الأيام دول لوزير الأوقاف
الأيام دول ، فيوم لنا ويوم علينا ، ويوم نُساء ويوم نُسرُّ ، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى : “وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ “، انتصارًا ، وانكسارًا ، عسرًا ويسارًا ، غنىً وافتقارًا ، صحة و مرضًا ، فالمؤمن الحقيقي يشكر في الرخاء ويصبر عند البلاء ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ” ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ اللهُ لَهُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَالكَرْبِ ، فَلْيُكْثِر الدُّعَاءَ فِي الرَّخَاءِ” ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “تَعرَّفْ إلى اللهِ في الرخاءِ يعرفُك في الشدَّةِ” ، ويقول سيدنا أبو الدرداء (رضي الله عنه) : ادع الله يوم سرَّائك يستجب لك يوم ضرَّائك.
وعلينا ألا نفقد الأمل مهما كانت الشدة ، فقد ردَّ الله (عز وجل) إلى سيدنا يعقوب (عليه السلام) بصره وولده حين فوض أمره إلى الله (عز وجل) صبرًا واحتسابًا ، حيث قال كما حكى القرآن الكريم على لسانه : “فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ” ، وقال: “يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ” ، وجاء البشير بقميص يوسف (عليه السلام) إيذانًا بحياته وقدومه إليه : “فَلَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ “.
وهذا نبي الله أيوب (عليه السلام) يمسه الضر فيصبر ويحتسب ويجأر إلى الله (عز وجل) بالدعاء : “وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ”.
وهذا نبي الله يونس (عليه السلام) يُبتلى بمحنة ابتلاع الحوت له ثم يأتيه الفرج بعد الشدة ، لما كان منه من الذكر والتسبيح في السعة والشدة على السواء ، حيث يقول الحق سبحانه : “فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ” ، ويقول سبحانه : “وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ”.
غير أن بعض الناس تغرهم الدنيا ،ويغرهم بالله الغرور ، فينسون أو يتناسون إكرام الله (عز وجل) لهم ، فإذا أصاب أحدهم شدة لجأ إلى الله (عز وجل) مخبتًا منيبًا ، فإذا كشف الله (عز وجل) عنه ضره مر كأن لم يدعه إلى ضر مسه ، حيث يقول الحق سبحانه : “وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ” ، ويقول سبحانه : “وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنسَانُ كَفُورًا * أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا * أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا”.