أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة 3 يونيو 2022م : سعة أبواب الخير في الرسالة المحمدية ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 3 يونيو 2022م : سعة أبواب الخير في الرسالة المحمدية ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ: 4 ذو القعدة 1443هـ – الموافق 3 يونيو 2022م.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 3 يونيو 2022م ، للدكتور محروس حفظي : سعة أبواب الخير في الرسالة المحمدية.

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 3 يونيو 2022م ، للدكتور محروس حفظي : سعة أبواب الخير في الرسالة المحمدية ، بصيغة word  أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 3 يونيو 2022م ، للدكتور محروس حفظي : سعة أبواب الخير في الرسالة المحمدية ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

 

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

عناصر خطبة الجمعة القادمة: سعة أبواب الخير في الرسالة المحمدية ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:

 

(1) مراعاةُ الشريعةِ الإسلاميةِ اختلافُ الطبائعِ في تكاليفِهَا والدعوةِ إلى قبولِهَا .

(2) أبوابٌ للخيرِ مفتوحةٌ حريٌّ بالمسلمِ التزامُهَا والسعيُ إليهَا .

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة سعة أبواب الخير في الرسالة المحمدية ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:

الحمدُ للهِ حمدًا يُوافي نعمَهُ، ويُكافِىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أمَّا بعدُ ،،،

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة

(1) مراعاةُ الشريعةِ الإسلاميةِ اختلافُ الطبائعِ في تكاليفِهَا والدعوةِ إلى قبولِهَا:

لقد راعتْ الشريعةُ طبائعَ البشرِ وظروفَهُم وإمكانتهُم، فنوّعَتْ أبوابَهَا في الدعوةِ إلى الخيرِ وفتحتْ طرقَهَا، ففرضتْ الفرائضَ مِن صلاةٍ وصيامٍ وحجٍّ، ورغبتْ في الفضائلِ كالإصلاحِ بينَ الناسِ، ونشرِ العلمِ النافعِ، وإغاثةِ الملهوفِ …. الخ فعَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«لَيْسَ مِنْ نَفْسِ ابْنِ آدَمَ إِلَّا عَلَيْهَا صَدَقَةٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ»، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمِنْ أَيْنَ لَنَا صَدَقَةٌ نَتَصَدَّقُ بِهَا؟، فَقَالَ: «إِنَّ أَبْوَابَ الْخَيْرِ لَكَثِيرَةٌ: التَّسْبِيحُ، وَالتَّحْمِيدُ، وَالتَّكْبِيرُ، وَالتَّهْلِيلُ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَتُسْمِعُ الْأَصَمَّ، وَتَهْدِي الْأَعْمَى، وَتُدِلُّ الْمُسْتَدِلَّ عَلَى حَاجَتِهِ، وَتَسْعَى بِشِدَّةِ سَاقَيْكَ مَعَ اللَّهْفَانِ الْمُسْتَغِيثِ، وَتَحْمِلُ بِشِدَّةِ ذِرَاعَيْكَ مَعَ الضَّعِيفِ، فَهَذَا كُلُّهُ صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ» (ابن حبان، وإسناده صحيح) .

والمتأملُ في شريعتِنَا الغراءِ يجدُ أنَّ هذه المرونةَ قد شملتْ كافةَ أبوابِ الفقهِ (العبادات والمعاملات) حتى في بابِ الكفاراتِ، حيثُ جعلتْ االمُكلفَ في سعةٍ ويسرٍ عندَ تكفيرِهِ عن يمينهِ، فالحالفُ إذا حنثَ في يمينهِ فهو مخيرٌ بينَ واحدٍ من أمورٍ ثلاثةٍ: أنْ يطعمَ عشرةَ مساكين طعامًا يكونُ مِن متوسطِ ما يطعمُ منه أهلَهُ في الجودةِ والمقدارِ، أو أنْ يكسوَ هؤلاءِ المساكين العشرةَ كساءً مناسبًا ساترًا للبدنِ، أو أنْ يحررَ رقبةً بأنْ يعتقَ عبدًا مِن الرقِّ فيجعلُهُ حرًّا، أو يصومُ ثلاثةَ أيامٍ قالَ تعالى: ﴿لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾، ثم إنَّ هذه الكفارةَ وجبتْ على التخييرِ لا على الترتيبِ؛ لأنها لو وجبتْ على الترتيبِ لوجبتْ البداءةُ بالأغلظِ، واللهُ لم يجعلْ في الدينٍ أيَّ حرجٍ على الإطلاقٍ فعن أبي هريرةَ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلم قال: «إنَّ الدينَ يسرٌ، ولن يشادَّ الدينَ أحدٌ إلّا غلبَهُ، فسددُوا وقاربُوا، وأبشرُوا، واستعينُوا بالغدوةِ والروحةِ وشيءٍ مِن الدلجةِ» (البخاري) .

والمستقرءُ لكتابِ ربِّنَا يجدُ أيضًا أنَّ مناهجَ الدعوةِ إلى الإسلامِ قد تنوعتْ وتغيرتْ تبعًا لحالِ الإنسانِ، فاشتملَ القرآنُ على المنهجِ العاطفِي لأصحابِ الفطرةِ النقيةِ التي لم يُلوثْ بعدُ بالعاداتِ الفاسدةِ والتقاليدِ الباليةِ، وذكرتْ أيضًا المنهجَ العقليَّ لأولئك المشككينَ المترددينَ في قبولِ الحقِّ، والانصياعِ للصوابِ، وعلى المنهجِ الحسِي التجريبِي للذين لا يؤمنونَ إلا بالمحسوسِ الملموسِ والأشياءِ الماديةِ، فحوَى القرآنُ أنواعًا كثيرةً مِن الإعجازِ اللغوِي العلمِي والتاريخِي والتشريعِي والعددِي والمقاصدِي … إلخ .

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة

(2) أبوابٌ للخيرِ مفتوحةٌ حريٌّ بالمسلمِ التزامُهَا والسعيُ إليهَا:

لقد تكاثرتْ أدلةُ الشريعةٍ في بيانِ عظمةِ أبوابِ الخيرِ حتى جعلَتْهَا شعارًا لهَا ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ فجعلتْ الآيةُ مِن مُكَمِّلاتِ الإيمان فعلَ الخيرِ ونفعَ الآخرين، وجعلَتْ نتيجةَ ذلك كلِّهِ مع التعبدِ: الفلاحَ الدنيويَّ والأخرويَّ، وفيما يلي عرضٌ لبعضِ تلك النماذجِ:

*عباداتٌ تطهرُ الظاهرَ والباطنَ مِن الأقذارِ والأمراضِ: أكدَ عددٌ مِن العلماءِ أنَّ العباداتِ والقيمَ والأخلاقياتِ توفرُ أفضلَ سبلِ الحمايةِ للإنسانِ مِن الأمراضِ والأوبئةِ القاتلةِ التي انتشرتْ في عالمِ اليومِ، وأصبحتْ تهددُ كلَّ الكائناتِ الحيةِ،  ففي قراءةٍ سريعةٍ في أيِّ كتابِ فقهٍ يتضحُ اهتمامُ الإسلامِ بالطهارةِ التي لا تصحُ العبادةُ إلَّا بهَا، فهي مفتاحُ الصلاةِ فلا تصحُّ صلاةُ المسلمِ ما لم يتطهرْ مِن الحدثِ الأصغرِ بالوضوءِ ومِن الحدثِ الأكبرِ بالغسلِ، فالوضوءُ تُغسَلُ فيه الأعضاءُ التي تتعرضُ للاتساخِ والعرقِ والأتربةِ، وعند فَقْدِ الماءِ أو العجزِ عن استعمالِهِ لعذرٍ شرعيٍّ أجازَ التيممَ، وجعلَهُ يقومُ مقامَ الماءِ في التطهيرِ، وذلك تنفيذًا للأمرِ الإلهِي: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ وعَنْ أبي هريرةَ قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا تَوَضَّأَ العبد فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّى عَلَيْهِ مَا دَامَ فِى مُصَلَّاهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ وَلَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِى صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ» (البخاري)، واشترطَ أيضًا نظافةَ الثوبِ والبدنِ والمكانِ مِن الخبائثِ والقاذوراتِ، فالطهارةُ ليستْ مجردَ شعارٍ يرفعُهُ الإنسانُ ولا يعلمُ بهِ، بل هو سلوكٌ حضاريٌّ إنسانيٌّ تجعلُ الإنسانَ يبني حياتَهُ على النقاءِ والصفاءِ الحسِّي والمعنوِي معًا فيعيشُ حياتَهُ طاهرَ البدنِ والملبسِ والمكانِ فينعم بالراحةِ في صحتهِ وفي سلوكهِ وفي صلتهِ بخالقهِ عزَّ وجلَّ.

*أعمالٌ يسيرةٌ يأخذُ المسلمُ عليها أجرًا كبيرًا: لقد رغبَ الشارعُ الحكيمُ في بعضِ الأعمالِ اليسيرةِ في فعلِهَا، الكبيرةِ في أثرِهَا، وجعلَهَا سببًا مِن أسبابِ المغفرةِ، ودخولِ الجنةِ، مِن هذه الأعمالِ إماطةُ الأذى عن الطريقِ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ، وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ» (متفق عليه)، بل حتى في إظهارِ الفرحِ والبشرِ في وجوهِ الناسِ الذي لا يُكلِّفُ الإنسانَ لا جهدًا ولا مالًا فعَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ» (مسلم)، ويثبتُ العلمُ الحديثُ أنَّ البشاشةَ في وجوهِ الآخرين يساعدُ في التقليلِ مِن هرمونِ التوترِ في الجسمِ، الأمرُ الذي ينعكسُ بصورةٍ إيجابيةٍ على صحةِ الجسمِ وحالتهِ النفسيةِ أيضًا، ويعززُ صحةَ الجهازِ المناعِي، ويعدلُ المزاجَ العامَّ للإنسانِ.

*تنفيسُ الكربِ عن الناسِ، وقضاءُ مصالِحِهم: إنَّ مساعدةَ الآخرين مِن الفقراءِ والمحتاجين، ومشاركتَهُم همومهِم وأحزانهِم، والتخفيفَ مِن آلامهِم ومصائبِهِم مِن أعظمِ أبوابِ الخيرِ على الإطلاقِ، ولعلَّ البعضَ قد يغفلُ عن مثلِ هذه الأعمالِ، وينشغلُ بغيرِهَا مٍن العباداتِ كالصلاةِ، ويتقاعسُ عن مساعدةِ غيرهِم، والسعيِ في مصالحِ المساكين، ويعتقدونَ أنَّها لا تعودُ عليهم بالنفعِ العظيمِ، لكن سيدنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيَّن أنَّ فعلَ ذلك يترتبُ عليه خيري الدنيا والآخرةِ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ» (متفق عليه) .

قالَ الإمامُ النوويُّ: (وَفِيهِ فَضْلُ قَضَاءِ حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ وَنَفْعِهِمْ بِمَا تَيَسَّرَ مِنْ عِلْمٍ أَوْ مَالٍ أَوْ مُعَاوَنَةٍ أَوْ إِشَارَةٍ بِمَصْلَحَةٍ أَوْ نَصِيحَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَفَضْلُ السِّتْرِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَفَضْلُ إِنْظَارِ الْمُعْسِرِ وَفَضْلُ الْمَشْيِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ الِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ بِشَرْطِ أَنْ يُقْصَدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ تعالى وان كَانَ هَذَا شَرْطًا فِي كُلِّ عِبَادَةٍ لَكِنَّ عَادَةَ الْعُلَمَاءِ يُقَيِّدُونَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِهِ لِكَوْنِهِ قَدْ يَتَسَاهَلُ فِيهِ بَعْضُ النَّاسِ وَيَغْفُلُ عَنْهُ بَعْضُ الْمُبْتَدِئِينِ) أ.ه المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج 17/ 21 .

بل بعضُ هذه الأفعالِ تعدلُ ثوابَ المجاهدِ في سبيلِ اللهِ تعالى – الذي قد يظنُّ البعضُ أنَّهُ مقصورٌ على شهيدِ المعركةِ فقط – فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ – وَأَحْسِبُهُ قَالَ – وَكَالْقَائِمِ لَا يَفْتُرُ، وَكَالصَّائِمِ لَا يُفْطِرُ» (متفق عليه)، وهذا رسولُنَا -صلَّى اللهُ عليه وسلم- بلغَ مِن خيرهِ العميمِ ونفعهِ للناسِ أنْ كان كما أخبرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ الذِّكْرَ، وَيُقِلُّ اللَّغْوَ، وَيُطِيلُ الصَّلَاةَ، وَيُقَصِّرُ الْخُطْبَةَ، وَلَا يَأْنَفُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَ الْأَرْمَلَةِ أَوِ الْمِسْكِينِ، فَيَقْضِيَ حَاجَتَهُ» (ابن حبان) .

ألا فليسارعْ الإنسانُ في تحصيلِ أبوابِ الخيرٍ، ولا يحرمُ نفسَهُ منها، فإنْ لم يستطعْ فعلى الأقلِّ يمسكُ لسانَهُ عن أذىَ الناسِ، ويحفظْ قلبَهُ عن أنْ يحملَ غلًّا أو حقدًا أو كراهيةً تجاهَ أحدٍ، ويمنعَ يدَهُ عن أنْ تتناولَ الحرامَ، وتأخذَ ما ليسَ لهَا فعَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ قِيلَ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ يَعْتَمِلُ بِيَدَيْهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ قَالَ قِيلَ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ؟ قَالَ: يُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ قَالَ قِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ؟ قَالَ: يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ أَوِ الْخَيْرِ قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قَالَ: يُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ» (متفق عليه) .

*بعضُ الأمورِ المباحةِ: لقد شملَ الخيرُ أيضًا الأعمالَ المباحةَ والمتعَ الخاصةَ إذا صاحبتهَا النيةُ الصالحةُ فتتحولُ لطاعةٍ وصدقةٍ على النفسِ فعَنْ أَبِي ذَرٍّ قال صلى الله عليه وسلم:«وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ:أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ» (مسلم)، ما أعظمَ هذا الدين! حتى العلاقةُ الخاصةُ بين الزوجينِ تكونُ عبادةً إذا نوى بها قضاءَ حقِّ الزوجةِ، ومعاشرتهَا بالمعروفِ، أو إعفافَ نفسهِ وزوجتهِ، ومنعهمَا مِن النظرِ إلى الحرامِ، أو الفكرِ فيهِ، أو طلبَ ولدًا صالحًا، أو غيرَ ذلك مِن المقاصدِ الصالحةِ، وفي الوقتِ ذاتهِ وسعَ دائرةَ الاستمتاعِ بالزوجةِ فقالَ ربُّنَا: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ﴾، ولم يقيدْهَا إلا ما وردَ النصُّ بتحريمهِ كوقتِ الحيضِ أو اتيانِهَا في دبرِهَا حسبمَا دلَّ عليهِ قولهُ:﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾، وقولُهُ صلَّى اللهُ عليه وسلم:«ملعونٌ مَن أتَى امرأتَهُ في دبرِهَا»(أبو داود).

*نفعُ الناسِ بتعليمِهِم الخيرَ، وتثقيفِهِم أمورَ دينِهِم: إَّن تقديمَ النَّفعِ للناسِ لا يُشترطُ فيهِ أنْ يكونَ ماديًّا وحسب، بل يَمتدُّ ليشملَ النفعَ المعنويَّ، كنشرِ العلمِ، وبذلِ النصحيةِ، وتقديمِ المشورةِ السليمةِ لمَن يستحق ومَن لا يستحق، فكلُّ خيرٍ يُمكنُ للمسلمِ أنْ يقدمَهُ للآخرين يدخلُ ضِمنَ نفعهِم قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخَيْرَ» (الترمذي وحسنه) .

إنَّ دلالةَ الناسِ على الخيرِ والسعيِ في نجاتِهِم مِن أسبابِ فلاحِ العبدِ في الدنيا والآخرةِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَوَاللهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ» (متفق عليه)، وصاحبُ هذا الخـُلـُقِ النبيلِ لا يُخزيه اللهُ، ولا يتركهُ، وسببٌ مِن أسبابِ نجاةِ العبدِ وسلامتهِ مِن الهلاكِ، فكم مِن إنسانٍ نجاهُ اللهُ مِن مواقفَ عصيبةٍ، وشدادٍ كئيبةٍ، بسببِ فعلهِ للخيرِ، وكم منَّا مَن حفظَ اللهُ عليه مالَهُ مِن الضياعِ والتلفِ بسببِ إحسانهِ، وكم منَّا مَن كشفَ اللهُ عنه ضرَّهُ، وعافاهُ مِن مرضهِ بسببِ نفعهِ للناسِ فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَنَائِعُ المَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ وَالآفَاتِ وَالُهَلَكَاتِ، وَأَهْلُ المَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ المَعْرُوفِ فِي الآخِرَةِ» (الحاكم) .

ألا فليحرصْ الإنسانُ ألا يردَّ مَن لجأَ إليهِ، وألا يكسرَ خاطرَ مَن احتمَى بهِ طالمَا في استطاعتهِ ولا يخالفُ الشرعَ ولا يتعارضُ مع القانونِ، وهذا مِن أخلاقِ نبيِّنَا فعَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ قال: «كَانَ رَسُولُ الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذَا جَاءَهُ السَّائِلُ، أَوْ طُلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ،  قال: اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، ويقْضِي الله عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا شَاءَ» (متفق عليه) .

لقد تخلَّقَ أولُو العزمِ مِن الرسلِ بخلُقِ خدمةِ الآخرين، وإسعادِ السائلين، فسيدُنَا موسى مع ابنتي الرجلِ الصالحِ في مدينَ حتى كافأَهُ اللهُ بزواجِ إحدى ابنتيهِ، ومنحَهُ النبوةَ، وهذا سيدُنَا عيسى عليه السلامُ يصفهُ ربُّنَا فيقولُ:﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَمَا كُنْتُ﴾، وسيدُنَا الحبيبُ محمدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلم كان لا يتأخرُ عن خدمةِ غيرهِ فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: هَلْ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَهُوَ قَاعِدٌ؟ قَالَتْ: «نَعَمْ، بَعْدَ مَا حَطَمَهُ النَّاسُ» أي بكثرةِ حوائجِهِم (متفق عليه) .

نسألُ اللهَ أنْ يجعلَ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، وأنْ يوفقَ ولاةً أُمورنَا لما فيه نفعُ البلادِ والعبادِ.

 

كتبه: د / محروس رمضان حفظي عبد العال

عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »