الإخوان والجبهة السلفية ولعبة اليهود، لوزير الأوقاف
لا شك أن الأيام تكشف لنا يومًا بعد يوم عن أن الارهاب كله ملّة واحدة ، وأن التطرف كله ملة واحدة ، وكذلك التشدد والغلو ، فدعوى رفع المصاحف هي دعوى إخوانية بغطاء الجبهة السلفية
وقد تأكد لنا بما لا يدع مجالا للشك مباركة تنظيم الإخوان فى الخارج والداخل لهذه الدعوة ، ففي الخارج أعلن التنظيم الدولى للإخوان أن الجبهة السلفية هى أحد مكونات وعناصر تحالفهم المشئوم ، وفي الداخل اعترض بعض المنتمين للإخوان على موضوع خطبة الجمعة : الدعوات الهدامة كشف حقيقتها وسبل مواجهتها ، حيث أكدنا أن الدعوة إلى رفع المصاحف هى دعوة خبيثة مشئومة ، وحذرنا من المشاركة فيها ، وقلنا إنها عين فعلة الخوارج ، فما أشبه الليلة بالبارحة ، لقد صنع الخوارج هذا الصنيع وخرجوا على سيدنا علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ورفعوا المصاحف ، وقالوا: لا حكم إلا لله، ثم كفروه وهو من هو (رضي الله عنه) ، وكانت فتنة عظيمة سفكت فيها الدماء، ونهبت فيها الأموال ، وتحول رفع المصاحف إلى رفع السيوف وقتل الآمنين .
إن من قواعد الشريعة التي يرفعون ظلما وخداعا شعارها : حفظ الدين، والنفس ، ومن قواعدها أيضًا : أن درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح ، وهذه الدعوات التي يرفعونها قد تؤدي مالم نتنبه لها إلى فتن عظيمة تعصف بالبلاد والعباد من قتل وتدمير وتخريب وزعزعة لأمن الفرد والمجتمع .
إن الشريعة تدعو إلى تعظيم شأن المصحف وصيانته عن كل مالا يليق به ، فكيف بالمصحف الشريف حين يحدث الهرج والمرج ، أو يحدث احتكاك بين هؤلاء وبين المعارضين لهم ، أليس من المحتمل ، بل من المؤكد أن تسقط بعض المصاحف من أيديهم على الأرض وربما تهان بالأقدام ، ولا حول ولا قوة إلا بالله؟ سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم ، إثمه وإفكه على من دعا إليه أو يشارك فيه.
إن إقحام الدين في السياسة والمتاجرة به لكسب تعاطف العامة إثم كبير وذنب خطير ، ويكفي الإسلام ما أصابه من تشويه صورته في الداخل والخارج على يد ولسان بعض المنتسبين إليه ، وليس لهم من حقيقته إلا مجرد أسمائهم وبطاقات هوياتهم.
ونؤكد على حرمة المشاركة في هذه التظاهرات الآثمة ، وعلى إثم من يشارك فيها من الجهلة والخائنين لدينهم ووطنهم.
فعقب خطبة الجمعة الماضية دعا بعض شباب الإخوان للتظاهر مؤكدين انضمامهم لما يطلقون عليه بغيا وظلما : ثورة الشباب المسلم ، والشباب الوطنى والإسلام الحنيف من كل ذلك براء، مما يكشف لنا يوما بعد يوم أن التشدد والتطرف والغلو كله ملة واحدة ، وأن ما يُسمى بالجبهة السلفية تدعو إلى تلك المظاهرات بالوكالة عن التنظيم الدولى للإخوان في الوقت الذي يخادع فيه بعض المنتمين للإخوان بدعوات لم الشمل ، فطائفة تقتل وتخرب وتدمر وتتآمر بالخارج مع أعداء الوطن وتحرض عليه وتتحالف مع الشيطان ، وأخرى تتظاهر بالدعوة للم الشمل ، وثالثة تدعو لرفع المصاحف ، مما يذكرنا بمسالك الصهاينة في توزيع الأدوار بين الحمائم والصقور ، وأخيرًا يخرجون علينا بيهودية الدولة صقورهم وحمائمهم معًا في ذلك سواء ، لا يعرفون غير التمييز والعنصرية التي يتظاهر العالم الغربي بمحاربتها إلا لدى الربيبة المدللة إسرائيل ، فإنهم يتظاهرون بالحفاظ على حقوق الإنسان ، أما عندما يتعلق الأمر بإرهاب وترويع الإنسان المسلم أو العربي فلا مجال لمجرد الحديث عن هذه الحقوق .
أما البعد الثاني للعبة اليهود مع الإخوان وجبهتهم السلفية المصطنعة ، أو بعبارة أدقِ لعب اليهود بهم ، فإنما يتمثل ويتجسد في استخدام هؤلاء سواء بصورة مباشرة أم غير مباشرة عبر وسائط قذرة لضرب أوطانهم، وتمزيق أمتهم وتفتيت كيانها ، ليبقى الجيش الإسرائيلي والدولة اليهودية هي القوة الأكثر تأثيرًا بل المنفردة في منطقتنا العربية ، كما أنهم يستخدمونهم أيضا ويغذون ما لديهم من أفكار هدامة لتشويه صورة الإسلام والمسلمين، فلو أنهم أنفقوا أضعاف ما ينفقون ، وبذلوا كل جهودهم وطاقتهم دون أن يستخدموا هؤلاء المأجورين المهووسين بالسلطة لما بلغوا معشار ما بلغوا من تشويه صورة الإسلام ، حيث صار القتل والتخريب والتدمير وسفك الدماء مرتبطا في الذهن بصورة تلك الجماعات المحسوبة زورًا وبهتانًا أو اسمًا وشكلاً على الإسلام وهو منها براء ، فنحن لم نعرف القتل باسم الإسلام وتحت راية القرآن إلا على أيدي تلك الجماعات المارقة التي تمارس إرهابا أعمى يعمد إلى حرق الأخضر واليابس ، وتدمير الأوطان والبنيان ، فلا ينبغي أن نخدع بلحن قولهم أو معسول كلامهم، فقد نبهنا الحق سبحانه إلى ذلك فقال: “وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ ” (البقرة : 205)، ويقولون : المؤمن كيس فطن ، وكان سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يقول: ” لستُ بالخِبِّ ، و لا الخِبُّ يخدعُني ” ، ويقول أحدهم : إذا خدعتني لأول مرّة فالعيب فيك وإذا خدعتني للمرة الثانية فالعيب فيَّ ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين ” (أخرجه مسلم) .