محمد عيد كيلاني ..فكر الزوايا المتشددة اختبار حقيقي للأوقاف بعد ثورة تصحيح المسار
مصر: السلطات والاختبار الصعب أمام “فكر الزوايا المتشدد“
لطالما سعت النظم السياسية المتعاقبة في مصر إلى تفعيل سيطرة وزارة الأوقاف على المساجد والزوايا المنتشرة في طول مصر وعرضها، لكن تلك المحاولات باءت كلها بالفشل، وها هو النظام الجديد يعاود التجربة ليضع نفسه في اختبار قد يفوق في صعوبته العمليات العسكرية التي يخوضها الجيش ضد المسلحين في شبه جزيرة سيناء.
وقال مدير عام المساجد في وزارة الأوقاف الشيخ محمد عيد كيلانى لموقع “صوت الدعاة” إن مصر تضم 82 ألف مسجد كبير ونحو 25 ألف زاوية صغيرة.
وإن كانت الوزارة تُحكم سيطرتها على المساجد، فإن الزوايا تخضع كلياً لفكر الجماعات الإسلامية على اختلاف توجهاتها. وهذه الزوايا عبارة عن مساجد صغيرة تقل مساحتها عن 100 متر بناها أهالٍ أسفل منازلهم أو على أراضٍ يمتلكونها، وعادة ما تتبع كل زاوية جماعة دينية محددة تتولى الإنفاق على كل شيء بدءاً من النظافة انتهاء براتب الخطيب الذي يُشبع عقول الناس بفكر تلك الجماعة.
وغالبية الزوايا في مصر تتبع إما جماعة “الإخوان المسلمين” أو السلفيين أو الجماعة الإسلامية أو حتى “التكفير والهجرة”. وغالباً ما تتعمد تلك الجماعات عدم الانتهاء من بناء المساجد الكبيرة التي يتبرع بنفقاتها الأهالي أو أعضاء تلك الجماعات من أجل تعطيل تسليمها لوزارة الأوقاف، إذ إن القانون ينص على تسلم الوزارة المسؤولة عن المساجد في مصر أي مسجد ينتهي بناؤه حتى لو كان بتبرعات أهلية أو شخصية، وتتولى الوزارة تعيين إمام للخطابة فيه، وطالما ظل المسجد تحت الإنشاء فهو في عهدة تلك الجماعات التي تُقيم فيه الصلاة ويعتلي أعضاؤها منابره للخطابة في الناس.
وأصدر وزير الأوقاف المصري الدكتور محمد مختار جمعة قبل أيام قراراً بحظر إقامة صلاة الجمعة في الزوايا التي تقل مساحتها عن 80 متراً، واقتصرها على المساجد الكبرى التي تتولى وزارة الأوقاف تعيين أئمتها، كما قرر تجديد تراخيص خطباء المساجد خلال شهرين على ألا يُمنح غير الأزهريين (خريجي جامعة الأزهر) إجازة باعتلاء منابر المساجد، وهو القرار الذي يُتوقع أن يجد صعوبة بالغة في تطبيقه، في ظل سيطرة الجماعات الإسلامية على آلاف المساجد والزوايا.
وعزا وزير الأوقاف قراره إلى أن بعض الخطب توفر “غطاء معنوياً للجماعات التكفيرية والأعمال الإرهابية”. وتكرر في الشهرين الأخيرين أن شن خطباء في زوايا صغيرة وأيضا مساجد كبيرة هجوماً على الجيش وقائده الفريق أول عبد الفتاح السيسي في أعقاب إطاحة الرئيس السابق محمد مرسي، ما سبب غالباً اشتباكات بين أنصار الرجلين، داخل مساجد وخارجها.
وأثنى مدير عام المساجد الشيخ محمد كيلاني على قرار وزير الأوقاف، وقال إنه قرار ضروري لضبط الخطاب الديني. لكن الدكتور عبدالعزيز النجار مدير عام الدعوة في مجمع البحوث الإسلامية قال لموقع “صوت الدعاة” إن تطيبق هذا القرار أمر في منتهى الصعوبة. وإن كان النجار يؤكد أهمية القرار، لكنه يرى أنه قد يظل حبراً على ورق في ظل سيطرة أهالٍ وجماعات على زوايا ومساجد. وأوضح أن وزارة الأوقاف لا تملك قوة لتنفيذ ذلك القرار، ومن الوارد أن تحدث مناوشات، إن حاول الإمام المُكلف من وزارة الأوقاف اعتلاء منبر مسجد أو زاوية تسيطر عليها جماعة إسلامية.
غير أن الشيخ محمد كيلاني كان أكثر تفاؤلاً، موضحاً أن القرار سيطبق بشكل تدريجي وسلس. وقال: “ليس لزاماً أن يحدث هذا الأمر مرة واحدة، لكن البدء في تنفيذه أمر في منتهى الأهمية، وسنصل إلى مبتغانا بالحجة والنقاش”.