خطبة الجمعة القادمة 18 ديسمبر 2020م بعنوان : الوقاية خير من العلاج ، للشيخ كمال المهدي
خطبة الجمعة القادمة 18 ديسمبر 2020م بعنوان : الوقاية خير من العلاج ، للشيخ كمال المهدي ، بتاريخ 3 من جمادي الأول 1442هـ ، الموافق 18 ديسمبر 2020 م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 18 ديسمبر 2020 بصيغة word : الوقاية خير من العلاج ، للشيخ كمال المهدي
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 18 ديسمبر 2020 بصيغة pdf : الوقاية خير من العلاج ، للشيخ كمال المهدي
عناصر خطبة الجمعة القادمة 18 ديسمبر 2020م بعنوان : الوقاية خير من العلاج ، للشيخ كمال المهدي
١-عناية الإسلام بالصحة وبيان أنها من أعظم النعم.
٢- هدى النبي صلى الله عليه وسلم في الوقاية من الأمراض.
٣- سلامتنا في تطبيق تعاليم ديننا وهدى نبينا صلى الله عليه وسلم.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 18 ديسمبر 2020 كما يلي:
خطبة الجمعة القادمة ١٨ديسمبر ٢٠٢٠م الموافق ٣ جمادي الأول ١٤٤٢ بعنوان (الوقاية خير من العلاج)..
**
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم :-
أما بعد :-
أحبتي في الله :-
لقد عنى الإسلام بالصحة عناية بالغة فهي فَتِيلُ نَشَاطِ الإِنْسَانِ وَمَنْبَعُ قُوَّتِهِ، ، وَلاَ تَقُومُ أمة ولا تنهض إِذا كَانَ شعبها عليل ، وَلاَ تَستَقِيمُ نِعم الحياة مَعَ مَرَضٍ أو وباء..
ولذلك نجد أن الإسلام شرع للإنسان أحكاماً يحفظ بها حياته وصحته ومنعه وحذره من كل ما يضره ويهدد صحته.
فاعتني بصحته أيما اعتناء.
* فالصحة من أعظم ما أنعم الله به على الإنسان ، فعظمها الله تعالى وأعلى من شأنها.. ولقد ذكرها حبيبنا صلى الله عليه وسلم فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : “نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ”، ومعنى الغبن أنهم حرموا استغلال الصحة فيما ينفعهم والفراغ فيما ينفعهم.
وأخبر صلى الله عليه وسلم: أنه من أصبح متمتعاً بجسده مع أمنه وتوكل معيشته فقد نال خيراً كثيراً فعن سلمة بن عبيد الله قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ أَصْبَحَ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بحذافيرها).
** ولقد أمر رسول صلى الله عليه وسلم باستغلال هذه الصحة قبل زوالها فقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : “اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ”.
** ولقد حث الإسلام، وجميع شرائع السماء على المحافظة على صحة الأبدان، والوقاية من الأمراض ونهى عن كل ما يكون سبباً في هلاك الإنسان. قال تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) [سورة البقرة:١٩٥].
وقال جل وعلا (ولا تقتلوا أنفسكم إن االله كان بكم رحیماً) [ النساء:٢٩] .
** فالصحة أحبتي في الله من أعظم النعم التي ينبغي على الإنسان أن يحافظ عليها وأن يقيها كل ما يهددها ويهدرها.
وكما يقال (الوقاية خير من العلاج).
** والناظر في دين الإسلام يجد أن الله جل وعلا وضع أحكاماً وشرائع ما الهدف منها بعد عبادة الله جل وعلا إلا الحفاظ على صحة الإنسان وسلامته.
فشرع الطهور للإنسان من خلال الوضوء والغسل وما ذاك إلا للحفاظ على الصحة من الأوبئة والجراثيم التي لا تذهب إلا بالطهارة والنظافة وهذا ما يؤكد عليه الأطباء والمختصون من دور النظافة في الوقاية من الأوبئة وسائر الأمراض. فالطهارة والنظافة في الإسلام لها أهمية كبرى، فقد أمرنا الإسلام بها..
وهي تشمل طهارة البدن وطهارة الثوب وطهارة المكان والبيئة وطهارة الأدوات والأواني التي يستعملها الإنسان في قوام حياته ومعيشته.
** وإن المتأمل في كتاب الله جل وعلا يجد أنه من أوائل ما نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم من القرآن الكريم قول الله تبارك وتعالى: (وثيابك فطهر) [المدثر:٤].
فغسل الأعضاء الظاهرة المتعرضة للغبار والأتربة والنفايات والجراثيم عدة مرات يوميًّا، وغسل الجسم في أحيانٍ متكررة، كفيلٌ بحماية الإنسان من أي تلوث، وقد ثبت طبيًّا أن أنجح علاج وقائي للأمراض الوبائية وغيرها هو النظافة ((والوقاية خير من العلاج))..
ولقد امتدح الله تعالى المتطهرين، فقال سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [البقرة: ٢٢٢].
** ولم يكتفي النبي صلى الله عليه وسلم بأمر المسلم بنظافة الجسد والثياب فقط، بل أمر كذلك بنظافة البيئة التي حوله، حتى يعيش الإنسان في بيئة صحية خالية من الأوبئة والأمراض، ومن ثَمَّ فكل أمر يلوث البيئة من حولنا سواء كان يتعلق بالماء، أو الهواء، أو الطريق، فهو مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه).
وما نهى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّخَلِّي فِي الْمَوَارِدِ.. وَالْمَقْصُودُ بِذَلِكَ قَضَاءُ الْحَاجَةِ بِمَوَارِدِ الْمِيَاهِ وَالطُّرُقِ؛ لِمَا تُحْدِثُهُ تِلْكَ الْقَاذَورَاتُ مِنْ أَضْرَارٍ بِهَا؛ فَإِلْقَاءُ النَّجَاسَاتِ فِي الْمِيَاهِ الرَّاكِدَةِ أَوِ الدَّائِمَةِ يُصِيبُ النَّاسَ بِأَمْرَاضٍ خَطِيرَةٍ، وَمِنْ أَخْطَرِهَا الْبِلْهَارْسِيا الَّتِي أُصِيبَ بِهَا الكثير من الناس ، وَسَبَبُهَا الْأَوَّلُ قَضَاءُ الْحَاجَاتِ فِي الْمِيَاهِ أَوْ بِالْقُرْبِ مِنْهَا، فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل”.
** ومن هدى النبي صلى الله عليه وسلم في الوقاية من الأمراض أنه أمر عليه الصلاة والسلام أن يُغطَّى إناء الطعام وتوكأ قِرَب الشراب فلا يُترك مكشوفًا للذباب والتراب، كما نهى عن الشرب من فَيِّ الإناء أو أن يُنفخ في الشراب؛ حرصًا على سلامته من التلوث.
روى مسلم عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (غطوا الإناء وأوكئوا السقاء، فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء لا يمر بإناء ليس عليه غطاء أو سقاء ليس عليه وكاء إلا ينزل عليه الوباء).
** ومن هدى النبي صلى الله عليه وسلم في الوقاية من الأمراض أنه أمر
بِعَزْلِ المَرِيْضِ عَنِ الأصِّحَّاءِ عِنْدَ انتِشَارِ الوَبَاءِ، ورد عن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فِي الطَّاعُونِ: ((فَإذَا سَمِعْـتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلا تَدْخُلُوا عَلَيْهِ، وَإذَا وَقَعَ فِي أرْضٍ فَلا تَخْرُجُوا فِرَار مِنْهُ))، وَالحَدِيثُ يُقَرِّرُ مَا يُسَمَّى الآنَ بِالحَجْرِ الصِّحِّيِّ أوِ العَزْلِ عِنْدَ انْتِشَارِ الوَبَاءِ،
وما ذلك إلا حرصاً من رسول صلى الله عليه وسلم على منع انتقال العدوى في الأوبئة.
*وقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال: (فرّ من المجذوم فرارك من الأسد) أخرجه أحمد.
**ومن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الوقاية من الأمراض أنه نَهَى أَنْ يُوْرَدَ مُمرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ? لا يُورِدُ مُمْرِضٌ على مُصِحٍّ ) وَمِنْ مَعَانِي الْحَدِيثِ أَلَّا يُورِدَ صَاحِبُ الْإِبِلِ الْمِرَاضِ عَلَى الْإِبِلِ الصِّحَاحِ؛ لِسُرْعَةِ انْتِشَارِ الْعَدْوَى بَيْنَهَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَيَوَانَاتِ هِيَ فِي الْغَالِبِ الَّتِي تَنْتَقِلُ مِنْهَا الْفَيْرُوسَاتُ وَالْأَوْبِئَةُ وَالْحُمَّى خَاصَّةً لِلْبَشَرِ..
وهذا عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، خَرَجَ إلى الشَّأْمِ، حتَّى إذَا كانَ بسَرْغَ لَقِيَهُ أُمَرَاءُ الأجْنَادِ، أبو عبيدة بنُ الجَرَّاحِ وأَصْحَابُهُ، فأخْبَرُوهُ أنَّ الوَبَاءَ قدْ وقَعَ بأَرْضِ الشَّأْمِ. قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: فَقَالَ عُمَرُ: ادْعُ لي المُهَاجِرِينَ الأوَّلِينَ، فَدَعَاهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ، وأَخْبَرَهُمْ أنَّ الوَبَاءَ قدْ وقَعَ بالشَّأْمِ، فَاخْتَلَفُوا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قدْ خَرَجْتَ لأمْرٍ، ولَا نَرَى أنْ تَرْجِعَ عنْه، وقَالَ بَعْضُهُمْ: معكَ بَقِيَّةُ النَّاسِ وأَصْحَابُ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولَا نَرَى أنْ تُقْدِمَهُمْ علَى هذا الوَبَاءِ، فَقَالَ: ارْتَفِعُوا عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: ادْعُوا لي الأنْصَارَ، فَدَعَوْتُهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ، فَسَلَكُوا سَبِيلَ المُهَاجِرِينَ، واخْتَلَفُوا كَاخْتِلَافِهِمْ، فَقَالَ: ارْتَفِعُوا عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لي مَن كانَ هَا هُنَا مِن مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ مِن مُهَاجِرَةِ الفَتْحِ، فَدَعَوْتُهُمْ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ منهمْ عليه رَجُلَانِ، فَقالوا: نَرَى أنْ تَرْجِعَ بالنَّاسِ ولَا تُقْدِمَهُمْ علَى هذا الوَبَاءِ، فَنَادَى عُمَرُ في النَّاسِ: إنِّي مُصَبِّحٌ علَى ظَهْرٍ فأصْبِحُوا عليه. قَالَ أبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ: أفِرَارًا مِن قَدَرِ اللَّهِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: لو غَيْرُكَ قَالَهَا يا أبَا عُبَيْدَةَ؟ نَعَمْ نَفِرُّ مِن قَدَرِ اللَّهِ إلى قَدَرِ اللَّهِ، أرَأَيْتَ لو كانَ لكَ إبِلٌ هَبَطَتْ وادِيًا له عُدْوَتَانِ، إحْدَاهُما خَصِبَةٌ، والأُخْرَى جَدْبَةٌ، أليسَ إنْ رَعَيْتَ الخَصْبَةَ رَعَيْتَهَا بقَدَرِ اللَّهِ، وإنْ رَعَيْتَ الجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بقَدَرِ اللَّهِ؟ قَالَ: فَجَاءَ عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ – وكانَ مُتَغَيِّبًا في بَعْضِ حَاجَتِهِ – فَقَالَ: إنَّ عِندِي في هذا عِلْمًا، سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: إذَا سَمِعْتُمْ به بأَرْضٍ فلا تَقْدَمُوا عليه، وإذَا وقَعَ بأَرْضٍ وأَنْتُمْ بهَا فلا تَخْرُجُوا فِرَارًا منه قَالَ: فَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ ثُمَّ انْصَرَفَ) .** ومن هدى النبي صلى الله عليه وسلم في الوقاية من الأمراض أنه نهى عن عدم تغطية آنية الطعام والشراب وَمَا ذاك إلَّا حِرْصًا مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِمَايَةِ النَّاسِ مِنْ هَذِهِ الْأَوْبِئَةِ، وَمِنْ النَّجَاسَاتِ وَالْقَاذُورَاتِ وَالْحَشَرَاتِ. فقال في الحديث الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ بِاللَّيْلِ إِذَا رَقَدْتُمْ، وَغَلِّقُوا الْأَبْوَابَ، وَأَوْكُوا الْأَسْقِيَةَ، وَخَمِّرُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ -وَأَحْسَبُهُ قَالَ: وَلَوْ بِعُودٍ تَعْرِضُهُ عَلَيْهِ)..
** أحبتي في الله :
إنه لمن الطبيعي إننا حينما نشتكى ألمًا في أجسادنا أن نذهب إلى الطبيب، ومن البديهي أيضًا أن نقصد أكثر من طبيب أو نستعمل أكثر من دواء في حال تطلَّب الأمر منا ذلك.
ولكن هل فكرنا -أحبتي في الله – في اتباع هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في كيفية أن نقي أنفسنا وأهلينا من الأمراض؟
** وفي الختام : أقول أننا لو طبقنا تعاليم القرآن وهدي نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، لوقينا من الأوبئة والأمراض دون الذهاب للطبيب وأخذ علاج .
وما هذه الأمراض التي نزلت حديثًا ومنها هذا الوباء الذي يدعى (كورونا) ، ما كان له أن ينتشر لو أخذنا بتدابير الوقاية التي خَطَّ نهجها نبينا وحبيبنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأن يحفظنا وإياكم من شر الأمراض ؤان يرزقنا العفو والعافية في الدنيا والآخرة.
***
كتبه :الشيخ / كمال السيد محمود محمد المهدي.
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف