الدكتور سيد نافع يكتب : الإسلام والعلم
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول ( من سلك طريقاً يبتغي به علماً سهل الله له طريقاً الي الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصتع وإن العالم ليستغفر له من في السموات والأرض حتي الحيتان في الماء وفضل العالم علي العابد كفضل القمر علي سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهم وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر ) صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم ……رواة أبو داوود والترمذي وألعلم نوعان علم شرعي ( علوم القرآن والسنة ) وعلم كوني ويندرج تحته كل أفرع العلوم ، وأسمي العلوم وأرفعها شأناً هو العلم بالله وأسمائة الحسني وصفاته المثلي وعلوم الكون نوعان العلوم المادية الفيزيائية وعلوم ما وراء المادة ومن اكتفي بعلوم المادة علم ظاهراً من الحياة الدنيا وغاب عنه الأهم وهو الماورائيات الذي يمكن أن يفسر الكثير من الظواهر الإنسانية فالعلم المادي وحده قاصر عن تفسير وفهم الذات والنفس البشرية ودراستها توصل الإنسان الي الخالق لذلك ظهرت الحاجة لعلم الباراسيكولوجي وهو الذي يدرس الظواهر الغيبية وإذا اردنا مصدراً موثوقاً وصحيح لهذا العلم فعلينا بالوحي المعصوم من خلال الكتاب والسنة بفهم واعي وفيض من الخالق لنكتشف اسرار النفس البشرية ( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلفاً ألوانها وغرابيب سود ( 27 ) ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشي الله من عبادة العلماء ( 28 ) ) فاطر ، وذكر العلماء هنا جاء بعد ذكر ظواهر كونية في القرآن كإختلاف ألألوان في الناس والدوام والطيور والجبال ليستحث في الناس البحث والتدبر والتأمل وإعمال العقل في الظاهر الكونية دلالة علي أن العلم هو طريق الإيمان ، فالإسلام هو دين العلم وإذا كان يأمر الدين باتقان العمل فلا سبيل للإتقان دون علم ومنهج واستفادة بالخبرات وعلوم الكون ، فالدين لا يتعارض مع العلم الحديث وفهم النصوص بطريقة صحيحة تظهر الإعجاز العلمي والإشارات العلمية في مناحي كثيرة من العلوم الكونية خاصة العلوم الإنسانية والإجتماعية ونظراً لأن أسمي العلوم هو العلم بالله وأسمائة الحسني وصفاته المثلي كان الحديث أكثر دلالة علي العلوم الشرعية وإن كانت العلوم الكونية هي تؤدي للعلم بالله لأصحاب القلوب والعقول السليمة وتشبيه الرسول صلوات الله وتسليماته عليه لفضل العالم علي العابد بفضل القمر علي سائر الكواكب لما يبدو للناظر من سطوع نور القمر وإضائته للأرض ليلاً وعظيم نفعه بالنسبة للبشرية والحياة ، وقول الحق تبارك وتعالي ( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتي يتنبين لهم أنه الحق ) إشارة الي التقدم العلمي الذي سيحدث في العلوم الكونية والإنسانية والهدف والغاية هو لنتعرف الناس علي قدرة الله وحكمته وعظيم شأنه فنوحده ونفرده بالعبادة
الغيلة هل تعرف ما معني الغيلة ؟ الغيلة هي وطأ المرضع فتحمل فترضع وهي حامل ، عندما سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن العزل قال ( لا عليكم ألا تفعلوا ما كتب الله خلق نسمة هي كائنة الي يوم القيامة إلا ستكون ) والحديث عند مسلم وهو عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلي الله عليه وسلم وفي رواية أخري ( لا عليكم ألا تفعلوا فإنما هو القدر ) ، وعندما سئل الرسول عن العزل قال وما ذاكم ؟ قالوا الرجل تكون له امرأة ترضع فيصيب منها ويكره أن تحمل منه ، قال لا عليكم ألا تفعلوا فإنما هو القدر ، ومن العلماء من استنسج جواز العزل لظاهر النص والعزل هو صورة من صور منع الحمل في زمننا المعاصر والتي أخذت أشكال أخري متعددة ، أما الحسن البصري فاعتبره زجراً ، وهو إن كان جائزاً فهو للضرورة والدليل تذكير الرسول بقضية القدر وأن الله إذا أراد خلق شيئ لم يمنعه شيئ ، عن جابر أن رجلاً أتي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال إن لي جارية وأنا أطوف عليها وأكره أن تحمل فقال له الرسول صلي الله عليه وسلم ( اعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها ) فلبث الرجل ثم أتاه فقال إن الجارية حبلت فقال الرسول ( قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها ) ، وفي زمننا من تحمل وتلد وبها جهاز لمنع الحمل ، المهم العزل ووسائل منع الحمل جائزة لكن للضرورة علي ألا تكون خوفاً من الفاقة والفقر ، وهناك اسباب طبية تخص الأم والجنين تجيز منع الحمل بل والإجهاض المبكر . ونعود الي الغيلة وهي حمل المرضع ، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عن جدامة بنت وهب الأسدية أنها سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول ( لقد هممت أن أنهي عن الغيلة حتي ذكرت أن الروم وفارس يصنعون ذلك فلا يضر أولادهم ) والحديث عند مسلم ، وعنها أيضاً أنها قالت حضرت رسول الله صلي الله عليه وسلم في أناس وهو يقول ( لقد هممت أن أنهي عن الغيلة فنظرت في الروم وفارس فإذا هم يغيلون أولادهم فلا يضر أولادهم ذلك شيئاً ) قال الإمام النووي عليه رحمة الله في شرحه لمسلم ، قال العلماء سبب همه صلي الله عليه وسلم بالنهي عن الغيلة أنه يخاف منه الضرر الواقع الرضيع لأن ذلك اللبن داء والعرب تكرهه وتتقيه ، ومن الحديث كما قال النووي جواز الاجتهاد لرسول الله صلي الله عليه وسلم وبه قال جمهور أهل الأصول . قلت : من الحديث جواز الاجتهاد ودفع الضرر وهو من المقاصد العليا للشريعة ( لا ضرر ولا ضرار ) ، جواز الاستفاده من علوم وخبرات الأخرين ، ضرورة الأخذ بالعلم ولو توفر الأدلة العلمية وهي متوفرة علي ضرر لبن الحوامل للأطفال حيث يحوي كميات كبيرة من هرمونات الحمل التي تضر بالرضيع فيكون العزل واي طريقة لمنع الحمل هنا جائزة بل وضرورة … والله أعلم .