خطبة الجمعة القادمة 1 أكتوبر 2021م : “إعمال العقل في فهم النص” ، للشيخ عبد الناصر بليح
خطبة الجمعة القادمة
خطبة الجمعة القادمة 1 أكتوبر 2021م : “إعمال العقل في فهم النص” ، للشيخ عبد الناصر بليح ، بتاريخ: 24 صفر 1443هـ – الموافق 1 أكتوبر 2021م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 1 أكتوبر 2021م ، للشيخ عبد الناصر بليح : “إعمال العقل في فهم النص”.
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 1 أكتوبر 2021م ، للشيخ عبد الناصر بليح : “إعمال العقل في فهم النص” ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 1 أكتوبر 2021م ، للشيخ عبد الناصر بليح : “إعمال العقل في فهم النص”، بصيغة pdf أضغط هنا.
___________________________________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة ، للشيخ عبد الناصر بليح : “إعمال العقل في فهم النص” : كما يلي:
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن مُحمَّدًا عبْدُهُ ورسولُهُ. وبعدُ فيقولُ اللهُ تعالي:”وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الأَلْبَابِ ﴾”(آل عمران: 7).
عبادَ اللهِ : “إنَّ مِنْ أفضلِ نِعَم اللهِ على عبادِه، نعْمةَ العقلِ، فالعقلُ زينةٌ فلولا العقلُ لما عرَفَ الإنسانُ دينَ الإسلامِ والنبوةَ، والخيرَ والشرَ، والحقَّ والباطلَ، والمعروفَ والمنكرَ، قال – تعالى – مادحًا عبادَهُ أصحابَ العقولِ السليمةِ : “إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ”(آل عمران/190).
وقد ذمَّ اللهُ – تعالى – أصحابَ العقولِ الغافلةِ عن دينِه؛ فقال: “وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ”(الأعراف: 179).
فإذا فَقَدَ الإنسانُ العقلَ السليمَ الذي يقودُه إلى الخيرِ، ويُبعدُه عن الشرِ، فقد أصبحَ كالبهيمةِ التي تأكلُ وتشربُ ولا تعقلُ شيئًا؛ بل إنها خيْرٌ منه، كما في الآيةِ الكريمةِ السابقةِ؛ قال صلى اللهُ عليه وسلم: ” إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ مَعاليَ الأُمورِ، وأَشرافَها، ويَكرَهُ سَفْسافَه ا(صحيح)؛ أي: دنيئَها وخسيسَها.
وكما يقولُ القائلُ:” لَيْسَ الجَمَالُ بِأَثْوَابٍ تُزَيِّنُنَا إنَّ الجَمَالَ جَمَالُ العَقْلِ وَالأَدَبِ
والناسُ يُحبون الرجلَ الذي جمعَ بين الصَّلاحِ ورجحانِ العقلِ، ونبيُّنا صلى الله عليه وسلم أرجحُ الناسِ عقلاً، ففي الجاهليةِ لَم يسجدْ لصنمٍ قط، مع كثْرتِها وتعلُّقِ الناسِ بها؛ لعلمِه أنّ هذه الأصنامَ جماداتٌ لا تضرُّ ولا تنفعُ..
عبادَ اللهِ:” ومِن الناسِ مَن أعملَ عقلَهُ في الهدفِ الذي خُلِقَ لأجلِه وهو عبادةُ اللهِ تعالى، وهذا حالُ المسلمين، غيرَ أنهم في ذلك صنفان:
الصنفُ الأولُ: مَن وظفَ عقلَه في التفكيرِ في جلبِ مصالحِ الآخرةِ ودفعِ مضارِها، مع أخذِ ما تيسرَ له من أسبابِ العيشِ الدنيويِ، جاعلاً الآخرة هدفهُ الرئيس في حياتِه، والدنيا تتبعُ ذلك، فهذا أعقلُ الناسِ وأصلحُهم وأتقاهُم وأنجحهُم.” اعمل لآخرتِك كأنك تموتُ غدًا واعمل لدنياكَ كأنك تعيشَ أبدًا”
والصنفُ الثاني: من أعملَ عقلَه في كيفيةِ الوصولِ إلى خيراتِ الدنيا وملذاتِها، صارفًاً جُلّ تفكيرهِ في ذلك، مكتفيًا من الإسلامِ ببعضِ الشعائرِ، فأضحى مغلبًا أمرَ دنياه على أمرِ آخرتِه، وهذه حياةُ أكثرِ المسلمين .
فكم من ذكيٍ ألمعيٍ، ومخترعٍ عبقريٍ هداه عقلُه الواسعُ وذكاؤُه الخارقُ إلى مجاهل ومسالكٍ في أمورِ الدنيا لم يصلْ إليها أحدٌ قبلَه، فصارَ مخترعاً صاحبَ اكتشافاتٍ وحقائقَ ونظرياتٍ، وأوصلَه عقلُه وذكاؤه إلى مقاماتٍ رفيعةٍ في شؤونِ الحياةِ، لكنه لم يوصلْه إلى خالقِه ويعرفهُ دينَ ربِّه الحق، فماذا استفادَ مِن ذلك العقلِ الكبيرِ والذكاءِ الوقادِ لحياتهِ الأبديةِ؟! فبئس العقلُ الناجحُ دنيويًا، المخفقُ أخرويًا!
وكم من إنسانٍ مسلمٍ لديه معرفة محدودة بمصالحِ الدنيا، ودراية ضئيلة بمعارفِها وعلومِها، ولكنه يعرفُ ربَّه، فيؤدي حقَّه، ويستعدِ للقائِه بزادِ التقوى، فهذا هو العاقلُ حقًا وليس ذلك المبدعُ والمخترعُ الكافر.
عبادَ الله:” وللعقلِ أعداءٌ كُثُر يحيدون به عن الطريقِ المستقيمِ، ويعدلون به عن إعمالِ تفكيرِه فيما ينجيهِ عند ربهِ العظيمِ، ويصلحُ له حياتهُ الدنيا صلاحًا غيرَ مشوبٍ بالباطلِ والأكدارِ ومن هؤلاءِ الأعداء:
الهوى:”وهو ميلُ النفسِ إلى ما تستلذُّه الشهواتُ بعيداً عن الشرعِ”بحيثُ يصيرُ الإنسانُ عبداً مطيعًا لكلِّ ما تشتهيه نفسُه من الباطلِ.
إِنِّي ابْتُلِيتُ بِأَرْبَعٍ مَا سُلِّطُـــواإِلَّا لِشِـــدَّةِ شقوتِي وعنائِي
إِبْلِيسُ وَالدُّنْيَا نَفْسِي وَالْهَوَى كَيْفَ الخْلاَصُ وَكُلُّهُمْ أَعْدَائِي
بِمَعِيَّةِ الرَّحْمَانِ وَنَهْجِ حَبِيبِهِ أَبْلُـغُ بِإِذْنِ اللَّــهِ جل رَجَـائِي
ولا يخفَى أنّ “الهوى عن الخيرِ صادٌ، وللعقل مضادٌ؛ لأنّه ينتجُ من الأخلاقِ قبائحهَا، ويظهرُ من الأفعالِ فضائحَها، ويجعلُ سترَ المروءةِ مهتوكا، ومدخل الشرِّ مسلوكا. قال بعضُ الحكماِء: العقلُ صديقٌ مقطوعٌ، والهوى عدو متبوعٌ”. فليحفظ المرءُ عقلَه من سلطانِ الهوى الذي إذا دخلَ في رعيتِه هلكَ، قال صلي الله عليه وسلم:”ثلاثٌ مهلكاتٌ شُحٌّ مطاعٌ، وهوًى مُتَّبعٌ، وإعجابُ المرءِ بنفسِه”(الطبراني).
عبادَ اللهِ : “والعدوُ الثاني للعقلِ: المعلوماتُ الخاطئةُ، التي تشكِّله في بوتقةِ انحرافِ، وتسقيه أسبابَ عطبِه، ومادةَ انحرافِه، حتى يختلَّ توازنُه الفكريُ،ويفسد سلوكُه العمليُ،ويضلُّ بذلك عن جادةِ الحقِ.وتلك المعلوماتُ المضلةُ قد تأتِيه من معلِّمٍ أو وسيلةٍ إعلاميةٍ مرئيةٍ أو مسموعةٍ أو مقروءةٍ،أو جليسٍ مشوشِ الفكرِأو جماعةٍ من الجماعاتِ المتشددةِ المنحرفةِ التي ضللتْ عقولَ الشبابِ.فأعداءُ الحقِّ اجتهدُوا لتضليلِ العقلِ المسلمِ، وتشويِه أفكارِه الصحيحةِ،وتشكيكِ صاحبه بثوابتِ دينهِ…
عبادَ الله:”والعدوالثالثُ للعقلِ: البيئةُ الفاسدةُ، التي تعجُّ بالفسادِ والمفسدين، فكم تُكدر من عقولٍ نقيةٍ، وتشوّه من صورٍ ذهنيةٍ ، وتزرعُ فيها من أفكارٍ منحرفةٍ ، وتصوراتٍ مهلكةٍ ، حتى تضللَ العقلَ خصوصًا في هذا الزمنِ المُرِّ الذي تقلّ فيه البيئاتُ الصالحةُ،ويندرُ فيه الجلساءُ الصالحون.
فعلى الإنسانِ أن يحذرَ على عقلِه وعقولِ أهلِه وأولادِه أضرارَ الهوى والمعلوماتِ الخاطئةِ، والبيئةِ الفاسدةِ؛ فإنها أجنحةُ الشرِّ الثلاثةِ التي تطيرُ بالعقولِ إلى متاهاتِ الغوايةِ، وآفاقِ اللوثةِ الفكريةِ.
وليجعلْ مكانَها التقوى والعلمَ النقيَّ والبيئةَ الصالحةَ؛ فإنها قواربُ النجاةِ للعقولِ في أمواجِ الانحرافِ العقليِ الذي يعيشُه عالمُ اليومِ.
فمَن منحَهُ اللهُ منحةَ العقلِ فقادهُ إلى الخيرِ، وعَقَلَه عن الشرِّ فما أعظمَ ما مُنحَ، وما أحسنَ ما به مُدِح.:”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ”(التحريم/6).
عبادَ اللهِ أقولُ ماسمعتم وتوبوا إلي اللهِ جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تُفلحون”
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين والصلاةُ والسلامُ علي خاتمِ المرسلين أما بعدُ فياعبادَ الله:”لازلنا نواصلُ الحديثَ حول زينةِ العقلِ والنضجِ العقليِّ هو كالنضجِ النفسيِ، ليس محدودًا بحدودٍ، ومهما شعرنَا أننا نفهمُ الأمورَ على نحوٍ تامٍ وعميقٍ، فإننًا سنظلُ جاهلين في طرفٍ منها؛ فكلُّ الحوادثِ والأشياءِ والموادِ تشتملُ على عنصرٍ غيبيٍ، وهذا العنصرٌ يحُولُ دونَ الحصولِ على المعرفةِ الكاملةِ؛ قال تعالى:”نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ”(يوسف/76).
ولننظرْ إلى هذه المناظرةِ بين العقلِ والعلمِ:
عِلْمُ العَلِيمِ وَعَقْلُ العَاقِلِ اخْتَلَفَا مَنْ ذَا الَّذِي مِنْهُمَا قَدْ أَحْرَزَ الشَّرَفَا
فَالعِلْمُ قَالَ أَنَا أَحْرَزْتُ غَايَتَهُ وَالعَقْلُ قَالَ أَنَا الرَّحْمَنُ بِي عُرِفَا
فَأَفْصَحَ العِلْمُ إِفْصَاحًا وَقَالَ لَهُ بِأَيِّنَا اللَّهُ فِي قُرْآنِهِ اتَّصَفَا
فَبَانَ لِلعَقْلِ أَنَّ العِلْمَ سَيِّدُهُ فَقَبَّلَ العَقْلُ رَأْسَ العِلْمِ وَانْصَرَفَا
عبادَ اللهِ :” فالعقلُ السويُّ الذي قد نضجَ مع العلمِ والإيمانِ، هو العقلُ الذي لا يتعارضُ مع النقلِ،أما الذي قد امتزجَ بالهوى والمعاصيِ، فيأبى أنْ يُذعِنَ للفطرةِ السويةِ؛ لكثرةِ الرانِ الذي قد كساهُ؛ قال تعالى :”كَلَّابَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ”(المطففين: 14).
وإذا أخذنًا أنموذجاً فريداً لذلك نأخذُ أبا حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ أَرَادُوا الْبَحْثَ مَعَهُ فِي تَقْرِيرِ تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ. فَقَالَ لَهُمْ: أَخْبِرُونِي قَبْلَ أَنْ نَتَكَلَّمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ سَفِينَةٍ فِي دِجْلَةَ، تَذْهَبُ، فَتَمْتَلِئُ مِنَ الطَّعَامِ وَالْمَتَاعِ وَغَيْرِهِ بِنَفْسِهَا، وَتَعُودُ بِنَفْسِهَا، فَتَرْسُو بِنَفْسِهَا، وَتُفْرِغُ وَتَرْجِعُ، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُدَبِّرَهَا أَحَدٌ؟! فَقَالُوا: هَذَا مُحَالٌ لَا يُمْكِنُ أَبَدًا! فَقَالَ لَهُمْ: إِذَا كَانَ هَذَا مُحَالًا فِي سَفِينَةٍ، فَكَيْفَ فِي هَذَا الْعَالَمِ كُلِّهِ عُلْوِهِ وَسُفْلِهِ! فهنا استخدمَ العقلَ مع الملاحدةِ لأنه لو قرأَ لهم القرآنَ كلَّه ما اقتنعوا لأنهم لايؤمنون بالله أصلاً فكيف يأخذوا بكلامه .. اللهم احفظ علينا عقولَنا وحبب الينا الإيمانَ وزينهُ في قلوبِنا يارب العالمين..
عبادَ اللهِ أقولُ قولي هذا وقوموا إلى صلاتِكم يرحمُكم اللهُ وأقم الصلاةَ..
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف