أخبار مهمةالأزهرعاجل

الأزهر الشريف.. “التبرع بالأعضاء”.. من منظور شرعي وطبي!

دخل تطبيق قانون “التبرع التلقائى بالأعضاء” فى فرنسا حيز التنفيذ مع بداية العام الجديد، إلا إذا كان المتوفى سبق له أن رفض خلال حياته التبرع بأعضائه. وبالنسبة للأشخاص الرافضين للتبرع بأعضائهم، فإن التعديلات الجديدة تشترط إثبات الشخص رفضه التبرع بعضو من أعضائه قبل وفاته بطرق شتى، فوافق 86% على التبرع ورفض 39%  وطبقًا للإحصائيات الطبية فإن تطبيق القانون سينقذ 21 ألف حالة مرضية سنويا من الموت.

وتبذل الجهات المعنية فى الدول العربية جهودًا كبيرة للتصدى لظاهرة بيع الأعضاء البشرية خاصة  التجارة غير الشرعية، ورغم ذلك تتزايد تجارة الأعضاء بسبب الفجوة بين أعداد المرضى التى ترتفع سنويا فى مقابل انخفاض أعداد المتبرعين سواء من الأحياء أو المتوفين .

وأكد عدد من  المسئولين وجود حالات بيع وشراء بين المرضى والمتبرعين لا سيما من غير الأقارب، وهذا ما أكدته دراسة حديثة  أن 96% من زراعات الأعضاء من غير الأقارب تمت عن طريق الشراء، فعلى وجه الخصوص نجد أن مريض الفشل الكلوى أو مريض القلب تكون حياته على المحك إذا لم يتم التبرع له .

وأوضحت الدراسات الحديثة أن حوالى 2 مليون مريض بالفشل الكلوى حول العالم يموتون سنويا بسبب عدم تلقيهم العلاج المناسب وانتظارهم  تلقى التبرع من أحد، ففى السعودية  أعلنت وزارة الصحة وجود 5 الآف مصاب بالفشل الكلوى، والآن 500 مريض سنوى قريب من النسبة الدولية، وفى مصر تعتبر أكثر النسب حيث يصل تعداد المرضى بها 114 ألف مريض يترددون على 309 مراكز طبية، وفى الجزائر 5 الآف مصاب.

وإذا نظرنا على مستوى دول العالم نجد أن القانون الفرنسى يعتبر أقدم تشريع تعامل مع مسألة نقل الأعضاء منذ عام 1857 ويتبعه القانون الإنجليزى عام 1953، ثم أصدر القانون الألمانى عام 1997.

ولكن إذا تحدثنا عن الدول العربية نجد أن مسألة التبرع بالأعضاء مازالت أمرًا شائكًا، لكن هناك بعض الدول العربية بادرت بتشريع قوانين بشأن التبرع بدأت بالعراق عام 1977 ثم الكويت عام 1983، وهناك بعض الدول سمحت بعملية نقل الأعضاء مثل السعودية التى صدرت بها بعض الفتاوى الشرعية التى سمحت بعمليات النقل وأهمها التى صدرت عن هيئة كبار العلماء والتى اجازت نقل عضو أو جزء من إنسان حى أو ميت ويعتمد ذلك على الشخص نفسه فعليه أن يأذن بالتبرع بأعضائه أو أهله ولذلك يبقى الأمر غير محسوم ويعود ذلك إلى رغبة كل شخص وما أوصى به.

“صوت الأزهر” تفتح هذا الملف الشائك للتعرف على رأى الدين فى التبرع بالأعضاء، والرأى الطبى، وآراء علماء الإجتماع فيما بادرت به فرنسا من التطبيق التلقائى لنقل الأعضاء.

من جهته قال الدكتور أحمد برج، رئيس قسم الفقه بكلية الشريعة والقانون بدمنهور جامعة الأزهر، أن قضية التبرع بالأعضاء تحدث فيها الفقهاء قديما وحديثا ما بين مؤيد ومعارض، والفريق الذى منع التبرع قفل الباب لأنه لا ضرر ولا ضرار، ولأن الجسد أمانة فى ذمة صاحبخ والأمانات لا يتبرع بها، وأما الفريق الذى أجاز التبرع فبعضهم قيده بالأعضاء التى يستفاد منها بعد الموت كالقرنية وغيرها وبعضهم أجاز التبرع بالأعضاء من الحى والميت للمصلحة التى تتحقق للمريض.

مضيفًا: أؤيد  رأى من أجاز التبرع بالأعضاء بعد الموت لما يستفاد به بعد الموت مما لا يترتب عليه انتهاك لحرمة الميت، وأرى أن هذا يكون فيه مدخل لولى الأمر بحيث يشكل لجنة من الأطباء على قدر من الديانة تحدد الحالات التى هى بحاجة لمثل هذه الأعضاء وتكون لمن تحقق الإستفادة من بقائهم فى الحياة مصلحة عامة كالعلماء والقادة وغيرهم ولا يكون الأمر عاما هكذا كما حدث فى  فرنسا.

ومن جهته قال الدكتور أسامة فخرى الجندى أستاذ العقيدة والفلسفة، عضو بيت العائلة المصرية، إن تجارة الأعضاء البشرية عمل لا أخلاقى واستنزاف مادي، إنها سوق للابتزاز والنصب والاتجار غير المشروع، ما دامت بعيدة عن نظام وقانون يضبط سيرها وكيفيتها، ويحول دون وقوع أى ضرر على المتبرع بالأعضاء.

وأضاف الجندى، إن هناك حالتين يكون عليهما التبرع : الأولى أن يكون التبرع من الحى إلى الحى، وفى هذه الحالة إن كان العضو المتبرّع به مما تتوقف عليه حياة المتبرِّع، كالقلب والكبد ونحوهما، فهذا لا يجوز التبرع به؛ لما فيه من معنى الانتحار، وإلقاء النفس فى التهلكة، ومن ثم ففى هذه الحالة يكون التبرع حرامًا شرعًا، قال الله تعالى: { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ } .

متابعا: ومثله إذا كان العضو المتبرَّع به سوف يفقد المتبرِّع وظيفة حيويّة متعلقة بجسمه، أو سيؤدى إلى تعطيل واجب عليه، كالتبرع باليدين مثلًا أو الرجلين ؛ مما يؤدى إلى العجز عن كسب العيش والقيام بما هو واجب عليه، فهذا لا يجوز أيضًا . وكذلك إذا كان العضو المتبرَّع به سوف يضر بالمتبرِّع بإحداث تشويه فى خلقته أو حتى بحرمانه من عضو لديه لينقل إلى آخر محروم منه، كالتبرع بقرنية العين مثلا ونحوها، فهذا أيضًأ لا يجوز؛ لعدم توفر حالة الاضطرار فى المتبرَّع إليه، ومعلوم أن من القواعد: أن الضرر لا يزال بمثله.

وأما الحالة الثانية: التبرع من الميت إلى الحى: وهذه الحالة قد اختلفت فيها الآراء، إلا أن كثيرًا من العلماء وأيضًا عدد من المجامع الفقهية والمؤتمرات اختاروا جواز ذلك، لما فيه من المصالح الكثيرة، والتى تتماشى مع روح ومقاصد الشريعة والتى منها التيسير.

مؤكدًا أن فى التبرع بالأعضاء إحياءً للنفس، قال تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}، ويدخل هذا التبرع فى باب تفريج الكرب، والإحسان، والتعاون على الخير والبر. وللمتبرع أجر على إحسانه إلى الآخرين خصوصًا إذا كانوا أقرباءه، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، وقال صلى الله عليه وسلم: {من نَفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نَفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة}.

وقال الدكتور محمد مبارك، أستاذ علم الاجتماع بكلية الدراسات الإنسانية بتفهنا الأشراف بجامعة الأزهر: يسعى علماء الاجتماع دائما إلى دعم الظواهر الإيجابية؛ لكى ينعم المجتمع بسعادة واستقرار، والقانون الفرنسى بادر بخطوة جيدة من أجل الحفاظ على حياة الأشخاص كما احترم أيضا رغبة من لم يُرِد، وهذا معناه أن الإنسان مقدر ومكرم.

مشيرًا إلى أنه لا يمكن أن نطلق على حالات التبرع التى تتم بين الأهل فى نطاق ضيق على أنها ظاهرة إجتماعية، مع وجود بعض الحالات الشاذة التى تتصف بالإجرام كسرقة الأعضاء البشرية بطرق مختلفة لكنها أيضًا لم تصل إلى حد الظاهرة الاجتماعية.

مضيفا أن تطبيق القانون الفرنسى فى مصر أمر صعب للغاية لأن المجتمع المصرى يعانى من عدم الوعى الكامل وغياب ضمائر بعض الناس فستحدث كوارث وموبقات عديدة، وربما تصل إلى حد انتشار الإعتداء على حرمة الموتى وكذا انتشار الإتجار فى الأعضاء البشرية تمامًا كانتشار الفساد الآن فى مختلف مجالات الحياة. 

اظهر المزيد

admin

مجلس إدارة الجريدة الدكتور أحمد رمضان الشيخ محمد القطاوي رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) تليفون (phone) : 01008222553  فيس بوك (Facebook): https://www.facebook.com/Dr.Ahmed.Ramadn تويتر (Twitter): https://twitter.com/DRAhmad_Ramadan الأستاذ محمد القطاوي: المدير العام ومسئول الدعم الفني بالجريدة. الحاصل علي دورات كثيرة في الدعم الفني والهندسي للمواقع وإنشاء المواقع وحاصل علي الليسانس من جامعة الأزهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »