الأوقاف

خالد بدير يوضح : وسائل اكتساب معية الله

قال الدكتور خالد بدير ، كثير منا بل كلنا يتمنى أن يكون في معية الله؛ ولكن ما السبيل إلى ذلك ؟ وكيف ننال هذه المنزلة ؟!! أقول: هناك وسائل وأسباب لابد أن تسعى وتجد من أجل كسب معية الله ومن هذه الوسائل:

1- الإيمان بالله والمداومة على الصلاة والزكاة:

وهذه هي المعية الخاصة التي نطمح إليها جميعاً؛ تتمثل في قوله تعالى: {وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآَتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآَمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً } [ المائدة: 12] هذا ثمنها: أن تقيم الصلاة, وأن تؤتي الزكاة، وأن تستقيم على أمره ، إن دفعت الثمن نلت المعية الخاصة، والباب مفتوح للجميع .

2- غرس مراقبة الله في نفوس الجميع:

فيجب أن نغرس في نفوس أبنائنا وبناتنا وجميع أفراد مجتمعنا خلق مراقبة الله وأن الله معنا في حركتنا وسكوننا؛ قال سهل بن عبد الله التستري: كنت وأنا ابن ثلاث سنين أقوم بالليل فأنظر إلى صلاة خالي محمد بن سواء فقال لي يوماً:

ألا تذكر الله الذي خلقك فقلت: كيف أذكره؟ قال: قل بقلبك عند تقلبك في ثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك، الله معي الله ناظرٌ إلي الله شاهدي، فقلت ذلك ليالي ثم أعلمته فقال: قل في كل ليلة سبع مرات، فقلت ذلك ثم أعلمته فقال: قل ذلك كل ليلة إحدى عشر مرة، فقلته فوقع في قلبي حلاوته، فلما كان بعد سنة قال لي خالي: احفظ ما علمتك ودم عليه إلى أن تدخل القبر فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة، فلم أزل على ذلك سنين فوجدت لذلك حلاوة في سري، ثم قال لي خالي يوماً: يا سهل من كان الله معه وناظراً إليه وشاهده أيعصيه؟! “( إحياء علوم الدين).

وإليكم هذه القصة الواقعية في هذا المضمون:

كتب أحد السياح في مذكراته فقال: بعد الوصول إلى الهند ذهبت إلى القصاب لشراء اللحم، وكان كلما أراد أن يزن اللحم لأحد فتح كيساً عنده ونظر فيه، ثم وزن اللحم وباعه للزبون، فلما جاء دوري فعل كما فعل مع من قبلي، فسألته: لماذا تنظر في الكيس قبل أن تزن لكل زبون؟ قال: إنني أنظر إلى ربي الموجود في الكيس؛ لأن هذا الهندي وثني يعبد الأصنام، فربه المزعوم معه في الكيس، قال: أنا أنظر في الكيس حتى لا أنسى ربي، وأغش في الميزان.

فإذا كان الوثني عنده هذا المعنى في صنم باطل يعبده فأولى بأهل الحق أن يستشعروا دائماً أن الله معهم فلا يعصون ربهم، ويقومون بالحق وبه يعدلون، ويشهدون، ويقيمون الشهادة لله تعالى.

3- اختيار الصحبة الصالحة:

فعليك أن تصحب الصالحين لأنهم يقربونك من الله وتكون مع الله فيكون معك؛ وإياك وصحبة السوء فتكون مع شياطين الإنس والجن؛ قال تعالى : { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا }. ( الفرقان : 27 – 29 ). ولذلك نهى الله نبيه – عليه السلام – أن يكون مع الظالمين؛ قال تعالى: { وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } (الأنعام: 68).

4- الإحسان إلى النّاس:

فكما قلنا إن الله مع المحسنين؛ فالإحسان إلى الناس طريق السعادة للمحسن والمحسن إليه على السواء؛ فقد سُئِلَ أحدهم: مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ ؟! قال: مَنْ أَسْعَدَ النَّاسَ ؛ فإنْ كُنتَ تبحث عن الراحة والسكون والطمأنينة ، فأوصيك أنْ تمسح رأس اليتيم . . وتُـقبـِّـل رأس ذلك العجوز الفـقـير ؛ فمن أحسن إلى الخلق بالقول والعمل وأنواع المعروف فإن الله يدفع به الهموم والغموم عن العبد، ويعاملك الله وفق معاملتك لعباده. قال الإمام ابن القيم رحمه الله:

“من رفق بعباد الله رفق الله به، ومن رحمهم رحمه، ومن أحسن إليهم أحسن إليه، ومن جاد عليهم جاد عليه، ومن نفعهم نفعه، ومن سترهم ستره، ومن منعهم خيره منعه خيره، ومن عامل خلقه بصفة عامله الله بتلك الصفة بعينها في الدنيا والآخرة، فالله لعبده حسب ما يكون العبد لخلقه” . قال تعالى: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا } [سورة النساء: 114].‏

5- حضور مجالس الذكر:

فإن ذلك من أكبر الأسباب لانشراح الصدر وطمأنينة ‏القلب، وزوال الهم والغم، قال تعالى: {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }. [سورة الرعد: 28].‏ فعاهد الله من الآن على أن لا تغفل عن ذكره، وستجد نتائج سريعة ومبهرة؛ فيا من شكى الأرق وبكى من الألم وتفجع من الحوادث، ورمته الخطوب، هيا اهتف باسمه المقدس، هل تعلم له سمياً .

الله أكبر كل هم ينجلي …………….. عن قلب كل مكبر ومهلل

فإذا كنت مع الله كان الله معك؛ وإذا ذكرت الله ذكرك في الملأ الأعلى؛ فعن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ” أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي؛ فإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي؛ وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً” ( متفق عليه ). قال ثابت البناني رحمه الله: إني أعلم متى يذكرني ربي عز وجل .. ففزعوا منه وقالو : كيف تعلم ذلك؟ فقال: إذا ذكرته ذكرني أما قرأتم قوله تعالى: { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}. ( البقرة : 152 ) .

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »