خطبة الجمعة القادمة 19 يناير 2024م : مجتمع بلا إدمان خطوات على الطريق ، للشيخ خالد القط
خطبة الجمعة القادمة 19 يناير 2024م بعنوان : مجتمع بلا إدمان خطوات على الطريق ، للشيخ خالد القط ، بتاريخ 7 رجب 1445هـ ، الموافق 19 يناير 2024م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 19 يناير 2024م بصيغة word بعنوان : مجتمع بلا إدمان خطوات على الطريق ، للشيخ خالد القط
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 19 يناير 2024م بصيغة pdf بعنوان : مجتمع بلا إدمان خطوات على الطريق ، للشيخ خالد القط
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 19 يناير 2024م ، بعنوان : مجتمع بلا إدمان خطوات على الطريق ، للشيخ خالد القط ، كما يلي:
مجتمع بلا إدمان، خطوات على الطريق
“”””””””””””””””””””””””””””””
الحمد لله رب العالمين، نحمده تعالى حمد الحامدين، ونشكره شكر الشاكرين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، القائل في كتابه العزيز: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) سورة المائدة (90).
وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين حق قدره ومقداره العظيم.
أما بعد
أيها المسلمون، فقد جاء الإسلام بمنهج عظيم متكامل، يحفظ على الناس عقولهم وأموالهم وأعراضهم، ويأخذ بأيديهم إلى طريق السعادة في الدنيا والآخرة، ويبعدهم عن كل ما يؤذيهم أو يضرهم في دينهم ودنياهم، ولهذا فما أحل الله من شيء إلا وفيه خير ونفع لنا في ديننا ودنيانا، وما حرم علينا شيئاً سبحانه وتعالى إلا لأنه ضار بنا، قال تعالى ممتناً علينا ببعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلينا: ((الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) سورة الأعراف (157).
أيها المسلمون، والإدمان أحد أخطر الأشياء التي تهدد تقدم وازدهار أي أمة من الأمم، بل وتضعف قوة وبنيان وعماد أي أمة، لأنه مرض عضال إذا تمكن من مجتمع أكل الأخضر واليابس، وقد قيل في تعريف الإدمان إنه رغبة قهرية للاستمرار في تعاطي المادة المخدرة أو الحصول عليها بأي وسيلة، مع الميل إلى زيادة الجرعة المتعاطاة؛ مما يسبب اعتمادًا نفسيًّا وجسميًّا وتأثيرًا ضارًا في الفرد والمجتمع.
إن تاريخ الإدمان ليس وليد عصرنا، وإنما له جذور تمتد في أعماق التاريخ، فمثلاً جاء الإسلام والمجتمع العربي الذي استقبل الدعوة الإسلامية، مولع ومدمن بشرب الخمر، لدرجة أن أحدهم كان يوصى ويقول:
إذا مُتُّ فادفِنِّي إِلى جَنبِ كَرمَةٍ تُرَوّي عظامي بعد موتي عُروقُها
ولا تَدفِنَنّي بالفلاةِ فإنّني أخافُ إذا ما مُتُّ أن لا أذوقُها
وهذان البيتان من الشعر معبران خير تعبير عن مدى تعلق العرب بالخمر كما عبّر أبو محجن الثقفي، وهو واحد ممن أدرك الجاهلية والإسلام، ولكن حينما عانق الإيمان الصادق قلوبهم استطاعوا أن يقهروا إدمانهم للمسكرات، واستطاعوا أن يتخلوا عنها حتى من قال هذين البيتين، فقد استطاع أن يقهر هوى نفسه ويحرر عقله من شرب المسكرات.
أيها المسلمون، ما أحوجنا إلى أن نتعلم من المنهج الذي اتبعه الإسلام للتخلص من المسكرات، فقد اتبع منهج التدرج في التحريم، حتى يكون اوقع وأرفق بهم وبحالهم، وحين وصل إلى مرحلة التحريم وضع نوعاً من العقاب كزجر وردع لكل مقبل على الانغماس في عالم الخبائث، وهكذا فمنهج الإسلام يعتمد على أمرين هامين، أولهما الأخذ بيد من تعثرت قدماه فوقع في المحظور برفق ولين حتى نساعده في التخلص من الإدمان، وفى نفس الوقت زجر الأخرين حتى لا تنزلق أقدامهم في طريق الغواية.
كما لفت الإسلام أنظارنا إلى أنه ينبغي أن نكون على وعى وإدراك تام بسلوكيات وأخلاقيات أبنائنا حتى نستطيع انقاذهم من مستنقعات الإدمان، مثل المحافظة على أبنائنا من رفقاء السوء، وشياطين الإنس ممن يوقعون بهم في طريق الإدمان، وفى هذا المعنى، أخرج أبو داوود وغيره بإسناد صحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل).
فالإنسان السوي دائماً ما يمشي مع السوي، والسيئ يمشي مع السيئ، ولذلك لا يصطحب اثنان إلا لصفة جامعة بينهما، وحين تجد الإنسان يميل إلى إنسان آخر فاعرف أن هناك صفة مشتركة بين الاثنين تعجبهما.
ومن هنا فإن الأشقياء يجتمعون مع بعضهم فيستأنس كل منهما بعيب الآخر، ولذلك تجد الإنسان الفاسد حين يجد الإنسان الصالح ينفر منه، ويتضايق منه، ولا يحبه ولا يحب أن يمشي معه، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (الرجل على دين خليله) وإذا كان صاحبه الذي يحبه في دينه رقة، ستجد أن هذا الشيء موجود فيه، وإذا كان يصاحب الإنسان التقي قوي الإيمان ستجد أن في قلبه من الخير ما يدفعه لصحبة هذا الإنسان الخير، فلينظر أحدكم من يخالل، أي: من يصادق ومن يصاحب ومن يكون خليلاً له، حبيباً له وقريباً من قلبه.
أيها المسلمون، وقد وضع الإسلام قواعد عامة لتحريم الإدمان بكل مشتقاته وأنواعه، ففي صحيح مسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلُّ مُسكِر خمرٌ، وكل مسكر حرامٌ، ومَن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يُدمِنها لم يَتُب، لم يشرَبْها في الآخرة)).
وفى الحديث المتفق عليه أيضاً أنه قال صلى الله عليه وسلم: (كل مسكر حرام))؛ وعند النسائي من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما بسند صحيح ((ما أسْكرَ كثيرُهُ فقليلُهُ حرامٌ)).
وقد قال تعالى أيضاً: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} سورة البقرة: 195.
وانطلاقاً من كل هذه النصوص الشرعية سواء من القرآن الكريم أو السنة، وغيرها، فإن تحريم الإدمان أمر ظاهر جلى لكل ذي عينين في الشريعة الإسلامية.
أيها المسلمون، والإدمان كظاهرة ممقوتة، كفيلة بان تعرقل تقدم أي أمة من الأمم، حيث أن آثارها السلبية كثيرة ومتعددة، سواء على الفرد أو الأسرة أو المجتمع، وهذا التأثير هو تأثير اجتماعي واقتصادي وأخلاقي وصحي. فيكفي أن الفرد يدمر صحته بيده، ويضيع أمواله في أمر لا يعود عليه بأي فائدة، فهو إنسان لا يقدر نعمة الله عليه سواء نعمة الصحة أو المال، فعند الترمذي بسند صحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم ((لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يسألَ عن عمرِهِ فيما أفناهُ، وعن عِلمِهِ فيمَ فعلَ، وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ، وعن جسمِهِ فيمَ أبلاهُ)).
كما أن المدمن قد يتحول إلى إنسان عاق لوالديه ولكل المحيطين به، بل ربما تمتد يده ليأخذ أموالاً ليست من حقه من أجل تلبية رغبة الإدمان التي يعاني منها.
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، لكى ننهض ببلدنا لابد أن يتكاتف الجميع، وأن نتحمل جميعاً المسؤولية من أجل القضاء على هذه الظاهرة المقيتة، كل واحد منا في موقعه انطلاقاً من قوله صلى اللّه عليه وسلم كما عند البخاري من حديث عبد الله بن عمر رضى الله عنهما ((كُلُّكُمْ راعٍ، وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، الإمامُ راعٍ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ راعٍ في أهْلِهِ وهو مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ راعِيَةٌ في بَيْتِ زَوْجِها ومَسْئُولَةٌ عن رَعِيَّتِها، والخادِمُ راعٍ في مالِ سَيِّدِهِ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ قالَ: – وحَسِبْتُ أنْ قدْ قالَ – والرَّجُلُ راعٍ في مالِ أبِيهِ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، وكُلُّكُمْ راعٍ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ)).
أيها المسلمون، فبكل أسف، فبدلاً من أن ينفق المدمن أمواله للتوسعة على من يعول، وأن ينفق ماله في متطلبات الحياة إذا به لا يكترث بأولاده ولا سائر أسرته، وإنما يعيش الحياة من أجل الجري وراء السراب، ألا وهو الإدمان اللعين، فعند الإمام أحمد وغيره بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما أنه قال النبي صلى الله عليه وسلم ((كفى بالمرءِ إثمًا أنْ يُضيِّعَ مَن يقُوتُ)).
ومن هنا أيها المسلمون فإن الإدمان ربما يكون هو السبب المباشر لكثير من الجرائم والكوارث التي تحدث في المجتمع مثل السرعات الجنونية على الطرق، وارتكاب الجرائم الأخرى من حوادث القتل والاغتصاب وغيرها.
فكم من نساء ترملت، ومن أطفال تجرعوا مرارة اليتم من أجل مدمن متهور، فليت كل منغمس في الإدمان أن يكف عما هو فيه، فكل يوم يمر عليه وهو على إدمانه، إنما يضيع أمواله وصحته وأولاده وكل من وراءه وهو لا يدري، لأنه غارق في براثن الإدمان.
نسأل الله العلى القدير بفضله وكرمه أن يحفظ مصرنا من كل مكروه وسوء
كتبه : الشيخ خالد القط
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف