خطبة الجمعة 16 أغسطس : ماذا بعد الحج ؟ للشيخ عبد الناصر بليح
خطبة الجمعة 16 أغسطس : ماذا بعد الحج ؟ للشيخ عبد الناصر بليح ، بتاريخ 15 من ذي الحجة 1440 هـ ، الموافق 16 أغسطس 2019
لتحميل خطبة الجمعة 16 أغسطس : ماذا بعد الحج ؟؟ للشيخ عبد الناصر بليح ، وعناصرها:
لتحميل خطبة الجمعة 16 أغسطس : ماذا بعد الحج ؟؟ للشيخ عبد الناصر بليح ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة 16 أغسطس : ماذا بعد الحج ؟؟ للشيخ عبد الناصر بليح ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد عن مسابقات الأوقاف
ولقراءة خطبة الجمعة 16 أغسطس : ماذا بعد الحج ؟؟ للشيخ عبد الناصر بليح : كما يلي:
خطبة الجمعة 16 أغسطس : ماذا بعد الحج ؟؟
“تذكير بالْمَوْتِ وَالْيَوْمِ الْآخَر”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمدلله رب العالمين..نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذبالله من شرورأنفسنا وسيئات أعمالنا..وأشهدأن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛جعل الدنيادارامتحان وفناء،وجعل الآخرةللجزاء والقرار.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ حج حجة واحدة؛ فشرع الشرائع، وبين المناسك، وودع الناس، وأمر أمته بالتأسي به قائلا:”لتأخذوا عني مناسككم” صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين..أما بعد:فيقول الله تعالي:” وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ”(البقرة/203).
لما ذكر الله تعالى النفر الأول والثاني،وهو تفرق الناس من موسم الحج إلى سائر الأقاليم والآفاق بعد اجتماعهم في المشاعر والمواقف،قال:”وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ”أي:تجتمعون يوم القيامة كما قال:”وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ”( المؤمنون/79 ). فيذكرنا المولي عز وجل بأنه بعد هذه الطاعات والعبادات لقاء بيننا وبينه ليحاسب كل إنسان عما فعله:”يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا ۚ أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ”(المجادلة/6).
عباد الله:
“وحديثنا إليكم اليوم عن ماذا بعد الحج ؟والعلاقةبين الحج والموت واليوم الآخر؟ وقبل أن نذكر ملامح التشابه بين الحج ويوم القيامة ينبغي أن نقول:”إن معظم الفساد والمعاصي التي تحدث في الأرض إنما تحدث بسبب نسيان يوم القيامة.. يوم الحساب الذي يُحاسَب فيه كل إنسان على ما قدّم في دنياه، منذ أولى لحظات التكليف إلى لحظة الموت، والله عز وجل يقول:”إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ”(ص/26).
فنسيان يوم الحساب كارثة عظيمة، ومصيبة كبيرة، ولو تذكّر الناس هذا اليوم لوُجِد “الحل” لكل المشاكل التي تعاني منها البشرية؛ ولذا كان أول ما ذكّر به النبي صلى الله عليه وسلم،يوم أن بدأالدعوة في مكة،هو هذا اليوم قال:
“والله لتموتُنَّ كما تنامون، ولتبعثُنَّ كما تستيقظون، ولتحاسبنّ على ماتعملون،وإنها لجنّة أبدًا أو نار أبدًا”.
ذلك أن المرء إذا ظلّ متذكرًا ليوم القيامة، لبقي في باله أن هنالك يومًا سوف يُقدِّم فيه”كشف حساب”عن كل لحظةمن لحظات عمره..عن كل كلمة..كل قرشٍ اكتسبه.. كل حركة،وكل سكَنة..عن كل تعامل بينه وبين الناس..وبينه وبين خالقه..
فالحج صدمة كبرى تنبِّه الأمة كلها، توقظها من سباتها.. تذكِّرها بما كانت قد نسيته طويلاً..وإذا تذكرالمرءأنه محاسَب..هل سيرتشي؟هل سيظلم؟هل سيسرق؟هل سيعقّ والديه؟هل سيتعدى على حقوق زوجته أوأولاده أو جيرانه,أو حتى من لم يعرفهم؟
قطعًا..إن الإجابة بالنفي، وهكذا ندرك أن صلاح الأرض في تذكر يوم الحساب، فلنتذكر هذه الجملة جيدًا: صلاح الأرض -كل الأرض- في تذكر يوم الحساب.
فالحج صدمة كبري تلك الصدمة التي جعلت الحسن يقول:” الحج المبرور هو أن يعود الحاج من هناك زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة” ولن يكون ذلك إلا بتذكره ليوم الحساب..
#أسباب التمادي في المعصية :”
عباد الله إن من أسباب التمادي في المعصية :
#التكبر ونسيان يوم الحساب”
قال تعالي:”وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ۖ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ وَقَالَ مُوسَىٰ إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ”(غافر/26-27). وسمي يوم الحساب:لأن الباري سبحانه يعددعلى الخلق أعمالهم،من إحسان وإساءة، يعدد عليهم نعمه ثم يقابل البعض بالبعض(التذكرة ).أوهو:”توقيف الله عباده قبل الانصراف من المحشرعلى أعمالهم،خيراً كانت أو شراً” .
يقول تعالى:وقال موسى لفرعون وملئه:
إني استجرت أيهاالقوم بربي وربكم,من كلّ متكبرعليه,تكبرعن توحيده,والإقرار بألوهيته وطاعته,لا يؤمن بيوم يحاسب الله فيه خلقه,فيجازي المحسن بإحسانه,والمسيءبما أساء;وإنماخص موسى صلوات الله وسلامه عليه,الاستعاذة بالله ممن لا يؤمن بيوم الحساب,لأن من لم يؤمن بيوم الحساب مصدقاً,لم يكن للثواب على الإحسان راجياً,ولاللعقاب على الإساءة,وقبيح مايأتي من الأفعال خائفاً,ولذلك كان استجارته من هذا الصنف من الناس خاصة.
#اتباع الهوي والضلال :”
عباد الله:”ومن أسباب التمادي في المعصية اتباع الهوي قال تعالي:”يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚإِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌبِمَانَسُوايَوْمَ الْحِسَابِ”(ص/26).
فمتابعة الهوى توجب الضلال عن سبيل الله ،والضلال عن سبيل الله يوجب سوء العذاب ، فينتج أن متابعة الهوى توجب سوء العذاب .
ثم قال تعالى:” بما نسوا يوم الحساب”يعني أن السبب الأول لحصول ذلك الضلال هو نسيان يوم الحساب،لأنه لو كان متذكراًليوم الحساب لما أعرض عن إعداد الزاد ليوم المعاد ، ولما صار مستغرقا في هذه اللذات الفاسدة .
روي عن بعض خلفاء بني مروان أنه قال لعمر بن عبد العزيز هل سمعت ما بلغنا أن الخليفة لا يجري عليه القلم ولا يكتب عليه معصية ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، الخلفاء أفضل أم الأنبياء ؟! ثم تلا هذه الآية:”إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب”ثم قال تعالى:”وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار”ونظيره قوله تعالى:” رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”(آل عمران /191).
سورة الحج والقيامة:”
عباد الله :”
ونعجب كثيرًا عندما نقرأ سورة الحج ونتساءل: لماذا بدأ الله عز وجل سورة الحج بالتذكير بيوم القيامة بدلاً من التذكير بأهمية الحج؟!فقد بدأت السورةبقوله تعالي:”يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ “(الحج/1-2).
ولم ياتي الحديث عن الحج إلاعند الآية السابعة والعشرين من السورة:” وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ “(الحج/27-28).
الحقُ والحقَ نقول:” أن أهم منفعة من منافع الحج أنه يذكّر الأمة كلها -الحجاج وغير الحجاج- بيوم القيامة؛ فوجه الشبه كبير جدًّا بين الحج ويوم القيامة.. الحاج يمرّ بأكثر من موقف يذكره بيوم القيامة، ثم يعود فيحكي لكثير من الناس هذه المواقف، فيتذكر الناس جميعًا يوم القيامة، ولن نجد في الأمة كلها أحدًالا يعرف اثنين أو ثلاثةأو أكثر ممن حج،وحكى له عن المواقف التي مرّبها في حجه.
وقد وضع الله محبة الحج في قلوب كل المسلمين؛ فتجد أن غالبية المسلمين لديهم الحرص الشديد على أن يحجوا، وعلى أن يودعوا الحجاج عند سفرهم ويستقبلوهم عندعودتهم، ويزوروهم،ويسمعوا منهم؛ ليبقى موسم الحج موسمًا لتذكيرالأمة بهذه المنافع العظيمة وبيوم القيامة.
أيها الناس :
“لكن بعد تدبر هذا المعنى العظيم -وهو أن الله عز وجل جعل الحج تذكيرًا للناس بيوم القيامة- تلاشى هذا العجب…توقفت كثيرًا أمام حديث مشهور من أحاديث رسول صلى الله عليه وسلم،يقول فيه :”بُني الإسلام على خمس:”شهادة أن لا إله الله، وأن محمداًرسول الله.وإقام الصلاة-وإيتاء الزكاة.وصوم رمضان.وحج البيت..”(البخاري ومسلم).
ومع أن الحديث مشهور جدًا،ومتفق عليه، ويحفظه تقريبًا عامة المسلمين..إلا أنه يحتاج إلى وقفة طويلة للتأمل، تعالوا بنا نفكر سويًّا…! لقد اختار الله عز وجل من هذا البناء الضخم الكبير(الإسلام) خمسةأمور فقط جعلها أساسًا لكل هذا البناء، وكل شيء بعد هذه الأشياء الخمسة ينبني عليها، ولو أن ركنًا من هذه الأركان الخمسة -التي هي الأساس- سقط لسقط هذا البناء كل.
وإلى هنا لا يوجد شيء يثير الدهشة أو الحيرة،لكن المحيّرحقًا هو أن يكون الحج أحد هذه الأعمدة التي ينبني عليها الإسلام ومسك ختام لأركان خمس..تلك الأيام الفاضلة، والتزود فيها من الأعمال الصالحة؛ فإنها خير أيام السنة على الإطلاق، وعيدها أكبرالأعياد، وشعائرها أشهر الشعائروأجلها،وتعظيم شعائرها من تقوي القلوي:”ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوي القلوب” وتجتمع فيها أمهات العبادات من صلاة وصوم وحج وإنفاق وذبح للضحايا والهدايا.
ولأنها أيام في الشرع كبيرة،ومناسكها وأعمالها كثيرة؛ شرع في أيامها التكبير، وتنوع فيها الذكر،”وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ”(الحج: 28)،وفي الآيةالأخرى”وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ”(البقرة/203).
#فلماذا الحج بالذات؟!
أيها الناس :” إنَّ الحج عبادة لا يكلَّف بها المسلم أوالمسلمةإلا مرةواحدة في العمر كله،وفي حال الاستطاعة..ومعنى ذلك أن من لايستطيع الحج فلن يُفْرَضَ عليه أداؤه..وبالتالي فإن ملايين المسلمين على مرّالعصورلم ولن يحجوا لعدم الاستطاعة سواءٌ كان لعدم الاستطاعة ماليًا أو معنويًّا أو بسبب عدم الحصول علي التأشيرة..
وحتى من كُتب لهم الحج.. فالكثير الغالب منهم لن يحج إلا مرةً واحدة في عمره كله الذي قد يمتد ستين أو سبعين سنة! “أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوزذلك”(الترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم).
ومن ثَمَّ لا ينفق الإنسان خلال هذا العمر الطويل في هذه العبادة إلا أسبوعين أو ثلاثة..أو حتى شهرًاأواثنين.. كم يمثل ذلك من العمر كله؛ حتى يُجعَل الحج ركنًا من أركان الإسلام؟! فضلاً عمَّا نسمع عنه الآن من أنواع الحج السريع… التي يستطيع الحاج فيها أن ينهي كل المناسك في أسبوع واحد، ويقيم في أرقى وأفخم الفنادق، ويكون أقرب إلى الحرم من أهل مكة نفسها..
فلماذا إذن-يختارالله عزوجل هذه العبادة العارضة في حياةالمسلم ليجعلها أساسًا لهذا الدين، وركنًا من أركان الإسلام؟! مع أنه ليس مطلوبًا إلا مرة واحدة في العمر للمستطيع فقط، ومن لم يستطع فلن يؤديه أصلاً؟!
الأمر إذن – كما ذكرت – يحتاج إلى وقفة تدبر وتأمل؛ فلا بد أن هناك فوائد تتحقق في الحج تؤدي إلى تغيّر في حياة المسلم الذي أدّى هذه الفريضة، ولا بد أن الحج سيؤثر على حياة الإنسان بكاملها في الأرض؛ لأن هذه الزيارة العارضة لبيت الله الحرام ربما تكون سببًا في صلاح الفرد رجلاً كان أو امرأةً، ومن ثَمَّ يستطيع تطبيق بقية شرائع الإسلام، وبهذا يصلح الحج أن يكون ركنًا من الأركان التي ينبني عليها الإسلام… لكن!إذا كان هذا الكلام صحيحًا في حقِّ من حج من الرجال والنساء، فما بال أولئك الذين لم يستطيعوا الحج لأي عذر من الأعذار، وهم ليسوا قلة؟..
لماذا جعل الله عز وجل الحج من أساسات الإسلام الرئيسية مع أن هناك طائفة كبيرة جدًا من المؤمنين لم يقوموا به مع كونهم مؤمنين وراغبين في الحج.. بل مشتاقين إليه؟!
من المؤكد -ولا شك- أن هناك فائدة ما تعود على الأمة كلها، سواءٌ منهم من يحج كل عام، أو من حجّ مرةً واحدة، أو من لم يحج مطلقًا.. وقد لا يحج في حياته كلها.. ليشهدوا منافع لهم..فالحج يفيد الأمة كلها، ومن ثَمَّ فإن الله تعالى جعله ركنًا أساسيًا ينبني عليه الإسلام.. فما هي مقاصد الشريعة في الحج؟وما هي الغاية من الحج؟
وما الفوائد المتحققة والآثار الناتجة عن الحج؟
عباد الله :” تعالوا بنا نبحث جيدًا لنعرف لماذا اختار الله الحج ليكون من أعمدة الإسلام.. وجدت أن الله عز وجل يقول:”وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ.. لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ، وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ؛ فَكُلُوا مِنْهَ، وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِير”..
في الحج إذن – كما قال الله عز وجل “منافع”،وكلمة “منافع” كلمة شاملة عامة، لا أعتقد أنها يجب أن تُقصر على المنافع التجارية والمالية فقط؛ لأن بعض الدعاة والمفسرين يقصرون كلمة المنافع على التجارة، بمعنى أنك ذاهب للحج، ويمكن أن تساهم في إنعاش التجارة فتبيع وتشتري..
فالحج صدمة كبرى تنبِّه الأمة كلها، توقظها من سباتها..تذكِّرها بما كانت قد نسيته طويلاً..
وإذا تذكرالمرءأنه محاسب،هل سيرتشي؟هل سيظلم؟ هل سيسرق؟هل سيعق والديه؟ هل سيتعدى على حقوق زوجته أو أولاده أو جيرانه.. أو حتى من لم يعرفهم؟؟ قطـعًا.. إن الإجـابة بالنفي، وهكذا ندرك أن صلاح الأرض في تذكُّر يوم الحساب..”وَيـلٌ لِلْمُطَفِفِينَ الذينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى الناسِ يَستَوفُون وَإذَا كَالُوهُم أوْ وَزَنَوُهُم يُخْسِرُون ألا يَظـُنُ أُولئكَ أنَهُم مَبْعُوثُون؟!لِيَومٍ عَظِيمٍ؟!يَوْمَ يَقُومُ النـاسُ لِربِ العَالَمِينَ”.. لو أدرك المطففون أنهم سيُحاسَبون لما طففوا.. ويجب أن ننتبه إلى أن التطفيف ليس في التجـارة والميزان المادي فحسب، كلا..
إن التطفيف قد يكون في علاقتك بزوجتك؛ فإذا كان لك حق أخذته بالكامل، أما إذا كان عليك الحق فأنت تُـخسر في الميزان.. وكذلك في علاقتك بأولادك.. وجيرانك.. وزملائك في العمل… حتى في علاقتنا بالله سبحانه وتعالى نطفف!! فإذا حدثت لنا مشكلة أسرعنا في اللجوء إلى الله،نرجوه،وندعوه،ونخشع في صلاتنا،ونُكثرمن الصيام والصدقة والخضوع لله “ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون”الحج إذن تذكرة قوية وعلنية وواضحة وصريحة لكل المسلمين أننا سنرجع يومًا إلى الله..”وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ”(البقرة/203).
كيف يذكّرنا الحجّ بيوم الحساب؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عباد الله:”إننا نتذكّر يوم الحساب من أوّل خطوة نخطوها نحو الحج… فيحرص المسلم على جمع المال الذي يريد أن يؤدي به الحج من الحلال، ويدفع هذه المبالغ الكبيرةالضخمةمائةألف وأكثرمن ذلك أحيانًا، ومع هذا كله يدفع المسلم هذه المبالغ وهو في غايةالسعادةوالسرور!! لماذا؟ لأنه سيؤدي فريضة الله سبحانه وتعالى.. ثم يسترضي كل من يعرفهم ، ويعتذر لمن أساء إليه، ويؤدي ما عليه من ديون، وكأنه بذلك يستعد تمامًا ليوم الحساب.. يجمع أهله.. فيوصيهم، وينصحهم، ويدلهم على ما يفعلونه أثناء غيابه..
والناس يودِّعونه قبل سفره..أفواج كبيرة تودع الحجاج.. تُذكره، وتُذكر الناس جميعًا أن هناك يومًا سيخرج المرء فيه بلاعودةللدنيا!”كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ”(العنكبوت/57).موقف هوأشبه بوقت الدفن استغفروالأخيكم فإنه الآن يسأل”
السفر طويل”النعش والباخرة”:
أيها الناس:”
#إن من تأمل الحج وجده مذكر بيوم القيامة؛ فالحاج مسافر سفراًمخوفاً،لا يدري ما يعرض له في سفره ولا في أداء مناسكه؛ ولذا تأكد في حقه أن يؤدي الحقوق التي عليه، وأن يكتب وصيته.. والإنسان في الدنيا في سفر، والمخاطر تحيط به، والمنايا تتخطفه،وعندما يموت يحمل في النعش والحج يركب الطائرة أوالباخرة فهو موقف قريب الشبه ببعضه .. الحج يقول لبيك الله لبيك لبيك لاشريك لك لبيك –والميت الملهم الموفق قبل موته يلقن الشهادة ويقريشهادة” أن لاإله إلا الله ” وهو موقف قريب الشبه فكلاهما يدعو لوحدانية الله عزوجل..
ملابس الإحرام والكفن :”
حتي في ملابس الحج وبالإحرام يتجرد الحاج من ثيابه، ويلبس الإزار والرداء، بلي جيوب فيترك ثياب الزينة والطيب، ويمسك عن شعره وأظفاره، وهذا يذكره بالموت والكفن،بلي جيوب وترك الدنيا وزينتها، والوحدة في القبر، فلا رفيق له فيه سوى عمله؛ فإما عمل صالح يؤنسه ويسعده، وإما عمل سيء يزعجه ويعذبه، ويتذكر الحاج وهو في هذه الحال قول الله تعالى:”وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ”(الأنعام/94).
ويتذكِّرالناس جميعًا بيوم القيامة؛ ففوق ما فيها من شَبَهٍ بالكفن، ترى أن بعض جسد الحاج يتعرى؛ ينكشف كتف الحاج لكي يتذكر الناس جميعًا العُرْيَ التام يوم القيامة، وهذا يذكرنا بالصورة التي نكون عليها يوم الحساب..فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ..يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ؟! فَقَالَ: الأمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يُهِمَّهُمْ ذَاكِ”(البخاري ومسلم).
المكان والزمان:”
أيها الناس:” فالحج من العبادات التي تكثر فيها التنقلات بحسب الزمان والمناسك، بل لا عبادة من العبادات مثل الحج في كثرة التنقل؛ فانتقال من حال إلى حال، ومن مكان إلى مكان، ومن عمل إلى آخر ..
وفي الحج يعيش الناس جوًّا أشبه ما يكون بيوم القيامة، الكلُّ يشعر بهذا المعنى، والأمة كلها تعيش هذه المعاني مع الحجيج، الناس جميعًا يتركون الدنيا وراء ظهورهم، ولا ينشغلون بغير الذكر والدعاء والاستغفار والتضرع إلى الله عز وجل، والناس جميعًا واقفون في زحام شديد، وفي مكان واحد، وهكذا يُحشر الناس يوم القيامة في مكان واحد، وينادي عليهم المنادي: هلمُّوا إلى ربكم.. هلُمُّوا إلى ربكم.. فيقوم الناس جميعًا لربّ العالمين:” يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ ۖ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَٰنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا “(طه/108).
#فكلّ الناس في الحج وقوف، وكل الناس يوم القيامةوقوف أيضًاً:
“وَقِفُوهُمْ ۖإِنَّهُم مَّسْئُولُونَ”(الصافات/24)!والناس في الحج في حرٍّوعرق، وكذلك يوم القيامة يعرق الناس حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعًا،فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:”يَعْرَقُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَذْهَبَ عَرَقُهُمْ فِي الْأَرْضِ سَبْعِينَ ذِرَاعً، وَيُلْجِمُهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ آذَانَهُمْ”(متفق عليه)فالأمرإذن ليس ساعةأوساعتين..لا..الأمرشاق وطويل..
السعي بين الصفا والمروة:”
عباد الله :”
#ومما يذكّر بيوم القيامة من مناسك الحج أيضًا السعي بين الصفا والمروة،ذهابًا وإيابًا،فيتذكر الناس السعي والحركة يوم القيامة:”يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَىٰ نُصُبٍ يُوفِضُونَ”(المعارج/43) ،ويتذكر الناس عند سعيهم بين الصفا والمروة سعيَهُم يوم القيامة بين الأنبياء ليشفعوا لهم عند الله عز وجل؛ فيذهبون إلى آدم عليه السلام، فيردهم إلى نوح عليه السلام، فيردهم إلى إبراهيم عليه السلام، فيردهم إلى موسى عليه السلام، فيردهم إلى عيسى عليه السلام، فيردهم إلى محمد صلى الله عليه وسلم..
وهنا يتذكر الإنسان ماعانته هاجر من سعي بين الصفا والمروة من أجل البحث عن الماء ونبع بئرزمزم كذلك يتذكر:”وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَالْأَوْفَىٰ وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ”(النجم/39-42).
رمي الجمرات وإعلان العداوة للشيطان:”
عباد الله وعندما يرمي الحاج الجمرات معلنا العداوة للشيطان الذي طالما أغواه عن الصراط المستقيم :”إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواإنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير” وهذا الموقف لأشبه بموقف يوم القيامة ولكن سيكون العكس عندما يحكم الله بين الخلائق ويأتي الشيطان يتبرأ مما أغواهم وضلهم سواء السبيل ويقف خطيباً في أهل الموقف العظيم ويخطب خطبته المشهورة:
“وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُإِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَالْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّاأَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ “(إبراهيم/22).
إيها الناس:”إذا عاشت الأمة وتذكرت يوم القيامة على هذا النحو.. كيف سيكون حالها؟ وكيف سيكون وضعها بين الأمم؟.لاشك إنه شأن لوتعلمون عظيم –
أقول ماسمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم..والتأب من الذنب.
الخطبة الثانية:
الحمد لله والصلاة والسلام رسول الله وبعد:فياأيها الناس: لازلنا نواصل الحديث حول علاقة الحج بالموت واليوم الآخر..
يوم عرفة ويوم الموقف العظيم
أيها الناس
#لقد اختارالله تعالى لأداء المناسك بقعة هي من أشد بقاع الأرض حرارة،وهذا يذكر الحجاج بحر يوم القيامة، وقرب الشمس من رؤوس الخلق، وغزارة العرق فيه. ولكن رغم طول يوم القيامة، وشدة الحساب فيه، وكثرة أحواله وانتقال الناس من مرحلة إلى أخرى؛ فإن من الناس من لا يحسون بطوله؛ لأنهم مستظلون بظل الرحمن سبحانه، قد يسر الله تعالى حسابهم، ويمن كتابهم، وثقل ميزانهم، فيكون يوم القيامة عليهم كنصف نهار فقط، فيقيلون في الجنة كما قال الله تعالى:
“أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا”(الفرقان: 24)، وبين سبحانه يسر الحساب عليهم فقال تعالى:”فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ. فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا. وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا”(الإنشقاق)،بخلاف أهل الكفر والنفاق الذين يعسرعليهم الحساب كما قال تعالى:”وَكَانَ يَوْمًاعَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا”(الفرقان: 26).وقال تعالى:”فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍيَوْمٌ عَسِيرٌعَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُيَسِير”(المدثر/9-10).
عباد الله:”
وكذلك حين يرى الحاج تدفق الجموع على عرفة لتحقيق ركن الحج الأعظم، ثم يبصر امتلاء صعيد عرفة بهم وقد استقروا بها، وهم يجأرون إلى الله تعالى بالدعاء يتذكر الجمع العظيم،والموقف الكبيربين يدي الله عز وجل، حين “َيجْمعُ اللَّهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَيُبْصِرُهُمُ النَّاظِرُ وَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، وَتَدْنُو مِنْهُمُ الشَّمْسُ”(مسلم)، فيا له من موقف عظيم يجمع الله تعالى فيه كل الخلق من آدم عليه السلام إلى آخررجل من هذه الأمة، فحق على من شاهد جمع الحجيج تقف في عرفةأن يستشعرموقف القيامة:”يَوْمَئِذٍتُعْرَضُونَ لَاتَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ”(الحاقة/18).
زيارة الرسول والحوض والمورد
#عباد الله :” وزيارة الحجاج لرسول الله صلى الله عليه وسلم -وإن لم تكن من مناسك الحج- هي أيضًا تُذكِّرك بأن الله عز وجل سيجمعك يومًا ما مع الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، تسلّم عليه وعلى أصحابه وتشرب من حوضه … كما أن صلاتك في الروضة الشريفة “وهي من رياض الجنة” تضعك في هذا الجوّ الرائع الذي يُخْرِجُك من جوّ الدنيا تمامًّا، ويجعلك تعيش في جوّ الآخرة..
طواف الوداع والفراغ من الحساب إلي الجنة :”
#وعندما يودع الحجاج البيت الحرام، ويخرجون من مكة إلى ديارهم يحسون براحة عظيمة، وسعادة كبيرة بسبب أدائهم للمناسك، وتحمل المشاق والزحام في سبيل ذلك، ويلهجون بحمد الله تعالى على ذلك.. يشترك في ذلك كل الحجاج تقريباً الذين حجوا من مال حلال وزاد حلال،لا يكاد أحد قد حج إلا ويحس بهذا الإحساس، ويشعر بتلك اللذة، وكذلك أهل الجنة إذا جاوزوا الحساب، واجتازوا الصراط؛ علموا أنهم قد فازوا فوزا كبيراً،وحازوا ثواباًعظيماً،حينها فقط يحسون براحة لن تنقطع، وسعادة لا تنفد، وقد قيل للإمام أحمد رحمه الله تعالى:
متى الراحة؟ فقال:الراحة عند أول قدم تضعها في الجنة،:”وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ. قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ. فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ. إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ”(الطور/25-28).
أيها الناس:”بعد كل مارأينامن العلاقة بين الحج ويوم القيامة نستطيع أن نفهم ونتدبر لماذا بدأ الله تعالى سورة الحج بالتذكيربيوم القيامة:
“يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ.”فليس في القرآن شيءٌ عشوائيٌ على الإطلاق؛ فكل كلمة.وكل حرف نزل بحكمة يعلمها الله سبحانه وتعالى:”وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً”..
أيها الناس:” بعد تدبر المعنى العظيم وهو أن الله عز وجل جعل الحج تذكيرًا للناس بيوم القيامة- تلاشى العجب..فليس الهدف من الحج -إذن-إرهاق الناس وتكليفهم فوق طاقتهم:”مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ”.. ولكن الهدف هو تحقيق المنفعة للناس في الدنيا والآخرة.والهدف الأسمي هو تذكير الناس بيوم الحساب ولو تذكرنا يوم القيامة ستصبح حياتنا كلها آمنة ومستقرة بل وحياة الأرض كلها، وسوف يتحقق لنا الخير في الآخرة…
نسأل الله عز وجل أن يتقبل من الحجاج حجَّهم.. وأن يكتب الحج لمن لم يحج.. وأن يفقِّهنا جميعًا في سننه.. وأن يُعِزَّ الإسلام والمسلمين.
______________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف