خطبة الجمعة القادمة 24 يونيو 2022م : أخلاق الحبيب المصطفى ، للدكتور محروس حفظي
خطبة الجمعة القادمة
خطبة الجمعة القادمة 24 يونيو 2022م : أخلاق الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ: 24 ذو القعدة 1443هـ – الموافق 24 يونيو 2022م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 يونيو 2022م ، للدكتور محروس حفظي : أخلاق الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم).
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 يونيو 2022م ، للدكتور محروس حفظي : أخلاق الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 يونيو 2022م ، للدكتور محروس حفظي : أخلاق الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) ، بصيغة pdf أضغط هنا.
___________________________________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
عناصر خطبة الجمعة القادمة: أخلاق الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:
(1) جَمَعَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المحامدَ كلَّهَا .
(2) جانبٌ مِن أخلاقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة أخلاق الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:
الحمدُ للهِ حمدًا يُوافي نعمَهُ، ويُكافىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أمَّا بعدُ ،،،
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة
(1) جَمَعَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المحامدَ كلَّهَا:
المستقرءُ لسيرةِ سيدِنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجدُ أنُّه حازَ الفضائلَ كلَّهَا، وجمعَ الأخلاقَ جميعَهَا، بل كانتْ أخلاقُهُ لا نظيرَ لهُ فيها ولا مثيلَ، شَهدَ لهُ بذلك ربُّهُ، فقالَ: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾، وكذا مَن عاشَرَهُ وخالطَهُ وجالسَهُ فعَنْ أَنَسِ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو عُمَيْرٍ، قَالَ: أَحْسِبُهُ، قَالَ: كَانَ فَطِيمًا، قَالَ: فَكَانَ إِذَا جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَآهُ، قَالَ: أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ قَالَ: فَكَانَ يَلْعَبُ بِهِ» (متفق عليه)، بل حتى خصومُهُ لم يجرؤوا أنْ يتهمُوه بمَا يذمُّهُ أو يقدحَ في أخلاقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد صحَّ أنَّ ملكَ الرومَ هِرقلَ قال لأبي سُفيان قبلَ إسلامهِ وَسَأَلْتُكَ:«هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ، فَزَعَمْتَ: أَنْ لاَ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ» (متفق عليه) .
إنَّ تتميمَ مكارمِ الأخلاقِ مِن مقاصدِ بعثتهِ العظيمةِ، وإرساله للناسِ هُدىً ورحمة ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ» (الأدب المفرد، وسنده صحيح) .
لقد كانتْ أخلاقُهُ تجسيدًا عمليًا لما جاءَ في القرآنِ الكريمِ فعَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَخْبِرِينِي بِخُلُقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: «كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ، أَمَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} قُلْتُ: فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَبَتَّلَ، قَالَتْ: لَا تَفْعَلْ، أَمَا تَقْرَأُ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ} حَسَنَةٌ؟ فَقَدْ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ وُلِدَ لَهُ» (أحمد، وإسناده صحيح)، وتعنِي ــ رضي اللهُ عنها ــ بذلك: أنَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يتأدبُ بمَا جاءَ في القرآنِ مِن آدابٍ طيِّبةٍ، ويتخلَّقُ بِما ذُكِرَ فيهِ مِن أخلاقٍ عاليةٍ، ويَعملُ بما جاءَ فيهِ مِن مكارمٍ وصفاتٍ طيِّبةٍ جليلةٍ، ترفعهُ في الدنيا والآخرةِ، وأصابَ الباحثُ الأرجنتينيُ دُون بايرُون في مؤلفهِ: «أتحْ لنفسِكَ فرصةً» حيثُ قال: “اتفقَ المؤرخونَ على أنَّ محمدَ بنَ عبدِ اللهِ كان ممتازًا بينَ قومهِ بأخلاقٍ حميدةٍ مِن صدقِ الحديثِ والأمانةِ والكرمِ وحسنِ الشمائلِ والتواضعِ حتى سمَّاهُ أهلُ بلدهِ الأمين، وكان مِن شدةِ ثقتهِم بهِ وبأمانتهِ يودعونَ عندَهُ ودائعَهّم وأماناتِهِم، وكان لا يشربُ الأشربةَ المسكرةَ، ولا يحضرُ للأوثانِ عيدًا ولا احتفالًا، وكان يعيشُ مما يدرهُ عليه عملهُ من خير” أ.ه .
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة
(2) جانبٌ مِن أخلاقهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
*العفو والتسامحُ عن المسيئين: لقد بالغَ قومُهُ في إيذائهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم مبلغًا عظيمًا ماديًّا وجسديًّا ونفسيًا … الخ، ومع ذلك ضربَ أروعَ الأمثلةِ في الصفحِ عنهم يومَ فتحِ مكةَ امتثالًا لقولِ اللهِ: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ﴾ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {خُذِ الْعَفْوَ} قَالَ: «أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْخُذَ الْعَفْوَ فِي أَخْلَاقِ النَّاسِ» (الحاكم وصححه ووافقه الذهبي) .
وها هو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في موقفٍ آخر يكظمُ غيظَهُ، وهو قادرٌ على أنْ ينفذَهُ، بل يعاملُ مَن أمامَهُ بالبشرِ والحبورِ رغمَ سوءِ معاملتهِ، وفضاضةِ طبعهِ فعن أنسِ بنِ مالكٍ، قال: «كنتُ أمشِي مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم وعليه بردٌ نجرانيٌّ غليظُ الحاشيةِ»، فأدركَهُ أعرابيٌّ فجبذَ بردائهِ جبذةً شديدةً، قال أنسُ: «فنظرتُ إلى صفحةِ عاتقِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلم، وقد أثرتْ بها حاشيةُ الرداءِ مِن شدةِ جبذتهِ»، ثم قال: يا محمدٌ مُرْ لِي مِن مالِ اللهِ الذي عندك، «فالتفتَ إليهِ فضحك َثم أمرَ لهُ بعطاء» (البخاري) .
وقد تخلقَ أصحابُهُ بهذا الخلقِ وطبقوهُ عمليًّا فيمَا بينهُم، فهذا أبو بكرٍ رضي اللهُ عنهُ يعفُو عن مسطحِ بنِ أثاثةَ الذي خاضَ مع مَن خاضَ في حادثِ الإفكِ، «وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ: وَاللهِ لَا أُنْفِقُ عَلَيْهِ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ فَأَنْزَلَ اللهُ: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾، قَالَ حِبَّانُ بْنُ مُوسَى: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: هَذِهِ أَرْجَى آيَةٍ فِي كِتَابِ اللهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللهِ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: لَا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا»
ألَا ما أحوجَنَا إلى هذا الخلقِ النبيلِ حيثُ أصبحتْ أمراضُ الاكتئابِ والقلقِ والتوترِ هي سمةُ العصرِ، وقد كشفتْ دراسةٌ حديثةٌ أنَّ الأشخاصَ الأكثرَ تسامحًا يتمتعونَ بصحةٍ أفضل وعمرٍ أطول مِن غيرِهِم الذين يفضلونَ ردَّ الأذَى بمثلهِ، ولا يميلونَ للعفوِ عن مَن أساءَ إليهِم، وأكدتْ الدراسةُ أنَّ النصائحَ الإيمانيةَ التي وردتْ في الآياتِ القرآنيةِ والأحاديثِ النبويةِ تقوِّي جهازَ المناعةِ، ويقللُ إفرازَ هرمون التوترِ الذي يسببُ ضغطَ الدمِ والسكرِ والأزماتِ القلبيةِ واضطراباتِ الجهازِ الهضمِي والقولونِ العصبِي .
وقد يظنُّ البعضُ أنَّ التسامحَ والعفوَ دليلٌ على ضعفِ الشخصيةِ، أو الرضَا بالإهانةِ والاستكانةِ، لكنَّ الفطنَ اللبيبَ يدركُ أنهمَا سمةٌ مِن سماتِ المؤمنِ القوي، ونبلِ أخلاقهِ، ومِن دواعِي العزِّ والفخرِ فعن أَبي كَبْشَةَ الأَنَّمَارِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «ثَلَاثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ» قَالَ: «مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ، وَلَا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلِمَةً فَصَبَرَ عَلَيْهَا إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا، وَلَا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا» (الترمذي، وأحمد)، وصدقَ الحريريُّ حيثُ قالُ:
فسامحْ أخاكَ إذا خلطْ … منهُ الإصابةَ بالغلطْ
وتجافَ عن تعنيفهِ … إنْ زاغَ يومًا أو قسًطْ
واعلمْ بأنَّك إنْ طلبتَ … مهذبًا رُمْتَ الشططْ
ولو انتقدتَ بنِي الزمان … وجدتَ أكثرَهُم سقطْ
مَن ذا الذي ما ساءَ قطٌّ … ومَن لهُ الحُسنى فقطْ
*الجودُ والكرمُ: لقدضربَ رسولُنَا صلَّى اللهُ عليه وسلم أروعَ الأمثلةِ في الجودِ والكرمِ، فكانَ أجودَ الناسِ، حيثُ يُعطي بسخاءٍ مِن غيرِ أنْ يخشَى الفقرَ، وقد ربَّى الصحابةَ – رضي اللهُ عنهم- على هذا الخلقِ فعن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم: «لو كانَ لِي مثلُ أحدٍ ذهبًا ما يَسُرنِي أنْ لا يمرَّ عليَّ ثلاثٌ، وعندِي منه شيءٌ إلّا شيءٌ أُرصدُهُ لِدَيْنٍ» (البخاري) .
فحريٌّ بالمسلمِ أنْ يتخلقَ بهذا الخلقِ خاصةً في ظلِّ وجودِ الأزماتِ، وعندَ اشتدادِ الكرباتِ على بنِي الإنسانِ، إذ هذا يفتحُ له بابَ خيرٍ عظيمٍ، ويجمعُ القلوبَ، ويؤلفُ النفوسَ فعن أنسٍ: «مَا سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِسْلَامِ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ، قَالَ: فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا، فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءً لَا يَخْشَى الْفَاقَةَ» (مسلم) .
*تذكيرُ الأحياءِ بخُلقِ الحياءِ: الحياءُ يحملُ صاحبَهُ على تجنبِ القبائحِ والرذائلِ، ويأخذُ بيدهِ إلى فعلِ المحاسنِ والفضائلِ، لذا كان مِن أخصِّ صفاتِ رسولِنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعن أبي سَعِيدٍ قال:«كَانَ رَسُولُ اللهِ أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ» (متفق عليه) .
ومِن المواقفِ التي دلّتْ على حيائهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم ما جاءَ في قصةِ زواجهِ مِن زينبَ بنتِ جحشٍ عَنْ أَنَسِ قَالَ: «تَزَوَّجَ رَسُولُ اللهِ فَدَخَلَ بِأَهْلِهِ، قَالَ: فَصَنَعَتْ أُمِّي أُمُّ سُلَيْمٍ حَيْسًا، فَجَعَلَتْهُ فِي تَوْرٍ، فَقَالَتْ: يَا أَنَسُ، اذْهَبْ بِهَذَا إِلَى رَسُولِ اللهِ فَقُلْ: بَعَثَتْ بِهَذَا إِلَيْكَ أُمِّي وَهِيَ تُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَتَقُولُ: إِنَّ هَذَا لَكَ مِنَّا قَلِيلٌ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: فَذَهَبْتُ بِهَا، فَقُلْتُ: إِنَّ أُمِّي تُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَتَقُولُ: إِنَّ هَذَا لَكَ مِنَّا قَلِيلٌ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: ضَعْهُ، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ، فَادْعُ لِي فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا، وَمَنْ لَقِيتَ»…، وَجَلَسَ طَوَائِفُ مِنْهُمْ يَتَحَدَّثُونَ وَرَسُولُ اللهِ جَالِسٌ وَزَوْجَتُهُ مُوَلِّيَةٌ وَجْهَهَا إِلَى الْحَائِطِ، فَثَقُلُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ فَخَرَجَ فَسَلَّمَ عَلَى نِسَائِهِ، ثُمَّ رَجَعَ، فَلَمَّا رَأَوْا رَسُولَ اللهِ قَدْ رَجَعَ، ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ ثَقُلُوا عَلَيْهِ، قَالَ: فَابْتَدَرُوا الْبَابَ، فَخَرَجُوا كُلُّهُمْ، وَجَاءَ رَسُولُ اللهِ حَتَّى أَرْخَى السِّتْرَ، وَدَخَلَ وَأَنَا جَالِسٌ فِي الْحُجْرَةِ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى خَرَجَ عَلَيَّ، وَأُنْزِلَتْ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ﴾ (متفق عليه) .
ألَا ما أحوجَنَا إلى الحياءِ مع اللهِ فلا يرانَا على المعاصِي صغيرِهَا وكبيرِهَا، ومع أنفسِنَا فلا نوردُهَا مواردَ الهلكةِ، ومع الآخرين فلا نأخذُ ما ليسَ لنا، ولا نعتدِى على حقوقِ الآخرين، ولا ننتهكُ خصوصياتِ مَن حولَنَا، وهذا مما تتفقُ عليه جميعُ الشرائعِ السماويةِ، بل والقوانينُ الوضعيةُ فعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسَ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» (البخاري)، ألا ما أحوجَ المجتمعاتِ إلى عفةِ اللسانِ عن القبيحِ مِن الكلامِ في بيوتِنَا وأماكنِ عملِنَا، وعلى مواقعِ التواصلِ الحديثةِ، وتلك أخلاقُ المدرسةِ المحمديةِ فعن عطاءِ بنِ يسارٍ قال: لقيتُ: عبدَ اللهِ بنَ عمروٍ قلتُ: أخبرنِي عن صفةِ رسولِ اللهِ في التوراةِ؟ قالَ: “أجل، واللهِ إنَّهُ لموصوفٌ في التوراةِ ببعضِ صفتهِ في القرآنِ:﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾، وحرزًا للأميين، أنتَ عبدِي ورسولِي، سميتُكَ المتوكلَ ليس بفظٍ ولا غليظٍ، ولا سخابٍ في الأسواقِ، ولا يدفعُ بالسيئةِ السيئةَ، ولكن يعفُو ويغفر، ولن يقبضَهُ اللهُ حتى يقيمَ به الملةَ العوجاءَ بأنْ يقولُوا: لا إلهَ إلّا اللهُ، ويفتحُ بهَا أعينًا عميًا، وآذانًا صمًّا، وقلوبًا غلفًا» (البخاري) .
نسألُ اللهَ أنْ يخلقَنَا بأخلاقِ الحبيبِ، وأنْ يجعلَ بلدنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، وأنْ يوفقَ ولاةَ أُمورِنَا لمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.
كتبه: د / محروس رمضان حفظي عبد العال
عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف