أخبار رياضيةأخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfشكاويعاجلمقالات وأراء

خطبة الجمعة القادمة 29 نوفمبر : الحياء خير كله ، للدكتور محروس حفظي 

بتاريخ 27 جمادي الأولي 1446هـ ، الموافق 29 نوفمبر 2024م

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 29 نوفمبر 2024 م بعنوان : الحياء خير كله ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 27 جمادي الأولي 1446هـ ، الموافق 29 نوفمبر 2024م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 29 نوفمبر 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : الحياء خير كله.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 29 نوفمبر 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : الحياء خير كله ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 29 نوفمبر 2024 م بعنوان : الحياء خير كله ، للدكتور محروس حفظي :

 

(1) مشروعيةُ الحياءِ والغيرةِ في الإسلامِ.

(2) صورُ الحياءِ ومجالاتُهُ في الحياةِ.

(3) مفاهيمٌ مغلوطةٌ عن “خُلقِ الحياءِ”.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 29 نوفمبر 2024 م بعنوان : الحياء خير كله ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي: 

 

 «الحياءُ خيرٌ كلُّهُ»

بتاريخ 27 جمادى الأولى 1445 هـ = الموافق 29 نوفمبر 2024 م

 

الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويُكافىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ، أمَّا بعدُ ،،،

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 29 نوفمبر : الحياء خير كله

(1) مشروعيةُ الحياءِ والغيرةِ في الإسلامِ:

الحياءُ أحدُ الفروعِ في شجرةِ الإيمانِ العظيمةِ التي جاءَ بهَا الإسلامُ، والحياءُ في حقيقتِهِ هو انقباضُ النفسِ مِن شيءٍ، وتركهُ حذرًا مِن اللومِ فيهِ، وهو خُلقٌ يبعثُ على اجتنابِ القبائحِ، والتخلِّي عن الرذائلِ، ويمنعُ صاحبَهُ مِن التقصيرِ في حقِّ ذي الحقِّ، وعلى ذلك فالذي يتخلَّقُ بخُلقِ الحياءِ تراهُ يبتعدُ كلَّ البعدِ عن المعايبِ، ولا يبدرُ منهُ القبيحُ، والحياءُ صفةٌ مِن صفاتِ اللهِ – تعالى- التي تليقُ بجلالِهِ، فعَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ رَبَّكُمْ حَيِيٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ، أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا» (أبو داود)، وهو سمةُ الخيرِ، وكفَى بالحياءِ خيرًا أنْ يكونَ على الخيرِ دليلاً، فعَن عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ» قَالَ: أَوْ قَالَ: «الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ» (مسلم)، فبهِ تُصانُ الحقوقُ، وتُحفظُ الدماءُ، وتُؤدَّى الأماناتُ، وذلك لقيامِ كلِّ فردٍ مِن أفرادِ المجتمعِ تجاهَ إخوانِهِ وجيرانِهِ وواجباتِهِ بمَا يُملِي عليهِ دينُهُ وأخلاقُهُ، يقولُ أبُو حاتمٍ: «إنَّ المرءَ إذا اشتدَّ حياؤهُ صانَ عرضَهُ، ودفنَ مساويَهُ، ونشرَ محاسنَهُ، ومَن ذهبَ حياؤهُ ذهبَ سرورُهُ، ومَن ذهبَ سرورُهُ هانَ على الناسِ ومُقِتَ، ومَن مُقِتَ أُوذِيَ، ومَن أُوذِيَ حزنَ، ومَن حزنَ فقَدَ عقلَهُ، ومِن أصيبَ في عقلِهِ كان أكثرُ قولِهِ عليهِ لا لَهُ، ولا دواءَ لِمَن لا حياءَ لهُ، ولا حياءَ لِمَن لا وفاءَ لهُ، ولا وفاءَ لِمَن لا إخاءَ لهُ، ومَن قلَّ حياؤهُ صنعَ ما شاءَ، وقالَ ما أحبَّ» أ.ه.

فليعلمَ المؤمنُ أنَّ الحياءَ خُلُقٌ يحبُّهُ اللهُ – عزَّ وجلَّ-، وليحرصَ عليهِ بكلِّ ما أُوتِيَ مِن قوةٍ، ومهمَا واجهَ مِن مغرياتٍ وتقلباتٍ، فهو يكسُو المرءَ هيبةً ووقارًا، وكرامةً وعزًّا، قَالَ أَشَجُّ بْنُ عَصَرٍ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ فِيكَ خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ»، قُلْتُ: مَا هُمَا؟ قَالَ: «الْحِلْمُ، وَالْحَيَاءُ» قُلْتُ: أَقَدِيمًا كَانَ فِيَّ أَمْ حَدِيثًا؟ قَالَ: «بَلْ قَدِيمًا» قُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا (أحمد)، بل هو عنوان خُلُق الإسلام فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَإِنَّ خُلُقَ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ» (ابن ماجه) .

قد يسولُ الشيطانُ للمؤمنِ أنَّ الحياءَ عيبٌ وشينٌ، وأنّهُ سمةُ الضعفاءِ، وأنَّ الإنسانَ لن يُحترمَ ويُهابَ في أعينِ الخلقِ إلّا إذا كان فاحشاً، سليطَ اللسانِ لكنْ نبيُّنَا ﷺ بيَّنَ أنَّ خلقَ الحياءِ إنّمَا هو بابٌ مِن أبوابِ كمالِ الإيمانِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ – أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ – شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ» (مسلم)؛ لأنَّ الحياءَ يمنعُ صاحبَهُ مِن ارتكابِ المعاصِى كما يمنعُ الإيمان، فعن ابنِ عمرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الحَيَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «دَعْهُ فَإِنَّ الحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ» (متفق عليه) .

إنَّ نقيضَ الحياءِ البذاء، والبذاءُ فحشٌ في القولِ والفعلِ، وجفاءٌ في الكلامِ، والمسلمُ لا يكونُ فاحشًا ولا متفحشًا، ولا غليظًا ولا جافيًا؛ لأنَّ هذه صفاتُ أهلِ النارِ، فلا يكونُ مِن أخلاقِهِ البذاءُ ولا الجفاءُ، فعَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ، وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ» (ابن ماجه)، وكفَى بالبذاءِ شرَّا أنْ يكونَ إلى الشرِّ سبيلاً، وليسَ لِمَن سُلِبَ الحياءُ صادٌّ عن قبيحٍ ولا زاجرٌ عن محظورٍ فهو يُقدِمُ على ما يشاءُ، ويأتِي ما يهوَى، ولعلَّ معظمَ المشكلاتِ الاجتماعيةِ في هذا العصرِ ناتجةٌ عن ذهابِ الحياءِ، فقد يُهتَكُ ستارُ الحياءِ، وتُستباحُ الحرماتُ بحجةِ التمدّنِ والتحضرِ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ، إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» (البخاري)، وللهِ درُّ الشاعرِ:

إذا لم تخشَ عاقبةَ الليالِي

 

ولم تستحِ فاصنعْ ما تشاءُ

فلا واللهِ، ما في العيشِ خيرٌ

 

ولا الدنيا إذا ذهبَ الحياءُ

يعيشُ المرءُ ما استحيَا بخيرٍ

 

ويبقَى العودُ ما بقيَ اللحاءُ

إنَّ المؤمنَ عليهِ أنْ يتحلَّى بالغيرةِ المحمودةِ على نفسِهِ وأولادِهِ وأهلِهِ؛ لأنَّ اللهَ سائلُهُ عن ذلكَ لا محالةَ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ ﷺ:«إِنَّ اللهَ يَغَارُ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ» (متفق عليه)، فالمؤمنُ الذي يغارُ في محلِّ الغيرةِ قد وافقَ ربَّهُ – عزَّ وجلَّ- في صفةٍ مِن صفاتِهِ، ومَن وافقَهُ في صفةٍ منهَا قادتهُ تلكَ الصفةُ بزمامِهِ، وأدخلتْهُ عليهِ، وأدنتْهُ منهُ، وقربتْهُ مِن رحمتِهِ.

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 29 نوفمبر : الحياء خير كله

(2) صورُ الحياءِ ومجالاتُهُ في الحياةِ: للحياءِ في الإسلامِ صورٌ ومجالاتٌ عديدةٌ، أذكرُ منهَا:

أولاً: الحياءُ مِن اللهِ – عزَّ وجلَّ-: المسلمُ كما يستحِي مِن الخَلْقِ، فلا يكشفُ لهُم عورةً، ولا يقصرُ في حقٍّ وجبَ لهُم عليهِ، ولا ينكرُ معروفًا، أسدوهُ إليهِ، لا يخاطبُهُم بسوءٍ ولا يجابهُهُم بمكروهٍ، فهو يستحِي مِن الخالقِ فلا يقصرُ في طاعتِهِ، ولا في شكرِ نعمتِهِ، وذلك لِمَا يرَى مِن قدرتِهِ عليهِ، وعلمهِ بهِ، فعن بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ» (البخاري)، وعن سعيدِ بنِ يزيدِ الأزدِي أنَّهُ قالَ للنبيِّ ﷺ: أوصنِي، قال: أوصيكَ أنْ تستحيَ مِن اللهِ كما تستحِي مِن الرجلِ الصالحِ مِن قومِكَ» (الطبراني)، فالحياءُ مِن اللهِ يكونُ بمقابلةِ نِعَمِهِ بالشُّكْرِ، وأوامرهِ بالامتِثالِ، ونواهيهِ بالاجتنابِ، فاللهُ يرَى العبدَ، ويسمعُ نجواه، ومَن لا يعرف اللهَ فكيفَ يعظمُهُ؟! قالَ تعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرَى﴾، وقولهُ: ﴿إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾، تنبيهٌ على أنَّ العبدَ إذا علمَ أنَّ ربَّهُ يراهُ استحيَا مِن ارتكابِ الذنبِ، فعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الحَيَاءِ»، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ: «لَيْسَ ذَاكَ، وَلَكِنَّ الِاسْتِحْيَاءَ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَلْتَذْكُرِ المَوْتَ وَالبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الحَيَاءِ» (الترمذي).

إنَّ غيابَ الحياءِ مِن اللهِ قد يهلكُ العبدَ لا محالةَ، قالَ سبحانَهُ متوعداً ومهدداً: ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾، وعَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ، أَنَّهُ قَالَ: «لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ هَبَاءً مَنْثُورًا»، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ: «أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا» (ابن ماجه)،

ثانياً: الحياءُ مِن الخلقِ: الحياءُ مِن النَّاسِ دليلٌ على مروءةِ الإنسانِ، فالمؤمنُ يستحِي أنْ يُؤذِي الآخرينً سواءً بلسانِهِ أو بيدِهِ، فلا يقولُ القبيحَ ولا يتلفَّظُ بالسُّوءِ، ولا يطعنُ أو يغتابُ أو ينمُّ على الآخرين، وكذلكَ يستحِي مِن أنْ تنكشفَ عوراتُهُ فيطَّلِعَ عليهَا النَّاسُ، فعَنْ يَعْلَى بنِ أُمَيَّةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَأَى رَجُلًا يَغْتَسِلُ بِالْبَرَازِ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ حَلِيمٌ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ» (سنن النسائي)، والحياءُ مِن النَّاسِ أيضاً يكونُ بِحِفْظِ ماءِ الوجْهِ لهُم، ولا يتمُّ ذلك إلَّا بكفِّ الأذَى عنهُم، وترْكِ ما يُغضِبهُم أو يزعِجهُم، وَتَرْكِ الْمُجَاهَرَةِ بِالْقَبِيحِ، قال أحدُ الحكماءِ: “مَن كساهُ الحياءُ ثوبَهُ لم يرَ الناسُ عيبَهُ” .

فلنوقنْ أنَّ الحياءَ يكونُ في المِحنةِ تسليمًا وصبرًا، وفي القضاءِ إنصافًا وعدلاً، ومع الوالدينِ والأرحامِ صلةً وبرًّا، وفي معاملةِ الضعفاءِ والمحتاجينَ يكونُ الحياءُ عطفًا ورحمةً ورفقًا، ويكونُ الحياءُ في الوظيفةِ وتقلدِ المناصبِ وتحملِ المسؤولياتِ أمانةً ورعايةً، وخوفًا وخشيةً مِن التقصيرِ والتفريطِ.

لقد ضجتْ الشكوَى مِن انعدامِ الحياءِ في حياتِنَا، فالولدُ لا يستحِي أنْ يتشبَّهَ بالمرأةِ في لباسِهِ وكلامِهِ .. إلخ، اللهُ أرادَ للرجالِ أنْ تكونَ لهُم طبيعةٌ خاصةٌ نابعةٌ مِن رجولتِهِم، بينمَا الأنوثةُ هي طبيعةُ النساءِ، ولذلكَ فإنّ تَشبُّهَ كلٍّ مِن الجنسينِ بالآخرِ في اللباسِ والمظهرِ أو الكلامِ أو الحركةِ يُعتبرُ مخالفًا لِمَا طبعَ اللهُ عليهِ كلاً منهما، وشرُّ ما تُبتلَى بهِ الإنسانيةُ هو الانسلاخُ عن الفطرةِ، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«لَعَنَ النَّبِيُّ ﷺ المُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالمُتَرَجِّلاَتِ مِنَ النِّسَاءِ» (البخاري) .

إنَّ غيابَ الحياءِ يدمرُ الأخلاقَ، وتُرتكَبُ الفواحشُ والموبقاتُ، وتُنتهَكُ القيمُ المجتمعيةُ، فإذَا سُلِبَ مِن العبدِ لم يبقَ لهُ ما يمنَعُهُ مِن ارتِكابِ القبائحِ، لذا كان الحياءُ مقروناً بالإيمانِ وملازماً للمؤمنِ كظلِّهِ، فإذا رُفِعَ أحدُهُمَا رُفِعَ الآخرُ، فعن ابنِ عمرُ قال: قالَ النبيُّ ﷺ: «الْحَيَاءَ وَالْإِيمَانَ قُرِنَا جَمِيعًا، فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا رُفِعَ الْآخَرُ» (الحاكم وصححه)، وقالَ سليمانُ بنُ عبدِ الملكِ: “إذَا أرادَ اللهُ بعبدٍ هلاكًا نزعَ منهُ الحياء، وإذا ضَعفَ الحياءُ هانتْ الذنوبُ والمعاصِي” أ.ه.

ثالثًا: حياءُ العبدِ مِن نفسِهِ: أنْ تُشوَّهَ سُمعتُهُ، وتسيءَ سيرتُهُ بينَ الخلقِ، فهذا هو النبيُّ ﷺ لَمَّا خرجَ ليلًا؛ لِيوصِلَ إحدَى زوجاتِهِ إلى دارِهَا، فمرَّ بهِ رجلانِ فأسرعَا، فناداهُمَا قائلًا ﷺ:«عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ» فَقَالَا: سُبْحَانَ اللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَرًّا» أَوْ قَالَ «شَيْئًا» (متفق عليه).

ويستحِي المؤمنُ أيضاً مِن ارتكابِ الفواحشِ والكبائرِ، فهذا يوسفُ – عليهِ السلامُ- لمَّا دعتهُ امرأةُ العزيزِ وغلَّقتْ الأبوابَ: ﴿غَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ .

وأسوةُ المسلمِ في هذا الخُلقِ الفاضلِ – أعنِي: الحياءَ- سيّدُ الأولينَ والآخرينَ؛ إذ مِن أخصِّ صفاتِ نبيِّنَا ﷺ، فعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ «أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ» (متفق عليه)، وللهِ درُّ القائلِ:

وربَّ قبيحةٍ ما حالَ بينِي …  وبينَ ركوبِهَا إلّا الحياء

فكانَ هو الدواءُ لهَا، ولكِن … إذا ذهبِ الحياءُ فلا دواءُ

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 29 نوفمبر : الحياء خير كله

(3) مفاهيمٌ مغلوطةٌ عن “خُلقِ الحياءِ”:

ثمةَ سلوكياتٍ يجبُ أنْ نستحضرهَا هنَا، ونصححَهَا، ونحن نتحدثُ عن الحياءِ، منهَا:

أولاً: ليسَ مِن أثرِ الحياءِ قعودُكَ عن صدِّ مَن يؤذيكَ ويهينُكَ، ولا عدمُ مطالبتِكَ بحقٍ أنتَ في حاجةٍ إليهِ، ولا ترككَ السؤالَ لأستاذِكَ عن مسألةِ خفيتْ عليكَ، أو ترَى فيهَا غيرَ ما يرَى، خجلاً منهُ أو مِن أصدقائِكَ أو خشيةَ أنْ تكونَ مخطئاً في رأيكَ، ولا ترككَ القولَ في مجلسٍ رفعَ الباطلُ فيهِ أو الخطأُ رأسَهُ، وأنتَ بالحقِّ والصوابِ عليمٌ، كلُّ ذلكَ وأشباهُهُ ليسَ مِن أثرِ الحياءِ المحمودِ، إنّمَا ذلك أثرُ العجزِ والمهانةِ، والجبنِ والحقارةِ قالَ تعالَى: ﴿إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ﴾، وفي هذا يقولُ الإمامُ ابنُ حجرٍ: (أنَّ المرادَ بالحياءِ في هذه الأحاديثِ ما يكونُ شرعيّاً، والحياءُ الذي ينشأُ عنهُ الإخلالُ بالحقوقِ ليس حياءً شرعياً بل هو عجزٌ ومهانةٌ، وإنَّمَا يطلقُ عليهِ حياءٌ لمشابهتِهِ للحياءِ الشرعِي) أ.ه.

ثانياً: ليسَ مِن الحياءِ الامتناعُ عن سؤالِ ما يخصُّ المسلمُ مِن أمورِ دينِهِ: قَالَتْ عَائِشَةُ: «نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ» (متفق عليه)، فلم يمنعْ الحياءُ أمَّ سليمٍ الأنصارية أنْ تسألَ رسولَ اللهِ ﷺ فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ أَمُّ سُلَيْمٍ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ اللهِ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ» فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَتَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ؟ فَقَالَ: «تَرِبَتْ يَدَاكِ، فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا» (متفق عليه)، ولم يمنعْهُ ﷺ الحياءُ أنْ يردَّ عليهَا فيمَا سألتْ؛ لأنَّ الامتناعَ عن البيانِ وقتَ الحاجةِ مُحالٌ أنْ يصدرَ منهُ ﷺ.

ثالثاً: ليسَ مِن الحياءِ أنْ ترفعَ المرأةُ صوتَهَا على غيرِهَا بحجةِ أنَّ الإسلامَ أعطَى لهَا الحقَّ في التعبيرِ عن رأيهَا دونَ قيدٍ أو شرطٍ، فالمرأةُ جُبِلَتْ على الحياءِ، وبهِ زينتُهَا وجمالُهَا، وهو لهَا حِصنٌ وأمانٌ، فقد خلَّدَ القرآنُ الكريمُ ذكرَ امرأةٍ مِن أهلِ خُلقِ الحياءِ، كما قالَ اللهُ تعالى عنها: ﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾، فهذهِ الآيةُ تدلُّ على حياءِ تلك المرأةِ مِن وجهينِ: الأولُ: جاءتْ إليهِ تمشِي على استحياءٍ بلا تبذلٍ ولا تبجحٍ، ولا إغواءٍ. الثاني: كلماتُهَا التي خاطبتْ بهَا موسَى عليهِ السلامُ؛ إذ أبانتْ مرادَهَا بعبارةٍ قصيرةٍ واضحةٍ في مدلولِهَا مِن غيرِ أنْ تسترسلَ في الحديثِ والحوارِ معهُ.

تابع / خطبة الجمعة القادمة 29 نوفمبر : الحياء خير كله

هذا، وقد ضربتْ الصدّيقةُ عائشةُ رضي اللهُ عنهَا قد بلغَ بهَا الحياءُ أنْ تحتَشِمَ في حُجرتِهَا؛ حياءً مِن سيدِنَا عُمرَ- رضي اللهُ عنهُ – بعدَ دفنِهِ قَالَتْ: «كُنْتُ أَدْخُلُ بَيْتِي الَّذِي دُفِنَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ، وَأَبِي فَأَضَعُ ثَوْبِي، وَأَقُولُ إِنَّمَا هُوَ زَوْجِي وَأَبِي، فَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ مَعَهُمْ فَوَاللَّهِ مَا دَخَلْتُهُ إِلَّا وَأَنَا مَشْدُودَةٌ عَلَيَّ ثِيَابِي، حَيَاءً مِنْ عُمَرَ» (أحمد) .

رابعاً: ليسَ مِن الحياءِ أنْ نجاهرَ بالمعاصِي، ونتجرأَ على محارمِ اللهِ بدعوَى “الحريةِ الشخصيةِ”، فهذا العملُ لا يغفرُهُ اللهُ؛ لأنَّهُ يغفرُ للمذنبينَ إلَّا المجاهرينَ بمعاصيهِم؛ لفقدِهِم الحياءَ، يسترُهُم اللهُ فيفضحونَ أنفسَهُم، فعن أبي هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: “كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا المُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلاَنُ عَمِلْتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ” (البخاري) .

إذا سقطَ جدارُ الحياءِ رأيتَ صورًا متعددةً لفسادِ الذمِمِ، وخرابِ الضمائرِ في حياةِ البعضِ اليومَ مِن المجاهرةِ بالمعاصِي فتجدُ الذي يتحدثُ عن بطولاتِهِ في التسكعِ في الشوارعِ، ومضايقةِ النساءِ، وتجدُ ابنًا يتجرأُ على والديهِ بالضربِ والقتلِ، أيُّ تعاسةٍ وصلَ إليهَا هذا الإنسانُ؟!، والذي يفتخرُ بذكائِهِ في جمعِ الأموالِ مِن السرقةِ والاختلاسِ، ولا يحافظُ على الأماناتِ التي تحتَ يديهِ لا يُبالِي بالطريقةِ التي يكسبُ فيهَا؛ لأنَّهُ فقدَ الحياءَ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، لاَ يُبَالِي المَرْءُ مَا أَخَذَ مِنْهُ، أَمِنَ الحَلاَلِ أَمْ مِنَ الحَرَامِ» (البخاري) .

خامساً: ليسَ مِن الحياءِ إفشاءُ أسرارِ الزوجيةِ للقاصِي والدانِي، قالَ النبيُّ ﷺ: «هَلْ مِنْكُمُ الرَّجُلُ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ فَأَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ وَأَلْقَى عَلَيْهِ سِتْرَهُ وَاسْتَتَرَ بِسِتْرِ اللَّهِ» قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «ثُمَّ يَجْلِسُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَقُولُ فَعَلْتُ كَذَا فَعَلْتُ كَذَا» قَالَ: فَسَكَتُوا، قَالَ فَأَقْبَلَ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ: «هَلْ مِنْكُنَّ مَنْ تُحَدِّثُ؟» فَسَكَتْنَ … فَقَالَتْ امرأةٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ لَيَتَحَدَّثُونَ، وَإِنَّهُنَّ لَيَتَحَدَّثْنَهُ، فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا مَثَلُ ذَلِكَ؟» فَقَالَ: «إِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ شَيْطَانَةٍ، لَقِيَتْ شَيْطَانًا فِي السِّكَّةِ فَقَضَى مِنْهَا حَاجَتَهُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ» (أبو داود)، فلنحذرْ مِن ذلكَ؛ لأنّهُ باتَ هذا الأمرُ مِن أعظمِ أسبابِ خرابِ البيوتِ، وتفككِ الأسرِ.

الخلاصةُ: أخِي الحبيب: الحياءُ خُلقٌ مِن الأخلاقِ النبيلةِ التي نادتْ بهَا كلُّ الرسالاتِ، وجاءَ الإسلامُ فأكَّدَ عليهَا، بل إنَّ الحياءَ كانَ مِن أبرزِ الأخلاقِ التي تخلَّقَ بهَا الرسلُ جميعًا لا سيّمَا سيِّدِ الخلقِ، وأشرفِ الرسلِ سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ، والذي عُرفَ عنهُ بأنّهُ كان أشدَّ حياءً مِن العذراءِ في خُدرِهَا ﷺ، وتردّدُهُ ﷺ ليلةِ المِعراجِ بينَ مُوسَى- عليهِ السلامُ- وربِّهِ، يسألُهُ التخفيفَ في الصلاةِ حتى قالَ: «قد استَحيَيتُ مِن ربِّي» (متفق عليه) .

تابع / خطبة الجمعة القادمة 29 نوفمبر : الحياء خير كله

وهو خُلُقُ الأنبياءِ الأصفياءِ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلًا حَيِيًّا سِتِّيرًا، لاَ يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ …” (البخاري)، واتَّصَفَ بهِ الملائكةُ الكِرامُ، فقد قالَ النبيُّ ﷺ في عثمانَ رضي اللهُ عنهُ: «أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ» (مسلم)، فكنْ على حذرٍ ألّا يرونَكَ على معصيةٍ، أو فعلِ سيئةٍ ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ .

ولكَ أنْ تتصورَ أنَّ الحياءَ مِن الأخلاقِ التي كانتْ تُعرَفُ في الجاهليةِ، ففِي قصةِ أبِي سفيانَ رضي اللهُ عنهُ عندمَا كان على الإشراكِ مع هرقل عندمَا سألَهُ عن النبيِّ ﷺ، فلمَّا انتهَى الكلامُ بينهُمَا قالَ أبو سفيانَ مقولَتَهُ الشهيرةَ: «فَوَاللَّهِ لَوْلَا الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ» (البخاري) .

لا شكَّ أنَّ الحياءَ أبهَى زينةً يتزيَّنُ بهَا المؤمنُ في زمنٍ كثرتْ فيهِ الفتنُ، وعظمتْ فيهِ المغرياتُ، فعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا كَانَ الفُحْشُ فِي شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ، وَمَا كَانَ الحَيَاءُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ» (الترمذي) .

فمَا أجملَ أنْ يكونَ لنَا مِن الحياءِ سياجٌ يحفظُ علينَا نورَ الإيمانِ، ويلبسنَا ثوبَ التقَى والعفاف، ونكونَ بهِ بينَ الناسِ مبعثَ نورٍ، ومصدرَ برٍّ، ومنارَ هدًى، تتميزُ بهِ شخصيتُنَا، وتظهرُ مِن خلالِهِ ملامحُ عزتِنَا وكرامتِنَا.

نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا حسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنّهُ أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، وأنْ يجعلَ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمناً أماناً، سلماً سلاماً وسائرَ بلادِ العالمينَ، ووفقْ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.

                                          كتبه: الفقير إلى عفو ربه الحنان المنان

                                          د / محروس رمضان حفظي عبد العال

                        مدرس التفسير وعلوم القرآن – كلية أصول الدين والدعوة – أسيوط

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »
error: Content is protected !!