أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة 13 مارس 2020 للشيخ عبد الناصر بليح : منزلة الشهيد عند ربه

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 13 مارس 2020 للشيخ عبد الناصر بليح : منزلة الشهيد عند ربه ، بتاريخ: 18 رجب 1441هـ – 13 مارس 2020م.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة للشيخ عبد الناصر بليح : منزلة الشهيد عند ربه :

لتحميل خطبة الجمعة القادمة للشيخ عبد الناصر بليح : منزلة الشهيد عند ربه ، بصيغة word  أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة للشيخ عبد الناصر بليح : منزلة الشهيد عند ربه ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن الدروس الدينية

 

للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة للشيخ عبد الناصر بليح : منزلة الشهيد عند ربه : كما يلي:

عناصر خطبة الجمعة القادمة للشيخ عبد الناصر بليح : منزلة الشهيد عند ربه :

“منزلة الشهيد عند ربه”

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من مات بالطاعون أو كرونا المستحدث من المسلمين فهو شهيد؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحمد لله رب العالمين.. والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين أما بعد فيا جماعة الإسلام:

يقول الله تعالي: “وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚبَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖوَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ”(البقرة/154-157).

إخوة الإيمان والإسلام حديثنا إليكم اليوم عن “منزلة الشهيد عند ربه” وذكرنا من قبل بأن الشهداء علي أنواع ودرجات ومنازل فمنهم شهيد الدنيا ومنهم شهيد الأخرة ومنهم شهيد الدنيا والأخرة وشهيد الحرب والمعركة وشهيد البطنة والنفساء وشهيد السعي علي المعاش وشهيد الطاعون ..الخ.

وحديثنا اليوم عن شهيد العصر والساعة من مات بالطاعون أو الوباء. وبخاصة “كورونا” مرض العصر المستحدث .

وهذا الداء ليس الفريد من نوعه في تاريخ الإسلام ولكن هناك أنواع من الابتلاءات ذكرتها لنا كتب السيرة النبوية المطهرة فإن من سنة الله الكونية وقوع البلاء على المؤمن لحكمة عظيمة حتى لا يكاد يخلو أحد منه قال تعالى: “وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ”[الأنبياء /35]، ولذلك ابتلي أشرف الخلق نبيناً محمد صلى الله عليه وسلم وكثر عليه البلاء فازداد يقيناً وصبراً ورضا وضاعف الله أجره ورفع منزلته في الدنيا والآخرة.

وابتلي الصحابة رضوان الله عليهم بالطاعون والوباء الذي قال عنه الرسول صلي الله عليه وسلم: “الطَّاعُونُ رِجْسٌ أُرْسِلَ علَى طَائِفَةٍ مِن بَنِي إسْرَائِيلَ، أوْ علَى مَن كانَ قَبْلَكُمْ، فَإِذَا سَمِعْتُمْ به بأَرْضٍ، فلا تَقْدَمُوا عليه، وإذَا وقَعَ بأَرْضٍ، وأَنْتُمْ بهَا فلا تَخْرُجُوا، فِرَارًا منه قالَ أبو النَّضْرِ: لا يُخْرِجْكُمْ إلَّا فِرَارًا منه”(البخاري)

في هذا الحديثِ يُعلِّمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَّتَه؛ فإنَّه نهاهم عنِ الدُّخولِ إلى البلدِ الَّذي يُسمَعُ بوجودِ الطَّاعونِ فيه، وعن الخروجِ منه فِرارًا؛

الحكمة من عدم الخروج أو الدخول لأرض الوباء:”

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والحكمة من نهي الرسول عن الخروج أو الدخول أرض الوباء  لأنَّ الَّذي يَقدَمُ عليه قد يظُنُّ أنَّه كان ناجيًا لولا قدومُه، والفارَّ منه قد يظُنُّ أنَّه كان سيموتُ لولا فِرارُه منها، فيتعلَّق القلبُ بالأسبابِ، ويظُنُّ أنَّها تُحدِثُ نفعًا أو ضرًّا بذاتِها، والحقيقةُ أنَّه سبحانه وتعالى قدَّر المقاديرَ، وكتَب على كلِّ نَفْسٍ رزقَها وساعةَ موتِها، فلا تبديلَ لكلماتِ اللهِ تعالى، وقد أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ الطَّاعونَ رِجْزٌ، أي:

“عذابٌ، وأنَّ اللهَ أرسَله على طائفةٍ مِن بني إسرائيلَ، أو على مَن كان قَبْلهم، وقيل: هؤلاء هم الَّذين أمَرهم اللهُ تعالى أن يدخُلوا البابَ سُجَّدًا، فخالَفوا أمرَه؛ قال تعالى: “فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ(البقرة: 59).

الطاعون بلاء للمسلمين والكافرين علي حد سواء:”

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قيل: أَرسَل اللهُ عليهم الطَّاعونَ، فماتَ منهم عددٌ كثيرٌ. ولنا نحن المسلمين إضافةٌ وتعقيب نستمدّه من السنّة، ومن خلاله نؤمن بأّن الطاعون  مرضٌ جعله الله سبحانه وتعالى بلاءً للمؤمنين والكافرين على حدٍّ سواء، على أنه للمؤمنين رحمة، ولمن سواهم عذابٌ ونقمة، عن عائشة أنها سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم عن الطاعون، فقال صلي الله عليه وسلم: “إنه كان عذابا يبعثه الله على من يشاء ، فجعله الله رحمة للمؤمنين”(البخاري).

طاعون عمواس

ـــــــــــــــــــــــــ

إخوة الإيمان: “ومما أصاب الصحابة من البلاء طاعون عمواس: “وإنما سمي بطاعون عمواس نسبة إلى بلدة صغيرة في فلسطين بين الرملة وبيت المقدس، وذلك لأن الطاعون نجم بها أولاً ثم انتشر في بلاد الشام فنُسب إليها. وبلدة عمواس هدمتها إسرائيل عام 1967م وشردت أهلها وزرعت مكانها غابة بأموال المتبرعين اليهود الكنديين، وأطلقت عليها اسم منتزه كندا.

أبرز من ماتوا فيه من الصحابة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال الواقدي: “توفي في طاعون عمواس من المسلمين في الشام خمسة وعشرون ألفاً”، وقال غيره: “ثلاثون ألفاً”. من أبرز من ماتوا في الوباء أبو عبيدة بن الجراح و معاذ بن جبل ويزيد بن أبي سفيان و ضرار بن الأزور و أبو جندل بن سهيل، وشرحبيل بن حسنة، وأبو جندل سهل بن عمر وأبوه، والفضل بن العباس بن عبد المطلب، رضي الله عنهم أجمعين. وغيرهم من أشراف الصحابة. عُرفت هذه السنة بعام الرمادة للخسارة البشرية العظيمة التي حدثت فيها للمسلمين.

طاعون عمواس.. من أشراط الساعة ..  

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عباد الله:” وقد وقع الطاعون الذي أخبر به النبي –صلى الله عليه وسلم- زمن عمر بن الخطاب  رضي الله تعالى عنه  سنة ثمان عشرة للهجرة، وهو أول طاعون وقع في الإسلام, إنه ذلك المرض ذو السمعة السيئة عند جميع الأمم والشعوب، والذي إذا ذُكر: تداعت إلى الأذهان أعداد ضحاياه التي تفوق الخيال، وارتبط اسمه بـــ “الوباء” في كثيرٍ من الأحيان بل هو أحد أبرز مظاهره.

هو الداء الوبيل الذي يثير اسمه الهلع ويهيج مشاعر القلق، وتم الاصطلاح عليه –كما نرى في كتب التاريخ- بالمرض الأسود، وكلّ باحثٍ في علوم الاجتماع يعلم يقيناً كيف صار أحد مصادر التشاؤم ورمزاً من أدبيات الرعب.

إخوة الإسلام :

“عن الطاعون نتحدث، وعنه نذكر ونتذكّر دليلاً من دلائل نبوّة رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، حينما جاءه الخبر من السماء بكارثةٍ إنسانيّة تحلّ في أمّته وأتباعه وتُفني منهم الخلق الكثير.

كان ذلك الإخبار في السنة التاسعة للهجرة، فقد أوضح لنا الصحابي الجليل عوف بن مالك رضي الله عنه  عن خبر النبوءة، والوقت الذي قيلت فيه، والظروف التي صاحبتها، يقول عوف رضي الله عنه: أتيت النبى – صلى الله عليه وسلم – في غزوة تبوك وهو في قُبّة من أَدَم، فقال:

“اعدد ستاً بين يدي الساعة، موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم مُوتَان يأخذ فيكم كقعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطاً، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفا”(البخاري). والأَدَم: هو الجلد، والغاية: الراية. قال ابن حجر: “إن هذه الآية ظهرت في طاعون عمواس في خلافة عمر وكان ذلك بعد فتح بيت المقدس” أهـ .

هنا نرى النبي –صلى الله عليه وسلم- قد أخبر بست علاماتٍ تحدث من بعده وكلّها من أشراط الساعة:

أما وفاته عليه الصلاة والسلام فكان في السنة الحادية عشرة من الهجرة، وأما فتح بيت المقدس فكان على يدي الخليفة الرّاشد عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه- سنة خمس عشرة للهجرة، وبعدها “الموتان” الذي أخبر النبي –صلى الله عليه وسلم- بحلوله وحدوثه.

والموتان: بضم الميم وسكون الواو، وقيل: موتان بفتح الميم والواو، وفيها لغة أخرى: فتح الميم وإسكان الواو، وهي بمعنى انتشار الموت في الناس كانتشار النار في الهشيم، وقد شبّهه النبي –صلى الله عليه وسلم- بعقاص الغنم، وهو داءٌ يصيب الغنم، فيسيل من أنوفها شيء، ثم لا تلبث أن تموت. يقول أحد شرّاح الحديث: “أراد بالمُوتان الوباء، وهو في الأصل موت يقع في الماشية، والميم منه مضمومة، واستعماله في الإنسان تنبيهٌ على وقوعه فيهم وقوعه في الماشية، فإنها تسلب سلباً سريعاً”.

كيف استقبل المسلمون طاعون عمواس؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عباد الله:” تكلّم المؤرّخون كثيراً كيف استقبل المسلمون هذه الظاهرة الجديدة عليهم بشيء من الارتباك واختلاف المواقف؛ إذ لا سابقة لهم في التعامل مع أمثال هذه الأوبئة العامة، فمنهم من دعا إلى الفرار والهروب إلى الدول المجاورة، ومنهم من نظر إلى هذه الدعوة بأنها فرارٌ من قدرٍ محتوم، وأجلٍ مقسوم،  ومما اشتهر في شأن طاعون عمواس الحوار الذي دار بين أبي عبيدة وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما،  إذ قال أبو عبيدة:

يا أمير المؤمنين، أفراراً من قدر الله؟ فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة! نعم، نفرّ من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو كانت لك إبل فهبطت واديا له عدوتان، إحداهما خصبة، والأخرى جدبة، أليس إن رعيتَ الخصبة رعيتَها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتَها بقدر الله؟ قال: نعم.

وقد تولّى الخليفة عمر رضي الله عنه القسمة بنفسه:

وطابت قلوب الناس بقدومه، وانقطعت أطماع الأعداء في استغلال هذه الفوضى باستباحة الأراضي والقضاء على الوجود الإسلامي. وقد قيل: إن عمر بن الخطاب قدم الشام، فلما كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد فيهم أبو عبيدة ابن الجراح، فأخبروه بالوباء وشدته، وكان معه المهاجرون والأنصار، خرج غازياً، فجمع المهاجرين الأولين والأنصار فاستشارهم، فاختلفوا عليه، فمنهم القائل:

خرجت لوجه الله فلا يصدك عنه هذا، ومنهم القائل: إنه بلاء وفناء فلا نرى أن تقدم عليه. فقال لهم: قوموا، ثم أحضر مهاجرة الفتح من قريش فاستشارهم فلم يختلفوا عليه وأشاروا بالعود، فنادى عمر في الناس: إني مصبح على ظهر. فقال أبو عبيدة: أفراراً من قدر الله؟ فقال:

نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو كان لك إبل فهبطت وادياً له عدوتان إحداهما مخصبة والأخرى جدبة أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟ فسمع بهم عبد الرحمن بن عوف فقال: إن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: “إذا سمعتم بهذا الوباء ببلد فلا تقدموا عليه وإذا وقع ببلد وأنتم به فلا تخرجوا فراراً منه”. فانصرف عمر بالناس إلى المدينة.

وهذه الرواية أصح، فإن البخاري ومسلماً أخرجاها في صحيحيهما:

ولأن أبا موسى كان هذه السنة بالبصرة ولم يكن بالشام، لكن هكذا ذكره وإنما أوردناه لننبه عليه. وورد عن سعد بن معاذ رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:”.. فإذا كان بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا منها، وإذا سمعتم به في أرض، فلا تدخلوها”(أحمد)..

وواجه المسلمون تحدّياً جديدً في مسألة قسمة المواريث وإشكالاتها المتعلّقة بموت الورثة وورثتهم على نحوٍ متعاقبٍ سريع، فصار من الصعوبةِ بمكان أن يُتعامل مع هذا الواقع الجديد وقسمة المواريث بالطرق الاعتياديّة السابقة.

أبو عبيدة يظل في عمواس ويموت بالطاعون:”

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقد آثر أبو عبيدة رضي الله عنه البقاء في عمواس، ورفض دعوة عمر رضي الله عنه بمفارقة مكان الوباء، حتى أصابه الطاعون، فقام في الناس خطيبا فقال: “أيها الناس، إن هذا الوجع رحمةٌ بكم، ودعوة نبيّكم، وموت الصالحين قبلكم، وإن أبا عبيدة يسأل الله أن يقسم لأبي عبيدة حظّه”.

معاذ بن جبل وابنه يموتان بالطاعون:”

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثم مات أبو عبيدة وقد استخلف على الناس معاذ بن جبل رضي الله عنهم، فقام خطيباً وقال نحو ما قال أبو عبيدة رضي الله عنه، فأصيب ولده عبد الرحمن بالطاعون فمات، ثم أصيب هو بالطاعون، وكان مبدأ المرض في يده، يقول أحد الرواة: “لقد رأيته ينظر إليها ثم يقلب ظهر كفه ثم يقول: ما أحب أن لي بما فيكِ، شيئاً من الدنيا” وذلك منه استحضاراً للأجور العظيمة المترتّبة عليه.

بلال بن رباح يؤذن للمسلمين عن طلب عمر بن الخطاب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقال سيف بعد ذكره قدوم عمر بعد طاعون عمواس في آخر سنة سبع عشرة، قال: فلما أراد القفول إلى المدينة في ذي الحجة منها، خطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:

ألا إني قد وليت عليكم وقضيت الذي علي في الذي ولاني الله من أمركم إن شاء الله، فبسطنا بينكم فيأكم ومنازلكم ومغازيكم، وأبلغناكم ما لدينا، فجندنا لكم الجنود، وهيأنا لكم الفروج، وبوأنا لكم ووسعنا عليكم ما بلغ فيؤكم، وما قاتلتم عليه من شامكم، وسمينا لكم أطعماتكم، وأمرنا لكم بأعطياتكم وأرزاقكم ومغانمكم. فمن علم منكم شيئا ينبغي العمل به فليعلمنا نعمل به إن شاء الله، ولا قوة إلا بالله.

قال: “وحضرت الصلاة، فقال له الناس: لو أمرت بلالا فأذن؟ فأمره فأذن، فلم يبق أحد كان أدرك رسول الله وبلال يؤذن إلا بكى حتى بل لحيته، وعمر أشدهم بكاء، وبكى من لم يدركه لبكائهم ولذكرهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم.”(سيرة ابن اسحاق).

عمرو بن العاص ينقذ المسلمين من الوباء :”

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وعاش المسلمون في ظلّ هذا الوباء أيّاماً عصيبة، حتى كانت نهايته على يد العبقري عمرو بن العاص رضي الله عنه، فحينما مات معاذ رضي الله عنه واستخلف عمرو بن العاص قام في الناس خطيباً فقال: “أيها الناس، إن هذا الوجع إذا وقع فإنما يشتعل اشتعال النار، فتحصّنوا منه في الجبال” وكأنّه يعني أن حال هذا الوباء كحال النار، فإذا لم تجد النار ما تحرقها خمدت، فكانت نصيحته للناس أن يتفرّقوا في النواحي شيئاً من الزمن، وبهذه النظرة السديدة ارتفع الوباء وانتهى ، ولله الحمد والمنّة. علاج الطاعون فقال أبو وائل الهذلي:

كذبت والله لقد صحبت رسول الله، وأنت شر من حماري هذا. فقال: والله ما أرد عليك ما تقول، وأيم الله لا نقيم عليه. قال: ثم خرج وخرج الناس فتفرقوا، ودفعه الله عنهم. قال: فبلغ ذلك عمر بن الخطاب من رأي عمرو بن العاص فوالله ما كرهه”(سيرة ابن اسحاق).

وقيل إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو من  كتب إلى عمرو بن العاص بالتوجه بسكان المدن إلى الجبال، فالطاعون لا ينتشر عند أهل الجبال؛ عندها اختفى الوباء بهذه الحيلة..

ذكر قدوم عمر إلى الشام بعد الطاعون:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أيها الناس:” لما هلك الناس في الطاعون كتب أمراء الأجناد إلى عمر بما في أيديهم من المواريث، فجمع الناس واستشارهم وقال لهم: قد بدا لي أن أطوف على المسلمين في بلدانهم لأنظر في آثارهم، فأشيروا علي، وفي القوم كعب الأحبار، وفي تلك السنة أسلم، فقال كعب:

يا أمير المؤمنين، بأيها تريد أن تبدأ؟ قال: بالعراق. قال: فلا تفعل فإن الشر عشرة أجزاء، تسعة منها بالمشرق وجزء بالمغرب، والخير عشرة أجزاء، تسعة بالمغرب وجزء بالمشرق، وبها قرن الشيطان وكل داء عضال. فقال علي: يا أمير المؤمنين، إن الكوفة للهجرة بعد الهجرة، وإنها لقبة الإسلام، ليأتينها يوم لا يبقى مسلم إلا وحن إليها لينتصرن بأهلها كما انتصر بالحجارة من قوم لوط. فقال عمر: إن مواريث أهل عمواس قد ضاعت، أبدأ بالشام فأقسم المواريث وأقيم لهم ما في نفسي ثم أرجع فأتقلب في البلاد وأبدي إليهم أمري.

فسار عن المدينة واستخلف عليها علي بن أبي طالب واتخذ أيلة طريقاً، فلما دنا منها ركب بعيره وعلى رحله فرو مقلوب وأعطى غلامه مركبه، فلما تلقاه الناس قالوا:

أين أمير المؤمنين؟ قال: أمامكم، يعني نفسه، فساروا أمامهم، وانتهى هو إلى أيلة فنزلها، وقيل للمتلقين: قد دخل أمير المؤمنين إليها ونزلها، فرجعوا إليه. وأعطى عمر الأسقف بها قميصه، وقد تخرق ظهره، ليغسله ويرقعه، ففعل، وأخذه ولبسه، وخاط له الأسقف قميصاً غيره فلم يأخذه. فلما قدم الشام قسم الأرزاق، وسمى الشواتي والصوائف، وسد فروج الشام ومسالحها، وأخذ يدورها، واستعمل عبد الله بن قيس على السواحل من كل كورة، واستعمل معاوية، وعزل شرحبيل بن حسنة وقام يعذره في الناس وقال:

إني لم أعزله عن سخطة ولكني أريد رجلاً أقوى من رجل. واستعمل عمرو بن عتبة على الأهراء. وقسم مواريث أهل عمواس، فورث بعض الورثة من بعض، وأخرجها إلى الأحياء من ورثة كل منهم. وخرج الحارث بن هشام في سبعين من أهل بيته فلم يرجع منهم إلا أربعة. ورجع عمر إلى المدينة في ذي القعدة.

من مات بالطاعون أو كرونا فهو شهيد؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عباد الله:” والذي يموت بسبب هذا المرض يعتبر من جملة الشهداء، فقد قال النبي –صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: “ليس من عبدٍ يقع الطاعون فيمكث في بلده صابراً أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له ، إلا كان له مثل أجر الشهيد”(البخاري).

وعن حفصة بنت سيرين أن أنس بن مالك رضي الله عنه سألها : بم مات يحيى بن أبي عمرة ؟ فقالت: “بالطاعون، فقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: “الطاعون شهادة لكل مسلم”(البخاري).

وعن عتبة بن عبد السلمي رضي الله عنه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “يأتي الشهداء والمتوفّون بالطاعون، فيقول أصحاب الطاعون: نحن شهداء، فيُقال: انظروا، فإن كانت جراحهم كجراح الشهداء تسيل دماً ريح المسك، فهم شهداء. فيجدونهم كذلك”(أحمد والطبراني).

الخطبة الثانية : من خطبة الجمعة القادمة “

ــــــــــــــــــــ

الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد فيا جماعة الإسلام ..

“لا عدوي بنفسها والأمر بيد الله تعالي مع الأخذ بالأسباب والحيطة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: “لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، ولا نوء ولا غول، ويعجبني الفأل”(مسلم).

والمعنى إبطال ما يعتقده أهل الجاهلية، من أن الأشياء تعدي بطبعها، فأخبرهم صلي الله عليه وسلم أن هذا الشيء باطل، وأن المتصرف في الكون هو الله وحده، فقال بعض الحاضرين له صلي الله عليه وسلم: “يا رسول الله الإبل تكون في الصحراء، كأنها الغزلان، فيدخل فيها البعير الأجرب فيجربها، فقال صلي الله عليه وسلم :”فمن أعدى الأول”(البخاري ومسلم).

والمعنى أن الذي أنزل الجرب في الأول هو الذي أنزله في الأخرى، ثم بين لهم صلي الله عليه وسلم أن المخالطة تكون سبباً لنقل المرض من الصحيح إلى المريض، بإذن الله تعالي،

#الحجر الصحي:”

ــــــــــــــــــــــــــ

ولهذا قال صلي الله عليه وسلم:” لا يورد ممرض على مصح[البخاري ومسلم].

والمعنى: النهي عن إيراد الإبل المريضة ونحوها بالجرب ونحوه مع الإبل الصحيحة؛ لأن هذه المخالطة قد تسبب انتقال المرض مع المريضة إلى الصحيحة بإذن الله، ومن هذا قوله صلي الله عليه وسلم:

فر من المجذوم فرارك من الأسد”(البخاري).، وذلك لأن المخالطة قد تسبب انتقال المرض منه إلى غيره، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن انتقال الجذام من المريض إلى الصحيح إنما يكون بإذن الله، وليس هو شيئاً لازماً. والخلاصة: أن الأحاديث في هذا الباب تدل على أنه لا عدوى على ما يعتقده الجاهليون من كون الأمراض تعدي بطبعها، وإنما الأمر بيد الله سبحانه. إن شاء انتقل الداء من المريض إلى الصحيح وإن شاء سبحانه لم يقع ذلك.

الوباء في علوم الطبيعة :”

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وحتى نفهم أكثر طبيعة هذا المرض الرهيب، يحسن بنا العودة إلى المراجع الطبيّة التي بيّنت حقيقة هذا المرض، فقد وصفوا الطاعون بأنه عدوى تهدد حياة الإنسان، ومنشأ هذه العدوى بكتريا تُعرف باسم “يرسِينيا بيستيس”وتتواجد هذه البكتيريا في أجساد بعض القوارض كالفئران والجرذان، ثم يأتي دور البراغيث التي تصاب بها ثم تقوم بدورها في نقل عدوى الطاعون إلى الناس. والإسلام يدعو إلي النظافة والطهارة والتطهر” وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ”. والوقاية خير من العلاج ,ودرهم وقاية خير من قنطار علاج .

الطب الحديث يقول كلمته في الوباء:”

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقد مرّ معنا حيرة الصحابة في دخول موطن الطاعون من عدمه، حتّى قال الطبّ كلمته في عصرنا الحالي، مبيّناً ومن خلال المنهج التجريبي أن المتواجد في الأرض الموبوءة قد يكون حاملاً للفيروس المسبّب للمرض دون أن تظهر عليه أعراضه، فيكون خروجه من موطن الوباء سبباً في انتشاره في مواطن أخرى، وعليه: يكون الحجر الصحّي هو أنجع الوسائل في السيطرة على الوباء ومنعه من الانتشار، وهو ما جاء الأمر به في الحديث النبويّ الشريف، ولذلك اعتبر كثيرٌ من العلماء أن هذا الحديث داخلٌ في جملة الأحاديث المتعلّقة بالإعجاز العلميّ، والتي تدلّ على أن نبينا صلى الله عليه وسلم- لا ينطق عن الهوى، بل هو الوحي من ربّ السماء.

الأخذ بالأسباب والحيطة:”

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولكن المسلمين مأمورون بأخذ الأسباب النافعة، وترك ما قد يفضي إلى الشر.

أما قوله صلي الله عليه وسلم لا طيرة فمعناه: إبطال ما يعتقده أهل الجاهلية من التطير بالمرئيات والمسموعات مما يكرهون وتردهم عن حاجتهم فأبطلها النبي صلي الله عليه وسلم وقال في الحديث الآخر: الطيرة شرك الطيرة شرك. وقال عليه الصلاة والسلام: إذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: “اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك”(أبوداود).

وروي عنه صلي الله عليه وسلم أنه قال: “من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك قالوا: وما كفارة ذلك يا رسول الله؟ قال: “يقول: “اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك(أحمد).

وأما الهامة: فهو طائر يسمى البومة، يزعم أهل الجاهلية أنه إذا نعق على بيت أحدهم فإنه يموت هذا البيت، فأبطل النبي صلي الله عليه وسلم ذلك.

وأما قوله صلي الله عليه وسلم: ولا صفر فهو الشهر المعروف وكان بعض أهل الجاهلية يتشاءمون به. فأبطل النبي صلي الله عليه وسلم ذلك، وأوضح صلي الله عليه وسلم أنه كسائر الشهور ليس فيه ما يوجب التشاؤم. وقال بعض أهل العلم: إنها دابة تكون في البطن تسمى: صفر.. وكان بعض أهل الجاهلية يعتقدون فيها أنها تعدي فأبطل النبي صلي الله عليه وسلم ذلك.

وأما النوء فهو واحد الأنواء، وهي النجوم وكان بعض أهل الجاهلية يتشاءمون ببعض النجوم فأبطل النبي صلي الله عليه وسلم ذلك.

وقد أوضح الله سبحانه في القرآن العظيم أنه خلق النجوم زينة السماء ورجوماً للشياطين، وعلامات يهتدى بها في البر والبحر؛ كما قال الله سبحانه: “وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ”(الملك/5)، وقال سبحانه: “وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ”(الأنعام/97)،وقال سبحانه: وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ”(النحل/16).

وأما الغول:

فهو جنس من الجن يتعرضون للناس في الصحراء، ويضلونهم عن الطرق ويخوفونهم، وكان بعض أهل الجاهلية يعتقدون فيهم، وأنها تتصرف بقدرتها، فأبطل الله ذلك. وروي عنه صلي الله عليه وسلم أنه قال: “إذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان “والمعنى أن ذكر الله يطردها، وهكذا التعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، يقي من شرها وشر غيرها، مع الأخذ بالأسباب التي جعلها الله أسباباً للوقاية من كل شر.

أما الفأل: فهو أن يسمع الإنسان الكلمة الطيبة، فتسره، ولكن لا ترده عن حاجته، وقد فسر النبي صلي الله عليه وسلم الفأل بذلك فقال صلي الله عليه وسلم : ويعجبني الفأل قالوا: “يا رسول الله وما الفأل؟ قال: الكلمة الطيبة ” أ.هـ.

ومن أمثلة ذلك أن يسمع المريض من يقول: يا سليم يا معافى فيسره وهكذا إذا سمع من ينشد ضالة: من يقول: يا واجد، أو يا ناجح أو يا موفق ذلك ويتفاءل به..

_____________________________________

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »