسانية الحضارة الإسلامية” : كما يلي:
الحمدُ للهِ حمداً يوافي نعمَهُ، ويكافِىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغي لجلالِ وجهكَ، ولعظيمِ سلطانكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أما بعدُ ،،،
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة
(1) حضارةٌ تحترمُ الإنسانَ لذاتهِ:
لقد كرمتْ الحضارةُ الإسلاميةُ الإنسانَ مِن حيثُ إنّه إنسانٌ بغضِّ النظرِ عن لونهِ وجنسهِ وعرقهِ ودينهِ، وساوتْ بينهم جميعًا في أصلِ الخِلقةِ وأداءِ الحقوقِ والواجباتِ، وجعلتْ ميزانَ التفاضلِ التقوى والعملَ الصالحَ، وأرست مبدأَ الوحدةِ الإنسانيةِ والأخوةِ البشريةِ قال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾، وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى أَبَلَّغْتُ» . (أحمد) .
والمتأملُ في سيرتهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجد أنّ مظاهرَ تكريمهِ للإنسانِ أكثرُ من أنْ تُحصى حتى في حالِ الموتِ، فعن سَهْل بْن حُنَيْفٍ، وَقَيْسِ بْن سَعْدٍ: «كانا قَاعِدَيْنِ بِالقَادِسِيَّةِ، فَمَرُّوا عَلَيْهِمَا بِجَنَازَةٍ، فَقَامَا، فَقِيلَ لَهُمَا إِنَّهَا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ أَيْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَقَالاَ: إِنَّ النَّبِيَّ مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ فَقَامَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ، فَقَالَ: أَلَيْسَتْ نَفْسًا» . (متفقْ عليه)، وتعاملِهِ مع مخالفيهِ في العقيدةِ أثناءَ إقامتِهِ في المدينةِ أعظمُ شاهدٍ على ذلك، حيثُ أسسَ أعظمَ دولةٍ مدنيةٍ عرفها البشرُ عبرَ تاريخِهِم الطويل .
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة
(2) مظاهرُ إنسانية الحضارةِ الإسلاميةِ:
المستقرءُ للقرآنِ الكريمِ وسنةِ النبيِّ الأمين صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجد فيهما روافدَ عظيمةً أكثرَ من أنْ تُحصى، وأوسعَ من أن تُسْردَ، لكن يكفي تطبيقُ المسلمين الأوائلِ لها عبرَ حضارتهِم المجيدةِ وتاريخهِم الناصعِ المشرقٍ، وها أنا أَقْتَبِسُ من أَنْوَارِهِم، وأقتطفُ من أَزْهَارِهِم، وأَتَأَرَّجُ من نَفَحَاتِهِم، وَألقط ُدررَهُم، وَأَنْتَقِي من فَرَائِدِهِم:
*حريةُ الاعتقادِ:
لقد كفلَ الإسلامُ للإنسانِ حريةَ العقيدةِ، ومنعَ إكراهَهُ على اعتناقهِ له، بل جعل إسلامَ المُكرهِ كعدمهِ لا قيمةَ له بإجماعِ المسلمين، قال تعالى: ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾، وقال: ﴿لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾، وقد وردَ في سببِ نزولِ هذه الآيةِ ما جاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَتَ الْمَرْأَةُ مِنَ الْأَنْصَارِ لَا يَكَادُ يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ فَتَحْلِفُ: لَئِنْ عَاشَ لَهَا وَلَدٌ لَتُهَوِّدَنَّهُ، فَلَمَّا أُجْلِيَتْ بَنُو النَّضِيرِ إِذَا فِيهِمْ نَاسٌ مِنْ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ، فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْنَاؤُنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ﴾». (ابن حبان)، والآيةُ وإنْ كان لها سببُ نزولٍ، لكنّ العبرةَ بعمومِ اللفظِ لا بخصوصِ السببِ، فهي تعمُّ الزمانَ والمكانَ والأشخاصَ والأحوالَ إلى يومِ القيامةِ، ومَن يَدّعي غيرَ ذلك، فالتحقيقُ العلميُّ ينقضُ قولَهُ، ويردُّ دعواهُ .
لقد منعتْ الشريعةٌ كلَّ أشكالِ العنفِ والقسرِ والإرهابِ، فقد أوضحتْ الطريقَ، وبينتْ المعالمَ، ثم تركتْ للإنسانِ حريةَ الاختيارِ، مع تحمّلِهِ نتيجةَ اختيارهِ خيراً أم شراً ﴿فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ* لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ﴾، وبهذا المبدأِ تعاملَ الصحابةُ في فتوحاتهِم المختلفةِ، وقد قال المستشرقُ البريطانيُّ «توماس أرنولد» في كتابهِ (الدعوةُ إلى الإسلامِ): «إنّه لم يعثرْ على حالةٍ واحدةٍ في تاريخِ المسلمين أُكرهتْ على الدخولِ في الإسلامِ، فلم تكنْ القوةُ سبيلَهُم، بل كان الإقناعُ والحكمةُ طريقَهُم» .
*العدلُ مع الخلائقِ كلِّهِم:
من أهمّ الأسسِ والدعائمِ التي قامتْ عليها إنسانيةُ الحضارةِ الإسلاميةِ تطبيقُ العدلِ بمفهومهِ الشاملِ مع الصديقِ والعدوِّ، القريبِ والجافيِ قال تعالى: ﴿أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ﴾، فالبعدلِ تقومُ الحضاراتُ، وتستقيمُ أمورُ الحياةِ، وما انتشرَ الإسلامُ إلا بعدلِ التجارِ المسلمين الأوائل، وحسنِ تعاملِهم في البلادِ التي مروا بها، وأقاموا فيها وسكنُوا إيّاها وعمرُوهَا، فعَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا رَوَى عَنِ اللهِ أَنَّهُ قَالَ: «يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا». (مسلم) .
*احترامُ الكبيرِ، والعطفُ على الصغيرٍ:
أوجبَ دينُنا على الصغيرِ توقيرَ الكبيرِ، فيبدأُ به في الصلاةِ طالما أحق بها، ويسنُّ القيامُ له، والسلامُ عليه، وتقبيلُ يدهِ، وعدمُ الجلوسِ قبله، ومناداتُه باسمهِ ولقبهِ، وإنزالُه المنزلةَ اللائقةَ به، وفي الوقتِ ذاتهِ ألزمَ الكبيرَ أنْ يرحمَ ضعفَ الصغيرِ، ويلتمسَ له العذرَ، قَالَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا، وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا» . (أبو داود والترمذي)، وهذا ما طبقَهُ البررةُ النجباءُ والسادةُ الأعلامُ فعن مَالِك بْن مِغْوَلٍ قال: «مَشَيْتُ مَعَ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى زُقَاقٍ ضَيِّقٍ، فَتَخَلَّفْتُ وَتَقَدَّمَ طَلْحَةُ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَقَالَ: لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ أَكْبَرُ مِنِّي بِيَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ مَا تَقَدَّمْتُ» . (مكارم الأخلاق للخرائطي) .
لقد شملَ هذا الاحترامُ حتى غيرَ المسلمين فهذا سيدُنا عمرُ بن الخطابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه يمرُّ برجلٍ كبيرٍ من أهل الكتابِ، يسألُ أبوابَ الناسِ فقال له سيدُنا عمرُ: «مَا أَنْصَفْنَاكَ إِنْ كُنَّا أَخَذْنَا مِنْكَ الْجِزْيَةَ فِي شَبِيبَتِكَ، ثُمَّ ضَيَّعْنَاكَ فِي كِبَرِكَ» ، ثُمَّ أَجْرَى عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَا يُصْلِحُهُ . (الأموال للقاسم بن سلاَّم) .
*الحيواناتُ والجماداتُ لها نصيبٌ من ذلك:
لقد تخطتْ إنسانيةُ الحضارةِ الإسلاميةِ كلَّ الحجزِ، وفاقتْ كلَّ الأوصافِ حتى شملتْ حسنَ التعاملِ مع الحيواناتِ والجماداتِ التي لا تعقل، فقد يتصورُ البعضُ أنّها منعدمةُ الشعورِ والإحساسِ، أو الحبِّ أو الميلِ، لكن يخبرُنَا القرآنُ والنبيُّ العدنانُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلافَ ذلك، قال تعالى: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً﴾ .
وهذا الذي حدَا برسولِنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنْ تقعَ شفقتُه على هذا العالمِ من المخلوقات، لتشملَ رحمتُه كلَّ الموجوداتِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ، حَتَّى مَاتَتْ هَزْلًا» . (متفق عليه) .
لقد تحركتْ مشاعرُه وعواطفُه حين «دَخَلَ حَائِطًا لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَإِذَا فِيهِ نَاضِحٌ لَهُ. فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ وَسَرَاتَهُ، فَسَكَنَ فَقَالَ: «مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ؟» فَجَاءَ شَابٌّ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: أَنَا، فَقَالَ: أَلا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا، فَإِنَّهُ شَكَاكَ إِلَيَّ وَزَعَمَ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ» . (أحمد) .
وهذا الجذعُ الذي بكى وحنَّ شوقاً إليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ الله «أنَّ امْرَأةً مِنَ الأنْصَارِ قالَتْ لِرَسولِ الله يَا رسولَ الله ألاَ أجْعَلْ لَكَ شَيْئا تَقْعُدُ عَلَيْهِ، فإنَّ لِي غُلاما نجَّارا قَالَ: إنْ شِئْتِ قَالَ فَعَمِلَتْ لَهُ المِنْبَرَ، فَلَمَّا كانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ قَعَدَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَى المِنْبَرِ الَّذِي صُنِعَ فَصاحَتِ النخْلَةُ الَّتِي كانَ يَخْطُبُ عنْدَهَا حَتَّى كادتْ أنْ تَنْشَقَّ فنَزَلَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أخذَهَا فَضَمَّهَا إلَيْهِ، فَجَعَلَتْ تَئِنُّ أنينَ الصَّبِيِّ الَّذِي يُسَكَّتُ حَتَّى اسْتَقَرَّتْ قَالَ بَكَتْ عَلى مَا كانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ» . (البخاري)، وللهِ درُّ القائلِ:
وألقى حتى في الجماداتِ حبَّهُ … فكانت لإهداء السلامِ له تهدى
وفارقَ جذعاً كان يخطبُ عنده … فأنَّ أنينَ الأمِّ إذا تجد الفقدا
يحن إليه الجذعُ يا قوم هكذا … أما نحن أولى أن نحنَّ له وجدا
إذا كان جذعٌ لم يطقْ بُعد ساعةٍ … فليس وفاءٌ أن نطيقَ له بُعدا
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة
(3) إنسانيةُ الحضارةِ الإسلاميةِ بين النظريةِ والتطبيقِ:
بهذه القيمِ وتلك الأخلاقِ الإنسانيةِ كانت حضارتُنَا حضارةً حيويةً امتداديةً عبرتْ العالمَ شرقاً وغرباً بحراً وبراً وجواً، صالحةً لكلِّ زمانٍ ومكانٍ؛ لأنّها تستمدُ نورَها، ومصدرَ قوتِها من خالقِ القُوى والقُدرِ تباركَ وتعالى ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾.
حضارةٌ احترمتْ المرأةَ وكرمتْهَا في كلّ مراحلِ حياتِهَا، حضارةٌ فتحتْ أبوابَ العلمِ والمعرفةِ ولم تجعلْهُمَا حكراً على أحدٍ، حضارةٌ حاربتْ اليأسَ والتشاؤمَ وجعلتْهُ طريقاً يقودُ لنفقٍ مظلمٍ، وبعثتْ الأملَ والرجاءَ والاعتزازَ في نفوسِ الحيارى والخائفين، حضارةٌ جمعتْ بين الدينِ والدنيا بحيثُ لا يطغى أحدهُمَا على الآخرِ، حضارةٌ وفقتْ بين العلمِ والدينِ ولم تجعلْهُمَا متعارضين، حضارةٌ انفتحتْ على غيرِه، فأخذتْ واقتبستْ منه، لكن في الوقتِ ذاتهِ أعملتْ عقلَهَا وقلمَهَا، ولم تذبْ في هويةِ غيرِهَا، فحفظتْ تراثَهَا ومجدَهَا إلى يومِنَا هذا، حتى كتبَ «غوستاف لوبون» كتاباً أسماه: «حضارةُ العربِ»، وجعل المستشرقةُ الألمانيةُ: «زيفريد هونكة» في كتابِها: «شمسُ العربِ تسطع على الغربِ» تقولُ: «إنّ الناسَ في أوروبا لا يعرفون إلا القليلَ عن جهودِ الحضارةِ الإسلاميةِ الخالدةِ ودورِها نحو حضارات الغربِ» أ.ه، فتأمل وانتبه .
اللهم اجعل بلدنا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمناً أماناً، سلماً سلاماً وسائرَ بلادِ العالمين، واستعملنا في خدمةِ دينِنا ووطنِنا، ووفق ولاةَ أُمورِنا لما فيه نفعُ البلادِ والعبادِ .
كتبه: د / محروس رمضان حفظي عبد العال
عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف