الخاطرة الرابعة : تصوم عن الأكل والشرب ولا تصوم عن قول الزور وشهادة الزور
خواطر رمضانية: الخاطرة الرابعة : تصوم عن الأكل والشرب ولا تصوم عن قول الزور وشهادة الزور ، للدكتور محمد حرز
لتحميل االخاطرة الرابعة : تصوم عن الأكل والشرب ولا تصوم عن قول الزور وشهادة الزور، للدكتور محمد حرز.
لتحميل الخاطرة الرابعة : تصوم عن الأكل والشرب ولا تصوم عن قول الزور وشهادة الزور ، للدكتور محمد حرز.
ولقراءة الخاطرة الرابعة : تصوم عن الأكل والشرب ولا تصوم عن قول الزور وشهادة الزور : كما يلي:
خواطر رمضانية
الخاطرة الرابعة : تصوم عن الأكل والشرب ولا تصوم عن قول الزور وشهادة الزور
الحمد لله القائل في محكم التنزيل﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُون. ﴾(الأنبياء: 43) وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّه, وَأشهد أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ القائلُ( إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي العبد ما حرم عليه” متفق عليه.,فاللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا إلي يوم الدين…. .بعد
فمن العجيب أيها الأخيار أن يصوم المسلم عن الأكل والشرب والجماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ولا يصوم عن قول الزور وشهادة الزور…. مالكم كيف تحكمون ؟
صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ لَهُ حَقِيقَةٌ وَصُورَةٌ، أَمَّا صُورَتُهُ فَتَكُونُ بِتَرْكِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالشَّهْوَةِ، مِنْ طُلُوعِ الفَجْرِ الصَّادِقِ إلى غُرُوبِ الشَّمْسِ.
وَأَمَّا حَقِيقَتُهُ فَتَكُونُ بِتَرْكِ المَعَاصِي وَالمُنْكَرَاتِ وَالمُحَرَّمَاتِ، ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ تعالى، وَخَوْفَاً مِنْ سَخَطِهِ وَغَضَبِهِ وَحِسَابِهِ. تَرْكُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ أَمْرٌ يَسِيرٌ بِإِذْنِ اللهِ تعالى، وَأَمَّا تَرْكُ المَعَاصِي وَالمُنْكَرَاتِ وَالمُحَرَّمَاتِ فَهُوَ أَمْرٌ صَعْبٌ عَلَى النُّفُوسِ الأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ.
أليس عجيب أيها الأخيار أن يمسك الإنسان عن المباح ويقع في كبائر الذنوب في شهر الصيام والقيام والقرآن كشهادة الزور،أخرج البخاري في «صحيحه» بسنده عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-: «مَن لَم يَدَع قَوْلَ الْزُّوْرِ وَالْعَمَلَ بِه؛ فَلَيْس لِلَّه حَاجَة فِي أَن يَدَعَ طَعَامَه وَشَرَابَه». وفي روايةٍ صحيحةٍ للنسائي: «مَن لَم يَدَع قَوْلَ الْزُّوْر وَالْجَهْلَ وَالْعَمَلَ بِه؛ فَلَيْس لِلَّه حَاجَة فِي أَن يَدَع طَعَامَه وَشَرَابَه».يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ )) .لَيْسَ الصِّيَامُ مِنَ الْأَكْلِ وَالْشُّرْبِ -من الطعام والشراب- ، إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ الْلَّغْوِ وَالْرَّفَثِ. وقد جمعَ النبيُّ -صلى اللهُ عليه وآله وسلم- ذلك كلَّهُ في قوله: «لَيْسَ الصِّيَامُ مِنَ الْأَكْلِ وَالْشُّرْبِ؛ إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ الْلَّغْوِ وَالْرَّفَثِ».
أيها السادة: إِنَّ قَوْلَ وَ شَهَادَةَ الزُّورِ سَبَبٌ لِحِرْمَانِ صَاحِبِهَا نَعِيمَ الجَنَّةِ مَعَ الذينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ، وَسَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ سُوءِ الخَاتِمَةِ، وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى، وَسَبَبٌ لِسَخَطِ جَبَّارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَسَبَبٌ لِدُخُولِ النَّارِ، لِمَا في ذَلِكَ مِنْ ضَيَاعِ حُقُوقِ النَّاسِ وَظُلْمِهِمْ، وَسَبَبٌ لِطَمْسِ مَعَالِمِ العَدْلِ وَالإِنْصَافِ، وَسَبَبٌ لِعَوْنِ الظَّالِمِ عَلَى ظُلْمِهِ، وَسَبَبٌ لإِعْطَاءِ الحَقِّ لِغَيْرِ مُسْتَحِقِّهِ، وَسَبَبٌ لِتَقْوِيضِ أَرْكَانِ الأَمْنِ، وَسَبَبٌ لِزَعْزَعَةِ الاسْتِقْرَارِ، وَسَبَبٌ لِزَرْعِ الأَحْقَادِ وَالضَّغَائِنِ في القُلُوبِ، وَسَبَبٌ لِفَسَادِ المُجْتَمَعِ وَتَدْمِيرِهِ وَإِفْسَادِهِ.
قَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ أَزْهَقَا أَرْوَاحَ الأُمَّةِ، فَكَمْ مِنْ رَجُلٍ دَخَلَ القَبْرَ بِسَبَبِ قَوْلِ زُورٍ وَشَهَادَةِ زُورٍ؟
وَكَمْ مِنْ رَجُلٍ دَخَلَ السِّجْنَ بِسَبَبِ قَوْلِ زُورٍ وَشَهَادَةِ زُورٍ؟
وَكَمْ مِنْ مَالٍ أُتلِفَ بِسَبَبِ قَوْلِ زُورٍ وَشَهَادَةِ زُورٍ؟
وَكَمْ مِنْ زَوْجَةٍ رُمِّلَتْ بِسَبَبِ قَوْلِ زُورٍ وَشَهَادَةِ زُورٍ؟
وَكَمْ مِنْ طِفْلٍ يُتِّمَ بِسَبَبِ قَوْلِ زُورٍ وَشَهَادَةِ زُورٍ؟
وَكَمْ مِنْ شَمْلٍ فُرِّقَ وَمُزِّقَ بِسَبَبِ قَوْلِ زُورٍ وَشَهَادَةِ زُورٍ؟
و شهادة الزور: هي أن يشهد الإنسان بغير الحق فشهادة الزور سبب لزرع الأحقاد و الضغائن في القلوب ، لأن فيها ضياع لحقوق الناس و ظلمهم ،ومن شأنها أن تعين الظالم على ظلمه و تعطي الحق لغير مستحقه ، و تعصف بالمجتمع و تدمره . وشهادة الزور هي الكذب المتعمد في الشهادة لإبطال الحق ,وكذلك كتمان الشهادة لإبطال الحق
يَا عِبَادَ اللهِ: قَوْلُ الزُّورِ وَقَوْلُ الكَذِبِ عَدَلَ الإِشْرَاكَ بِاللهِ تعالى، قَالَ تعالى: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾. روى الإمام أحمد والترمذي عَنْ أَيْمَنَ بْنِ خُرَيْمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَطِيبَاً فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ إِشْرَاكَاً بِاللهِ» ـ ثَلَاثَاً ـ ثُمَّ قَالَ: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾. والشهادة أمرها عظيم وخطرها جسيم في تحملها وأدائها فلا يحل كتمانها ,ونظراً لما لشهادة الزور من أضرار ومخاطر على الأفراد بل وعلي المجتمعات ورد ذمها في القرآن و في سنة نبينا صلى الله عليه وسلم . فشهادة الزور من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب: روى الشيخان عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟» ـ ثَلَاثَاً ـ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «الإِشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ ـ وَجَلَسَ؛ وَكَانَ مُتَّكِئَاً ـ فَقَالَ: أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ». قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ.
ومن صفات عباد الرحمن تركُ شهادة الزور؛ قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾ [الفرقان: 72]، وللعلماء قولان في تفسير هذه الآية؛ أحدها: “لا يشهدون الزور: أي لا يشهدون بالزور وهو الكذب، فهو من الشهادة، وثانيهما: لا يحضرون مجالس الزور واللهو، فهو على هذا من المشاهدة والحضور”.
ما هي كفارة شهادة الزور
أيها السادة : قد يقول إنسان الآن يا شيخ لقد وقعت في هذا الداء الخطير, وهذا المرض السرطاني المدمر وقعت في شهادة الزور فماذا أفعل هل أبكي علي نفسي حسرات أم هناك حل ؟
أيها السادة :كفارة شهادة الزور وغيرها من المعاصي: تكون بالتوبة إلى الله عز وجل، وإذا ترتب عليها ضرر في حق آدمي فيجب تحلله منه، واعلم أن باب التوبة مفتوح لا يغلق أبدا ولكن عليك برد الحقوق إلي أصحابها للحديث الذي رواه البخاري من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ)
قال البيجرمي الشافعي في حاشيته: ويشترط في توبة معصية قولية :القول , فيقول: قذفي باطل وأنا نادم عليه ولا أعود إليه , ويقول في شهادة الزور: شهادتي باطلة وأنا نادم عليها،
والمعصية غير القولية : يشترط في التوبة منها بإقلاع عنها والندم عليها والعزم علي أن لا يعود لها ورد المظالم إلي أهلها .
واعلم أن باب التوبة مفتوح في كل وقت وحين ما لم تطلع الشمس من مغربها وما لم تصل الروح إلي الحلقوم كما قال النبي المختار rفعَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ)
و أبشر:فما دمت في وقت المهلة فباب التوبة مفتوح لقول المصطفي صلى الله عليه وسلم(إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا )
قُولُوا لِشَاهِدِ الزُّورِ، وَلِقَائِلِ الزُّورِ: بَادِرْ بِالتَّوْبَةِ للهِ تعالى قَبْلَ أَنْ تَقِفَ بَيْنَ يَدَيْ أَحْكَمِ الحَاكِمِينَ، وَأَعْدَلِ العَادِلِينَ، الذي سَيَقْتَصُّ للشَّاةِ الجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ القَرْنَاءِ، بَادِرْ بِالتَّوْبَةِ للهِ تعالى قَبْلَ أَنْ تُسَاقَ إلى جَهَنَّمَ مَعَ المُجْرِمِينَ، فَوَاللهِ الذي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، لَو عَلِمْتَ مَا أَعَدَّ اللهُ تعالى مِنَ الخِزْيِ وَالعَارِ، وَالعَذَابِ الأَلِيمِ في الآخِرَةِ، لَتَمَنَّيْتَ قَطْعَ لِسَانِكَ قَبْلَ قَوْلِ الزُّورِ وَشَهَادَةِ الزُّورِ. عِبَادَ اللهِ: لِيَصُمْ لِسَانُنَا عَنْ قَوْلِ الزُّورِ وَشَهَادَةِ الزُّورِ قَبْلَ نِهَايَةِ الأَجَلِ، وَإِلَّا فَسَوْفَ يَقُولُ العَبْدُ عِنْدَ سَكَرَاتِ المَوْتِ: ﴿رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحَاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾.
اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنَا مِنَ النَّادِمِينَ المُتَحَسِّرِينَ عِنْدَ سَكَرَاتِ المَوْتِ. آمين.
حفظَ اللهُ مصرَ قيادةً وشعبًا مِن كيدِ الكائدين، وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.
كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه د/ محمد حرز
_______________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف