خطبة الجمعة القادمة 16 أغسطس : كيف تكون محبوبا عند الله ، للدكتور محروس حفظي
خطبة الجمعة القادمة
خطبة الجمعة القادمة 16 أغسطس 2024 م بعنوان : كَيْفَ تَكُونُ مَحْبُوبًا عِنْدَ اللهِ .. وَإِذَا أَحَبَّكَ اللهُ سَخَّرَ لَكَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 12 صفر 1446هـ ، الموافق 16 أغسطس 2024م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 16 أغسطس 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : كَيْفَ تَكُونُ مَحْبُوبًا عِنْدَ اللهِ .. وَإِذَا أَحَبَّكَ اللهُ سَخَّرَ لَكَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ .
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 16 أغسطس 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : كَيْفَ تَكُونُ مَحْبُوبًا عِنْدَ اللهِ .. وَإِذَا أَحَبَّكَ اللهُ سَخَّرَ لَكَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 16 أغسطس 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : كَيْفَ تَكُونُ مَحْبُوبًا عِنْدَ اللهِ .. وَإِذَا أَحَبَّكَ اللهُ سَخَّرَ لَكَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ ، بصيغة pdf أضغط هنا.
___________________________________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
عناصر خطبة الجمعة القادمة 16 أغسطس 2024 م بعنوان : كَيْفَ تَكُونُ مَحْبُوبًا عِنْدَ اللهِ .. وَإِذَا أَحَبَّكَ اللهُ سَخَّرَ لَكَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ ، للدكتور محروس حفظي :
(1) حث الإسلام على نفع الخلق خاصة وقت المِحن والأزمات .
(2) نفع الناس من صفات الأنبياء – عليهم السلام – والصحب الكرام .
(3) ثمرات نفع العباد في الدنيا والآخرة .
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 16 أغسطس 2024 م بعنوان : كَيْفَ تَكُونُ مَحْبُوبًا عِنْدَ اللهِ .. وَإِذَا أَحَبَّكَ اللهُ سَخَّرَ لَكَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:
«كَيْفَ تَكُونُ مَحْبُوبًا عِنْدَ اللهِ .. وَإِذَا أَحَبَّكَ الله سَخَّرَ لَكَ السَّمَاوَات وَالأرْضَ»
بتاريخ 11 صفر 1445 هـ = الموافق 16 أغسطس 2024 م
الحمد لله حمداً يوافي نعمه، ويكافىء مزيده، لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك، ولعظيم سلطانك، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أما بعد ،،،
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 16 أغسطس : كيف تكون محبوبا عند الله
(1) حث الإسلام على نفع الخلق خاصة المِحن والأزمات:
لقد فاضل الله بين عباده في الشرف والجاه، والعلم والعبادة، وسخر بعضهم لبعض ليتحقق الاستخلاف، وتُعمر الأرض قال تعالى: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَـاتٍ لّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً﴾، وفي شكوى الفقير ابتلاءٌ للغني، وفي انكسار الضعيف امتحان للقوي، وفي توجُّع المريض حكمة للصحيح، ومن أجل هذه السنة الكونية جاءت السنة الربانية بالحث على التعاون بين الناس، وقضاء حوائجهم، والسعي في تفريج كروبهم، وبذل الشفاعة الحسنة لهم، تحقيقًا لدوام المودة، وبقاء الألفة، وإظهار الأخوة؛ لأن الإنسان حياته لا تسير على وتيرة واحدة، ومن سنن الله الكونية أن ينزل على البشر من وقت لآخر بعض الأزمات والمحن؛ ليختبرهم حسبما قال: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ﴾، وديننا الحنيف أرشدنا أن نقف بجوار بعضنا البعض وقت البلايا والحاجات قَالَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» وشبك أصابعه (متفق عليه)؛ وصور النفع كثيرة لا تقف عند حد معين قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِ وَلتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾، ومنها النفع المعنوي والمادي وها هو رسولنا يوجهنا إلى حسن التعاطف والترابط فيما بيننا فعَنْ أَنَسِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَانًا وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ» (الْبَزَّار، وَإِسْنَاده حَسَنٌ)، وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ» (مسلم)، وهناك بعض الخلق بد انتكست فطرتهم، وضاعت إنسانيتهم، وفقدوا وطنيتهم، فباتوا لا يشعورون بمن حولهم، فملأ الجشع والطمع قلوبهم، وحب الذات والأنانية نفوسهم، وهؤلاء نسوا أن المال في ذاته وسيلة إلى الانتفاع به، وليس منفعة بذاته فأنت لا تلبس الدنانير إذا عريت، ولا تأكلها إذا جعت، ولا تقيك حر الشمس، وبرد الشتاء، ولكنها وسيلة إلى تحقيق ذلك، وعلى العكس فهناك صاحب الضمير الحي، والإيمان القوي الذي يسعى في تحقيق مصالح الناس، ويقدم يد العون لهم، ويسد خُلتِهِمْ، فحق له أن يُحشر في أعلى عليين مع النبيين والصديقين قال صلى الله عليه وسلم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِسَلَامٍ» (الترمذي) .
إن نفع الآخرين من الفقراء والمحتاجين، ومشاركتهم همومهم، والتخفيف مِن آلامهم أعظم أبواب الخير على الإطلاق، ولعل البعض قد يغفل عن مثل هذه الأعمال، وينشغل بغيرها من العبادات كالصلاة والصيام، ويتقاعس عن مساعدة غيرهم، ويعتقد أنها لا تعود عليه بالنفع العظيم كالعبادات المفروضة قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ هَذَا الْخَيْرَ خَزَائِنُ، وَلِتِلْكَ الْخَزَائِنِ مَفَاتِيحُ، فَطُوبَى لِعَبْدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ، مِغْلَاقًا لِلشَّرِّ، وَوَيْلٌ لِعَبْدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ مِفْتَاحًا لَلشَّرِّ، مِغْلَاقًا لِلْخَيْرِ» (ابن ماجه)، ومن المصائب عند ذوي الهمم عدم قصد الناس لهم في حوائجهم يقول حكيم بن حزام – رضي الله عنه-: “ما أصبحت وليس على بابي صاحب حاجة إلا علمت أنها من المصائب” أ.ه.
إن بعض هذه الأفعال قد تعدل ثواب المجاهد في سبيل الله الذي قد يظن البعض أنه مقصور على شهيد المعركة فقط قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ – وَأَحْسِبُهُ قَالَ – وَكَالْقَائِمِ لَا يَفْتُرُ، وَكَالصَّائِمِ لَا يُفْطِرُ» (متفق عليه)، ألا فليسارع الإنسان في تحصيل أبواب الخير، ولا يحرم نفسه منها يقول إبراهيم بن أدهم: “من لم يواسِ الناس بماله وطعامه، وشرابه، فليواسهم ببسط الوجه، والخلق الحسن” أ.ه.
ومن أجل تحقيق منافع المحتاجين حث الإسلام على تعجيل الزكاة والإكثار من الصدقات؛ لأن هذا يقوي الترابط والتكاتف، ويسد الحاجات الضرورية؛ إذ لا يصح شرعاً ولا عرفاً أن يستحوذ على المال فئة معينة فلا تنظر إلى غيرها، والمسلمون جميعاً كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تأثر باقي جسده فعَنِ النُّعْمَانِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» (مسلم)، وقد رغب ربنا في غير آية على الإنفاق في وجوه الخير المتنوعة فقال: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾، ومن أجل تعميم النفع على الناس أجاز الفقهاء وقت الضيق والشدة تعجيل دفع الزكاة إلى مستحقيها متى بلغ المال النصاب المقرر شرعاً حتى يتحقق المغزى والمقصد منها وهو سد حاجة الفقير والسائل، وهذا ما أفتى به رسولنا فعَنْ عَلِيٍّ «أَنَّ العَبَّاسَ بْن عَبْد الْمُطَّلِب سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَعْجِيلِ صَدَقَتِهِ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ، فَرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ» (صححه الحاكم والذهبي) .
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 16 أغسطس : كيف تكون محبوبا عند الله
(2) نفع الناس من صفات الأنبياء – عليهم السلام- والصحب الكرام:
إن نفع الناس والسعي في كشف كروبهم من صفات الأنبياء والرسل – عليهم السلام-، فالكريم يوسف -عليه السلام- مع ما فعله إخوته من مكر وحسد لكنه جهزهم بجهازهم، ولم يبخسهم شيئًا منه قال ربنا: ﴿وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ * وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ قالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ﴾، وموسى – عليه السلام- لما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون، ووجد من دونهم امرأتين مستضعفتين، رفع الحجر عن البئر وسقى لهما حتى رويت أغنامهما دون أن ينتظر مقابلاً لفعله هذا معهما قال سبحانه: ﴿فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ .
ومن يتأمل سيرة ومسيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وبعدها يجد أنه كان أحرص الخلق على نفعهم، ودفع الضر عنهم؛ تقول السيدة خديجة – رضي الله عنها- في وصفه قبل الإسلام لما جاءها يرجف فؤاده من غار حراء «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي، فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ» (متفق عليه)، فمن يتأمل هذه الصفات الخمس يجد أن الجامع المشترك بينها هو “نفع الناس”، وفي الإسلام بلغ- صلى الله عليه وسلم- مِن خيره العميم ونفعه للناس أن كان كما أخبر ابْن أَبِي أَوْفَى:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ … لَا يَأْنَفُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَ الْأَرْمَلَةِ أَوِ الْمِسْكِينِ، فَيَقْضِيَ حَاجَتَهُ» (ابن حبان) بل كان أشرف الخلق – صلى الله عليه وسلم- إذا سئل عن حاجة لم يردَّ السائل عن حاجته فعن أنس قَالَ: “مَا سُئِلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِسْلَامِ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ، قَالَ: فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا؛ فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءً لَا يَخْشَى الْفَاقَةَ” (مسلم)، وعَنْ أَنَسٍ أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ، فَقَالَتْ: “يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، فَقَالَ: «يَا أُمَّ فُلَانٍ انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ، حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ» فَخَلَا مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ، حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا” (مسلم) .
وعلى هذا سار الصحابة الكرام فقد كان من أخلاقهم – رضي الله عنهم– قضاء الحوائج والإيثار وعدم الضن على الآخرين بما يملكونه ولو بأقل القليل؛ ولذا مدحهم الله على هذا فقال:﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ حتى إن الواحد منهم كان يجلس ساعات وساعات في قضاء مصالح الخلق ونفعهم فعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ قَعَدَ فِي حَوَائِجِ النَّاسِ فِي رَحَبَةِ الكُوفَةِ، حَتَّى حَضَرَتْ صَلاَةُ العَصْرِ، ثُمَّ أُتِيَ بِمَاءٍ، فَشَرِبَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَذَكَرَ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ، ثُمَّ قَامَ فَشَرِبَ فَضْلَهُ وَهُوَ قَائِمٌ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ الشُّرْبَ قِيَامًا، وَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُ» (البخاري)، بل جعل سيدنا معاوية رضي الله عنه رجلاً مختصاً ب”حوائج الناس” قَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ لِمُعَاوِيَةَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:«مَا مِنْ إِمَامٍ يُغْلِقُ بَابَهُ دُونَ ذَوِي الحَاجَةِ، وَالخَلَّةِ، وَالمَسْكَنَةِ إِلَّا أَغْلَقَ اللَّهُ أَبْوَابَ السَّمَاءِ دُونَ خَلَّتِهِ، وَحَاجَتِهِ، وَمَسْكَنَتِهِ»، فَجَعَلَ مُعَاوِيَةُ رَجُلًا عَلَى حَوَائِجِ النَّاسِ” (أحمد) .
وانظر في هذا الأنموذج الذي قلما يجود الزمان بمثله؛ فسيدنا ابن عباس رضي الله عنهما يؤثر تقديم النفع للمسلم على الاعتكاف في المسجد النبوي فلما سأله المديون أنسيت ما كنتَ فيه قال: لا. ولكن سمعتُ صاحب هذا القبر صلى الله عليه وسلم يقول: «من مشى في حاجة أخيه كان خيراً له من اعتكافه عشر سنين» (الطبراني، وإسناده جيد) .
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 16 أغسطس : كيف تكون محبوبا عند الله
(3) بعض ثمرات نفس العباد في الدنيا والآخرة:
إن منفعة الخلق وقضاء مصالحهم لها لذة وراحة لا يذوقها إلا من عرفها وباشرها، ووقف عليها، وقد دلت نصوص الشارع الحكيم على بعض الثمرات التي يجنيها العبد بما قدمت يداه، ومنها:
أولاً: الساعي على منفعة العباد، موعود بالإعانة، مؤيد بالتوفيق، منفوح بالنصر والفلاح: قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ فِي الدُّنْيَا يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ فِي الدُّنْيَا سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» (مسلم) .
يقول الإمام النووي: (وَفِيهِ فَضْلُ قَضَاءِ حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ وَنَفْعِهِمْ بِمَا تَيَسَّرَ مِنْ عِلْمٍ أَوْ مَالٍ أَوْ مُعَاوَنَةٍ أَوْ إِشَارَةٍ بِمَصْلَحَةٍ أَوْ نَصِيحَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَفَضْلُ السِّتْرِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَفَضْلُ إِنْظَارِ الْمُعْسِرِ وَفَضْلُ الْمَشْيِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ الِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ بِشَرْطِ أَنْ يُقْصَدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ تعالى وان كَانَ هَذَا شَرْطًا فِي كُلِّ عِبَادَةٍ لَكِنَّ عَادَةَ الْعُلَمَاءِ يُقَيِّدُونَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِهِ لِكَوْنِهِ قَدْ يَتَسَاهَلُ فِيهِ بَعْضُ النَّاسِ وَيَغْفُلُ عَنْهُ بَعْضُ الْمُبْتَدِئِينِ) أ.ه المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج 17/ 21 .
ثانياً: بذل المعروف والإحسان تقي مصارع السوء، وتحسن الخاتمة: فعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المعروف إلى الناس يقي صاحبها مصارع السوء، والآفات، والهلكات فعن أبي أمامة قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب» (الطبراني)، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة» (ابن حبان)، فقضاء حوائج الضعفاء ومساندة ذوي العاهات والمسكنة نفعٌ في العاجل والآجل فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رُبَّ أَشْعَثَ، مَدْفُوعٍ بِالْأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ» (مسلم)، ومَن للضعفاء والأرامل واليتامى بعد الله سبحانه؟! بدعوة صالحة منهم مستجابة تسعد أحوالك، والدنيا محن، والحياة ابتلاء، فالقوي فيها قد يضعف، والغني ربما يُفلس، والسعيد من اغتنم قوته في خدمة الخلق أجمعين يقول ابْن عَبَّاسٍ: «مَنْ مَشَى بِدَيْنِهِ إِلَى غَرِيمِهِ يَقْضِيَهُ فَلَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ صَدَقَةٌ، وَمَنْ هَدَى زُقَاقًا فَلَهُ بِهِ صَدَقَةٌ، وَمَنْ أَعَانَ ضَعِيفًا عَلَى حَمْلِ دَابَّةٍ فَلَهُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ، وَمَنْ أَمَاطَ أَذًى عَنِ الطَّرِيقِ فَلَهُ صَدَقَةٌ» (إسناده ثقات) .
ثالثاً: قضاء مصالح الناس يعتبر من أعظم العبادات، وأجل القربات، ويورث محبته سبحانه، ويؤمن فاعله من الفزع الأكبر: نفع الخلق طريق موصل لمحبة الخالق – جلا وعلا- وتلك المحبة هي مطمع وغاية كل موحد به– سبحانه-؛ إذ هي سبب صلاح الدنيا والآخرة قال تعالى: ﴿وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾، وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلَأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ- يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ شَهْرًا- وَمَنَ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلَأَ اللهُ قَلْبَهُ رَجَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يَتَهَيَّأَ لَهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الْأَقْدَامِ» (الطبراني)، وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَلْقًا خَلَقَهُمْ لِحَوَائِجِ النَّاسِ يَفْزَعُ النَّاسُ إِلَيْهِمْ فِي حَوَائِجِهِمْ أُولَئِكَ الْآمِنُونَ مِنْ عَذَابِ اللهِ» (الطبراني) .
إن هذا الحديث الشريف أصل جامع لكل معاني الخير والنفع للإنسانية، فهو يرغب العبد في الإحسان إلى الناس بِمَالِه وجاهه وَعلمه؛ لأن الْخلق كلهم عِيَال الله وأحبهم إِلَيْهِ أنفعهم لِعِيَالِهِ فعَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عِيَالُ اللهِ، فَأَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَى اللهِ أَنْفَعُهُمْ لِعِيَالِهِ» (البزار) .
يقول الإمام المناوي: (أي أشرفهم عنده أكثرهم نفعاً للناس بنعمة يسديها أو نقمة يزويها عنهم دينا أو دنيا ومنافع الدين أشرف قدراً، وأبقى نفعاً، قال بعضهم: هذا يفيد أن الإمام العادل خير الناس أي بعد الأنبياء؛ لأن الأمور التي يعم نفعها ويعظم وقعها لا يقوم بها غيره، وبه نفع العباد والبلاد، وهو القائم بخلافة النبوة في إصلاح الخلق، ودعائهم إلى الحق، وإقامة دينهم، وتقويم أودهم ولولاه لم يكن علم ولا عمل) أ.ه. (فيض القدير) .
رابعاً: تشفع لصاحبها حتى تدخله الجنة: عن أنس مرفوعاً: “أنَّ رجلاً من أهل الجنَّةِ يُشرف يومَ القيامة على أهلِ النَّارِ، فيُناديه رجلٌ من أهلِ النّار، يا فلان، هل تعرفني؟ فيقول: لا والله ما أعرِفُك، من أنت؟ فيقول: أنا الذي مررتَ بي في دار الدُّنيا، فاستسقيتني شَربةً من ماءٍ، فسقيتُك، قال: قد عرفتُ، قال: فاشفع لي بها عند ربِّك، قال: فيسأل الله، ويقول: شفِّعني فيه، فيأمر به، فيُخرجه من النار” (قال العراقي: “رواه أبو يعلى بسند ضعيف وله عنده إسنادان أحدهما: حسن بألفاظ أخر”) .
أخي الكريم: من منع المعروف أو حث الناس على عدم فعله فهو على خطر عظيم قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ” ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ …، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ فَيَقُولُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ: اليَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ” (البخاري)؛ ليكون الجزاء من جنس العمل، وعلى أصحاب الأموال وذوي الغنى والثراء أن يتفقدوا حوائج المحتاجين، وقد بين رسولنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حال المجتمع عندما يمنع حق المال فعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مَنَعَ قَوْمٌ الزَّكَاةَ إِلَّا ابْتَلَاهُمُ اللَّهُ بِالسِّنِينَ» (الطَّبَرَانِي، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ)، فانظر كيف يكون حال الأمم عندما تأكل حق الفقير والمسكين، فما أحوج الإنسانية اليوم أن تُمد يد النفع للضعفاء والمحتاجين، وتحقيق التكاتف بين أفراد المجتمعات؛ فالإسلام لا يريد أناساً منغلقين على أنفسهم متغافلين واجبهم تجاه المحتاجين؛ ولذا من ديدنه ذلك وشيمته تلك لهو معرض لسخط رب العالمين، واستمع إلى هذا المشهد القرآني- الذي يجعل الولدان شيباً- حيث جاء على لسان المتقين – على سبيل التحسير لهؤلاء المجرمين- ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ* وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ﴾، فها هم قد اعترفوا وأقروا بأن الإلقاء بهم في جهنم إنما كان بسبب عدم إطعامهم الجوعى، وترك كسوتهم ومنفعتهم بأي وسيلة ممكنة، بل يزيد الله الأمر إيضاحاً فيجعل في رقبة كل موحد به حقاً للمسكين أن يحض غيره على إطعامه ونفعه، والاهتمام به، ويجعل ترك هذا الحض من لوازم الكفر والتكذيب بيوم الوعيد ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ﴾ فكيف أنتم بجار ينام وجاره ليس عنده ما يملأ بطنه؟ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَانًا وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ» (ابن أبي شيبة) بهذا الفهم الرشيد تُحد الرذائل الإنسانية؛ إذ يشعر كل فرد أن له حقوقاً وعليه واجبات، فينشأ الأمن والأمن، وينشر الرخاء والتقدم، ويحيا الناس حياة طيبة ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ وعنْ جَابِرٍ، قَالَ: رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ» (مسلم) .
تابع / خطبة الجمعة القادمة 16 أغسطس : كيف تكون محبوبا عند الله
أخي الحبيب: انفع الخق ما استطعت، وتذكر أن ما بك من نعمة فإنما أنعم الله بها عليك لتنفع الخلق، فإن أنت فعلت أتم عليك نعمته، وزادك منها فعن أَبِي مُوسَى قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَاءَهُ السَّائِلُ أَوْ طُلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ قَالَ: اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ» (البخاري)، وإن أنت بخلت ذهبت عنك نعمة الله قال صلى الله عليه وسلم: «إن لله أقواماً اختصهم بالنعم لمنافع العباد، يقرهم فيها ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها منهم فحولها إلى غيرهم» (الطبراني)، وقال صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد أنعم الله عليه نعمة فأسبغها عليه، ثم جعل من حوائج الناس إليه، فتبرم، فقد عرض تلك النعمة للزوال» (الطبراني، سنده جيد) .
فيا أيها الموظف أنت في عبادة وأنت على مكتبك، استعن بالله، وأخلص النية له، واتصف بمكارم الأخلاق، واحرص على نفع الناس؛ ستجد التوفيق في الدنيا والآخرة، ذكر حسن، وحب وتقدير، هذا في الدنيا، وأجر كبير من العليم الخبير في الآخرة، ولا يستنكف أن تنفع الخلق بما تقدر عليه قال الحسن البصري: “الجود بذل المجهود في بذل الموجود” أي: الجود بالموجود الذي عندك بدون تكلف ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾، فما تقدمه من نفع للآخرين وحتى وإن كان قليلاً لكنه يعني الكثير عندهم وعند الله سبحانه ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ﴾، ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا﴾، وعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَتِرَ مِنَ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَلْيَفْعَلْ» (مسلم)، أما الذي يمنع نفعه وفضله عن المساكين خاصة فيما يحتاجونه من أشياء ضرورية فليعلم أنه مهما حقق من ربح وكسب إلا أنه إلى زوال وفناء؛ لأنه ركن إلى ماله، فملأ به جيبه، وغزى به بطنه، وصار عبداً له قال ربنا: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾، وليوقن أن الخيبة والخسران عاقبته قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلاَ انْتَقَشَ» (البخاري) .
نسأل الله أن يرزقنا حسن العمل، وفضل القبول، إنه أكرم مسؤول، وأعظم مأمول، وأن يجعل بلدنا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمناً أماناً، سلماً سلاماً وسائر بلاد العالمين، ووفق ولاة أُمورنا لما فيه نفع البلاد والعباد .
كتبه: الفقير إلى عفو ربه الحنان المنان
د / محروس رمضان حفظي عبد العال ،،،،
مدرس التفسير وعلوم القرآن – كلية أصول الدين والدعوة – أسيوط
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف