خطبة الجمعة 25 ديسمبر 2020م : الإيمان بالله واليوم الآخر وأثره في السلوك ، للشيخ كمال المهدي
خطبة الجمعة القادمة 25 ديسمبر 2020م بعنوان : الإيمان بالله واليوم الآخر وأثره في السلوك ، للشيخ كمال المهدي ، بتاريخ 10 من جمادي الأول 1442هـ ، الموافق 25 ديسمبر 2020 م.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 25 ديسمبر 2020م بعنوان : الإيمان بالله واليوم الآخر وأثره في السلوك ، للشيخ كمال المهدي
١-الإيمان نعمة يَمُن الله بها على من يشاء من عباده.
٢- حقيقة الإيمان المطلوب من العبد.
٣- من آثار الإيمان بالله واليوم الآخر توجيه السلوك وتهذيبه.
٤- من آثار الإيمان بالله واليوم الآخر مراقبة الله في السر والعلن.
٥- من آثار الإيمان بالله واليوم الآخر البعد عن الغش والتحاليل والخيانة.
٦- من آثار الإيمان بالله واليوم الآخر الطمأنينة والسكينة.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 25 ديسمبر 2020 كما يلي:
خطبة الجمعة القادمة ١٠ من جمادي الأول ١٤٤٢ الموافق ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٠م بعنوان (الإيمان بالله واليوم الآخر وأثره في السلوك)
***
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم :-
أما بعد :-
أحبتي في الله :حديثنا اليوم عن الإيمان بالله واليوم الآخر وأثره في السلوك..
وأبدأ وأقول :- إن الإيمان نعمة من الله عز وجل يَمُن بها على من يشاء من عباده قال تعالى (بَلْ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَان)[ الحجرات:١٧].
* والإيمان ليس بالكلام بل ما وَقَر في القلب وصدقه العمل. ويكون الإيمان ظاهراً على العبد في تصرفاته وفي أفعاله وأقواله كما هو أيضا في قلبه ونيته وعقيدته هذا هو الإيمان ولهذا قال سبحانه وتعالى: (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ* فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)[البقرة: ٨-٩-١٠].
** فالإيمان المطلوب من كل عبد هو الإيمان الذي يورث الخشية والخوف من الله، والحب لله، والرجاء منه؛ وهو ذلك الإيمان الذي يهذب النفوس، ويُقوّم الأخلاق، وبه يستقيم السلوك، وينتشر الخير.
** الإيمان المطلوب هو الذي يوجه السلوك في البيت، ومع الجيران، وفي الوظيفة، وفي السوق؛ وفي كل مكان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخِر فلا يؤذِ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلْيُكْرِم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو لِيَصْمُت).متفق عليه.
** الإيمان المطلوب هو الذي يوجه سلوك الفرد المسلم تجاه أمته ومجتمعه التوجيه الأمثل، فالمسلم لا يعيش لنفسه وحسب؛ بل يعيش لمجتمعه وأمته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) رواه مسلم.
فإن صلَحت العقيدة الإيمانية صلَح السلوك واستقام، وإذا فسَدت فسد واعوجَّ، ومن ثَمَّ كانت عقيدة التوحيد والإيمان بالله ضرورةً، لا يستغني عنها الإنسان؛ ليستكمل شخصيته، ويحقق إنسانيته، وقد كانت الدعوة إلى عقيدة التوحيد أول شيء قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم لتكون حجر الزاوية في بناء الأمة المسلمة.
***هذا الإيمان أحبتي في الله **
له أثر كبير في سلوك الإنسان وشخصيته..
* فمن آثاره (توجيه السلوك وتهذيبه) *
فالإيمان هو المحرك لسلوك المؤمن وأفعاله وأقواله وأخلاقه ومشاعره ابتغاء الأجر والثواب من الله تعالى ، فالإيمان هو من يحث الإنسان ويدفعه لأن يكون أميناً مع الله تعالى ومع نفسه ومع الآخرين.
فالإنسان تؤثر عليه مؤثرات عديدة، تؤثر عليه الشهوة ويؤثر عليه الغضب ويؤثر عليه الفقر والحاجة إلى أن يحاول بأن يتجاوز الحدود، وعندما يكون مؤمناً بالله ومؤمناً باليوم الآخر، إيمانه بالله ثم إيمانه باليوم الآخر ينهيانه عن الوقوع في هذه المنزلقات ويصونانه عن التردي في هذه المهالك.
ولهذا فإن هناك فرقًا كبيرًا بين سلوك من يؤمن بالله واليوم الآخر، ويعلم أن الدُّنيا مزرعة الآخرة، وبين سلوك آخر لا يؤمن بالله، ولا باليوم الآخر وما فيه من ثواب وعقاب، “فالمصدق بيوم الدين يعمل وهو ناظر لميزان السماء لا لميزان الأرض، ولحساب الآخرة لا لحساب الدُّنيا.
إنه الإيمان الذي يضبط السلوك حتى في أحلك الظروف وأصعب الأزمات، فهذه (الخنساء) رضي الله عنها عُرفت بالبكاء والنواح، وإنشاء المراثي الشهيرة في أخيها المتوفَّى إبان جاهليتها، وظلت ترثيه سنوات، تقول فيه:-
يُذَكِّرُنِي طلوعُ الشمسِ صَخْرًا * وأذْكُرُهُ بكُلِّ غُرُوبِ شَـمْسِ..
ولـولا كثرةُ الباكينَ حَـوْلِي * عَـلَى إخْوَانِهِمْ لَقَتَلْتُ نَفْسِي..
ومـا يبْكُونَ مِثْلَ أَخِي، وَلَكِنْ * أُعَـزِّي النَّفْسَ عَنْهُ بِـالتَّأَسِّي..
وما إن لامس الإيمان قلبها، وعرفت مقام الأمومة، ودَور الأم في التضحية والجهاد في إعلاء البيت المسلم ورفعة مقامه عند الله، وعظت أبناءها الأربعة عندما حضرت معركة القادسية تقول لهم: إنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، وإنكم لابْنُ أبٍ واحد، وأم واحدة، ما خبث آباؤكم، ولا فُضحت أخوالكم.
فلما أصبحوا باشروا القتال واحدًا بعد واحد حتى قُتلوا، ولما بلغها خبرهم ما زادت على أن قالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته.
** ومن آثار الإيمان بالله واليوم الآخر :(مراقبة الله تعالى في السر والعلن)
فإنّ مراقبة الله عزّ وجلّ من أعظم ثمار الإيمان، حيث أن الفرد يقوم بدوره المكلّف فيه على أكمل وجه، سواء أكان ذلك على مستوى العبادات أم بوظيفته الدنيوية، ومراقبة الله تعالى، فهي جزءٌ من الإحسان الذي قال فيه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم:(أن تعبد اللَّه كأنَّك تراه، فإنَّك إن لا تراه فإنَّه يراك).
الإيمان يجعل الإنسان يدرك أن الله معه، ويتذكر دائمًا أن الله مطَّلع عليه، يقول:(الله مطلع علي، الله يراني)، ويتذكر قوله تعالى:(مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)[ق:١٨] رقابة من الله ومن الملائكة لحظة بلحظة، فهل يمكن أن يفكِّر أن يعصيه، أو يتمرد عليه وهو تحت رقابته؟ وإذا هو استطاع أن يفلت من عقوبة الدنيا ومحاكم الدنيا، فهل يمكنه أن يهرب من عقوبة الله في الآخرة
قال – تعالى -: ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)[الأنبياء:٤٧].
الإيمان بالله وباليوم الآخر يجعل المسلم يراقب تصرفاته ويزنها بميزان القبول عند الله تعالى لعلمه بأنها ستُعرض عليه وسيحاسبه عليها.
** ومن آثار الإيمان بالله واليوم الآخر :(البعد عن الغش والتحايل والخيانة) ، كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتجول ليلاً بالمدينة، ومعه خادمه، فأعياه التعب، فاتكأ إلى جدار بيت، وإذا بامرأة تقول لإبنتها: قومي إلى اللبن فامزجيه بالماء، فقالت الفتاة: يا أماه: أوَمَا سمعتِ منادي الخليفة ينادي: لا يُخْلَط اللبن بالماء؟! فقالت: إن عمر لا يرانا، فقالت الفتاة: إنْ كان عمر لا يرانا فإن رب عمر يرانا.
فلما سمع الخليفة كلامها قال لخادمه: اعرف مكان البيت، ثم مضى عمر رضي الله عنه في جولاته، فلما أصبح قال للخادم: امضِ إلى المكان فانظر مَن الفتاة؟! وهل لها زوج؟! قال الخادم: أتيت البيت فعلمت أنه ليس لها زوج، فعدت إلى الخليفة فأخبرته الخبر، فجمع أولاده وقال لهم: هل فيكم من يحتاج إلى الزواج فأزوجه؟! فزوجها لابنه عاصم.
هذه الفتاة عرفت ربها وآمنت به وعرفت معنى مراقبته، والسلوك الذي يجب أن تلتزم به، فخلّد التاريخ قصتها لتُروى للأجيال لتكون مثلاً للاقتداء.
** ومن آثار الإيمان بالله واليوم الآخر :
(الطمأنينة والسكينة) حيث إنّ المسلم الذي يملأ قلبه الإيمان، يشعر بالهدوء والاستقرار النفسي، قال الله عزّ وجلّ: (الَّذينَ آمَنوا وَتَطمَئِنُّ قُلوبُهُم بِذِكرِ اللَّـهِ أَلا بِذِكرِ اللَّـهِ تَطمَئِنُّ القُلوبُ)،[الرعد :٢٨] .فهي حياةٌ يطمئن فيها المسلم على حياته ورزقه، ويعيش متوكّلاََ على ربه، مفوّضاََ أموره إلى الله، كما تكون حياته لا قلق فيها ولا مشاكل نفسية؛ لأنّ إيمانه في قلبه.
**ومن آثار الإيمان بالله واليوم الآخر :-
(الصَّبر على الابْتلاءات والرِّضا بقضاءِ الله تعالى وقَدَرِه، واليقينُ بأنّ الله -تعالى سيُعوِّض المُبتلى بالآخرة)
فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه ما رُوي عن الله تعالى عن أنس بن مالك رضي الله عنه-قال: (إنَّ اللَّهَ قالَ: إذا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بحَبِيبَتَيْهِ فَصَبَرَ، عَوَّضْتُهُ منهما الجَنَّةَ) وحبيبتيْه أي عينيه، وقد رُوي في فضْل الصَّبر عن النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام قال: (عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له).
أحبتي في الله :-من أجل هذا اهتم الإسلام وجاء التأكيد في القرآن على قضية الإيمان بالله وباليوم الآخر ، وإثبات البعث والحساب والجزاء، فأنكر على الجاهلين استبعادهم له، وأمر نبيه أن يقسم على أنه حق: فقال تعالى (قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) [التغابن:٧]فعدم إيمان أهل الجاهلية بالله واليوم الآخرجعلهم يسفكون الدماء، وينهبون الأموال، ويقطعون الطريق؛ كما صور الله حالهم بقوله تعالى: (وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنيا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) [الأنعام: ٢٩] وكما قال قائلهم: إنما هي أرحام تدفع، وأرض تبلع.
** وفي الختام :-
أقول إن الإيمان بالله واليوم الآخر وما فيه من ثواب وعقاب هو الموجه الحقيقي لسلوكِ الإنسانِ سبيلَ الخير، وليس هناك أي قانون من قوانين البشر يستطيع أن يجعل سلوك الإنسان سويًا مستقيمًا كما يصنعه الإيمان بالله وباليوم الآخر .
**أسأل الله تعالى أن يرزقنا إيماناً خالصا وقلباً خاشعا ولساناً ذاكرا وبدناً على البلاء صابرا (اللهم آمين)
**
كتبه :- الشيخ /كمال السيد محمود محمد المهدي..
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية.
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف