أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة : فضل الشهادة في سبيل الله، للشيخ عبد الناصر بليح

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 24 يناير للشيخ عبد الناصر بليح : فضل الشهادة في سبيل الله ، بتاريخ: 29 جماد أول 1441هـ – 24 يناير 2020م.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة للشيخ عبد الناصر بليح : فضل الشهادة في سبيل الله :

لتحميل خطبة الجمعة القادمة للشيخ عبد الناصر بليح : فضل الشهادة في سبيل الله ، بصيغة word  أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة للشيخ عبد الناصر بليح : فضل الشهادة في سبيل الله ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن الدروس الدينية

 

للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة للشيخ عبد الناصر بليح : فضل الشهادة في سبيل الله : كما يلي:

“منزلة الشهيد”

سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللهِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ حَمْزَةً”

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فيا عباد الله

يقول الله تعالي: “وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ”(البقرة/154). إخوة الإسلام :” حديثنا إليكم اليوم عن الشهادة في سبيل الله وهي من أعلي درجات قوة الإيمان ورسوخ العقيدة. ومدار حديثنا اليوم عن سؤال يدور في أذهان الجميع وقد لا يجد له إجابة أو قد يفسره على سبيل الخطأ..

متى تكون كلمة حق عند سلطان جائر جهاداً وشهيدها أفضل الشهداء؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أخا الإسلام: “عندما تري شاباً في مقتبل العمر قد أجريت له عملية غسيل مخ يجادل شخصاً ممن يكبره في السن بل هو أعلم منه، وتجده يذم من يقول بأن الذي ينصح الحكام بغير حكمة، يضر نفسه ولا يزيل منكراً، ولا ينفع الإسلام في شيء.

فيرد عليه هذا المغيب بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب يوم القيامة، ورجل قام إلى إمام جائر، فأمره ونهاه، فقتله”(الحاكم). وبحديث: “أفضل الجهاد: كلمة حق عند سلطان جائر”(الترمذي).   

ويتكرر ذلك من بعض المتمشيخين بغير حق استدلالهم بهذا الحديث على مَدْحِ من عرّضَ نفسه للهلاك بحجة الإنكار! وكأن الإسلام يبيح قتل النفس مطلقاً إذا كان قتلها بحسن نية، حتى لو كان القتل لن يرفع للحق راية، ولن يزيل منكراً!

ولا يعلم هؤلاء أنهم بهذا الاحتجاج وبهذا الفهم السقيم للحديث ينقضون أدلة كثيرة من أدلة الشرع وقواعد راسخة من مقاصده، كلها توجب ألا يقع تعريض النفس للقتل إلا دفاعاً عن الدين والحرمات، أو أن يكون دافعاً مفسدةً أعظم من مفسدة القتل.

محاولة جادة لفهم النص:”

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إخوة الإسلام: “ولو حاول هؤلاء المتعالمون أن يفقهوا، لوجدوا أن العلماء قد شرحوا هذا الحديث منذُ أكثر من ألف سنة !!فقد ذكر الإمام محمد بن جرير الطبري مسألة الإنكار على الأمراء علانية، وهل هو سنة؟ وذكر حديث: “أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر” ثم نقل خلافاً بين السلف في ذلك، فذكر لهم ثلاثة مواقف:

المذهب الأول:

ــــــــــــــــــــــ

ونقله عن عبد الله بن مسعود وابن عباس وحذيفة وأسامة بن زيد رضي الله عنهم: “أن كلمة الحق عند سلطان جائر تكون أفضل الجهاد إذا أمن المنكِرُ والأمر بالمعروف على نفسه القتل أو أن يلحقه من البلاء ما لا قبل له به.. ونقل عن التابعي العابد الجليل مطرف بن عبد الله الشِّخِّير أنه قال: “والله لو لم يكن لي دين، حتى أقوم إلى رجل معه ألف سيف، فأنبذ إليه كلمة، فيقتلني: “إن ديني إذن لضيق”!! وهي عبارة معبرة!!

والمذهب الثاني:

ـــــــــــــــــــــــــ

ونقله عن عمر بن الخطاب وأبي بن كعب أنهما أوجبا على من رأى منكرا أن ينكره علانية. ولكن من المعلوم أنهما “رضي الله عنهما” قد قالا ذلك في زمنهما، وكان أحدهما خليفة راشداً، والآخر مات في زمن خليفة راشد (عثمان بن عفان) فلم يكونا يتحدثان عن كلمة الحق عند السلطان الظالم، ولا عن الإنكار على الأمراء الظلمة. ومن هؤلاء أبو ذر الغفاري الذي كان يأمر معاوية بن أبي سفيان أمير دمشق في زمن خلافة عثمان.. ولكنه لم يجد ما ينكره زمن أبي بكر وعمر فعمر نفسه كان يقول: “لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها”

المذهب الثالث:

ـــــــــــــــــــ

لا يجوز للمؤمن أن يذل نفسه:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إخوة الإسلام: “إن الإنكار عند الأمراء الظلمة يكفي فيه إنكار القلب، واحتج أصحاب هذا القول بأحاديث صحيحة، كقوله صلى الله عليه وسلم: “يُستعمل عليكم أمراء بعدى، تعرفون وتنكرون، فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضى وتابع، قالوا: يا رسول الله، أفلا نقاتلهم؟ قال: لا، ما صلوا”(مسلم).

وعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: “خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ ، فَقَالَ : لَا ، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلَاتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ ، فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ وَلَا تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ(مسلم).

ثم رجح ابن جرير:

أن الواجب هو الإنكار؛ إلا إذا خاف على نفسه عقوبة لا قبل له بها. فلم يطلق القول بالوجوب، واحتج بما قاله عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما على نفسه قال:” سمعتُ الحجّاج يـخطب فذكر كلامًا أنكرته، فأردتُ أن أغيّر فذكرتُ قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “لا ينبغي للمؤمن أن يُذلّ نفسه”، قلتُ يا رسول الله كيف يُذلّ نفسه؟ قال: “يتعرّض من البلاء لما لا يُطيق”(البزّار والطبراني).

والحديث واضح الدلالة على أهمية أن يحمي المؤمنِ نفْسَه مِن كلِّ ما يكون سبباً لوقوعه في الأذى أو المهانة أو المذلة أو العجز. فليقم المؤمن بما يستطيعه من الخير بغير أن يعرض نفسه للضرر الذي لا يطيقه هو ولا من يعول.. وليقدم على فعل الخير الذي يقدره، ولا يحمل نفسه ما لا يقدر، أو مالا يمكنه معه الوفاء والأداء..

وليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حسب قدرته واستطاعته ويحذر ان يترتب عليه منكر مثله أو أشد. وليقنع بما آتاه الله من دنياه ولا يذل نفسه بالتزلف للناس ولا بالطأطأة لهم بحثا عن المنزلة ..وليضع نفسه في مقامه حيث يعلم و يحسن, ولا يضع نفسه حيث يجهل ويخطئ .

ضوابط أمر الحاكم بالمعروف ونهيه عن المنكر:”

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إخوة الإسلام: “متى تكون كلمة حق عند سلطان جائر جهاداً وشهيدها أفضل الشهداء؟ إن أمر الحاكم بالمعروف ونهيه عن المنكر إما أن يكون قائل الحق عند السلطان الجائر آمنا على نفسه: فهذا سيكون فعله صحيحاً، بل واجباً عليه. وإما أن يكون غير آمن على نفسه، وله حالتان:

الأولى: “إما أن يكون قتله أو أذاه سوف يعود على الدين بالعزة والنصر، فهذا هو الذي يُشرع له ذلك، إذا كان يقدر عليه ويصبر عليه. واجتهاده يجب أن يقوم على تقدير أعظم المفسدتين، وتقديم أخفهما.

والثانية: وإما أن إنكاره لن يعود على الدين بنفع، بل ربما أدى قوله الحق إلى جر مفاسد عظيمة على الدين، فهذا لا يكون مشروعا، ويحرم تعمده، مع العلم بنتائجه!

إذن ينحصر معنى الحديث فيمن قال الحق وهو يتوقع الأذى بالقتل وغيره، وهو قادر على تحمل هذا الابتلاء، إذا كان يعلم أن مفسدة قتله أو أذاه ستؤدي إلى مصلحة إعزازٍ للدين، بتغيير المنكر، أو بغير ذلك من صور إعزاز الدين ونصرته. كما حصل مع غلام أصحاب الأخدود، الذي كان قتله نشرا للدين ونصرا له.. عندما

“قال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به. قال: وما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع، ثم خذ سهمًا من كنانتي، ثم ضع السهم في كبد القوس، ثم قُلْ: باسم الله رب الغلام. ثم ارمني، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني. فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه، ثم أخذ سهمًا من كنانته، ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال:

باسم الله رب الغلام. ثم رماه، فوقع السهم في صُدْغه، فوضع يده في صدغه، فمات. فقال الناس: آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام. فأُتي الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر، قد والله نزل بك حذرُك قد آمن الناس. فأمر بالأخدود بأفواه السكك، فخُدَّت وأُضرم فيها النيران وقال: من لم يرجع عن دينه فأقحموه. ففعلوا، حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها، فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أماه، اصبري فإنك على الحق”(مسلم).

أما إذا كان يعلم أنه سوف يُقتل بلا أي مصلحة، كأن يُقتل سرا، فلا يزيل منكراً، ولا يعزّ للدين راية فهذا فساد بإزهاق نفس بلا فائدة! فكيف إذا ترتب على كلمته مفاسد على الدين وأهله؟!

كيفية النصيحة:

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

عباد الله: “والنصح للحاكم يكون على سبيل التورية ولا ينصحه في وجهه ولا أمام الناس كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: “من كانت عنده نصيحة فلا يبدها علانية وليأخذ بيده وليخلو به فإن كان قد أدى الذي عليه”(أحمد). فالمقصود بالجهاد في هذا الحديث هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك من عبادات اللسان، ولذلك قال: كلمة الحق ـ والكلام إنما يؤدى باللسان! وهذا ليس من الخروج على الأئمة، وإنما هو من النصح لهم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم”(مسلم).

فالحديث دل على ثلاثة أمور:

أولا: السرية التامة في المناصحة للحاكم حتى عن أقرب الناس إليه إن أمكن.
ثانيا: براءة الذمة بمجرد النصيحة على هذا الوجه الذي تضمنه الحديث.

ثالثا: أنه لا تبعة على من لا يقدر على النصيحة للحاكم سرا لأنه لا تكلف نفس إلا وسعها، ولأن هذا الطريق هو ما جاء عن الله على لسان رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فلو رضي الله للعباد والبلاد غيره لجاء بيانه في الكتاب أو في صحيح السنة فكان لزاما على كل طالب للحق والهدى الوقوف على هذا النص.

قال الإمام الشوكاني رحمه الله “ولكنه ينبغي لمن ظهر له غلط الإمام في بعض المسائل أن يناصحه ولا يظهر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد بل كما ورد في الحديث أنه يأخذ بيده ويخلو به ويبذل له النصيحة ولا يذل سلطان الله.. حيث أنه لا يجوز الخروج على الأئمة وإن بلغوا في الظلم أي مبلغ ما أقاموا الصلاة ولم يظهر منهم الكفر البواح، والأحاديث الواردة في هذا المعنى متواترة ولكن على المأموم أن يطيع الإمام في طاعة الله ويعصيه في معصية الله فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق..

درجات النصيحة:”

ـــــــــــــــــــــــــــــ

 وقال الغزالي في إحياء علوم الدين: “ذكرنا درجات الأمر بالمعروف، وأن أوله: التعريف، وثانيه: الوعظ، وثالثه: التخشين في القول، ورابعه: المنع بالقهر في الحمل على الحق بالضرب والعقوبة، والجائز من جملة ذلك مع السلاطين الرتبتان الأوليان، وهما: التعريف والوعظ، وأما المنع بالقهر:

فليس ذلك لآحاد الرعية مع السلطان، فإن ذلك يحرك الفتنة ويهيج الشر ويكون ما يتولد منه من المحذور أكثر، وأما التخشين في القول كقوله: يا ظالم، يا من لا يخاف الله، وما يجري مجراه، فذلك إن كان يحرك فتنة يتعدى شرها إلى غيره لم يجز، وإن كان لا يخاف إلا على نفسه، فهو جائز، بل مندوب إليه، فلقد كان من عادة السلف التعرض للأخطار والتصريح بالإنكار من غير مبالاة بهلاك المهجة والتعرض لأنواع العذاب لعلمهم بأن ذلك شهادة..

ومن هذا ما فعله الحسن البصري في وعظه للطاغية الحجاج بن يوسف الثقفي حاكم العراق، المعروف بطغيانه وتجبره وبطشه

بنى الحجاج لنفسه قصرا مشيّدا، و دعا الناس لينظروا إلى القصر فانتهز الحسن البصري الفرصة لـ يعظ الناس فخطب الحسن البصري في الناس أمام القصر، ومما قاله في خطبته: لقد نظرنا فيما ابتنى أخبث الأخبثين ، فوجدنا أن فرعون شيّد أعظم مما شيّد و بنا أعلى مما بنا ، ثم أهلك الله فرعون و أتى على ما بنا و شيّد . ليت الحجاج يعلم أن أهل السماء قد مقتوه وأن أهل الأرض قد غرّوه

فخاف عليه أحد السامعين و قال : ( حسبك يا ابا سعيد حسبك ) رد عليه الحسن قائلا:” لقد اخذ الله الميثاق على أهل العلم ليبيننه للناس ولا يكتمونه واستمر بخطبته أمام الناس وفي اليوم التالي عَلِم الحجاج فيما خطب به الحسن البصري -رحمه الله- فـ غضب ، فدخل إلى مجلسه عند أعيانه ، فقال لمن عنده :

تبا لكم و سحقا لكم ، يقوم عبد من عبيد أهل البصرة و يقول فينا ما شاء ان يقول ثم لا يجد فيكم من يرده أو ينكر عليه ، والله لأسقينكم من دمه يا معشر الجبناء فأمر بالسيف و النطع (النطع = بساط من جلد يضعونه تحت من يريدون قتله ، لينزل الدم على البساط فلا يلوث المكان).

وأمر بالجلاد فوقف الجلّاد عند النطع والسيف بيده، فأرسل الحجاج بعض الشرطة ليأتوا بـ الحسن البصري فجاء الحسن:

وكان الناس خائفين على هذا العالم العظيم الذي لا يسكت عن الحق دخل الحسن.. فرأى الجلّاد فوق النطع بيده السيف فكان يحرّك الحسن شفتيه بكلام لا يسمعه أحد، فتقدّم الحسن إلى الحجاج

فلمّا رأى الحجاج الحسن بعزّته ، فنادى هاهنا يا ابا سعيد وظل يقرّبه يقرّبه ، حتى أجلسه على سريره الكبير الذي يجلس عليه وتبدو الحيرة على الناس فيما يرونه من الحجاج !!فلما جلس الحسن ، بدأ يسأله الحجاج و عن الفتاوى ، و كان الحسن يُجيبه و هو هادئ النفس مستريح فقال الحجاج : أنت سيد العلماء أبا سعيد ثم أشار ليأتوا به بالغالية ( الغالية أغلى أنواع الطيب ) فأخذ الطيب و طيّب به لحية الحسن بنفسه ! ، و خرج ليودّع الحسن بنفسه !!

لمّا خرج الحسن.. تَبعه حاجب الحجاج! وقال الحاجب: يا أبا سعيد لقد دعاك الحجاج لغير ما فعل بك، وإني رأيتك عندما أقبلت رأيت السيف والنطع والجلّاد فحركت شفتيك فماذا قلت؟ قال الحسن: لقد قلت: “يا ولي نعمتي، وملاذي عند كربتي، اجعل نقمته بردا وسلاما عليّ كما جعلت النار بردا وسلاما على إبراهيم ” فلم يخاف الحسن البصري ولم يُنافق من أجل والي ظالم متجبر طاغية! ونصره الله، والله ينصر الحق ولو كره الطغاة.

أنواع القتال:”

عباد الله ونحن نجيب عن سؤال طرحناه متى تكون كلمة حق عند سلطان جائر جهاداً وشهيدها أفضل الشهداء؟ فلابد لنا أن نعرف أنواع القتال الجائز منه والممنوع.. فهناك من

قاتل ليقال!!!

ــــــــــــــــــ

وقد نري البعض هذه الأيام يجازف بنفسه ويغامر ويقف من الحاكم موقفاً وربما هذا الحاكم لم يغير معلوماً من الدين بالضرورة ولم يدعوا لفسق ولم ينهي عن فريضة.. ثم نجد من يقف من أجل سلطة وتنازع على السلطة وهو منهي عنه أو يقف من أجل أن يقال إنه جريء قال صلى الله عليه وسلم: “إنَّ أولَ الناسِ يُقضى يومَ القيامَةِ عليه رجُلٌ استُشهِد فأتى به فعرَّفه نِعَمَه فعرَفها، قال: فما عمِلتَ فيها؟ قال: قاتَلتُ فِيكَ حتى استُشهِدتُ. قال: كذَبتَ. ولكنَّكَ قاتَلتَ لِأَنْ يُقالَ جَريءٌ، فقد قيل، ثم أمَر به فسُحِب على وجهِه حتى أُلقِيَ في النارِ”(مسلم).

قتال الطلب:

ـــــــــــــــــــــــ

جماعة الإسلام:”

والحاصل أن هناك قتالين: قتالًا للطلب، أذهب أنا أقاتل الناس مثلًا في بلادهم، وهذا لا يجوز إلا بشروط معينة. أهمها أن يكون تحت راية الحاكم..

مثلًا: قال العلماء: إذا ترك أهل قرية الأذان، وهو ليس من أركان الإسلام، وجب على ولي الأمر أن يقاتلهم حتى يُؤَذِّنوا؛ لأنهم تركوا شعيرة من شعائر الإسلام، وإذا تركوا صلاة العيد، وقالوا: لا نصلِّيها لا في بيوتنا، ولا في الصحراء، يجب أن نقاتلهم، حتى لو فُرِض أن قومًا قالوا:

“هل الأذان من أركان الإسلام؟ قلنا: لا، ولكنه من شعائر الإسلام، فنقاتلكم حتى تؤذِّنوا. ولا يكون ذلك إلا بإذن الحاكم وتحت راية الحاكم.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَن قَاتل تحت راية عِمّية يقاتل عَصبيةً ويغضب لِعصَبيّة فقِتْلتُهُ جاهلية”(الحاكم). ولفظ مسلم: “من قُتل تحت رايةٍ عِمِّية يدعو عصبيةَ أو ينصر عصبيةَ فقِتْلَةٌ جاهلية”.

قتال الدفاع عن النفس:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عباد الله وهناك قتال أنت مرغم عليه وهو الدفاع عن النفس أي: لو أن أحدًا صال عليك في بيتك، يريد أخذ مالك، أو يريد أن ينتهك عرض أهلك مثلًا، فإنك تقاتله كما أمرك بذلك النبي عليه الصلاة والسلام، فقد سئل عن الرجل يأتيه الإنسان، ويقول له: أعطني مالك؟ قال: “لَا تُعْطِهِ مَالَكَ”، قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: “قَاتِلْهُ” قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: “فَأَنْتَ شَهِيدٌ، قال: أرأيت إن

  قتلته؟ قال: “هُوَ فِي النَّارِ”(مسلم).

لأنه معتد ظالم، حتى وإن كان مسلمًا، إذا جاءك المسلم يريد أن يقاتلك من أجل أن يخرجك من بلدك، أو من بيتك فقاتله، فإن قتلته فهو في النار، وإن قتلك فأنت شهيد، ولا تقل كيف أقتل مسلمًا؟! فهو المعتدي، ولو كتفنا أيدينا أمام المعتدين الظالمين الذين لا يرقبون في مؤمن إلًّا ولا ذمة ولا دينًا؛ لكان المعتدون لهم السلطة، ولأفسدوا في الأرض بعد إصلاحها..

قتال الطائفة الباغية:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وإذا اقتتلت طائفتان من المؤمنين – مثل: قبيلتان بينهما عصبية تقاتَلَا – وجب علينا أن نصلح بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى، وجب أن نقاتلها؛ حتى تفيء إلى أمر الله، مع أنها مؤمنة، ولكن هناك فرق بين قتال الدفاع وقتال الطلب، الطلب: ما نطلب، إلا مَن أباح الشارع قتاله، وأما الدفاع فلا بد أن ندافع.

قال تعالي:” وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأخرى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حتى تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ”(الحجرات/9). 

 

الخطبة الثانية:”

ـــــــــــــــــــــــــ

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين أما بعد فيا جماعة الإسلام.. لا زلنا نواصل الحديث حول متى تكون كلمة حق عند سلطان جائر جهاداً وشهيدها أفضل الشهداء؟

القتال لتكون كلمة الله هي العليا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 إخوة الإسلام ومن قاتل من اجل إعلاء كلمة الله فهذا علي حق شهيد إذا قتل وهو الذي يُقتل في سبيل الله مقبلاً غير مدبر، مخلصاً النية لله تعالى لا لمصلحة من مصالح الدنيا، وقد ذُكر هذ النوع من الشهداء في الحديث النبوي حيث روي عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أنه قال:

“جاء رجلٌ إلى النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فقال: “الرجلُ يُقاتِلُ للمَغنَمِ، والرجلُ يُقاتِلُ للذِّكرِ، والرجلُ يُقاتِلُ ليُرَى مكانُهُ، فمن في سَبيلِ اللَّهِ؟ قال: “من قاتَلَ لتَكونَ كلمَةُ اللَّهِ هي العُليا، فهو في سَبيلِ اللَّهِ”(متفق عليه).  ويقول صلى الله عليه وسلم: “إن الإسلام بدأ غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء”، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: “الذين يصلحون إذا فسد الناس”(صحيح).

وقال صلي الله عليه وسلم: “طوبى للغرباء أناس صالحون في أناس سوء كثير، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم”(صحيح الجامع). ويد الله تعمل في الخفاء تمهد لدينه وتغرس لدعوته وتنصر أولياءه، قال صلى الله عليه وسلم: “لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرسًا يستعملهم فيه بطاعته إلى يوم القيامة”(صحيح الجامع). غرس يختارهم الله على عينه ليكونوا سببًا لإعلاء الحق والحقيقة، يقذف الله بهم لتجري بهم أقداره تعالى، منتظرين إحدى الحسنيين إما النصر وإما الشهادة.

 خير الشهداء حمزة بن عبد المطلب:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ثم رجل قام إلى إمام فأمره ونهاه في ذات الله تعالى فقتله على ذلك ـ وقال صلى الله عليه وسلم: أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر. اهـ.

عن  جابر بن عبدالله – رضي الله عنه – يقول: “فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة حين فاء الناس من القتال، فقال رجل: رأيته عند تلك الشجرات، وهو يقول: “أنا أسد الله، وأسد رسوله، اللهم أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء: أبو سفيان وأصحابه، واعتذر إليك مما صنع هؤلاء بانهزامهم، فحنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه، فلما رأى جنبه بكى، ولما رأى ما مثل به شهق ثم قال:

ألا كفن، فقام رجل من الأنصار فرمى بثوب عليه، ثم قام آخر فرمى بثوب عليه، فقال: يا جابر، هذا الثوب لأبيك، وهذا لعمي حمزة، ثم جيء بحمزة، فصلى عليه، ثم يجاء بالشهداء فتوضع إلى جانب حمزة فيصلي، ثم ترفع ويترك حمزة حتى صلى على الشهداء كلهم، قال: فرجعت وأنا مثقل قد ترك أبي علي ديناً وعيالاً، فلما كان عند الليل أرسل إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:

يا جابر، إن الله تبارك وتعالى أحيا أباك وكلّمه كلاماً، قلت: وكلمه كلاماً! قال: قال له: تمن، فقال: أتمنى أن ترد روحي وتنشئ خلقي كما كان، وترجعني إلى نبيك، فأقاتل في سبيل الله فأقتل مرة أخرى، قال: إني قضيت أنهم لا يرجعون، قال: وقال صلى الله عليه وسلم: سيّد الشهداء عند الله يوم القيامة حمزة”.

(الحاكم وقال: “صحيح الإسناد ولم يخرجاه).

سمية بنت الخياط أم عمار بن ياسر شهيدة الكلمة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عباد الله: “وهذا قتال من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا: فهي أول شهيدة في الإسلام إنّها الصحابيّة الجليلة سميّة بنت الخياط وقيل: “هي سمية بنت خُبّاط، وقيل: خيّاط، أم الصحابيّ الجليل عمّار بن ياسر رضي الله عنه، من السابقين الأوّلين الذين دخلوا في الإسلام، فقد كانت سميّة رضي الله عنها سابعة سبعة في الإسلام، فقد قال مجاهد: أول من أظهر الإسلام بمكة سبعة: “رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بكر، وبلال، وخباب، وصهيب، وعمار، وسمية” (أحمد).

وكانت رضي الله عنها ممن تعذّبوا أشد العذاب فقد أسلمت سمية بنت الخياط هي وزوجها ياسر بن عامر وابنها عمار بن ياسر وأخوه عبد الله رضي الله عنهم جميعاً، سراً ثم جهروا بإسلامهم، فلما علم بنو مخزوم بإسلامهم غضبوا عليهم غضباً شديداً، وصبّوا عليهم العذاب الشديد. وكان كلما مر عليهم رسول الله وهم يعذبون يقول لهم: “صبراً يا آل ياسر فإن موعدكم الجنة”

استشهاد سميّة بنت الخياط

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أيها الناس: “وكانت سمية اول من قتل في سبيل الله وكانت رضي الله عنها اول امرأة تسلم بعد السيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها. وعندما جهرت بإسلامها ظل ابو جهل يعذبها اشد التعذيب لأيام طويلة ويقال” لم يشهد التاريخ امرأة عذبت كما عذبت سمية من طرف أبي جهل “كان يضربها ضربا شديدا ًويؤذيها اشد الاذى..

وكان يريد منها كلمة واحدة وهي أن تكفر بدين محمد صلي الله عليه وسلم ولكن المرأة لم تنطق الا بالشهادتين لدرجة انها استطاعت ان تقهره بصبرها وإيمانها وقوة احتمالها.. فلجأ ابو جهل للقوة الغاشمة فحمل حربته واغرسها فيها.. ضربها بالحربة في موضع الغفاف منها وهي مقيدة مكبلة..

فسقطت رضي الله عنها وارضاها شهيدة.. ماتت بين زوجها وابنها المكبلين.. وقد كانت -رضي الله عنها- امرأة عجوز، ولكنها أبت إلاّ أن تموت على الإسلام والهدى، وقد كان لموتها أثر عظيم على من حولها، حيث ثبت على الدين من رأى حادثة استشهادها، كيف لا وهي المرأة العجوز الطاعنة في السن التي صبرت على العذاب، والأذى في سبيل نصرة دينها وإعلاء كلمة الله، وإرضائه عزّ وجل. وقبرها لا يعلم مكانه الا الله …ولكن هل ينفع معرفة مكان القبر اذا كان المصير في الاخرة معروف …وهل يهم القبر ان كان صاحبه في الجنة..؟!

عباد الله:

” أعتقد أننا قد أجبنا عن سؤال طرحناه في أول الخطبة متى تكون كلمة حق عند سلطان جائر جهاداً وشهيدها أفضل الشهداء؟ فإذا كانت الكلمة ستأتي بخير ونفع عام كما حدث من غلام أصحاب الأخدود ومن سمية أم عمار فقل الكلمة ولكن بشروطها كما بينا سراً وفي أدب مع السلطان الجائر الذي أنكر أموراً من معلومة من الدين بالضرورة.. أما إذا أقام الصلاة وأمر بالزكاة والحج والفرائض فلا يجوز الخروج علي الحاكم عملاً بسنة رسول الله صلي الله عليه وسلم: ” اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ”(البخاري).

 

__________________________  

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة (خطبة الجمعة القادمة المسموعة) علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »