عاجل

خطبة الجمعة القادمة : الحكمة في الاسلام …….. الشيخ احمد عبد رب النبي

خطبة العدد

خطبة الجمعة القادمة

الحكمة

بقلم الشيخ / احمد محمد عبد النبي

إمام مسجد فريد بك المصري

المنصورة – الدقهلية

مدير عام منتديات ائمة الأوقاف المصرية

 

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة عن الحكمة:

ان الإسلام أتى لنا بمبادئ قويمة وأتي لنا بأحكام عظيمة بين لنا كيفية الخروج من الأزمات وبين لنا كيف يتحلى الإنسان بالأمانة والصدق والوفاء وكيف يتحلى الإنسان بالإخلاص لله رب العالمين في كل وقت وحين ومن هذه المبادئ القويمة التي أتى بها الإسلام لكي يمنع الشقاق ويمنع الخلاف أن منح بعضا من الناس العقل والحكمة وتصريف الأمور
بداية قال علماء اللغة بأن الحكمة هي الإتقان في الأمر والعمل والفعل والهداية من الله للناس ويكون لكلامه أثرا ومحبة في قلوب العباد
لقد بين الله في قرآنه وذكرنا لنا كثيرا من الآيات التي تبين لنا الحكمة وثناءه على الحكماء فقد وردت كلمة الحكمة في مواضع متعدد من القرآن الكريم
قال تعالى { يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ }  (سورة البقرة الآية 269) .
وقال تعالى { ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا } ( سورة الإسراء الآية 39 .
وقال تعالى { وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } ( سورة لقمان الآية 12 ) .
وقال تعالى { وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ } ( سورة ص الآية 20 )
وانظر إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام وهو يرفع قواعد البيت الحرام ماذا قال ؟ دعا الله عز وجل قائلا { رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } ( سورة البقرة الآية 129 ) . دعا ربه أن يبعث لهذه البلاد رسولا يتلو عليهم القرآن ويعلمهم الكتاب والحكمة نعم يعلمهم الحكمة فالإسلام جاء ليعلمنا الحكمة وهي والحكمة أي وضع الأشياء مواضعها ، أو ما يزيل من القلوب وهج حب الدنيا ، أو الفقه في الدين ، أو السنة المبينة للكتاب أو الكتاب نفسه ، وكرر للتأكيد اعتناءً بشأنه ، وقد يقال : المراد بها حقائق الكتاب ودقائقه وسائر ما أودع فيه ، ويكون تعليم الكتاب عبارة عن تفهيم ألفاظه ، وبيان كيفية أدائه ، وتعليم الحكمة الإيقاف على ما أودع فيه ، وفسرها بعضهم بما تكمل به النفوس من المعارف والأحكام؛ فتشمل الحكمة النظرية والعملية . نعم استجاب الله لدعوة نبيه فرأينا النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ يربي الأمة ويعلمهم كيف يتصرفون في وقت الأزمان والمحن كيف يكون التصرف فعلمهم القيادة الراشدة وعلمهم الحكمة في تصريف الأمور
حديث عليّ رضي الله عنه الكَلِمةُ من الحِكْمَةِ تكون في صدر المُنافِقِ فَتَلَجْلَجُ حتى تخرج
 ( *
قوله « حتى تخرج » هذا ما بالأصل والذي في نسخة يوثق بها من النهاية على إصلاح بها تسكن بدل تخرج )  إِلى صاحبها أَي تتحرك في صدره وتَقْلَقُ حتى يَسْمَعَها المؤْمن فيأْخذَها ويَعِيَها وأَراد تتلجلج فحذف تاء المضارعة تخفيفاً وتَلَجْلَجَ بالشيءِ بادَرَ ولجلجة عن الشيء أَداره ليأْخذه منه وبَطْنُ لُجَّان اسم موضع قال الراعي فقلت والحَرَّةُ السَّوْداءُ دونَهُم وبَطْنُ لُجَّانَ لما اعْتادَني ذِكَري ( لسان العرب ج 2 ص 353 )
الحكمة إنما عرفها العلماء هي وضع الشيء في موضعه الحكمة أن تمنع الشقاق والخلاف قبل أن يقع قبل أن يحدث الحكمة أن تتحدث في الوقت المناسب بما ينبغي قوله وفعله الحكمة جاءت في القرآن الكريم في مواقف عدة وبمعان مختلفة وذكرت في القرآن بما يقارب من عشرين مرة بين الله تعالى معانيها ولكنها تجتمع كلها في معنى واحد وهو

 معرفة الأمور ووضع الشيء في موضعه قال تعالى { يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ } ( سورة البقرة الآية 269 ) الحكمة إنما هي منحة من الله يعطيها للعبد المؤمن المخلص لله في عبادته ليس كل المسلمين يمنحهم الله هذه الحكمة وإنما هي هبة ومنحة تأتي للإنسان من الله أولا ثم باكتسابها بالخبرة والدراية والتطبع ثم بعبادة الإنسان لربه سبحانه وتعالى
وانظر إلى القرآن الكريم بين بداية بأنها من عنده سبحانه وتعالى { وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } ( سورة لقمان الآية 12 )
وقال عن سيدنا داوود عليه السلام { وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ } ( سورة ص الآية 20 )  بين سبحانه وتعالى بأن إتيان الحكمة للعبد إنما هي من الله يعطيها لمن للمتجرد وللمبتعد عن هواه وشهواته ونزعاته للذي لا يسير وراء هواه أو شهواته وإنما عنده التجرد لله في كل عمل يؤديه لا يتبع هوى ولا يتبع فلانا أو علان وإنما يسير وفق ما أراد الله عز وجل  أثنى الحق على داود حينما أوتي الحكمة وفصل الخطاب حينما كان يقضي في القضايا والفصل بين المتخاصمين وكان يقضي بينهم بالحكمة ويطبقها في واقعه الذي يعيشه
أثنى على لقمان الحكيم ولُقْمان اسم فأَما لُقْمان الذي أثنى عليه الله تعالى في كتابه فقيل في التفسير إنه كان نبيّاً وقيل كان حكيماً لقول الله تعالى ولقد آتينا لقمان الحكمة وقيل كان رجلاً صالحاً وقيل كان خَيّاطاً وقيل كان نجّاراً وقيل كان راعياً وروي في التفسير إنساناً وقف عليه وهو في مجلسه قال أَلَسْتَ الذي كنتَ ترعى معي في مكان كذا وكذا ؟ قال بلى فقال فما بَلَغَ بك ما أرى ؟ قال صِدْقُ الحديث وأَداءُ الأمانةِ والصَّمْتُ عما لا يَعْنِيني وقيل كان حَبَشِيّاً غليظ المَشافر مشقَّق الرجلين هذا كله قول الزجاج وليس يضرّه ذلك عند الله عز وجل لأَن الله شرّفه بالحِكْمة ( لسان العرب حين وصى ابنه بالوصايا التي تحمل الحكم والقواعد التي ينبغي أن يتصف بها الإنسان في هذه الحياة من عبادة الله وطاعة لأمر الله ووصيته بوالديه وبعمله الصالحات وعدم التكبر وتصعير الخد للناس ولا يكون مختالا متكبر وإنما يسير وفق ما أراد الله عز وجل ووفق ما يأمره به إسلامه
وقد وردت الحكمة بمعان مختلفة فهذه بعض أقوال العلماء فيها قال السَّدِّي : هي النبوة .وقال ابن عباس ، وقتادة : علم القرآن : ناسخه ، ومنسوخة ، ومحكمه ، ومتشابهه ، ومقدّمه ، ومؤخره ، وحلاله ، وحرامه ، وأمثاله .
قال الضحاك : في القرآن مائةٌ وتسع آياتٍ ، ناسخةٌ ومنسوخةٌ ، وألف آية حلالٌ وحرامٌ ، لا يسع المؤمنين تركهن ، حتى يتعلموه ، ولا يكونوا كأهل النهروان فإنهم تأوَّلوا آيات من القرآن في أهل القبلة ، وإنما أنزلت في أهل الكتاب ، جهلوا علمها ، فسفكوا بها الدماء ، وانتهبوا الأموال ، وشهدوا علينا بالضلال ، فعليكم تعلم القرآن؛ فإنه من علم فيما أُنزل؛ لم يختلف في شيء منه .
وقال مجاهد : هي القرآن ، والعلم ، والفقه ، وروى ابن أبي نجيح عنه هي الإصابة في القول ، والفعل .
وقال إبراهيم النخعيُّ : هي معرفة معاني الأشياء ، وفهمها . وروي عن مقاتل ، قال : تفسير الحكمة في القرآن على أربعة أوجه :
أحدها : مواعظ القرآن . قال : { وَمَآ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الكتاب والحكمة يَعِظُكُمْ بِهِ } [ البقرة : 231 ] وفي النساء { وَأَنزَلَ الله عَلَيْكَ الكتاب والحكمة } [ النساء : 113 ] يعني المواعظ ومثلها في آل عمران .

وثانيها : الحكمة بمعنى : الفهم ، والعلم قال { وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبِيّاً } [ مريم : 12 ] وفي لقمان : { وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الحكمة } [ لقمان : 12 ] يعني الفهم ، والعلم ، وفي الأنعام { أولئك الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب والحكم والنبوة } [ الأنعام : 89 ] وفي « ص » { وَآتَيْنَاهُ الحكمة } [ ص : 20
وثالثها : النبوة .
ورابعها : القرآن بما فيه من عجائب الأسرار ، قال في النحل : { ادع إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بالحكمة } [ النحل : 125 ] وفي هذه الآية { وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً } وعند التحقيق ترجع هذه الوجوه إلى العلم .
قال أبو مسلم : الحكمة : فعلةٌ من الحكم ، وهي كالنَّحلة : من النَّحل ، ورجلٌ حكيمٌ إذا كان ذا حِجًى ، ولُبَّ ، وإصابة رأي وهو في هذا الموضع في معنى الفاعل ، ويقال : أمر حكيمٌ ، أي : محكمٌ . ( اللباب في علوم الكتاب  وانظر إلى القرآن الكريم وهو يعطي لنا في القرآن مواقف عدة لاستعمال الحكمة في التصرف ليمنع الإنسان شرا لنفسه

أو مجتمعه حكمة في التصرف والقول
انظر لأصحاب الكهف هؤلاء الفتية الأطهار الأبرار الذين عبدوا الله عز وجل وحينما رأو الخطر يداهمهم ولم يستطيعوا فعل شيء قرروا الهجرة ودخول في كهف في الجبل مظلم لئلا يراهم أحد حتى تمر الأيام وناموا من كثرة التعب والإرهاق ولكن الله عز وجل أنزل عليهم  سكينة النوم فناموا ولم يستيقظوا إلا بعد مرور أعوام وأعوام كما قال القرآن الكريم { وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا } ( سورة الكهف الآية 25 )  ثم لما استيقظوا من نومتهم هذه قالوا لأحدهم كما قال القرآن الكريم { فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا  إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا } ( سورة الكهف الآيتين 19 , 20 )  قالوا وليتلطف ليكين حكيما في تصرفه لئلا يوقعنا في مخاطر لأنه ربما بكلامه القاسي وبغلظته سنرجع إلى الكفر مكرهين ولن يأتي لنا الفلاح أما التصرف الحكيم سينجينا من الشدائد والأزمات

 

………….. تابع في العدد القادم

اظهر المزيد

admin

مجلس إدارة الجريدة الدكتور أحمد رمضان الشيخ محمد القطاوي رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) تليفون (phone) : 01008222553  فيس بوك (Facebook): https://www.facebook.com/Dr.Ahmed.Ramadn تويتر (Twitter): https://twitter.com/DRAhmad_Ramadan الأستاذ محمد القطاوي: المدير العام ومسئول الدعم الفني بالجريدة. الحاصل علي دورات كثيرة في الدعم الفني والهندسي للمواقع وإنشاء المواقع وحاصل علي الليسانس من جامعة الأزهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »